المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جنود إسرائيليون يخافون دخول دبابة..!؟



غالب ياسين
26/02/2008, 05:07 PM
تحدثت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية في عددها الصادر يوم 10/2/2008 عن حالة نفسية مرضية يعاني منها الجنود الإسرائيليون الذين خاضوا معركة «وادي السلوقي» مع مقاتلي حزب الله في الحرب الأخيرة على لبنان صيف عام 2006، وسمّت الصحيفة هذه الحالة اسم «أعراض السلوقي» والتي يبدو من خلالها أن الجنود الإسرائيليين لا يزالون يخافون حتى اليوم من دخول الدبابات.
فقد كتب المراسل العسكري للصحيفة (عمير ربابورات) أن العشرات من الجنود الإسرائيليين من الذين شاركوا في المعركة الأكبر في حرب لبنان الثانية لعبور وادي السلوقي، لا يزالون يعانون من ندوب نفسية لم تلتئم حتى بعد مرور عام ونصف العام على انتهاء الحرب. وأشار إلى أن هذه الحالة تُشكّل خطراً كبيراً على وجه الخصوص لدى مقاتلي الوحدات المدرعة الذين يتعذر على قسم كبير منهم حتى اليوم الدخول إلى الدبابة.
وأضاف المراسل (ربابورات): إن وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي يعرفان هذه الظاهرة ويقدمان المساعدة للجنود الذين لا تزال تلاحقهم كوابيس تلك المعركة، حيث يصعب على هؤلاء الجنود مواجهة الذكريات القاسية لما خبروه رغم أن الجيش أخذ وضعهم بعين الاعتبار عند إلحاقهم بوحدات احتياطية أخرى.
ومما يجدر ذكره أن معركة (وادي السلوقي) دارت يوم السبت 12 آب عام 2006 بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي لوقف إطلاق النار. وكانت تلك المعركة جزءاً من عملية «تغيير الوجهة 11» وهي خطة الهجوم الأخيرة في الحرب. وقد شاركت في هذه العملية فرقة نظامية كاملة تسمى «فرقة الفولاذ» وتحمل الرقم 162 بقيادة العميد غاي تسور، وكان هدف الفرقة التي ضمت اللواء المدرع 401 المسمى «الأعقاب الحديدية» ولواء الناحال اجتياز وادي السلوقي لتسهيل تمرير قوات نحو نهر الليطاني.
وقال خبراء عسكريون: إن حزب الله نصب في هذه المعركة كميناً للقوات الإسرائيلية بصواريخ مضادة للدروع، وخصوصاً من طراز «كورنيت»، وبحسب الخطة، كلفت قوات الجيش المحمولة جواً إلى قريتي (فرون) و(الغندورية) غربي الوادي تغطية حركة الدبابات. وبسبب أخطاء كثيرة، خاض الجنود في فرون والغندورية معارك مع مقاتلي حزب الله ولم يتمكنوا من تأدية مهمتهم في تغطية حركة الدبابات، وهكذا ما إن وصلت الدبابات الإسرائيلية إلى الوادي حتى تعرضت إلى قصف صاروخي قاتل، أصيب خلالها العديد منها، بل إن دبابة فقدت مدفعها بصاروخ «كورنيت»، وبعد ساعات طويلة، عبرت دبابات إسرائيلية الوادي وسقطت مروحية، فقررت الحكومة وقف العملية.
وهكذا – وحسب الرواية الإسرائيلية الرسمية – قُتل سبعة جنود أثناء اجتياز (وادي السلوقي) وأصيب العشرات من الجنود الآخرين بجروح. ولكن هذه المعركة أدت إلى وقوع عدد كبير جداً من «الإصابات النفسية» التي لم يتم اكتشاف جزء منها إلا بعد عام ونصف العام على انتهاء الحرب.
