المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حوار مع "فرقة جماعة مسرح الباب" العراقية



الدكتور أسعد الدندشلي
25/01/2008, 07:50 PM
حوار مع "فرقة جماعة مسرح الباب" العراقية في مدينة "ديربورن" الأمريكية:

عمل عصامي وطموحات عنيدة لإنجاح مسرح عربي في ديربورن

أجرى الحوار الدكتور أسعد الدندشلي
من مخيم اللاجئين العراقيين في السعودية نهضوا، يحدوهم الأمل بأن يكون لهم مساحة من الزمن وربما مساحة من المكان رغم كل الظروف الأليمة والقاسية،
أطلق الشاب العصامي الأكاديمي ماجد أحمد فكرة المسرح، وكرسها من أرض المخيم بتأسيس مدرسة لتعليم الفنون المسرحية، ومن ثم لتبزغ إلى النور الفكرة وتصير "فرقة جماعة مسرح الباب" حقيقة واعدة تضم اليوم 35 ممثلا مسرحيا، تشدهم روابط الحلم بأن يكرسوا فرقة مسرحية عربية في الإغتراب، فهل تسهم الجالية العربية الأمريكية في دعم هذه المسيرة الثقافية الفنية لتدعيم طموحاتها، وتسييجها معنويا وماديا، ليتم تطويرها وتحقيق الأهداف المعرفية النبيلة !

المخرج ماجد أحمد الذي لم يتسن لنا أن نلتقيه إلا للحظات وهو مغادرا إلى كندا وكانت عقارب الساعة تقترب من منتصف الليل أثناء إجراء هذه المقابلة بعد انتهاء عرض مسرحية " من يأخذنا إلى المدينة؟!" في قاعة المجمع الثقافي الإسلامي في ديربورن، على أمل أن يكون مستقبلا لقاء أوسع وأشمل حول الهم المسرحي وحيثياته ولاسيما اغترابيا وثقافيا وحرفيا، فاكتفينا معه بدردشة سريعة خاطفة للحظات فقال ردا على سؤال:
أسست "فرقة جماعة مسرح الباب" في العام 1991 في مخيم اللاجئين العراقيين في السعودية، إلى جانب مدرسة لتعليم الفنون المسرحية، واستمريت منذ ذلك الوقت في العمل لإطلاقها وما أزال مع أخوتي في الفرقة جميعا ونحن نتعاون جميعا لإنجاح العمل ونملك طموحات واحدة كجماعة وكفرقة واحدة، وقد لقيت أعمالنا استحسانا لدى الجماهير التي حضرت مسرحياتنا، ونسعى في اغترابنا إلى الإستمرار في العمل المسرحي...
وردا على سؤال إن كان يعتمد في فرقته على الأكاديمين المختصين أم على الهواة قال المخرج ماجد:
نحن لدينا من الطرفين، وقد تم الإرتكاز على الأكاديمي كحاجة ضرورية اتكأت عليه المواهب الغنية.

مدير فرقة جماعة مسرح الباب السيد أمير المشكور أجاب عن سؤالنا حول مستقبل لفرقة وتقويمه بالقول:
باختصار نحن أطلقنا على عملنا المسرحي ما نسميه : قربان عاشوراء وسيكون نواة لمهرجان مسرحي في المستقبل، على كل نحن لا نحب أن نقول أننا سنفعل، بل نفضل أن نقول فعلنا، وهذا هو شعارنا، لا نحب أن نظهر في الإعلام، ونحن فارغو الأيدي، وهذا ماكان عليه حالنا، فنحن لم نعلن عن عملنا المسرحي في فرقة جماعة مسرح الباب إلا بعد أن نفذنا أعمالا مسرحية... نحن نعمل بطريقة مبدأية ثابتة، إذ أن العديد من المحاولات المسرحية قد فشلت في الإغتراب وهذا ما نسعى إلى تجنبه، آملين ألا يكون مصيرنا الوأد كما حال الكثيرين في هذا الميدان، ساعين أن نصل إلى أكبر عدد من الجمهور لأن هذا وبصراحة يدعم مسيرتنا وأهدافنا المسرحية التي نتوخاها...


هل من مواصفات معينة مطلوبة لاختيار مسرحيين للعمل معكم؟
أن يكون محبا للتمثيل، وأن يكون ملتزما بالوقت وأن يكون أساسا محبا للتمثيل، قد يجهد الممثل في البداية ولكنه في النهاية يتابع مسيرته بكل ثقة، مثلا العروض التي قدمت في قاعة المجمع الثقافي الإسلامي كان الممثلون يقومون بأدوراهم على نحو يفوق كل تصور، وقد جلست أنا والمخرج والآخرين المعنيين بين الجمهور نشاهد المسرحية، فيما كان المسرحيون يدخلون ويخرجون يؤدون أدوارهم دون أي مساعدة أو لفت انتباه، وهذا أمر رائع للغاية يسجل للمسرحيين...

