المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفاصيل ساعات عرفات الأخيرة



غالب ياسين
28/01/2008, 10:54 AM
شاكر الجوهري

كاتب ومحلل سياسي - الأردن




1/19/2008














رئيس القضاء الشرعي الفلسطيني يروي لـ «الحقائق» تفاصيل ساعات عرفات الأخيرة




وجدته في غيبوبة والدم ينزف من مسامات وجهه وجسمه ورأسه متضخم لثلاثة أمثال حجمه

الرئيس عباس حال دون اشتعال حرب أهلية في قطاع غزة..طلب ضبط النفس وحقن الدماء

التزمت بالتكتم على توجهي لباريس فنشره الإعلام الإسرائيلي والأميركي قبل أن أصل الجسر..!

أبو عمار رفض طلبي منه الإفطار وظل صائما رغم تأكيد الطاقم الطبي على خطورة حالته

بكى بحرقة حين عرضت عليه صور امرأة عراقية يعذبها الجنود الأميركان جنسيا وصاح أين العرب..؟

أبو عمار دفن مرتين..الأولى مع النعش والثانية بدونه بعد تفرق الحشود

وجدت وجهه مضيئا ناصع البياض مبتسما لدى فتح القبر عليه ورأسه عاد إلى حجمه الطبيعي

توفي بعد مغادرة أبو مازن وأبو علاء باريس والدفنة الثانية تمت بغياب الجميع باستثناء عدد من الحراس

سهى انهارت وبكت لدى وفاته وأخذت تقرأ له القرآن وتقول إن موته خسارة للشعب الفلسطيني

الأطباء الفرنسيون قالوا أنهم لم يخلصوا إلى أنه مات مسموما..حاولوا انقاذه بالمنشطات دون جدوى

تونسيون من أحد مساجد باريس تولوا تغسيله ووضعنا بلاستر على مناطق نزف الدم ليتمكنوا من ذلك

أكتب هذه الأسطر وأنا غاية في التأثر للنهاية التي بلغها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ، رغم أنني لم أكن يوما من انصاره..!

لكنه يظل رجلاً كبيراً في زمن ميزنا بصغرنا..وبصغائرنا..

فكرة هذا الحوار بالغ الأهمية مع الشيخ تيسير التميمي، رئيس القضاء الشرعي الفلسطيني بدأت على مائدة عشاء أقامه المهندس نجاتي الشخشير، الرئيس الفخري لنادي يرموك البقعة، عقب أحد امسيات اسبوع القدس الثقافي الذي نظمه النادي مؤخرا.

صادف أن كان مقعدي مقابلا لمقعد الشيخ التميمي، الذي تناولت معه أطراف الحديث ، فانشد المدعوون إلى حديث الشيخ بالغ الأهمية والخطورة في ذات الآن..ومن المطعم توجهت برفقته إلى مقر اقامته، حيث تواصل الحوار معه إلى ما بعد منتصف الليل..بالرغم من شديد الإرهاق الذي اصابنا كلانا.

كان هناك ما يستحق أكثر بكثير من هذا العناء..فموضوع الحديث غير عادي..إنه مرض ووفاة ودفن القائد والزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات..

ولم يبق الشيخ التميمي ما يمكن التكتم عليه..فاض بكل ما لديه..وكشف كيف أن الجنرال مدير مستشفى بيرسي الباريسي كاد أن يمنعه من التقاء الرئيس قبيل وفاته، لأن علمانية الدولة الفرنسية ترفض تلقين الإنسان بما يجب تلقينه إياه قبيل الوفاة..لكنهة عاد وتراجع عن قراره حين هدده الشيخ التميمي بكشف ذلك للإعلام، الذي كان رجاله مرابطون على مدخل المستشفى، وبعد أن استشار قصر الإليزيه.

وكشف الشيخ أنه حين دخل غرفة الرئيس عرفات وجده في حالة غيبوبة، والدم ينزف من وجهه وعينيه وأذنيه ومن مسامات وجهه وجسمه، كما أنه وجد رأسه متضخماً إلى ثلاثة أمثال حجمه الطبيعي..

وقبل أن يذهب أبو عمار إلى باريس، ويصاب هناك بالغيبوبة، يحدثنا الشيخ التميمي كيف أنه رآه يبكي بحرقة حين عرضت عليه في مقره بالمقاطعة برام الله صور امرأة عراقية يعذبها الجنود الأميركان جنسياً وصاح أين العرب..أين المسلمين..؟

ويكشف الشيخ التميمي عن أن الرئيس عرفات دفن مرتين..!

مرة دفن بحضور محمود عباس والقيادة الفلسطينية ومئات الألوف من الفلسطينيين، ومرة أخرى بعد تفرق الحشد بحضور الشيخ التميمي فقط، وعدد من حراس الرئيس الراحل..!

ولدى فتح القبر عليه ليعاد دفنه من جديد، يقول الشيخ التميمي وجدت وجهه مضيئا ناصع البياض مبتسما ورأسه عاد إلى حجمه الطبيعي.

ويكشف أن الذين تولوا تغسيل الرئيس الراحل كانوا تونسيون قدموا من أحد مساجد باريس، وليتمكنوا من تغسيله تم وضع بلاستر على مناطق نزف الدم في وجهه.

هنا نص الحوار:

لم أنت في عمَّان الآن..؟

حضرت إلى عمَّان أنا وسيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطيا بهدف الإشتراك في أسبوع القدس الثقافي الذي ينظمه نادي يرموك البقعة، وذلك برعاية المهندس نجاتي الشخشير الرئيس الفخري للنادي. وبالفعل اشتركنا في الندوة الأولى في إطار هذا الأسبوع، وكانت عن الوضع الداخلي في فلسطين والقدس، ومكانة القدس في القضية الفلسطينية، وفي عقيدة الأمة، وضميرها..وتحدثنا عما تتعرض له القدس من اجراءات تهويدية من قبل سلطات الإحتلال الإسرائيلي، وما يتعرض له المسجد الأقصى من مخاطر الهدم والتدمير من قبل الإحتلال الصهيوني.

تحدثت ملياً وطويلاً في الكلمة التي القيتها في الندوة عن الوحدة الوطنية الفلسطينية، وضرورة استئناف الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني، وكنت في الحقيقة موضوعيا في طرحك، ومحايدا، غير منحاز لفريق على حساب آخر في الساحة الفلسطينية، ما أثلج الصدور..

الحوار ضرورة بشرية. أما بالنسبة لنا كشعب فلسطيني فهي فريضة شرعية، وضرورة وطنية، لأن الحوار البناء سيؤدي إلى تعزيز الوحدة الوطنية، التي هي السلاح الأقوى في صراعنا مع الإحتلال الصهيوني.

لا توجد لدينا أية امكانيات لمقاومة الإحتلال، إلا بوحدتنا، ولذا نقول إن الحوار مطلوب، ويجب أن نعود إلى مائدة الحوار الوطني الشامل، لنعود كما كنا على قلب رجل واحد، وفي خندق واحد، لمواجهة مخططات الإحتلال التي تستهدف الجميع.

لوحظ في الكلمة التي القيتها أنك لم تأت على ذكر الرئيس محمود عباس، في حين أنك ركزت كثيرا على الدور الوطني والتاريخي للرئيس الراحل ياسر عرفات..هل كان ذلك صدفة، ومن قبيل السهو..؟

يبدو أنك لم تنتبه. لقد ذكرت الرئيس محمود عباس، وقلت إنه دعا قبل يومين للحوار، وفتح صفحة جديدة. غير أن جوهر الحديث كان عن استشهاد الرئيس ياسر عرفات، ولم أمتدح أحدا سواه. لم أذكر أحدا من قادة الشعب الفلسطيني، ومن مختلف الفصائل، باستثناء الرئيس عرفات، لأنه فعلا شهيد القدس، والقضية الفلسطينية..قتل من أجل القدس. وذكرت الرئيس عباس، قائلا إنه دعا للحوار بهدف فتح صفحة جديدة من أجل الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية.

الوحدة الوطنية

هل دعوة عباس للحوار هي ما شجعك كي تدعو أنت أيضا للحوار..؟

ليس هذا فقط. أنا من دعاة الوحدة الوطنية، وأنت تعرف أنني من رموز العلاقة الإسلامية ـ المسيحية، ومن اركان توطيد هذه العلاقة، فمن باب اولى أن أدعو إلى تلاحم كل القوى الفلسطينية في مواجهة المخططات الإسرائيلية.

كان ايجابيا ومثيرا لكل الإعجاب أن تشبك يدك بيد المطران أمام الجمهور على النحو الذي حدث فيه ذلك، والمثير للشجون والشؤون أيضا..

هذا جزء من ثقافة الشعب الفلسطيني..العلاقة المسيحية ـ الإسلامية المتميزة جزء من ثقافة الشعب الفلسطيني. نحن نفهم ما الذي تعنيه العهدة العمرية، التي أمن فيها عمر بن الخطاب النصارى على أنفسهم، وكنائسهم، وصلبانهم، وأموالهم.

فهمت منكما (أنت وسيادة المطران) أن الرئيس الراحل ياسر عرفات كان يرعى الصداقة الوطيدة التي تجمعكما.

نعم، لأن الرئيس عرفات كان يعرف أن اسرائيل كانت تحاول أن تفسد هذه العلاقة، فكان يعمل على تعزيزها..

تعني بين مكونات الشعب الفلسطيني..؟

كل مكونات الشعب الفلسطيني، وخاصة المسلمين والمسيحيين. كان رحمه الله يعمل على تحصين هذه العلاقة بمزيد من التوطيد والتمتين.

بداية العلاقة مع عرفات

اعتبارا من السؤال التالي ستتركز الأسئلة حصرا على قضية استشهاد الرئيس عرفات، وقد علمت منك أنك تعد الآن كتابا عن علاقتك بالرئيس الراحل. هل تضعنا ابتداء في صورة هذا الكتاب، وأهم الفصول التي يتضمنها..؟

ربطتني بالرئيس الراحل علاقة حميمة..

هل هي امتداد لعلاقته بالمرحوم والدكم الشيخ رجب التميمي..؟

نعم. لقد ابتدأت علاقتي بالرئيس الراحل هنا في عمان، بعد ابعاد سلطات الإحتلال لوالدي من الخليل، مع رفيقيه المرحوم فهد القواسمي، ومحمد حسن ملحم، بعد عملية الدبوية في الخليل بتاريخ الأول من آيار/مايو 1980.

بعد ابعاد والدي بعامين، التقيت الرئيس الراحل هنا في عمان، وذلك برفقة والدي..كنت حريصا على ذلك اللقاء..كنت أسمع كثيرا عن الرئيس عرفات، وكانت هناك رهبة تملكتني قبل أن أراه..

ما سبب تلك الرهبة..؟

زعيم ، ورئيس ، وفدائي ، وقائد عسكري ..فورالتقائي إياه زالت تلك الرهبة..شعرت أنني اعرفه منذ ولادتي. قابلني بالترحيب، وبإبتسامة عريضة، وعانقني، وبدأ يسألني عن كل شيئ في القدس، في الخليل..عن أدق التفاصيل..وسألني عن المسجد الأقصى، وعن الحرم الإبراهيمي..

ماذا كنت تعمل في ذلك الوقت..؟

كانت بداية عملي في القضاء الشرعي..كنت قد عينت قبل شهور قاضيا شرعيا في محكمة نابلس الشرعية. وبالفعل سألني عن كل شيئ. وتكررت الزيارات، التي كانت سرية، لأن اللقاء مع ياسر عرفات في ذلك الوقت كان مسؤولية كبيرة لدى سلطات الإحتلال، ويمكن أن يرسل صاحبه للسجن.

