المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مصيدة الكلمات



خيري حمدان
28/01/2008, 10:35 PM
(1)

أجمل الكلمات تلك التي تهرب من قلمي، ترحل الى آفاقها الخاصّة .. من يقدر اليوم على نصب الشباك لسحر الكلام؟
لا شيء يقدر على مقاومة قصور الفكر عن الاندياح فوق الورق الأبيض. أحاول جاهداً استباق الدمع المنحدر من عينيّ، أتساءل في سرّي .. هل البكاء عند انحباس قرص الشمس خطيئة؟
أنا ابن الشرق سيدتي، تنزرع الشمس في بؤبؤ عيني معظم أشهر السنّة. لهذا تجديني أجادل وألعن الغمام السابح دون موعد الى سمائي.
عذراً أيها المطر، انتظرتك طوال قرون الذلَ الطويلة كي أغتسل من الوهن والخوف ورائحة الخيانة. لكنك تأخرت. موعدنا حدود القدس حيث يوشك المسجد الأقصى على السقوط متعباً .. يا لطول الانتظار!.
أجمل الكلمات تلك التي ما زالت أسيرة مخيّلتي، يتناقلني هاجس البحث عن كواكب مسكونة بصدى الأهازيج. الأعراس تكاد لا تنتهي. هنا يقذف البحر بآخر أمواجه وجموحه يتصاعد مع اطلالة كلّ خريف. حلمت الليلة بأن حظر التجوّل على الأحلام قد رُفِعَ أخيراً .. لم يعد هناك ضرورة طلب تصريح سفر لعربدة أحلامي. سأزورك الليلة وكلّ ليلة، أرغب أن أمسّد جدائلك الطويلة. سألتك يوماً – لمن تحتفظين بكلّ هذه الجدائل؟ فأجبت وابتسامة غامضة ترتسم على شفتيك: لكلّ من يُحْسِنَ ارتقاءها والصعود الى سلالمها المتعرّجة. أين اختفى الرجال يا جارة؟ وتصرخين بصوت مبحوح: من يَرْدُمُ كل هذه القبور المفتوحة في بلادي؟ الى متى يطول حديثنا هذا يا حبيبتي، الى متى تردّين على سؤالي بآلاف الأسئلة؟.

أمدّ يديّ الى السمّاء .. أحاول احتضان الشهب الهاربة من وهج الفضاء .. احترقت أطراف روحي، تعهّرت عذارى الحيّ في لحظة لقاء حميمة. لن أقرأ على مسامعك القصائد هذه الليلة، لن ألعب دور العاشق في خضمّ الحزن المتراكم في عينيك. لن أركع على قدميّ طالباً المغفرة، ولن أُلبسك خاتماً من نور. أحاول التخلّص من بقايا الصدأ المتراكم عند المفاصل. أحاول كتابة بضع قصائد رافضة للسجع للقافية. أحاول ملاحقة أجمل الكلمات على حصانٍ من ورق! وأتساءل أين أنت من كلّ هذا الصراع؟ ربّما كنت تغتسلين عند ينبوع القرية الغارقة في ظلمة أحلامها. ربّما كنت قد ضربت موعداً لغريمي في الهوى هذه الليلة .. أترين؟ .. أحاول جاهداً أن أجد لكِ الأعذار كيلا تخجلي .. كيلا تحمرّ وجنتاك من الوجل، والحياء يجعلك أكثر تألقاً. المعذرة .. لقد طالت ثرثرتي لكنّي أخشى فُجْأَة الموت واقتراب اللقاء. المعذرة .. طال انتظاري لرحيق شفتيك وما من بادرة. ربّما جفّت الشفاه واحترقت عضلة اللسان من كثرة الصمت. أنا .. أنا العاشق.

(2)

