المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شيطان عمولة



محمد حامد محمد
09/02/2008, 05:07 PM
شيطـــــــــان عـمـــــوله


مسرحية قصيرة (جائزة التأليف المسرحى 2007)

تأليف وأشعار / محمد حامد


الشخصيات
ـــــــــــــــــــــــــ



- فتنة / الشابة
- فتنة / الطفلة
- شريف
-عادل
-أمينة
- مراد
- سليم /الأب
- رقية /الزوجة/الأم
- شرطى1
- شرطى2
- شرطى3
- جرسون الفندق
- نزلاء الفندق



الفصل الاول

المشهد الأول:
ستائر المسرح مفتوحة.. يدل الآثاث المفروش بالصالة على فقرٍ ظاهر ‘ بينما تعكس أكــــوام الكتب المكدسة على الأرض ثراءً ثقافياً تدعمه صورةلأحد زعماء حركات التحرير....الأضواء خافتة إلى حد الظلام..نسمع أصــوات طرقات متلاحقة على الباب‘ تضاء أثناءها الأنـوار لنـرى رجلاً يخرج إلى المسرح مهرولاً تتبعة زوجته..الإرتباك يسيطر على حركاتهما فلا يفتح أحدهما
الباب ولا يهدآن..

الزوجة : (وهى تلطم خديها)تانى يا سليم ‘تانى‘ تانى
سليم : (بغضب مكتوم) فى أيه يا رقيه؟! فى أيه؟! هيه أول مره؟!
الزوجة : (فى ثورة مكتومة) مهو كده حرام ياسليم .. حرام .. حرام

نرى طفلة تطل من باب حجرتها وهى تفرك عينيها- لا يظهر لنا منها سوى نصفها الأيمن الواقع فى حيز الضوء بينما يختفى نصفها الأيسر تماما ً

سليم : (ملتفتاً لخروج الطفلة..بعصبية)عجبِـِك كده؟
الزوجة: تعبت يا سليم تعبت تعبت
سليم : (إلى طفلته)ما تخافيش يا حبيبتى..(تندفع الطفلة باتجاهه لتحضنُه‘فيحتضنها بيد‘ويضم زوجته باليد الأخرى..محدثاً الزوجة ‘بينما تزداد الطَرقات حدة) انا آسف يا رُقيه..آسف
الزوجة: خدت أية من السياسة يا سليم ؟ خدت أية ؟! (نسمع صوت كسر الباب يتبعه انتشار الجنود بالمكان فنسمع أوامرهم المتداخلة)
شرطى1: مكانك يا سليم
شرطى2: سلم نفسك يا سليم
شرطى3: ولا حركة
سليم : (وهويحاول الإفلات من زوجته وابنته) خدى بالك من البنت يا رقيه
شرطى1: (فى سخرية) والنبى ولا يوسف وهبى .. (بعنف) متيلا يا اخويا احنا هنقضّيها مسرح ولا أيه؟!
سليم : (محدثاًالضابط) تسمحلى طيب أغير هدومى ؟
شرطى1: خلاص يعنى !! المصورين واقفين مستنيين جنابك على الباب (يجذبه من ذراعه..بعنف) يلا
الطفلة : برضو هَتسافر تانى يا بابا؟
سليم : أيوه يا حبيبتى
الطفلة: وبرضو هتغيب المرة دى كمان؟
سليم : لا يا حبيبتى.. المره دى هرجع بسرعة
الطفلة: (معترضة فى غضب) كل مرة تقول كدة يا بابا..كل مرة تقول كده
سليم : (محاولاً الإلتفات اليها وهم يجرونَهُ باتجاه الباب)مش هغيب يا فتنة‘(بنبرة متصاعدة)مش هغيب..مش
هغيب صدقينى..
الطفلة : (تجرى باتجاهه ..تحاول التعلق به فلا تتمكن ) بابا بابا بابا
الزوجة: (وقد اندفعت خلف طفتها بقلب موجع وعيون باكيه..تحضنها من الخلف) هيرجع يا فتنه.. ماتخافيش
يا حبيبتى ..ما تخافيش

يغادر الضباط المسرح ومعهم سليم تاركين الزوجة منخرطة فى بكاءها وطفلتها محدقة باتجاه الباب..
حيث تبدأ الإضاءة فى الخفـوت شيئاً فشيئاً ‘حتى يصبح الإظلام كاملاً ومـا زلنا نسمع بكاء الــزوجة..
ص سليم: دى رسالتى يارقيه.
- (صارخاً)أيوه يارقيه مش هتراجع.. ولو هموت فدى المبادىء دى مش هتراجع..مش هتراجع
- صدقينى أنا مش خايف عليكم .. ربنا مش هيتخلّى عنكم أبداً(صدى الصوت)ابداً ابداً ابداً .. - ده واجبى يا رقيه‘ الناس دى لها عليا حق .
الزوجة: ( صارخة) وحقنا احنا يا سليم ؟!

لحظات ثم تعودالإضاءة خافتة كئيبة . لنرى الطفلة وقد توسدت صدر أمها

الطفلة : ماما ..هوه بابا وحش ؟
الزوجة: (بهلع) لا يا حبيبتى .. بابا احسن واحد فى الدنيا ؟!
الطفلة : طب ليه صحابه مش بيحبوه ؟
الزوجة: لا يا حبيبتى ..مين اللى قالك كده ؟! .. هُمّا بس عشان مستعجلين
الطفلة : مستعجلين ليه ؟
الزوجة: عشان عندهم شغل كتير
الطفلة : قد بابا ريوان كده ؟
الزوجة: أه
الطفلة : وبيحبوه زى بابا ريوان ؟
الزوجة: يا حبيبتى كل الناس بتحب بابا ..( بنفاذ صبر يكبحه حنان) مش تنامى بقا ؟!
الطفلة : سؤال واحد بس يا ماما
الزوجة: وبعدين يا فتنه .. انتى مش بتحبى ماما؟!
الطفلة : (وهى تحتضنها بشدة) طبعاً يا ماما بحبك ‘ وبحب بابا كمان .. بحبكم أوى أوى أوى ..
الزوجة: هيّه اللى تحب ماما وتشوفها تعبانه ‘تسألها كتير كده ؟
الطفلة : طب سؤال واحد بس يا ماما.. سؤال واحد وخلاص
الزوجة: (فى استفسار تأكيدى) سؤال واحد؟
الطفلة : أه والله
الزوجة: ماشى يا ستى
الطفلة : يعنى هُمّا بيحبوه قد بابا ريوان ؟
المرأة : (بابتسامة حزينة) ما قولت لك أيوه يا فتنه
الطفلة : طب ليه بابا ما عندوش فلوس زى بابا ريوان ؟
الزوجة: مين اللى قالك إن بابا ما عندوش فلوس؟!
الطفلة : عشان بابا ريوان بيجيبلها كل حاجه نفسها فيها ..(ببراءة)عشان الناس بتديله فلوس كتير .. وبابا كل أما يجي من السفر واقوله عايزه حاجه يقوللى حاضر‘ أما تيجى فلوس هجيبلك كل اللى نفسك فيه ‘ ومش بيجيب لى حاجه
الزوجة: وانتى نفسك فى ايه ؟
الطفله : نفسى اروح جنينة الحيوانات زى سمر .. و اروح الملاهى زى ريهام .. ونفسى اجيب فستان أحمر زى اللى عند ريوان وشنطة زى بتاعة علا.. وكوكو زى اللى عند طنط ثناء فى البلكونه(تضع كفيها على اذنيها ‘بينما الطفلة لا زالت تعدد مطالبها) ونفسى فى موزوبطيخ وتفاح..و...
الزوجة: (تقاطعا صارخة)بس..إسكتى ‘إسكتى
الطفلة : (وهى تتقهقر بظهرها إلى الخلف )خلاص خلاص ..مش فى نفسى حاجه‘ مش فى نفسى حاجه خلاص‘ مش فى نفسى
الزوجة: (وقد آلَمَها فزع الطفلة الواضح..وهى تنهض باندفاع صارخة فيها)مالك يا بت؟ بتعملى كده ليه؟! (تمسك بكتفيها..تهزها بعنف) انتى شايفه عفريت قدامك؟! .. شايفه عفريت؟!.. شايفه عفريت؟!
الطفلة : (وهى تصرخ فى فزع شديد) حرمت..حرمت يا ماما .. حرمت والله ‘ مش عايزه حاجه .. مش عايزه
الزوجة: (وقد انتابتها حالة هيستيرية) إنتى بتعملى كده ليه .؟بتعملى كده ليه؟(تفقد الأم وعيها فتأخد فى لطم نفسها وضرب ابنتها فى آنٍ واحد)انا هلاقيها منين ولا منين؟ مش كفايه ابوكى(تحاول جر الطفلة إلى الداخل بينما الطفلة تصرخ متمسكة بالأرض)

الطفلة:لا والنبى ‘ والنبى‘ حرمت(وهى تضرب نفسها بيدها الحرة)مش فى نفسى مش فى نفسى ‘عمرى
ماهقول كده تانى بس بلاش النار‘ والنبى‘ والنبى

