المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رجاء النقاش ومجدي مهنا.. كلمة وداع في عالم "يهز وسطه"!



محمد هجرس
09/02/2008, 09:01 PM
للناقد والكاتب والأديب الراحل رجاء النقاش موهبة في اجتذاب المحبين
فهو المشجع،
وهو الذي يأخذ باليد في حنو غريب..
له في نفسي حب خاص، لأن تواضعه لم يمنعه وهو الناقد الكبير والشهير من ترديد الاعتراف بفضل أديب رائع هو الراحل أنور المعداوي ابن قريتي الصغيرة في أقصى شمال الدلتا المصرية، وسجل ذلك في الكثير من مقالاته
رأيت أستاذي رجاء النقاش ثلاث مرات،
الأولى حيث كنت طفلا صغيراً، ورأيت مشاهير مصر وأدبائها وكتابها العظام، يمشون وراء نعش المعداوي، الناقد الراحل عبد القادر القط، وعمنا محمود السعدني، والشاعر الشهير زكريا الحجاوي، والنقاش، والحمامصي وغيرهم من جيل الستينيات المعروف في الأدب المصري.
كانت هذه الجموع المهيبة، تمشي برهبة وراء نعش واحد من أشهر نقاد العالم العربي في فترة الازدهار، ودفع ضريبة انتمائه السياسي قاسياً للغاية.
طفولتي لم تفرق بين أصحاب البدل الراقية، لكني سمعت أن من بينهم كاتباً يدعى رجاء، فضحكنا نحن الصبية، كيف أن يكون ناقدا ذكراً واسمه على اسم أنثى (رجاء) وكانت نسوة قريتنا اللواتي يولولن أكثر استغراباً وإعجاباً.
المرة الثانية كانت في مكتب جريدة اليوم بالقاهرة، حيث كان مديرا للتحرير، وحينما علم أنني من المركز الرئيس ابتسم قليلاً، وكأنه يشكو، أجبرني حيائي في حضرته على الاستفسار منه، فقطعت الصمت بالقول: أستاذي.. لا زلت أذكرك وأنا طفل؟
فضحك وقال: ليه يا واد هو انا كبرت أوي؟
فقلت له: شبابك أستاذ لا حدود له.
فاستدرك: هيه قول لي بأة.. شفتني فين؟
فقلت له: في جنازة أنور المعداوي..
فهب واقفا: هو انت بلدياته؟
قلت نعم..
فاحتضنني بشدة، وأجلسني بجواره، وأخ يسرد علي، كيف أن هذا الناقد الكبير لو استمر حيا لغير موازين النقد الأدبي في العالم العربي، وكيف أنه صاحب أول نظرية للأداء النفسي في النقد.
جلست مع الأستاذ رجاء أكثر من ثلاث ساعات، كانت بالنسبة لي متعة لا مثيل لها.
الثالثة: كانت في الدمام، حينما جاء في زيارة للجريدةـ وصادف أن أقام رئيس التحرير مأدبة له، وعندما رآني، أمسكني من يدي، وأصر على أن احضر، وأجلسني بجواره.
فارق كبير بين النقاش الذي رأيته في المرات الثلاث، وبين آخر مرة، حينما شاهدته للمرة الأخيرة قبل أسابيع، هزيلاً نحيفاً، تحول هذا الوجه النضر، الذي يشع احمراراً إلى زجاج مكسور في حفل التكريم
استرجعت صورة الأستاذ، وقلت لنفسي:
ولو..
بالأمس.. مات رجاء النقاش..
لم يكن وحده، بل نعى الناعون أيضاً الزميل العزيز مجدي مهنا، الذي وصل بإصراره وعزمه إلى ما لا يحلم به كاتب ما
من حب من الناس، وتقدير من كافة أبناء المهنة مهما اختلفوا معه
مجدي كان صوت الضمير الذي يجلدنا "في الممنوع" كل يوم
وكان صوت الناس الذي يطل عبر قناة دريم أسبوعياً
لم يمنعه المرض أو الألم من الاستمرار في قلب المعادلة
في الأيام الأخيرة، عندما احتجب عموده اليومي، أحسست أنه لن يعود، حاولت بشتى الطرق أن أكتب له رسالة، لعلها تصل إليه في غيبوبته الأخيرة..
قرأت كلمات المحبين، في نفس العامود اليومي الذي أفردته جريدة المصري اليوم "حتى يعود"..
تمنيت لو شاركت بكلمة وداع على الأقل، لكنها الحسرة، عندما لا تتمكن من وداع زميل، بل تكتفي برثائه!
لا زلت أذكر وجهه النحيل، وهو الذي يسبقني بعام في كلية الإعلام بجامعة القاهرة..
لا زلت أذكر كل الزملاء الذين كانوا هم أمل الإعلام المصري الحديث، وصناعه الآن.
لا زلت أذكر ابتسامة سيف كمال نايل، والشاعر الجميل جمال بخيت ومجدي جمال الدين وجمال كمال، ومسعود الحناوي ومي نور الدين ونجلاء أبو ذكري، وسوسن ونور الهدى زكي، وطارق الشناوي ومحمد شومان وحنان شومان ومحمد الكيلاني، ومحمود نفادي، وأحمد نفادي وعبد المنعم السلموني ونصر القفاص وغيرهم.. وقبلهم تخرج أسامة سرايا، وعمرو عبدالسميع، وعماد الدين أديب، وليلى عبدالمجيد، وحمدي حسن، ومحمود علم الدين، وأشرف صالح، وأسامة أيوب، وخالد جبر، ومحمد المصري، ومحمود صلاح، ونوال مصطفى، وشريف رياض، وسمية سعد الدين، وعاصم القرش... وعشرات الأسماء التي تدير الآن الصحافة المصرية،
لا زلت أذكر حمدين صباحي ومحمد بسيوني والعزب الطيب الطاهر.. وفراج إسماعيل، وغيرهم ممن يصعب على في هذه اللحظة تذكرهم جميعاً..
لا زلت أذكر كل هؤلاء الذين تفرقت بهم وبنا السبل، فصرنا لا نلتقي إلا عبر تليفون عابر، أو ذكرى جميلة
قرأت الخبر اليوم، فوجدت عيني تدمع دون إرادة مني..
تنتحب بشدة على جيل جميل، مهما اختلف، ومهما تناقض، إلا أنه في النهاية علامة مهمة
استرجعت ذكريات تجاوزت عشرين عاماً، ولكنها في كل الأحوال تجعل من النقاش ومجدي قلباً حياً وفكراً ثاقباً وأسطورة خجول لم تأخذ حقها في عالم لا يعرف إلا أن يهز وسطه!

