المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل الانسان مسير ام مخير ؟؟؟



غالب ياسين
28/11/2006, 03:42 PM
ارجو من كافة الاخوة والاخوات المشاركة في النقاش
او من يرغب في النقاش له كل الفضل والشكر
.............................من طرق عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – قال : كنا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في بقيع الغرقد في جنازة فقال: "ما منكم من أحد إلاَّ وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار"، فقالوا: يا رسول الله، أفلا نتكل، فقال: "اعملوا فكل ميسر لما خُلق له"، ثم قرأ قوله تعالى: "فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى"، إلى قوله تعالى: "فسنيسره للعسرى"، ورواه أيضاً مسلم (2647) وأصحاب السنن الترمذي (2136)، وابن ماجة (78)، وأحمد (621( .وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
.................................................. ..............

عامرحريز
28/11/2006, 05:06 PM
السلام عليكم

أما بالنسبة للمقعدين في الجنة والنار ، فإن الإنسان إذا عمل صالحا فله مقعد الجنة ويورث مقعده من النار لمن عمل شراً ، وإن عمل شراً جوزي بمقعده من النار وأورث مقعده من الجنة لأهل الجنة ، والإنسان مخير فيما يصنع ، غير أن الحوادث مسيرة له بقدر الله ، فهو يعلم ما حصل وما لم يحصل وما كان سيحصل لو حصل ما لم يحصل.
يكتب على الإنسان وهو في بطن أمه برزقه وعمره ومكان موته وشقي أم سعيد.

هذا ما استطعت استيعابه بفهمي القاصر

غالب ياسين
28/11/2006, 05:41 PM
السلام عليكم

أما بالنسبة للمقعدين في الجنة والنار ، فإن الإنسان إذا عمل صالحا فله مقعد الجنة ويورث مقعده من النار لمن عمل شراً ، وإن عمل شراً جوزي بمقعده من النار وأورث مقعده من الجنة لأهل الجنة ، والإنسان مخير فيما يصنع ، غير أن الحوادث مسيرة له بقدر الله ، فهو يعلم ما حصل وما لم يحصل وما كان سيحصل لو حصل ما لم يحصل.
يكتب على الإنسان وهو في بطن أمه برزقه وعمره ومكان موته وشقي أم سعيد.

هذا ما استطعت استيعابه بفهمي القاصر
اثابك المنان ورزقك الجنان اخي الفاضل على مساهمتك القيمه

زاهية بنت البحر
28/11/2006, 06:01 PM
الإنسان مخيِّر بما يقدر عليه فقد أكرمه الله بالعقل والإرادة
ومسير بما كتبه الله عليه بسابق علمه لما سيكون تصرف هذا الإنسان
فهو مخير ومسير والله أعلم
لك الشكر وتحية مخيرة
أختك
بنت البحر

غالب ياسين
28/11/2006, 06:55 PM
الإنسان مخيِّر بما يقدر عليه فقد أكرمه الله بالعقل والإرادة
ومسير بما كتبه الله عليه بسابق علمه لما سيكون تصرف هذا الإنسان
فهو مخير ومسير والله أعلم
لك الشكر وتحية مخيرة
أختك
بنت البحر

اشكرك سيدتي الفاضله على تعليقك الطيب
ربما نسيت ان تشاركي في الاستبيان ؟:)

