المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما معنى المبدأ؟!



عامر العظم
09/03/2008, 01:15 AM
هل أنت إنسان مبدئي؟!
ما صفات الإنسان المبدئي؟!
ما معنى مبدئي؟!
ما معنى المبدأ؟!
ما هي المبادئ؟!

تحية فلسفية حائرة!

الدكتور أسعد الدندشلي
09/03/2008, 01:54 AM
تحية أستاذي الغالي عامر المحترم
المبدأي هو الإنسان الذي يمنع نفسه عن رغبة فيها كسب ذاتي له، ولكنها تحمل الضرر للآخرين...
المبدأي هو الإنسان الذي يقرأ نفسه جهرا كما يعرفها سرا...
المبدأي هو الذي يحمل في ذاته مشروع الشهادة وفعل الإستشهاد ولا يكتفي بدمع أو حضور حفل تأبين!
المبدأي هو الذي يتصارع مع حاجاته قبل أن يطلبها من الآخرين!
المبدأي هو المستعد لقبول الحق ولو كان على نفسه!
رحم الله مساحة تواجد فيها المبدأي! فرشقوه بالحجارة، ورموه بالسياط!
وللمبدأي تداعيات وتقاطعات، وافرازات من القيم والمبادىء يعزّ فيها أن تجد طالبا أو محبا أو عاشقا ...اللهم _في عصرنا_ ما ندر!!

محمد المهدي السقال
09/03/2008, 05:15 AM
المبدأ منطلق ، موقف ، رؤيا ، قناعة ، اعتقاد ،
و المبدأ ،
ليس مما يمكن الحديث عنه ضمن القيم المضافة لأنماط التفكير في الحياة ،
من منظور السعي المادي للوجود ،
لأنه بطبيعة تشكله في مساحة الوعي والإدراك ،
ينبع من الاختيار بحثا عن المطلق في بعده الإنساني ،
و المبدأ في الجوهر كل لا يتجزأ ،
فهو إما أن يكون أو لا يكون ،
تنظيرا وممارسة ، تفكيرا وسلوكا ،
وبين مبدأ ومبدأ ،
يمكن التمييز بين وجوده بالقوة و وجوده بالفعل ،
لأن تجسيده مرهون بالذات في شروطها الموضوعية ،
ويمكن في هذا السياق استحضار عنوان المقالة الشهيرة للمفكر الراحل زكي نجيب محمود :
المبادئ : حقائق أم فروض ؟

ياسر خليل
09/03/2008, 09:56 AM
اولا شكرا علي هذا السؤال الذي دفعني الي ترك عملي لكي اشارك في الرد عليه ولاستفيد ايضا من ردود الزملاء الافاضل.

لم اقرأ تعريفا واضحا لكلمة "مبدأ"، ولكن ما استطعت ان استنبطه:
ان المبدأ هو النقطة الاولي التي ينطلق منها تفكير الانسان في امر او امور معينة، ومن ثم، منها يمكن تحديد ماهو الصواب (الذي لايتعارض مع هذه النقطة) والخطأ (الذي يتعارض معها). وبالتالي يمكن للانسان ان يتخذ قراره وفقا لما توصل اليه من نتائج، وطبقا لمدي تمسكه وايمانه بضرورة تنفيذ ما لا يتعارض مع مبدأه.

