هلال الفارع
05/03/2008, 09:48 AM
القصيدة الفائزة بالمرتبة الأولى في المسابقة الشعرية للجامعة الفلسطينية
قصيدة العشق والشعر والعيد
(سالت دموعي و اقشعرّ جناني)
*شعــر: ربيــع جرارعــة
سالت دموعي و اقشعرّ جناني=إذ راودتْني في الكرى أشجاني
و سكَبْتُ مثل الطفل عَبرةَ واجفٍ=في مقلتيه من العذاب معانِ
يبكي و يذرفُ في الدموع حكايةً=و القلبُ يُبدي شدّة الخفقانِ
و الليلُ يرقبني بطرفِ ذهولهِ=متعجّباً من معْشر الإنسانِ
يا ليلُ مهلكَ هل سمعتَ عن الجوى=يا ليلُ هذاكَ الذي أبكاني
رحَلتْ و ألفَتْ في الفؤاد صبابةً=فغدوتُ أترعُها بكأسٍ قان
راحٍ تكمّنَ في خفايا لحظها=يسري بحشوِ الخافق الولهانِ
قد ذقتُها قبلاً, و أسكرَني النوى=و اليوم تسكرُني ببيْنٍ ثانِ
ويْ من جفاها حينَ تخفي وجدَها=و تُبينُ وجهَ الكِبْرِ و العصيانٍ
يا من سلبتِ القلب حسبكِ لم أكنْ=ممّن يرومُ هوى الغرامِ الفاني
كُفّي بربّك عن مُصارعةِ الهُيا=مِ و قتل نفسِ الحبّ و الوجدانِ
إنّي لأعلمُ أنّ ثغركِ كاذِبٌ=و بأنّ شقّي فيكِ يصْطنعانِ
الحبّ بادٍ, أن كتمتِ حديثهُ=سيضجّ نبضُ القلب بالإعلانِ
و الشوقُ بادٍ, قد كتمتِ ظهورهُ=لكنّما عيناكِ باكيتانِ
أوهلْ نسيتِ العهدَ ويحكِ بيننا=عهدَ الوصالِ و نحنُ منفصلانِ
يا ربّةَ العينين و الجفنينِ والر=مشينِ و القلبِ الصغير الجاني
حوّاءُ ما كانتْ قبيلكِ تقتلُ ال=أكبادَ من لحظِ الغوى الفتّانِ
لحظٌ و ربّي ما رأيتُ نظيرهُ=معْ خِلّهِ ,والله مُعْجزتانِ
و الثغرُ موطنُ كيدهنّ و موطني=و إليهِ منتسبٌ و فيه مكاني
لمياءُ يمشي السحرُ فوق شفاهِها=متبختراً و مُفاخرَ الأقرانِ
سألتْ و كان الشوقُ في لمحاتها=و عيونُها للردّ ناظرتانِ
هل تعشقنّ فقلتُ أقسمُ قد عشقـ=تُكِ دونَ عشقٍ أو غرامٍ ثانِ
فَهَمَتْ مدامعُها على وجناتها=و ترقرقتْ في رقةٍ و حنانِ
قالتْ فديتُك,هل بكيتَ من الجوى=فاسمعْ لقد أبكاكَ ما أبكاني
فلقد رماني الصبُّ أعدلَ سِهمِهِ=قَصَمَ الفؤادَ فشلّني, أوداني
قلتُ ارعوي هل أستحقُّ لآلئاً=مِن مقلتيكِ و هنّ دامعتانِ؟
فضممتُها و القلبُ يُرعِدُ راجفاً=و فؤادُها قد ردّ بالخفقانِ
و بريئةٍ مرّت عليّ كأنّما=مرّ النسيمُ الرطبُ بالأغصانِ
ترثي حبيباً ما بكى لجمالها=و عيونُها بالصبّ طافحتانِ
و الحبّ تعجزُ ردَّهُ عن نفسها=و تُسرُّ بالإعلانِ, بالكتمانِ
قصّتْ عليّ من الغرامِ قصيدةً=أبياتها قِطَعٌ من الأحزانِ
هاكِ الهوى في متنِ نَصّ قصائدي=وجداً تطايرَ من لظى نيراني
الحبّ يا بنت الأكارمِ مهنتي=فنّ النوى أو حِرفةُ النسيانِ