منذر أبو هواش
28/11/2006, 09:53 PM
الإخوة الأعزاء،

المسير (بكسر الياء)، والمخير (بكسر الياء) هنا هو الله الخالق سبحانه وتعالى، وهو هنا وحده المقصود والمختص والمتميز بالفعلين (التسيير) و (التخيير). أما الإنسان فهو هنا وحده المخلوق الدنيوي المقصود والمخصوص والمتميز بفعل (الاختيار)، وذلك لكونه المخلوق الدنيوي العاقل الوحيد الذي منحه الخالق العقل والقدرة على (الاختيار)، لكنه بكل تأكيد ليس المخلوق الدنيوي الوحيد المقصود والمخصوص بفعل (التسيير)، وذلك لأن حكمة الخالق اقتضت (تسيير) كافة المخلوقات، لكنها حين اقتضت (التخيير) اختصت بذلك الإنسان وحده، لكونه المخلوق الدنيوي العاقل الوحيد القادر على (الاختيار) من بين المخلوقات. فالإنسان (مخير) وحده، لكنه ليس (مسيرا) وحده، وفعل (التسيير) ينسحب على كل المخلوقات، لكن فعل (التخيير) لا ينسحب إلا على الإنسان وحده من بين هذه المخلوقات.

في هذا السؤال القديم الجديد قد يُخيّل إلى بعض الناس أن الفعلين (التسيير) و (التخيير) فعلان متناقضان، لكنهما في واقع الأمر ليسا متناقضين، وقد يبدو لبعض الناس أنهما فعلان متشابهان، لكنهما في حقيقة الأمر فعلان مختلفان، ففعل (التيسير) فعل عام شامل لشموله عموم المخلوقات، بينما فعل (التخيير) فعل خاص يقتصر على المخلوق العاقل الوحيد القادر على (الاختيار) ويختص به. فعل (التسيير) قاعدة، أما فعل (التخيير) فهو استثناء، كما أن فعل (التسيير) فعل ثابت دائم، أما فعل (التخيير) فهو فعل متحول مؤقت.

المسألة صعبة، ومعقدة ومربكة لأنها ليست مسألة دنيوية خالصة، بل هي في الجانب الأعظم منها مسألة غيبية، مسألة تتعلق بأمور غيبية قد يصعب تخيلها أو استيعابها، كما أنها لذلك مسألة تتعلق بقوانين غيبية غير دنيوية، حيث المكان غير المكان، والزمان غير الزمان. لذلك علينا أن نحاول فهم هذه المسألة من هذا المنطلق، وعلينا أن نتقبل الحقائق النسبية كما هي، وإن كانت تبدو لنا غريبة أو غير منطقية، وذلك لأن أمور عالم الغيب لا تقاس بموازين عالم الدنيا. لذلك فاعلم وتذكر حين يستعصي عليك الفهم أن الله قادر لا يعجزه شيء، وأن أمره بين (الكاف) و(النون)، وأنه إذا قضى أمرا فإنما يقول له "كن فيكون".

إن القول بـ (التسيير) وحده دون (التخيير) فيه تبرئة للإنسان من مسؤوليته عن أفعاله، وهو يؤدي في النهاية إلى إنكار الحكمة من الثواب والعقاب، وإنكار الجنة والنار، وإنكار أمور كثيرة أخرى من الدين تناقض الإيمان ولا تعني سوى الكفر والعياذ بالله. (التسيير) و (التخيير) حقيقتان ثابتتان متلازمتان لا يجوز إنكارهما أو إنكار أي منهما، ولا يجوز إنكار تلازمهما أو القول بتناقضهما. فإنكار (التسيير) يتعارض مع الإيمان بعلم الخالق، وبعظمة الخالق، وبقدرة الخالق التي لا حدود لها. كما أن إنكار (التخيير) يعني إنكارا لأمر معروف من الدين بالضرورة، فالإنسان (مسير) بشكل عام، (مخير) في بعض الأمور. وعلى هذا الأساس هناك كتاب وحساب، وهناك ثواب وعقاب.