محمد إسماعيل بطرش
09/03/2008, 10:12 AM
المبدأ هو مركز الدائرة الذي تنداح منه كل الدوائر التي تمسح كل ما تحتويه سعة هذه الدلئرة الشمولية. أو هو نقطة الانفراج في الزاوية التي تحتوي بين طرفيها المتباعدة مجال الفكر. أقول هذا في المبدأ الذي ينطلق منه الفكر. فلكل فكر مبدأ. فالماركسية مثلا تنطلق من فكرة أن كل ما في الوجود إنما هو مادي و حسب, و حتى الفكر يفرزه الدماغ كما تفرز الكبد الصفراء.
يشكل هذا الأمر باختلاف المبدأ أكبر صعوبة في التقاء الأفكار عند النقاش لأن كل واحد يتحدث بمدلولات مختلفة و كلما ابتعدنا عن رأس الزاوية اتسع الاختلاف.
لقد أثبت العلم عدم صحة المبدأ المادي فحتى على مستوى الجوهر الفرد نجد نظاما في البنية تكون به هذه الذرة أو لا تكون. فالوجود كله ليس عبثيا بل هو منظم, و في نظامه الدقيق يكمن ماضيه و حاضره بل و مستقبله. و الصحيح أن كل ما في الوجود مادي روحي في آن معا إذا اعتبرنا النظام الدقيق روحا, فالمادة و الروح متلازمه كصفحتي الورقة لا يمكن فصل أحد وجهيها عن الآخر.
أذكر في هذا المجال بحثا كتبه ستالين عن الدياليكتيك أورد فيه ذرة الأوزون كمثال و ذرة الأوزون تتشكل من ثلاثة جواهر من الأوكسيجين و أن باتحاد هذه الجواهر الثلاث تكون للأوزون قدرة و فاعلية لم تكن للجواهر المنفردة قبل ذلك ليقول إن الطاقة إنما هي نتيجة التفاعل المادي. و من دراستنا لجوهر الأوكسيجين نعرف أن وجود هذا الجوهر و قدراته كامنة في تظام تكوينه الدقيق الذي إذا اختل بطل و جوده, و منه الاستحالات من مادة إلى أخرى تتم بنزع الكهارب من السطح أو الإضافة إليها. و هكذا كل ما في الوجود منظم في بدايته و مآله. و من هذه العلاقة الدقيقة تكمن قدرة الجوهر الفرد في أن يشكل ماء تحيا به الأرض أو قنبلة تبيد الحياة.
إن المبدإ يضع على عين المرء نظارة تصبغ له كل ما يراقبه أو يبحث فيه بصبغة معينة يصعب عليه رؤية ما وراءها.
ليست المجتمعات و الحضارات مجرد حاجات للعرض و الطلب بل هي حصيلة أحداث مرت بها هذه المجتمعات و شكلت بنيتها التي تختلف باختلاف الظروف و المناسبات ومن ذلك كان اختلاف البشر و اختلاف الرؤى و لا يوجد علاج واحد لمشاكلها بل لكل أمة سبيل.

Dr. Schaker S. Schubaer
09/03/2008, 10:35 AM
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسوله الأمين

لوحة رقم (1): في مفهوم المبدأ ومدى إيجابية صاحب المبادئ

لا بد أن نتطرق من البداية لمفاهيم أولية ينبني عليها مفهوم المبدأ. فنبدأ بتوضيح "المفهوم" وهو يشير إلى كينونة ما سواء كانت كينونة تتمتع بوجود حسي أو كينونة تتمتع بوجود عقلي. هذا المفهوم يتم ربطه نفياً أو إثباتاً بما يطلق عليه المناطقة محمول، والمحمول هي بصفة ما أو كينونة ما. وفي هذه الحالة يطلق على المفهوم موضوع. وهنا تبدأ أو الوحدات التركيبية وهي القضية.

فالقضية هي ربط محمول ما بموضوع ما بحكم ما نفياً أو إثباتاً. ويتم هذا من الناحية الشكلية Syntactic Aspect في اللغة العربية ضمناً، أما في لغات أخرى فيكون صريحاً ويسمى في هذا الحالة الرابط Copula وهو في الإنجليزية فعل to be، وفي الألمانية Sein. وحسب العلاقة بين المحمول والموضوع، يكون لدينا نوعين من الإحكام:
النوع الأول: إذا كان المحمول هو جزء من مفهوم الموضوع، فنحن أمام أحكام تحليلية،

النوع الثاني: إذا كان المحمول ليس جزءاص من مفهوم الموضوع، وبالتالي إضافه له، فنحن أمام أحكام تركيبية.

فالقضية الملك يحكم أو الملك حاكم، هي قضية تحليلية لأن الحكم داخل ضمن مفهوم الملك.
أما القضية الملك يعدل أو الملك عادل فهي قضية تركيبية لأن العدل لا يقع داخل مفهوم الملك.
والأحكام التركيبية بحاجة إلى دليل Empirical Evidence، أو إلى برهان Poof، للحكم على مصداقيتها.