إظلام كامل..نسمـع خلاله صـرخات الطفلة وتـوسلاتها للحظات..ثم يسـود صمـت لا يكسره سوى نهنهات هادئة للطفلة .. تضاء أنـواراً خافتة ‘ تمكـننا من رؤية الطفلة وقـد ارتكـنت الى الحائـط متكـورة على نـفسها.. بينما نـرى الأم واقـفة ورأسهـا على الحائـط المقابل..لـحظـات وتسـير الأم باتجاه طفلتها..تخطو نحوها..تقف أمامها مباشرة..تجثو على ركبتيها..ترفع رأس طفلتها فى رفق .. تضمها اليها ..ينخرطان فى بكاءٍ شديد يختفى تدريجياً تحت موسيقى الأغنية :

رسمت العش والشجره

ولون الزرعــه والمطره

وعشت الليله من خوفى

بقول فين بكره ..يا بكره

واتارى الحلم كان مجنون

واكـبر مـن حدود الكون

وهـوّ يادوب جنين فكره

فى قلب الفجر كان ذكرى






ســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــتــار




يتبع







المشهد الثانى

يفتح الستار على مقر الجريدة التى تعمل بها فتنة و التى نراها مستندة إلى حافة أحد المكاتب - يجلس اليه شاب أنيق الملبس وسيم الشكل توحى ملامحه بالجدية -

شريف: ممكن ترجعى مكانك بقا؟
فتنة : (بابتسامة ودلال) ولو ما رجعتش؟
شريف: فُتنة ما تهرجيش..لو حد دخل وشافك كده ‘الموقف هيبقا مش ظريف
فتنة : ما يهمنيش
شريف: بس انا يهمنى
فتنة : على المتضرر اللجوء إلى القضاء
شريف: (وقد هب واقفاً)وعلى أيه..انا سايب لك المكتب كله (يهم بالخروج)
فتنة : (وهى تستوقفه ضاحكة)خلاص خلاص‘هرجع مكتبى (وهى تميل باتجاهه اكثر)بس بشرط
شريف: (باسماً)مادام هترجعى أشرطى براحتك
فتنة : تيجى تتغدى عندنا النهارده..ماما دبحالك حتة كوكو..ما تقولش لحبايبك عليه
شريف: (ضاحكاً بملامح المستفسر)ويطلع ايه الكوكو ده؟
فتنة : دا يا سيدى فضلة خيرك ‘ديك من اللى وصى عليه عمك لقمان
شريف: (وقد علت ضحكاته)لا ..بدل حاجة م اللى وصى عليها عم لقمان‘ يبقا لازم اجى
فتنة : (وهى تبسط اليه يدها)خلاص ..ايدك
شريف: (وهو يدفع يدها مداعباً)احنا هنحمرق من أولها
فتنة : والله لو مش عايز تدفع ..عندى حل
شريف: (فى مداعبة المرتاب) أعرفه ألأول
فتنة : نظراً لحالة الفقر المدقع التى نراكم عليها ‘ولأنكم صعبتم علينا‘ قررنا ان نعزمكم ببلاش‘ ولكن بشروط ..هيه مش شروط شروط يعنى‘(بخفة) هو شرط واحد بس
شريف: (وهـو يتصـنع الإنشغـال بأحـد الملفات ) ونحـن نـرى أن الـتنازل عـن هـذه العـزومـة أضمـن لنا وأأمن
فتنة : وحماتك بقا هتعمل فيها ايه؟
شريف: والله زعل حماتى مقدور عليه..لكن شروطك ...(يؤدى إشارة تعبر عن القلق)
فتنة : (وقد كشرت عن أنيابها) تبقا فاهم وبتتهرب
شريف: ايوه فاهم يا فتنة..وعارف انتى بتلفى وتدورى على أيه من ساعتها..وبصراحه مش عاوز اتكلم فى الموضوع ده تانى
فتنة : لا هنتكلم يا شريف.. ومش من حقك تحجر على رأيى ‘ـدى حاجـه تخص مستقبلنا احنا الاتنيـن..
شريف: لا يا فتنه..دى حاجه تخصنى انا لوحدى ..وقولت لك قبل كده بدل المره الف‘ما تدخَّليش نفسك فى شغلى
فتنة :إنتا بتتكلم إزاى؟!
شريف: زى الناس..بتكلم زى الناس ..

فتنة :(مقاطعة فى حدة) وانا بقا اللى مش زى الناس يا شريف؟
شريف: انا ما قولتش كده..ولو سمحتى بلاش الأسلوب المستفز ده معايا..انا من ساعتها بحاول اتهرب عشان ما نوصلش للنتيجة اللى بنوصلـّها كل مرة
فتنة :عايز تقول إن انا نكد يعنى ؟؟
شريف:(وهو يدفع بأوراق مكتبه على الأرض) يووووه..( يدخل عادل مسرعاً باتجاههما )
عادل : فى أيه يا جماعة ؟..صوتكم واصل لأخر الطرقة !!
شريف: (فى محاولة غير ناجحة لتصنع الهدوء) لا أبداً ما فيش حاجة
عادل : ما فيش حاجة ازاى وانا سامعكم من بره ؟!
شريف: قولتك يا أخى ما فيش حاجة..خلاص(يتجه صوب الباب)
عادل : (وهو يستوقفه)أظن عيب يعنى لما اكون بكلمك وتسبنى وتمشى !!
شريف: يا عم داخل لرئيس التحرير(يضع أوراقه على المكتب..يسأله مستنكراً) بلاش؟!
عادل : (مازحاً) طب ما تزقش..روح يا سيدى لرئيس التحرير زى ما انتا عايز..بس ما تروّحش من غير
مااشوفك
شريف: ماشى (وهو يتناول أوراقه ثانية) سيبنى بقا ما تعطلنيش انتا كمان
عادل : (وهو ينحنى مازحاً) إتفضل سعادتك يا افندم (يخرج شريف بينما يتوجه عادل باتجاه فتنة) وبعدين
معاكم انتوا الاتنين ؟هو انتوا ما تعدّوش يوم من غير خناق؟!
فتنة : انتا بتقوللى انا ..ما تقول لصاحبك !!
عادل : يا ستى بزياده من عندك انتى شويه..شريف ابن حلال وبيحبك
فتنة : بيحبنى!!هه
عادل : لا بقا يا فتنه مالكيش حق..أظن انا اكتر واحد فى الدنيا دى كلها يعرف شريف ..وعارف كويس أوى إنتى أيه بالنسبه له
فتنة : والله ما انتا عارف حاجة
عادل : الله يسامحك
فتنة : اسفه يا عادل ما اقصدش..بس انتا لو تعرف احنا بنتخانق كل مرة على أيه كنت عرفت انا قد ايه بفكر فى مصلحته؟ ده زى ما يكون عدو نفسه يا عادل ! انا عمرى ما شوفت فى الدنيا دى كلها حد بيدور على الفقر بشمعه زى صاحبك..هو الشرف ما يجيش ألا بـ ..(تصمت فجأه)
عادل : (وقد لفت اللفظ انتباهه) سكتّى ليه؟
فتنة : .....(بارتباك) خلاص خلاص (تسحب بعض أوراق وتهم بالخروج)
عادل : على فين انتى كمان؟
فتنة : نازله المطبعة..عن إذنك (تتجه صوب الباب)
عادل : (وهو يضرب كفيه ببعضهما) عليا النعمة الاتنين مجانين (يتفحص الغرفة الخالية) وانا يعنى اللى صايع ..(يدور حول نفسه) أروح فين ؟..أروح فين ..(يكلم الكرسى الخالى بتعاظم) وانا رايح القسم اشوف لى حادثه ولا حاجه (تدخل أمينة فجأة فترى ما يفعله ..تبتسم ..يستدير هاماًً بالخروج .. يفاجىء بها) أمينه .. (ضاحكاً) انتى هنا من إمتى؟
أمينة : من أول أشوف لى حدثه (ضاحكه )بس ما يهمكش حاجه .. مش هقول لحد (تجلس مكان شريف)هوه شريف مالـُه ؟
عادل : كالعاده ..
أمينة : اتخانقوا تانى ؟!
عادل : ما هيّه العاده كده .. اللى فى إيده نعمه ما بيحسش بيها !
أمينة : تقصد مين ؟
عادل : شرييف طبعاً .. حد لاقى حد يحبه بالشكل ده ؟! غيره بقا لـُه سنين ‘ وما حدش راضى يعبّرُه
أمينة : (بحزم..فى شبه تحذير) عادل
عادل : (وقد تجهم) خلاص يا أمينه خلاص .. عن إذنك ..( يتجه صوب الباب .. يغادر)
أمينة : (ولم تنتهى من مراقبة خروجه .. وكأنها تحادثُه..هامسة ) فعلاً.. ما حدش بيحس بالنعمه اللى
فى ايده.

لحظات ويدخل شريف إلى المسرح الخالى باداً عليه الضيق ..يجلس على المكتب المجاور واضعاً
رأسه بين راحتى يديه..