(تسيير) الله سبحانه وتعالى أمر أزلي دائم وغير محدود بمكان أو بزمان، وهو من صفاته سبحانه وتعالى مثله مثل الخلق، فهو لذلك غير محدود بمكان أو زمان، والله سبحانه وتعالى هو (المسير) وهو الخالق لا إله إلا هو. أما (اختيار) الإنسان فهو متعلق بمستقبله، وبما لم يمض من عمره، و (الاختيار) موجود في مستقبل الإنسان، ومضي الزمان من عمر الإنسان يثبت تحول (التخيير) وانطوائه في ثنايا (التسيير)، فانظر إلى المستقبل ترى كيف أن الإنسان (مخير)، وانظر إلى الماضي ترى كيف أن الإنسان مقهور و (مسير). فالماضي فيه إثبات (التسيير)، والمستقبل فيه إثبات (التخيير)، ومن هذا نخلص إلى نتيجة أن الإنسان (مسير) و (مخير) في آن معا، وأن (التسيير) لا يتعارض مع (التخيير) كما هو ظن بعض الناس.

ودمتم

منذر أبو هواش

أحمد أغبال
28/11/2006, 10:20 PM
الأخ الفاضل منذر أبو هواش
قرأت مداخلتك باهتمام كبير
وفي النهاية، وجدت نفسي في حيرة أمام هذا السؤال:
إذا كان الإنسان مخيرا، فهل له أن يختار بين فعل الخير أو عدم فعله، وبين فعل الشر أو عدم فعله ؟
مودتي

منذر أبو هواش
29/11/2006, 12:57 AM
الأخ الفاضل أحمد أغبال

قال تعالى في الآية 36 من سورة الإسراء:
وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا

لقد تمت إثارة هذا الموضوع في الموقع السابق للجمعية، وقد حصلت فيه نقاشات وحوارات كثيرة ساخنة وماتعة مع المفكر الأستاذ جواد البشيتي، لكن الاتفاق فيها وعليها كان غير ممكن بسبب اختلاف الرؤى، واختلاف المعتقد، واختلاف المفاهيم. لذلك فقد كان حوارنا في ذلك الوقت أشبه بحوار الطرشان.

إن هذا الموضوع شائك جدا لأن له علاقة بعلم الغيب، ولهذا السبب فإن كافة النقاشات فيه تصل في النهاية إلى طريق مسدود. أما الهدف من مداخلتي هنا فلم يكن سوى رغبتي في الإشارة من بعيد إلى مدى صعوبة هذا الموضوع.

إن الإنسان إذا سُيّر فلا طاقة له على تجاوز ما سُيّر إليه، وإذا خُيّر فلا طاقة له على تجاوز ما خُيّر به، أي أن الإنسان لا يمنح من الخيار إلا بحدود ما يمنح من القدرة، ولا يمنح من القدرة إلا بحدود ما يمنح من الخيار. وبالنتيجة فإن الإنسان مخير فقط فيما هو في حدود ما منحه الله من قدرة على الفعل من خير أو من شر.

أشكرك على اهتمامك، ودمت سالما،

منذر أبو هواش

أحمد أغبال
29/11/2006, 01:39 AM
الأخ الفاضل منذر
أتفق معك، إنه موضوع شائك جدا لأنه يجعلنا أمام مفارقات أخلاقية يصعب التعامل معها، ومع ذلك فإنه باستطاعة كل شخص أن يصدر حكما ينسجم مع مبادئة الأخلاقية. إن ما يبرر هذا الموقف أو ذاك، في اعتقادي، هو المبدأ الأخلاقي الذي يؤمن به كل طرف. إن ما يرسم لحرية الإرادة حدودها ويجعل في نفس الوقت من الجبر شيئا معقولا هو العقل العملي والمبدأ الأخلاقي. فأنا لست حرا في اختيار الشر، وليس من المعقول أن أكون حرا في اختياره. فأنا مجبر على فعل الخير ولست مخيرا بين فعل الشر أو عدم فعله. ولعل ما يحدد انحيازنا إلى هذا الموقف أو ذاك هو تصورنا للطبيعة الإنسانية.
والسلام عليكم ورحمة الله

منذر أبو هواش
29/11/2006, 02:36 AM
قال تعالى في سورة الزلزلة:
إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)
صدق الله العظيم
الأخ الفاضل أحمد أغبال

لقد عدلت في مداخلتي السابقة بشكل قد يجيب على تساؤلك السابق.

