المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ايلين قصراني- سنة دراسية طويلة في العراق تنتهي بنجاح



وديع العبيدي
31/01/2008, 05:04 PM
ايلين قصراني

سنة دراسية طويلة في العراق تنتهي بنجاح

لم يسبق لطلبة العراق في الصفوف المنتهية منذ سنوات عدّة،أن يؤدوا الأمتحانات النهائية المقررة من قبل وزارة التربية في وقت متأخر من السنة إلا هذا العام، حيث انتهت بنجاح في العاشر من تموز. ومع أرتفاع معدلات الحرارة في تموز وبسبب الوضع الأمني الراهن وأسباب كثيرة مثل حظر التجوال في نهاية حزيران، كلها أدت الى تأخير الأمتحانات. لكن الرائع أن التلميذ العراقي أصرّ على إنهاء السنة الدراسية رغم أن الأرهاب يحارب التعليم والدراسة للحيلولة دون وقوع الأمتحانات. وكان لجهود الجيش العراقي والشرطة العراقية أيضا بمساعدة القوات الأمريكية، دور في تسهيل الأجراءات. فقد قامت القوات الأمريكية مثلا بتزويد قاعات الامتحانات بالماء البارد والوجبات الغذائية البسيطة في بعض المحافظات التي ما زالت تعاني اضطرابات أمنية مثل محافظة ديالى (60 كم) شرق بغداد.

قام الجيش العراقي بحماية مباشرة للطلبة. فكان يجمع الطلبة بالقرب من المدرسة مشكلاً درعاً من القوة تحميهم حتى يحين موعد الأمتحان. أما الشرطة العراقية فقامت بنفسها بالأشراف على الوضع الأمني داخل قاعات الامتحان وممرات المدرسة وحماية المدارس من فوق أسطحها، لمراقبة أية تحرّكات ارهابية نشيطة تحاول القيام بعمل تخريبي يهدد سلامة الطلبة والكادر المشرف على الأمتحانات. وقد قامت بعض المدارس في بعض المحافظات بأستخدام الأوراق العادية والقيام بالأجراءات الطبيعية تحت أشراف المسؤولين، لمعالجة نقص الدفاتر المخصصة للأجوبة والتي تحمل الختم الخاص لوزارة التربية.

أما بالنسبة للأسئلة المركزية التي يضعها ديوان وزارة التربية، ويتم نقلها من بغداد بكلّ حرص، خشية تسرّبها، فقد وصلت إلى المحافظات البعيدة في مركبات مدرعة للجيش العراقي. ولكن للأسف.. كان الأرهابيون يقفون بالمرصاد لهذه المركبات في بعض الأيام، و قبل فترة أطلقوا رصاصة في رأس رجل من الكوادر التعليمية كان في مركبة مع الأسئلة. وتمّ بذل جهود في محاولة لجعل الحياة رغم صعوبتها، تأخذ مجراها ويكمل الطلاب سنتهم الدراسية بسلام. ولا شكّ.. كان بالأمكان أخلاء المركبة ونقل الأسئلة الصادرة من وزارة التربية الى الأماكن المخصصة لها.

العراق هذا البلد الذي أكمل فيه كثير من العراقيين وغيرهم من العرب تعليمهم العالي حسب قرار مجانية التعليم، كانت المقررات الدراسية فيه من أفضل المقرارات في العالم قبل التسعينيات حسب تقرير المنظمة الدولية للتربية والعلوم لعام 1991. وكان البلد يتوفر على نظام تدريسي متقدم ومستويات عالية من تدريسيين وأساتذة جامعيين مميزين، تتوزع الغربة اليوم كثيراً منهم . لقد ازدادت رقعة الجهل والتسيب الدراسي في العقود الثلاثة الأخيرة، نتيجة لصعوبة الحياة وانعدام مزايا الاستقرار الأمني والسياسي. فالطلبة – خاصة من الذكور- يتركون الدراسة في عمر مبكر، للاهتمام بكسب لقمة العيش. فانحصر التعليم في نسبة محدودة من المجتمع تحظى الأناث فيهم بالنسبة الأكبر. ورغم أن الدول التي مرت بحروب، واجهت تفاصيل حياتية سيئة مثل التي يواجهها العراق الآن ، ارتفعت في ضوئها معدلات الخيبة واليأس والأحباط والكآبة. وقد يعتقد البعض، أن الوضع لن يتحسن أبداً في العراق، لكني أومن في غد أفضل. فالعراقي ليس بعيدا أبدا من استعادة حياة الرفاه والكرامة. أتمنى أن لا يستغل (البعض) الظروف كذريعة للتقاعس واستمراء الفوضى والأتكالية ونبذ التقدم في الحياة إلى أمام. لكي لا يأتي يوم، يأتي الغرباء ويستغلون خيرات بلده بينما يصبح هو خادما لهم في الآخر. حاشا أن يحدث هذا في العراق المحبوب.
16 يوليو 2007
ـــــــــــــــــــــــــ
ايلين قصراني
كاتبة وروائية عراقية.