حين انفجرت أحداث مسجد فلسطين في غزة، بعد عودة الرئيس عرفات إلى فلسطين عام 1994، كنت موجودا في منزلي في الخليل اشاهد التلفاز، وقد شعرت بوجود اصابع خفية تريد احداث فتنة بين أبناء الشعب الفلسطيني. وكانت قد شكلت لجنة طوارئ في الخليل بعد أحداث الحرم الإبراهيمي الشريف، وكنت أنا من قادتها، وبصفتي هذه دعوت لاجتماع طارئ للجنة في تلك الليلة، حيث اتفقنا على اصدار بيان موجه اساسا إلى الإخوة في غزة نناشدهم فيه ضبط النفس. وحذرت من الأصابع الخفية التي تريد اشعال نار الفتنة بين أبناء الشعب الفلسطيني، وأذكر أنني كتبت تلك المناشدة بيدي، وبعثت نسخة منها إلى المنتدى، حيث مقر الرئيس عرفات في غزة، ونسخة أخرى إلى الدكتور محمود الزهار، الذي طلبت منه أن يذاع النداء عبر مكبرات الصوت في المساجد، وتوجهت في اليوم التالي مباشرة إلى غزة لأتصل بالطرفين، وحين صلت غزة، أبلغني الرئيس عرفات أنه كانت للمناشدة تأثير سحري، وأنها أنهت حالة الإحتقان التي كانت موجودة في غزة.

ومن هنا بدأت علاقة طويلة مع الرئيس الراحل رحمه الله.

الصدام مع "حماس"

ستشرح كل هذه التفاصيل في الكتاب..كيف لنا الآن أن نقارن بين العلاقة الصدامية بين "حماس"، والسلطة ورأس السلطة في زمن أبو عمار، وفي زمن أبو مازن..؟ما الفرق بين الحالتين..؟

ما اعرفه هو أن الرئيس محمود عباس جنب الشعب الفلسطيني حربا أهلية في غزة.

كيف ومتى..؟

مما عرفته أنه حينما حصل ما حصل في غزة في 14 حزيران/يونيو كان الرئيس عباس يطلب ضبط النفس، وعدم الإقتتال..هذا ما عرفته من البعض..

لكن هناك من يقول أنه فعل ذلك لأنه لم يكن قد أكمل بعد تنفيذ خطة تسليح قواته، والأجهزة الأمنية التابعة له، بموجب خطة الجنرال الأميركي كيت دايتون، وبالتالي فهو كان يعرف أن قواته لم تكن مستعدة لخوض قتال تنتصر فيه على قوات "حماس"..ماذا تقول..؟

لا معلومات لدي عن هذا..

هناك من يرى أيضا أن الإقتتال أخذ بعدا أوسع في عهد الرئيس عباس، لم يكن متاحا أن يأخذه في عهد الرئيس عرفات..؟

ليتوقع الناس ما يريدون، لكنني أتحدث عما اعرفه أنا..

مرض الرئيس

لنعد إلى الرئيس عرفات، وأنت ثارت حول ذهابك لزيارته في مشفاه في باريس الكثير من الأقاويل، فلتحدثنا، ولترو قصة ذهابك إلى باريس..؟

كانت تربطني، كما قلت، بالرئيس عرفات علاقات حميمة..وأذكر أنه في العاشر من رمضان سنة 2004 زرته في مقره في المقاطعة برام الله..قبل الدخول عليه طلب مني الطاقم الطبي التونسي أن أطلب من الرئيس أن يفطر، وأن يوقف صيامه..وأبلغوني أن حالته خطرة، ولديه تكسر في الصفائح الدموية، ويجب أن يتوقف عن الصيام، وأن يفطر.

حين دخلت على الرئيس طلبت من أن يفطر، وبينت له الأحاديث النبوية التي تبيح الإفطار للمريض، لكنه رفض، وأصر على أن يبقى صائما..وطلب مني أن أبقى معه لأتناول معه طعام الإفطار. وهذا ما حث.

بعد الإفطار أدينا الصلاة، ثم جلس معنا بعض الشخصيات، أذكر منهم جميل الطريفي، روحي فتوح، وبدأ يتحدث كعادته عن بعض ذكرياته..وأهم ما سرده علينا في ذلك الحديث قوله أنه عرضت عليه صورة امرأة عراقية تعذب تعذيبا جنسيا مقززا من قبل قوات الإحتلال الأميركي للعراق، وأخذ يبكي بحرارة وحرقة، وهو يقول أين المعتصم..؟أين العرب..؟أين المسلمين..؟إمرأة عربية يفعل فيها هكذا..؟!وواصل البكاء.

استأذنت الرئيس، وكانت لي زيارة لدولة الإمارات العربية المتحدة، وفي طريقي للإمارات عرجت على القاهرة، حيث علمت وأنا في العاصمة المصرية أن صحة الرئيس قد ساءت، فعدت فورا إلى رام الله.

كان الفريق الطبي المصري قد حضر، وطرح ضرورة نقل الرئيس إلى خارج المقاطعة لعلاجه. وتحدث أطباء الفريق المصري عن أن سبب تكسر الصفائح الدموية ربما يعود إلى اصابة الرئيس بالإنفلونزا. وقالوا إن لديه التهابات.

انفلونزا..!

الواقع أنني في ذلك الوقت كنت موجودا في تونس، وكنت ذات يوم مدعوا على مائدة الإفطار في منزل السيد فاروق القدومي، وقد تلقى اتصالا هاتفيا من الرئيس عرفات بعيد تناولنا الإفطار، وقد ابلغه أبو عمار أنه مصاب بإنفلونزا..وبدوري سألت أبو اللطف: هل يعقل أن يكون مرضه هو الإنفلونزا، وأن يستدعي الأمر استحضار فرق طبية لمعالجته من تونس ومصر..؟

أجابني أبو اللطف قائلا: منذ عرفنا أبو عمار وهو كلما أصيب بالإنفلونزا تنزل الحرارة (الحم) على امعائه..من شخص حالة الإنفلونزا..؟

بالفعل كانوا يقولوا أنه مصاب بالإنفلونزا..

هل الأطباء هم الذين شخصوا حالة الرئيس بأنه مصاب بالإنفلونزا..؟ ألم يكونوا عارفين لحقيقة مرض الرئيس..؟

كأنه هكذا..! كأن الأطباء لم يعرفوا كيف يشخصوا حالته..

الأطباء المصريين أم التونسيين..؟

المصريون والتونسيون، وقد اجمعوا على ضرورة أن يخرج من المقاطعة إلى مستشفى ليتمكنوا من تشخيص حالته بشكل أفضل. قالوا إنه يجب أن يخضع لفحوصات وتحليلات في مستشفى، وهو ما لا يمكن إجراءه داخل المقاطعة.

المهم ، ذهب إلى باريس..

قبل باريس..طبيبه الخاص الدكتور أشرف الكردي، الذي يشرف دائما لى حالته الصحية، لم لم يتم استدعاءه منذ البداية..؟

لا أعرف..لا معلومات لدي.

ولم فقط منيب المصري هو الذي ينجح في اقناع أبو عمار بالذهاب إلى باريس، بعد أن كان رافضا فكرة مغادرة المقاطعة..؟

لا أعرف هذه التفصيلات. لأنني كنت ـ كما قلت ـ في سفر. وقد عدت حين ساءت حالة الرئيس الصحية.

المهم أنه بعد نقله إلى باريس، التقيت مع الدكتور حسن أبو لبدة، أمين عام مجلس الوزراء في حينه، وذلك في السادس والعشرين من رمضان في مقر مجلس الوزراء في رام الله، حيث كنت ذاهبا إليه لسؤاله في أمر يتعلق بالعمل، وكان حينها الرئيس عباس، وأحمد قريع، وعدد من المسؤولين قد توجهوا إلى باريس لعيادة الرئيس، وقد اخبرني أبولبدة أن حالة الرئيس سيئة وصعبة..فقلت له يفترض أن يذهب إليه أحد رجال الدين المسلمين ليكون إلى جوار الرئيس في هذه اللحظات الحرجة. رد علي أبو لبدة أن هذا الأمر لم يخطر لنا على بال.

وبعد انتهاء لقائي مع أبو لبدة، توجهت إلى الإذاعة، حيث كنت مدعوا للتحدث في برنامج اذاعي..وبعد انتهاء البرنامج، ومغادرتي للإذاعة، علمت أن الدكتور أبو لبدة يبحث عني. وقد ابلغني أنه إتصل بالأخوين أبو مازن وأبو علاء، ونقل لهما رأيي، فرحبا بأن أذهب إلى باريس. وسألني عن جواز سفري، فأجبته بأنه في جيبي..فقال سنؤمن لك السفر هذه الليلة. وطلب مني أن لا أتحدث لأحد عن اعتزامي التوجه إلى باريس.

افشاء السر واشاعات

حدث ذلك يوم 26 رمضان..؟

نعم..

أبو عمار توفي في اليوم التالي..؟

ربما في 28 رمضان.. المهم أنني لم أحدث أحدا، وبعد مغرب ذلك اليوم توجهت إلى جسر الملك حسين، وغادرت إلى عمان..وكان موعد سفري في الواحدة والنصف بعد منتصف الليل إلى كوبنهاجن، ومنها إلى باريس.

قبل أن أصل عمان تلقيت اتصالا هاتفيا من أحد اصدقائي، سألني أين أنت..؟ أجبته أنا في المسجد الأقصى أحيي ليلة القدر..! قلت ذلك حفاظا على سرية المهمة كما طلب مني. لكنه رد علي قائلا أنت ذاهب إلى باريس..!

سألته من أين لك بهذه المعلومة..؟ أجاب إن موقع صحيفة "يديعوت احرونوت" الإسرائيلية ذكر أن الشيخ التميمي ذاهب إلى باريس ليفتي برفع الأجهزة الطبية عن الرئيس ياسر عرفات..!

قلت لنفسي هذه مصيبة. هذه ليست الحقيقة. الإعلام الصهيوني يزور الحقائق كعادته. وحين وصلت عمان، اخبرت أن قناة الحرة الأميركية ذكرت أن الشيخ التميمي متوجه إلى باريس حاملا كفن الرئيس عرفات..!!

في الطائرة صادفت طاهر المصري رئيس وزراء الأردن الأسبق، والدكتور حنا ناصر رئيس جامعة بيرزيت، وكانا متوجهان إلى الولايات المتحدة عن طريق كوبنهاجن،..وقد اخبراني أن كل الإعلام يتحدث عن زيارتي لباريس..وسألاني ما الأمر..؟

المهم وصلت في الساعة الثانية من فجر اليوم التالي إلى باريس، حيث كان في انتظاري بمطار باريس الأخ الدكتور ناصر القدوة، والسفيرة الفلسطينية ليلى شهيد، وقد ذهبت معهما إلى المستشفى. حين وصلنا المستشفى رفضت النزول من السيارة، قائلا هذا ليس المستشفى، فقالا لي بل هو..! أعدت عليهما إنني شاهدت المستشفى مرارا على شاشات التلفزة، وهذا ليس المستشفى..! فأكدا أن هذا هو المستشفى، ولكننا نريد الدخول من باب خلفي لنتجنب الإعلام..فقلت لهام أما أنا فأريد أن أتحدث للإعلام، لأن الإعلام الإسرائيلي قال إنني قادم لأفتي برفع الأجهزة عن الرئيس، مشوها بذلك الهدف من زيارتي، ولا بد من أن أوضح المسألة.

طلب مني الدكتور القدوة أن أهمل الأمر، قائلا إنه سيعالج الموضوع في أحد لقاءاته معه الإعلام، فقلت له بل أنا الذي يجب أن أبين الحقيقة، لأن ما يروجه الإعلام الإسرائيلي اكاذيب وأباطيل، وهذا اتهام لي بأني أريد أن ارتكب جريمة الإفتاء برفع الأجهزة الطبية عن الرئيس.

محاولة منع زيارة عرفات

وبالفعل، تحدثت لأجهزة الإعلام على مدخل المستشفى، وقبل أن أرى الرئيس عرفات، حيث قلت بصراحة إن رفع الأجهزة الطبية عن أي مريض محرم شرعا، طالما أن مظاهر الحياة موجودة لديه، وهي الحرارة والحركة. وأكدت أن هذا محرم في كل الأديان.

بعد ذلك دخلت إلى المستشفى، فأبلغت أن الجنرال مدير مستشفى بيرسي العسكري يريد رؤيتي، حيث أبلغني اعتذاره عن عدم السماح لي بلقاء الرئيس عرفات.

سألته لماذا..؟!