لذا فإذا أردت أمثلة لقضايا تركيبية على أسس قبلية Apriori، فما عليك إلا أن تتجه إلى النظريات Theorems الرياضية. وقد انطلقت الرياضيات من مسلمات بيانو التسع، والتي يمكن اشتقاق الرياضيات منها. هذه المسلمات لها مصداقية واضحة بذاتها. وكان سوء طالع الميتافيزيقا أنها بدأت بقضايا تجريدية أو انتقلت من المحسوس إلى المعقول دون تمحص هذا التحول أو مراجعته. أما القضايا التركيبية على أسس بعدية Posteriori، فلديك كل العلوم التجريبية.

فإذا أردنا أن نبني الميتافيزيقا على أسس عقلية، فلننطلق من مسلمات يقينية يتطابق فيها يقينية الحكم محسوساً ومعقولاً، مثل حقيقة الموت. فالموت حقيقة المحسوس وحقيقة المعقول في آن واحد. م نبدأ في بناء قضايا قبلية تركيبية.

وقد يترتب علة هذه القضايا تعليمات Instructions، وهي قضايا موجهة سلوكياً، وتسمى في هذاالحالة تعليمة Instruction، أو بالألمانية Lehre، وعند تبني إنسان لقضية ما سواء كانت حكم أم تعليمة فتسمى مبدأ Doctrine بالألمانية Doktrin. وهي مبدأ يتبعه الإنسان في حياته.

ونحن كعموم الناس نضع صاحب المبادئ مقابل صاحب الهوى كالطمع والشهوات والمزاج والأنانية خلال مئات مثل الآبيقويين، وهم الذين لا يهمهم إلا متعهم الحسية. لذا ننظر بإيجابية لأصحاب المبادئ.
إذا أمكن الوصول إلى هذا المبدأ بالضرورة العقلية، فنحن أمام انفتاح وتنوير، حيث:
Doktrin=Lehrsatz

أما إذا كان غير ذلك وخاصة إذا كانت تنافي العقل فنحن أمام الإنغلاق، والإيمان بمبهمات، حيث:
Doktrin=Dogma

وهذه تسببت مصائب في تاريخ البشرية. فعندما تبنت الكنيسة نظريات أرسطو وعلوم اليونان ككل. كان حسب نظرية أرسطو أن الجسم الأثقل يصل إلى الأرض أسرع، فعندما أتى جاليلو وقال لهم إن كلاهما يصلا معاً، لأنهما يقعا تحت تأثير الجاذبية الأرضية، وأراهم ذلك من على برج بيزا المائل حيث وصل الحجران (الصغير والكبير) معاً، رفضوا وقالوا له: أرسطو لم يقل بذلك، واتهموه بالسحر!

ولا ننسى المعتقدات التي تأتي لنا ونقبلها دون تمحيص، لسبب أو لآخر، وهي التي سماها فرانسيس بيكون بالأوهام. سواء كان من أناس ثقة أو نتيجة ظروف عشناها. من هذا ضخ الحقد في العهد القديم والتلمود، وتسميته بالحقد المقدس، ولا يمكن أن يكون الحقد مقدساً، فهو ضد الفطرة البشرية.

كم مرة سأل الله تعالى في كتابه الكريم: أفلا تعقلون؟ .. أفلا تبصرون؟ لا يريدنا الله أن نخر على آياته صماً وعمياناً. لذا أعجب كيف وضعوا العقل مقابل الوحى؟؟!!

إذن المشكلة في التخلف، فهو عدو الإنسانية رقم 1. فالمتخلف هو كل على مولاه، أينما توجهه لا يأتي بخير. والمتخلف ترباس تحت غلاف رقيق من المبادئ!