أتقنتُ ألوانَ الصبابةِ و الجوى=و سلي الحبيبةَ ,جرّبتْ ألواني
مُذ هفهفتْ برموشها و تمايَسَتْ=و تبسّم الثغرُ الرقيقُ الحاني
رقَصَ القريضُ على جدائلِ رمشها ال=مكحولِ رقصَ المدنفِ السّكرانِ
بضعٌ سنيناً دونها و كأنّني=مرّ الزمانُ عليّ تلوَ الثاني
و نظرتُها بعدَ انتظاري صعّرتْ=خدّ الحنانِ و موْضعَ الإحسانِ
جادتْ عليّ من الجفاءِ عطيّةً=فإذا بعينَيْ خافقي تكِفانِ
إنّي لأقسمُ ما سلوتُ جنانها=فلأيّ ذنبٍ صدّني و سلاني؟
كلفٌ و كنتُ من الرجال الشامخيـ=ـنَ و كنتُ طوداً ثابتَ الأركانِ
كلفٌ و كنتُ المشمخرّ و لم أزلْ=جبلاً أشمّاً باسقَ البنيانِ
فالشعرُ شعري و القريضُ قصائدي=و الحرفُ ملكي و الزمانُ زماني
أنا لستُ أُلحنُ في الحروفِ أيا ابنها=بلْ أنتَ أطرشُ, فارغُ الأذهانِ
يا من تعفّنَ رأيُهُ بصميمهِ=و نما فأنبَتَ علّةَ الغثيانِ
هلاَّ نَظَرتَ إلى نُفيسِكَ بُرهةً=لترى بوجهكَ قالبَ الشيْطانِ
فاصمِتْ بربّك و انتبهْ لمضاضتي=و احذرْ مُقارعتي و سَخطَ لساني
أناْ إن سكتُّ فإنّ صمتي مُرهبٌ=و لئنْ غضبتُ أثورُ كالبركانِ
فلقدْ جهلتَ مكانتي فرَميْتَني=و جهلتَ حرفي و احتَقَرتَ بياني
عندي الجوابُ و إنّ شِعري صارمٌ=قردٌ رمى أسَداً وذاكَ رماني
قد سوّلَتْ لكَ نفسُ شيطانٍ لدو=دٍ بالغوى,بالفسق بالهَذَيانِ
لوّثتَ نصّ خريدتي و خريدتي=كانتْ بقمَّتِها و كنتَ الداني
أنا إنْ قطعتُ من البلاغةِ مقطعاً=أضحى أنيقاً ناصعَ الألوانِ
فلقدْ ملكتُ الشعرَ دونَ مُنازِلٍ=و علوتُ صقراً في فضا العقبانِ
و ملكتُ حرفَ الضادِ بتُّ أميرَهُ=و أميرَ جُلِّ الشيبِ و الشبّانِ
حتّى إذا سمِعَ الفرزدَقُ منطقي=لهوى و قالَ أيا ربيعُ كفاني
ولأنطقَ الصلدَ الأصمّ قصائدي=و لصاحَ حسْبُكَ يا عظيمَ الشانِ
أسمعتُ كلَّ الكائناتِ مشاعري=فبّكّيْنَ من إنسٍ و جنسِ الجانِ
إلاّ خليلة مهجتي لم تبكِنِي=فبَكَيْتُ مَنْهَجَها العصيًّ الجاني
فالظعنُ ينخرُ في الفؤاد صبابةً=و القلبُ في زردِ الصبابةِ عانِ
يا طائر الفينيق خبّرْ عن جنو=نِ العاشقينَ و أنتَ يا كرَواني
قيسٌ مليكُ الحبّ ولّى عهدُهُ=و اتى ربيعُ بعهدِ حُبٍّ ثانِ
العيدُ جاءَ و لم تنلني بسمةٌ=أقضي بها "عيديّةَ" الهيمانِ
و الخلقُ لمّا يفرحوا مثلي أنا=و تهيّأوا للعيدِ بالأكفانِ
العيدُ حلّ على الأنامِ كأنّهُ=فيضٌ من الادواءِ و الأشجانِ
العيدُ أقبلَ ينزفُ العبراتِ فو=قَ خدودِ دينِ اللهِ والإيمانِ
هذي بلادُ العُرْبِ أضحَتْ مرتعَاً=للّهوِ و الإفسادِ و الطغيانِ
