المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الزمن .. أفكار للحوار (4- 6)



حسن سلامة
06/02/2008, 09:48 AM
الزمن .. ( 4 - 6 )


( 4 )

ما هو اليوم ..؟
لو كنا ثلاثة أشخاص ، في ثلاثة أمكنة مختلفة / طوكيو ، دبي ، لوس انجلوس .. بالنسبة لخطوط الطول ( كل 15 خط طول تساوي ساعة ) ونتحدث عبر هاتف ، ونرد على سؤال واحد : ما هو اليوم ..؟
وبفارق دقائق فقط / قبل وبعد ، سيقال لك من دبي مثلا اليوم الجمعة ، الساعة الثانية عشرة ظهراً . أما في طوكيو سيقول لك ( السبت ) أما في لوس انجلوس فيقول ( الخميس ) ..!
الثلاثة يقولون يومهم ( الذي هم فيه ..! ) وهم يقولون حقيقة اللحظة ..
كل واحد يحدد اليوم في المكان الذي هو فيه ..
لكن .. اليوم الذي نعرف ، 24 ساعة ، هو مستمر بكل لحظاته ، إذا أردنا القياس عند خط الاستواء ( 360 خط طول = 24 ساعة ) ..
لاحظ :
لو بدأ يومنا عند الفجر في مكة المكرمة ، فإنه يبدأ بعد 4 دقائق عند أناس آخرين يقيمون على بعد خط طول واحد غربا .. وبعد 8 دقائق عند خطي طول ، وهكذا يبدأ يوم عند كل خط طول ، أي أن هناك يوماً جديداً يبدأ بأذان الصبح عند كل خط طول ( كل 4 دقائق ) ، أي 360 بداية يوم على طول خط الاستواء .. وهكذا يمكن حساب بداية اليوم أيضا بين كل خط وآخر ..!
أي ( 360 يوماً في كل يوم ) .
أي 360 صبحاً و360 ظهراً و360 عصراً و360 مغرباً و360 عشاءً ..!
أي / في كل لحظة يـُرفع الأذان / الله أكبر ، على مدار الارض ..
إذاً ، في كل دقيقة / على خطوط الطول نبدأ يوما.. وهنا تتساوى بدايات الأيام في المناطق الواقعة شمالا وجنوبا إذا كانت على خط الطول ذاته ..
في هذا اليوم ( الذي حسبناه بشريا ) هناك شأن رباني وتدبير (يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن ) الرحمن :29 .
واليوم الرباني هنا أمر بين الكاف والنون .. الإرادة الربانية / اللحظة / الهنيهة ( بديع السموات والأرض وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ) البقرة / 117 .
وزمنيا يتحدد الأمر الرباني في ( وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ) ق / 50.
كما أنه ألف سنة مما نعد ) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ )الحج /47.
و 50 ألف سنة / ليست مما نعد .. (تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ) المعارج /4 .
هنا يكمن سر الإنسان العاقل القادرعلى فهم التحولات ، والمبادرة للاستفادة من قصر اليوم وتكراره السريع من أجل التوبة ، ومن طوله لفعل الخير فيه ...
هنا ، نمسك بيومنا ( مجازاً ) لأننا الفاعلون فيه ، الآن ، وليس قبل لحظة ، وأيضا ليس في لحظة قادمة ..!

( 5 )

الزمن هو ( الآن / اللحظة ) التي نملك التصرف خلالها في هذا المكان بالذات .. غير ذلك ليس زمناً طالما أنه غير قابل للتعليل أو للتصرف خلاله في مكان بعينه .. هنا زمن يدخل في خانة الفهم ، في الذاكرة .. وللاستدلال على كل ذلك ، نسأل :
- ماذا يعني غداً ..؟
غدا ( وقت شُبه لنا أمس ) يعني العجز عن الفعل فيه / اللحظة القادمة ، لذلك نقرر اختزان خطة الفعل في انتظار 24 ساعة مما نعد ، ثم ندخل الآن والتو لتنفيذ قرار الأمس ، فتهرب الفترة ( 24 ساعة ) من جديد ، إلى صورة مكرورة عما شُبه لنا أمس ..
هنا لا نتكلم عن اليوم ( 24 ساعة ) لأنه في هذه اللحظة منقوص ، نحن في جزئية منه الآن ( يوم اللحظة / لحظة اليوم ) وفقا لما نحسب من وقت ..
- ماذا يعني أمس ..؟
المكان الذي كنا فيه في اللحظة المعينة / اللحظة السابقة ، وفعلنا فيه ما علق في الذاكرة بالضبط ، وما عدا ذلك منسلخ من حيز المكان والزمان ..
لذلك و( نتيجة عجز ) يقوم الإنسان بإدغام واختزال الأمس وغيره من ( الأماسي ) في كتل يطلق عليها أسماء : اسبوع ، شهر ، سنة ، عقد ، قرن .. وللعجز مرة أخرى نرقم هذه الكتل ، حتى لا نتوه في مفردات مكان وزمان ، فنقول القرن الواحد والعشرين ( وقت فقط ) .. ونقول عصر النبوة ( وقت ومكان وناس ) ..
الغد والأمس ، بينهما مصطلحان : الماضي والمستقبل ..

