المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الزمن .. أفكار للحوار (7 - 8 )



حسن سلامة
10/02/2008, 11:48 AM
الزمن .. أفكار للحوار (7 - 8 )


( 7 )

نحن الآن في شهر فبراير 2008 ، وقبل ذلك كان يناير ، ومرت مناسبات دينية مثل عيد الاضحى المبارك .. وقبل ذلك كان شهر رمضان المبارك الذي كنا ننتظره ومر مروراً سريعاً ..!
رمضان المقبل ، سيأتي في موعد أبكر من الماضي ، ثم يأتي بعد عامين في الصيف ، وقد كان في منتصف الشتاء قبل عامين ..!
في رمضان ، شهر التراحم والمودة والعطاء ، كنا ننتظر العيد ، فجاء ، وهنأنا أنفسنا بفرح غامر ، وهكذا يأتي كل شهر ويروح ، كلمح البصر .. كما العمر ..

هذا جزء من حقيقة الزمن الذي تحدثت عنه ، حيث تتجلى قيمة الوقت ( والصبر الذي هو علاج ) خصوصاً في شهر الصوم .
الصبر مفتاح البشرى وعلاج العلل كلها ..
ألم نقرأ قول الحق سبحانه وتعالى : ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ) (البقرة : 155) .
هل نستطيع إدراك الزمن بين الوعي والجنون ..؟!
فالوعي هو تواصل كل اللحظات والهنيهات في كل الأمكنة التي نعرفها .. أما الجنون ، فهو فجوة الزمن في مكان مبهم ..
هذا التضاد ، يذكرنا بما تعرض له الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وسلم - حين قالوا إن به جُنة ، وللعلم ،فإن ذلك لم يكن مذمة ، بقدر ما كان يعنيه كفار قريش : أن الرسول الكريم ، قد يكون على تواصل مع الجن ، هذه المخلوقات المُسخرة في الأصل للعبادة ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) (الذاريات : 56).
وقالوا إنه شاعر ، وهذا هو الوعي ( الثقافي / إبداع اللغة ) في ذلك الزمن والمكان ( فصاحة اللغة والشعر عند قريش / شبه الجزيرة العربية ) فجاء القرآن تحديا لكل تلك الطاقات الأدبية المعروفة : (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين ) (البقرة : 23) .
هناك سؤال مهم : هل نطمح أن نعمر أكثر مما نعتقد ، ولماذا ..؟
إذا كان الأمر يتعلق بعدد السنوات (مما نعد) فالأمر محسوم في الآية: (ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بما يعملون ) ( البقرة : 96 )
إذن ، نحن لا نطمح أن نعمر ألف سنة ، لأن الذين يطمحون لذلك هم المشركون .
لكن ، هل يحق لنا الحديث عن أقل من ألف سنة ..؟!
عن خمسمئة مثلا ..؟!
عن مائتين ..؟!
عن مائة وخمسين ..؟!
ربما .. لكن إذا أدركنا أن اليوم قد يكون ألف سنة ، وقد يكون لحظة ، فإن العمل الصحيح ، الصادق ، هو الذي يعطي القيمة لهذه اللحظة أو لهذه السنة ، في مكان وزمن محددين ..
ما قيمة أن نعمر مساحة طويلة زمنيا ، ليس فيها شواهد ومؤثرات بلا قيمة ..؟
ويجب أن نعلم يقينا نهاية مساحة العمر الطويل :
{ ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون } يس / 68
قيمة ذلك ، حين نعلم أن الرسول الكريم تلقى الوحي من ربه العظيم وهو في سن الأربعين ..؟
وكان أبو بكر - رضي الله عنه - يوم اسلم في الثامنة والثلاثين ، كما أعز الله الإسلام بعمر بن الخطاب - رضي الله عنه- وهو في السابعة والعشرين ، وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه – كان الفتي الأول ، أسلم في التاسعة ، الفدائي الأول الذي نام في فراش الرسول الكريم ليلة الهجرة ، وهو في سن يقارب العشرين..
ما قيمة أن نعمر ألف سنة خالية من الفعل ..؟!
وماذا فعلنا لاستغلال السنوات / اللحظات التي نعيش ..؟؟!

( 8 )

