المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لن أحبك بعد اليوم ..!



سها جلال جودت
14/02/2008, 01:26 AM
لن أحبك بعد اليوم
بقلم سها جلال جودت
لا..! لا تتهمني بالغباء أو الجهل أو الجنون ...!!
لا تتهمني بتحجر عقلي وتنفي مشاعري، تثبط همتي تلك التي تقفز حنونة ترغب في منحك كل عطايا الحب السمح، الحب الذي لامزاودة عليه في مزاد من أفكار السقوط...!
تعرف يا حبيبي كما أعرف أنا، أن الحب هو تلك النسمة التي تحط على الفؤاد مثل حمامة وديعة تهدل بفرح حريتها وهي تطير متألقة ونشوى في رفرافات تبهج العين وتُسر الناظر.
وتعرف كما أعرف أنا، أن الحب مكواة القلب حين لا تكون لي ولا أكون لك، وأنه زمردة الوجود حين تكون لي وأكون لك، لا خيانة ولا مواعيد خلف أسترة الشوارع المظلمة .
تعرف كما أعرف أنا، أن الحب أن تخاف عليَ كما أخاف عليك، أن تحمي قلبي من مواجيد الوجع ، وأن أحمي روحك من الضياع أو التزعزع أو التأرجح فيما يجب أن يكون قائماً أبدياً بيننا.
لكن عقبى الأيديولوجيا الجديدة التي سرحت في ساحات حياتنا صعقتني وبدلت من مشاعري نحوك، ونحو حبك الآبد في ذاكرتي. تلك الأيديولوجيا التي هزت شرائعنا وجعلتها موسوسة ما بين بينٍ...!
جعلت في قوننة العولمة التي غزتنا باباً كبيراً يدخله ما هبَّ ودبَّ من الناس، ينقلون لنا مع بضائعهم المستوردة، أفكاراً مستوردة أيضاً..!
أتذكر حين التقينا أول مرة، كان لقاء حميمياً حافلاً بالفرح والطمأنينة، لم تفكر أن تحمل لي في يدك أي نوع من الزهور ولا الورود، حملت قلبك الخافق بالسعادة وجئت ..!
بعد هذه الشهور والسنين التي مضت وجدت فيك شخصاً غير الذي عرفته وألفت عشرته ومعاشرته..
أعرف أن الورد خُلق للتمتع برؤيته والاستفادة من عطره، لكن يد الإنسان جريئة، قطفته وحولته إلى طاقات زاهية، راحت تقدمه في المناسبات الحزينة والسعيدة، أصبحت مقابرنا تشم رائحة الورد، لم أعارض أن تزدان مقابرنا برائحة الورود ولا بزرع الشجيرات ، تلك مسألة تهم وصايا الموتى أنفسهم، لا يمكنني أن أنكر أن المكان يصبح أقل رهبة وخشية حين تتوزع خضرة الطبيعة هنا وهناك..
أن نحمل الورد في المناسبات الحزينة والسعيدة حفظناه كآية فرضها علينا دستور التحضر والتمدن، فأصبحنا نحمله لكل المناسبات.
إذن لست جاهلة أو مجنونة، حين سأرفض وردتك الحمراء في الرابع عشر من شباط، لا أدري كيف استطاع هذا اليوم بقدرة هيمنة وغزو شيطاني أن يدخل إلى بيوتنا، بيت الإنسان العربي..
هل ستتهمني في الغباء ؟
يا حبيبي المشاعر لا تحميها أيام لها مواقيت لا تنتمي إلى روح علائقنا الإنسانية، إذا كنت تحبني صادقاً، فإنك ستحبني في كل يوم أكثر من اليوم الذي مضى..
إذا كنت حقاً حبيبتك الوحيدة ، ففي كل لحظة ستوزع من حنان عينيك ألف وردة وردة...
من هو "فالنتين" ذاك الذي أصبحنا نقلده؟
رجلٌ مثله مثل أي رجل، كانت له حكاية، تاريخ لا ندري مدى مصداقيته في عالم لاينتمي إلى عالمنا العربي الإسلامي لا من بعيد ولا من قريب .
وكم يبدو عجبي شديد التوجع أن يحتل مساحة كبيرة في أسواقنا وبين تجارنا، التاجر لا يهمه سوى مضاعفة رأسماله من غباء العقول الفتية، الكبيرة منها والصغيرة.
هل تدري يا حبيبي أنهم يدركون أكثر مني ومنك أنه مجرد لعبة زمنية لتحرير الإنسان من عاداته الحميدة المشرعة دينياً لزجه في متاهة التبرجز المصطنع، وهو خدعة استعمارية فكرية ؟!!