أجاب لأني رجل دين..!! وقال نحن دولة علمانية، وقد علمنا أنك ستقوم بأداء طقوس دينية، وهذا يتنافى مع مبادئنا العلمانية. فقلت له يوجد في باريس الكثير من المساجد والكنائس، ومن يقوم بأداء الطقوس الدينية، وهذا أمر مستغرب صدوره عنك. وهذا من حقوق الرئيس عرفات كإنسان. لكنه ظل رافضا.

عند هذا الحد قلت له أنني سأعود إلى مندوبي الوسائل الإعلامية وابلغهم أن فرنسا منعتني من رؤية الرئيس ياسر عرافات بسسب مبادئها العلمانية..! وغادرت مكتب الجنرال، ولحق بي الجنرال والدكتور ناصر القدوة، الذي ترجم لي قول الجنرال أنه يريد التحدث مع المصادر العليا في قصر الأليزيه في أمر زيارتي للرئيس.

قرينة الرئيس السيدة سهى عرفات كانت موجودة وقد رحبت بحضوري.

بعد نصف ساعة جاءني الجنرال وقال لي أنه مسموح لي بالذهاب لرؤية الرئيس على أن لا أطيل الزيارة أكثر من دقائق معدودة، فأجبته بل سأظل إلى جواره حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.

تضخم رأس الرئيس

ونحن في طريقنا إلى الرئيس، في غرفة العناية الحثيثة، سألني الدكتور رمزي خوري، مدير مكتب الرئيس في حينه: كيف قوة اعصابك..؟ أجبته قوية والحمد لله..نحن ندفن كل يوم شهداء ونلملم أشلاء الذين تقتلهم قوات الإحتلال..فقال لي إن حالة الرئيس عرفات مفزعة..! وأن الأخ أحمد قريع حين دخل إلى الرئيس وقع على الأرض مغشيا عليه..!

وبالفعل، حين دخلنا إلى الرئيس كان الأمر مفزعا..وجدت رأس الرئيس منتفخا ومتورما بحيث أصبح حجمه تقريبا ثلاثة أضعاف حجمه الطبيعي، وكان الدم ينزف من مختلف أنحاء رأسه ووجهه..!! كانت الدماء تنزف من مسامات جلده وأذنيه وعينيه، ومن كل مكان..!!

من داخل العينين، أم من محيطهما..؟

من محيطهما..كانت الدماء تنزف من كل مكان..الحقيقة أنني لم أتمالك نفسي، وكدت أن أقع مغشيا علي، لولا أنني تمالكت نفسي، وأغمضت عيني وتلمست الطريق حتى وصلت إلى مقعد موضوع بجوار الرئيس.

هل عرفته، أم أن شكله كان قد اختلف..؟

كان هناك تغيرا كبيرا في شكل وجه الرئيس..كان وجهه محتقنا..

لو لم يبلغوك أن هذا هو ياسر عرفات..هل كنت ستعرفه من تلقاء نفسك..؟

نعم كنت سأعرفه، لأنني أعرف ملامحه جيدا.

هذا يعني أن شكله قد تغير كثيرا..؟

نعم..كثيرا جدا..والنزف الدموي يبدو أنه كان ناتجا عن تفجر شرايينه، أما ملامحه فقد كانت كما هي.

المهم..جلست إلى جواره، وبدأت أتلو أيات من الذكر الحكيم..

كم كانت الساعة حين سمح لك بالدخول على الرئيس..؟

تقريبا بعد ظهر 27 رمضان. بقيت إلى جواره، وبعد فترة من الزمن، تمكنت من النظر إلى كتفه، وكان مرتفعا، ولحظت أن كتفه تحرك..

تحرك أم أصيب برعشة..؟

ارتعش ثلاث مرات.

لم تكن حركة..؟

الرعشة هي حركة..

الحركة ارادية، الرعشة لا ارادية..؟

يبدو أنها كانت غير ارادية. وهذا شجعني على أن ألمس جسده.

بم أحست وأنت تلمس جسده..ومن أين لمسته..؟

لمسته من كتفه الذي ارتعش. كان دافئا. وبعدها خرجت..

حين دخلت إلى الرئيس ووجدته في غيبوبة، كم كان قد مضى على دخوله في الغيبوبة..؟

لا أعرف بالضبط..كنت قد سمعت عبر وسائل الإعلام أن الرئيس دخل في غيبوبة.

ألم تسأل..؟

كان الوضع صعبا..لم أسأل. ولكن قبل أن أذهب إلى باريس كانت هناك أخبار تفيد أنه دخل في غيبوبة.

المهم..بعد أن لمسته خرجت للإعلام وقلت إن الرئيس حي يرزق..مظاهر الحياة من حركة ودفء موجودة فيه. ولكني قلت أيضا أن وضعه صعب. وعدت إليه مرة أخرى، وغادرت قبل الإفطار إلى الفندق لأتناول طعام افطاري. وعدت للرئيس ثانية بعد الإطار..وجدت تحسنا لدى الرئيس..

ما ملامح التحسن الذي طرأ على صحة الرئيس الراحل قبيل وفاته..؟

قبل أن أخرج كان نبضه بطيئا جدا..وحين عدت إليه وجدت أن نبضه بدأ ينتظم، كما أن النزيف بدأ يخف. وظهر نوع من الإرتياح على وجهه..كان لديه نزيف مع احتقان، فأصبح يبدو على وجهه شيئ من الإرتياح والصفرة بدلا من الزرقة.

إلام تعزو هذا..؟

أنا قلت أنه تحسن. وبقيت إلى جواره، وشاركني الأطباء الرأي في أنه بدأ يتحسن. وقد أبلغنا رام الله بحدوث تحسن في حالة الرئيس.

من أبلغت في رام الله..؟

تم ابلاغ مكتب الرئيس بذلك. وتم اصدار بيان من مكتب الرئيس بحدوث تحسن..وقد بقيت إلى جواره حتى الثالثة والنصف صباحا إلى أن فارق الحياة.

هل فارق الحياة بوجودك..؟

نعم..

ما هي الإشارات التي دللت على أنه فارق الحياة..؟ كيف توفي..؟ هل تصف لنا المشهد..؟ ومن كان موجودا لحظة وفاته..؟

كنت أنا والأطباء وبعض المرافقين..أجهزة النبض..

ألم يكن أبو مازن موجودا..؟

لا..

وأبو علاء..؟

لم يكن موجودا هو الآخر..

ولا ناصر القدوة ولا أي أحد آخر..؟

لا..

ولا سهى..؟

أذكر أنها كانت موجودة في المستشفى..

هل كانت معكم داخل الغرفة..؟

أعتقد..

تعتقد أم تجزم..؟

في تلك اللحظة كان في الغرفة عدد من المرافقين..أعتقد أنها كانت موجودة..كانت موجودة..وكان الدكتور رمزي خوري موجودا أيضا.

كيف عرفتم أنه مات..؟

من الأجهزة..

هل أبلغكم الأطباء بموته، أم أنكم عرفتم ذلك جراء ارتعاشة معينة صدرت عن جسمه، اشعرتكم أن روحه تصعد إلى السماء أم ماذا..؟ هل شعرتم بشيئ..؟

لم نشعر بأي شيئ.. بالعكس هو كان في غيبوبة، ولذلك لم نشعر بمظاهر الإحتضار المعتادة. الأجهزة هي التي أبلغت بتوقف النبض والتنفس.

حدث ذلك دون أن تفتي برفع الأجهزة..؟

لا..لا..لم أفتي بذلك. لم ترفع عنه الأجهزة حتى فارق الحياة.

ما الذي توقف..؟

توقف النبض والتنفس والقلب..

هل حاول الأطباء انعاشه..؟

حاولوا، لكنهم لم يفلحوا.

كم استمرت محاولتهم..؟

كانوا يراقبون الأجهزة. وعندما دلت مؤشرات الأجهزة على أن هناك هبوطا حاولوا المحافظة على حياته عبر شحن بعض الأجهزة بالأدوية المنشطة، ولكن لم ينجحوا.

طبعا طلبت أن نقوم بمراسيم تغسيله فورا.

حزن وانهيار وبكاء

قبل ذلك، حين علمت أنه قد توفاه الله، كيف انعكس الخبر عليك..؟

كما قلت لك، كانت تربطني علاقة حميمة مع الرئيس عرفات، وقد حزنت حزنا شديدا لوفاته.

كيف انعكس هذا الحزن على تصرفك..؟

تمالكت نفسي. حزنت حزنا شديدا، لكني تمالكت نفسي. هذا الموقف يجب أن يواجهه الإنسان بشجاعة.

وماذا عن سهى..؟

الجميع انهار..

ما ملامح الإنهيار التي بدت عليها..؟

انخرطت في بكاء شديد..كل من كان موجودا بكى..كان شبه انهيار عند الجميع.

ورمزي..؟

وكذلك رمزي..الجميع انهار وبكى، وبدأت أتلو عليه القرآن.

رأيت سهى لحظة دخولك المستشفى صباح ذات اليوم، ما هو الفارق بين المشهد الذي رأيتها عليه في الصباح، والمشهد الذي رأيتها عليه حين توفاه الله فجر اليوم التالي، بعد أقل من 24 ساعة على وصولك باريس ودخولك المستشفى..؟

حينما استقبلتني كانت حزينة على وضعه.

هل تعرفها أنت من قبل..؟

طبعا..كانت حزينة. وعند موته انهارت باكية..

ما الذي كات تقوله وهي في حالة الإنهيار..؟

بدأت تترحم عليه، وتقول إن وفاته خسارة كبيرة للشعب الفلسطيني، وأشياء مماثلة في مضمونها.

هل قرأت سهى القرآن معكم على روحه بعيد وفاته..؟

كان هناك عدد من المصاحف، أخذت سهى أحدها، وأخذت تقرأ له القرآن..

من جاء بهذه المصاحف..؟

حينما دخلت المستشفى، قالوا لي أنه طلب سجادة صلاة، ومصحفا..كان يواظب على الصلاة قبل أن يدخل في غيبوبة. رأيت عددا من المصاحف في غرفته.

أخذت مصحفا وأخذت تقرأ القرآن..هذا يعني أن انهيارها لم يطل..؟

بدأنا بتغسيله بعد لحظة الوفاة بأربع ساعات.

هل كانت القراءة بعد التغسيل..؟

لا..لا..قبل تغسيله.

متى بدأت سهى بقراءة القرآن..بعد وفاته بكم من الوقت..؟

تقريبا بعد ساعة.

على كل كانت وفاته متوقعة..

طبعا..كان في حالة غيبوبة، وكان الأطباء يقولون إن حالته ميؤسا منها..

من الذي تولي تبليغ القيادات الفلسطينية بوفاة الرئيس..؟ من الذي أبلغ ناصر القدوة مثلا..؟ وأنت ما كان دورك في هذا..؟

أنا لم أقم بتبليغ أحد. الأطباء هم الذين اعلنوا وفاته. وكان الدكتور رمزي موجودا، وعددا كبيرا من مرافقي الرئيس كانوا موجودين. أنا لم أتول هذا الأمر نهائيا.

مغادرة عبَّاس وقريع

توفي في الثالثة والنصف فجرا، هل كان أبو مازن وأبو علاء لا زالا في باريس..؟

كانا قد عادا إلى رام الله.

كم مكثا في باريس..؟

لا أعرف بالضبط..أنا لم ارهما في باريس..حين وصلت باريس كانا قد غادراها.

هل عرفت ما دار بينهما وبين سهى ورمزى..؟

لم أعرف شيئا. حضرت بعد مغادرتهما.

كان هناك حديث عن التسميم، وقيل أن سهى رفضت اعلان سبب وفاة الرئيس..؟

لا أعرف.

هل سألتها أنت عن سبب الوفاة..؟

تحدثت مع الأطباء، ولم اسألها هي. قالوا لقد اجرينا فحوصات عديدة ولم نعرف سبب المرض أو سبب الوفاة. وقالوا عن احتمال تسميمه أنهم أجروا عشرات الفحوص التي تتعلق بالسم.

بعد أن انتهى الأمر، وعدت لرام الله، سألت العديد من الأطباء فقالوا ..