هذي سفينةُ عزّنا و فخارنا=لكنّها غرِقَتْ بلا رُبّانِ
ديسَتْ لنا دونَ النّعالِ مناقبٌ=و الذلّ قابلناهُ بالإدمانِ
هالَ الزمان على البلادِ نوازلاً=في القدسِ في يافا و في الجولانِ
في كلّ ثغرٍ من ديارِ الله جا=ستْ ثُلّةُ الأوغادِ و الصُّلبانِ
فانظرْ إلى لبنانَ, أبصِرْ عيدَها=و العيدُ نفس العيدِ في السودانِ
عيدٌ مضى, بغدادُ أُطفأ نورُها=جَبَلٌ هوى, و انهدّ شُمْخُ رِعانِ
صدّامُ يا سيْفَ الكُماةِ مُذرَّباً=ما اسطاعَ-أقسمُ-أن يصيبكَ كانِ
كفكفْ دموعكَ يا ابن دجلةَ و الفرا=تِ و يا ابنَ درّ البحرِ و المرجانِ
فلئنْ رحلْتَ فإنّ نجمكَ بازغٌ=يسنو كمثلِ شقائقِ النُعمانِ
تاللهِ لم ترهبْ خميساً أحمراً=أو شابَ قلبَكَ منه خوفُ جبانِ
تالله ما رَجَفَتْ جنابُكَ خيفةً=فافخر بنفسكَ من بني الإنسانِ
و اضربْ بنعلِكَ من وراءكَ إنّهم=قبلوا حياةَ الذلّ و الإذعانِ
و انظرْ إلى حُلَلِ الملوك من القصو=رِ و من لَبوسِ الماسِ و التيجانِ
و انظرْ إلى فكر الملوكِ تجدْ بهِ=أحلامَ عهرٍ أو مجونَ غوانِ
و البسْ لثاماً بالسوادِ مطرّزاً=و أقِمْ عزاءَ القدسِ و الشيشانِ
و لقدْ أرومُ هجاءَ من لا يستحي=لكنّ قدْري-و العزيزِ-نهاني
فانفضْ يديكَ من الكلابِ و عدْ إلى=ربّ الملوكِ و حاكمِ الأكوانِ
فالله ينصرُ جُنْدة بجنودهِ=بالدّينِ بالإسلامِ بالقرآنِ
يا ربّنا إنّي ببابكَ واقفٌ=عيناي من فرطِ الأسى تكِفانِ
يا غافرَ الزلّاتِ و الهفَواتِ و الذ=نبِ العتيقِ و قابلَ النّدمانِ
وقَفَتْ دموعي ترتجيكَ بمحجري=فضلَ الهدى و عطيّةَ الغُفرانِ
ربّاهُ إنّي قد دعوتُكَ راجياً=عفوَ الكريمِ و رحمةَ الرحمانِ
ربّاهُ فانزعْ من ضلوعي علّةَ الـ=إكبارِ و الخيلاءِ و العصيانِ
ربّاهُ مالي قد ضَلَلتُ صراطنا=و نسيتُ عهدَ محمّد العدنانِ
صُدِعَ الفؤاد من الذنوبِ القاتلا=تِ الفاتكاتِ بفطرةِ الإنسانِ
إنّي رأيتُ الدهرَ ينْفَدُ مُهطِعاً=و رأيتُ ساعاتِ الدُّنا بثوانِ
و رأيتُ كيفَ الرومُ كانتْ درّةَ الـ=دولاتِ و الأقطارِ و البلدانِ
و رأيتُ كيفَ اللهُ يُمهلُ ثمّ يبْـ=طشُ بالطّغامِ و دونما استئذانِ
فلأهلِ عادٍ عبرةٌ لذوي الحِجى=و لقوْمِ لوطٍ حكمةُ و معانِ
و لقومِ نوحٍ و ابنِ يعقوبَ الصغيـ=رِ دنا لهُ القمرانِ يعتكفانٍ
إنّي رأيتُ من الزمانِ طبائعاً=تُذكي و تشعلُ شيبةَ الصّبيانِ
و لقدْ رأيتُ الفردَ أبغَضَ عملةٍ=وجهٌ هنا,و هناكَ وجهٌ ثانِ
متقلّبٌ بين الرجالِ بمَيْنِهِ=مثل الرغيفِ بملعبِ الفرّانِ
إنّي رأيتُ الدينَ أقوَمَ عِصمةٍ=من نزغِ شيْطانٍ و قُبحِ لسانِ