لقد تعجبت كثيرا من مداخلتك ومن قولك "فأنا لست حرا في اختيار الشر، وليس من المعقول أن أكون حرا في اختياره. فأنا مجبر على فعل الخير ولست مخيرا بين فعل الشر أو عدم فعله" لأن هذا الكلام يعني فيما يعنيه أنك مجبر مسير بالكلية، وأنك لست مخيرا، وأنه ليس لك أي خيار في القيام بأي فعل من الأفعال. وذلك لأن التخيير يعني منح الحرية في الاختيار، والتسيير من معانيه الإجبار، وكلامك على هذا النحو هو كلام غير معقول.

أنت يا أخي تقول أنك لست حرا في اختيار الشر، إذن أنت مجبر على فعل الخير فقط دون الشر! فهل أنت حقا معصوم من الشر ولا تفعل سوى الخير؟ أنت إنسان يا أخي، وأنا أشك في صحة هذا الكلام ولا أكاد أصدقه.

وأنت تقول: ليس من المعقول أن أكون حرا في اختياره، أي اختيار الشر! لماذا تظن أن هذا ليس من المعقول؟ ألم تسمع بقوله سبحانه وتعالى: "وهديناه النجدين"؟

وبعد ذلك تقول: أنا مجبر على فعل الخير، ولست مخيرا بين فعل الشر أو عدم فعله! فهل أنت في كامل وعيك؟

ألم تسمع بحديث رسول الله عليه الصلاة والسلام عن أنس ابن مالك أنه قال:
(كل بني آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون)؟ وهو حديث حسن قوي الإسناد.

كلنا يا أخي مأمورون ومطالبون بفعل الخير، لكن هذه الادعاءات على هذا النحو تعتبر من المبالغات، لأنها لا تصح ولا تستقيم مع طبيعة الأمور.

ودمت سالما،

منذر أبو هواش

غالب ياسين
29/11/2006, 09:16 AM
بسـم الله الرحمن الرحيم

سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: هل الإنسان مخيَّر أو مسيَّر ؟


فأجاب بقوله : على السائل أن يسأل نفسه هل أجبره أحد على أن يسأل هذا السؤال ؟ وهل هو يختار نوع السيارة التي يقتنيها ؟ إلى أمثال ذلك من الأسئلة ، وسيتبين له الجواب هل هومسيَّر أو مخـيـَّر .


ثم يسال نفسه هل يصيبه الحادث باختياره ؟ هل يصيبه المرض باختياره ؟ هل يموت باختياره ؟ إلى أمثال ذلك من الأسئلة ، وسيتبين له الجواب هل هومسير أو مخير .


والجواب : أن الأمور التي يفعلها الإنسان العاقل يفعلها باختياره بلا ريب ، واسمع إلى قول الله تعالى : ] فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا [ سورة النبأ : 39 .، وإلى قوله : ] منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الأخرة [ سورة آل عمران : 152 .، وإلى قوله : ] ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً [ سورة الإسراء : 19 .، وإلى قوله : ] ففدية من صيام أو صدقة أو نسك [ سورة البقرة : 196 .حيث خير الفادى فيما يفدى به .


ولكن العبد إذا أراد شيئاً وفعله علمنا أن الله تعالى قد أراده لقوله تعالى : ] لمن شاء منكم أن يستقيم وماتشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين [ سورة التكوير : 29 .، فلكمال ربوبيته لا يقع شيء في السماوات والأرض إلا بمشيئته تعالى .


وأما الأمور التي تقع على العبد أو منه بغير اختياره كالمرض والموت والحوادث فهي بمحض القدر ، وليس للعبد اختيار فيها ولا إرادة . والله الموفق .


