المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ع جنب و ع الخفيف



غادة محمود الصبيح
01/03/2008, 11:26 AM
من المفترض أن امتلئ الآن بمشاعر الغضب ، الكره ، الحقد وكل الأشياء التي لن تجعل منك جميلا بعد اليوم ، لكني فارغة من أي مشاعر اتجاهك ، لا أشعر بالفرح او الغضب ، لا أشعر بالإبتسام أو العتب ، أشعر أني فارغة من أي توجه نحوك.

قد أكون بالغت في شأني معك ، قد أكون رسمت حدودًا لدنيا لن تكون إلا بك وأحلامي بكل ما فيها باتت تدور في فلكك والآن أشعر فقط أني بالغت قليلا في شأني معك فالحياة لا تتوقف على مفترق طريق رجل .

أتعلم أنا أظن اليوم أني لا استحق كل ما قد تفعله لنسياني ، وأنك لا تستحق كل ما سأفعله لنسيانك ، أنا وأنت كائنان مختلفان جدا ومتشابهان إلى درجة التطابق ...

كانت تكفي نظرة واحدة منك ، وابتسامة واحدة مني لنبدأ حديث غير اعتيادي ، ولنكتشف من يومها أننا متشابهان إلى حد الجنون ، إنه ذلك الحد الذي يجبل الخوف في أنفسنا ويصنع حولها أسوارا، تخوفًا من اختراق غير محسوب .

أن يتوقف الزمن كلما التقينا ..تلك كانت معجزتنا الأكبر!!
وأن يتوقف الزمن كلما افترقنا تلك كانت قضية غير محسوبة النتائج ، كانت تجعل منّا كائنات خيالية جدا ، كانت تجبرنا أن ننظر كل يوم في المرآة فنظن أنها تكذب ، وأن أعيننا وحدها الأصدق . ويوم قررنا أن الوقت الحان ، لنصنع مسافة بين كل شيء ملتصق فينا ، يومها فقط علمت أن المرآة ما كذبت .

أتراك كنت تكذب حينها لتحميني من حقيقةٍ لو ظهرت امام الشمس لبانت ملامح عريها وتكسرت؟!

كل تلك الاشياء الصغيرة والكبيرة التي علقت في ذاكرتي رغما عنا ، ودون اي تخطيط مسبق اراها تتسلل هربا دون ان تودعني حتى ، تهرب مني اليك ، تخلع اثوابها الزهرية على بابي وتحملني مزيدا من الم ووجع ولعنة ، وقليلا من ملامح فرح فارغ من لون ابيض حتى.

أنت اكثر الاشياء جنونا في حياتي ، في غضبك وعنادك وفي ضجيجك وصمتك ، وحتى في اشتياقك...

أي الاوطان انت ؟!

وطن بحقيبة وجواز سفر منتهي الصلاحية ، ومع ذلك تصر ان تقف في محظة القطار على أمل ان يعبر محطتك مساحة لا تعترف بالتواريخ البشرية ، مساحة توقف بها الزمن كما أنا وأنت...

ساعي البريد ، الرسائل المكتوبة ، والهواتف الصوتية ، مفردات غير مقبولة لدينا ، هي أشياء أخرى مادية تخترق مساحة من الخصوصية القلبية الخاصة بي وبك ... أنا وأنت كان يكفينا ان نشعر بنسمة هواء ليلية باردة الى حد الدفء ...

أخبرتني أن شعري البني لن يغدو يوما أبيض ، وصدقتك حينها لاني أعلم يقينًا أن عيناك لا تكذب ابدًا...
واليوم نظرت في مرآتي ووجدت شعرة بيضاء تعانق شعري البني ...

أتراك كنت تكذب لتحميني يومها ؟!

أسمعك تناديني ، فأضيع بحثا عن طريق ، عن ثلج يتكسر ليشعرني بالدفء ... أسمعك تناديني بصوتك الليلي المتاخر ، فأبحث مجددا عن طريق يأخذني اليك، فأضيع في ريح أصفر يسرق مني ملامح عمري التي أخبرتني يوما أنه لن يمضي دونك...


أخبرتني ان الأطفال لا يكبرون ، وأن السماء لا تتوقف عن الإبتسام ، وأنا أرى الأطفال اليوم يولدون رجالا والسماء لا تتوقف عن البكاء ...
ورفعت يديك يوم التقينا الى السماء وأخبرتني ان النجوم المضيئة لا تنطفئ ...وأنا أرى اليوم سماء سوداء مظلمة الى حد الخوف ...