و رأيتُ نفسَ العالمين حسودةً=و بها سمومُ المكرِ كالثعبانِ
و رأيتُها أمّارةً بالسوء كالذ=ئبِ الوليدِ بحارةِ السِّرحانِ
إنّي رأيتُ و كم رأيتُ عجائباً=و رميتُ طرفي في رحى الإمعانِ
حتّى لقد دارتْ عليّ نوائباً=فعُجِنتُ تحتَ لسانها الطحّانِ
عجبَاً رأيتُ الأكرمينَ تراهَنوا=و تساجلوا شعراً بكلّ مكانِ
لا داعِ يا شعبَ القريض تهافُتاً=فأنا مليكُ الشعرِ دونَ رِهانِ
رصّعتُ شِعرَ الأقدَمين لآلئاً=من زُخْرُفي و تمائمي و جُماني
سبْعٌ على عشرٍ مَضَتْ و قضيتُها=و أنا أفيضُ الشعرَ كالفيَضانِ
السنّ مقياسٌ, و لكنْ ليسَ لي=و الحرفُ في متناولِ الغلمانِ
الحرفُ يعشقُني, يُبادلني الهوى=و عليهِ إنّي قد عقَدتُ قراني
قد قيلَ أنّ الشعرَ عذبٌ حُرُّهُ=هذا الذي ما كان في الحسبانِ
لوددْتُ تقليدَ الجدودِ الغابريـ=ـنَ العارفينَ بمهنَةِ الإتقانِ
لوددتُ إشهارَ الصقيلِ بوجهِ أرْ=بابِ الرصاصِ و فَيْلقِ الطيَرانِ
لوددْتُ طبْعاً عن فحولِ الشعرِ كالصْـ=صُعلوكِ والكِنْديّ والحَمَداني
درويشُ و السيّابُ و العقّادُ أهـ=ـلُ النّقدِ و التبيينِ و التِبيانِ
الشعرُ ويلي صيّروهُ بضاعةً=تُشرى تُباعُ بأبخسِ الاثمانِ
فردْدتُ أصلَ الشعرِ شدواً للورى=و أنا ربيعُ الشّدو و التحنانِ
فاقرأ قصيدَتَنا العفيفةَ أصلُها="سالت دموعي و اقشعرّ جَناني"
قصيدة العشق والشعر والعيد
(سالت دموعي و اقشعرّ جناني)
*شعــر: ربيــع جرارعــة
سالت دموعي و اقشعرّ جناني=إذ راودتْني في الكرى أشجاني
و سكَبْتُ مثل الطفل عَبرةَ واجفٍ=في مقلتيه من العذاب معانِ
يبكي و يذرفُ في الدموع حكايةً=و القلبُ يُبدي شدّة الخفقانِ
و الليلُ يرقبني بطرفِ ذهولهِ=متعجّباً من معْشر الإنسانِ
يا ليلُ مهلكَ هل سمعتَ عن الجوى=يا ليلُ هذاكَ الذي أبكاني
رحَلتْ و ألفَتْ في الفؤاد صبابةً=فغدوتُ أترعُها بكأسٍ قان
راحٍ تكمّنَ في خفايا لحظها=يسري بحشوِ الخافق الولهانِ
قد ذقتُها قبلاً, و أسكرَني النوى=و اليوم تسكرُني ببيْنٍ ثانِ
ويْ من جفاها حينَ تخفي وجدَها=و تُبينُ وجهَ الكِبْرِ و العصيانٍ
يا من سلبتِ القلب حسبكِ لم أكنْ=ممّن يرومُ هوى الغرامِ الفاني
كُفّي بربّك عن مُصارعةِ الهُيا=مِ و قتل نفسِ الحبّ و الوجدانِ
إنّي لأعلمُ أنّ ثغركِ كاذِبٌ=و بأنّ شقّي فيكِ يصْطنعانِ
الحبّ بادٍ, أن كتمتِ حديثهُ=سيضجّ نبضُ القلب بالإعلانِ
و الشوقُ بادٍ, قد كتمتِ ظهورهُ=لكنّما عيناكِ باكيتانِ
أوهلْ نسيتِ العهدَ ويحكِ بيننا=عهدَ الوصالِ و نحنُ منفصلانِ
يا ربّةَ العينين و الجفنينِ والر=مشينِ و القلبِ الصغير الجاني
