المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لغة التخاطب: دولة رئيس الوزراء



د. دنحا طوبيا كوركيس
04/03/2008, 09:42 PM
الأخوة الاعزاء.
سألني صديق عن لقب "دولة" عندما ينسب إلى رئيس وزراء (حكومة) في بعض البلدان العربية. لم أستطع الأجابة على سؤاله. هل هذا اللقب اختصار لـــ "صاحب الدولة"، كما نجده في التراث العربي، أم ماذا؟ ولا يتعلق سؤالي بألقاب أخرى مثل "فخامة" أو "سعادة" ...إلخ.
مودتي.
د. دنحا

أحمد الريماوي
04/03/2008, 10:15 PM
أخي الدكتور دنحا
أسعد الله أوقاتكم
من معاني لفظة "الدولة" معجميّا "ما يُتداول" فيكون لهذا مرة ولذلك مرة. سأوافيك لاحقاً بشيء من التفصيل إن شاء الله
ولكم خالص التحية

منذر أبو هواش
05/03/2008, 08:56 AM
دولتلو ... صاحب الدولة ... :emo_m17:

الأستاذ الدكتور الفاضل دنحا حفظه الله،

من المعروف أن معظم الرسائل الموجهة لأعلى المقامات الرسمية أيام الدولة العلية العثمانية كانت تبدأ دائما بعبارة (دولتلو ...) ومعناها صاحب الدولة، وقد نقلها المترجمون العرب واختصروها بعبارة (دولة ...) لهذا السبب.

من جهة أخرى يمكننا القياس على مخاطبتنا لصاحب الفخامة بـ (فخامة ...)، وصاحب المعالي بـ (معالي ...)، وصاحب العطوفة بـ (عطوفة ...)، وصاحب السعادة بـ (سعادة ...) فنخاطب (صاحب الدولة) أيضا بـ (دولة ...) قياسا على ذلك.

وإن كانت مفاهيم العدل والمساواة والإنسانية تقتضي إلغاء مثل هذه الألقاب ...

والله أعلم ...

منذر أبو هواش

:good:

د. دنحا طوبيا كوركيس
05/03/2008, 10:24 PM
عزيزي الأستاذ منذر.
شكرا جزيلا على إجابتك، كما أشكر الدكتور أحمد الريماوي على مسارعته في الإجابه.
كان لي حدس بأنها عثمانية، بدليل أن "دولت هانم" كانت، وربما ما زالت، تستخدم لدى الطبقات الغنية في مصر. فهل نستطيع القول بأن العثمانيين اختصروا لقب "صاحب الدولة" (المتواترة في التراث العربي) إلى "دولتلو"، ثم انتقلت إلى العرب بالشكل الذي تلفظ به اليوم، أم العكس؟
مودتي.
د. دنحا

الدكتور التهامي الهاشمي
05/03/2008, 11:05 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
تحية و احتراماً

{ الــــدولــــة } هـي ، كما قال أخونا و شاعرنا فضيلة الريماوي و كما قال غيره و هو ما ما يمكن تلخيصه بكل إيجاز ( يوم لــك و يــوم عــلــيــك ).

و قد ورد في القرآن الكريم بهذا تقريباً ؛ جاء مرةً على صيغة الفعل هكذا : { نُـــــدَاوِلُــهَـا } و مــرةً اسماً هــكــذا : { دُولَــــة }.

أما الصيغة الأولى فوردت في الآية 140 من سورة آل عمران. قال ربنا هـنـاك :

" إنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ و تِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ..... الآية "

و أما الصيغة الثانية فوردت في الآية7 من سورة الحشر ؛ قال سبحانه و تعالى فيها :

" مَا أفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِه مِنْ أهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ و للرَّسُولِ و لِذِي الْقُرْبَى و الْيَتَامَى و الْمَسَاكِينِ و ابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَـــــــــةً بينَ الأغْنِيَاءِ مِنْكُمْ.... الآية "

منذر أبو هواش
06/03/2008, 03:13 AM
الأستاذ الفاضل د. دنحا

منذ أن انتقلت الخلافة من العرب إلى العثمانيين كانت معرفة اللغة العربية بالنسبة إلى الأتراك، ومعرفة اللغة التركية بالنسبة إلى العرب شرطا أساسيا وحيويا من شروط الدخول في سلك الحكومة، والترقي في المناصب الرسمية والسياسية والدينية، وبسبب العاطفة الدينية حافظت اللغة العربية زمن الحكومات العثمانية المتعاقبة على مكانتها الرفيعة جنبا إلى جنب مع اللغة التركية، وكان لدى العثمانيين ولع كبير بتعريب لغتهم التركية وتطعيمها بكثير من المفردات، وحتى ببعض القواعد اللغوية المستمدة من العربية، مما أدى بالتالي إلى اقتراض كثير من المفردات وانتقال كثير من المصطلحات العربية إلى اللغة التركية العثمانية.

من جانب آخر فقد ظهر ميل كبير من قبل خلفاء المسلمين وقادتهم وأفراد عائلاتهم – وخاصة في الفترة الأيوبية – لاتخاذ الألقاب والأسماء المقرونة بـ (الدولة) مثل: عضد الدولة، وركن الدولة، وبهاء الدولة، وجلال الدولة، وسلطان الدولة، ومعز الدولة الخ. لذلك أرى أن حدسك قد يكون في محله لأن الاحتمال قوي جدا في أن يكون قادة الدولة العثمانية قاموا بتقليد من سبقهم من قادة العرب في هذه العادة.

هناك ألقاب عثمانية كثيرة أخرى تم اشتقاقها على المنوال موضوع البحث مثل فضيلتلو (صاحب الفضيلة)، وعزتلو (صاحب العزة)، وسعادتلو (صاحب السعادة) وغير ذلك.

إن اللاحقة (لو) في اللغة العثمانية (لي) في اللغة التركية الحديثة إذا أضيفت إلى اسم ما أو لقب ما يكون معناها (صاحب) ذلك الاسم أو اللقب. ونظرا لكثرة المفردات العربية المستخدمة في اللغة العثمانية فقد كان العثمانيون يكتفون بإضافة اللاحقة (لو) إلى الاسم من أجل تتريكه من دون الاضطرار إلى تغيير أصله أو تتريكه بسبب حبهم لمفردات اللغة العربية لكونها لغة القرآن الكريم.

بيد أنني لست متأكدا من أصالة أو صحة استخدام ألقاب المخاطبة العربية الحديثة بصيغ مثل جلالة الملك، وسمو الأمير، ودولة الرئيس، وفخامة الرئيس، وسيادة الرئيس، ومعالي الوزير، وعطوفة الوكيل، وسعادة السفير، وجناب المدير ويبدو لي أنها محدثة، في حين لا أرى أي خطأ لغوي أو اشتقاقي في الألقاب العربية القديمة المبدوءة بصاحب.

نعم أستاذي الفاضل، الاحتمال كبير في أن تكون هذه الطريقة قد انتقلت من العرب إلى العثمانيين ثم عادت مرة ثانية إلى العرب بشكل غير معياري. ويمكن للباحثين من فقهاء اللغة أن يساعدونا في نفي أو تأكيد هذه المعلومة.

دمتم بخير، والله أعلم.

منذر أبو هواش

:emo_m17: