المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موسوعة المرأة.. لبنان



وديع العبيدي
05/02/2008, 02:58 PM
هربا من مأزق اجتماعي يعشنه منذ الحرب الأخيرة
اللبنانيات الجنوبيات يقبلن على الزواج من جنود "اليونيفيل"

المأزق الاجتماعي ورغبة الخروج منه


صورة لحفل زواج لبنانية من جندي في اليونيفيل


دبي-العربية.نت

بدأت في مناطق جنوب لبنان تبرز ظاهرة ارتباط الفتيات اللبنانيات بجنود قوات اليونيفيل الذين يعملون في الكتبتين الإيطالية والإسبانية، بعد عام على دخولهم المنطقة كقوات حفظ سلام دولية، رغبة في الهجرة وهربا من المأزق الاجتماعي الذي يعيشه الجنوبيون بقلق كبير منذ الحرب اللبنانية الأخيرة مع إسرائيل في يوليو/تموز عام 2006.

وعقد في الفترة الأخيرة قران الكثيرات من الجنوبيات على جنود أنهوا مهامهم العسكرية بعد 6 أشهر من الخدمة في الجنوب، وقرروا العودة إلى بلادهم مع زوجات لبنانيات وجدوا فيهن شريكات العمر ورفيقات الدرب الطويل، بحسب تقرير أعدته الصحفية ثناء عطوي ونشرته صحيفة "البيان" الإماراتية السبت 8-9-2007.

وأولى الفتيات الجنوبيات كانت سهى عودة التي عملت لسنوات طويلة مع "اليونيفيل"، وتسلمت مهام جديدة إضافية بعد دخول القوة الدولية هذه مجددا بموجب القرار 1701؛ الذي يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية في لبنان، ويطالب حزب الله بالوقف الفوري لكل هجماته وإسرائيل الوقف الفوري لكل عملياتها العسكرية الهجومية، وسحب كل قواتها من جنوب لبنان.

وتقول سهى "لطالما رددت أنني أريد الزواج بأجنبي وبالتحديد إيطالي لشدة إعجابي بهذا البلد وأهله، بعدما زرته مرارا وتكرارا، لم أوفق طيلة السنوات الماضية في اختيار رفيق عمر إيطالي، وبدأت بعد أن يئست من الموضوع في البحث عن منزل في إيطاليا لأمضي فيه بقية حياتي، بعد انتهاء مهامي في اليونيفيل".

وتضيف "وقعت حرب يوليو ودخلت دفعة جديدة من الجنود والطيارين الإيطاليين، وبينهم جيفري، الذي جذبني منذ رأيته بهدوئه ورقيه ورصانته، توطدت الصداقة بيننا وتطورت إلى علاقة حب؛ حيث كنت ألتقيه يوميا في مركز عملي حيث تتمركز الكتيبة الإيطالية إلى جانب عدة كتائب من بلدان مختلفة، تعرف إلى عائلتي وتقبل بشكل كبير عاداتنا وتقاليدنا وتفهم طريقة تفكير مجتمعنا العربي".

بعد ستة أشهر من انتهاء مهمته في الجنوب طلب جيفري الزواج من سهى، وتقدم إلى أهلها مباشرة طالبا يدها، وتقول سهى "وافق إخوتي كونهم متعلمين ومنفتحين يعيشون في الخارج؛ لكن والديّ عارضا الأمر في البداية لسبب واحد هو اختلاف الديانة، لكنهما أمام إصرارنا معا واستعداده لإعلان إسلامه وافقوا وعقدنا القران على يد أحد شيوخ المنطقة".

أما دنيا عطا الله، وهي فتاة لبنانية أخرى من منطقة مرجعيون الحدودية، فقد ارتبطت بجندي سلام إسباني بعد علاقة حب استمرت لأشهر، تعرفت دنيا إلى "خوان" أثناء عملها في أحد المتاجر التي افتتحت حديثا مع دخول "اليونيفيل" في أعقاب حرب يوليو/تموز.

