خيري حمدان
30/01/2008, 11:36 AM
كان يعتبر نفسه أكبر مدافعٍ عن النساء، ولم يكن يترك مناسبة أو محفل دون أن يدلي برأيه ويصرخ بملء صوته دفاعاً عن المرأة!. هي الوردة والحلم المنشود. هي الفرح القادم من صمت الحياة الثقيل.
سألته عن اسمه فَرِحَة، فأجاب:
- سامِر. ودسّ في يدها بطاقة صغيرة تحمل رقم هاتفه.
لم تمانع بالطبع من أخذها وبخجل شديد أخفتها في حقيبتها الصغيرة.
- أرجو أن تستخدمي المعلومات الموجودة في البطاقة .. المرأة يجب أن تتمتّع بكامل حقوقها وأن تختار طريقة حياتها بحريّة مطلقة. لا تتركي قلبك وحيداً في زخم العواطف يا زينب. هذا هو اسمك على ما أظن. أليس كذلك؟
هزّت رأسها موافقة، ما أجمل حديثه؟ هذا رجلٌ مختلف تماماً.
كانت زينب شجاعة ومرحة وتفكّر بطريقة مختلفة عن قريناتها، وقرّرت سبر أغوار هذا الرجل .. قرّرت قراءة روحه والسباحة في مياهه العذبة. كانت تتوق للتواصل معه ومجادلته ومقارعته والنظر الى عينيه طويلاً. وكانت تتوق أن تضيع يداها الصغيرتين بين كفّيه القويّتين. كانت تتطلّع الى شفتيه وكأنّها نجم صباح تهتدي بنوره الى عالم اللّذة والإبداع والتألّق.
- ما أعذب حديثك .. أنت رجلٌ مميّز.
طوّقها بذراعه ومسّد شعرها طويلاً ولامست أصابعه ثدييها الناهدين .. وعندها أخذ الرجل يتحدّث عِوَضاً عن سامر.
- سحرك لا يقاوم يا زينب. وغرقت شفتاه في فمها.
تراجعت قليلاً .. أصابتها الدهشة حين شعرت بعالم الرجل يحتويها دون مقدّمات أو إشارات أو حتّى ..
- كنت أظنّك مستقلّة! هل تخشين من الحريّة يا زينب؟
- لا .. أنا لا أخشى حريّتي ولكنّي لا أرغب المضيّ الى السرير بهذه السرعة.
أدرك سامِر بغريزته أنّ الوقت لم يَحِنْ بعد لامتلاكها. لقد تسرّع بعض الشيء. إنّه اللقاء الأوّل. بعد بضعة أيام دعاها لمشاهدة إحدى المسرحيات الفكاهية. لبّت دعوته على عجل، ولم تسمح له بعد ذلك سوى الامساك بيدها. طبعت قبلة على خدّه قبل أن يغيّبها الظلام ليس بعيداً عن المنزل. لم يهاتفها خلال الأيام القليلة القادمة، ولم يتواجد في الأماكن المألوفة حتى لا يصادفها أو يقابلها على عجل. شعرت بالإهانة واحتارت في تصرّفاته. وقرّرت الاتصال به فربّما كان مريضاً.
- لا يا زينب .. أنا بخير. ولكنّي بصراحة .. أشعر بأنّك تهضمين حقّي معك كرجل. أنا أحبّك وأعشق كلّ ما فيك حتّى غضبك ومشاكساتك ورفضك الخجول.
- لقاءنا الليلة .. لا الآن .. هذه اللحظة. قالت زينب وقد أسقط في يدها.
أخذها بين ذراعيه وضغط جسدها ملهوفاً وسرعان ما تعرّى الجزء العلويّ من جسدها. كان يعصر ثدييها وينتقم للجوع الكامن في كلّ خلاياه الشرقيّة. كان يقبّل وجهها وشفتيها ..
ارتدّت الى الخلف فَزِعَة وصاحت قائلة وقد ضمّت يديها الى صدرها:
- انا عذراء يا سامِر .. أنت مسؤول عنّي الآن. هل نسيت بأنّي امرأة شرقيّة؟ ماذا سأفعل دون عذريتي في هذه الغابة؟
- وحريّة المرأة المنشودة، والتمرّد والارتقاء ..
