المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يقتلني إبداعُكِ .. حبيبتي



خيري حمدان
30/01/2008, 11:36 AM
كان يعتبر نفسه أكبر مدافعٍ عن النساء، ولم يكن يترك مناسبة أو محفل دون أن يدلي برأيه ويصرخ بملء صوته دفاعاً عن المرأة!. هي الوردة والحلم المنشود. هي الفرح القادم من صمت الحياة الثقيل.
سألته عن اسمه فَرِحَة، فأجاب:
- سامِر. ودسّ في يدها بطاقة صغيرة تحمل رقم هاتفه.
لم تمانع بالطبع من أخذها وبخجل شديد أخفتها في حقيبتها الصغيرة.
- أرجو أن تستخدمي المعلومات الموجودة في البطاقة .. المرأة يجب أن تتمتّع بكامل حقوقها وأن تختار طريقة حياتها بحريّة مطلقة. لا تتركي قلبك وحيداً في زخم العواطف يا زينب. هذا هو اسمك على ما أظن. أليس كذلك؟
هزّت رأسها موافقة، ما أجمل حديثه؟ هذا رجلٌ مختلف تماماً.
كانت زينب شجاعة ومرحة وتفكّر بطريقة مختلفة عن قريناتها، وقرّرت سبر أغوار هذا الرجل .. قرّرت قراءة روحه والسباحة في مياهه العذبة. كانت تتوق للتواصل معه ومجادلته ومقارعته والنظر الى عينيه طويلاً. وكانت تتوق أن تضيع يداها الصغيرتين بين كفّيه القويّتين. كانت تتطلّع الى شفتيه وكأنّها نجم صباح تهتدي بنوره الى عالم اللّذة والإبداع والتألّق.
- ما أعذب حديثك .. أنت رجلٌ مميّز.
طوّقها بذراعه ومسّد شعرها طويلاً ولامست أصابعه ثدييها الناهدين .. وعندها أخذ الرجل يتحدّث عِوَضاً عن سامر.
- سحرك لا يقاوم يا زينب. وغرقت شفتاه في فمها.
تراجعت قليلاً .. أصابتها الدهشة حين شعرت بعالم الرجل يحتويها دون مقدّمات أو إشارات أو حتّى ..
- كنت أظنّك مستقلّة! هل تخشين من الحريّة يا زينب؟
- لا .. أنا لا أخشى حريّتي ولكنّي لا أرغب المضيّ الى السرير بهذه السرعة.
أدرك سامِر بغريزته أنّ الوقت لم يَحِنْ بعد لامتلاكها. لقد تسرّع بعض الشيء. إنّه اللقاء الأوّل. بعد بضعة أيام دعاها لمشاهدة إحدى المسرحيات الفكاهية. لبّت دعوته على عجل، ولم تسمح له بعد ذلك سوى الامساك بيدها. طبعت قبلة على خدّه قبل أن يغيّبها الظلام ليس بعيداً عن المنزل. لم يهاتفها خلال الأيام القليلة القادمة، ولم يتواجد في الأماكن المألوفة حتى لا يصادفها أو يقابلها على عجل. شعرت بالإهانة واحتارت في تصرّفاته. وقرّرت الاتصال به فربّما كان مريضاً.
- لا يا زينب .. أنا بخير. ولكنّي بصراحة .. أشعر بأنّك تهضمين حقّي معك كرجل. أنا أحبّك وأعشق كلّ ما فيك حتّى غضبك ومشاكساتك ورفضك الخجول.
- لقاءنا الليلة .. لا الآن .. هذه اللحظة. قالت زينب وقد أسقط في يدها.