دعنا نبقى في باريس..قال الأطباء أنهم أجروا العديد من الفحوصات والتحاليل المتعلقة بالسموم، إلى ماذا خلصوا في هذا الشأن..؟

لم يتضح لهم أنه قتل بواسطة السم.

لم يتضح أم أن الأمر لم يجزم..؟

الفحوصات لم توصلهم إلى نتيجة أنه قتل بالسم.

قيل أن السم الذي أعطي له كان يحوي على فايروس الإيدز بهدف تشويه سمعته بعد وفاته..

لا أعرف..أنا سألت فيما بعد، ووصفت حالة الرئيس كما شاهدتها للعديد من الأطباء، وقلت لهم أن الدم كان ينزف من مسامات جلده فقالوا أن السم يذهب بخاصية التجلط، ويصبح الدم كالماء. وما يؤكد ذلك أنه بعد وفاته بأربع ساعات، وحينما قمنا بتغسيله، استمر نزول الدم فاضطررنا أن نضع أشرطة طبية لاصقة (بلاستر) على مناطق خروج الدم في وجهه حتى نتمكن من تغسيله.

على كل وجهه..؟!

يعني..على اماكن نزف الدم..

قلت أنها كثيرة..؟

نعم..كثيرة. كان الدم ينزف من جبينه ومن أغلب مناطق وجهه.

هذا يعني أنكم غطيتم معظم وجهه بالأشرطة الطبية اللاصقة..

جزء من وجهه..

ما نسبة هذا الجزء من اجمالي وجهه..؟

وضعت الأشرطة اللاصقة بشكل اساس على جبينه وخديه..

تونسيون تولوا تغسيله

هل أنت من قام بتغسيله..؟

جاء عدد من الإخوة التونسيين من مسجد باريس، وتولوا تغسيله، وأشرفت أنا على تغسيله وتكفينه. وكانوا مختصين بأمر تغسيل الموتى. وقد قمت بالصلاة عليه ووضعه في الثلاجة.

توفي في الثالثة والنصف فجرا..متى أعلنت الوفاة..؟

لا أعرف..تم تبليغ رام الله، وهناك تم الإعلان. أنا كنت داخل المستشفى في باريس.

ألم تسأل متى أعلنت الوفاة..؟

لا..أعتقد أن الوفاة أعلنت مباشرة، لأن تجهيزات الجنازة بدأت مباشرة، وأعلن أن جنازة عسكرية ستكون في الساعة الخامسة مساء في باريس. وقيل أن الرئيس شيراك سيأتي لإلقاء نظرة عليه.

أنا طلبت العودة فورا للوطن.

لم تعد مع الجنازة..؟

لا..عدت فورا إلى رام الله..

لماذا..؟

حتى أقوم بتهيئة القبر..وقد طلب مني البقاء، فقلت يجب أن أعود فورا إلى رام الله. وقد عدت بواسطة طائرة الرئيس عرفات الخاصة.

هل عدت وحدك على متن الطائرة الخاصة..؟

يمكن أن بعض المرافقين عادوا معي..وقد ذهب من كان في باريس، وأذكر من بينهم الدكتور نبيل شعث، الدكتور ناصر القدوة، والدكتور رمزي..

عدت إلى عمَّان، ومنها إلى رام الله في ذات الليلة، ومن هناك توجهت للقدس، حيث أتيت بتراب من جوار المسجد الأقصى، ووضعته في قبر الرئيس..وانتظرنا وصول الجثمان من القاهرة يوم الجمعة..وعندما وصل الجثمان إلى المقاطعة بعد العصر، كانت جموع غفيرة في انتظاره..أكثر من مئة ألف فلسطيني جاؤا من كل مكان بالرغم من الحواجز التي وضعتها قوات الإحتلال.

كيف صليتم عليه في رام الله، وقد سبق أن صلي عليه في باريس..؟

وصلي عليه أيضا في القاهرة..

دفناه مرتين

هل يجوز هذا شرعا..؟

يجوز..كما أنني دفنته مرتين..!

كيف ذلك..؟

حينما وصل الجثمان بعد الساعة الثالثة عصرا، كانت هناك جموع كثيرة من المواطنين جاؤا من كل مكان..ولم نستطع اخراج النعش من الطائرة إلا بصعوبة..وكان هناك ترتيب يقضي بأ يوضع النعش في قاعة المقاطعة لإلقاء نظرة الوداع عليه من قبل المسؤولين، والسلك الدبلوماسي..لكننا لم نتمكن من ايصال النعش إلى القاعة بسبب الإزدحام الشديد. وبصعوبة بالغة تمكنا من الوصول إلى القبر..وذلك بعد أكثر من ساعتين من انزاله من الطائرة..مسافة أمتار استغرق قطعها أكثر من ساعتين..

أنا نزلت إلى داخل القبر كي أضعه فيه وألحده وفقا للشعائر الإسلامية. وحينما انزلنا النعش، بدأ الناس يتساقطون عليه. وكانت هناك شائعة تقول إن كتائب شهداء الأقصى ستقوم باختطاف الجثمان بهدف دفنه في القدس. شعرت في تلك اللحظات أنني سأفقد السيطرة على الوضع، فأصدرت أمرا بإغلاق القبر، ودفنه وهو داخل النعش (التابوت). وهذا ما حدث، وهو ما أثار استياء لدى البعض..تساءلوا كيف يتم دفن الرئيس وهو داخل النعش..؟! وقالوا هذا يتنافى مع تعاليم الإسلام. قلت لهم أنا المسؤول، وأنا أتحمل المسؤولية. وعدت للمقاطعة ليلا، وطلبت من الطيب عبد الرحيم أمين عام الرئاسة أن يأمر بتجهيز عدد من أفراد الحرس الرئاسي في الثانية بعد منتصف الليل.

سألني لماذا..؟ أجبته لنقوم بدفن الرئيس..! سألني ما الذي فعلته إذا..؟! فشرحت له أن الوضع حال دون دفنه وإخراجه من النعش، فرأيت أن أقوم بذلك على مرحلتين..والآن أريد عددا من الحراس ليساعدونني في دفنه مجددا. وهذا ما حدث بعد الثانية والنصف من فجر السبت..وكانت كاميرات الفضائيات لا تزال تصور من على أسطح العمارات المحيطة بالمقاطعة. ولذلك، وحتى لا تصور وتبث الفضائيات وقائع ما سيجري، طلبت شادرا (خيمة) غطينا به القبر، وكانت معنا اضاءة يمكن أن تظهر وجود حركة خلف الشادر، لذلك طلبت عددا من سيارات الدفاع المدني، وطلبت من سائقيها أن تحيط سياراتهم بالقبر، كي لا يرى أحد ما يجري. وقمنا بنبش القبر مجددا، وأخرجنا التابوت، ثم أخرجنا الجثمان من التابوت، وكشفت عن وجه الرئيس، وكان قد مضى 24 ساعة على وفاته، فوجدت أن رأسه قد عاد إلى حجمه الطبيعي، وكان مبستما مضيئا يميل إلى الصفرة شديدة البياض، وهذه حقيقة علامات..

هو كان لديه بهاق في وجهه..؟

أثناء النزيف كان وجهه محتقنا وأزرق اللون.

لم يبق دم ليبقى الزراق..؟

نعم..وقد عاد وجهه ليس إلى لونه الطبيعي، وإنما أكثر بياضا..وقمت بلحده وفقا للطقوس الإسلامية، ووضعته على جنبه الأيمن، ونثرت عليه حفنات من تراب المسجد الأقصى. وقبل ذلك قمنا بالصلاة عليه مرة أخرى خارج القبر. ودفنته بعد الصلاة عليه وفقا لما شرحت. وبعد اكمال الدفن، طلبت من الحراسات وضع التابوت في المقاطعة..وأن يحافظوا عليه.

وصيته دفنه في القدس

في صباح اليوم التالي إتصل بي المحافظ مصطفى عيسى قائلا هناك شائعات تقول أنك دفنت الرئيس وهو داخل التابوت..! هناك تذمر..! أجبته ردي على هذه الشائعات أن التابوت موجود في المقاطعة..إذهب وشاهده بنفسك.

ألم تذكر له التفاصيل..؟

ذكرتها له فيما بعد.

وما حكاية أنه تم وضع صبة اسمنتية مسلحة فوق القبر لتحول دون اخراج جثته واختطافها لغايات اعادة دفنه في المسجد الأقصى..؟

هذا صحيح..في المرة الأولى عندما دفن داخل التابوت، قمنا بعد أن وضعنا البلاطات على قبره بصب اسمنت غير مسلح (لا تتخلله قضبان الحديد) فوقها، ووضعنا ترابا فوق الإسمنت. وعندما نبشنا القبر قمنا بتكسير الإسمنت.

وفي المرة الثانية، وضعنا البلاط، وفوقه أيضا اسمنت غير مسلح.

ما أريد قوله هو أنه حينما صممنا القبر، بعد وصولي إلى رام الله، صممناه بحيث يسهل نقله من مكانه..وضعت له مقابض حديدية..لقد اوصاني وهو في مرضه، حين زرته في العاشر من رمضان، وطلب مني البقاء وتناول طعام الإفطار معه، بأن يتم دفنه في المسجد الأقصى.

قال لي أنا رجل كبير في السن..عمري 74 سنة..هل تريد مني أن أفطر وأنا في هذا العمر..؟ رددت عليه أنت يا أبو عمار صحتك ليست ملكك..هي ملك الشعب الفلسطيني. فأخذ يتأمل، وقال لي "على فكرة..إذا مت فوصيتي هي أن تقوم بدفني في القدس"..

هل حدد أين في القدس..؟

حدد في المسجد الأقصى. أجبته "ربنا يطول عمرك".

بالفعل صمم القبر بحيث يسهل نقله بكامله في المستقبل بعد تحرير القدس.

ينقل كاملا..؟

نعم..نزيل الإسمنت من فوق القبر، ويتم رفعه بواسطة المقابض المثبته فيه، دون أن ينبش.

أين كان الرئيس محمود عباس لحظة الدفنة الأولى..؟

كان موجودا..

أين كان موجودا..على مسافة كم من القبر..؟

لم يتمكن أحد من الوصول إلى القبر.

وأين كان موجودا عند الدفنة الثانية..؟

في الدفنة الثانية لم يكن موجودا أحد سواي وعدد من الحراس..

هل أبلغ أبو مازن بأنك ستقوم بإعادة دفن الرئيس عرفات..؟

ذكرت له التفاصيل فيما بعد. في البداية أبلغت الطيب عبد الرحيم، وطلبت منه تجهيز الحرس.

بم علق أبو مازن حين أبلغته بما فعلت..؟

أبدى استحسانا لما حدث.

أبلغتم الطيب عبد الرحيم، هل حضر معكم عملية اعادة الدفن..؟

كان الجميع في حالة ارهاق شديد..

لم يحضر..؟

لم يحضر أحد..فقط أنا وبعض الحرس.

هل تعتقد أنه لم يبلغ أبو مازن بطلبك توفير عدد من الحرس من أجل اعادة الدفن فور طلبك ذلك، وقبل أن تقوم بالعملية..؟

هم يثقون بي ثقة كاملة.

ولكن من واجبه الوظيفي ابلاغ الخليفة المنتظر في ذلك الوقت بما تعتزم فعله..؟

ممكن. فيما بعد تحدثت مع الرئيس أبو مازن بكل التفاصيل، وابدى استحسانا بما حدث.

متى ابلغته..بعد كم من الزمن..؟

خلال تقبل العزاء بالرئيس.

هل لديك تفاصيل أخرى ترغب في سردها حول مرض ووفاة ودفن الرئيس الراحل ياسر عرفات..؟

لقد أخبرتك بكل التفاصيل.

غالب ياسين
28/01/2008, 10:54 AM
شاكر الجوهري

كاتب ومحلل سياسي - الأردن




1/19/2008














رئيس القضاء الشرعي الفلسطيني يروي لـ «الحقائق» تفاصيل ساعات عرفات الأخيرة




وجدته في غيبوبة والدم ينزف من مسامات وجهه وجسمه ورأسه متضخم لثلاثة أمثال حجمه

الرئيس عباس حال دون اشتعال حرب أهلية في قطاع غزة..طلب ضبط النفس وحقن الدماء

التزمت بالتكتم على توجهي لباريس فنشره الإعلام الإسرائيلي والأميركي قبل أن أصل الجسر..!