- لا .. هذا كثير يا سامِر .. تزوّجني أرجوك.
- حسناً .. ولكنّي سأمتلكك قبل ذلك.
- هل ستقدم على الزواج منّي حقّاً؟
- نعم .. أنا أحبّك وهذا جلّ ما أريد.
وكان له ما أراد. امتلكها تلك الليلة وفضّ بكارتها وأشبع رغبته، وفي اليوم التالي سارع لانجاز معاملات الزواج بعد أن حصل على موافقة أهلها. وبعد شهرٍ من الزمان أصبحت زوجته رسميّاً.
شعرت زينب بالراحة فقد تزوّجت الرجل الذي كانت تتمنّى ان تمضي ما تبقّى من حياتها برفقته. وأخذت تكتبّ القصص وتنظم الشعر. وكانت مفاجأته كبيرة حين أدرك بأنّ زينب أصبحت سيّدة المنابر وأخذت صورتها وقصصها تتصدّر الصفحات الأولى للصحف واسعة الانتشار.
- لماذا أجدك يا سامر حزيناً؟ أنت ستصبح أباً بعد بضعة أشهر.
- آه .. هذا ابني الذي تحملينه في بطنك وأحشاءك!
وكأنّه يعني عكس ما يقول. شعرت بالحزن والخوف يسيطر على روحها وكيانها .. إنّه يشكّ في إخلاصي له .. إنّه يظنّ بأنّ الطفل الذي أحمله بين أحشاءي ليس من مياهه. ربّما كانت مشاعرها خاطئة ولكنّه صاح في وجهها يوماً:
- حان الوقت ان تختاري ما بيني وبين المنابر والصحف. عليك أن تتخلّي عن كلّ هذا البريق الكاذب الذي اختلقته حول شخصك التافه يا زينب؟.
يا لها من صفعة .. سامر يخشى حريّتها وقدرتها على البقاء بعيداً عنه وعن عالمه. هي التي كانت وما تزال ترافقه الى قاعات المحاضرات وصالات المراكز الثقافية بالرغم من التعب الذي كان يُنْهِكها كانت تسارع الى المطبخ بعد ذلك لتعدّ له الطعام بينما يقضي هو ساعات طويلة في إجراء مكاملات مع أصدقاءه ليستمع الى كلمات منمّقة تعظّم شخصه وعبقريته. والآن تصبح زينب المرأة الضعيفة المتعبة والحامل في شهرها الخامس نجماً ساطعاً في سماء الأدب والإعلام.
- أريد مشاهدة بريدك الإلكتروني الخاصّ.
نظرت الى عينيه بازدراء وقالت بحزم واضح:
- لك ذلك. وسأذهب لأحضّر لك القهوة.
كتبت كلمة السرّ على عجل وظهر الرقم الذي يشير الى عدد الرسائل التي تنتظر القراءة والردّ. 120 رسالة وبعد ثوانٍ أصبح العدد 122 رسالة. تركته وذهبت لتحضّر القهوة. عادت إليه بعد بصف ساعة ووجدته واضعاً يديه على خدّيه وكأنّ نهاية الدنيا قد حانت.
- من هو عوض عبد الفتاح. من يكون سمير طبيل وأبو فريد والاستاذ سنان؟
- لا أدري يا سامِر. بعضهم كتّاب ومثقفين ومنهم المعجبين والمنافقين.
- وكيف حصلوا على عنوانك البريدي؟.
- نشرته في بعض المواقع من أجل التواصل الإبداعي .. ولكن كما ترى فأنا الآن لا أفتح الرسائل أو أرمي بمعظمها الى سلّة النفايات الإلكترونية. أردّ على جزء صغير منها فقط. أردّ على الرسائل المتعلّقة بكتاباتي وأقرأ العروض المقدّمة من دور النشر والصحف والمجلات.
لم يشرب قهوتها ذلك المساء، ومضى الى الفراش وحيداً دون ان يحادثها وأدار لها ظهره الليل كلّه. لم يهنأ بنومٍ هادئ تلك الليلة وكان يتقلّب كالملدوغ في الفراش .. وشخر وضرب حافّة السرير في حلمه وشتم وعربد واستيقظ والعرق يتساقط من جبينه.
