المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (Don’t leave me, please)



وديع العبيدي
29/11/2006, 08:02 PM
وديع العبيدي

قصة قصيرة
(Don’t leave me, please)
منذ مدة وهي محتارة في أمرها.. لا تعرف ماذا تفعل لاخراجه من صمته.. غيّرت ديكور المنزل.. بالغت في النظافة واللمسات الفنية.. عادت بعد مدة وتركته في فوضى ، وجعلت الأحذية والألبسة مرتمية في كل مكان.. طبخت له كل الطبخات المفضلة لديه.. اشترت كتاب طبخ جديد وانتهت من تطبيق ثلثه بدون تغيير.. اهتمت بنفسها.. وضعت أضواء حمراء وشموع وموسيقى البحر في حجرة النوم.. اشترت طقم ألبسة نوم وزينة جديدة من أرقى المحلات.. وهو هو.. صامت.. منشغل في أي مكان.. عيناه تنظران ولكنهما لا تريان.. في داخلها صراع بين فكرتين.. إما أنه يكرهها، أو لديه امرأة أخرى.. يريدها أن تضجر منه وتخرج من حياته ليخلو الجوّ للثانية.. لا .. أنام على قلبه حتى الموت.. لن أتركه يتنفس بعيداً عني.. صارت تخرج من البيت .. تتأخر في البيت.. تعود .. تقف أمامه.. تحتقره.. تترك ثيابها على الأرض أمامه.. تلقي بقعة صغيرة على وجهه وتدخل الحمام.. يبعد القطعة ولا يتكلم.. تطفئ جهاز التلفاز.. ينظر إلى الشاشة السوداء.. تجلس أمام التلفزيون.. انظر إليّ.. هل أنا قبيحة إلى هذا الحدّ.. كم تكرهني يا ترى.. ينظر إلى السقف..إلى النافذة.. يذهب إلى النوم.. تلحقه في سفينة من العطر ومواد الزينة.. وجهه للجدار.. تستلقي قربه.. تحضنه.. تلف عليه ذراعيها وساقيها.. مثل جثة هامدة تجده طوع يديها.. تتساءل مع نفسها.. هل جنّ.. هل يعاني من شيء لا يريد أن يعلم به أحد.. تعرف أنه يحبها.. وهي تحبه.. ولكن.. لماذا لا يتكلم معها.. تضم رأسه على صدرها وتتألم له.. تشعر بدمعاته على صدرها..
الساعة تدنو من الرابعة.. عند هذا الوقت يطرق الباب عادة.. لا.. لن تفتح له الباب.. ستتركه يطرق الباب حتى يتمرد.. لكنه توقف بعد قليل.. جرّب مفاتيح كانت في جيبه.. لم تكن مناسبة للباب.. صمت.. صمت.. ثانية.. لم يعد يطرق الباب.. لا ينادي.. لم يركلها بقدمه.. لم يفكر الاتصال بالتلفون.. لا شيء ألبتة.. مرّت نصف ساعة.. أربعون دقيقة.. بدأت تقلق.. فتحت الباب.. وجدته جالساً على العتبة مثل طفل صغير هادئ وكفه تحمل رأسه.. قبل أن تنحني عليه.. قام وتسلل إلى الداخل.. لم تتكلم.. لم يتكلم.. لم تضع أمامه طعاماً.. تركته ومضت.. عادت.. وجدته جالساً كالعادة مثل كل يوم وفي نفس المكان.. تفرّست فيه.. تعمّدت أن ينتبه إليها.. نظر لها بلا مبالاة.. جاوبني بكلمة واحدة فقط.. نعم أو لا.. هل تحبني .. لم يسمع.. ضاعت صرختها في الهواء.. هل تكرهني.. هل أنا قبيحة في نظرك إلى هذا الحدّ.. هل سمعت شيئاً عني.. لماذا تغيّرت يا حبيبي.. أطفأت جهاز التلفزيون.. عيناه باردتان مثل حجر في قاع بحر.. وجهه كامد.. ليس سوى جثة.. هكذا يبدو.. يتحرك.. ولكنه لا يتكلم.. أعرف أنني صرت قديمة بالنسبة لك.. ولست في مستواك.. لقد دمرتني وضيعت أجمل سنوات حياتي.. لقد فعلت لك كل شيء ولكنك حقير وجاحد.. قل من يهتم بك غيري.. من يتحملك ويرضى بجنونك غيري.. لماذا لا تنظر إليّ.. أنظر في عيني.. تقدمت منه ووضعت عينيه في وجهها.. ألستُ أحلى منك .. هل تعتقد أن امرأة ما سوف تنظر إليك.. سوف تنتحر من أجلك.. أنت لا شيء.. لا شيء.. أنا أكرهك .. أكرهك.. أكرهك.. وراحت تضربه بقضتيها.. تسحبه.. تركله.. أوقعته أرضاً.. حاولت أن تنام عليه وتمنعه من الحركة.. لكنه نهض ودفعها عنه.. سحبته بقوة فتمزقت ثيابه من دبر.. حاولت أن تواصل الضرب.. أمسك بها بقوة وهو يزيغ بنظره عنها.. راحت تشتمه.. تكيل له شتائم مقذعة وتضحك.. خلع قميصه المقدود.. وضعه أمام عينيها.. نظرت له ببرود.. رمى القميص في سلة القمامة.. وذهب يرتدي قميصاً آخر.. لحقت به بعد قليل.. خطفت محفظة نقوده.. لم يعبأ.. سحبت جواربه.. أين تذهب .. إليها .. لم يردّ.. أجيء معك.. ترك الحجرة حافياً بعد أن نجح في تزرير قميصه.. قرب الباب.. لم يجد حذاءه.. أين الحذاء.. صرخ.. بين الأحذية يا حبيبي.. ابحث عنه.. سأخرج حافياً.. سوف يعتبرها الناس موضة جديدة يا حبيبي ويقلدونك.. مدّ يده إلى الباب كانت مقفلة.. بحث عن المفتاح ثانية.. لم يجده.. جلس على كرسيه ثانية بدون جورب أو حذاء أو مفتاح أو محفظة نقود.. يفكر أين سيذهب.. ماذا سيفعل.. يغمض عينيه ويفكر.. وصمت يعمّ المنزل.. جاءت.. أعطته محفظة نقوده.. وضعها في جيبه.. جلست قبالته تنظر إليه.. وهو مغمض.. في أي شيء تفكر يا زوجي الحنون.. هل تفكر فيّ.. هل تحبني.. أعرف أنك تكرهني.. كان يبدو مثل أسير تحت وطأة أغلال كثيرة وكريهة يحاول تحرير روحه منها.. فمه مزموم.. عيناه مغلقتان.. وجهه كامد حزين.. مثل قرص رغيف قديم.. اقتربت منه ثانية.. جلست قربه.. دفعها عنه.. فاقتربت اكثر.. دفعها أكثر.. فجلست في حضنه وأمسكت ذراعيه.. جلس مستسلماً لها.. كانت تنظر إليه وتضحك.. وهو على حاله.. أصابعها تمتد خلل أزرار القميص .. هل تريد أن تتركني حقاً.. تريد أن تتركني إذن بعد كل شيء يا جاحد.. ولكن ليس قبل أن أخذ حقي منك.. هل تمانع.. أصابعها تندسّ هنا وهناك.. ووجهه يستعيد شيئاً من دمه.. تضع رأسها على كتفه وتبكي.. بعد قليل ترتفع ذراعه ويعانقها بحنو.