أبو عمار رفض طلبي منه الإفطار وظل صائما رغم تأكيد الطاقم الطبي على خطورة حالته

بكى بحرقة حين عرضت عليه صور امرأة عراقية يعذبها الجنود الأميركان جنسيا وصاح أين العرب..؟

أبو عمار دفن مرتين..الأولى مع النعش والثانية بدونه بعد تفرق الحشود

وجدت وجهه مضيئا ناصع البياض مبتسما لدى فتح القبر عليه ورأسه عاد إلى حجمه الطبيعي

توفي بعد مغادرة أبو مازن وأبو علاء باريس والدفنة الثانية تمت بغياب الجميع باستثناء عدد من الحراس

سهى انهارت وبكت لدى وفاته وأخذت تقرأ له القرآن وتقول إن موته خسارة للشعب الفلسطيني

الأطباء الفرنسيون قالوا أنهم لم يخلصوا إلى أنه مات مسموما..حاولوا انقاذه بالمنشطات دون جدوى

تونسيون من أحد مساجد باريس تولوا تغسيله ووضعنا بلاستر على مناطق نزف الدم ليتمكنوا من ذلك

أكتب هذه الأسطر وأنا غاية في التأثر للنهاية التي بلغها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ، رغم أنني لم أكن يوما من انصاره..!

لكنه يظل رجلاً كبيراً في زمن ميزنا بصغرنا..وبصغائرنا..

فكرة هذا الحوار بالغ الأهمية مع الشيخ تيسير التميمي، رئيس القضاء الشرعي الفلسطيني بدأت على مائدة عشاء أقامه المهندس نجاتي الشخشير، الرئيس الفخري لنادي يرموك البقعة، عقب أحد امسيات اسبوع القدس الثقافي الذي نظمه النادي مؤخرا.

صادف أن كان مقعدي مقابلا لمقعد الشيخ التميمي، الذي تناولت معه أطراف الحديث ، فانشد المدعوون إلى حديث الشيخ بالغ الأهمية والخطورة في ذات الآن..ومن المطعم توجهت برفقته إلى مقر اقامته، حيث تواصل الحوار معه إلى ما بعد منتصف الليل..بالرغم من شديد الإرهاق الذي اصابنا كلانا.

كان هناك ما يستحق أكثر بكثير من هذا العناء..فموضوع الحديث غير عادي..إنه مرض ووفاة ودفن القائد والزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات..

ولم يبق الشيخ التميمي ما يمكن التكتم عليه..فاض بكل ما لديه..وكشف كيف أن الجنرال مدير مستشفى بيرسي الباريسي كاد أن يمنعه من التقاء الرئيس قبيل وفاته، لأن علمانية الدولة الفرنسية ترفض تلقين الإنسان بما يجب تلقينه إياه قبيل الوفاة..لكنهة عاد وتراجع عن قراره حين هدده الشيخ التميمي بكشف ذلك للإعلام، الذي كان رجاله مرابطون على مدخل المستشفى، وبعد أن استشار قصر الإليزيه.

وكشف الشيخ أنه حين دخل غرفة الرئيس عرفات وجده في حالة غيبوبة، والدم ينزف من وجهه وعينيه وأذنيه ومن مسامات وجهه وجسمه، كما أنه وجد رأسه متضخماً إلى ثلاثة أمثال حجمه الطبيعي..

وقبل أن يذهب أبو عمار إلى باريس، ويصاب هناك بالغيبوبة، يحدثنا الشيخ التميمي كيف أنه رآه يبكي بحرقة حين عرضت عليه في مقره بالمقاطعة برام الله صور امرأة عراقية يعذبها الجنود الأميركان جنسياً وصاح أين العرب..أين المسلمين..؟

ويكشف الشيخ التميمي عن أن الرئيس عرفات دفن مرتين..!

مرة دفن بحضور محمود عباس والقيادة الفلسطينية ومئات الألوف من الفلسطينيين، ومرة أخرى بعد تفرق الحشد بحضور الشيخ التميمي فقط، وعدد من حراس الرئيس الراحل..!

ولدى فتح القبر عليه ليعاد دفنه من جديد، يقول الشيخ التميمي وجدت وجهه مضيئا ناصع البياض مبتسما ورأسه عاد إلى حجمه الطبيعي.

ويكشف أن الذين تولوا تغسيل الرئيس الراحل كانوا تونسيون قدموا من أحد مساجد باريس، وليتمكنوا من تغسيله تم وضع بلاستر على مناطق نزف الدم في وجهه.

هنا نص الحوار:

لم أنت في عمَّان الآن..؟

حضرت إلى عمَّان أنا وسيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطيا بهدف الإشتراك في أسبوع القدس الثقافي الذي ينظمه نادي يرموك البقعة، وذلك برعاية المهندس نجاتي الشخشير الرئيس الفخري للنادي. وبالفعل اشتركنا في الندوة الأولى في إطار هذا الأسبوع، وكانت عن الوضع الداخلي في فلسطين والقدس، ومكانة القدس في القضية الفلسطينية، وفي عقيدة الأمة، وضميرها..وتحدثنا عما تتعرض له القدس من اجراءات تهويدية من قبل سلطات الإحتلال الإسرائيلي، وما يتعرض له المسجد الأقصى من مخاطر الهدم والتدمير من قبل الإحتلال الصهيوني.

تحدثت ملياً وطويلاً في الكلمة التي القيتها في الندوة عن الوحدة الوطنية الفلسطينية، وضرورة استئناف الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني، وكنت في الحقيقة موضوعيا في طرحك، ومحايدا، غير منحاز لفريق على حساب آخر في الساحة الفلسطينية، ما أثلج الصدور..

الحوار ضرورة بشرية. أما بالنسبة لنا كشعب فلسطيني فهي فريضة شرعية، وضرورة وطنية، لأن الحوار البناء سيؤدي إلى تعزيز الوحدة الوطنية، التي هي السلاح الأقوى في صراعنا مع الإحتلال الصهيوني.

لا توجد لدينا أية امكانيات لمقاومة الإحتلال، إلا بوحدتنا، ولذا نقول إن الحوار مطلوب، ويجب أن نعود إلى مائدة الحوار الوطني الشامل، لنعود كما كنا على قلب رجل واحد، وفي خندق واحد، لمواجهة مخططات الإحتلال التي تستهدف الجميع.

لوحظ في الكلمة التي القيتها أنك لم تأت على ذكر الرئيس محمود عباس، في حين أنك ركزت كثيرا على الدور الوطني والتاريخي للرئيس الراحل ياسر عرفات..هل كان ذلك صدفة، ومن قبيل السهو..؟

يبدو أنك لم تنتبه. لقد ذكرت الرئيس محمود عباس، وقلت إنه دعا قبل يومين للحوار، وفتح صفحة جديدة. غير أن جوهر الحديث كان عن استشهاد الرئيس ياسر عرفات، ولم أمتدح أحدا سواه. لم أذكر أحدا من قادة الشعب الفلسطيني، ومن مختلف الفصائل، باستثناء الرئيس عرفات، لأنه فعلا شهيد القدس، والقضية الفلسطينية..قتل من أجل القدس. وذكرت الرئيس عباس، قائلا إنه دعا للحوار بهدف فتح صفحة جديدة من أجل الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية.

الوحدة الوطنية

هل دعوة عباس للحوار هي ما شجعك كي تدعو أنت أيضا للحوار..؟

ليس هذا فقط. أنا من دعاة الوحدة الوطنية، وأنت تعرف أنني من رموز العلاقة الإسلامية ـ المسيحية، ومن اركان توطيد هذه العلاقة، فمن باب اولى أن أدعو إلى تلاحم كل القوى الفلسطينية في مواجهة المخططات الإسرائيلية.

كان ايجابيا ومثيرا لكل الإعجاب أن تشبك يدك بيد المطران أمام الجمهور على النحو الذي حدث فيه ذلك، والمثير للشجون والشؤون أيضا..

هذا جزء من ثقافة الشعب الفلسطيني..العلاقة المسيحية ـ الإسلامية المتميزة جزء من ثقافة الشعب الفلسطيني. نحن نفهم ما الذي تعنيه العهدة العمرية، التي أمن فيها عمر بن الخطاب النصارى على أنفسهم، وكنائسهم، وصلبانهم، وأموالهم.

فهمت منكما (أنت وسيادة المطران) أن الرئيس الراحل ياسر عرفات كان يرعى الصداقة الوطيدة التي تجمعكما.

نعم، لأن الرئيس عرفات كان يعرف أن اسرائيل كانت تحاول أن تفسد هذه العلاقة، فكان يعمل على تعزيزها..

تعني بين مكونات الشعب الفلسطيني..؟

كل مكونات الشعب الفلسطيني، وخاصة المسلمين والمسيحيين. كان رحمه الله يعمل على تحصين هذه العلاقة بمزيد من التوطيد والتمتين.

بداية العلاقة مع عرفات

اعتبارا من السؤال التالي ستتركز الأسئلة حصرا على قضية استشهاد الرئيس عرفات، وقد علمت منك أنك تعد الآن كتابا عن علاقتك بالرئيس الراحل. هل تضعنا ابتداء في صورة هذا الكتاب، وأهم الفصول التي يتضمنها..؟

ربطتني بالرئيس الراحل علاقة حميمة..

هل هي امتداد لعلاقته بالمرحوم والدكم الشيخ رجب التميمي..؟

نعم. لقد ابتدأت علاقتي بالرئيس الراحل هنا في عمان، بعد ابعاد سلطات الإحتلال لوالدي من الخليل، مع رفيقيه المرحوم فهد القواسمي، ومحمد حسن ملحم، بعد عملية الدبوية في الخليل بتاريخ الأول من آيار/مايو 1980.

بعد ابعاد والدي بعامين، التقيت الرئيس الراحل هنا في عمان، وذلك برفقة والدي..كنت حريصا على ذلك اللقاء..كنت أسمع كثيرا عن الرئيس عرفات، وكانت هناك رهبة تملكتني قبل أن أراه..

ما سبب تلك الرهبة..؟

زعيم ، ورئيس ، وفدائي ، وقائد عسكري ..فورالتقائي إياه زالت تلك الرهبة..شعرت أنني اعرفه منذ ولادتي. قابلني بالترحيب، وبإبتسامة عريضة، وعانقني، وبدأ يسألني عن كل شيئ في القدس، في الخليل..عن أدق التفاصيل..وسألني عن المسجد الأقصى، وعن الحرم الإبراهيمي..

ماذا كنت تعمل في ذلك الوقت..؟

كانت بداية عملي في القضاء الشرعي..كنت قد عينت قبل شهور قاضيا شرعيا في محكمة نابلس الشرعية. وبالفعل سألني عن كل شيئ. وتكررت الزيارات، التي كانت سرية، لأن اللقاء مع ياسر عرفات في ذلك الوقت كان مسؤولية كبيرة لدى سلطات الإحتلال، ويمكن أن يرسل صاحبه للسجن.

حين انفجرت أحداث مسجد فلسطين في غزة، بعد عودة الرئيس عرفات إلى فلسطين عام 1994، كنت موجودا في منزلي في الخليل اشاهد التلفاز، وقد شعرت بوجود اصابع خفية تريد احداث فتنة بين أبناء الشعب الفلسطيني. وكانت قد شكلت لجنة طوارئ في الخليل بعد أحداث الحرم الإبراهيمي الشريف، وكنت أنا من قادتها، وبصفتي هذه دعوت لاجتماع طارئ للجنة في تلك الليلة، حيث اتفقنا على اصدار بيان موجه اساسا إلى الإخوة في غزة نناشدهم فيه ضبط النفس. وحذرت من الأصابع الخفية التي تريد اشعال نار الفتنة بين أبناء الشعب الفلسطيني، وأذكر أنني كتبت تلك المناشدة بيدي، وبعثت نسخة منها إلى المنتدى، حيث مقر الرئيس عرفات في غزة، ونسخة أخرى إلى الدكتور محمود الزهار، الذي طلبت منه أن يذاع النداء عبر مكبرات الصوت في المساجد، وتوجهت في اليوم التالي مباشرة إلى غزة لأتصل بالطرفين، وحين صلت غزة، أبلغني الرئيس عرفات أنه كانت للمناشدة تأثير سحري، وأنها أنهت حالة الإحتقان التي كانت موجودة في غزة.