قمرٌ في قبضة يدي يبتسم والشمس فوق الجبين ساطعة كحارس يهوى مطالعة كتب الهوى ويتقن قراءة الأغاني للأصبهاني.
ألتقي اللحظة المفجوعة ذبحاً عند حافة الزمن .. هاربة من جلاّدها، كانت تتلحّف بذاكرتي، تسحق وجوهاً ألفتها طويلاّ. لم يكفّوا أيديهم عن ملاحقة عنفوان القصيدة، والشاعر مجنون حتى يتبيّن غير هذا .. مسكين أنت يا ظلّ الله في هذي الدنيا، مسكونٌ بسقط الكلام، لا يهدأ لك بالٌ ولا خاطر، ترتدي ما تيسّر من الكلام كلّ ليلة وتمضي تلاحق الأطياف في رحيلها الغامض. أنا لن أراهن على تألقك اليوم يا صديقي. لا مكانة للشعر في دنيا النفط. ابحث لك عن زوجة ثانية وثالثة ورابعة .. إرفع أعمدة الخيام، مخادع النساء كثرت في زمن المهادنة.
قمرٌ في قبضة يدي يحترق شوقاً والشمس فوق الجبين ساطعة .. كموجٍ يحجل بخيلاء عند حافة الشاطئ الذهبيّ. ألتقي اللحظة الهاربة من أنشوطة الزمن. وكأني أراوح نفسي هذا المساء.
ما ثمن الهوى سيدتي حيث مقابر المعلّقات تتّسع كلّ يوم في أوطان العربية.
الأرض بتتكلّم عربي! أؤمن بهذا بلا شرط أو قيد أو مناكدة.
الأرض بتتكلّم عربي .. وربّما اختلطت عليّ الأمور في خضم الحلم يا خنساء!.
المعذرة، هذا ليس نصّاً .. لقد خرجت عن المألوف ولا أدري الآن إن كنت بين قضبان اليقظة؟. أم أنّي أصبت بضربة شمس مبكّرة لحظات قبل المغيب، أخرجت قلمي وحدّدت قمته المتلهفة، ثمّ صوبته نحو فؤاد المحبرة فانتحرت القصيدة قبل الولادة .. مفاعلة مفاعلة - على وزن معاشرة.

خيري حمدان
28/01/2008, 10:35 PM
(1)

أجمل الكلمات تلك التي تهرب من قلمي، ترحل الى آفاقها الخاصّة .. من يقدر اليوم على نصب الشباك لسحر الكلام؟
لا شيء يقدر على مقاومة قصور الفكر عن الاندياح فوق الورق الأبيض. أحاول جاهداً استباق الدمع المنحدر من عينيّ، أتساءل في سرّي .. هل البكاء عند انحباس قرص الشمس خطيئة؟
أنا ابن الشرق سيدتي، تنزرع الشمس في بؤبؤ عيني معظم أشهر السنّة. لهذا تجديني أجادل وألعن الغمام السابح دون موعد الى سمائي.
عذراً أيها المطر، انتظرتك طوال قرون الذلَ الطويلة كي أغتسل من الوهن والخوف ورائحة الخيانة. لكنك تأخرت. موعدنا حدود القدس حيث يوشك المسجد الأقصى على السقوط متعباً .. يا لطول الانتظار!.
أجمل الكلمات تلك التي ما زالت أسيرة مخيّلتي، يتناقلني هاجس البحث عن كواكب مسكونة بصدى الأهازيج. الأعراس تكاد لا تنتهي. هنا يقذف البحر بآخر أمواجه وجموحه يتصاعد مع اطلالة كلّ خريف. حلمت الليلة بأن حظر التجوّل على الأحلام قد رُفِعَ أخيراً .. لم يعد هناك ضرورة طلب تصريح سفر لعربدة أحلامي. سأزورك الليلة وكلّ ليلة، أرغب أن أمسّد جدائلك الطويلة. سألتك يوماً – لمن تحتفظين بكلّ هذه الجدائل؟ فأجبت وابتسامة غامضة ترتسم على شفتيك: لكلّ من يُحْسِنَ ارتقاءها والصعود الى سلالمها المتعرّجة. أين اختفى الرجال يا جارة؟ وتصرخين بصوت مبحوح: من يَرْدُمُ كل هذه القبور المفتوحة في بلادي؟ الى متى يطول حديثنا هذا يا حبيبتي، الى متى تردّين على سؤالي بآلاف الأسئلة؟.

أمدّ يديّ الى السمّاء .. أحاول احتضان الشهب الهاربة من وهج الفضاء .. احترقت أطراف روحي، تعهّرت عذارى الحيّ في لحظة لقاء حميمة. لن أقرأ على مسامعك القصائد هذه الليلة، لن ألعب دور العاشق في خضمّ الحزن المتراكم في عينيك. لن أركع على قدميّ طالباً المغفرة، ولن أُلبسك خاتماً من نور. أحاول التخلّص من بقايا الصدأ المتراكم عند المفاصل. أحاول كتابة بضع قصائد رافضة للسجع للقافية. أحاول ملاحقة أجمل الكلمات على حصانٍ من ورق! وأتساءل أين أنت من كلّ هذا الصراع؟ ربّما كنت تغتسلين عند ينبوع القرية الغارقة في ظلمة أحلامها. ربّما كنت قد ضربت موعداً لغريمي في الهوى هذه الليلة .. أترين؟ .. أحاول جاهداً أن أجد لكِ الأعذار كيلا تخجلي .. كيلا تحمرّ وجنتاك من الوجل، والحياء يجعلك أكثر تألقاً. المعذرة .. لقد طالت ثرثرتي لكنّي أخشى فُجْأَة الموت واقتراب اللقاء. المعذرة .. طال انتظاري لرحيق شفتيك وما من بادرة. ربّما جفّت الشفاه واحترقت عضلة اللسان من كثرة الصمت. أنا .. أنا العاشق.