أمينة : (مداعبة) وَحـّدُوه
شريف: لا إله إلا الله .. إزيك يا أمينه
أمينة : ايوه كده .. ما فيش حاجه مستاهله الحزن ده كله
شريف: لا والله يا أمينه في..( يفرك وجهه بيديه .. يستند برأسه على سطح المكتب )
أمينة : (ممازحة) أيه يا ابنى ؟! هيه أول مره تتخانقوا؟!( تدخل فتنه فجأة)
فتنة : (ناظرة إلى أمينة بارتياب)إزّيك يا أمينه..
أمينة : أهلاً يا فتنه .. عامله أيه ؟
فتنة : الحمد لله (تهم أمينه بمغادرة المكتب متشاغلة بأحد الملفات)
أمينة : ( فى طريقها إلى الباب) عن إذنكم..( تتابعها فتنة فى تحفز)
فتنة : ( فى تحول مزاجى مفاجىء ..تُحدّث شريف فى مرح) مش هنلروح نتغدا بقا؟(يرفع شريف رأسه ناظراً اليها دون أن يتكلم) انتا هتعمل زى العيال ولا أيه؟(تضع ابتسامة على وجهها) طب حقك عليا يا سيدى ..إضحك بقا عشان خاطـرى(ينظر فى الإتجاه الآخر)طب والله إنتا بايخ..وغلاوة عم سليم لا انتا ضاحك.
شريف: استغفر الله العظيم..كل مرة تعملى عملتك ‘وترجعى تتمحـّكى فى عم سليم ..(بابتسامة خفيفة)عارفة إنه نقطة ضعفى وبتستثماريها حلو اوى
فتنة : أيوه كده ..بركاتك يا عم سليم (يضحك)
شريف: وما فيش كلام فى الموضوع ده تانى(يحذر بسبابته)
فتنة : وانا اتجنيت..(مداعبة)انا هيبقالى معاك سياسه تانية خاااالص
شريف: قصدك أيه؟..فتنه‘انا بحذرك..
فتنة :(وهى تسكته بوضع يدها على فمه) خلاص يا عم ‘انتا بتتلكك..(تجذبه من يده باتجاه الباب..برومانسية مفاجئة فى شدتها) ياللا.......(يخرجان)






ستـــــــــــــــــــــــــــــــار





يتبع














الفصل الثانى :
ـــــــــــــــــــــــ
المشهد الأول:
ــــــــــــــــــــــــ
فى داخل إحدى قـاعـات الإستقبال بأحـد الفنادق الراقيـه..تجلس فتنة وقـد بدت عليها علامـات الإنبهار وهى تتابع بنظراتها تحركات النزلاء..تتبدد ابتسامتها شيئاًً فشيئا ًلتحل محلها علامات الشرود الذى يعكسه لنا انحـسار الضــوء عنها.. لنستعيد معها حـواراً من الماضى بين فتنـة
الطفلة – التى يعكس صوتها تقدماً عمرياً عما رأيناهافى المشد الأول – وأمها ..

ص الطفلة: طب ما هما كده سُعدا
ص الأم : عشان يبقوا سُعدا اكتر
ص الطفلة: يعنى بابا يموت عشان ريوان وباباها وسمر وباباها وعلا وباباها وماماتهم وكلهم يبقوا سُعدااكتر‘ واحنا لأ ؟!
ص الأم : (فى انفعال زائد دفع البنت للجلوس) احسن الناس اللى بيضحى عشانهم .. عشان كده بابا احسن واحد فى الدنيا .
ص الطفلة: (تبادلها الإنفعال بأشد) انا مش عايزاه احسن واحد ..انا عايزاه زى بابا ريوان و بس
ص الأم : (صوت لطم الطفلة) إخرسى يا قليلة الأدب ..( نسمع بكاء الطفلة وصوت يعكس اندفاعها ركضاً
يتبعه دبيب يعكس اندفاع الأم فى أثرها) فتنـه يا حبيبتى .. انتى لسه صغيره ‘ مش فاهمه اللى بتقوليه .. بكره لما تكبرى .. و تفهمى با...
ص الطفلة:(تقاطعها بعصبية شديدة.. باكية) مش عايزه افهم ياماما.. مش عايزه..مش عايزه ..انا عايزه بابا وبس ..اشمعنى ريهام وسمر وعلا.. كل البنات معاها بابا ..كل البنات يا ماما .. شوفى ريوان باباها بيجيبلها حاجات قد ايه؟
ص الأم: (مدفوعة بغضب جامح) وانتى ناقصك ايه عن ريوان ولا غيرها عشان تقولى كده؟!

تضاء الأنوار على فتنة وهى تهمس..

فتنة : (فى حسرة)ناقصنى كتير يا ماما..ناقصنى كتير

..نرى رجلاَ مهندم المظهر بيده سيجاراً يدخل الى المكان متلفتاً وهويتفحص نزلاءه..يلمح فتنة التى تخـرج فى تلك اللحظة مرآة صغيرة من حقيبة يدها..تنظر فى المرآة..تصلح من ملابسه وشعرها.. يبتسم الرجل لما يراه ..تعيد المرآة الى حقيبتها.. تنظر إلى ساعتها. تعاود النقرعلى الطاولة بينما يتجه الرجل نحوها..

مراد : مساء الخير
فتنة : (وقد هبت واقفة) أهلاً مراد بيه
مراد : شربتى حاجه ولا لسه؟
فتنة : الحقيقه الناس ما قصروش ‘من أول ما وصلت وهما رايحين جايين عليا ..واضح إن حضرتك عميل مهم أوى هنا
مراد : (ضاحكاً) مش أوى
فتنة : لا إزاى بقا ..ده انا بمجرد ذكر اسمك بس ‘كانوا هيشيلونى من ع الأرض شيل
مراد : (ضاحكاً) يمكن عشان ضمينا الفندق للمجموعة ؟
فتنة : (ضاحكة) عشان كده....
مراد : ( ضاحكاً ) هاهاها ..ويا ترى عملتى لنا ايه مع شريف بيه؟
فتنة : صدقنى حاولت معاه كتير جداً ..بس ما فيش فايده
مراد : بس برضو ربع مليون جنيه كتير أوى
فتنة : اسمح لى يا مراد بيه .. انا مش معاك فى الكلام ده خالص
مراد : (مبتسماً) انسه فتنه .. المفترض ان حضرتك معانا احنا !
فتنة : انا معاكم والله
مراد : وما تنسيش اننا ما اتأخرناش عنك فى أي حاجه
فتنة : ( وقد عبست) أستاذ مراد.. ما تنساش إن تحقيق واحده من تحقيقات شريف خسايره اكبر من كده بكتير وكتيرأوى
مراد : بس حضرتك فهمتينا ان تأثيرك عليه مضمون..عشان كده دفعناهم لك من غير ولا كلمه
فتنة : وانا ما قصرتش.. كنت اعرف منين انه هيطلع طماع بالشكل ده؟!
مراد : يعنى عجزتى عن تنفيذ مهمتك؟
فتنه : إلا إذا وافقتوا على المبلغ اللى طلبه
مراد : ولو ما وافقناش؟
فتنة : يبقا خلاص ..براحتكم
مراد : افهم من كده ان الشنطه دى فيها خمسين الف جنيه دلوقت؟
فتنة : قصدك ايه؟
مراد : اتفاقنا كان واضح وصريح يا هانم ..قلم الأستاذ يتحول لصالحنا مقابل مية الف جنيه.. وخمسين اتعابك..وبما ان الأستاذ ما وافقش ‘يبقا اتفاقنا لاغى
فتنة : يعنى عايز الخمسين الف جنيه؟
مراد : طبعاً
فتنة : حتى لو قولت لك إعتبرهم تمن حيادى؟
مراد : فتنه هانم ..بيتهيألى انتى مش مدركه انتى بتتعاملى مع مين
فتنة : وبيتهيألى حضرتك مش مدرك انا لو عاديتكم ممكن اخلى شريف يعمل ايه
مراد : (يضحك بشدة) ها ها ها .. يبدو انك مش عارفه انتى بتتعاملى مع مين بالمره..بالمره يا هانم(يعبس فجأة) قدامِك اربعه وعشرين ساعه ..يا تيجى بموافقة الأستاذ.. يا تيجى بالخمسين الف جنيه
فتنة : (وقد بدا عليها التوتر)استاذ مراد أوعى تفكر انى غبيه عشان اتعامل معاكم من غير ما اعمل حسابى على كل الاحتمالات..ومع ذلك انا هقدّر انى ما سمعتش تهديدك.. وهقولك اخر كلام عندى ..متين الف جنيه..وقدامك أربعه وعشرين ثانيه عشان ترد عليا
مراد : بشرط
فتنة : من غير شروط ..وبراحتك
مراد : إزاى من غير شروط واحنا بنتكلم دلوقت فى ربع مليون جنيه ؟!
فتنة : من غير شروط يا مراد بيه .. وفكر
مراد : يبقا فكرى انتى كويس يا هانم ومعاك الاربعه وعشرين ساعه زى ما هما
فتنة : يبقا انتا اللى اخترت يا مراد بيه(وقد هبت واقفة) سلام ( تستير مغادرة المكان)

تخطو فتنة بضع خطوات باتجاه الباب ..تقف فجأة تستير باتجاه الرجل ..تعود الى حيث كانت