صبيحة شبر
29/11/2006, 10:01 PM
صراع تعيشه بطلة القصة بين افكار تتضارب في داخلها
تجد حبيبها منشغلا عنها عابس الوجه ، بعيدا
تفكر ان امراة اخرى نجحت في الاستحواذ على قلبه
ولكن بعد نهاية القصة اتضح انها هي التي انشغلت عن حبيبها
ولم تعد تهتم به
والا لماذا هذا التغير المفاجيء
اظن ان الزوجة هنا اوربية
قصتك جميلة ايها الصديق المبدع
ولكن لماذا تركت العنوان انجليزيا ؟؟

وديع العبيدي
01/12/2006, 09:07 PM
المبدعة القديرة صبيحة شبّر
أشكرك جداً .. ويسعدني اهتمامك وملاحظاتك..
وانتظر تواصلك الابداعي
وديع العبيدي

روضة الجيزاني
26/12/2008, 05:37 PM
الأستاذ وديع العبيدي - أستمتعت وأنا اقرأ القصة أود أن أشكرك على كم المشاعر والهموم التي حملتها القصة والتي أخذت بعدا انسانيا ،لكني أجد أن مدحل القصة كان مفاجأ وهنا ابتعدت القصة عن عامل التشويق لكنها اختزنت الكثير من العبارات الأنسانية - القصة جاءت دراما لواقع أمرأة مناضلة بجميع اسلحتها الأنثوية .. لك كل الشكر والتقدير

روضة الجيزاني قاصة وصحفية سعودية - الرياض :