(2)

قمرٌ في قبضة يدي يبتسم والشمس فوق الجبين ساطعة كحارس يهوى مطالعة كتب الهوى ويتقن قراءة الأغاني للأصبهاني.
ألتقي اللحظة المفجوعة ذبحاً عند حافة الزمن .. هاربة من جلاّدها، كانت تتلحّف بذاكرتي، تسحق وجوهاً ألفتها طويلاّ. لم يكفّوا أيديهم عن ملاحقة عنفوان القصيدة، والشاعر مجنون حتى يتبيّن غير هذا .. مسكين أنت يا ظلّ الله في هذي الدنيا، مسكونٌ بسقط الكلام، لا يهدأ لك بالٌ ولا خاطر، ترتدي ما تيسّر من الكلام كلّ ليلة وتمضي تلاحق الأطياف في رحيلها الغامض. أنا لن أراهن على تألقك اليوم يا صديقي. لا مكانة للشعر في دنيا النفط. ابحث لك عن زوجة ثانية وثالثة ورابعة .. إرفع أعمدة الخيام، مخادع النساء كثرت في زمن المهادنة.
قمرٌ في قبضة يدي يحترق شوقاً والشمس فوق الجبين ساطعة .. كموجٍ يحجل بخيلاء عند حافة الشاطئ الذهبيّ. ألتقي اللحظة الهاربة من أنشوطة الزمن. وكأني أراوح نفسي هذا المساء.
ما ثمن الهوى سيدتي حيث مقابر المعلّقات تتّسع كلّ يوم في أوطان العربية.
الأرض بتتكلّم عربي! أؤمن بهذا بلا شرط أو قيد أو مناكدة.
الأرض بتتكلّم عربي .. وربّما اختلطت عليّ الأمور في خضم الحلم يا خنساء!.
المعذرة، هذا ليس نصّاً .. لقد خرجت عن المألوف ولا أدري الآن إن كنت بين قضبان اليقظة؟. أم أنّي أصبت بضربة شمس مبكّرة لحظات قبل المغيب، أخرجت قلمي وحدّدت قمته المتلهفة، ثمّ صوبته نحو فؤاد المحبرة فانتحرت القصيدة قبل الولادة .. مفاعلة مفاعلة - على وزن معاشرة.

نزار ب. الزين
28/01/2008, 11:40 PM
أخي الحبيب خيري
هذه قصيدة نثرية ، تتراوح ايحاءاتها بين الأحلام و اليقظة ، بين الوجع العربي و الأمل العربي
سلمت يداك و دمت مبدعا
نزار

نزار ب. الزين
28/01/2008, 11:40 PM
أخي الحبيب خيري
هذه قصيدة نثرية ، تتراوح ايحاءاتها بين الأحلام و اليقظة ، بين الوجع العربي و الأمل العربي
سلمت يداك و دمت مبدعا
نزار

الدكتور أسعد الدندشلي
29/01/2008, 02:03 AM
الأستاذ خيري حمدان المحترم
طوّعت أنفاسك الكلمات، ولا عجب فحرارة النفس الغاضب تذيب صقيع الأحاسيس وجماد الأشياء والسطور، انتقلت ياصديقي من مساحة الحلم فالواقع ثم صرت بينهما ذهابا وإيابا، تنقل هذا إلى ذاك، وذاك إلى هذا، والشمس تنزل وتطلع، تشرق وتغرب، وما بينهما تتكاثر الأوتاد والأسباب: ترسم حقا في أفقنا مفاعلة مفاعلة لتصير الأشياء معاشرة وإدمان على معاقرة المعاشرة... لكن الأوزان لا تموت، ولم تقطع من الأفكار رغم كل أشكال الحواجز الصور، وما تزال في بقايا الأنامل قدرة على سبك الكلمات، ومن القلة القليلة سيكون للشرق شمسا خاصة بنكهة خاصة ...
مع محبتي واحترامي وتقديري أستاذ خيري على هذا النص الرائع، الذي قرأته من خلال وجعي ومن طيات أحلامي، ومن عتمة داكنة، لكني رأيت بعض بصيص النور فأعتقد أنه الفجر الجديد...
د.أسعد الدندشلي