حوّاءُ ما كانتْ قبيلكِ تقتلُ ال=أكبادَ من لحظِ الغوى الفتّانِ
لحظٌ و ربّي ما رأيتُ نظيرهُ=معْ خِلّهِ ,والله مُعْجزتانِ
و الثغرُ موطنُ كيدهنّ و موطني=و إليهِ منتسبٌ و فيه مكاني
لمياءُ يمشي السحرُ فوق شفاهِها=متبختراً و مُفاخرَ الأقرانِ
سألتْ و كان الشوقُ في لمحاتها=و عيونُها للردّ ناظرتانِ
هل تعشقنّ فقلتُ أقسمُ قد عشقـ=تُكِ دونَ عشقٍ أو غرامٍ ثانِ
فَهَمَتْ مدامعُها على وجناتها=و ترقرقتْ في رقةٍ و حنانِ
قالتْ فديتُك,هل بكيتَ من الجوى=فاسمعْ لقد أبكاكَ ما أبكاني
فلقد رماني الصبُّ أعدلَ سِهمِهِ=قَصَمَ الفؤادَ فشلّني, أوداني
قلتُ ارعوي هل أستحقُّ لآلئاً=مِن مقلتيكِ و هنّ دامعتانِ؟
فضممتُها و القلبُ يُرعِدُ راجفاً=و فؤادُها قد ردّ بالخفقانِ
و بريئةٍ مرّت عليّ كأنّما=مرّ النسيمُ الرطبُ بالأغصانِ
ترثي حبيباً ما بكى لجمالها=و عيونُها بالصبّ طافحتانِ
و الحبّ تعجزُ ردَّهُ عن نفسها=و تُسرُّ بالإعلانِ, بالكتمانِ
قصّتْ عليّ من الغرامِ قصيدةً=أبياتها قِطَعٌ من الأحزانِ
هاكِ الهوى في متنِ نَصّ قصائدي=وجداً تطايرَ من لظى نيراني
الحبّ يا بنت الأكارمِ مهنتي=فنّ النوى أو حِرفةُ النسيانِ
أتقنتُ ألوانَ الصبابةِ و الجوى=و سلي الحبيبةَ ,جرّبتْ ألواني
مُذ هفهفتْ برموشها و تمايَسَتْ=و تبسّم الثغرُ الرقيقُ الحاني
رقَصَ القريضُ على جدائلِ رمشها ال=مكحولِ رقصَ المدنفِ السّكرانِ
بضعٌ سنيناً دونها و كأنّني=مرّ الزمانُ عليّ تلوَ الثاني
و نظرتُها بعدَ انتظاري صعّرتْ=خدّ الحنانِ و موْضعَ الإحسانِ
جادتْ عليّ من الجفاءِ عطيّةً=فإذا بعينَيْ خافقي تكِفانِ
إنّي لأقسمُ ما سلوتُ جنانها=فلأيّ ذنبٍ صدّني و سلاني؟
كلفٌ و كنتُ من الرجال الشامخيـ=ـنَ و كنتُ طوداً ثابتَ الأركانِ
كلفٌ و كنتُ المشمخرّ و لم أزلْ=جبلاً أشمّاً باسقَ البنيانِ
فالشعرُ شعري و القريضُ قصائدي=و الحرفُ ملكي و الزمانُ زماني
أنا لستُ أُلحنُ في الحروفِ أيا ابنها=بلْ أنتَ أطرشُ, فارغُ الأذهانِ
يا من تعفّنَ رأيُهُ بصميمهِ=و نما فأنبَتَ علّةَ الغثيانِ
هلاَّ نَظَرتَ إلى نُفيسِكَ بُرهةً=لترى بوجهكَ قالبَ الشيْطانِ
فاصمِتْ بربّك و انتبهْ لمضاضتي=و احذرْ مُقارعتي و سَخطَ لساني
أناْ إن سكتُّ فإنّ صمتي مُرهبٌ=و لئنْ غضبتُ أثورُ كالبركانِ
فلقدْ جهلتَ مكانتي فرَميْتَني=و جهلتَ حرفي و احتَقَرتَ بياني
عندي الجوابُ و إنّ شِعري صارمٌ=قردٌ رمى أسَداً وذاكَ رماني
قد سوّلَتْ لكَ نفسُ شيطانٍ لدو=دٍ بالغوى,بالفسق بالهَذَيانِ