فتنة : (وهى تضع حقيبتها على الطاولة) أيه هو الشرط ؟
مراد : الأستاذ شريف هوه اللى يتفق معانا بنفسه
فتنة :(فى هلع) لا طبعاً مش ممكن
مراد : هقولهالك تانى يا هانم ..( بايقاع هادىء ) ده اتفاق بربع مليون جنيه
فتنه : وسُمعتُه..وشكله قدام الناس
مراد : واحنا هنتفق فى الشارع ؟!
فتنة : (وقد شرد فكرها لبرهه) اوكيه يا مراد بيه‘ بس انا اللى احدد المكان
مراد : مش هنختلف..انتى أذكى من إنك تضيعى مبلغ ذى ده من ايدك..واكيد انتى مستوعبه طبيعة
الناس اللى بتتعاملى معاهم..
فتنة : (مقاطعة) ما تكملش..ممكن التليفون
مراد : (وهويشيرالى الجرسون باشارة التليفون)هتعملى ايه؟
فتنة : دلوقت تعرف(يأتى الجرسون بالتليفون..يضعه امامهم)
الجرسون: أى أوامر تانيه يا افندم؟
مراد : (وهو يشير اليه بالإنصراف بينما يحادثها) مش تفهمينى انتى هتعملى أيه؟
فتنة : (ترفع السماعة..تدير القرص عدة مرات) الو ..ايوه يا شريف..انتا خلصت ولا لسه..طب هايل‘ممكن تعدى عليا فى فندق نوفالى..أما تيجى بس وانا افهمك..ايوه ..ايوه..خلاص يا حبيبى.. فى انتظارك ..مع السلامه ..مع السلامه(تضع السماعة)
مراد : (وقد بدت على وجهه علامات البهجة) معقول.. بالسرعه دى؟!
فتنة : (تبادله الإبتسامة وهى تهز رأسها) لا طبعاً مش معقول
مراد : آه .. يبقا هنتفاوض تانى
فتنة : (تشير برأسها فى علامة رفض) ولا دى كمان ..حضرتك مش هتقابله أصلاً..ولا هيشوفك م الأساس
مراد : هو مش جاى دلوقت يا بنت الحلال؟!
فتنة : أه جاى ..بس مش هيشوفك ..سورى يعنى ....سورى ....حضرتك هتستأذن خالص
مراد : ماشى .. المهم بس يكون بفايده
فتنة : ( وهى تخرج قلماً وورقة من حقيبتها)ان شاء الله يكون بفايده( تكتب شيئاً)بكره الساعه سبعه..حضرتك هتشرفنى فى العنوان ده
مراد : ( وهو يقرأ مضمون الورقة) وده عنوان مين ؟
فتنة : عنوان بيتنا.. أعتقد انه الآأمن للجميع
مراد : بعد برهة من التفكير)ماشى الحال( يقف) طيب.. اعتبروا المكان مكانكم
فتنة : مرسي يا مراد بيه
مراد : باى
فتنة : باى
لحظات ويدخل شريفً الى الفندق .. يتلفت حوله

فتنة : (منادية) شريف....(وقد انتبه لها ..يتوجه الى حيث تجلس)
شريف: (قبل أن يجلس) فى أيه؟ وأيه اللى جابك هنا ؟!
فتنة : طب بس اقعد الأول
شريف: قعدنا (بآلية) أيه اللى جابك هنا ؟
فتنة : فاكر يا شريف أخر مره اتكلمنا فيها فى موضوع مراد بيه؟
شريف: تانى يا فتنه؟؟!
فتنة : ما تصبر عليا يا شريف .. انتا عرفت انا هقولك ايه الأول؟
شريف: ما الجواب بان من عنوانه يا أستاذه
فتنة : (فى غضب) انتا بقيت مشكله ..انا مش عارفه أرضيك ازاى يا شريف .. مش عارفه اراضيك ازاى!!
شريف: فتنه وطى صوتك.. الناس حوالينا
فتنة : للدرجه دى فقدت ثقتك فيا يا شريف؟! انتا نسيت انا بنت مين؟!
شريف: ده اللى عمرى ما نسيته يا فتنه..عمرى ما نسيت انك بنت سليم الشرقاوى
فتنة : صدقنى يا شريف كلامك هو اللى رجعلى عقلى .خليتنى احس انا قد ايه حقيره‘وقد ايه انتا عظيم..ازاى انا افكر بالشكل ده ..ازاى نسيت اللى بابا ضحى بعمره وهو بيناضل عشانه
شريف :(وقد بدت عليه سعادة مفاجئة)انا أسعد انسان فى الدنيا النهارده..أنا مش لاقى كلام يوصف فرحتى بيكى النهارده..بس مش غريبه..المفروض ان هيه دى فتنه الشرقاوى
فتنة : سامحنى يا شريف..
شريف: أوعى تقولى الكلمه دى تانى.. انتى أكبر وأعظم من إنك تطلبيها ..فاهمه؟؟
فتنة : بس انا مش هرتاح ولا احس بالرضا ابداً يا شريف
شريف: ليه يا حبيبتى ..انتى يكفيكى شرف الرجوع للحق
فتنة : لا يا شريف .. ده لو يكفى اى حد ‘ ما يكفيش بنت سليم الشرقاوى.. انا لازم يبقا لى دور زيك وزى بابا..انا مش اقل منكم وطنيه.. و خلاص عرفت انا هعمل ايه .. ربنا جابهالى لحد عندى.
شريف: فتنه..ناويه على أيه؟
فتنة : مش لوحدى يا حبيبى .. احنا هنكون سوا
شريف: لا ده انتى تفهمينى بقا قصدك أيه
فتنة : اقولك يا سيدى ..بقا مراد بيه عرض مية الف جنيه مقابل تحولك من جبهة الأعداء الى جبهة الأصدقاء.. ماشى؟
شريف: مية الف جنيه؟!
فتنة : استنا بس مستعجل ليه؟ وانتا وافقت يعنى؟!ده انتا طلبت ربع مليون جنيه
شريف: انا...
فتنة : افهمك..( تدنو منه برأسها) لما عرض عليا المية الف جنيه وانتا ما وافقتش‘ وحصل اللى حصل بينا صرفت نظر عن الموضوع .. وفى عز ما كان ضميرى بيأنبنى‘ظهر عم مراد فى الصوره..خطرت لى فكره..وجاريته فى الكلام.. واتفاوضت معاه.. ووصلنا لمتين الف جنيه
شريف: ( هائجاً) انتى بتقولى ايه؟!!!!!!
فتنة : يا حبيبى اصبر وهتفرح بيا صدقنى ..ما تستعجلش على رزقك..أومال لما تسمع اللى جاى‘هتعمل ايه؟
شريف: هو لسه فى اكتر من كده ؟
فتنة : ( فى مزاح) طبعاً.. ده انتا بكره هتقابله يا حبيبى.. وهتتفق معاه كمان (يهب شريف هاماً بالإنصراف دون تعليق.. تتمسك بيده)
فتنة : يا حبيبى صبراً جميلاً ..ماهيه دى الخطه ..احنا يادوب هنجاريه فى الكلام ‘ عشان نقدرنسجل لُه اعتراف صريح..و يبقا معاك دليل إدانه.. وتطلع انتا السما ..وينزل هو اسفل سافلين

يبدو على شريف ملامح الشرود للحظات ليست بقليلة..تهزه فتنة

فتنة : انتا روحت فين يا عم انتا؟
شريف: (وقد تنبه) هه؟
فتنة : مالك؟
شريف: خوفت منك
فتنة : (ضاحكة) منى انا ؟!
شريف: ما كنتش اعرف انك شريره أوى كده
فتنة : انا شريره يا شريف؟
شريف: لاسمح الله .. انتى شيطانه بس
فتنة : يستاهلوا ولا لأ؟
شريف: حتى لو يستاهلوا .. المفروض إن شعور الإنسان بآذيّة ما بيمرش بسهوله كده..ما فيش شك انه احساس مُعذ ِب فى كل الأحوال
فتنة : أهو هو ده الضعف اللى بيخليهم يتوحشوا وياكلوا فى لحم الغلابه
شريف: ده مش ضعف يا فتنه.. ده خوف من الإحساس بقلق القلب أو تعب الضمير..(بتوتر ظاهر)حتى لوكانوا يستاهلوا
فتنة : انتوا كلكم عندكوا فصام على فكره .. منين تكون مهمتك كشف الفساد ومنين تتراجع ساعة الحساب؟! تبقا عملت ايه؟ ولا هيه ضجه وخلاص؟!
شريف: انا مهمتى اكشف الفساد ‘ مش انصب لوش الفخاخ..دى مهمة المسئولين عن تطبيق العداله
فتنة : ولما يكون فى ايدك الدليل اللى يساعدالمسئولين دول فى تطبيق العداله ‘تطلـّعه ولا تداريه؟
شريف:بس انا معايش دليل عشان اداريه!!
فتنة : مغالطه.. واحده من أدوات المثقفين اللى بيهربوا بيها من المواجهه الفعليه..كلام ‘كلام ‘كلام ..للآسف يا شريف ‘ فى الآخر دايماً بتطلعوا ابطال من ورق.. حكم ضميرك يا رجُل المبادىء..أظن عيب اوى لما انا اللى انبهك للكلام ده يا شريف
شريف:(وقد حنى رأسه ..فى حزن)خلاص يا فتنه..إعملى اللى يريحك


تخفت الأضواء شيئاً فشيئاً ليسود المسرح ظلام كامل إلا من إضاءة سُلطت على وجه فتنة طوال الوقت الذى تستغرقه الأغنية :
إنـذار يا كـل الناس

إنـذار يا كُـل البَـشَر

يا نعيـشـها زى الناس

يا مـيزانا مال وانكسـر

لو شـوّهنـا الضمــير

هتغـيب شمـس المصـير

ونتـوه ونضيـع فى بيـر

وِنفـوُت ع الكـون هـــَـدَر








ستــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــار




يتبع







المشهد الثانى:
ــــــــــــــــ
يفتح الستار على مقر الجريدة حيث يجلس شريف منهمكاً فيما يكتبه .. تدخل فتنة ملقية بالتحية

فتنة : صباح الخير
شريف: صباح الفل..حمدالله ع السلامه
فتنة : إتريق براحتك يا عم
شريف: لا صحيح ' أيه اللى أخـِّرك كده ؟
فتنة : هو انتا مش واخد بالك ولا أيه ( تدور حول نفسها )
شريف: إش إش إش ..أيه الفساتين الحلوه دى ؟
فتنة : ده بعض ما عندكم
شريف: ده إنتى قتلتى قتيل بقا ؟
فتنة : مين قال لك؟
شريف:هوّ بعد مظاهر الثراء الفاحش ده لسه هحتاج حد يقوللى ؟!
فتنة : وانتا لسه شوفت حاجه ..دى حاجه ع الماشى كده يا بابا
شريف: (واقفاً..وقد اكتسى وجهه بملامح الجدية)جبتى الفلوس دى منين يا فتنه؟
فتنة : من عند الله..هولازم كل حاجه تبقا انتا اللى جايبها
شريف: أوعى تكونى اخدتيها من فلوس مراد الدرمللى
فتنة : أومال يعنى هاخدها من ميراث عم سليم؟!
شريف: (فى انفعال شديد) بتقولى أيه يا مجنونه ؟!
فتنة : اللى سمعته يا حبيبى
شريف: (مقترباً منها ممسكاً بكتفها ) فين الشريط يا فتنة؟
فتنة : (وقد كاد وجهها أن يلامس وجهه) شريط أيه؟؟
شريف: اللى سجلناه لمراد ..هوَّ فى غيره؟
فتنة : إنتا بتتكلم عن أيه يا حبيبى..(تجس جبينه بيدها)مش سُخن ولا حاجه يعنى!!
شريف: فتنه انا مش بهزر ..فين الشريط ؟
فتنة : ولا انا ..انا مش عارفه إنتا بتتكلم عن أيه أصلاً
شريف: (محذراً) فتنه..
فتنة : فتنتك معاك يا شريف
شريف: (وقد استبد به الغضب)ما تكلمينى زى ما بكلمك
فتنة : خلاص يا شريف ..ما دُمت مصمم تتكلم جد 'هكلمك جد..شوف يا شريف.. أصعب ما كان فى الموضوع ده
مقابلة مراد ..وخلاص قابلته.. واتفقت معاه ‘ وقبضنا الفلوس كمان..فاضل ايه؟....نتمتع بيها بقا.. ؟
شريف: انتى اكيد اتجننتى..
فتنة : بالعكس انتا اللى هتبقا مجنون لو ما طاوعتنيش
شريف: يعنى كنتى بتخدعينى؟
فتنة : هعمل ايه بس يا شريف انتا اللى اضطرتنى لكده
شريف: مش ممكن .. مستحيل تكونى بالبشاعة دى ..ده شغل شياطين !!
فتنة : اتأدب يا شريف
شريف: إنتى لسه شوفتى حاجه..صدقينى يا فتنه لو حكمت إنى أبلغ فيكى النيابه هبلغ فيكى النيابه
قتنة : ما انصحكش يا شريف.. الظاهر إنك مش واخد بالك إنى مش طرف فى الموضوع..الحوار المسجل كان
بينك ومراد ' اللى تعاونّا انا وهوَّ يلبسها لك انتا يا حبيبى..ولو حابب تجرب جرب ..ديتها أسلحه بنسخه
تانيه من الشريط اللى معايا واخلّيه يتمشى لحد النيابه .
شريف: نسخه تانيه!!
فتنة : أومال انتا فاكر أيه يا حبيبى؟! ما اظنش تكون مفكـّر إن الراجل كان هيدفع ربع مليون جنيه
عشان تتمتع انتا ويغنى هوّ ظلموه
شريف: ربع مليون!!
فتنة : أصلى نسيت اقولك إن عمولتى فى الموضوع ده كات خمسين الف جنيه..بس شكلك كده هتخدمنى
وتخليهم لى ربع مليون جنيه .
شريف: يبقا حبلك لف حوالين رقبتك يا فتنه‘ ومراد نفسه هو اللى هيخنقك بأيده'وانا هستعجل اليوم ده'
ومن بكره هفتح عليه طاقه من جهنم ..وهسجنكم انتوا الاتنين يا فتنه
فتنة : طول عمرك عبيط يا شريف..انا بس اللى اقدرأسجنكم إنتوا الاتنين..لإن انا اللى معايا
الشريط المسجل عليه إتفاقكم .. وما تنساش إن مصلحة مراد هتبقا معايا انا بعد ما يعرف انك خدعته.. .
لسببين ..عشان يبرأ نفسه من تهمة الرشوه لو قليت عقلك وعملتها وعشان يسترد فلوسُه ..اللى مش .
هيستردهم طبعاً لانهم معايا واللى سعادتك هتبقا مسئول عن ردهم بالطبع
شريف: أنا مش مصدق ودانى..كأن ابليس هو اللى بيكلمنى.. لا بقا عندك مبادىء ولا قيم ولا حتى احساس
فتنة : (تضحك بصوت عال)هاهاها مبادىء؟!! (تعبث فجأة ..تطفىء الأنوار عدا دائرة سلطت على وجهها) ما
انتا لو كنت شوفت اللى شوفته ما كنتش قولت الكلمه دى قدامى وكنت عرفت ان خبرتى أكبر بكتير من .
خبرتك ومن خبرة إبليس بتاعك ده.. ابليس ما جاعش زى انا ما جوعت ..ما خافش زى انا ما خوفت .. .
ما اتحرمش قد ما انا اتحرمت..عايز تساوينى انا بعد كل ده بيأبليسك المرفــّه ده !!
شريف: يا خساره ..كان أولى بيكى تكونى فخوره بنفسك وانتى بتعدى انواط شرفك .. بس للآسف ..تفهمى منين
الكلام ده
فتنة : (تضحك بجنون)مش عايزه افهم ..مش عايزه افهم (بسخرية)فخر..ها ها ها ..(تستدير) انتا بتقول كده
لانك ما جوعتش يا شريف.. ما بردتش ..ما خوفتش شريف انتا ما عشتش التجربه عشان تقول انك
نجحت ..اللى ع البر دايماً عوام

شريف: دى حجج الطماعين اللى زيك بيداروا بيها طمعهم المجنون .. مش هتقدرى تجملى الشيطان اللى طالل
من عنيكى بالكلمتين دول يا فتنه
فتنة : انتا اللى مجنون يا شريف..صدقنى.. لإنك ما اتعلمتش حاجه من تجربة بابا ..(تتنهد) بابا .. بابا اللى
حرمنى من حضنه و رعايته ' بابا اللى حرمنى من حمايته فى عز ما كنت محتاجاها..بابا اللى افتكر حقوق
الناس كلها إلا حقى انا ..حقى فيه كأب ..ونصب نفسه مسئول عن كل الناس 'ونسى إنه كان مسئول عنى
انا بالأساس وقبل أى حد زى ما نسى انه مسئول عن أمى ' أمى اللى عاشت مقهوره ومحرومه من كل
حقوقها كزوجه وكانسان.. أمى اللى كنت بسمع بكاها وقت ما يكون الناس كلهم نايمين مطمنين.. كنت
عايزنى أعمل أيه يا شريف ؟!ما اكتفيش من مأساتى بدور الطفله المُعذبه ' واكمله بدور الزوجه .
المقهوره ..انا خدت كفايتى من العذاب يا عزيزى..ومش ناويه اجربه تانى..ولا هسمح لحد يودى عيال
لنفس المصير ابداً..ابداً يا شريف
شريف: والناس اللى آمنت بينا ذنبهم ايه؟
فتنة : وكانوا فين الناس دول ؟ ؟ مين فيهم مد ايده وطبطب عليا مره ولو من باب الشفقه ..هما كمان يستاهلوا..
كلكم تستاهلوا..(تقترب منه..فى توسل متوتر ) شريف انا بحبك..ما تخلنيش اخسرك أو اعاديك..خليك
معايا..احسبها صح مره واحده ..ارجوك يا شريف..وانا هضحى وارجع لك فلوسك ..مهى هتبقا فلوس
ولادنا..(تقترب منه ..تضع يدها فوق كتفه) ياللا نعيش يا شريف 'ياللا نحقق احلامنا ..ننام متطمنين
..نفرح واحنا بنرسم جنة ولادنا 'مش هتخسر حاجه' وهتفضل قدام الناس الصحفى الجرىء زى ما انتا
البطل المحارب للفساد ' بس من غير ما تعذب ولادك ..دنيا الفساد ما وقفتش عند مراد ..فى غيره كتير
يا أخى.

