الدكتور محمد بنلحسن
24/01/2008, 11:59 AM
حقيقة الشعر والإبداع
الدكتور محمد بنلحسن
الأخت المحترمة مقبولة عبد الحكيم،أحييك وأحيي الزملاء الأساتذة الذين تصدوا لقراءة ما تكتبين، والتعليق على متنه وجنسه ،واسمحي لي أن أدلي بدلوي أيضا ،فذلك بعض الكرم منك.
تقولين في نصك : إنني اليوم .. أموت
إنها عيناكِ
تلك التي تُعيدني من شُرودي
وتوقِف هَذيان نفسي ...
وَتَنسل للأمسِ البَعيد القَريب
ذكرى ملؤُها الألم
فَأجِدُك أمنية بعيده
حين أغوصُ في مساحاتها
وَيقتلني ذاك الحُزن المتأصل فيها
تتراقص تترى ..
انهزاماتي على مُحيياي
وأتلاشى...
فِلِسطين ....
قد تَكَسرت جَناحاتي
منذ أن غادَرك الزمان للا زمان
وابتعدتِ ... تسخَرين من خُضوعي
تدمعين ... في الخَفاء
وتَكتبين في ضعفي أغنية حَزينة
لكِ كل الحَق بالسؤال
وعَلامة الاستفهام...
تلك التي باتت تُواجِهُني
كلما فتحت كتابا ....
من كُتب التاريخ الأسود
في صَفَحات يومي
عندما تُعَشِشُ في خاصِرَتُكِ
أوجاعُ الزَمان ...
تصرُخين ألما وتعتصِرك نارُ الانقسام
وأنا من بعيد ..
انظر إليك ... وانشد نشيد الحُرية !!
لك كل الحق أيتها الحبيبة
أن تقولي عني ... إنني اليوم أموت
في نظري المتواضع ،يجب أن نحرص على استعمال المصطلحات ،لأن المصطلحات مفاتيح العلوم كما قيل ،ثم لا ننسى أن هناك آلاف القراء وعموم المتلقين يطالعون يوميا مايخطه اليراع بأناملنا ،واستحضار المتلقي ضروري لضمان سريان العمل الفني، وتداوله ،والتحرك لمقتضاه.
أراك تتأرجحين بين الخاطرة والشعر ،تحسين أنك أميل للشعر ،وهناك من يراك في الخاطرة أفضل ،أقول لك أيتها الأخت الموقرة ،إن لكل جنس أدبي قوانينه البلاغية والفنية، التي إن اختل قانون منها، صار العمل أقرب إلى الكتابة العادية منه إلى الإبداع الأدبي ،وأنا شخصيا أتحفظ كثيرا من استعمال بعض الناس العشوائي لهذا المصطلح الخطير ،والذي للأسف فقد كثيرا من بريقه من جراء الابتذال والاستعمال المفرط غير المعقلن..
أتذكر الجاحظ ماذا قال للشعراء، أو بماذا نصحهم ،لقد طلب من الذي يكتب الشعر -إن فرضنا أن ماكتبه شعرا -أن يعرضه على الناس ،وأن يأخذ رأيهم فيه ،وأن لا ينسبه إلى نفسه قبل أن ينال رضى المتلقين، وليس عموم المتلقين ،بل الخبراء منهم ،فقد قال ابن سلام الجمحي "وللشعر صناعة وثقافة يثقفها أهل الشعر "
لذا ،أرى والله أعلم ،أن لا يسارع الكاتب/الكاتبة إلى وصف عمله بالشعر أو غيره من الأجناس ،بل عليه أن يعرضه على المتذوقين الثقاة،ويتركه لحكمهم الموضوعي طبعا ،وأخطر من كلمة شعر،الزعم بأن العمل إبداعا ،وفي نظري أن هذا هو التجني الأكبر على الشعر وغيره.
إن الإبداع صفة وسمة تعبر عن سموق العمل وبلوغه أوجه،والحكم ببلوغ الإنجاز درجة الإبداع في حوزة أهل الحل والعقد ،وهم جمهور القراء من جهة والعلماء بالشعر من جهة أخرى.
وبالعودة إلى كتابتك ،أرى والله أعلم ،أنها على الرغم من احتوائها على صدق الشعور، ونبل المضمون الذي يلامس جراح أمتنا العربية والإسلامية ،إلا أنه مع الأسف مفتقر إلى أبرز مقومات الشعر كما أصلها النقاد .
وأبرز سمة يبدو لي أن ما كتبتيه يفتقر إليها ،الإيحاء واللغة المكثفة، أو مايسمى بالانزياح اللغوي والشعري، حيث تؤدي الكلمات والألفاظ من خلال استعمالات مغايرة ،معاني جديدة .
المباشرة في التعبير والتقريرية، تؤولان بالعمل إلى النثرية والخطابية التي تذهب بطلاو ة الشعر ولذته وجماله.
من الأفضل أن يستهل المرء الكتابة بما يجيده ،فإذا كانت الخاطرة ميسرة أمامك، فلا بأس بالاستهلال بها ،والتمرس على الشعر من خلال إدمان النظر في عيون الشعر العربي متقدمه ومتأخره،والسلام.