كم عدد المسرحيين الذين شاركوا في مسرحية " من يأخذنا إلى المدينة؟
35 ممثلا، أدوا أدوارهم كما قلت باتقان، وبينهم الأكاديمي وبينهم الهاوي، ولكن الممارسة تصقلهم وفي الطريق إلى الأداء الأحسن ونعلق آمالا كبيرا عليهم... وهنا أوجه نداء للجميع لأقول تعالوا معنا يا أبناء العراق يا أبناء عموم الجالية العربية الأمريكية لنؤسس معا عملا مسرحيا ...
لقد بنينا كنائس ومساجد ومحطات غاز، وملاحم ونجحنا في التجارة والأعمال الأخرى ولكننا لم نبن مسرحا، وأعتقد هنا أهمية دعوتنا لرسالة ثقافية مسرحية...

كما عرفت أنكم تعرضون مسرحياتكم مجانا بلا مقابل، هل هذا يؤمن استمرارية لكم على المدى الطويل برأيكم؟
الحقيقة عملنا يقتصر على المساعدات التي نتلقاها، ولكننا لانريد أن نكمل ونتابع ونعيش على المساعدات فقط ، هناك بعض الأجور الرمزية، على كل أنا لا أحب التكلم بالأرقام، ولكن آمل يوما أن يدرك من لديه القدرة على الدعم والمساندة من أبناء الجالية أهمية العمل المسرحي وأهمية دورها الثقافي ورسالتها في عالم اغترابنا، وأن يتم توفير مساندتنا المعنوية والمادية حتى يتمكن عملنا المسرحي من الإنطلاق على أسس ثابتة...

هل تقف اللهجة العراقية برأيك مع الجمهور المسرحي لأبناء الجالية العربية الأمريكية؟
كاتبنا والذي هو مخرجنا في آن أعني به السيد ما جد أحمد هو الذي يؤلف ويكتب أعمالنا ونصوصنا المسرحية جميعها، وله لغته الخاصة التي يتمكن من خلالها محاكاة الناس بطريقة واضحة ومفهومة للجميع، نحن نسعى ألا تكون اللهجة عائقا بيننا وبين الجمهور، لتصل الفكرة والرسالة التي نبغيها من كل عمل مسرحي بطريقة سليمة وغير متعبة للمتلقي...

هل تفكرون مستقبلا بأن تقدموا مسرحياتكم باللغة الإنكليزية طالما أنتم تسعون إلى متابعة عملكم المسرحي هنا؟
لدينا مشاريع مستقبلية وطموحات ولكنها في الحقيقة تحتاج لمشاريع ولدعم، شرط أن يكون هذا ضمن الأخلاق والمبادىء التي نتمسك بها، وعندها من خلال هذا الشرط نقبل اي عرض مسرحي...

لقاؤنا الثاني كان مع الممثل المسرحي مشتاق البزاز المقيم في كندا، الذي أجابنا عن سؤال حول تجربته ودوره في مسرحيتي من يأخذنا إلى المدينة و مسرحية رهب النصراني فقال:
تجربتي بدأت مع المخرج ماجد أحمد في السعودية عندما كنا لاجئين هناك، وأنا أعتز بهذه العلاقة الطويلة، فالتقت رغبتي بالعمل المسرحي مع رغبته في الطلب لأعمل معه، دوري كان في مسرحية المدينة صاحب السجن وعلي أن أظهر كل ما يضمره الشرير في نفسه ، ليدب الخوف والذعر في صفوف مساجينه البائيسين ولا سيما كره الأطفال وضربهم وترهيبهم كما أجرى مع ولدي مسلم في المسرحية، كما أن أقوم بدرو الشاعر الفرزدق في مسرحية رهب النصراني...

وردا على سؤال عما إذا كان يتقاضى أجرا ماليا في عمله المسرحي أجاب:
أنه يعمل في سبيل أداء رسالة ثقافية، وتأسيس بنية مسرحية حقيقية ديربورن نظرا للتواجد الكثيف لأبناء الجالية العربية الأمريكية في المدينة...
وأضاف: أنا لست أكاديميا مسرحيا، بل أنا هاو أحب المسرح والتمثيل المسرحي وأمثل دوري بكل صدق وحرارة وإحساس ولا يمكن أن تصل إلى قلب الجمهور أمامك إذا لم تكن صادقا في التعبير عن دورك، وأمنيتي أن يتكون لدينا جمهور مسرحي يتذوق فعلا في جاليتنا أعمالنا المسرحية الثقافية والتراثية والتاريخية، نحن خلال شهرين فقط تمكنا من انجاز مسرحيتين متتاليتين من حفظ النص وإتقان الأدوار وأعتقد أن هذا أمرا غير سهل والمتعاطين بهذا الشأن من أصحاب الخبرة يعرفون ذلك، والسبب اصراري وإصرار إخوتي الآخرين على العمل والنجاح، وأنا أدعو العائلات العربية إلى تشجيع أبنائهم لتعلم الفن المسرحي ورعايته والإهتمام بما نقدم...