لوّثتَ نصّ خريدتي و خريدتي=كانتْ بقمَّتِها و كنتَ الداني
أنا إنْ قطعتُ من البلاغةِ مقطعاً=أضحى أنيقاً ناصعَ الألوانِ
فلقدْ ملكتُ الشعرَ دونَ مُنازِلٍ=و علوتُ صقراً في فضا العقبانِ
و ملكتُ حرفَ الضادِ بتُّ أميرَهُ=و أميرَ جُلِّ الشيبِ و الشبّانِ
حتّى إذا سمِعَ الفرزدَقُ منطقي=لهوى و قالَ أيا ربيعُ كفاني
ولأنطقَ الصلدَ الأصمّ قصائدي=و لصاحَ حسْبُكَ يا عظيمَ الشانِ
أسمعتُ كلَّ الكائناتِ مشاعري=فبّكّيْنَ من إنسٍ و جنسِ الجانِ
إلاّ خليلة مهجتي لم تبكِنِي=فبَكَيْتُ مَنْهَجَها العصيًّ الجاني
فالظعنُ ينخرُ في الفؤاد صبابةً=و القلبُ في زردِ الصبابةِ عانِ
يا طائر الفينيق خبّرْ عن جنو=نِ العاشقينَ و أنتَ يا كرَواني
قيسٌ مليكُ الحبّ ولّى عهدُهُ=و اتى ربيعُ بعهدِ حُبٍّ ثانِ
العيدُ جاءَ و لم تنلني بسمةٌ=أقضي بها "عيديّةَ" الهيمانِ
و الخلقُ لمّا يفرحوا مثلي أنا=و تهيّأوا للعيدِ بالأكفانِ
العيدُ حلّ على الأنامِ كأنّهُ=فيضٌ من الادواءِ و الأشجانِ
العيدُ أقبلَ ينزفُ العبراتِ فو=قَ خدودِ دينِ اللهِ والإيمانِ
هذي بلادُ العُرْبِ أضحَتْ مرتعَاً=للّهوِ و الإفسادِ و الطغيانِ
هذي سفينةُ عزّنا و فخارنا=لكنّها غرِقَتْ بلا رُبّانِ
ديسَتْ لنا دونَ النّعالِ مناقبٌ=و الذلّ قابلناهُ بالإدمانِ
هالَ الزمان على البلادِ نوازلاً=في القدسِ في يافا و في الجولانِ
في كلّ ثغرٍ من ديارِ الله جا=ستْ ثُلّةُ الأوغادِ و الصُّلبانِ
فانظرْ إلى لبنانَ, أبصِرْ عيدَها=و العيدُ نفس العيدِ في السودانِ
عيدٌ مضى, بغدادُ أُطفأ نورُها=جَبَلٌ هوى, و انهدّ شُمْخُ رِعانِ
صدّامُ يا سيْفَ الكُماةِ مُذرَّباً=ما اسطاعَ-أقسمُ-أن يصيبكَ كانِ
كفكفْ دموعكَ يا ابن دجلةَ و الفرا=تِ و يا ابنَ درّ البحرِ و المرجانِ
فلئنْ رحلْتَ فإنّ نجمكَ بازغٌ=يسنو كمثلِ شقائقِ النُعمانِ
تاللهِ لم ترهبْ خميساً أحمراً=أو شابَ قلبَكَ منه خوفُ جبانِ
تالله ما رَجَفَتْ جنابُكَ خيفةً=فافخر بنفسكَ من بني الإنسانِ
و اضربْ بنعلِكَ من وراءكَ إنّهم=قبلوا حياةَ الذلّ و الإذعانِ
و انظرْ إلى حُلَلِ الملوك من القصو=رِ و من لَبوسِ الماسِ و التيجانِ
و انظرْ إلى فكر الملوكِ تجدْ بهِ=أحلامَ عهرٍ أو مجونَ غوانِ
و البسْ لثاماً بالسوادِ مطرّزاً=و أقِمْ عزاءَ القدسِ و الشيشانِ
و لقدْ أرومُ هجاءَ من لا يستحي=لكنّ قدْري-و العزيزِ-نهاني
فانفضْ يديكَ من الكلابِ و عدْ إلى=ربّ الملوكِ و حاكمِ الأكوانِ
فالله ينصرُ جُنْدة بجنودهِ=بالدّينِ بالإسلامِ بالقرآنِ
يا ربّنا إنّي ببابكَ واقفٌ=عيناي من فرطِ الأسى تكِفانِ
يا غافرَ الزلّاتِ و الهفَواتِ و الذ=نبِ العتيقِ و قابلَ النّدمانِ
وقَفَتْ دموعي ترتجيكَ بمحجري=فضلَ الهدى و عطيّةَ الغُفرانِ
ربّاهُ إنّي قد دعوتُكَ راجياً=عفوَ الكريمِ و رحمةَ الرحمانِ
ربّاهُ فانزعْ من ضلوعي علّةَ الـ=إكبارِ و الخيلاءِ و العصيانِ
ربّاهُ مالي قد ضَلَلتُ صراطنا=و نسيتُ عهدَ محمّد العدنانِ
صُدِعَ الفؤاد من الذنوبِ القاتلا=تِ الفاتكاتِ بفطرةِ الإنسانِ
إنّي رأيتُ الدهرَ ينْفَدُ مُهطِعاً=و رأيتُ ساعاتِ الدُّنا بثوانِ
و رأيتُ كيفَ الرومُ كانتْ درّةَ الـ=دولاتِ و الأقطارِ و البلدانِ
و رأيتُ كيفَ اللهُ يُمهلُ ثمّ يبْـ=طشُ بالطّغامِ و دونما استئذانِ
فلأهلِ عادٍ عبرةٌ لذوي الحِجى=و لقوْمِ لوطٍ حكمةُ و معانِ
و لقومِ نوحٍ و ابنِ يعقوبَ الصغيـ=رِ دنا لهُ القمرانِ يعتكفانٍ
إنّي رأيتُ من الزمانِ طبائعاً=تُذكي و تشعلُ شيبةَ الصّبيانِ
و لقدْ رأيتُ الفردَ أبغَضَ عملةٍ=وجهٌ هنا,و هناكَ وجهٌ ثانِ
متقلّبٌ بين الرجالِ بمَيْنِهِ=مثل الرغيفِ بملعبِ الفرّانِ
إنّي رأيتُ الدينَ أقوَمَ عِصمةٍ=من نزغِ شيْطانٍ و قُبحِ لسانِ
و رأيتُ نفسَ العالمين حسودةً=و بها سمومُ المكرِ كالثعبانِ
و رأيتُها أمّارةً بالسوء كالذ=ئبِ الوليدِ بحارةِ السِّرحانِ
إنّي رأيتُ و كم رأيتُ عجائباً=و رميتُ طرفي في رحى الإمعانِ
حتّى لقد دارتْ عليّ نوائباً=فعُجِنتُ تحتَ لسانها الطحّانِ
عجبَاً رأيتُ الأكرمينَ تراهَنوا=و تساجلوا شعراً بكلّ مكانِ
لا داعِ يا شعبَ القريض تهافُتاً=فأنا مليكُ الشعرِ دونَ رِهانِ
رصّعتُ شِعرَ الأقدَمين لآلئاً=من زُخْرُفي و تمائمي و جُماني
سبْعٌ على عشرٍ مَضَتْ و قضيتُها=و أنا أفيضُ الشعرَ كالفيَضانِ
السنّ مقياسٌ, و لكنْ ليسَ لي=و الحرفُ في متناولِ الغلمانِ
الحرفُ يعشقُني, يُبادلني الهوى=و عليهِ إنّي قد عقَدتُ قراني
قد قيلَ أنّ الشعرَ عذبٌ حُرُّهُ=هذا الذي ما كان في الحسبانِ
لوددْتُ تقليدَ الجدودِ الغابريـ=ـنَ العارفينَ بمهنَةِ الإتقانِ
لوددتُ إشهارَ الصقيلِ بوجهِ أرْ=بابِ الرصاصِ و فَيْلقِ الطيَرانِ
لوددْتُ طبْعاً عن فحولِ الشعرِ كالصْـ=صُعلوكِ والكِنْديّ والحَمَداني
درويشُ و السيّابُ و العقّادُ أهـ=ـلُ النّقدِ و التبيينِ و التِبيانِ
الشعرُ ويلي صيّروهُ بضاعةً=تُشرى تُباعُ بأبخسِ الاثمانِ
فردْدتُ أصلَ الشعرِ شدواً للورى=و أنا ربيعُ الشّدو و التحنانِ
فاقرأ قصيدَتَنا العفيفةَ أصلُها="سالت دموعي و اقشعرّ جَناني"