أخذها بين ذراعيه وضغط جسدها ملهوفاً وسرعان ما تعرّى الجزء العلويّ من جسدها. كان يعصر ثدييها وينتقم للجوع الكامن في كلّ خلاياه الشرقيّة. كان يقبّل وجهها وشفتيها ..
ارتدّت الى الخلف فَزِعَة وصاحت قائلة وقد ضمّت يديها الى صدرها:
- انا عذراء يا سامِر .. أنت مسؤول عنّي الآن. هل نسيت بأنّي امرأة شرقيّة؟ ماذا سأفعل دون عذريتي في هذه الغابة؟
- وحريّة المرأة المنشودة، والتمرّد والارتقاء ..
- لا .. هذا كثير يا سامِر .. تزوّجني أرجوك.
- حسناً .. ولكنّي سأمتلكك قبل ذلك.
- هل ستقدم على الزواج منّي حقّاً؟
- نعم .. أنا أحبّك وهذا جلّ ما أريد.
وكان له ما أراد. امتلكها تلك الليلة وفضّ بكارتها وأشبع رغبته، وفي اليوم التالي سارع لانجاز معاملات الزواج بعد أن حصل على موافقة أهلها. وبعد شهرٍ من الزمان أصبحت زوجته رسميّاً.
شعرت زينب بالراحة فقد تزوّجت الرجل الذي كانت تتمنّى ان تمضي ما تبقّى من حياتها برفقته. وأخذت تكتبّ القصص وتنظم الشعر. وكانت مفاجأته كبيرة حين أدرك بأنّ زينب أصبحت سيّدة المنابر وأخذت صورتها وقصصها تتصدّر الصفحات الأولى للصحف واسعة الانتشار.
- لماذا أجدك يا سامر حزيناً؟ أنت ستصبح أباً بعد بضعة أشهر.
- آه .. هذا ابني الذي تحملينه في بطنك وأحشاءك!
وكأنّه يعني عكس ما يقول. شعرت بالحزن والخوف يسيطر على روحها وكيانها .. إنّه يشكّ في إخلاصي له .. إنّه يظنّ بأنّ الطفل الذي أحمله بين أحشاءي ليس من مياهه. ربّما كانت مشاعرها خاطئة ولكنّه صاح في وجهها يوماً:
- حان الوقت ان تختاري ما بيني وبين المنابر والصحف. عليك أن تتخلّي عن كلّ هذا البريق الكاذب الذي اختلقته حول شخصك التافه يا زينب؟.
يا لها من صفعة .. سامر يخشى حريّتها وقدرتها على البقاء بعيداً عنه وعن عالمه. هي التي كانت وما تزال ترافقه الى قاعات المحاضرات وصالات المراكز الثقافية بالرغم من التعب الذي كان يُنْهِكها كانت تسارع الى المطبخ بعد ذلك لتعدّ له الطعام بينما يقضي هو ساعات طويلة في إجراء مكاملات مع أصدقاءه ليستمع الى كلمات منمّقة تعظّم شخصه وعبقريته. والآن تصبح زينب المرأة الضعيفة المتعبة والحامل في شهرها الخامس نجماً ساطعاً في سماء الأدب والإعلام.
- أريد مشاهدة بريدك الإلكتروني الخاصّ.
نظرت الى عينيه بازدراء وقالت بحزم واضح:
- لك ذلك. وسأذهب لأحضّر لك القهوة.
كتبت كلمة السرّ على عجل وظهر الرقم الذي يشير الى عدد الرسائل التي تنتظر القراءة والردّ. 120 رسالة وبعد ثوانٍ أصبح العدد 122 رسالة. تركته وذهبت لتحضّر القهوة. عادت إليه بعد بصف ساعة ووجدته واضعاً يديه على خدّيه وكأنّ نهاية الدنيا قد حانت.