الدكتور محمد بنلحسن
الأخت المحترمة مقبولة عبد الحكيم،أحييك وأحيي الزملاء الأساتذة الذين تصدوا لقراءة ما تكتبين، والتعليق على متنه وجنسه ،واسمحي لي أن أدلي بدلوي أيضا ،فذلك بعض الكرم منك.
تقولين في نصك : إنني اليوم .. أموت
إنها عيناكِ
تلك التي تُعيدني من شُرودي
وتوقِف هَذيان نفسي ...
وَتَنسل للأمسِ البَعيد القَريب
ذكرى ملؤُها الألم
فَأجِدُك أمنية بعيده
حين أغوصُ في مساحاتها
وَيقتلني ذاك الحُزن المتأصل فيها
تتراقص تترى ..
انهزاماتي على مُحيياي
وأتلاشى...
فِلِسطين ....
قد تَكَسرت جَناحاتي
منذ أن غادَرك الزمان للا زمان
وابتعدتِ ... تسخَرين من خُضوعي
تدمعين ... في الخَفاء
وتَكتبين في ضعفي أغنية حَزينة
لكِ كل الحَق بالسؤال
وعَلامة الاستفهام...
تلك التي باتت تُواجِهُني
كلما فتحت كتابا ....
من كُتب التاريخ الأسود
في صَفَحات يومي
عندما تُعَشِشُ في خاصِرَتُكِ
أوجاعُ الزَمان ...
تصرُخين ألما وتعتصِرك نارُ الانقسام
وأنا من بعيد ..
انظر إليك ... وانشد نشيد الحُرية !!
لك كل الحق أيتها الحبيبة
أن تقولي عني ... إنني اليوم أموت
في نظري المتواضع ،يجب أن نحرص على استعمال المصطلحات ،لأن المصطلحات مفاتيح العلوم كما قيل ،ثم لا ننسى أن هناك آلاف القراء وعموم المتلقين يطالعون يوميا مايخطه اليراع بأناملنا ،واستحضار المتلقي ضروري لضمان سريان العمل الفني، وتداوله ،والتحرك لمقتضاه.
أراك تتأرجحين بين الخاطرة والشعر ،تحسين أنك أميل للشعر ،وهناك من يراك في الخاطرة أفضل ،أقول لك أيتها الأخت الموقرة ،إن لكل جنس أدبي قوانينه البلاغية والفنية، التي إن اختل قانون منها، صار العمل أقرب إلى الكتابة العادية منه إلى الإبداع الأدبي ،وأنا شخصيا أتحفظ كثيرا من استعمال بعض الناس العشوائي لهذا المصطلح الخطير ،والذي للأسف فقد كثيرا من بريقه من جراء الابتذال والاستعمال المفرط غير المعقلن..
أتذكر الجاحظ ماذا قال للشعراء، أو بماذا نصحهم ،لقد طلب من الذي يكتب الشعر -إن فرضنا أن ماكتبه شعرا -أن يعرضه على الناس ،وأن يأخذ رأيهم فيه ،وأن لا ينسبه إلى نفسه قبل أن ينال رضى المتلقين، وليس عموم المتلقين ،بل الخبراء منهم ،فقد قال ابن سلام الجمحي "وللشعر صناعة وثقافة يثقفها أهل الشعر "
لذا ،أرى والله أعلم ،أن لا يسارع الكاتب/الكاتبة إلى وصف عمله بالشعر أو غيره من الأجناس ،بل عليه أن يعرضه على المتذوقين الثقاة،ويتركه لحكمهم الموضوعي طبعا ،وأخطر من كلمة شعر،الزعم بأن العمل إبداعا ،وفي نظري أن هذا هو التجني الأكبر على الشعر وغيره.
إن الإبداع صفة وسمة تعبر عن سموق العمل وبلوغه أوجه،والحكم ببلوغ الإنجاز درجة الإبداع في حوزة أهل الحل والعقد ،وهم جمهور القراء من جهة والعلماء بالشعر من جهة أخرى.
وبالعودة إلى كتابتك ،أرى والله أعلم ،أنها على الرغم من احتوائها على صدق الشعور، ونبل المضمون الذي يلامس جراح أمتنا العربية والإسلامية ،إلا أنه مع الأسف مفتقر إلى أبرز مقومات الشعر كما أصلها النقاد .
وأبرز سمة يبدو لي أن ما كتبتيه يفتقر إليها ،الإيحاء واللغة المكثفة، أو مايسمى بالانزياح اللغوي والشعري، حيث تؤدي الكلمات والألفاظ من خلال استعمالات مغايرة ،معاني جديدة .
المباشرة في التعبير والتقريرية، تؤولان بالعمل إلى النثرية والخطابية التي تذهب بطلاو ة الشعر ولذته وجماله.
من الأفضل أن يستهل المرء الكتابة بما يجيده ،فإذا كانت الخاطرة ميسرة أمامك، فلا بأس بالاستهلال بها ،والتمرس على الشعر من خلال إدمان النظر في عيون الشعر العربي متقدمه ومتأخره،والسلام.