وبالله التوفيق،،،

سمر شيحه
09/03/2008, 12:02 PM
تحيه لأستاذي عامر العظم لطرحك هذا الموضوع المميز واسمح لي بإبداء رأيي البسيط
في اعتقادي أن كل منا هو شخص مبدأي من منطلق أن
المبدأ هو فكر واعتقاد وقناعه وبالتالي موقف يتبناه كل فرد من أفراد المجتمع حسب تربيته وبيئته وثقافاته وقناعاته الداخليه
والشخص المبدأي يمتلك كما من هذه القناعات والأفكار ويتمسك بها ويجاهد من أجل تطبيقها مهما قابل من معوقات أو معرقلات
وليس المبدأ بالضروره اتجاها ايجابيا بل ربما يكون اتجاها سلبيا يؤمن به الفرد من داخله ويتمسك به ويطبقه على نفسه وعلى من حوله
على سبيل المثال الاتجاهات الدينيه فنجد كل فرد يتمسك بدينه ومعتقداته مهما حاولت اقناعه بصواب رأي أخر أو اتجاه أخر تجده لا يتزحزح عن موقفه
إلا اذا كان في داخله لا يقتنع تماما بصحة مبدأه هذا وعنده الإستعداد للتغير .
تقبل مروري أستاذي العظيم وشكرا,

عزيز العرباوي
09/03/2008, 12:31 PM
المبدأ مبدأ وقيم لا يمكن لأي أحد يتميز بها أن يحيد عنها وإلا فإننا نقول عنه بأنه لا مبدا له .....

المبدأ يجب أن يكون مصاحبا للعديد من القيم الأخرى النبيلة لكي تكتمل قيمة هذا الشخص في عين الناس ....

///
///

منذر أبو هواش
09/03/2008, 12:46 PM
البَدْء: فِعْلُ الشيءِ ابتداء، والمبدأ هو المقدم على كل شيء،
ويقالُ: لكَ البَدْءُ والبَدْأَةُ والبُدْأَةُ والبَدِيئةُ والبَداءة والبُداءة
أي لكَ أَنْ تَبْدَأَ قبل غيرك في الرَّمْي وغيرهِ.
وفي الحديثِ: الخَيْلُ مُبَدَّأَةٌ يومَ الوِرْدِ أَي يُبْدَأُ بها في السَّقْيِ قبلَ الإِبِلِ والغَنَمِ،
والمبدأ منْ بَدا يَبْدُو أي ما يَظهَر وما يُرى فيكون رأيا مرئيا.

والمبدأ هو المقدم دائما فلا تأخير له،
والمبدأ هو أصل الفكر وهو الأساس الذي يبنى عليه،
والمبدأ هو نقطة البداية ونقطة الانطلاق إلى الأمام فلا رجوع عنه،
والمبدأ هو الرأي الأول الذي له الأولوية على كل رأي.

في وجود المبدأ يسود العدل ويعم النظام
وفي غيابه يسود الظلم وتعم الفوضى

:emo_m17:

الدكتور التهامي الهاشمي
09/03/2008, 01:40 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
هاأنتم ، جزاكم الله بينتم ، مــا هــو الـمــبــدأ
علمناه الآن ؛ و الجم الغفير منا كان يعلمه قَــبْــلُ
الذي يحسن أن ندخله الآن في الحسبان هــو :

أن صاحب المبدأ ، الثابت عليه ، مُــتْــعَــبٌ في حياته هذه التي لا يتعامل فيها إلا مع مَــنْ لا مبدأ له.

و إذن صاحب المبدأ مُــجَــاهِــدٌ شَــهِــيــدٌ
لــذا

علينا و الحالة هذه أن نحترمه و نوقره و نجله لأنه :

عبد ابتلي فأحبه الله
فوجب علينا تقديره و تعظيمه

امال عابدين حيدر
09/03/2008, 03:43 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مبدأ على وزن مفعل، وهو المكان الذي يتم فيه الفعل بدأ.
مثل معمل، مصنع.
إذاً؛ المبدأ هو نقطة انطلاق الفعل، وبحسب المبدأ الذي تقف فيه يكون عملك.

المبادئ هي القيم، المسلمات، التي يتصرف الإنسان على أساسها تلقائياً.
هي نظرته للحياة، للأولويات.
المبادئ هي التي يقيم الإنسان من خلالها تصرفات الآخرين، وعلى أساسها تكون ردة فعله.