- من هو عوض عبد الفتاح. من يكون سمير طبيل وأبو فريد والاستاذ سنان؟
- لا أدري يا سامِر. بعضهم كتّاب ومثقفين ومنهم المعجبين والمنافقين.
- وكيف حصلوا على عنوانك البريدي؟.
- نشرته في بعض المواقع من أجل التواصل الإبداعي .. ولكن كما ترى فأنا الآن لا أفتح الرسائل أو أرمي بمعظمها الى سلّة النفايات الإلكترونية. أردّ على جزء صغير منها فقط. أردّ على الرسائل المتعلّقة بكتاباتي وأقرأ العروض المقدّمة من دور النشر والصحف والمجلات.
لم يشرب قهوتها ذلك المساء، ومضى الى الفراش وحيداً دون ان يحادثها وأدار لها ظهره الليل كلّه. لم يهنأ بنومٍ هادئ تلك الليلة وكان يتقلّب كالملدوغ في الفراش .. وشخر وضرب حافّة السرير في حلمه وشتم وعربد واستيقظ والعرق يتساقط من جبينه.
- كان من السهل عليك التخلّي عن عذريتك دون زواج يا قحبة .. اليس كذلك؟
- لا .. لم يكن من السهل التخلّي عن حياتي وخياراتي يا سامر. وانا لست قحبة. هو الخيار الأول والأخير الذي اتّخذته في حياتي. خيار أن أكرّس حياتي من اجلك. كنت وما أزال لك وَحْدَك، لم انظر الى رجل آخر ولم اعرف سوى شفتيك وعالمك.
لطمها على وجهها وصاح:
- لا منابر، لا رجال، لا قصص ولا إبداع زائف .. هل هذا مفهوم؟
- عند المساء سنتحدّث.
- لا يوجد هناك مساء ولن اعود عن كلامي.
ومضى غاضباً مزمجراً. تركها شاحبة وحيدة كما لم تكن في يومٍ من الأيام، كانت كالغريق الذي يبحث عن قشّة في خضم المياه العاتية. كيف تقنعه بأنّها إنسان يعشق البيت الذي بناه ولن تحيد عن عشّ الزوجية؟ كيف تقنعه بأنّ الكتابة والإبداع هو حقّها الطبيعي وجميع هذه الرسائل لا تعني شيئاً. إنّه التواصل البسيط والحديث مع عوالم تحلم هي الأخرى في خلق جسرٍ من تبادل الآراء والتجارب؟ إنّها الحياة بيومياتها الحلوة والمرّة. هل هذا هو الرجل الذي عرفته قبل بضعة سنوات .. المدافع عن حريّة المرأة وحقّها في الوجود؟
لقد قرر وضعها في جحرٍ ضيّق وحكم عليها بالوحدة والعزلة المطلقة. ويحاول الآن انتزاع غذاء الروح من بين يديها. إذا كانت خطيئتها أنّها وافقت على معاشرته قبل وضع توقيعها رسميّا على وثيقة الزواج، فهي على استعدادٍ تامّ للذهاب الى مكّة وطلب الغفران والتوبة برفقته. لكنّها ليست على استعداد للتخلّي عن عالمها وأدبها مهما كلّفها ذلك من ثمن باهظ والذي قد يكون حياتها الزوجية.
عند المساء وجد ورقة على الطاولة وبجانبها وردة. كانت قد كتبت له بالبنط العريض:
- أرجو يا زوجي العزيز ان ترسل هذه الوردة الى حبيبي سامر.