تقول دنيا "تركت جامعتي في بيروت وقررت العمل هنا بطلب من صاحب المتجر الذي كان يعرف أهلي وألح علي بتسلم متجره لإتقاني اللغة الإنجليزية ببراعة كون أمي معلمة لغة، بعد مضي شهر على عملي حيث كانت تتمركز في منطقتنا الكتيبتان الإسبانية والبولندية تعرفت إلى خوان الذي قصد المتجر مع رفاقه لشراء بعض الألبسة والحاجات".

وتمضي في القول "أعجبت به من النظرة الأولى وهو أيضا لم يرفع عينيه عني. راح يمازحني بلغة إنجليزية متعثرة، طلب مني الزواج ليوم واحد فثار غضبي لأنني لم أكن أعلم أن ذلك أمر طبيعي في بلدانهم أن يختار أي إسباني فتاة تعجبه ويمضي معها يوما أو أكثر، أصر على دعوتي قبل المغادرة إلى أحد المقاهي".

وتضيف "تحدثنا في أمور كثيرة خلال جلستنا الأولى، ثم تكرر اللقاء عدة مرات ليعترف لي لاحقا بحبه ونيته الارتباط بي، طلبت منه التعرف إلى أهلي بعد أن تنتهي مهامه ويطلب يدي رسميا حيث لم يكن مسموحا لهم زيارة بيوت مدنية أثناء خدمتهم، وما إن انقضت الأشهر الستة حتى سارع لزيارتنا تعرف إلى والدي وشقيقي وزوجته وتناول طعام الغداء عندنا".

وتقول دنيا "شعرنا وكأنه فرد من العائلة، وقبل أن يغادر تحدث إلى عائلتي طالبا يدي واعدا بالعودة لإتمام مراسم الزواج بعد أربعة أشهر سيمضيها في إسبانيا. وهو ما تم فعلا بعد عودته. حجزنا في الكنيسة ويوم الأحد أقمنا الزفاف الذي صورته وسائل إعلام عربية وأجنبية وحضره أهالي مرجعيون وقرى أخرى، كان أول زفاف من جندي سلام يجري في الجنوب".

خوان من جهته قال إن أكثر ما شده إلى زوجته اللبنانية هو "طيبتها ووفاؤها له وتمسكها بتقاليدها وبالعلاقة التي جمعتهما على عكس الفتيات الإسبانيات؛ حيث تذهب الفتيات مع من يعجبها وتقيم علاقات كثيرة بعيدا عن الارتباط الجدي".
عودة للأعلى

المأزق الاجتماعي ورغبة الخروج منه

الخبير في علم النفس الاجتماعي د. سلمان قعفراني، يعلق على هذه الظاهرة بالقول إذا استثنينا قصص "الحب الأعمى"، فإن زواج الفتيات الجنوبيات من جنود وضباط اليونيفل يبدو أمرا عاديا ومفهوما. فمما لا شك فيه أن وجود حوالي 12000 جندي أجنبي بموجب قرارات دولية وإجماع داخلي سيؤدي إلى نوع من الاختلاط والتزاوج، وهو أمر عرفته الشعوب على مدار التاريخ.

ويضيف هناك العديد من الظروف التي تدفع اللبنانيات للقبول بالزواج من الجنود الأجانب. فالرغبة الخفية بكل ما هو غريب وأجنبي ليس غريبة على أحد، والرغبة المعلنة بالهجرة التي يعبر عنها اللبنانيون بكثير من الهوس ظاهرة عامة وشاملة.

وشدد قائلا هناك أيضا الرغبة في الخروج من المأزق الاجتماعي الذي يعيشه الجنوبيون بقلق كبير منذ حرب يوليو/تموز العام 2006. وإذا أضفنا إلى كل ذلك الأزمة الاقتصادية وأزمة الزواج الذي يطال الجنسين فإن الزواج من الجنود الأجانب يصبح أمرا واقعيا وعقلانيا بمعزل عن حالات الود والحب التي يصرح بها كلا الطرفين.