المبادئ هي الأخلاق.

ورحم الله امرأً ثبت على مبدئه.

وخير من ثبت على مبادئه رسول الله (ص)، وخير مثال في ذلك قولته الشهيرة (ص)
" والله ياعم لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر
ماتركته إلا أن يظهره الله أو أهلك دونه "
ثبت (ص) على مبدئه في الرساله.
وثبت على أسلوبه في " خلوا بيني وبين الناس "

حبذا لو أنا نستغل ذكرى مولده (ص) لنستعين بها، ونذكر بعضنا بكل الأخلاقيات، والمبادئ التي ننادي بها في هذه
الجمعية، وفي العالم أجمع؛ كيف فعل (ص)
كيف كانت مبادؤه؟ كيف ثبت على مبادئه؟ كيف بقي نظيفاً شريفاً في سبيل الوصول إلى أهدافه.
وكيف كان (ص) لا يهتم للنفايات الفكرية، ولايعطي أذنه لكل طعان لعان شاتم.
بل مصر على المضي في طريقه، لايؤخره لعن لاعن، ولا يبطؤه حسد حاسد.
ولا يحرفه عن مساره كل إغراءات، وتهديدات العالم.

الصلاة والسلام عليك ياسيدي يارسول الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عبدالقادربوميدونة
09/03/2008, 03:59 PM
هل أنت إنسان مبدئي؟!
ما صفات الإنسان المبدئي؟!
ما معنى مبدئي؟!
ما معنى المبدأ؟!
ما هي المبادئ؟!

تحية فلسفية حائرة!

الأخ المحترم عامر العظم العظيم : تحية غير بدائية وبعد:

في البدء كانت الكلمة نون والقلم وما يسطرون..أول من بدأ آدم عليه السلام ..ثم جاءت ذريته التي لم تبدأ بعد حتى علمها غراب ..ثم جاءت البدائية ..كل بدائية مآلها مجتمع وتحضر .. وكل تحضر مآله البدائية..
عود على بدء ..المبدأ : الثبوت في حركية دائمة نحو الأفضل ..والأفضل قد يراه آخرون بدائية ..بلغتنا المعاصرة حضارة وسلوك مستحب متواطأ عليه موضوعيا..ومن لا مبدأ له هو من جنس ...
إذن في هذه " الخلطة الحضارية " - كما أسميتموها أنتم هناك مبدأ ومنطلق وغاية ..وغاية كل إنسان حر شريف إسعاد الآخرين بنصرة الحق والعدل ..ومن سار على غير هذا الدرب فهو على شفا حفرة أوهوة سحيقة ..قال تبارك وتعالى: " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون. .." والسلام على كل من فهم الكلام.

حاتم قويدر
09/03/2008, 05:30 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أبدأ باسم الله
وهذا مبدأ
والمبدأ هو ان تتخذ امراً او طريقاً او طريقة او اسلوباً او فكراً او فكرةً او منهجا تنطلق منها في العمل او الكلام او التفكير.

وأن تكون ذا مبدأ او صاحب مبدأ يعني انك تتخذ اسلوبا يميزك او مبدأ في تعاملاتك تعرف به،او يعرف بك - اذا كنت لامعا - او صاحب طريقة - اي مبدأ -.

والمباديء كثيرة ومتعدده.وهناك من هو بلا مبدأ، اي يتبع هواه وينصب اشرعة مركبه لتسوقها الرياح حيثما ذهبت .وهذا هو الإمعه.
وعلينا ان نتجنب التعامل معه حتى يعرف اين هو ونعرف اين نحن.

وهناك كذلك من ينتظر الرياح والفرصه المؤاتيه فيرفع اشرعة مركبه لتسوقه حيث المصلحه التي يراها مناسبه،وهذا صاحب مبدأ الانتهازيه،وهو الذي يستفيد من الظروف مهما كانت لخدمة نفسه ومصالحه دون اعتبار لمحيطه ومجتمعه مهما كان الظرف او السبب. وهذا هو الخطر بعينه،وعلينا ان نحذر منه.