ومن هنا بدأت علاقة طويلة مع الرئيس الراحل رحمه الله.

الصدام مع "حماس"

ستشرح كل هذه التفاصيل في الكتاب..كيف لنا الآن أن نقارن بين العلاقة الصدامية بين "حماس"، والسلطة ورأس السلطة في زمن أبو عمار، وفي زمن أبو مازن..؟ما الفرق بين الحالتين..؟

ما اعرفه هو أن الرئيس محمود عباس جنب الشعب الفلسطيني حربا أهلية في غزة.

كيف ومتى..؟

مما عرفته أنه حينما حصل ما حصل في غزة في 14 حزيران/يونيو كان الرئيس عباس يطلب ضبط النفس، وعدم الإقتتال..هذا ما عرفته من البعض..

لكن هناك من يقول أنه فعل ذلك لأنه لم يكن قد أكمل بعد تنفيذ خطة تسليح قواته، والأجهزة الأمنية التابعة له، بموجب خطة الجنرال الأميركي كيت دايتون، وبالتالي فهو كان يعرف أن قواته لم تكن مستعدة لخوض قتال تنتصر فيه على قوات "حماس"..ماذا تقول..؟

لا معلومات لدي عن هذا..

هناك من يرى أيضا أن الإقتتال أخذ بعدا أوسع في عهد الرئيس عباس، لم يكن متاحا أن يأخذه في عهد الرئيس عرفات..؟

ليتوقع الناس ما يريدون، لكنني أتحدث عما اعرفه أنا..

مرض الرئيس

لنعد إلى الرئيس عرفات، وأنت ثارت حول ذهابك لزيارته في مشفاه في باريس الكثير من الأقاويل، فلتحدثنا، ولترو قصة ذهابك إلى باريس..؟

كانت تربطني، كما قلت، بالرئيس عرفات علاقات حميمة..وأذكر أنه في العاشر من رمضان سنة 2004 زرته في مقره في المقاطعة برام الله..قبل الدخول عليه طلب مني الطاقم الطبي التونسي أن أطلب من الرئيس أن يفطر، وأن يوقف صيامه..وأبلغوني أن حالته خطرة، ولديه تكسر في الصفائح الدموية، ويجب أن يتوقف عن الصيام، وأن يفطر.

حين دخلت على الرئيس طلبت من أن يفطر، وبينت له الأحاديث النبوية التي تبيح الإفطار للمريض، لكنه رفض، وأصر على أن يبقى صائما..وطلب مني أن أبقى معه لأتناول معه طعام الإفطار. وهذا ما حث.

بعد الإفطار أدينا الصلاة، ثم جلس معنا بعض الشخصيات، أذكر منهم جميل الطريفي، روحي فتوح، وبدأ يتحدث كعادته عن بعض ذكرياته..وأهم ما سرده علينا في ذلك الحديث قوله أنه عرضت عليه صورة امرأة عراقية تعذب تعذيبا جنسيا مقززا من قبل قوات الإحتلال الأميركي للعراق، وأخذ يبكي بحرارة وحرقة، وهو يقول أين المعتصم..؟أين العرب..؟أين المسلمين..؟إمرأة عربية يفعل فيها هكذا..؟!وواصل البكاء.

استأذنت الرئيس، وكانت لي زيارة لدولة الإمارات العربية المتحدة، وفي طريقي للإمارات عرجت على القاهرة، حيث علمت وأنا في العاصمة المصرية أن صحة الرئيس قد ساءت، فعدت فورا إلى رام الله.

كان الفريق الطبي المصري قد حضر، وطرح ضرورة نقل الرئيس إلى خارج المقاطعة لعلاجه. وتحدث أطباء الفريق المصري عن أن سبب تكسر الصفائح الدموية ربما يعود إلى اصابة الرئيس بالإنفلونزا. وقالوا إن لديه التهابات.

انفلونزا..!

الواقع أنني في ذلك الوقت كنت موجودا في تونس، وكنت ذات يوم مدعوا على مائدة الإفطار في منزل السيد فاروق القدومي، وقد تلقى اتصالا هاتفيا من الرئيس عرفات بعيد تناولنا الإفطار، وقد ابلغه أبو عمار أنه مصاب بإنفلونزا..وبدوري سألت أبو اللطف: هل يعقل أن يكون مرضه هو الإنفلونزا، وأن يستدعي الأمر استحضار فرق طبية لمعالجته من تونس ومصر..؟

أجابني أبو اللطف قائلا: منذ عرفنا أبو عمار وهو كلما أصيب بالإنفلونزا تنزل الحرارة (الحم) على امعائه..من شخص حالة الإنفلونزا..؟

بالفعل كانوا يقولوا أنه مصاب بالإنفلونزا..

هل الأطباء هم الذين شخصوا حالة الرئيس بأنه مصاب بالإنفلونزا..؟ ألم يكونوا عارفين لحقيقة مرض الرئيس..؟

كأنه هكذا..! كأن الأطباء لم يعرفوا كيف يشخصوا حالته..

الأطباء المصريين أم التونسيين..؟

المصريون والتونسيون، وقد اجمعوا على ضرورة أن يخرج من المقاطعة إلى مستشفى ليتمكنوا من تشخيص حالته بشكل أفضل. قالوا إنه يجب أن يخضع لفحوصات وتحليلات في مستشفى، وهو ما لا يمكن إجراءه داخل المقاطعة.

المهم ، ذهب إلى باريس..

قبل باريس..طبيبه الخاص الدكتور أشرف الكردي، الذي يشرف دائما لى حالته الصحية، لم لم يتم استدعاءه منذ البداية..؟

لا أعرف..لا معلومات لدي.

ولم فقط منيب المصري هو الذي ينجح في اقناع أبو عمار بالذهاب إلى باريس، بعد أن كان رافضا فكرة مغادرة المقاطعة..؟

لا أعرف هذه التفصيلات. لأنني كنت ـ كما قلت ـ في سفر. وقد عدت حين ساءت حالة الرئيس الصحية.

المهم أنه بعد نقله إلى باريس، التقيت مع الدكتور حسن أبو لبدة، أمين عام مجلس الوزراء في حينه، وذلك في السادس والعشرين من رمضان في مقر مجلس الوزراء في رام الله، حيث كنت ذاهبا إليه لسؤاله في أمر يتعلق بالعمل، وكان حينها الرئيس عباس، وأحمد قريع، وعدد من المسؤولين قد توجهوا إلى باريس لعيادة الرئيس، وقد اخبرني أبولبدة أن حالة الرئيس سيئة وصعبة..فقلت له يفترض أن يذهب إليه أحد رجال الدين المسلمين ليكون إلى جوار الرئيس في هذه اللحظات الحرجة. رد علي أبو لبدة أن هذا الأمر لم يخطر لنا على بال.

وبعد انتهاء لقائي مع أبو لبدة، توجهت إلى الإذاعة، حيث كنت مدعوا للتحدث في برنامج اذاعي..وبعد انتهاء البرنامج، ومغادرتي للإذاعة، علمت أن الدكتور أبو لبدة يبحث عني. وقد ابلغني أنه إتصل بالأخوين أبو مازن وأبو علاء، ونقل لهما رأيي، فرحبا بأن أذهب إلى باريس. وسألني عن جواز سفري، فأجبته بأنه في جيبي..فقال سنؤمن لك السفر هذه الليلة. وطلب مني أن لا أتحدث لأحد عن اعتزامي التوجه إلى باريس.

افشاء السر واشاعات

حدث ذلك يوم 26 رمضان..؟

نعم..

أبو عمار توفي في اليوم التالي..؟

ربما في 28 رمضان.. المهم أنني لم أحدث أحدا، وبعد مغرب ذلك اليوم توجهت إلى جسر الملك حسين، وغادرت إلى عمان..وكان موعد سفري في الواحدة والنصف بعد منتصف الليل إلى كوبنهاجن، ومنها إلى باريس.

قبل أن أصل عمان تلقيت اتصالا هاتفيا من أحد اصدقائي، سألني أين أنت..؟ أجبته أنا في المسجد الأقصى أحيي ليلة القدر..! قلت ذلك حفاظا على سرية المهمة كما طلب مني. لكنه رد علي قائلا أنت ذاهب إلى باريس..!

سألته من أين لك بهذه المعلومة..؟ أجاب إن موقع صحيفة "يديعوت احرونوت" الإسرائيلية ذكر أن الشيخ التميمي ذاهب إلى باريس ليفتي برفع الأجهزة الطبية عن الرئيس ياسر عرفات..!

قلت لنفسي هذه مصيبة. هذه ليست الحقيقة. الإعلام الصهيوني يزور الحقائق كعادته. وحين وصلت عمان، اخبرت أن قناة الحرة الأميركية ذكرت أن الشيخ التميمي متوجه إلى باريس حاملا كفن الرئيس عرفات..!!

في الطائرة صادفت طاهر المصري رئيس وزراء الأردن الأسبق، والدكتور حنا ناصر رئيس جامعة بيرزيت، وكانا متوجهان إلى الولايات المتحدة عن طريق كوبنهاجن،..وقد اخبراني أن كل الإعلام يتحدث عن زيارتي لباريس..وسألاني ما الأمر..؟

المهم وصلت في الساعة الثانية من فجر اليوم التالي إلى باريس، حيث كان في انتظاري بمطار باريس الأخ الدكتور ناصر القدوة، والسفيرة الفلسطينية ليلى شهيد، وقد ذهبت معهما إلى المستشفى. حين وصلنا المستشفى رفضت النزول من السيارة، قائلا هذا ليس المستشفى، فقالا لي بل هو..! أعدت عليهما إنني شاهدت المستشفى مرارا على شاشات التلفزة، وهذا ليس المستشفى..! فأكدا أن هذا هو المستشفى، ولكننا نريد الدخول من باب خلفي لنتجنب الإعلام..فقلت لهام أما أنا فأريد أن أتحدث للإعلام، لأن الإعلام الإسرائيلي قال إنني قادم لأفتي برفع الأجهزة عن الرئيس، مشوها بذلك الهدف من زيارتي، ولا بد من أن أوضح المسألة.

طلب مني الدكتور القدوة أن أهمل الأمر، قائلا إنه سيعالج الموضوع في أحد لقاءاته معه الإعلام، فقلت له بل أنا الذي يجب أن أبين الحقيقة، لأن ما يروجه الإعلام الإسرائيلي اكاذيب وأباطيل، وهذا اتهام لي بأني أريد أن ارتكب جريمة الإفتاء برفع الأجهزة الطبية عن الرئيس.

محاولة منع زيارة عرفات

وبالفعل، تحدثت لأجهزة الإعلام على مدخل المستشفى، وقبل أن أرى الرئيس عرفات، حيث قلت بصراحة إن رفع الأجهزة الطبية عن أي مريض محرم شرعا، طالما أن مظاهر الحياة موجودة لديه، وهي الحرارة والحركة. وأكدت أن هذا محرم في كل الأديان.

بعد ذلك دخلت إلى المستشفى، فأبلغت أن الجنرال مدير مستشفى بيرسي العسكري يريد رؤيتي، حيث أبلغني اعتذاره عن عدم السماح لي بلقاء الرئيس عرفات.

سألته لماذا..؟!

أجاب لأني رجل دين..!! وقال نحن دولة علمانية، وقد علمنا أنك ستقوم بأداء طقوس دينية، وهذا يتنافى مع مبادئنا العلمانية. فقلت له يوجد في باريس الكثير من المساجد والكنائس، ومن يقوم بأداء الطقوس الدينية، وهذا أمر مستغرب صدوره عنك. وهذا من حقوق الرئيس عرفات كإنسان. لكنه ظل رافضا.