مجموع فتاوى الشيخ العثيمين ( 2/90 - 91 )

غالب ياسين
29/11/2006, 09:18 AM
السؤال :
هل الإنسان مُسيَّر أم مُخيَّر؟


المفتي: عبدالعزيز بن باز
الإجابة:

الإنسان مُسيَّر ومُيسَّر ومُخيَّر، فهو مُسيَّر ومُيسَّر بحسب ما مضى من قدر الله، فإن الله قدر الأقدار وقضى ما يكون في العالم قبل أن يخلق السماء والأرض بخمسين ألف سنة، قدر كل شيء سبحانه وتعالى، وسبق علمه بكل شيء، كما قال عز وجل: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}، وقال سبحانه: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا}، وقال عز وجل في كتابه العظيم: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ}، فالأمور كلها قد سبق بها علم الله وقضاؤه سبحانه وتعالى، وكلٌ مُسيَّر ومُيسَّر لما خُلِقَ له، كما قال سبحانه: {الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}، وقال سبحانه: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء" (أخرجه مسلم في صحيحه).
ومن أصول الإيمان الستة: الإيمان بالقدر خيره وشره، فالإنسان ميسر ومسير من هذه الحيثية لما خلق له على ما مضى من قدر الله، لا يخرج عن قدر الله، كما قال سبحانه: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}.

وهو مخير أيضاً من جهة ما أعطاه الله من العقل والإرادة والمشيئة، فكل إنسان له عقلٌ إلا أن يُسلب كالمجانين، ولكن الأصل هو العقل، فمن كان عنده العقل فهو مخير يستطيع أن يعمل الخير والشر، قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}، وقال جل وعلا: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}، فللعباد إرادة، ولهم مشيئة، وهم فاعلون حقيقة والله خالق أفعالهم، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}، وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}، وقال تعالى: {إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ}، فالعبد له فعل وله صنع وله عمل، والله سبحانه هو خالقه وخالق فعله وصنعه وعمله، وقال عز وجل: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}، وقال سبحانه: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}، فكل إنسانٍ له مشيئة، وله إرادة، وله عمل، وله صنع، وله اختيار ولهذا كلف، فهو مأمور بطاعة الله ورسوله، وبترك ما نهى الله عنه ورسوله، مأمور بفعل الواجبات، وترك المحرمات، مأمور بأن يعدل مع إخوانه ولا يظلم، فهو مأمور بهذه الأشياء، وله قدرة، وله اختيار، وله إرادة فهو المصلي، وهو الصائم، وهو الزاني، وهو السارق، وهكذا في جميع الأفعال. هو الآكل، وهو الشارب. فهو مسئول عن جميع هذه الأشياء لأن له اختياراً وله مشيئة، فهو مخير من هذه الحيثية. لأن الله أعطاه عقلاً وإرادةً ومشيئةً وفعلاً.

فهو ميسر ومخير، مسير من جهة ما مضى من قدر الله، فعليه أن يراعي القدر فيقول: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} إذا أصابه شيء مما يكره، ويقول: "قدَّر الله وما شاء فعل"، يتعزى بقدر الله، وعليه أن يجاهد نفسه ويحاسبها بأداء ما أوجب الله، وبترك ما حرم الله، بأداء الأمانة، وبأداء الحقوق، وبالنصح لكل مسلم، فهو ميسر من جهة قدر الله، ومخير من جهة ما أعطاه الله من العقل والمشيئة والإرادة والاختيار، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما منكم من أحد إلا وقد علم مقعده من الجنة ومقعده من النار"، فقال بعض الصحابة رضي الله عنهم ففيم العمل يا رسول الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له"، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة ثم تلا عليه الصلاة والسلام قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وكلها تدل على ما ذكرنا. والله ولي التوفيق.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى و رسائل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - المجلد الثامن.