- كان من السهل عليك التخلّي عن عذريتك دون زواج يا قحبة .. اليس كذلك؟
- لا .. لم يكن من السهل التخلّي عن حياتي وخياراتي يا سامر. وانا لست قحبة. هو الخيار الأول والأخير الذي اتّخذته في حياتي. خيار أن أكرّس حياتي من اجلك. كنت وما أزال لك وَحْدَك، لم انظر الى رجل آخر ولم اعرف سوى شفتيك وعالمك.
لطمها على وجهها وصاح:
- لا منابر، لا رجال، لا قصص ولا إبداع زائف .. هل هذا مفهوم؟
- عند المساء سنتحدّث.
- لا يوجد هناك مساء ولن اعود عن كلامي.
ومضى غاضباً مزمجراً. تركها شاحبة وحيدة كما لم تكن في يومٍ من الأيام، كانت كالغريق الذي يبحث عن قشّة في خضم المياه العاتية. كيف تقنعه بأنّها إنسان يعشق البيت الذي بناه ولن تحيد عن عشّ الزوجية؟ كيف تقنعه بأنّ الكتابة والإبداع هو حقّها الطبيعي وجميع هذه الرسائل لا تعني شيئاً. إنّه التواصل البسيط والحديث مع عوالم تحلم هي الأخرى في خلق جسرٍ من تبادل الآراء والتجارب؟ إنّها الحياة بيومياتها الحلوة والمرّة. هل هذا هو الرجل الذي عرفته قبل بضعة سنوات .. المدافع عن حريّة المرأة وحقّها في الوجود؟
لقد قرر وضعها في جحرٍ ضيّق وحكم عليها بالوحدة والعزلة المطلقة. ويحاول الآن انتزاع غذاء الروح من بين يديها. إذا كانت خطيئتها أنّها وافقت على معاشرته قبل وضع توقيعها رسميّا على وثيقة الزواج، فهي على استعدادٍ تامّ للذهاب الى مكّة وطلب الغفران والتوبة برفقته. لكنّها ليست على استعداد للتخلّي عن عالمها وأدبها مهما كلّفها ذلك من ثمن باهظ والذي قد يكون حياتها الزوجية.
عند المساء وجد ورقة على الطاولة وبجانبها وردة. كانت قد كتبت له بالبنط العريض:
- أرجو يا زوجي العزيز ان ترسل هذه الوردة الى حبيبي سامر.
سألته عن اسمه فَرِحَة، فأجاب:
- سامِر. ودسّ في يدها بطاقة صغيرة تحمل رقم هاتفه.
لم تمانع بالطبع من أخذها وبخجل شديد أخفتها في حقيبتها الصغيرة.
- أرجو أن تستخدمي المعلومات الموجودة في البطاقة .. المرأة يجب أن تتمتّع بكامل حقوقها وأن تختار طريقة حياتها بحريّة مطلقة. لا تتركي قلبك وحيداً في زخم العواطف يا زينب. هذا هو اسمك على ما أظن. أليس كذلك؟
هزّت رأسها موافقة، ما أجمل حديثه؟ هذا رجلٌ مختلف تماماً.
كانت زينب شجاعة ومرحة وتفكّر بطريقة مختلفة عن قريناتها، وقرّرت سبر أغوار هذا الرجل .. قرّرت قراءة روحه والسباحة في مياهه العذبة. كانت تتوق للتواصل معه ومجادلته ومقارعته والنظر الى عينيه طويلاً. وكانت تتوق أن تضيع يداها الصغيرتين بين كفّيه القويّتين. كانت تتطلّع الى شفتيه وكأنّها نجم صباح تهتدي بنوره الى عالم اللّذة والإبداع والتألّق.
- ما أعذب حديثك .. أنت رجلٌ مميّز.
طوّقها بذراعه ومسّد شعرها طويلاً ولامست أصابعه ثدييها الناهدين .. وعندها أخذ الرجل يتحدّث عِوَضاً عن سامر.
- سحرك لا يقاوم يا زينب. وغرقت شفتاه في فمها.
تراجعت قليلاً .. أصابتها الدهشة حين شعرت بعالم الرجل يحتويها دون مقدّمات أو إشارات أو حتّى ..
- كنت أظنّك مستقلّة! هل تخشين من الحريّة يا زينب؟
- لا .. أنا لا أخشى حريّتي ولكنّي لا أرغب المضيّ الى السرير بهذه السرعة.