اما صاحب المبدأ،فهو واضح وعلينا التعامل معه بأريَحِيَّه ما دام غير قاصد غدرنا او الاضرار بنا.فقد يكون عدوّأً ذا مبدأ ،وبذلك يجب علينا معرفة مبدئه والتعامل معه.اما اذا كان صاحب مبدأ ذات نوايا انسانيه واهدافه طيبه،فَـنـِعـِمـّا هو.

تحياتي

محمد إسماعيل بطرش
09/03/2008, 07:13 PM
الإنسان صاحب المبدأ هو ذلك الإنسان الذي ينطلق فكره و عمله من ذلك المبدأ الذي يكوّن له رؤية خاصة في تقديره للأمور تنطلق من ذلك المبدأ. فرؤية الشخص الماديّ لا تهتم بالبعد الروحي للإنسان لأنه لا يرى في الإنسان أكثر من آلة تتطلب الوقود كي تعمل و يتساوى فيها النبيه و الخامل أما الشخص المسلم فيرى أن الله خلق الناس من جسد واحد لكنه جعلهم درجات فيما قدّر لهم من العمر و الرزق و لو كان الناس كلهم سواء لكفى واحد منهم عن الآخرين, لكن من آياته اختلاف ألسنتكم و ألوانكم لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم. ليس البشر كلهم سواء و لم يفبركوا كمعمل الكونسروة يدخل فيه الثور من طرف ليخرج من الطرف الآخر نقانق بمفهوم المادّيين. و المسلم يرى الناس سواسية لا فضل لعربي على أعجمي و لا لأبيض على أسود إلا بالتقوى لكن فيهم الجيد و المسيء و إلا لا حاجة لوجود الحساب.
يدخل المعلم على الصف فيلقي الدرس الواحد لكن الطلبة تختلف في فهمه فكل واحد منهم يفهم من الدرس بما آتاه الله من قدرة على الفهم. و كذلك دأب الحياة و لكل مجتهد نصيب و لولا اختلاف الناس في عقولهم ما وجد مخترع و لا عالم.
إن اختلاف الناس في إمكانياتهم و ما قدره الله لهم و عليهم لا يسمح لهم التعالي أو التكبر فكلكم من آدم و آدم من تراب و لنا في قول النبي الكريم عظة: " اللهم أحيني مسكينا و أمتني مسكينا و احشرني في زمرة المساكين."

داليا التركى
09/03/2008, 10:32 PM
المبدأ .. هو البعد القيمي للتفكير الداخلى الذى يسبق التصرف تجاهـ أمر ما أو تكوين رأى تجاهـ أحداث ما وهو المتحكم فى شخصية الإنسان التى تكون المبادئ لديه محسوسة ومعروفة ومحددة داخل إطار فكرى وأخلاقى وإنسانى ــ والمبادئ لا يمكن تجزئتها حسب المواقع أو الظروف لأنه حسب رأيى وبعيدا عن الأيدولوجيات .. جزأ من العقيدة وبتشكل وفقاً لعدة مكونات أولها الدين والأسرة والتربية والثقافة والمجتمع الذى يعيش فيه ومن وجهة نظرى أيضاً أن هناك مبادئ أساسية موجودة بالفطرة التى حباها الله لنا وأيضا هناك مبادئ مكتسبة .. من معلم ـ نتأثر به من كاتب من مفكر وغيره وهو المبدأ الذى يؤثر على قرار المحامى مثلاً على قبول قضية للدفاع عنها وعدم قبوله لأخرى لأن مبدأهـ لا يسمح بذلك ..والمبدأ إحساس بواجب يفرضه الشخص على نفسه ـــ وهو الذى يجعل الإنسان فى بعض الأحيان أن يؤثر إحساسه بالحزن والألم عن التخلى عن مبادئه ليقول وهو مبتسم مسألة مبدأ وقد أرضيت مبادئى ..
كل الشكر لك أستاذ عامر العظم على ذلك التساؤل والذى أضاف لى الكثير والكثير حينما قرأت آراء اساتذتى عن المبدأ