أحمد أغبال
29/11/2006, 11:42 AM
إذا كان فهمك للآية "وهديناه النجدين" هو أن الله يهدينا إلى فعل الخير مثلما 'يهدينا' إلى فعل الشر، أو أنه يقدر علينا فعل الخير وفعل الشر، فإن أحدهم سيفهم من ذلك أن الله شرير وظالم، وحاشى أن يكون الله شريرا أو ظالما لأنه مصدر الخير كله ومصدر العدل كله. فأنت تؤمن بأن العاقل هو من يختار بين فعل الخير وفعل الشر بناء على فهمك الشخصي للآية المذكورة، ولذلك تعذر عليك فهم رأي من يقول 'لست مخيرا بين فعل الشر أو عدم فعله'، وحكمت عليه بأنه "ليس في كامل وعيه". وأنا أيضا تعجبت كثيرا من حكمك هذا، ومن رأي الأخ الفاضل غالب ياسين الذي قال "فمن كان عنده العقل فهو مخير يستطيع أن يعمل الخير والشر". إن من نوم عقله، وطغت عليه القوى اللاشعورية، قوى الإيروس أو قوى الطناطوس هو الذي لا يجد حرجا في الاختيار بين فعل الشر أو عدم فعله، فإن كانت الغلبة للاشعور وكان الأنا الأعلى ضعيفا فإن المرء لن يجد حرجا في ذلك، ولسوف يميل أكثر إلى اختيار الفعل الشرير ما دام يلبي الحاجات الليبيدية أو الرغبة في الدمار. إذا كان العقل هو أساس الأخلاق فإن الضمير الأخلاقي لن يسمح لنا بالاختيار بين فعل الخير وفعل الشر. وأما ما يدفعنا إلى ارتكاب الأفعال اللاأخلاقية (الشريرة) فهو ضعف القدرة على التحكم في النفس الأمارة بالسوء، والميل إلى التمركز حول الذات، وضعف القدرة على إصدار الأحكام الأخلاقية.
مودتي

منذر أبو هواش
29/11/2006, 02:56 PM
الأخ الفاضل أحمد أغبال

أرجو أن تعذرني إذا قلت لك أنني أجد صعوبة وأواجه مشكلة كبيرة في فهم تعبيراتك وما تستخدمه من مصطلحات، فالله سبحانه وتعالى لا يهدي إلا إلى الخير، وفعل الهداية لا يجوز استخدامه لغة إلا مقرونا بعمل الخير، وبالتالي يخطئ من يستخدمه مقرونا بعمل الشر. مصطلح الهداية إلى الشر لا يجوز، لأن الشر ليس فيه هدى، بل فيه زيغ وضلال وانحراف عن الصراط المستقيم.

أنا لم أقل بأن العاقل هو من يختار بين فعل الخير وفعل الشر، بل أقول أن الله سبحانه وتعالى منحنا العقل ثم منحنا القدرة على الاختيار في بعض الأمور المعينة، وذلك لأن العاقل يستطيع التمييز بين فعل الخير وفعل الشر. كما أنني لا أقصد من الشر ما كان شرا مطلقا بعموم أنواعه وأشكاله، وإنما أقصد من الشر ما كان ضمن حدود التخيير، وداخل إطار القدرة والاستطاعة.

أعتقد أن موضوع السؤال في هذا المنتدى "هل الإنسان مسير أم مخير؟" مطروح من باب أنه من المسائل الإسلامية، والمفروض أن أطراف الحوار يتعاملون معه على هذا الأساس، لذلك أستغرب استخدامك لبعض المصطلحات التي تبدو غريبة وبعيدة عن ذلك الأساس.

ترى ما شكل الاتجاه الفكري الذي تدافع عنه هنا؟ وما الذي تعنيه بالقوى اللاشعورية، قوى الإيروس، الطناطوس، الأنا الأعلى، الحاجات الليبيدية، الضمير الأخلاقي؟!!! وهل لفرويد أية علاقة بموضوعنا؟ أرجو مزيدا من الإيضاح.

ودمتم

منذر أبو هواش