وأشارت صحيفة «معاريف» إلى أن مصادر أمنية قالت: إن «أعراض السلوقي» ظهرت بعد وقت قصير من انتهاء الحرب، ولكنها اعتبرت نوعاً من صدمة الحرب أو «صدمة المعركة». وتبين في وقت لاحق أن عدداً غير قليل من جنود اللواء المدرع 401 الذين رأوا كيف تلقت دبابات زملائهم ضربات متكررة بالصواريخ لا تزال تنتابهم كوابيس بعد شهور طويلة من الحرب، ويتعذر على هؤلاء العودة إلى دخول الدبابات وهم يتلقّون علاجات نفسية.
ولكن حتى بعد أن تمّ تسريح عدد كبير من جنود اللواء 401 من الخدمة النظامية، صار يتم استدعاؤهم للخدمة الاحتياطية. وهنا تبين أن قسماً منهم بات يخاف من القتال داخل دبابة، ورغم أن الحديث يدور عن عدد ضئيل، إلا أن الظاهرة قائمة، والجيش لا يجبر هؤلاء الجنود على العودة للعمل في الدبابات.
وقد اعترف المتحدث بلسان الجيش بهذه الظاهرة، وقال: «إن الجيش عموماً ولواء الأعقاب الحديدية خصوصاً، يعرفان الآثار العاطفية والنفسية لحرب لبنان الثانية على المقاتلين فيها، وهم يثنون على مآثرهم، وسوف يواصل لواء الأعقاب الحديدية توفير المساندة النفسية حتى للمسرّحين من صفوفه».
وكتب يوم 10/2/2008 أحد الضباط الذين أصيبوا في هذه المعركة تحت عنوان «الصاروخ الذي حطم الوهم»: إن الجندي الذي يخرج للحرب يقيم لنفسه نوعاً من السور النفسي لإقناع ذاته بأنه لن يتعرض لأذى، وإن كل ما يجري مجرد لعبة وترف: نطلق بعض القذائف، نطلق طلقات من الرشاش، نقتل عدداً من المخربين على الطريق، نصل إلى الهدف، نبقى هناك لفترة ونعود إلى بيوتنا بسلام».
وأضاف: «نحن نجلس في الدبابة واثقين من أن هذا المكان الأشد حماية في العالم، وحتى إذا كان ذلك وهماً، فإننا نتجاهله، لا مكان للتراجع.. ولكن ثمة لحظة تصحو فيها من هذا الوهم، لحظة كرفّة جفن، إنها اللحظة الكافية لاختراق صاروخ لدبابتك وتفجير كل السور الذي أقمته، فجأة تفهم أن هذه ليست لعبة، وأن الصواريخ تقتل، وعندما يصرخ زملاؤك من الألم وأنت تحاول النجاة بنفسك ولا تقدر على الحركة حينها تستوعب وتفهم أنك قد تموت هنا والآن».
في ضوء ما تقدّم يمكن القول إن مثل هذه الظاهرة التي يعاني منها الجنود الإسرائيليون تدل دلالة قاطعة على البطولات العظيمة لمقاتلي المقاومة الوطنية اللبنانية.
إنها واحدة من مآثرهم التي سيخلدها التاريخ بعد أن مرّغوا وجه الجيش الذي لا يقهر بالتراب، وحطموا – كما حطمت حرب تشرين من قبل – أسطورة الجندي الإسرائيلي الذي صوّرته الدعاية الإسرائيلية والغربية بأنه «سوبرمان» لا يُقهر. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا لا تزال بعض الأطراف اللبنانية تقوم بالتجنّي على المقاومة وتطالب بنزع سلاحها؟ ألا تكفيهم الاعترافات الإسرائيلية نفسها بالهزيمة أمام حزب الله في حرب عام 2006 على لبنان من خلال تقرير فينوغراد ومن خلال اعترافات أخرى سبقته؟
على أي حال المقاومة لا تحتاج إلى شهادات حسن سلوك، واعتراف بانتصاراتها من أطراف تراهن على الخارج وتربط مصيرها ومستقبلها بأعداء لبنان والأمة العربية.