عند هذا الحد قلت له أنني سأعود إلى مندوبي الوسائل الإعلامية وابلغهم أن فرنسا منعتني من رؤية الرئيس ياسر عرافات بسسب مبادئها العلمانية..! وغادرت مكتب الجنرال، ولحق بي الجنرال والدكتور ناصر القدوة، الذي ترجم لي قول الجنرال أنه يريد التحدث مع المصادر العليا في قصر الأليزيه في أمر زيارتي للرئيس.

قرينة الرئيس السيدة سهى عرفات كانت موجودة وقد رحبت بحضوري.

بعد نصف ساعة جاءني الجنرال وقال لي أنه مسموح لي بالذهاب لرؤية الرئيس على أن لا أطيل الزيارة أكثر من دقائق معدودة، فأجبته بل سأظل إلى جواره حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.

تضخم رأس الرئيس

ونحن في طريقنا إلى الرئيس، في غرفة العناية الحثيثة، سألني الدكتور رمزي خوري، مدير مكتب الرئيس في حينه: كيف قوة اعصابك..؟ أجبته قوية والحمد لله..نحن ندفن كل يوم شهداء ونلملم أشلاء الذين تقتلهم قوات الإحتلال..فقال لي إن حالة الرئيس عرفات مفزعة..! وأن الأخ أحمد قريع حين دخل إلى الرئيس وقع على الأرض مغشيا عليه..!

وبالفعل، حين دخلنا إلى الرئيس كان الأمر مفزعا..وجدت رأس الرئيس منتفخا ومتورما بحيث أصبح حجمه تقريبا ثلاثة أضعاف حجمه الطبيعي، وكان الدم ينزف من مختلف أنحاء رأسه ووجهه..!! كانت الدماء تنزف من مسامات جلده وأذنيه وعينيه، ومن كل مكان..!!

من داخل العينين، أم من محيطهما..؟

من محيطهما..كانت الدماء تنزف من كل مكان..الحقيقة أنني لم أتمالك نفسي، وكدت أن أقع مغشيا علي، لولا أنني تمالكت نفسي، وأغمضت عيني وتلمست الطريق حتى وصلت إلى مقعد موضوع بجوار الرئيس.

هل عرفته، أم أن شكله كان قد اختلف..؟

كان هناك تغيرا كبيرا في شكل وجه الرئيس..كان وجهه محتقنا..

لو لم يبلغوك أن هذا هو ياسر عرفات..هل كنت ستعرفه من تلقاء نفسك..؟

نعم كنت سأعرفه، لأنني أعرف ملامحه جيدا.

هذا يعني أن شكله قد تغير كثيرا..؟

نعم..كثيرا جدا..والنزف الدموي يبدو أنه كان ناتجا عن تفجر شرايينه، أما ملامحه فقد كانت كما هي.

المهم..جلست إلى جواره، وبدأت أتلو أيات من الذكر الحكيم..

كم كانت الساعة حين سمح لك بالدخول على الرئيس..؟

تقريبا بعد ظهر 27 رمضان. بقيت إلى جواره، وبعد فترة من الزمن، تمكنت من النظر إلى كتفه، وكان مرتفعا، ولحظت أن كتفه تحرك..

تحرك أم أصيب برعشة..؟

ارتعش ثلاث مرات.

لم تكن حركة..؟

الرعشة هي حركة..

الحركة ارادية، الرعشة لا ارادية..؟

يبدو أنها كانت غير ارادية. وهذا شجعني على أن ألمس جسده.

بم أحست وأنت تلمس جسده..ومن أين لمسته..؟

لمسته من كتفه الذي ارتعش. كان دافئا. وبعدها خرجت..

حين دخلت إلى الرئيس ووجدته في غيبوبة، كم كان قد مضى على دخوله في الغيبوبة..؟

لا أعرف بالضبط..كنت قد سمعت عبر وسائل الإعلام أن الرئيس دخل في غيبوبة.

ألم تسأل..؟

كان الوضع صعبا..لم أسأل. ولكن قبل أن أذهب إلى باريس كانت هناك أخبار تفيد أنه دخل في غيبوبة.

المهم..بعد أن لمسته خرجت للإعلام وقلت إن الرئيس حي يرزق..مظاهر الحياة من حركة ودفء موجودة فيه. ولكني قلت أيضا أن وضعه صعب. وعدت إليه مرة أخرى، وغادرت قبل الإفطار إلى الفندق لأتناول طعام افطاري. وعدت للرئيس ثانية بعد الإطار..وجدت تحسنا لدى الرئيس..

ما ملامح التحسن الذي طرأ على صحة الرئيس الراحل قبيل وفاته..؟

قبل أن أخرج كان نبضه بطيئا جدا..وحين عدت إليه وجدت أن نبضه بدأ ينتظم، كما أن النزيف بدأ يخف. وظهر نوع من الإرتياح على وجهه..كان لديه نزيف مع احتقان، فأصبح يبدو على وجهه شيئ من الإرتياح والصفرة بدلا من الزرقة.

إلام تعزو هذا..؟

أنا قلت أنه تحسن. وبقيت إلى جواره، وشاركني الأطباء الرأي في أنه بدأ يتحسن. وقد أبلغنا رام الله بحدوث تحسن في حالة الرئيس.

من أبلغت في رام الله..؟

تم ابلاغ مكتب الرئيس بذلك. وتم اصدار بيان من مكتب الرئيس بحدوث تحسن..وقد بقيت إلى جواره حتى الثالثة والنصف صباحا إلى أن فارق الحياة.

هل فارق الحياة بوجودك..؟

نعم..

ما هي الإشارات التي دللت على أنه فارق الحياة..؟ كيف توفي..؟ هل تصف لنا المشهد..؟ ومن كان موجودا لحظة وفاته..؟

كنت أنا والأطباء وبعض المرافقين..أجهزة النبض..

ألم يكن أبو مازن موجودا..؟

لا..

وأبو علاء..؟

لم يكن موجودا هو الآخر..

ولا ناصر القدوة ولا أي أحد آخر..؟

لا..

ولا سهى..؟

أذكر أنها كانت موجودة في المستشفى..

هل كانت معكم داخل الغرفة..؟

أعتقد..

تعتقد أم تجزم..؟

في تلك اللحظة كان في الغرفة عدد من المرافقين..أعتقد أنها كانت موجودة..كانت موجودة..وكان الدكتور رمزي خوري موجودا أيضا.

كيف عرفتم أنه مات..؟

من الأجهزة..

هل أبلغكم الأطباء بموته، أم أنكم عرفتم ذلك جراء ارتعاشة معينة صدرت عن جسمه، اشعرتكم أن روحه تصعد إلى السماء أم ماذا..؟ هل شعرتم بشيئ..؟

لم نشعر بأي شيئ.. بالعكس هو كان في غيبوبة، ولذلك لم نشعر بمظاهر الإحتضار المعتادة. الأجهزة هي التي أبلغت بتوقف النبض والتنفس.

حدث ذلك دون أن تفتي برفع الأجهزة..؟

لا..لا..لم أفتي بذلك. لم ترفع عنه الأجهزة حتى فارق الحياة.

ما الذي توقف..؟

توقف النبض والتنفس والقلب..

هل حاول الأطباء انعاشه..؟

حاولوا، لكنهم لم يفلحوا.

كم استمرت محاولتهم..؟

كانوا يراقبون الأجهزة. وعندما دلت مؤشرات الأجهزة على أن هناك هبوطا حاولوا المحافظة على حياته عبر شحن بعض الأجهزة بالأدوية المنشطة، ولكن لم ينجحوا.

طبعا طلبت أن نقوم بمراسيم تغسيله فورا.

حزن وانهيار وبكاء

قبل ذلك، حين علمت أنه قد توفاه الله، كيف انعكس الخبر عليك..؟

كما قلت لك، كانت تربطني علاقة حميمة مع الرئيس عرفات، وقد حزنت حزنا شديدا لوفاته.

كيف انعكس هذا الحزن على تصرفك..؟

تمالكت نفسي. حزنت حزنا شديدا، لكني تمالكت نفسي. هذا الموقف يجب أن يواجهه الإنسان بشجاعة.

وماذا عن سهى..؟

الجميع انهار..

ما ملامح الإنهيار التي بدت عليها..؟

انخرطت في بكاء شديد..كل من كان موجودا بكى..كان شبه انهيار عند الجميع.

ورمزي..؟

وكذلك رمزي..الجميع انهار وبكى، وبدأت أتلو عليه القرآن.

رأيت سهى لحظة دخولك المستشفى صباح ذات اليوم، ما هو الفارق بين المشهد الذي رأيتها عليه في الصباح، والمشهد الذي رأيتها عليه حين توفاه الله فجر اليوم التالي، بعد أقل من 24 ساعة على وصولك باريس ودخولك المستشفى..؟

حينما استقبلتني كانت حزينة على وضعه.

هل تعرفها أنت من قبل..؟

طبعا..كانت حزينة. وعند موته انهارت باكية..

ما الذي كات تقوله وهي في حالة الإنهيار..؟

بدأت تترحم عليه، وتقول إن وفاته خسارة كبيرة للشعب الفلسطيني، وأشياء مماثلة في مضمونها.

هل قرأت سهى القرآن معكم على روحه بعيد وفاته..؟

كان هناك عدد من المصاحف، أخذت سهى أحدها، وأخذت تقرأ له القرآن..

من جاء بهذه المصاحف..؟

حينما دخلت المستشفى، قالوا لي أنه طلب سجادة صلاة، ومصحفا..كان يواظب على الصلاة قبل أن يدخل في غيبوبة. رأيت عددا من المصاحف في غرفته.

أخذت مصحفا وأخذت تقرأ القرآن..هذا يعني أن انهيارها لم يطل..؟

بدأنا بتغسيله بعد لحظة الوفاة بأربع ساعات.

هل كانت القراءة بعد التغسيل..؟

لا..لا..قبل تغسيله.

متى بدأت سهى بقراءة القرآن..بعد وفاته بكم من الوقت..؟

تقريبا بعد ساعة.

على كل كانت وفاته متوقعة..

طبعا..كان في حالة غيبوبة، وكان الأطباء يقولون إن حالته ميؤسا منها..

من الذي تولي تبليغ القيادات الفلسطينية بوفاة الرئيس..؟ من الذي أبلغ ناصر القدوة مثلا..؟ وأنت ما كان دورك في هذا..؟

أنا لم أقم بتبليغ أحد. الأطباء هم الذين اعلنوا وفاته. وكان الدكتور رمزي موجودا، وعددا كبيرا من مرافقي الرئيس كانوا موجودين. أنا لم أتول هذا الأمر نهائيا.

مغادرة عبَّاس وقريع

توفي في الثالثة والنصف فجرا، هل كان أبو مازن وأبو علاء لا زالا في باريس..؟

كانا قد عادا إلى رام الله.

كم مكثا في باريس..؟

لا أعرف بالضبط..أنا لم ارهما في باريس..حين وصلت باريس كانا قد غادراها.

هل عرفت ما دار بينهما وبين سهى ورمزى..؟

لم أعرف شيئا. حضرت بعد مغادرتهما.

كان هناك حديث عن التسميم، وقيل أن سهى رفضت اعلان سبب وفاة الرئيس..؟

لا أعرف.

هل سألتها أنت عن سبب الوفاة..؟

تحدثت مع الأطباء، ولم اسألها هي. قالوا لقد اجرينا فحوصات عديدة ولم نعرف سبب المرض أو سبب الوفاة. وقالوا عن احتمال تسميمه أنهم أجروا عشرات الفحوص التي تتعلق بالسم.

بعد أن انتهى الأمر، وعدت لرام الله، سألت العديد من الأطباء فقالوا ..

دعنا نبقى في باريس..قال الأطباء أنهم أجروا العديد من الفحوصات والتحاليل المتعلقة بالسموم، إلى ماذا خلصوا في هذا الشأن..؟

لم يتضح لهم أنه قتل بواسطة السم.

لم يتضح أم أن الأمر لم يجزم..؟

الفحوصات لم توصلهم إلى نتيجة أنه قتل بالسم.