شريف: (وهو يتراجع متباعداً عنها..صارخاَ)لأ..لأ..لأ

فتنة : (بنفس عصبيته) وانا مش هسمح لك تكون عقبه فى طريقى.. يا تكون معايا ..يا تكون ضدى؟

شريف: وانا عمرى ما هكون مع الشيطان .. عمرى يا فتنه

فتنة : يبقا انتا اللى اخترت يا شريف..( وهى تدور بالمسرح) مفاجئة العدد اتهام شريف عز الدين بالرشوه..بنط
كبير ..النيابه تستمع الى شريط مسجل بصوته .. الشاهدة تؤكد محاولاتها المستميته فى إقناعه بالعدول
عن الفكره.. الحكم على شريف عز الدين بالأشغال الشاقة.. كيف خدع عز الدين قراءُه ومحبّيه ؟
..منشيتات جميله يا شريف مش كده ؟تكفـّى حمله صحفيه من العيار التقيل وتدخلنى لعالم المجد من أوسع
أبوابه ..وابقا جمعت بين الفلوس والشهره والبطوله..واتزين بكل انواط النزاهة والشرف..وانتا يا حرام ..
شريف: (وهو يجوب المسرح واضعاً يديه فوق اذنيه)اسكتى.. اسكتى يا مجرمه' اسكتى
فتنة : فكر كويس يا شريف..راجع نفسك 'وابقا قوللى نويت على أيه؟(تهم بمغادرة المسرح..تتوقف بجوار
الباب.. تلتفت اليه )شريف.. مراد بيه مش هيصبر علينا أكتر من كده.. على الأقل توقـّف هجومك عليه
دلوقت ..سامعنى يا شريف..سلام( تغادر المكان)

يجوب شريف المكان جيئة وذهاباً .. تشى حركاته بتوتره الشديد ..يجلس على مكتبه ..يتذكر حديثها فى
الفندق

صدى صوتها: للدرجه دى فقدت ثقتك فيا يا شريف ..إنتا ناسى انا بنت مين
كلامك خلانى احِس انا قد أيه حقيره.. وقد أيه انتا عظيم
إزاى نسيت اللى بابا ضحى بعمره وهو بيناضل عشانه
صدى صوته:انا مش عارف اتكلم ..بجد انا .. أسعد إنسان فى الدنيا..هيه دى فتنه الشرقاوى اللى انا حبيتها
شريف : (وقد اندفع صوب الحائط مسنداً اليه رأسه..وبصراخ متصاعد) عبيط عبيط عبيط(يتذكر حوارها
الأخير)
- الحوار المسجل كان بينك وبين مراد
- أصلى نسيت اقولك إن عمولتى فى الموضوع ده كات خمسين الف جنيه
- انا بس اللى اقدر اسجنكم انتوا الاتنين
- مصلحة مراد معايا انا..عشان يبرأ نفسه ,ويسترد فلوسه
- هدمّرك يا شريف . .هدمّرك..هدمّرك ..هدمّرك

تخفت الأضواء تدريجياً وصولاً للإظلام الكامل

شريف:(صائحاً)هقتلك ..هقتلك يا فتنه ..هقتلك




ســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـتار







يتبع

الفصل الثالث
المشهد الاول
ـــــــــــــــــــــ

مقر الجريدة حيث نرى عادل المستند إلى مكتبه وهو ينظر إلى أمينة فى شرود.. تدخل فتنة وقد علقت ذراعها برباط التف حول رقبتها..
فـتنة: صباح الخير
عادل: (مندفعاً نحوها)أهلاً فتنة..حمدالله ع السلامه..أيه المفاجأه الحلوه دى؟
فتـنة: شكراً يا عادل ربنا يخليك (تتجه الى مكتبها)
عادل: إنتى خرجتى إمتا؟
فتنـة: (كمن أحست الماً عند جلوسها)إمبارح بس ..(مخاطبة أمينة)أيه يا أمينه ‘ما فيش حمد الله ع السلامه
أمينة: (ناظرة اليها فى برود) حمد الله ع السلامه
عادل: مش كنتى ريحتيلك يومين تلاته كمان ..مستعجله على ايه؟
فتنة : زهقت يا عادل.. مش قادره أبطل تفكير فى اللى حصل..شريف !!.. شريف يحاول يقتلنى انا !!..فتنه !! (ترمقها أمينة بنظرة استنكارية)
عادل: ومِن سمعِك..ما حدش قادر يستوعب اللى حصل أصلاً
فتنة : ما كنتش اتصور إن حقده ممكن يوصلـُه للدرجه دى ابداً .ً
عادل: (فى دهشة متسائلة) حقده؟! شريف؟!(ترمقهما أمينة فى ترقب)
فتنة : (متصنعة شرود الذهن)هه؟.. هو انا قولت ايه؟
عادل: (ضاحكاً) باين عليكى لسه تعبانه.. انا بقول تقومى تروّحى احسن
فتنة : ليه يا سى عادل ؟! انتا فاكرنى بخرّف ولا أيه؟(يبدو على أمينة الضيق..تهم بمغادرة المكان)
أمينة: عن إذنكم ( يرقبها عادل فى شيىء من الدهشه بينما تبتسم فتنة)
فتنة : مش قادره حتى تجاملنى بالكدب؟!
عادل: قصدك أمينه ؟
فتنة : زى ما تكون عايزه تقتلنى
عادل: حرام عليكى يا شيخه .. دى أمينه بنت حلال .. هوّ كان بينها وبينك ايه يعنى؟!
فتنة : ده بينا ونص .. انتا أصلك مش عارف حاجه
عادل: طب ما تعرفينى
فتنة : وانا مالى يا عم ..
عادل: ( وقد بدا عليه الاهتمام ) شكلك كده عايزه تقولى حاجه ومتردده
فتنة : والنبى يا عادل الله يخليك ..انا مش ناقصه مشاكل .. ولا عايزه حد يزعل منى .. بالذات انتا
عادل: افهم من كده إن فى موضوع أنا طرف فيه؟
فتنة : يوووه يا عادل ..سيبنى فى حالى إعمل معروف
عادل: (وقد استبد به القلق ) إعملى انتى معروف وفهمينى فى أيه ؟ انا الشيطان بدأ يلعب فى عقلى..
فتنة : منا خايفه تظن انى بفترى عليهم ‘ عشان اللى عمله معايا شريف
عادل: تفترى عليهم ؟! شريف وأمينه؟!.. قصدك...
فتنة : أومال انتا فاكر الخلافات اللى كات بينا دى سببها أيه ؟..(تصمت لدخول أمينة)

تتجه أمينه الى مكتبها .. تخرج احد الملفات من درج المكتب ..تستير باتجاه الباب .. تفاجئها فتنة بالسؤال

فتنة : شريف عامل ايه دلوقت يا أمينه؟(تبتسم)
أمينة: (بتحدٍ)كويس يا فتنه .. كويس جداً كمان( تنظر اليها شذراً ..تخرج)
عادل: ( ولا يزال محدقاً فى الباب) والعلاقة دى كات واصله لحد فين؟
فتنة : الله اعلم .. وانا هفترى على الله ؟! انا ما اعرفش حاجه ‘حرام
عادل: (هامساً ) شريف!! .. صاحبى !!
فتنة : منا قولت يا عادل .. غيرته جننتـُه
عادل: غيرته من مين ؟! منى؟!
فتنة :(مؤكدة فى إصرار) أيوه منك انتا يا عادل
عادل: (فى حسرة) منى انا ؟! ليه؟! دى الدنيا ادته كل حاجه ..وحرمتنى من كل حاجه
فتنة : مش كل حاجه يا عادل
عادل: ( ضاحكاً فى مرارة) ها ها ها ‘تعرفى ان احساسى بالذنب بيموتنى من كتر ما بيخونى تفكيرى واسأل نفسى ليه؟..ليه شريف ياخد كل حاجه ‘ وانا ما خدش ولا حاجه؟مع اننا ذاكرنا مع بعض واتخرجنا مع بعض واتعَيّنا فى نفس الجريده فى نفس اليوم برضو مع بعض!! ليه هوه بقا فوووق عند السما ؟! وليه انا بَعُـض فى الأرض؟!..حتى الحب كان حظه فيه أحسن منى !!
فتنة : دى بقا لأ يا عادل .. وده اللى خلاه زى المجنون .. إزى هوه الفارس العظيم ‘صاحب النجاحات والشهره ‘يحب واحده وتفضل عليه صحفى غلبان اختار يعيش فى الضل؟
عادل: (فى اندفاع) شريف ما حبش غيرك
فتنة : (فى عصبية)وانا ما حبتش شريف
عادل: (أكثر حدة) انتا ما عرفتيش غير شريف
فتنة : (صارخة) كنت عيله.. إرتباطه ببابا خدعنى ..الشبه اللى بينهم حاصرنى ‘خلانى مش شايفه غيره..لكن يوم النضج كان لازم يجى .. كان لازم افهم الناس والدنيا ..كان لازم اعرف يعنى أيه حب.. وساعتها عرفت انا بحب مين
عادل: (وقد ازدادت عصبيته) وانا داخلى أيه فى كل ده؟
فتنة : (تبادله العصبية) انتا مش عايز تفهم ليه؟
عادل: قصدك..(يمسك عن الكلام)
فتنة : أيوه يا عادل .. بس حـُبّك لأمينه خرس لسانى ..رغم انى عارفة كويس إنها مش شايفه ولا هتشوف فى الدنيا غير شريف..حتى لو ما كانش ليها ..هتترهبن عليه
عادل :(فى انكسار) للدرجه دى؟!
فتنة : أمينه عمرها ..ما هتقتنع بيك يا عادل .. مش انتا الشخص المناسب لطموحها‘ ولا لتفكيرها
عادل : (وقد انحنت هامته) صحفى الضل..
فتنة : اسفه يا عادل ..ده المصطلح اللى هيه استخدمته بالظبط
عادل : قالتهالك كده بصراحه؟!
فتنة : الحقيقة لأ.. انا سمعت الكلام ده من شريف
عادل : للدرجه دى هيه شيفانى صغير؟
فتنة : اعذرها يا عادل .. شريف دلوعة الجريده‘ وبطل القراء.. شريف له بريق طاغى ‘ما حدش يعرف حقيقته غيرى
عادل : وانااللى كنت عايش فى وسطهم زى العبيط
فتنة : انتا احسن منهم يا عادل ..مشكلتك إنك صادق فى تصرفاتك ..بتتكلم عن المبادىء وانتا فعلاًصاحب مبادىء ..مش زى ناس قدرت تخدع الدنيا كلها ..قدرت تاخد احترام الناس ومتعة الدنيا (ينظر اليها فى دهشة متسائلة) أيوه يا عادل ..إسألنى انا ..انا اللى اعرف الحقيقة ..واعرف السكه لو حبيت..وهتبقا معذور ‘من حقك تثبت للكل إنك مش أقل من أى حد .. من حقك تندّمهاعلى إنها فضلتُه عليك .. ومن حقك برضو تنتقم لبراءتك وصفاء نيتك ‘ اللى شريف ما عملهُمش أى حساب . ولو عاوزنى أساعدك هساعدك..المفاتيح كلها معايا..والفرصه قدامك‘ وما اظنش إنها ممكن تتكرر تانى

