المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أمل خائب



حفيظة طعام
11/02/2008, 11:13 PM
أمل خائب
غادر ثلاثة شبان مدينتهم قاصدين احد شواطئها ،غضبا سخطا ورفضا ...لوطن تقاذفته المصالح والألسنة والأعداء ...وكشفت عوراته واستباحت دماؤه..
وصلوا وقد بدا الليل يلقي برنسه الأسود على الكون شفقة .تغمرهم موجة من التعب وتحاصرهم الأحزان من كل النواحي .
على شاطئ البحر استلقوا بأجسادهم الخربة ،يفترشون رمله الندي ،كان القمر فوقهم شعلة من نار،والبحر من أمامهم يقابلهم واثقا ،صامتا في رهبة الصوفي ،فاضحا أسرارهم ،متوجا بكبريائه ،محتميا بأفقه ،وكان الليل يطوقهم جميعا بسكونه ورعشة نسيمه.
قال أصغرهم:ما بقي لنا غير الصمت؟؟
أوسطهم:
حتى صمتنا انتهكوا حرمته.
أشعل كبيرهم سيجارة فقيرة ،امتصها بعمق وراح يمتص معها أحزانه،صمته،مرارته،مدينته/وطنه....تم أطلقها سحابات من الدخان شكلت تعابير رهيبة مختلفة تكفل الهواء بتشتيت وتفكيك معانيها .فتلاشت معها أحلامه...
تنهد بعمق ثم قال:هنا مكاننا.
هنا ندفن همومنا.
هنا يعود لنا شبابنا .
هنا نصرخ
نكسر
ندمر
ونسمع صوتنا و..
.فقاطعه أصغرهم:لمن يا صاح؟؟؟
للبحر والقمر والنجوم
وما الذي نفعله؟؟
كل شيء،هنا نمارس حريتنا.
انظروا إلى البحر،هناك تسكن حورية لا يظلم عندها رجل،ستقابلنا كل صباح بابتسامة وتطبع على جبين كل واحد منا قبلة،وتشبع رغباته
أما الحرية في وطننا لم تكن إلا حمامة مشنوقة ،امرأة مومسا يغتصبها في اليوم ألف رجل .
في مدينتنا يا صاحبي عشنا مطاردين
كنا نجوب الشوارع والأزقة عبثا
اللعنة أي مدينة تلك وأي وطن وأي جيل نحن وأي زمن مفقوع العين نعيش؟؟؟
قال أصغرهم:الزمن هو الزمن يا صاح،
المشكلة في إنسانيتنا الملوثة –أوسطهم مضيفا-
قال أكبرهم:أي إنسانية؟؟أنا وانتم وهؤلاء بلا إنسانية،
نحن ومدينتنا ووطننا لا شيء.
الشابين معا:والوطن؟؟
فأجابهما ضاحكا ساخرا:أي وطن؟؟أكذوبة التاريخ هي الوطن .
فقال أصغرهم:اعذر تهورنا ولكننا ندافع من اجل قضية،من اجل الحرية
هو غاضبا:كيف تدافع وأنت بلا اسم :بلا مدينة:بلا...
أوسطهم:الم نعتزل المدينة لأجل غاية؟؟
قهقه أكبرهم وهو يمتص لفافته؟الوطن ؟؟المدينة؟؟ترهات،فقاعات،سحابات.....ماذا تنتظرون من رجل يعود إلى بيته مرهقا فيجد امرأته تضاجع رجلا غيره في سريره؟؟
بكى أصغرهم لدرجة النحيب،وراح الأخر يلطم وجهه بيديه كالمجنون يصرخ:كلاب ،كلاب...
تماسك ثم بادر بالكلام:ماذا سنفعل هنا يا كبيرنا؟؟

لا شيء سوى الحفر ،في تجاعيد البحر وخرق السفن بأظافرنا حد الإدماء،سنستبيح شرف تلك الحورية ،تلك التي حدثتكما عنها انظرا هي هناك تلوح لنا،وراح يصرخ دموعا،ألما:الوطن :ها،ها
في حين تعانق الرجلين وراحا ينشدان نشيد:موطني،موطني....
وفي الصباح استيقظ ثلاثتهم تجمعهم الحسرة والألم والخنق...
قال أصغرهم:كم لبثنا؟؟
قال أكبرهم: يوما أو يومين.ألا تشعران برغبة في الأكل؟؟
ولم ينتظر إجابتهما وأردف:سنرسل أحدكما يحضر لنا طعاما من مدينتنا
ذهب أصغرهم وما إن شارف مدخل المدينة حتى تفاجئ بجداريه ملصقة، كتبت عليها أسماؤهم وقد عدوا في عداد الموتى .
داهمته دمعة حارة:ألهذا الحد أنت قاسية يا مدينتي؟؟؟
عاد أدراجه من حيث أتى.وصل لاقاه صاحبيه سائلين:أين الطعام؟؟؟
لا طعام بعد اليوم لقد لفظتنا مدينتنا،ونحن في عداد الموتى
هذه هي مدينتنا يا صاحبي وهذا هو وطننا قتلنا أحياء.
وشبك الثلاثة أيديهم في أيدي بعض واتجهوا نحو البحر يقدمون أنفسهم له قربانا،فاستقبلهم بنهم واحتضنتهم الحرية اقصد الحورية الجميلة في قصرها إلى الأبد.
حفيظة
من مذكرات غرفتي

عبدالمنعم جاسم
11/03/2009, 03:19 PM
أسعدني أن أكون أول المعانقين هذه الحرية أقصد ( الحورية )
نص جميل ومتمرد ..
ولكن في قولك : (واستباحت دماؤه.. )
الهمزة على السطر ( أليست مفعولا به )
لك تقديري

حفيظة طعام
30/05/2009, 11:41 PM
أسعدني أن أكون أول المعانقين هذه الحرية أقصد ( الحورية )
نص جميل ومتمرد ..
ولكن في قولك : (واستباحت دماؤه.. )
الهمزة على السطر ( أليست مفعولا به )
لك تقديري


********************
الفاضل عبد المنعم
وانا اكثر منك سعادة بهذا المرور الواعي
دمت مورقا
وصدقت في ملاحظتك
دمت
حفيظة