المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأيام الأخيرة لنجيب محفوظ



نهاد عبد الستار رشيد
30/11/2006, 08:01 PM
( الأيام الأخيرة لنجيب محفوظ )

عن جريدة " العرب اونلاين "




يقف نجيب محفوظ شامخا وهو يتأبط عصا وصحيفة ويرفع يده اليمنى بما يشبه تحية الوداع فى صورة احتلت مساحة غلاف كتاب يسجل فيه رئيس اتحاد كتاب مصر محمد سلماوى الأيام الأخيرة للروائى الذى لايزال العربى الوحيد الحائز على جائزة نوبل فى الآداب.

وذكر المؤلف أنه لا يهدف فقط إلى تسجيل يوميات محفوظ الأخيرة البالغة 45 يوما قضاها فى المستشفى إلى أن أسلم الروح لكنه يحاول أن يقدم صورة لرجل "لم يكن كمثله أحد.. لا فى أخلاقه السامية ولا فى شخصيته الفريدة ولا فى انجازه الادبى غير المسبوق."

واستدعى رسم سلماوى لهذه الصورة أن يستعرض علاقة استمرت على مدى أكثر من ثلاثين عاما بينه وبين محفوظ الذى نال جائزة نوبل عام 1988 .

ويقع كتاب "نجيب محفوظ: المحطة الاخيرة" الذى صدر بالقاهرة عن دار الشروق فى 109 صفحات كبيرة القطع مضافا اليها أكثر من 30 صفحة أخرى تضم صورا لمحفوظ فى مراحله المختلفة مع والدته وابنتيه وسياسيين وكتابا منهم البرازيلى باولو كويلهو وصورة ضوئية من "أقصوصة مصرية" بعنوان "حكمة الموت" نشرها محفوظ عام 1938 وأخرى له عام 1988 وهو يتقلد "قلادة النيل" أرفع وسام مصرى وصولا الى صور لجنازته فى نهاية أغسطس اب الماضي.

وصدر الكتاب متزامنا مع مؤتمر "نجيب محفوظ والرواية العربية" الذى نظمه اتحاد كتاب مصر ضمن أنشطة مؤتمر الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب الذى أقيم قبل أيام بالقاهرة فى أول انعقاد له بمصر منذ تعليق عضويتها به عقب توقيعها معاهدة السلام مع اسرائيل عام 1979.

وعاد مقر الامانة العامة للاتحاد العام للادباء والكتاب العرب الى مصر وأصبح سلماوى أمينا عاما له.

من الامور التى يسجلها الكتاب مداعبات الممرضين لمحفوظ حين سألوه عن ثمن النسخة الواحدة من أول كتاب صدر له وهو رواية "عبث الاقدار" فقال "قرش صاغ واحد" ولم يحصل على مقابل مادى من الناشر بل كان أجره 500 نسخة من الرواية.

وعلق محفوظ "وضعتها "النسخ" على عربة حنطور وأنزلتها عند أول مكتبة صادفتها وعرضت الكتب على صاحبها وقلت له اننى لا أعرف ماذا أفعل بها فرأف الرجل بحالى وقبل أن يأخذ الكتب بالسعر الذى قلته له وقال انه لن يعطينى حقى الا كلما بيعت نسخة.

"ظللت على أمر المكتبة شهورا طويلة متصورا أننى سأستلم بضعة قروش ثمن ما تم بيعه من الكتاب... بعد فترة لم أجد الكتاب فى المكتبة فقلت ربما بيعت النسخ عن اخرها لكننى اكتشفت أن صاحب المكتبة وضع الكمية كلها فى المخزن قائلا انها ليس لها سوق."

لكن محفوظ أشار الى أن الزمن ربما يؤدى الى أن يعيد الناس اكتشاف أعمال تجاهلوها فى سياق سابق مختلف فبعد سنوات كان قد تخلى عن الكتابة عن مصر القديمة وصدرت روايته "خان الخليلي" التى جذبت انتباه القراء الى أعمال محفوظ السابقة حتى أن صاحب المكتبة أعاد طرح "عبث الاقدار" للبيع بسعر أكبر من قرش صاغ.

كما يكشف سلماوى أن محفوظ ظل يحتفظ بموقفه الليبرالى حتى أيامه الاخيرة ضاربا المثل بقرار ابنتيه ارتداء غطاء للرأس.

اذ سأل المؤلف فاتن ابنة محفوظ عن رأيه فى ارتدئها هى وأختها الحجاب فقالت "لم يعلق قط على هذا الموضوع. يبدو أنه اعتبرها مسألة شخصية وأنها تخصنا وحدنا... دخلت عليه هدى "ابنته الثانية" ذات يوم فوجد رأسها مغطاة فقال لها.. انت تحجبت.. قالت نعم. قال لها.. وفاتن.. فقالت لا لم تتحجب. فلم يعلق."

وتنفى زوجة محفوظ أن يكون قريبا من الصورة التقليدية للرجل الصارم ذى الشخصية المزدوجة والتى جسدتها شخصية "سى السيد" فى ثلاثيته الشهيرة وخاصة فى الجزء الاول منها وعنوانه "بين القصرين".

وتقول "لم نسمع به "سى السيد" الا فى الثلاثية."

وأطلق محفوظ عنوان "أحلام فترة النقاهة" على كتاباته التى تلت حادث الاعتداء عليه فى أكتوبر تشرين الاول 1994 حين حاول متشدد اسلامى قتله بسكين فى رقبته وأصاب يده فلم يعد قادرا على الكتابة وكان يملى "الاحلام" ومقالا أسبوعيا فى صحيفة الاهرام.

وتضمن الكتاب بعض "أحلام فترة النقاهة" منها ما رجح سلماوى أن يكون "آخر حلم أملاه" حيث أعطاه للمؤلف قبل مرضه الاخير بأسبوع واحد. ويقول نص الحلم:
"رأيتنى سائرا فى الطريق فى الهزيع الاخير من الليل فترامى الى سمعى صوت جميل وهو يغني.. زورونى كل سنة مرة.. التفت فرأيت شخصا ملتفا فى ملاءة تغطيه من الرأس الى القدمين فنظرت اليه باستطلاع شديد. رفع الملاءة عن نصفه الاعلى فاذا هو هيكل عظمى فتراجعت مذعورا. ورجعت وأنا أتلفت والصوت الجميل يطارنى وهو يغني.. زورونى كل سنة مرة.."

سعد القرش -رويترز-

طه خضر
28/07/2007, 09:55 PM
عجبت لهذا الرجل وعجبت لقدرته على تجسيد كتاباته ..

وأجزم دون أدنى شك ، إن الرسام المحترف يستطيع رسم رواياته بتفاصيلها الدقيقة

لدقة التشبيه فيها وعمق السرد ، ووضوح الصور ..

نجيب محفوظ ( رغم التحفظ على بعض أفكاره ) اديب قل أن يجود الزمان بمثله ..

وأجزم إن التكريمات التي نالها بما فيها نوبل ، يستحقها بجدارة ولا دور لأي جانب آخر فيها ..