المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حياة بلا اوراق الثبوت



محمد بلقاسم الشايب
28/02/2008, 05:46 PM
حياة بلا اوراق الثبوت

( رآيت في المنام كأني فراشة تحلم انها انسان او ان انسانا يحلم بانه فراشة )
حكيم صيني


آخرعهد لي بالحياة حفلة أقامها واحد من الأصدقاء، أكرمنا فيها إلى حد التخمة، وأوّل ما استيقظت وجدت نفسي مع الموتى، فحمدت الله على أني مت شبعان.
كميّت جديد له معرفة سابقة بإجراءات البعث والنشور كان لابد عليّ أن أنتظر دوري في آخر عملية حسابية ستفضي بي في النهاية إما إلى الجنة وإما إلى النار.
هؤلاء المارة ممن حوسبوا واتضح مصيرهم تبدو من بينهم أسماء معروفة لها وزنها في الحياة الدنيا.
الكل يسير نحو مستقره بطريقة توحي بالرضى ..
وأنا أنظر الى الحشود استطعت أن أكون بعض الملاحظات الغريبة.. فمثلاُ رأيت هتلر.. فرعون ..هولاكو بلباس رياضي، وستالين يحمل لهم أغراضهم... سجلت في مخي اول استنتاج: الأكيد أن من معهم على شاكلتهم.
من جهة أخرى ومن وراء السياج تبدى بعض ممن كانوا حطباُ للحروب أو ضحايا للإرهاب..وربما معهم من أعدموا خطأ..
انطباع أولي يصنف الناس إلى ظالمين ومظلومين..الأغرب أني رأيت جحا ودونكيشوت وشهرزاد وبوذا وتيريزا.
حضورهؤلاء وغياب أولئك الذين يملأ ذكرهم حياتنا كنوبل وغاندي وأوضح لي أن المؤرخين أخلطوا في كتبهم بين الصالح والطالح والحقيقة والخيال..
شيء آخر لفت انتباهي هو أننا هنا لا نخضع لقانون الجاذبية، وهو ما جعلني اتذكر نيوتن وكثيراُ ممن اكتشفوا أسرارا عملية في الحياة.
نسيت نفسي وأنا أتأمل وأتعجب حتى علمت أن اسمي مدرج في قائمة الحشد الذين تساوت حسناتهم مع سيئاتهم..
اتضح لي أن الغلبة لم تكتب لشياطيني ولا لملائكتي ، وأني في وضع استثنائي.. تماما مثلما كانت حياتي بلا موطن.. بلا زمرة..وبلا انحياز.
لم أعد إذاّ من أهل الجنة ولا من أهل النار.. لا مكان لي هنا .. كان الشاعر نزار محقاّ إذن حين قال:
لا توجد منطقة وسطى بين الجنة والنار.
كان نافذ البصر والبصيرة فاشتهر هنا وهناك.
المهم أن سيأتي تساوت مع حسناتي..
هذا ما عرفت..
لا غرابة في وجود السيئات، فحياتي لم تكن تتحرك بضابط يستحق الذكر والأجر، ولا كنت في موقع واضح يحبني الأوزار.. لم أدعي كذلك أن أيام حياتي أضافت لي أشياء حسنة . فما مصدر الحسنات؟
أتكون حصاد أفتك ممن كانوا يغتابونني أو يحقدون عليّ؟ أأكون فاعل خير ولم انتبه لذلك ؟ لم لا أسال:
-أيها الملاك . أيها الملاك.. انظر الى الدفتر ما مصيري؟
-أنت.. أنت انت ..لقد تقرر إعادتك الى الحياة.. ستبعث من جديد ..
- ابعث من جديد ّإإ
- نعم.. ولك الاختيار أن تحيا حماراً أو بقرة أو عنكبوتاً .
سيئاتي تساوت مع حسناتي .. الحياة من جديد ..حمارأو بقرة أوعنكبوت.، أي الحيوانات أجدى لنفسها والحياة ....
إذا اخترت حياة الحمار.. أي نوع من الحمير ،، أنزل إلى الحياة بلا إحساس . بلا تفكير . الحمار أتعس المخلوقات.. من يعصمني من البردعة..الأشغال الشاقة في السلم والحرب،،،
هل أتحمل مثل حمار جدي الهرم ، وتلك الدبرة بين الرقبة والظهر ..لا لا .. لا أريد أن أبعث حماراً.. الحمير ليس لهم محمية كالتماسيح ..لا يثيرون شفقة الإنسان.. لم تشملهم يده بجزء من الصناعة والتطور كالكلاب التي تأكل المعلبات وتذهب إلى الحلاق وترث الأموال ..وقريبا سينشئون لها دولة .
خير لي أن أبعث بقرة تنفع وتستنفع ..بقرة..؟ ماذا قلت ؟ بقرة...إإإإ
آواه.. البقر في هذه الأيام في وضع لا يحسد عليه .
لم يعد الناس يرغبون في شرائهم.
يا حفيظ ياستار بقرة .. ماذا قلت .. كيف نسيت أنها أنثى..كل شيء أتحمله إلا أن يطاردني ثور أو يحملق في جزار .
لا لا لا.. أختار عنكبوتاً ولو كان حشرة.. ما به العنكبوت ؟؟.. أليس أجدى للحياة .. أليس قائد فصيلة بأكملها .
لكن معلوماتي عنه قليلة..لكن لم لا أسأل هذا المار:
- اسمع يا أخي. يرحم الله والديك. أحببت أن أسألك: ماذا اخترت ان تعيش ؟
- أنا ..اخترت حياة البقرة.
- مبروك عليك..ربما بقي لك أن تختار الهند موطناً.
- وأنت…؟
- اخترت حياة العنكبوت فهل لديك معلومات عنه …؟
معلومات كاللغة العنكبوتية مثلاً، ونوع الأكل المفضل وكيفية إنتاج السموم ..بناء البيوت الواهنة أيضا.
- أنت إذن تحن إلى إنسان ..أم تريد أن يعاد لك الحساب.