أدرك سامِر بغريزته أنّ الوقت لم يَحِنْ بعد لامتلاكها. لقد تسرّع بعض الشيء. إنّه اللقاء الأوّل. بعد بضعة أيام دعاها لمشاهدة إحدى المسرحيات الفكاهية. لبّت دعوته على عجل، ولم تسمح له بعد ذلك سوى الامساك بيدها. طبعت قبلة على خدّه قبل أن يغيّبها الظلام ليس بعيداً عن المنزل. لم يهاتفها خلال الأيام القليلة القادمة، ولم يتواجد في الأماكن المألوفة حتى لا يصادفها أو يقابلها على عجل. شعرت بالإهانة واحتارت في تصرّفاته. وقرّرت الاتصال به فربّما كان مريضاً.
- لا يا زينب .. أنا بخير. ولكنّي بصراحة .. أشعر بأنّك تهضمين حقّي معك كرجل. أنا أحبّك وأعشق كلّ ما فيك حتّى غضبك ومشاكساتك ورفضك الخجول.
- لقاءنا الليلة .. لا الآن .. هذه اللحظة. قالت زينب وقد أسقط في يدها.
أخذها بين ذراعيه وضغط جسدها ملهوفاً وسرعان ما تعرّى الجزء العلويّ من جسدها. كان يعصر ثدييها وينتقم للجوع الكامن في كلّ خلاياه الشرقيّة. كان يقبّل وجهها وشفتيها ..
ارتدّت الى الخلف فَزِعَة وصاحت قائلة وقد ضمّت يديها الى صدرها:
- انا عذراء يا سامِر .. أنت مسؤول عنّي الآن. هل نسيت بأنّي امرأة شرقيّة؟ ماذا سأفعل دون عذريتي في هذه الغابة؟
- وحريّة المرأة المنشودة، والتمرّد والارتقاء ..
- لا .. هذا كثير يا سامِر .. تزوّجني أرجوك.
- حسناً .. ولكنّي سأمتلكك قبل ذلك.
- هل ستقدم على الزواج منّي حقّاً؟
- نعم .. أنا أحبّك وهذا جلّ ما أريد.
وكان له ما أراد. امتلكها تلك الليلة وفضّ بكارتها وأشبع رغبته، وفي اليوم التالي سارع لانجاز معاملات الزواج بعد أن حصل على موافقة أهلها. وبعد شهرٍ من الزمان أصبحت زوجته رسميّاً.
شعرت زينب بالراحة فقد تزوّجت الرجل الذي كانت تتمنّى ان تمضي ما تبقّى من حياتها برفقته. وأخذت تكتبّ القصص وتنظم الشعر. وكانت مفاجأته كبيرة حين أدرك بأنّ زينب أصبحت سيّدة المنابر وأخذت صورتها وقصصها تتصدّر الصفحات الأولى للصحف واسعة الانتشار.
- لماذا أجدك يا سامر حزيناً؟ أنت ستصبح أباً بعد بضعة أشهر.
- آه .. هذا ابني الذي تحملينه في بطنك وأحشاءك!
وكأنّه يعني عكس ما يقول. شعرت بالحزن والخوف يسيطر على روحها وكيانها .. إنّه يشكّ في إخلاصي له .. إنّه يظنّ بأنّ الطفل الذي أحمله بين أحشاءي ليس من مياهه. ربّما كانت مشاعرها خاطئة ولكنّه صاح في وجهها يوماً:
- حان الوقت ان تختاري ما بيني وبين المنابر والصحف. عليك أن تتخلّي عن كلّ هذا البريق الكاذب الذي اختلقته حول شخصك التافه يا زينب؟.
يا لها من صفعة .. سامر يخشى حريّتها وقدرتها على البقاء بعيداً عنه وعن عالمه. هي التي كانت وما تزال ترافقه الى قاعات المحاضرات وصالات المراكز الثقافية بالرغم من التعب الذي كان يُنْهِكها كانت تسارع الى المطبخ بعد ذلك لتعدّ له الطعام بينما يقضي هو ساعات طويلة في إجراء مكاملات مع أصدقاءه ليستمع الى كلمات منمّقة تعظّم شخصه وعبقريته. والآن تصبح زينب المرأة الضعيفة المتعبة والحامل في شهرها الخامس نجماً ساطعاً في سماء الأدب والإعلام.