قيل أن السم الذي أعطي له كان يحوي على فايروس الإيدز بهدف تشويه سمعته بعد وفاته..

لا أعرف..أنا سألت فيما بعد، ووصفت حالة الرئيس كما شاهدتها للعديد من الأطباء، وقلت لهم أن الدم كان ينزف من مسامات جلده فقالوا أن السم يذهب بخاصية التجلط، ويصبح الدم كالماء. وما يؤكد ذلك أنه بعد وفاته بأربع ساعات، وحينما قمنا بتغسيله، استمر نزول الدم فاضطررنا أن نضع أشرطة طبية لاصقة (بلاستر) على مناطق خروج الدم في وجهه حتى نتمكن من تغسيله.

على كل وجهه..؟!

يعني..على اماكن نزف الدم..

قلت أنها كثيرة..؟

نعم..كثيرة. كان الدم ينزف من جبينه ومن أغلب مناطق وجهه.

هذا يعني أنكم غطيتم معظم وجهه بالأشرطة الطبية اللاصقة..

جزء من وجهه..

ما نسبة هذا الجزء من اجمالي وجهه..؟

وضعت الأشرطة اللاصقة بشكل اساس على جبينه وخديه..

تونسيون تولوا تغسيله

هل أنت من قام بتغسيله..؟

جاء عدد من الإخوة التونسيين من مسجد باريس، وتولوا تغسيله، وأشرفت أنا على تغسيله وتكفينه. وكانوا مختصين بأمر تغسيل الموتى. وقد قمت بالصلاة عليه ووضعه في الثلاجة.

توفي في الثالثة والنصف فجرا..متى أعلنت الوفاة..؟

لا أعرف..تم تبليغ رام الله، وهناك تم الإعلان. أنا كنت داخل المستشفى في باريس.

ألم تسأل متى أعلنت الوفاة..؟

لا..أعتقد أن الوفاة أعلنت مباشرة، لأن تجهيزات الجنازة بدأت مباشرة، وأعلن أن جنازة عسكرية ستكون في الساعة الخامسة مساء في باريس. وقيل أن الرئيس شيراك سيأتي لإلقاء نظرة عليه.

أنا طلبت العودة فورا للوطن.

لم تعد مع الجنازة..؟

لا..عدت فورا إلى رام الله..

لماذا..؟

حتى أقوم بتهيئة القبر..وقد طلب مني البقاء، فقلت يجب أن أعود فورا إلى رام الله. وقد عدت بواسطة طائرة الرئيس عرفات الخاصة.

هل عدت وحدك على متن الطائرة الخاصة..؟

يمكن أن بعض المرافقين عادوا معي..وقد ذهب من كان في باريس، وأذكر من بينهم الدكتور نبيل شعث، الدكتور ناصر القدوة، والدكتور رمزي..

عدت إلى عمَّان، ومنها إلى رام الله في ذات الليلة، ومن هناك توجهت للقدس، حيث أتيت بتراب من جوار المسجد الأقصى، ووضعته في قبر الرئيس..وانتظرنا وصول الجثمان من القاهرة يوم الجمعة..وعندما وصل الجثمان إلى المقاطعة بعد العصر، كانت جموع غفيرة في انتظاره..أكثر من مئة ألف فلسطيني جاؤا من كل مكان بالرغم من الحواجز التي وضعتها قوات الإحتلال.

كيف صليتم عليه في رام الله، وقد سبق أن صلي عليه في باريس..؟

وصلي عليه أيضا في القاهرة..

دفناه مرتين

هل يجوز هذا شرعا..؟

يجوز..كما أنني دفنته مرتين..!

كيف ذلك..؟

حينما وصل الجثمان بعد الساعة الثالثة عصرا، كانت هناك جموع كثيرة من المواطنين جاؤا من كل مكان..ولم نستطع اخراج النعش من الطائرة إلا بصعوبة..وكان هناك ترتيب يقضي بأ يوضع النعش في قاعة المقاطعة لإلقاء نظرة الوداع عليه من قبل المسؤولين، والسلك الدبلوماسي..لكننا لم نتمكن من ايصال النعش إلى القاعة بسبب الإزدحام الشديد. وبصعوبة بالغة تمكنا من الوصول إلى القبر..وذلك بعد أكثر من ساعتين من انزاله من الطائرة..مسافة أمتار استغرق قطعها أكثر من ساعتين..

أنا نزلت إلى داخل القبر كي أضعه فيه وألحده وفقا للشعائر الإسلامية. وحينما انزلنا النعش، بدأ الناس يتساقطون عليه. وكانت هناك شائعة تقول إن كتائب شهداء الأقصى ستقوم باختطاف الجثمان بهدف دفنه في القدس. شعرت في تلك اللحظات أنني سأفقد السيطرة على الوضع، فأصدرت أمرا بإغلاق القبر، ودفنه وهو داخل النعش (التابوت). وهذا ما حدث، وهو ما أثار استياء لدى البعض..تساءلوا كيف يتم دفن الرئيس وهو داخل النعش..؟! وقالوا هذا يتنافى مع تعاليم الإسلام. قلت لهم أنا المسؤول، وأنا أتحمل المسؤولية. وعدت للمقاطعة ليلا، وطلبت من الطيب عبد الرحيم أمين عام الرئاسة أن يأمر بتجهيز عدد من أفراد الحرس الرئاسي في الثانية بعد منتصف الليل.

سألني لماذا..؟ أجبته لنقوم بدفن الرئيس..! سألني ما الذي فعلته إذا..؟! فشرحت له أن الوضع حال دون دفنه وإخراجه من النعش، فرأيت أن أقوم بذلك على مرحلتين..والآن أريد عددا من الحراس ليساعدونني في دفنه مجددا. وهذا ما حدث بعد الثانية والنصف من فجر السبت..وكانت كاميرات الفضائيات لا تزال تصور من على أسطح العمارات المحيطة بالمقاطعة. ولذلك، وحتى لا تصور وتبث الفضائيات وقائع ما سيجري، طلبت شادرا (خيمة) غطينا به القبر، وكانت معنا اضاءة يمكن أن تظهر وجود حركة خلف الشادر، لذلك طلبت عددا من سيارات الدفاع المدني، وطلبت من سائقيها أن تحيط سياراتهم بالقبر، كي لا يرى أحد ما يجري. وقمنا بنبش القبر مجددا، وأخرجنا التابوت، ثم أخرجنا الجثمان من التابوت، وكشفت عن وجه الرئيس، وكان قد مضى 24 ساعة على وفاته، فوجدت أن رأسه قد عاد إلى حجمه الطبيعي، وكان مبستما مضيئا يميل إلى الصفرة شديدة البياض، وهذه حقيقة علامات..

هو كان لديه بهاق في وجهه..؟

أثناء النزيف كان وجهه محتقنا وأزرق اللون.

لم يبق دم ليبقى الزراق..؟

نعم..وقد عاد وجهه ليس إلى لونه الطبيعي، وإنما أكثر بياضا..وقمت بلحده وفقا للطقوس الإسلامية، ووضعته على جنبه الأيمن، ونثرت عليه حفنات من تراب المسجد الأقصى. وقبل ذلك قمنا بالصلاة عليه مرة أخرى خارج القبر. ودفنته بعد الصلاة عليه وفقا لما شرحت. وبعد اكمال الدفن، طلبت من الحراسات وضع التابوت في المقاطعة..وأن يحافظوا عليه.

وصيته دفنه في القدس

في صباح اليوم التالي إتصل بي المحافظ مصطفى عيسى قائلا هناك شائعات تقول أنك دفنت الرئيس وهو داخل التابوت..! هناك تذمر..! أجبته ردي على هذه الشائعات أن التابوت موجود في المقاطعة..إذهب وشاهده بنفسك.

ألم تذكر له التفاصيل..؟

ذكرتها له فيما بعد.

وما حكاية أنه تم وضع صبة اسمنتية مسلحة فوق القبر لتحول دون اخراج جثته واختطافها لغايات اعادة دفنه في المسجد الأقصى..؟

هذا صحيح..في المرة الأولى عندما دفن داخل التابوت، قمنا بعد أن وضعنا البلاطات على قبره بصب اسمنت غير مسلح (لا تتخلله قضبان الحديد) فوقها، ووضعنا ترابا فوق الإسمنت. وعندما نبشنا القبر قمنا بتكسير الإسمنت.

وفي المرة الثانية، وضعنا البلاط، وفوقه أيضا اسمنت غير مسلح.

ما أريد قوله هو أنه حينما صممنا القبر، بعد وصولي إلى رام الله، صممناه بحيث يسهل نقله من مكانه..وضعت له مقابض حديدية..لقد اوصاني وهو في مرضه، حين زرته في العاشر من رمضان، وطلب مني البقاء وتناول طعام الإفطار معه، بأن يتم دفنه في المسجد الأقصى.

قال لي أنا رجل كبير في السن..عمري 74 سنة..هل تريد مني أن أفطر وأنا في هذا العمر..؟ رددت عليه أنت يا أبو عمار صحتك ليست ملكك..هي ملك الشعب الفلسطيني. فأخذ يتأمل، وقال لي "على فكرة..إذا مت فوصيتي هي أن تقوم بدفني في القدس"..

هل حدد أين في القدس..؟

حدد في المسجد الأقصى. أجبته "ربنا يطول عمرك".

بالفعل صمم القبر بحيث يسهل نقله بكامله في المستقبل بعد تحرير القدس.

ينقل كاملا..؟

نعم..نزيل الإسمنت من فوق القبر، ويتم رفعه بواسطة المقابض المثبته فيه، دون أن ينبش.

أين كان الرئيس محمود عباس لحظة الدفنة الأولى..؟

كان موجودا..

أين كان موجودا..على مسافة كم من القبر..؟

لم يتمكن أحد من الوصول إلى القبر.

وأين كان موجودا عند الدفنة الثانية..؟

في الدفنة الثانية لم يكن موجودا أحد سواي وعدد من الحراس..

هل أبلغ أبو مازن بأنك ستقوم بإعادة دفن الرئيس عرفات..؟

ذكرت له التفاصيل فيما بعد. في البداية أبلغت الطيب عبد الرحيم، وطلبت منه تجهيز الحرس.

بم علق أبو مازن حين أبلغته بما فعلت..؟

أبدى استحسانا لما حدث.

أبلغتم الطيب عبد الرحيم، هل حضر معكم عملية اعادة الدفن..؟

كان الجميع في حالة ارهاق شديد..

لم يحضر..؟

لم يحضر أحد..فقط أنا وبعض الحرس.

هل تعتقد أنه لم يبلغ أبو مازن بطلبك توفير عدد من الحرس من أجل اعادة الدفن فور طلبك ذلك، وقبل أن تقوم بالعملية..؟

هم يثقون بي ثقة كاملة.

ولكن من واجبه الوظيفي ابلاغ الخليفة المنتظر في ذلك الوقت بما تعتزم فعله..؟

ممكن. فيما بعد تحدثت مع الرئيس أبو مازن بكل التفاصيل، وابدى استحسانا بما حدث.

متى ابلغته..بعد كم من الزمن..؟

خلال تقبل العزاء بالرئيس.

هل لديك تفاصيل أخرى ترغب في سردها حول مرض ووفاة ودفن الرئيس الراحل ياسر عرفات..؟

لقد أخبرتك بكل التفاصيل.

طه خضر
28/01/2008, 09:13 PM
قد أفضى إلى ربه وعرف ما له وما عليه ... رحمه الله لا بما قدمت يداه بل بحسن ظننا بخالقه وبارئه.

طه خضر
28/01/2008, 09:13 PM
قد أفضى إلى ربه وعرف ما له وما عليه ... رحمه الله لا بما قدمت يداه بل بحسن ظننا بخالقه وبارئه.

أبويزيدأحمدالعزام
28/01/2008, 10:44 PM
رحم الله قائدنا واباناابو عمار وجعل مثواه الجنة إن شاء الله,عاش بطلا ومات بطلا.

أبويزيدأحمدالعزام
28/01/2008, 10:44 PM
رحم الله قائدنا واباناابو عمار وجعل مثواه الجنة إن شاء الله,عاش بطلا ومات بطلا.