وأخبرتني أنني أن اشتقت اليك ، وأن تحرك العمر يومًا، أن أنادي بصوتي المبحوح اسمك ليتوقف العمر مجددا ، ويرحل الالم ... وأنا ما زلت أقف على نافذتي كل ليلة أنادي بصوت عال اسمك، لكن الارض ما زالت تدور والالم يعانقني بلا انتهاء...

لقد كبرت الليلة ، لقد كبرت مئة عام وعام ...

أنا فقط ، أخاف أن تكون مثلي ، تظن أنك شعرك الاسود ما زال اسود ، وأن قوس قزح ما زال يظهر في الشتاء ، وأن السماء حينما تبكي ، تبكي وابتسامة غير اعتيادية تلون وجهها ...

أخاف ان تكون مثلي ، تظن أن مثلي لا يكبر ، وأن في قلبي فتاة صغيرة ترفض العبور ، ترفض الجلوس على كرسي خشبي وتنتظر بياس ان يعود شعرها البني ... ويتوقف مجددا الزمن...

أخاف عليك من البرد في محطة قطار لا تعترف بجوازات السفر منتهية الصلاحية ، والعمر لديها تاريخ ووقت واشياء اخرى تمضي ، وتذهب ولا تعود...

إن اكتشفت ذلك يوما ، لا تبكي... فمثلهم يولدون بانتظار الوقت ، ومثلك يولد بانتظار الامل ، مثلهم يظنون ان الاسود بؤس ولعنة ، ومثلك يظن ان الاسود صندوق كبير في داخله هدايا كثيرة مخباة تنتظر صغارا يجيدون البحث عنها...

لا تظن، أنني أكبر هربا منك، أنا أكبر لأكون جديرة بك أكثر ولأتعلم مثلك الوقوف في محظة قطار وفي يدي حقيبة سفر وجواز منتهي الصلاحية وابتسامة صغيرة تخبرك "ع جنب و ع الخفيف " أن كل شيء ما زال كما كان.... وكل شيء سيكون كما كان...

انا أجهل ملامح المستقبل ، لكن هناك ثقة غير اعتيادية تملأني بأني وإن كبرت الليلة ، فما زالت هناك فتاة صغيرة تحلم أن تعبث بشعرك وملامح وجهك لتذوب يديها في يديك ، وتقف كل ليلة على نافذتها تنظر الى وجهك الملون بالوان كل مدينة عتيقة الطراز، عتيقة الى حد الشموخ ، كلما نظرنا اليها منحتنا مزيج من الثقة والرهبة ، مزيج من أمل وألم وترقب وانتظار...

لا تسألني أي العناوين ستزين دفتري غدًا ، وأي مدينة ستعانقني ، وأي وطن سيستقبلني ، وأي حلم سيتقبل مشاكساتي ، أنا فقط أظن أنني قادرة على التحليق الى كل غيمة ..
قادرة أن أبكي خوفا وألمًا ورهبة ..
قادرة ان أبتسم شوقا وتوقا الى رؤية محياك...

انا فقط قادرة على أن اقضي عمري أنصت الى صوتك الذي يوما يعيدني صغيرة ويوما يجعلني اكبر دون سابق انذار ...

ع جنب و ع الخفيف :" هل تراني أجدت الكذب لأبدو بحال أفضل ؟!!! "

تمارا نورالدين
01/03/2008, 04:05 PM
بوح بشفافية ألم وتساؤل حد الوجع ..
وحرف ينساب بلحن الذكريات و لون الحزن
غادة محمود
مدارات حروفك مراسي للقلوب التي تتقاذفها الهجرات في يم الحنين
ضفاف محبة لكل همسة بوح
تحياتي

منى حسن محمد الحاج
25/11/2008, 10:23 AM
العزيزة غادة.. حياك الله
جميل هذا البوح هنا..
وجميل قلمك يا أختي..
لا تستحق هذه الخاطرة الجميلة الشفافة أن تُركن "ع جنب"
فاسمحي لي اليوم أن أرحب بك وبقلمك..
وأن أشيد بهذا الجمال ..
لك كل مودتي وتقديري

قطر الندى
30/11/2008, 02:08 AM
غـــ،،،ــــــادة

ع جنب و ع الخفيف ..

قرأت النص مرتين وصدقيني سأعود مجدداً

لم أستطع أقتباس أي فقرة أخشى أن أقتطع من جمال حروفك شيئاً

أخذتني عند بوابة الدهشة وتركتني هناك

هناك نصوص لا تحتاج الرد نستمتع بها فقط لجمالها

أستمتعت بهذا الجمال أنتظر جديدك بشوق لك الـــ،،،ـــود حتى ترضي
أختك