كل الشكر والتحية لكم

محمد بروحو
09/03/2008, 11:14 PM
المبدأ هو الصرط المستقيم.
المبدأ إيمان، وأفضل إيمان أن تؤمن بالله كأنك تراه وإن لم تكن تراه فإنه يراك.
المبدأ أن تحب للناس ما تحبه لنفسك.
أن تكون صادقا مع نفسك ومع غيرك .. قنوعا بما كتب الله لك .. حامدالله شاكرا له على ما أعطاك وما أصابك ..
أظن أن المسلم لا يعزه البحث أكثر مما يعزه الجهد.
أن يفعل ما أمره الله ويبتعد عما نهاه عنه.

شكري وتقديري.

AMIN SALAMA
09/03/2008, 11:48 PM
المبدأ هو الاعتقاد الراسخ الذى يحرك سلوك الانسان وفقا لمعتقداتة وثقافتة بحيث لا يحيد عنة قيد انملة نتيجة اعتقادة الراسخ بما ي}من بة

الحاج بونيف
10/03/2008, 12:07 AM
المبدأ هو المنهج الأخلاقي الذي يرسمه الإنسان لنفسه ويسير وفقه في حياته فلا يحيد عنه مهما كلفه ذلك من مشقة..

محمد بن أحمد باسيدي
10/03/2008, 04:42 PM
أحسنت أستاذنا شاكر شبير عندما استفهمت مستنكرا التناقض الصريح الذي يقع فيه صنف من الناس - جهلا أو عمدا - أبوا إلا أن يصروا على العماية والتضليل والتغرير بأنفسهم وبالسذج ممن بضاعته مزجاة من العلم الرصين والفكر القويم:
" كم مرة سأل الله تعالى في كتابه الكريم: أفلا تعقلون؟ .. أفلا تبصرون؟ لا يريدنا الله أن نخر على آياته صماً وعمياناً. لذا أعجب كيف وضعوا العقل مقابل الوحى؟؟!! "
اللهم أرنا الحقّ حقّا وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل وارزقنا اجتنابه.
أخوكم
محمد بن أحمد باسيدي

غسان التلاوي
11/03/2008, 11:51 PM
استاذي العزيز عامر العظم اشكرك على هذا الموضوع الجميل :
المبدأ هو الايمان بالشىء والذي قد يعبر عن شخصية الفرد وسلوكه الشخصي وحسن الادارة وينبع منه القيم والاخلاق الحميده المبينة له وقد يكون المبدأ هو اصلا المعبر عن شخصية الفرد وتقبل مني هذه الداخلة وشكرا

عبدالكريم يحيى الزيباري
18/03/2008, 10:03 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
نشكر الدكتور عامر العظم على استثارة الفكر في هذا الموضوع المبدئي
قال سقراط بعد صدور الحكم بإعدامه أنه لا يأسف على شيء لأنَّ لم يفعل شيئا في حياته لم يكن متأكداً من أنَّه الصواب
ولكن ما هو الصواب والخطأ؟ المسألة نسبية فما يعتبره شخص ما صائبا قد يعتبره شخص آخر خاطئا وأخطر الناس الذين يخطئون وهم يحسبون أنَّهم يحسنون صنعا فبوش الذي نشر الفوضى والدمار يقول أنَّ العالم صار أكثر أمناً بعد احتلاله العراق قتل مليون وربع عراقي وشرد أكثر من خمسة ملايين وصار الأمريكي هدفاً في جميع الدول للهجمات وازدادت الكراهية للولايات المتحدة وصاروا يسمونها الويلات المتحدة وهو يقول صار العالم أكثر أمنا
هل للثبات النسبي الميقاتي في الساعة البيولوجية Biological clock علاقة بالثبات النسبي في الأنشطة الأنثروبولوجية ؟ أظهرت دراسة علمية أمريكية أن العمل وفق نوبات غير منتظمة، وتغيرات الساعة البيولوجية كالسفر من منطقة جغرافية زمنية إلى أخرى مختلفة، تتسبب برد فعل فيزيولوجي للجسم، كما تتأثر بتغيرات الضوء والظلام والليل والنهار.
هل للأنشطة الأنثروبولوجية علاقة بتقلُّبات مفهومي الخطأ والصواب؟ لماذا كلما أُثيرَت مسألة الخطأ والصواب، نصطدم باستفهامية: خطأٌ بالنسبة لِمَنْ؟ أ بالنسبة لمرتكب الخطأ أم للمتضرر منه، أم بالنسبة لثالثٍ خارج العلاقة؟ هذا الطابع الثلاثي لماهية الخطأ والذي يبرره المفهوم التقليدي، منحنا فلسفة تمالئُ العقل السائد وتدعمه، بينما نحتاج إلى استفهاميةٍ تناقضُ العقل السائد وتفنِّدُّه.
الجميع يقول هذا خطأ، ذاك صواب، لكن ما هي ماهية الخطأ والصواب؟ وما قيمة السؤال المجرد عن الماهية إذا ابتعدنا عن واقعنا المرير؟ وإذا كان مفهوم الخطأ والصواب في أحسن الأحوال يتجه حسب المعرفة، فإنَّه غالباً ما يتجه حسب المصالح.