ايناس ابو شعبان
30/01/2008, 12:12 PM
استاذ خيري حمدان قصتك قوية جدا وتمس كل اسرة مثقفة ، احكت القصة بخيوط من واقع والبستها رجال الشرق

سيدي ليس رجال الشرق فقط
كل رجال الكون بغريزتهم يتوقون لامتلاك المرأة.

اكره ذلك الرجل .......لا ادري هل تصدق باني ارغب في تحطيم الشاشة من غيظي

اغرقتني في القصة رغم اني اجيد السباحه

تبجيلي

ايناس ابو شعبان

سعيد نويضي
30/01/2008, 03:36 PM
بسم الله الرحمن الرحيم...

الأخ الأستاذ خيري حمدان تحية طيبة صادقة و للأخت إيناس أبو شعبان على انفعالها و الحمد لله أنها لم تحطم الشاشة حتى نعلم أنها تغار الإنس الرقيق و تكره الرجال بحكم التعميم الذي ألصقته بكل رجال العالم...

قصة "بقتلني إبداعك...حبيبي" هي قصة متعددة الأبعاد تحكي من الخفايا التي تتحكم إلى حد ما في الشخصية الإنسانية...تلك التي تتحكم في الإنسان ذكرا كان أو أنثى...مع الاختلاف الطبيعي الذي خلقه الخالق جل علا في كل منهما...و البيئة الثقافية التي شكلت كل منهما على حدة...فالمجتمع الحالي بحكم ما يسمى"الانفتاح" أصبحت فيه بعض السلوكات من قبيل ما هو عادي و طبيعي و من حقي و هلم جرا...
فالثقافة أو عالم الإبداع الذي جمع الإنسان تحت سقف الكلمة و الجملة و العبارة و المحاضرة و الندوة و الأمسية جعل من الاختلاط مجالا لا لتدارس كيف النهوض بهذه الأمة من سباتها و كيف الخروج من هذا النفق الذي أصبح يشبه عنق الزجاجة...و لكن للنقاش و الحديث و الصراع إن اقتضى الأمر من جهة و هذا هو دور "المثقف" بصفة عامة...و هذا محمود بطبيعة الحال...و لكن ما هو مذموم هو جعل من هذا السقف وسيلة لبلوغ غاية هي شريفة و ليست شريفة في نفس الوقت...شريفة إن كانت بالطرق الشرعية الطبيعية بما يتناسب مع الإنسان كإنسان...و ليست شريفة إن كانت بالطريقة الطبيعية الحيوانية...فالحيوان لا يحتاج لا إلى ولي و لا إلى شهود و لا إلى عقد و لا إلى هم يحزنون...و هنا يكمن الفارق بين ما سمي عادة بالشرق و الغرب...

و الحقيقة أن الأخ خيري بحكم تمكنه من كونه شرقي الطباع يدرك إلأى حد ما الطبيعة التكوينية لرجل الشرق الذي وضعه في حد أدنى مقارنة مع رجل الغرب و إم لم يكن ذكره لرجل الغرب بشكل واضح...فعبارة" كان يعصر ثدييها وينتقم للجوع الكامن في كلّ خلاياه الشرقيّة" تفيد ضمنيا أن الإنسان الشرقي يتملكه "جوع جنسي لا مثيل له" بخلاف الإنسان الغربي...و هي إشارة ضمنية لما عرفه الغرب من "تفتح على الجنس الآخر بشكل التهامي حتى لا يظل للجوع مكانا في الجسد و الروح"...و هنا تتكور في ذهني مجموعة من الأسئلة نطرحها على المثقفين بصفة عامة و الكتاب و المبدعين...و من جملتها هل الحداثة هي "الإشباع الغريزي على جميع المستويات و بشتى الطرق؟ فقد وردت جملة أخرى من مثل شبيهتها في سياق القصة " وحريّة المرأة المنشودة، والتمرّد والارتقاء...؟ فهل "الحرية" التي تنشدها المرأة هي حرية الجسد أم هي حرية الفكر و الرأي التعبير و الانعتاق من عبودية الجسد لعبودية رب الأجساد؟ فمن جملة أجوبتها التي وردت كتعبير عن أنها امرأة عفيفة تحافظ على شرفها قولها :" هل نسيت بأنّي امرأة شرقيّة؟ ماذا سأفعل دون عذريتي في هذه الغابة؟" فهل شرف المرأة يكمن في عذريتها ؟ أم هي موجة التشييء التي غزت كل شيء...فأصبح المقياس هو الأشياء المادية التي اعتمدتها"الكاتبة المبدعة...المربية للأجيال و القراء...فكل كتابة هي رسالة بشكل أو بآخر...ليس هناك قول بريء على الإطلاق...و ليس هناك قول محايد أو كتابة محايدة...فهي أي الكتابة إما في جانب الحق أو في جانب الباطل...أو أنها باحثة عن الحقيقة لتحقيق الحق و اجتناب الباطل...أو لثتبث واحد منهما...و هذا ليس تعميم لا على الرجل و لا على المرأة فهناك من الكتاب و المبدعين من يدركون حجم المسئولية التي تتحملها "الكلمة" و مدى تأثيرها على المتلقي...