ابراهيم خليل ابراهيم
09/02/2008, 10:53 PM
رجاء النقاش ومجدي مهنا
رحمهما الله تعالى
لك تحياتى وشكرى

محمد فؤاد منصور
10/02/2008, 12:23 AM
فى يوم واحد فقدت مصر وعالمنا العربى كاتبين مهمين مشهود لهما بالنقاء وطهارة الفكر والوجدان ولذلك لم يختلف عليهما أثنان ومشت مصر بكل أطيافها وأحزابها وقادة الفكر والرأى فيها وراء الجنازة لتودع الراحلين العظيمين رحم الله الأستاذين :
رجاء النقاش ومجدى مهنا
وعوّض مصر والفكر العربى عنهما خيراً.

آداب عبد الهادي
10/02/2008, 12:50 AM
يؤسفني جدا هذا الخبر
صدمت بحق على خبر رحيل الأديب الناقد الكبير رجاء النقاش،وآلمني هذا الخبر.
لم أنس قول الراحل الكبير رجاء النقاش القول الجرئ حول مشكلة رواية العظيم نجيب محفوظ أولاد حارتنا الآتي:
(لماذا رفض الأزهر الشريف أن يعلن كلمته حول أولاد حارتنا منذ سنة 1959 حتى الآن ؟وأين هو تقرير الشيخ الغزالي الذي قيل إن الأزهر قد اعتمده وطالب بمصادرة الرواية على أساسه).
ألف رحمة للراحل المبدع رجاء النقاش.
وألف رحمة على الراحل مجدي مهنا وكما قال الدكتور محمد فؤاد منصور عوض الله مصر والفكر العربي عنهما خيراً.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.

اشرف الخضرى
10/02/2008, 03:15 AM
يا الله استاذ محمد هجرس

لقد ذكرتنى بايام حلوة وذكرت اسماء الكثير من الاحبة من الكتاب والمبدعين والصحفيين

كأن موضوعك هذا انشودة الحنين

ولا تخفى المرارة فى كلماتك

الايام تفرق بين الاحبة

رحم الله رجاء النقاش كنت احب كتاباته واحب التطلع الى وجهه الجميل

محمود الديدامونى
23/02/2008, 02:16 PM
رحم الله رجاء النقاش ومجدى مهنا
مقالك مؤثر جدا
خرج من القلب ليدخل القلب
هكذا الحزن عندما يلفنا
خالص تقديرى أستاذ / محمد هجرس

حبيبة زوكي
23/02/2008, 04:04 PM
رحمهما الله ..قرات الخبر فعادت بي الذاكرة إلى الوراء ...حينما كنا نبحث عن كل جديد للشاعر الكبير محمود درويش..

و قتها قرأت لرجاء النقاش محمود درويش شاعر الأرض المحتلة...

تحية لقلمه حيا و ميتا

تحيتي الشاسعة