المسرحي الأكاديمي أسعد غالب الذي يتألق في المسرحية الواحدة بأكثر من دور وتارة يصل إلى خمس شخصيات كما كان حاله في مسرحية (المواطن شدهان) رد على سؤالنا عن دوره في مسرحية المدينة قائلا:
لعبت دور قائد الحبس المتعاطف مع ولدي مسليم بن عقيل والموالي لآل الرسول، ومن ثم تهريبهم من السجن، ثم كان لي الدور الثاني دور الطمع والجشع وقتل الولدين، والتناقض في الموقفين يتطلب صدقا في إعطاء كل شخصية حقها، حتى يحس بها الجمهور، المسرحية تختزل الزمن في سرعة، وعلينا أن نعبر بصدق لنؤمن لمجرياتها الترابط ومنطق أحداثها، نحن نملك طموحات كبيرة ونسعى لتحقيقها في المجال المسرحي، وطبعا هناك فرق كبير بين الإحتراف والغرور، والمهم النص والمبدأ، أنا كممثل أتحمل المسؤولية إزاء المشاهد، وأمنياتي أن تساند الجالية العربية الأمريكية العمل المسرحي لما يحمله هذا العمل من قيم ثقافية ومعرفية للجالية...

وعن بدايته في العمل المسرحي يقول غالب:
أنا خريج كلية الفنون الجميلة في بغداد في المسرح والتمثيل، وقد كان لي تجارب مسرحية وأنا على مقاعد الدراسة من خلال المناسبات والنشاطات التي كانت تقيمها المدارس آنذاك، وكما وأنه سبق وقمت بدور بسيط في مسلسل تلفزيوني ، وبعد خروجي من العراق إلى السعودية وفي مخيم اللاجئين هناك كانت العلاقة مع المخرج ماجد أحمد، ما يهمني قوله ليس العمل المسرحي بحد ذاته ولكن من الأهمية أن تعرف مع من تعمل وما حقيقة المجموعة والموضوع الذي تتعامل معه، لأن التمثيل الهادف يحتاج إلى صدق، وإلى تجسيد للغايات النبيلة الصادقة، وهذا ما كان فقمنا بعمل مسرحي (المواطن شدهان) وتنقلت فيها على عدة شخصيات من الإنتهازي إلى المحقق إلى المجنون والسيء ... وكما سبق أخبرتك عن دوري في مسرحية المدينة، أما في مسرحية وهب النصراني فلعبت دور ابن وهب الذي استشهد مع الإمام الحسين...

الشاب محمد شنان 18 سنة قدم إلى الولايات المتحدة الأمريكية في العام 2000 قال لنا:
العمل المسرحي والتمثيلي يستهويني منذ صغري، بدأت العمل ككمبارس ثم وجد فينا المخرج ماجد أحمد الحيوية فبدأت بالتمثيل وأخذ بعض الأدوار، وهذا ما كان في مسرحية المدينة حيث كان دوري في تقديم المساعدة أثناء هر ب ولدي مسلم، والإلتقاء بهما قرب البئر...

وعن طموحاته يقول:
آمل أن يتسع التفاف الجالية حولنا، حول العمل المسرحي لما له من فائدة ثقافية كبيرة، وخاصة الشباب والمراهقين، فالعمل المسرحي يشد انتباه هذه الفئة والشريحة إذا ما قدر لهم أن يلموا بالمسرح...

الفنان التشكيلي العراقي المعروف حيدر الياسري فاجأني بأنه يمثل في مسرحية المدينة وأنه يلعب دور والي الكوفة ابن مرجانه وهو من عرفته فنانا عريقا في الفن والألوان، وعلى الرغم من الدور القصير المعطى إلا أنه كان دورا محوريا إذ أنه يسلط الضوء على حقيقة البزخ والتسلط والظلم للسلطة السياسية فهو يمسك كوب الخمرة بيد والسوط باليد الأخرى ويخشى ثورة المظلومين، وحتى ضحاياه من الشهداء البررة، وفي سؤال عن مدى التأثير الذي تركه الفن التشكيلي عليه كممثل يقول:
في الحقيقة استفدت كثيرا من الفن التشكيلي في أداء دوري على المسرح ولا سيما في مجال الإكسسورات والديكور، وتصاميم اللباس وغيرها، فأنا أحس أن المدرسة السريالية تهويني وفي القرآن الكريم سريالية جميلة ورائعة جدا، وأنا متأثر بها، ومن هنا فقد استوحيت الكثير من الأفكار والصور، وعلاقتي مع المسرح علاقة قديمة في إطار الديكور منذ أيام مسرح الستين كرسي في بغداد مع السيد العقيدي، ومن ثم العمل مع المخرج عبد الهادي...
وعن دوره في التمثيل يقول: أنا ألعب دوري مهما كان بسيطا في المسرحية، وعلي أن أتقنه بصدق وحرارة، وأبذل كل جهد لأن أجسد حقيقة الشخصية وحقيقة المشهد لتصل للمشاهد بكل أمانة، وعساني وفقت في الدور الذي أنيط بي، وهذا ما يحدده الجمهور ولست أنا...