يقطع حديثهما دخول أمينة التى ينظر اليها عادل فى غضب يدهشها ..فتبادره بالسؤال
أمينة: مالك يا عادل ..فى أيه؟!(يستدير تاركاً المكان دون أن يرد) وده ماله ده كمان؟!!
فتنة : ما تخديش فى بالك.. هما الرجاله كلهم كده
أمينة: بيتهيألى لما الشيطان بيُنخر فى عقولهم بس
فتنة : طول عمرك بتفهميها وهيه طايره يا أمينه
أمينة: مادام كده بقا ما نخلى الكلام ع المكشوف
فتنة : (ضاحكة)و المكشوف ده يخص شريف ‘ولا عادل؟
أمينة: انا عرفت كل حاجه من شريف يا فتنه..
فتنة : ياااه ..قد كده شريف بيستأمنك؟!
أمينة: شريف أكتر من اخويا ..وانتى عارفه كده كويس
فتنة : (بابتسامة ماكرة) وعارفه إنك ممكن تعملى أى حاجه عشان أغير أقوالى ..صح
أمينة: طلباتك أيه يا فتنه
فتنة : (وهى تفتح حققيبتها) بيعجبنى فيكى إنك عمليه (تخرج شريط كاسيت وريكوردر صغير..تشير إليها بالشريط قبل أن تضعه فى الجهاز) إسمعى ده الأول وبعدين نتكلم ....(نسمع الحوار الدائر بين شريف ومراد)

ص مراد : والمتين ألف مش كتير عليك يا شريف بيه ..إتفضل عدهم
ص شريف: يا راجل!! الدار أمان
ص مراد : منتظرين إعتذارك فى العدد الأسبوعى زى ما وعدت
ص شريف: إعتبره اتكتب
ص مراد : كده يبقا اتفاقنا خلص ..وكل كلمه هتكتبها فى الإتجاه المعاكس هيكون لها شيك منفصل ..
ص شريف: أما نشوف
فتنة :( وهى تطفىء الجهاز)أيه رأيك ؟
أمينة: لعبتيها صح
فتنة : ياريت انتى كمان تلعبيها صح(تتجه إلى مكتب أمينة .. تفتح الدرج ثم الحقيبة) سورى يا أمينه الإحتياط واجب برضو
أمينة: كل واحد الناس بيشوف من تحت نضارتُه هوّ يا فتنه
فتنة : شوفى يا أمينه بدخولك اللعبه ‘ بقا مصيرشريف فى ايديكى يا يطلع م المشكله اللى هوه فيها ‘وتنولى انتى الرضا..ده لو وافقتى على طلباتى طبعاً.. يا اشيّلـُه مصيبه كمان واروح اقدم الشريط ده للنيابه الصبح..ده لو
أمينة: طلباتك يا فتنه
فتنة : أولاً..رئيس التحرير لازم يقتنع ببراءة مراد من كل اتهامات شريف..وان الصالح العام وحفاظاً على مصداقية الجريدة اننا نكتب للناس دى اعتذار‘ وعلى الصفحه الأولى ..بعد كده وبطريقتك انتى ‘هتعملى حمله مضاده ..باختصار هتنفذى اتفاق شريف بالنيابه
أمينة: انتى أكيد بتخرفى!!
فتنة : يبقا الشريط هيتقدم للنيابه الصبح ..وملاك الرحمه اللى جه ينقذ شريف المسكين ورطه فى بلوى جديده ..ما يتهيأليش إن قلبك الكبير يا أمينه يقدر يتحمل كده
أمينة: عمرى ما شوفتك غير شيطان .. عشان كده عمرى ما هستغرب منك أى تصرف‘ مهما كات قذارته وشيطانيته
فتنة : حبيبتى انا ما ضربتش شريف على ايده عشان يسجل الشريط ‘ ولا قولت له والنبى اقتلنى .. و ما بضربكيش على ايدك دلوقت عشان تنفذى لُه اتفاقه ..كلنا يا أمينه عندنا استعداد للشيطنه ‘ المدخل بس هواللى بيختلف ‘شريف بحبه للبطوله ‘وانتى بحبك ليه ومراد بحبه للفلوس وانا بكرهى ليكم ..
أمينة: شيطانه..
فتنة : ( بغضب) أمينه.. خلص الكلام .. فكرى فى المسكين اللى بقا مستقبله بين ايديكى ‘وورينا ملاك الرحمه هيتصرف إزاى ؟هتضيعيه ؟ ولا هتخدرى ضميرك؟ .. اكيد فى الحالتين مش هتكونى مرتاحه يا أمينه (تضحك بجنون) ها ها ها ها

تطفىء الأنوار ليظلم المسرح إلا من بقعة ضوء سلطت على وجهها لتظهر امينة الى جوارها كظل ليس إلا
ســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتار
يتبع
المشهد الثانى
ـــــــــــــــــــــــ
مقر الجريدة..حيث شريف وأمينة يجلسان إلى مكتبيهما
أمينة : ما كانش قدامى حل تانى يا شريف..لو ما كنتش عملت كده كنت هتروح فى داهية
شريف: ( فى حدة) كنتى تسيبينى أروح فى ستين داهية وما تبعيش قلمك
أمينة : أنا ما بعتش قلمى يا شريف انا اشتريتك بيه.. وتفرق كتير أوى
شريف: بعت الغالى بالرخيص يا أمينه
أمينة : لما شريف عز الدين يكون رخيص ..يبقا فين الغالى يا شريف؟!
شريف: مبدأك يا أمينه .. مبدأك كان أغلى من انه يتضحّّى بيه عشان أى حد
أمينة :(وهى على وشك البكاء..بعصبية) بس انتا مش أى حد يا شريف .. ما كنتش أقدر اسيبك تضيع ‘ما كنتتش أقدر.. وبعدين انتا اللى حاصل ده كان سهل عليا ..انا مش عارفه انام ..ضميرى هيموتنى ..الاختيار كان صعب أوى يا شريف‘صعب أوى والله
شريف: ولا عمر ضميرك هيستريح تانى يا أمينه
أمينة : ولا كان هيستريح لو سبتهوم يدمروك ..كان برضو هيموتنى إحساسى بذنبك ..الشيطانه حطتنى بين نارين ما ينجاش منهم ضمير .. هوّانا انسانه برضو يا اخى وعندى مشاعر واحساس
شريف: عارف يا أمينه ومش هسيب الملعونه دى توظفهم لأعمالها القذره.أنا مستحيل أوافق انك تكملى معاهم مستحيل
أمينة : لو انسحبت هيدمروك يا شريف ..وهتعمل برضو اللى هيه عايزاه ..الجريده كلها بقت فى خدمة مراد الرمللى..عادل بقا زى الخاتم فى صباعها‘..قدرت تحرك فيه الغيره بعد ما كرهته فينا ..عرفت توظفه لأطماعها بعد ماحسسته بالدونيه وصحت شيطان حقده.. ماعدش شايف غيرها طريق للخلاص ..حتى رئيس التحرير قدرت تخدعه‘ دى خلته من أقرب الأصدقاء لمراد الدرمللى‘ رجل الخير وعضو البرلمان المنتظر.. فكرك هنقدر نعمل أيه ؟..ومين هيصدقنا ؟حاجات كتير اتغيرت فى الفتره اللى غبتها يا شريف..الخيوط كلها بقت فى ايديها وكلنا بقينا عرايس ماريونيت بتحكها زى ما هيه عايزه ..
شريف: وإزاى سكتى يا أمينه لغاية الأمور وصلت للخطوره دى ..كده تبقى حسبتيها غلط يا أمينه ..أشتريتى قلم مقصوف بجريده كامله يا أمينه .. بس لأ ..(صارخاً) لأ .. انا لازم افضحها ..لازم أكشفها قدام الكل ويحصل اللى يحصل..( يندفع خارجاً من الباب)
أمينة : ( محاولة اللحاق به ) شريف إستنى يا شريف (تخرج)