و ترتكب المعصية[ كما حدثتت مع أبينا آدم و زوجته حواء و هذه إشارة ليس لمضمون المعصية بل للفعل المرتكب على أساس أنه منهي عنه...على أساس أن حديث الرسول عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم" كل ابن آدم خطاء و خير الخطائين الثوابون..."] و تأتي التوبة بعد ذلك و يصلح الأديب خطأه بالزواج و تبدأ الحياة ليس تحت سقف الكلمة و لكن تحت سقف الزوجية و البيت و ما يتطلبه ذلك...و تمضي الحياة و تبدأ الأشياء القابعة في أعماق الرجل الذي يعتبر المسؤول الأول عن وضعية المرأة و بالتالي عن وضعيته هو شخصيا باعتبارها أم و مربية و موجهة و حاضنة و مدرسة...و كاتبة و مفكرة و مساهمة في الرقي و التقدم و الازدهار...تبدأ تلك الخفايا تظهر للوجود...فبعد أن كان متحمسا لها ككاتبة و مبدعة و مفكرة...أصابه نوع من الانتكاس في مفاهيمه و كأن القاص الأخ خيري يببين لنا بشكل واضح ازدواجية الشخصية و الانفصام الثقافي الذي يعيشه ليس الإنسان العادي بل المفكر و المثقف و الحامل لمسئولية للكلمة...كل هذا بسبب التأثير الذي استطاعت أن تحققه بكتاباتها و بقصصها و إبداعها...و الجميل في القصة أن الأخ خيري برأ الكاتبة من الظنون و الشكوك التي لعبت بفكر الزوج إلى درجة الشك في الابن الذي هو الامتداد الطبيعي للعلاقة الزوجية...و إصراره على قراءة بريدها الخاص و الاطلاع على المراسلين...و الأجمل ما في ذلك هو غيرته التي تعتبر طبيعية لكنها تصبح مرضية و غير مقبولة عندما يسألها أسماء لرجال كاتبوها عبر البريد من هذا و من يكون هذا؟ ثم يصل الشك درجته القصوى ليتهمها دون دليل أو حجة قاطعة تفيد أن الابن الذي تحمله كما تحمل هم الكتابة بين أحضانها هو من رجل آخر و ليس ابنه الشرعي فيلقبها بالقحبة و إن كنت أفضل أن يستعمل الكاتب كلمة "العاهرة " عوض "القحبة" لأن أخف وطأ على القارئ من كلمة الشارع الجارحة للمرأة إلى أبعد الحدود...و خاصة في حق كاتبة و مبدعة...