الزمن هو الآن..
اليوم، ليس الأمس الذي مضى، ولا الغد الذي هو في علم الغيب ولا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
المعادلة الحقيقية التي تعني وجود الإنسان في بيئته، هي بقدر ما يعطي ويأخذ، وهي تبادلية الواجبات والحقوق، وعملية توازن كونية تعطي الإنسان قيمته الحقيقية.
الإنسان هنا، هو قمة مثلث العطاء (الإنسان، الزمان، المكان) والذي يعكس مثلثاً آخر (الفكرة، الهدف، النتيجة) وهذا ما يوصلنا في النهاية إلى الجودة/ الانتاج / الهدف من الحياة ..
فإذا كان هناك توازن بين الأخذ والعطاء، الآن في هذا اليوم بالذات، يكون الإنسان كغيره في منظومة عادية، تتعاقب عليه الأيام كما هو، ضمن مجموعته، بينما نلاحظ أن هناك رؤوساً تطل بشكل واضح من بين هذه المجموعة تقول إن هناك أشخاصاً متميزين، في الأخذ والعطاء، في تقديم رسالتهم الإنسانية الكونية.
الأنبياء والرسل على قمة هؤلاء، ثم نقرأ أسماء وصوراً وأحداثاً قام بها أشخاص بعينهم (مكتشفون، فلاسفة، ومحاربون، وزعماء دول..).
هؤلاء، جميعاً كانوا مؤثرين في (لحظة ما) قدموا للبشرية حدثا بعينه في مكان بعينه، قدموا بأفكارهم وبأيديهم، وبأنفسهم.. ومنهم من قُتل لأجل ذلك.. تقديم باليد، وتقديم بالنفس.. ونلاحظ تكرار صيغة وطبيعة هذاالتقديم في القرآن الكريم، في كثير من الآيات، ضمن توصيف التقديم باليد، والتقديم بالنفس.. هنا تكمن نوعية وجودة هذا التقديم/ التميز.
الله سبحانه وتعالى، أمرنا بالعمل، لأنه يراقب أعمالنا، وكذلك الرسول والمؤمنون.. هذا العمل يجب أن يكون لافتاً فنرضي الله ورسوله والمؤمنين، ونرضي أنفسنا بالتالي.
ما نقدمه يجب أن يكون متميزاً، مؤثراً، وأن يكتب له البقاء ، يقول الله سبحانه وتعالى {نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم} (يس: 21).
ما قدموا.. في حياتهم المحددة بزمن معين، ربما في يوم معين، وقد يكون حدثاً معيناً في لحظة ، قد تكون فاصلة بين الجنة والنار.
النتيجة تأتي فيما بعد.. أي بعد انقضاء الفرصة الزمنية، الوقت المحدد، الذي يهدره بعض الناس في ما لا ينفع.. هنا تبرز أقصى حالات الندم، إذ يقول هؤلاء { ليتني قدمت لحياتي }. (الفجر: 42).
الزمن، له علاقة مباشرة بصنع اللحظات، في مكان محدد، لذلك فإن المتميزين سادة أوقاتهم، وأعلام أمكنتهم ، فهم الذين قدموا ويقدمون للبشرية كل هذا التاريخ المحدد، على أرض محددة.
هل يستطيع الواحد منا أن يكون ضمن هؤلاء ؟
بالطبع، فإن العطاء اليومي، الذي يمارسه الانسان هو الذي يحدد ذلك، لأنه سمة الإنسان السوي، الذي خلقه الله سبحانه وتعالى في أحسن تقويم، وأمهله إلى حين.
هنا تكمن ضرورة ( الأنا ) وكيفية الحفاظ على الأنا / المخلوق في أحسن تقويم ..!


h_salama_51@yahoo.com


00

هامش :
تعريف الزمن
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة


الزمن Time يعتبر البعد الفيزيائي الرابع للزمكان حسب نظرية النسبية الخاصة ، لكنه لا يعدو كونه وسيلة لتحديد ترتيب الحداث بانسبة لمعظم الناس .
ربما يكون مصطلح الزمن الأعصى على التعريف ، فالزمن أمر نحس به أو نقيسه أو نقوم بتخمينه ، و هو يختلف باختلاف وجهة النظر التي ننظر بها بحيث يمكننا الحديث عن زمن نفسي أو زمن فيزيائي أو زمن تخيلي .
لكن يمكننا حصر الزمن مبدئيا بالاحساس الجماعي للناس كافة على توالي الأحداث بشكل لا رجوع فيه ، هذا التوالي الذي يتجلى أكثر ما يتجلى بتوالي الليل و النهار و تعاقب الأيام فرض على الناس تخيل الزمن بشكل نهر جار باتجاه محدد لا عودة فيه .
مع الأيام لاحظ البشر أن العديد من الظواهر الفيزيائية بدءا من حركات الشمس إلى تساقط الرمل من وعاء زجاجي إلى اهتزاز نوّاس بسيط تأخذ فترات زمنية متساوية حسب تقديرهم مما دفعهم لتطوير ميقاتيات و أدوات لقياس الزمن باستخدام هذه الظواهر فأوجدوا المزولة الشمسية ثم الساعة الرملية ثم ساعة النواس أو البندول .
و في كل هذه الأزمان تم اعتبار الزمن على أنه أحد المطلقات فالفترات الزمنية الفاصلة بين حدثين مختلفين ثابت بالنسبة لكافة المراقبين ، و هذا أمر حافظ عليه نيوتن باعتباره الزمن شيئا مطلقا كونيا فتغيرات الزمن ثابتة في جميع أنحاء الكون ، و هو يجري أبدا كما هو بالنسبة لجملة فيزيائية تتحرك بانتظام أو بتسارع ، تتحرك حركة دائرية او مستقيمة .
ما زال هذا المفهوم للزمن منتشرا بين الناس كونه يطابق كثيرا إحساسهم به إلا أن الفيزياء الحديثة قامت بإنزال الزمن عن عرشه و إلغاء صفة الإطلاق التي اتصف بها عبر السنين ، فنظرية النسبية الخاصة اعتبرته أحد مكونات المسرح الكوني التي تجري فيه الأحداث و بالتالي أصبحت لكل جملة فيزيائية زمنها الخاص بها الذي يختلف عن زمن جملة فيزيائية أخرى .