لو كان يوم ميلاد طارق بن زياد أو يوم انتصار صلاح الدين في فتح القدس، أو خالد بن الوليد وإحياء ذاكره المجيدة أو أي قائد عربي لقلت ربما كان لحبيبي الحق في أن يُكرمني من أجل هؤلاء، لكنك كما ترى، بل أرى، لأنك لم تر الخطر الذي رأيت..
ما نزال نستلهم منهم أفكار الاحتفال في المناسبات، ما نزال في أسواقهم رخصاً مستهلكة ليست قابلة للتطور ولا تخدم إنسانيتنا التي نشأنا عليها.
حبيبي هل سألت نفسك كيف ينتصر العدو علينا في زمن أصبحت فيه النوويات والإرهاب تهدد أمن وسلامة الإنسان بعد أن أتخمونا بمجازر الموت وأخبار الانقسامات العربية والصراعات القائمة.
يبدأ الانتصار عليك بخطوة واحدة، تكون بمثابة خدعة، وقد خدعونا حين سربوا إلينا فكرة الاحتفال في الرابع عشر من شباط.
أتذكر قصة حصان طروادة ؟ إنهم أشقياء اللعنة الاختبارية في سقوطنا، وقد ربحوا الامتحان ووقعنا في فخهم.
تسريب الاحتفال بيوم "فالنتين" إلينا بداية لخدعة جديدة ستجعلنا أدوات طيعة لكل مستورداتهم العاطفية لينعكس هذا على علائقنا الاجتماعية فتنقلب الأحاسيس من صادقة إلى مجرد آلة تتوهم الصدق.
كم واحداً من الناس العاديين يعرف من هو "فالنتين" وما قصة الورود الحمراء؟
أولاً: هو عيد وثني، من مراسيمه أن يذبح كلب أو عنزة، ويدهن شابان مفتولا العضلات جسميهما ويسيران في مقدمة موكب عظيم ...
ثانياً: قبل القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلادين منع رجال الدين الاحتفال في ذلك اليوم لاعتباره مفسدة لأخلاق الشباب، فتم إبطاله في إيطاليا.
ثالثاً: الإمبراطور الروماني "كلوديوس الثاني" في القرن الثالث الميلادي منع جنوده من الزواج، فتصدى له "فالنتين" بقيامه بإجراء عقود زواج للجند سراً.
رابعاً: علم الإمبراطور بالقصة فزج به في السجن فأحب ابنة السجان، لكن حكم الإعدام تم في الرابع عشر من شباط سنة 270 ميلادية.
كم من القرون مرت على العيد دون أن نعرف عنه أي شيء؟!! لنفاجئ مع نهايات القرن العشرين في دخوله إلى دكاكين ونوافذ وطاولات وأيدي أولادنا وبناتنا، ليكون تحولنا غربياُ في ممارسة الحضارة الملغومة بما صدرته لنا من احتفالية لن تنفعنا وإنما ستضرنا ..!
بعد الإطلاع، هل وجدت شيئاً يدلنا على أنه قديس فعلاً ؟
وإذا كان قديساً فإنما لأهله وناسه وبلدانه، وليس لنا نحن العرب الشرقيين ..
الشهداء الذين لاقوا مصير "فالنتين" يوم السادس من أيار دفاعاً عن شرف وكرامة الوطن من بينهم ( عبد الحميد الزهرواي) وكلمته التي شرفت المشنقة زمن حكم جمال باشا السفاح لا أجدك تفكر في أن تحتفل بيوم شنقه العظيم..!
هل أصبحنا قاصري التفكير؟
هل شربنا سُم العولمة التي همها أن ترى تحولنا عمّ نؤمن به ونفرح لذاكره العظيمة؟
هل أقول لهم : هنيئاً لكم بما فعلتم بحبيبي وبأبناء جلدتي من المحيط إلى الخليج.
حبيبي الذي أبحث عن صحوته، حبيبي الذي أريده رجلاً فوق كل هذه الكبائر من الأفكار المسمومة والتصرفات المريضة الملعونة بدم العنزة أو الكلب.
حبيبي لن أرفض وردتك ، بل سأرفضك أنت إن فكرت أن تهديني يوم الرابع عشر من شباط وردة حمراء، لأنني لن أحبك بعد ذلك اليوم.
وقبل أن أختم رسالتي إليك: ياويح كل الشعراء والكتّاب من الإعلاميين والإعلانيين العرب بما فعلوه بكم من كارثة قادمة ستضج بها على رؤوسكم نعول أولادكم ...!!
23/1/2008