فالتناقض الذي تعيشه الشخصية العربية ضمن الحمولة الثقافية ومنها الغيرة على الزوجة الجوهرة الثمينة التي يخاف عليها من نسمة الهوى...و بين الأضواء التي تشهر بها في المجلات و المنابر و يكثر القيل و القال في كتاباتها أو في سيرتها أو في غير ذلك تجعل الرجل في حيرة من أمره هل يتركها دون تدخل من ذكورته و ليس إنسانيته... و من سلطته و ليس من حكمته... و من غروره و أنانيته و ليس من كرامته و تضحيته...و قد بدا هذا الإشكال واضحا في قصة الأخ خيري...فهو ينظر إليها على أنها "شيء" يريد بأي شكل امتلاكه...فهو أصلا لا يملك نفسه فكيف سيملك غيره...و هذا من باب تشييء كل شيء بما فيه الإنسان...فهي تريده ملكية خاصة و هو كذلك يريد ذلك... و كأنها تنظر إليه على أنه حصان أو فستان أو ذراع تحتمي به عند الحاجة و تستعمله كلما شاءت...وكأنه هو الآخر يتعامل مع دابة أو سيارة أو حصان أوشيء من هذا القبيل يركض به متى شاء و كيف شاء...فكلاهما "إنسان" و إن لم يستوعبوا هذه الحقيقة مفهوما و تطبيقا سيظل الصراع بينهما على من يمتلك الآخر...من يكون الآمر و من يكون المطيع...و هنا سؤال القوامة من جديد يطل بكل ثقله فهل من مجيب؟

و ما أثارني في القصة هو الارتباط بين البداية و النهاية فقد بدأت الحكاية بالخطأ و ثمت بالخطأ و إن كان أن الأخ خيري ترك للقارئ تصور ردة الفعل التي يقوم بها الزوج عند قراءة الورقة الموجهة للزوج و ليس للحبيب...و هنا إشارة إلى أن الماضي جميل إلى درجة الحنين و العشق و الحب الذي يتضمن قيمة كبرى...فقد حاولت إصلاح ذلك بدعوته إلى البقاع المقدسة لتبرئ نفسها مما اتهمها به...و في نظري الله عز و جل موجود في كل مكان لمن أراد التوبة...لكن لمحو كل ما صدر منها قبل أن تع حقيقة الخطأ الذي ارتكبته في بداية العلاقة حاولت أن تتوب من كل الذنوب التي عصفت بها لأنها أدركت في نهاية المطاف أن ما قامت به لم يكن هو الصواب...و هذا نضج و رشد في وعي المرأة المبدعة إن استوعبت أن الحق حق و أن الباطل باطل ساء كان من الشرق أو من الغرب...

دمتم بألف خير و في رعاية الله جل و علا...

صلاح م ع ابوشنب
30/01/2008, 10:21 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الاستاذ خيرى حمدان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سعدت بقراءة قصتك ، فهى قصة مكثفه من العيار الثقيل ، ترمى بثقلها وتفرضه ، وهى ترسم صورة الرجل المزيف ليس الشرقى فقط كما يصور البعض ، انت تعيش الان فى بلاد غربيه ، وتعلم جيدا كما اعلم انا لانى عشت ردها من الزمن مع هؤلاء القوم ، فهم فى هذا الاطار لا يرعون حرمه لا لأهل ولا لعادات ولا لتقاليد ولا لاعراف ولا حتى لدين فكل شىء مباح مادام هناك موافقه بين الطرفين وقليل منهم من يحاديه الندم على مثل تلك الافعال . وهذا الرجل المزيف شرقى كان أم غربى فهو موجود فى كل مكان حيث ينادى بشعارات هو أول من يعارضها اذا ما مسته شخصيا ، لكنه سرعان ماينكشف وتدور الدائرة عليه وهو أول من يكتوى بنار افكاره . وهذا من عجائب قدره الله فى خلقه . اعجبتنى الشخصية التى رسمتها للزوجه رغم وقوعها فى حد الزنا ، لكن التائب من الذنب كمن لا ذنب له ورغم ذلك فقد كان وفائها لذاك الزوج واضحا وجليا . وفى قصتك عبرة واضحة ايضا تدعو من بين طيات السطور كل فتاة الا تفرط بحال من الاحوال فى عرضها مهما كانت الاغراءات ، لان ما حدث من شرخ فى الحياة الزوجيه كان سببه الاول موافقتها على تلبيه رغبته رغم علمها بحرمانية ذلك شرعا ، فأصبحت تلك الفعلة التى فعلتها لارضائه هى مسبة فى حقها عايرها بها فى اول شجار تم بينهما . فلتنتبه الفتايات من تلك السقطات حتى لا تصبح رقعة فى ثيابهن يصعب محوها . لك تحياتى وودى ،،
صلاح ابوشنب