- أريد مشاهدة بريدك الإلكتروني الخاصّ.
نظرت الى عينيه بازدراء وقالت بحزم واضح:
- لك ذلك. وسأذهب لأحضّر لك القهوة.
كتبت كلمة السرّ على عجل وظهر الرقم الذي يشير الى عدد الرسائل التي تنتظر القراءة والردّ. 120 رسالة وبعد ثوانٍ أصبح العدد 122 رسالة. تركته وذهبت لتحضّر القهوة. عادت إليه بعد بصف ساعة ووجدته واضعاً يديه على خدّيه وكأنّ نهاية الدنيا قد حانت.
- من هو عوض عبد الفتاح. من يكون سمير طبيل وأبو فريد والاستاذ سنان؟
- لا أدري يا سامِر. بعضهم كتّاب ومثقفين ومنهم المعجبين والمنافقين.
- وكيف حصلوا على عنوانك البريدي؟.
- نشرته في بعض المواقع من أجل التواصل الإبداعي .. ولكن كما ترى فأنا الآن لا أفتح الرسائل أو أرمي بمعظمها الى سلّة النفايات الإلكترونية. أردّ على جزء صغير منها فقط. أردّ على الرسائل المتعلّقة بكتاباتي وأقرأ العروض المقدّمة من دور النشر والصحف والمجلات.
لم يشرب قهوتها ذلك المساء، ومضى الى الفراش وحيداً دون ان يحادثها وأدار لها ظهره الليل كلّه. لم يهنأ بنومٍ هادئ تلك الليلة وكان يتقلّب كالملدوغ في الفراش .. وشخر وضرب حافّة السرير في حلمه وشتم وعربد واستيقظ والعرق يتساقط من جبينه.
- كان من السهل عليك التخلّي عن عذريتك دون زواج يا قحبة .. اليس كذلك؟
- لا .. لم يكن من السهل التخلّي عن حياتي وخياراتي يا سامر. وانا لست قحبة. هو الخيار الأول والأخير الذي اتّخذته في حياتي. خيار أن أكرّس حياتي من اجلك. كنت وما أزال لك وَحْدَك، لم انظر الى رجل آخر ولم اعرف سوى شفتيك وعالمك.
لطمها على وجهها وصاح:
- لا منابر، لا رجال، لا قصص ولا إبداع زائف .. هل هذا مفهوم؟
- عند المساء سنتحدّث.
- لا يوجد هناك مساء ولن اعود عن كلامي.
ومضى غاضباً مزمجراً. تركها شاحبة وحيدة كما لم تكن في يومٍ من الأيام، كانت كالغريق الذي يبحث عن قشّة في خضم المياه العاتية. كيف تقنعه بأنّها إنسان يعشق البيت الذي بناه ولن تحيد عن عشّ الزوجية؟ كيف تقنعه بأنّ الكتابة والإبداع هو حقّها الطبيعي وجميع هذه الرسائل لا تعني شيئاً. إنّه التواصل البسيط والحديث مع عوالم تحلم هي الأخرى في خلق جسرٍ من تبادل الآراء والتجارب؟ إنّها الحياة بيومياتها الحلوة والمرّة. هل هذا هو الرجل الذي عرفته قبل بضعة سنوات .. المدافع عن حريّة المرأة وحقّها في الوجود؟
لقد قرر وضعها في جحرٍ ضيّق وحكم عليها بالوحدة والعزلة المطلقة. ويحاول الآن انتزاع غذاء الروح من بين يديها. إذا كانت خطيئتها أنّها وافقت على معاشرته قبل وضع توقيعها رسميّا على وثيقة الزواج، فهي على استعدادٍ تامّ للذهاب الى مكّة وطلب الغفران والتوبة برفقته. لكنّها ليست على استعداد للتخلّي عن عالمها وأدبها مهما كلّفها ذلك من ثمن باهظ والذي قد يكون حياتها الزوجية.
عند المساء وجد ورقة على الطاولة وبجانبها وردة. كانت قد كتبت له بالبنط العريض:
- أرجو يا زوجي العزيز ان ترسل هذه الوردة الى حبيبي سامر.