شوقي بن حاج
11/03/2008, 07:53 PM
الأستاذة / سها جلال جودت

خاطرة بانفعال عقلي...

أعجبتني " هل شربنا سُم العولمة التي همها أن ترى تحولنا عمّ نؤمن به ونفرح لذاكره العظيمة؟"

لك المودة...

سها جلال جودت
15/03/2008, 05:45 PM
العزيز شوقي
أشكرك لاهتمامك ومرورك هنا والتأكيد على سطر هام دليل وعي ورجاحة عقل أهنئ نفسي بوجودك هنا
بارك بك وجزاك كل خير
مودتي وتقديري

سها جلال جودت
15/03/2008, 05:45 PM
العزيز شوقي
أشكرك لاهتمامك ومرورك هنا والتأكيد على سطر هام دليل وعي ورجاحة عقل أهنئ نفسي بوجودك هنا
بارك بك وجزاك كل خير
مودتي وتقديري

صلاح م ع ابوشنب
17/03/2008, 08:19 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخت الفاضلة سهلة جلال جودت
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعجبتنى القصه والسرد المتسلسل للفكرة ، والموضوع الذى تناولتيه موضوع جيد وهام ، ومؤلم ايضا ، هو جيد من ناحية الفكرة المطروقه ، ومؤلم من ناحية المشاعر المبثوثه ، التطلع الى كل ماهو غربى ، واخيرا التطلع الى كل ماهو مستورد من خارج النطاق المحلى العربى بالذات حتى لو كان من الصين أو من جبال التبت ! تذوب شخصيتنا مع مرور الزمن شيئا فشيئا ، حتى اصبحنا لانترنم الا بما يأتينا من عند الخواجه ، ونسينا اعيادنا وأبطالنا . قصة جيدة وأسلوب متين رصين .
صلاح ابوشنب

سها جلال جودت
23/03/2008, 12:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخت الفاضلة سهلة جلال جودت
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعجبتنى القصه والسرد المتسلسل للفكرة ، والموضوع الذى تناولتيه موضوع جيد وهام ، ومؤلم ايضا ، هو جيد من ناحية الفكرة المطروقه ، ومؤلم من ناحية المشاعر المبثوثه ، التطلع الى كل ماهو غربى ، واخيرا التطلع الى كل ماهو مستورد من خارج النطاق المحلى العربى بالذات حتى لو كان من الصين أو من جبال التبت ! تذوب شخصيتنا مع مرور الزمن شيئا فشيئا ، حتى اصبحنا لانترنم الا بما يأتينا من عند الخواجه ، ونسينا اعيادنا وأبطالنا . قصة جيدة وأسلوب متين رصين .
صلاح ابوشنب


القدير صلاح بوشنب
جميل أن يمر مثقف من هنا ويسجل كلمته التي سأحتفظ بها عربون اعتزاز وتقدير لما ورد من تعليق
أشكرك جداً وأهنئ نفسي
تقديري ومودتي

سها جلال جودت
23/03/2008, 12:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخت الفاضلة سهلة جلال جودت
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعجبتنى القصه والسرد المتسلسل للفكرة ، والموضوع الذى تناولتيه موضوع جيد وهام ، ومؤلم ايضا ، هو جيد من ناحية الفكرة المطروقه ، ومؤلم من ناحية المشاعر المبثوثه ، التطلع الى كل ماهو غربى ، واخيرا التطلع الى كل ماهو مستورد من خارج النطاق المحلى العربى بالذات حتى لو كان من الصين أو من جبال التبت ! تذوب شخصيتنا مع مرور الزمن شيئا فشيئا ، حتى اصبحنا لانترنم الا بما يأتينا من عند الخواجه ، ونسينا اعيادنا وأبطالنا . قصة جيدة وأسلوب متين رصين .
صلاح ابوشنب


القدير صلاح بوشنب
جميل أن يمر مثقف من هنا ويسجل كلمته التي سأحتفظ بها عربون اعتزاز وتقدير لما ورد من تعليق
أشكرك جداً وأهنئ نفسي
تقديري ومودتي

مقبوله عبد الحليم
23/03/2008, 01:54 PM
أخيتي سها

وما الذي أوصلنا إلى هنا عزيزتي إلا الأقتداء بالغرب وبعاداته وتقاليده

ونسينا أن محمدا الأمين قد ترك لنا أجمل وأكمل وأعظم سنة وأعظم شريعة من عند الله

مبنية على التسامح والمحبة والوئام

وهل للحب ساعة أو زماااااان !!

يا للعجب العجاب !!!!

سردت من واقع مؤلم فأبدعت

تحية قلبية

مقبوله عبد الحليم
23/03/2008, 01:54 PM
أخيتي سها

وما الذي أوصلنا إلى هنا عزيزتي إلا الأقتداء بالغرب وبعاداته وتقاليده

ونسينا أن محمدا الأمين قد ترك لنا أجمل وأكمل وأعظم سنة وأعظم شريعة من عند الله

مبنية على التسامح والمحبة والوئام

وهل للحب ساعة أو زماااااان !!

يا للعجب العجاب !!!!

سردت من واقع مؤلم فأبدعت

تحية قلبية

سها جلال جودت
03/04/2008, 07:21 PM
أختي الحصيفة الرصينة مقبولة
بارك بك وزادك من نعيم علمه رشدا
كم تعجبت ألا تنال خاطرتي تلك أو إن صحت التسمية مقالتي الأدبية أي تجاوب من قبل من اطلع عليها وكأني بهم يرون عكس ما رأيته في عيد فالنتين ...
دمت للكلمة والحرف
تقديري ومودتي