خيري حمدان
31/01/2008, 10:59 PM
يصعب عليّ الردّ حقيقة .. بالطبع أنا قادر على الإدلاء بالكثير من الآراء والمشاعر.ولكنّ الموضوع شائك ومعقّد ويحتاج الى علماء مجتمع وعلماء نفس لمناقشته ومعالجته.
الحبّ والغيرة .. وقدرة المرأة على ان تكون نفسها وتعبّر عن طاقتها وقدرتها على العطاء. وهي الزوجة والأخت والحبيبة والصديقة والأمّ.
لا نملك سوى العودة الى التراث الإسلامي والذي كان وما يزال ينادي باحترام المرأة وتقديم ما يتوجّب من أجل راحتها وسعادتها. دمت بكلّ الخير والمحبّة.:fl:

خيري حمدان
31/01/2008, 11:07 PM
لقد كسبت من خلال هذه القصّة معرفة رجل مبدع وناقد ذو بصيرة نافذة وعميقة.
لقد كتبت الكثير وتواجزت أبعاد ما ذهبت أنا إليع ممّا يدل على أنّ حضرتك تتمتّع بثقافة عالية ومميّزة.
الغيرة تنهش قلب الرجل ولا يدري كيف يعالج جراح قلبه.
الخيانة وإن تمّت مع شخصه بالذات .. لم يتمكّن من تواجزها.
والإبداع .. جميع مخلوقات الله تسعى للإبداع والحريّة. أين أخطأت ولو قمنا بحذف الجزء الأول من القصّة؟ هل كان من المتوقّع أن يتعامل معها وأن يقبل إبداعها؟
هناك الكثير من الأسئلة المطروحة. أريد أن الفت انتباهك أخي العزيز سعيد بأن إقامتي في بلد أجنبي لم تغيّر من شرقيّتي وأنا أتواصل وأسافر الى هذا الشرق كلّ عام. ولكنّي أجد نفسي كلّ مرّة أمام مجتمع مليء بالأمراض والمشاكل، فقد كثرت حالات الطلاق. وهناك الكثير من النساء اللواتي لا يستشريهن أحد بخصوص قضايا مصيرية كالزواج، هذا عدا عن كلفة الزواج والتي تنهك الزوجين قبل أن بدخلا عشذ الزوجية. أمّا الغرب فهو يشكو من تخمة الجنس والمخدّرات ويطول الحيدثعن أمراضه طويلاً.
أشكر لك حضورك ودمت مبدعاً وصاحب ضمير حيّ.:hi:

خيري حمدان
31/01/2008, 11:14 PM
أعجبني طرحك الهادئ ونظرتك الحكيمة الى القضايا التي طرحت في هذه القصّة.
وكأنّ تعليقك جاء تكملة للنصّ.
الغيرة أحياناً تعمي القلوب ولكنّ هذه طبيعة الإنسان الذي يعشق التملّك حتى في الأحلام. ولا يقدر على فهم حاجات الإنسان القريب الى نفسه.
لقد تابت ولكنّ موهبتها تألّقت فهل تبقى أسيرة وضع غير طبيعي وغير صحيّ؟ هل تعود بعد ذلك الى بيت الزوجية وهل يعود سامر الى الشخص الذي كانه؟ هذه أسئلة يجيب عنها تطوّر المجتمع وتصبح خارج إطار القصّة والنصّ. فهو في نهاية المر من نسجي وخيالي وإن كان ذو علاقة مباشرة بما سحد في المجتمع. أشكرك أخي العزيز على العجالة التي زيّنت صفحتي ودمت مبدعاً على صفحات واتا العريقة.:hi: