المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( كعكة العراق ) و لعبة المصالح الاوربية والامريكية



عبدالوهاب محمد الجبوري
08/03/2008, 03:56 AM
(كعكة العراق) ولعبة المصالح الامريكية - الاوربية

عبدالوهاب محمد الجبوري
باحث عراقي

يرى بعض المحللين الغربيين، ومنهم تشارلز وليام مينز رئيس تحرير مجلس السياسة الامريكية ود. جون شتاينبر مدير معهد بركنز لدراسات السياسة الامريكية، ان الحرب على العراق واحتلاله لم تكن حرباً تكتيكية بل هي حربا استراتيجية وفقاً لجميع المعايير.. ويؤكد هؤلاء المحللين ان احتلال العراق هو من اجل النفط والسيطرة الامنية وحسم الصراع الثقافي واعادة رسم الخرائط السياسية والايديولوجية واعادة النظر جذرياً في العلاقات الدولية لمرحلة مابعد الحرب الباردة وان بروتوكولات (يالطة) وتثبيت اقدام اسرائيل في الشرق الاوسط ليس فقط كدولة انما كلاعب رئيس في تقرير مصير شؤون المنطقة برمتها.. من هنا يمكن القول ان احتلال العراق وتقاسم الادوار فيه هو منازلة استراتيجية لها تفرعات وتداعيات تمس جميع مظاهر الواقع العربي والاقليمي والدولي .
على هذا الاساس اصبحت قضية العراق بالنسبة لاوربا منصة بالغة الاهمية باتجاه استكمال انتزاع سيادة قرارها السياسي والامني من مظلة الهيمنة الامريكية بعد نجاحها من قبل، والى حد كبير، في انتزاع سيادتها الاقتصادية والمالية اثناء الحرب الباردة رغم حاجتها آنذاك الى المظلة النووية الامريكية في مواجهة المد الشيوعي في الشرق.
هكذا تكشف الاحداث الجارية بالمنظور الدولي الى احتلال العراق(وبغض النظر عن نتائج هذه الاحداث بالنسبة للعراق نفسه والمنطقة) انها اصبحت مفصلاً تاريخياً حاسماً في مجرى تطور العلاقات الامريكية الاوربية من مستوى زعامة اميريكية يتكيف الاوربيون معها الى مستوى علاقة الانداد او تعدد الاقطاب وسط دائرة اوسع تتميز بجميع المواصفات التقليدية للصراع الدولي في مرحلة انتقالية نحو نظام عالمي جديد لم تستقر بعد ملامحه الرئيسية ..
فالخلاف العلني المفتوح بين الولايات المتحدة ودول اوربية رئيسة في قضية العراق يعطي اهمية تتجاوز كثيراً المكاسب الاقتصادية التي يدور الحديث عنها تحت عنوان (كعكة العراق) الى ابعاد استراتيجية تتميز بمعارضة امريكية لدور امني اوربي مقابل اصرار اوربي على هذا الدور ولكن دون الوصول الى درجة المواجهة المكشوفة مع الولايات المتحدة الامريكية، وهو مايفسر قبول الاوربيين تطوير حلف شمال الاطلسي تحت الهيمنة الامريكية جنباً الى جنب مع محاولة الحد من استخدامه اداة تنفيذية من قبلها والعمل على ربط تحركه بقرار من مجلس الامن الدولي..
الاستنتاجات التي يمكن استخلاصها من ذلك يمكن اجمالها على النحو الاتي :-
1. سعي الادارة الامريكية واوربا الى حل الخلافات بينهما ورسم استراتيجية جديدة مبنية على اساس (التكامل) لا(التنافس) مع تجاوز مرحلة الخلاف حول الحرب على العراق، وقد يجعلنا ذلك نشهد تطورات في العلاقات الامريكية الاوربية تتغلب فيها لعبة المصالح المشتركة على اي اعتبار اخر، ويشمل ذلك بالطبع العراق والقضية الفلسطينية.
2. سعي الادارةالامريكية الى عقد اتفاق مع اوربا وحلف الاطلسي حول العراق والشرق الاوسط يتضمن وضع شروط لاستخدام القوة العسكرية ضد مايسمى بمكافحة الارهاب لتأمين المصالح الامريكية والاوربية في المنطقة.
3. ادخال العراق في لعبة الشرق الاوسط الجديد، ومن ثم لعبة الشرق الاوسط الكبير، هذه اللعبة التي تتضمن عناصر ومكونات متداخلة كشف عنها مسؤولون امريكيون واسرائيليون واتراك في اكثر من مناسبة تعتمد على استخدام استراتيجيات محددة لتحقيق اهداف مخطط لها مسبقاً لتغيير الواقع السياسي والاقتصادي والثقافي في منطقة الشرق الاوسط، ويمكن اختصارها بالعبارة الاتية:-
تفعيل التكنولوجيا الاسرائيلية والمياه التركية باستخدام الاموال الخليجية والعمالة المصرية لخلق هذا الواقع الجديد يقبل باسرائيل كلاعب رئيس في الشرق الاوسط.
وايا كانت مداخلات هذه اللعبة وتطوراتها لكن استقراءنا للاحداث يشير الى وجود نية (دولية) بادخال العراق ضمن هذه اللعبة خاصة وانه يمتلك كل المكونات الاساسية لعناصرها كالمياه والنفط والايدي العاملة والكوادر العلمية ، على حد تعبير المحلل الستراتيجي الاسرائيلي زئيف شيف،الامر الذي يجعلنا نعتقد ان العراق سيبقى لفترة قادمة مسرحاً لاحداث وتطورات تشارك فيها قوى عربية واقليمية ودولية، ولكن نأمل ان لا يكون ذلك على حساب مصالح شعبه وثرواته وامنه واستقراره.