( 6 )

الماضي والمستقبل : كان ، سوف ( الفعل المحدد للزمن ) ..
كان / في اللغة : فعل ماض ناقص ، ينم عن كل ما مضى من فعل أو قول أو زمن ، لكن ، حين التحدث عنه تكون العبرة والأسوة ، لتكوين الآن الذي نريده مثالياً ، ونريده ( احترازا للغد وحرصا عليه ) .
الملفت في الفعل ( كان ) أن أخواتها / بات ، أصبح ، أضحى ، أمسى / تعني الزمن التابع والمرتبط بحركة الشمس ، بشكل مباشر .. بينما أخواتها الأخرى / مادام ، مازال ، ظل / فإنها تعني أيضا شيئا من الاستمرارية ( المضارع ، الآن ) .
كان تفيد الماضي والاستمرارية ( وكان الله بكل شيء محيطا ) 126 النساء .
وأختها / تفتأ ( .. تالله تفتؤ تذكر يوسف ) يوسف :85 .
أما قوله تعالى : ( وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا ) ، فـ " ما " مصدرية ظرفية ؛ لأنها تقدر مع فعلها بالمصدر ، وهو الدوام ، وتفيد الظرف وهو المدة ، التقدير : مدة دوامي حيا .
في كان وأخواتها ( الماضي ) نستطيع أن نلم بالحدث والوقت ، وبتفاصيل دقيقة ، سيناريو ، فيه سبب للسرد / القص ..
أجمل ما في ( كان ) وأهمه ، ما ورد في القرآن الكريم من قصص ثابت ، وذلك للعبرة والفائدة البشرية ..
يتسائل المرء : ما الحكمة الزمنية الواردة ( بالأرقام ) في القرآن الكريم ..؟!

1 - ما حكمة أن نعلم ، أن سيدنا نوح عليه السلام بلغ من العمر ألف سنة إلا خمسين ..؟
2- وما حكمة أن نعلم ،أن فتية الكهف وكلبهم مكثوا ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا ..؟! ( فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عدداً) الكهف 11 .
3 - وما حكمة أن نعلم ، أن حمل الطفل ورضاعه وفطامه في ثلاثين شهرا .؟ (ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ...) الأحقاف /15.
4 - وما حكمة أن نعلم ، أن سيدنا موسى عليه السلام واعده ربه سبحانه أربعين ليلة (وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون ) البقرة/51.

5 - وما حكمة أن نعلم ، أن بني إسرائيل تاهوا أربعين سنة .؟ (قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين ) المائدة / 26 .

6 - وما حكمة أن نعلم ، حجم تغير الإنسان حين يبلغ أربعين سنة .؟ (ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين ) الأحقاف / 15 ..

7 - وأيضا ما حكمة أن يأمرنا الحبيب المصطفى ( الذي لا ينطق عن الهوى ) بأن نعلم أطفالنا الصلاة على سبع ، وأن نضربهم لأدائها على عشر ) ..؟
والكثير من الأسئلة المتعلقة بالزمن .. هنا مكمن الفائدة التي نرجوها من فهم ذلك ، وهل يكون الزمن علاجا ..؟؟!
أليس علاج الزمن هو ( الصبر/ الوقت ) ..؟!
ألم نقرأ قول الحق - سبحانه وتعالى - ( وبشر الصابرين ) البقرة : 155 .

لاحقاً ، نحاول فهم ما تقدم .. بتوضيح ماهية هذه الأرقام ، وعلاقتها بكل ما يتعلق بالإنسان ..
( يتبع )

حسن سلامة
h_salama_51@yahoo.com

محمد حسين العيسى
23/02/2008, 05:47 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
للمرة العشرين أعيد قراءة موضوع الزمن بقسميه 1-3 و3-6، وكلما ازداد عدد قراءتي وامعنت فكري ازدادت حيرتي.
ووجدت الزمن اشبه مايكون بقطرة زئبق عصية على الامساك؟؟؟

وها أنذا أعلن استسلامي..
بانتظار مشاركة من احد الاخوة الاعضاء تعيد لي طرف الخيط... الذي لم أمسكه يوما!!

تقبلوا احترامي