الدكتور أسعد الدندشلي
29/01/2008, 02:03 AM
الأستاذ خيري حمدان المحترم
طوّعت أنفاسك الكلمات، ولا عجب فحرارة النفس الغاضب تذيب صقيع الأحاسيس وجماد الأشياء والسطور، انتقلت ياصديقي من مساحة الحلم فالواقع ثم صرت بينهما ذهابا وإيابا، تنقل هذا إلى ذاك، وذاك إلى هذا، والشمس تنزل وتطلع، تشرق وتغرب، وما بينهما تتكاثر الأوتاد والأسباب: ترسم حقا في أفقنا مفاعلة مفاعلة لتصير الأشياء معاشرة وإدمان على معاقرة المعاشرة... لكن الأوزان لا تموت، ولم تقطع من الأفكار رغم كل أشكال الحواجز الصور، وما تزال في بقايا الأنامل قدرة على سبك الكلمات، ومن القلة القليلة سيكون للشرق شمسا خاصة بنكهة خاصة ...
مع محبتي واحترامي وتقديري أستاذ خيري على هذا النص الرائع، الذي قرأته من خلال وجعي ومن طيات أحلامي، ومن عتمة داكنة، لكني رأيت بعض بصيص النور فأعتقد أنه الفجر الجديد...
د.أسعد الدندشلي

خيري حمدان
31/01/2008, 11:22 PM
أحياناً يأتي الشعر على حين غفلة وينصبّ في حالة نثرية.
أشكرك على تواصلك الدائم ودمت مبدعاً ومتجدّداً.:hi:

خيري حمدان
31/01/2008, 11:27 PM
أخجلتني كلماتك الجميلة. شعرت بأنّك مسكون بالشعر ولا تزال شمس الشرق وروائحه تترك في ذاكرتك وذاكرتي أثراً سحرياً يكاد لا ينتهي حتى وإن غربت الشمي وحلّ الليل ثقيلاً أو سامراً.
لا يمكن لنا أن نهرب من أصلنا القابع حوا حوض المتوسّط وفي صحراءنا الحالمة وتحت أشجار التين والزيتون. هذه لحظات من الجمال تخزّنت في أوردتنا وبقيت في الذاكرة وفي اللا وعي.
أعتزّ دكتورنا العزيز بهذا التواصلّ وتحيّة لك أينما كنت.:hi:

مجدي السماك
01/02/2008, 09:11 PM
اخي خيري ..تحياتي
امتعتنا بما هو اقرب الى حديث الروح للروح ..نص جميل ورائع .
دمت مبدعا

خيري حمدان
03/02/2008, 12:56 AM
أشكرك أخي المبدع على توقيعك وتواصلك. بالرغم من الحصار القاتل والمعاناة، تجد دائماً
القدرة على خطّ كلماتك على صفحات الزملاء.
دمت بخير ودامت غزّة شامخة وحرّة:hi:

أبويزيدأحمدالعزام
09/04/2008, 10:15 AM
موعدنا حدود القدس حيث يوشك المسجد الأقصى على السقوط متعباً .. يا لطول الانتظار!.
...............................
واني ارى هذا الموعد قريب استاذي الفاضل.....اجمل الكلمات ماخطت يداك أيها المبدع لوحة تأملية رائعة بحق.

خيري حمدان
10/04/2008, 07:05 PM
تقييمك يقدّم جرعة إبداعية للأمام
همّنا ومعاناتنا وتطلّعاتنا واحدة
أشكرك على قراءتك المتأنيّة لهذا النصّ
دمت بكلّ الخير والمحبّة أينما كنت

محمود طبل
21/04/2008, 02:57 PM
أنا ابن الشرق ! موعدنا حدود القدس ! من يردم كل القبور المفتوحة فى بلادى ؟ أنا العاشق !
مخادع النساء كثرت فى زمن المهادنة !
الأخ المحترم / تناولت المواجع كلها بأنامل حسية مرهفة ..... رغم كل شئ
نص جميل . تحياتى

خيري حمدان
21/04/2008, 08:33 PM
أهلاً بك وأشكرك على تقييمك وكلامتك تعني لي الكثير.
كنت أتمنّى أن يبقى الحلم العربي في حدوده الكريمة والقابلة للتنفيذ ميدانياً ولكنّي أشعر بالكوابيس وقد اخذت تغطّي ساحة الأحلام المشرقية.
كلّ المحبّة ودمت بخير