لحظات وتدخل فتنة ومن خلفها عادل .. تبدو عليهما علامات البهجه

فتنة : يللا يا عدوله ورينا الهمه .. عايزين تحقيق حلو كده يبروز الراجل .. ما عدش باقى ع الانتخابات غير يومين اتنين ..واديك جربت الراجل ودوقت فلوسه ( تضحك) مش كده ولا أيه؟
عادل : كده ونص..وانا عرفت الدنيا الا على ايده‘ ما ينكرش الخير الا كل جاحد ( يقاطعه رنين الهاتف.. يرفع السماعه) الو .. أهلاااااااااااااً مراد بيه ‘ أيه المفاجأة الحلوه دى يا باشا ..لا والله مش مجامله ‘ لا إزاى ده احنا لسه فى سيرة سعادتك دلوقت حالاً .. أنا وفتنة طبعاً ..لا والله يا باشا ده احنا لسه بنتكلم حالاً فى التحقيق اللى هنتوج بيه حملتنا .. خدامينك يا باشا ..أه ..أهيه مع سعادتك(يعطى فتنة سماعة التليفون)
فتنة : إزيك يا مراد بيه .. ما انتا عارف فتنه ..( تهمس بصوت خفيض) ما ينفعش دلوقت ..( تضحك) عادل جنبى ..طب إستنى ( إلى عادل) عادل ممكن تشوف أيه إمكانية تخصيص مساحة لمراد بيه فى الصفحة الأولى مع رئيس التحرير
عادل : أكيد هيوافق يعنى يا فتنه
فتنة : ( وكأنها تهمس إليه) برضو اتأكد يا أخى .. مراد بيه عايز يتطمن
عادل : ماشى يا ستى( يخرج)
فتنة : أيوه يا حبيبى .. (تضحك) وزعته .. وانتا كمان ( فى رومانسيه ) انا عشانك اعمل اى حاجه .. الليله؟ لا مش هينفع خالص.. مهو ده كمان عشان خاطرك يا حبيبى .. ما انتا عارف عادل ‘ ما ينفعش اسيبه لوحده التحقيق لازم ينزل المطبعه الليله.. إنتا هتعمل زى العيال الصغيره ولا أيه؟ .. يا حبيبى هانت كلها تمانيه واربعين ساعه وتبقا جناب عضو البرلمان المحترم..هعوضهالك بعد الانتخابات ..اوكيه يا حبيبى خلاص ..خلاص مع السلامه .. وانتا كمان ..(بدلال) اقفل بقا ..لما تقفل انتا الأول .. خلاص نعد لتلاته ونقفل مع
بعض ..واحد ..اتنين ..تلاته (تضحك) ما قفلتش ليه (تعبث بفتاحة الأظرف).. إحلف..(يقاطعها دخول عادل)
عادل : مشغول مع شريف بيه يا ستى
فتنة : ( وهى تنهى المكالنه) طيب يامراد بيه ..معلش نص ساعه بس وهنتصل بحضرتك .. لا أكيد هيوافق إن شاء الله ..أه ‘صفحتين فى وش بعض ‘غالباً هيكونوا أربعه وخمسه..أه ..إن شاء الله .. مع السلامه .. مع السلامه (إلى عادل باهتمام شديد) بتقول أيه يا عادل ؟
عادل : بقول مشغول مع شريف بيه والست أمينه
فتنة : مشغولين ف أيه يعنى؟
عادل : وانا اعرف منين يا فتنه؟! الباب مقفول عليهم ‘ والدخول ممنوع .. باين له اجتماع مغلق ولا ايه
فتنة : (وهى تضرب بقبضتها على المكتب) مش وقته خالص ‘خالص
عادل : (فى قلق مفاجىء) فى أيه يا فتنه؟
فتنة : (فى عصبية) فى أيه؟! ما انتاش عارف ممكن يكون فى أيه ؟!
عادل : بتتنرفزى عليا ليه طيب؟
فتنة : لأنك ما تفكرش..زى ما تكون خايف تشغل دماغك لا تضرب منك ..
عادل : ما يصحش كده يا فتنه ..أيه اللى حصل لكل ده يعنى ؟!
فتنة : ولا حاجه.. (تفاجئه بصرخة) زمانهم بوظوا لنا الدنيا يا غبى
عادل : ولا هيقدروا يعملوا حاجه ..شريف خلاص راحت عليه.. ما بقالوش أى مصداقيه عند رئيس التحرير
فتنة : وانتا بقا مفكر انه سلم على كده .. مش شريف اللى يفرط فى البساط اللى اتسحب من تحت رجليه بالسهوله دى.. انتا ما تعرفش الحقد ممكن يعمل أيه فى الناس
عادل : بيتهيألك .. ولا هيقدر يعمل حاجه .. خلينا فى المهم
فتنة : (بعصبية) وفى أيه أهم م اللى احنا فيه؟
عادل : فى أيه يا فتنة؟ احنا مش متفقين إن جوازنا يبقا بعد الانتخابات .. والانتخابات خلاص ‘ما عدش باقيلها غير يومين ..يعنى المفروض نجهّز لفرحنا بقا
فتنة : واحنا كنا مأجلينه لبعد الانتخابات ليه يا ذكى .. مش عشان نظبط نفسنا بالفلوس اللى هناخدها من مراد بيه؟..ولو الحمله باظت والراجل سقط ..هنعمل أيه
عادل :(مقاطعاً.. فى هلع ) قصدك إن شريف ...(يصمت للحظة) ده على جثتى
فتنة :(بعصبية اشد) هيه خناقة يا بنى أدم ؟!(وهى تغرس إصبعها بجانب رأسه) ما تشغل مخك ده شويه
عادل :الحمله هتكمل يا فتنه ..ومراد هينجح ..وجوازنا هيتم فى معاده ..ومش هسمح للجن الازرق يقف فى سكتنا ..ولو حكمت اقتله (بحدة) فاهمه.

نسمع صوت أمينة اتياً من الخارج

أمينة : إستنا يا شريف .. استنا اعمل معروف..شريف

يدخل شريف فى هياج شديد..ينقض على فتنة بينما عادل وأمينة يحاولان إبعاده عنها دون فائدة

شريف: (على خلفية تهديدات عادل وتوسلات أمينة) عملتيها يا ملعونة ..حولتينا كلنا لشياطين لخدمة شرورك وأطماعك..انتى حرام تعيشى..مش هسيب تدمرى الدنيا..انتى لازم تموت.. لازم تموتى.. لازم تموتى
(يسحب عادل فتاحة الأظرف من فوق سطح المكتب)
أمينة : حاسب يا شريف ‘حاسب ( تحاول صد الطعنة عن شريف فتخترق جسدها)
عادل :( وقد هاله ما فعل) لأ يا أمينه ..مش انتى .. أنا مش قاصدك واللهِ.. مش قصدك انتى ( يجهش فى بكاءٍ شديد.. تسقط أمينة ارضاً..فيطلق صرخته مدويه) لئاااااااااااااااااااااااا( ينكب فوقها باكياً)

يتراجع شريف مذهولاً حتى يصطدم ظهره بخلفية المسرح وهو يهذى باسم أمينة

شريف: أمينة .. مش انتى يا أمينة ..مش انتى .. الشيطان.. الشيطان هو اللى كان لازم يموت.. مش انتى يا أمينه

يلتصق أكثر بالخلفية ولا زال على هذيانه ..تنحصر عنه الأضواء شيئاً فشيئاً ليصبح هو وعادل المنكب على أمينة مجرد ظلال باهتة .. بينما تُركز دائرة ضوئية على وجه فتنة الذى يُعبر فى تلك اللحظة عن كل ما فى الشيطان من حقد وشماتة
شريف: ( فى هزيمة) انتى لعنه
فتنة : (فى جرأة) صنع إيديكوا يا شريف
شريف: عملنالك أيه يا ملعونه عشان تعملى فينا كده ؟!(صارخاً) عملنالك اية؟ (يهاجمها فى غير توازن.. تفر منه .. يسقط أرضاً..من موقعه على الأرض )أيه الذنب اللى ارتكبناه فى حقك ‘عشان تكوينا كلنا بنارك؟أيه؟؟؟؟
فتنة : (تبادله الصراخ) وكان أيه الذنب اللى انا جنيته فى حقكم عشان انكوى بناركم ؟
شريف: ضيعتينا الله ينتقم منك
فتنة : وما انتقمش منكم ليه لما سرقتوا جنتى .. طفولتى ..برائتى ..رضايا ..أمانى .. متعتى .. انتوا ضيعتوا منى كل حاجه ..كل حاجه
شريف:(مشيراً إلى أمينة)والمسكينه دى عملتلك أيه؟ وعادل عملك أيه؟ انا عملتلك ايه؟
فتنة : وانا كنت عملتلهم أيه؟ للآسف يا شريف .. الدايرة اتقفلت واللعبة لازم تكمل .. ولازم ‘لازم اكسب المره دى .. لازم
شريف: ( فى تحدٍ) ده بعينك .. انا مش هسيبك ( يصرخ فى وجهها وهو يهاجمها مرة أخرى)مش هسيبك(تفر منه برشاقة)
فتنة : (وهى تراوغه) ها ها ها ها

تتجسد فى حركاتها صورة الشيطان وهى تراوغه بينما تتعالى ضحكاتها الشيطانية سخرية من إخفاقاته
المتكررة .. يسقطه اجهاده ارضاً.. وقد جثا على ركبتيه ناظراً اليها فى تحدٍ مجهد
شريف: مش هسيبك .. صدقينى مش هسيبك
فتنة : (بشيطانية) ولا انا ها ها ها ها ها



ســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــتار



تمت