عبدالكريم يحيى الزيباري
18/03/2008, 10:03 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
نشكر الدكتور عامر العظم على استثارة الفكر في هذا الموضوع المبدئي
قال سقراط بعد صدور الحكم بإعدامه أنه لا يأسف على شيء لأنَّ لم يفعل شيئا في حياته لم يكن متأكداً من أنَّه الصواب
ولكن ما هو الصواب والخطأ؟ المسألة نسبية فما يعتبره شخص ما صائبا قد يعتبره شخص آخر خاطئا وأخطر الناس الذين يخطئون وهم يحسبون أنَّهم يحسنون صنعا فبوش الذي نشر الفوضى والدمار يقول أنَّ العالم صار أكثر أمناً بعد احتلاله العراق قتل مليون وربع عراقي وشرد أكثر من خمسة ملايين وصار الأمريكي هدفاً في جميع الدول للهجمات وازدادت الكراهية للولايات المتحدة وصاروا يسمونها الويلات المتحدة وهو يقول صار العالم أكثر أمنا
هل للثبات النسبي الميقاتي في الساعة البيولوجية Biological clock علاقة بالثبات النسبي في الأنشطة الأنثروبولوجية ؟ أظهرت دراسة علمية أمريكية أن العمل وفق نوبات غير منتظمة، وتغيرات الساعة البيولوجية كالسفر من منطقة جغرافية زمنية إلى أخرى مختلفة، تتسبب برد فعل فيزيولوجي للجسم، كما تتأثر بتغيرات الضوء والظلام والليل والنهار.
هل للأنشطة الأنثروبولوجية علاقة بتقلُّبات مفهومي الخطأ والصواب؟ لماذا كلما أُثيرَت مسألة الخطأ والصواب، نصطدم باستفهامية: خطأٌ بالنسبة لِمَنْ؟ أ بالنسبة لمرتكب الخطأ أم للمتضرر منه، أم بالنسبة لثالثٍ خارج العلاقة؟ هذا الطابع الثلاثي لماهية الخطأ والذي يبرره المفهوم التقليدي، منحنا فلسفة تمالئُ العقل السائد وتدعمه، بينما نحتاج إلى استفهاميةٍ تناقضُ العقل السائد وتفنِّدُّه.
الجميع يقول هذا خطأ، ذاك صواب، لكن ما هي ماهية الخطأ والصواب؟ وما قيمة السؤال المجرد عن الماهية إذا ابتعدنا عن واقعنا المرير؟ وإذا كان مفهوم الخطأ والصواب في أحسن الأحوال يتجه حسب المعرفة، فإنَّه غالباً ما يتجه حسب المصالح.

عبدالقادربوميدونة
19/03/2008, 11:58 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
نشكر الدكتور عامر العظم على استثارة الفكر في هذا الموضوع المبدئي
قال سقراط بعد صدور الحكم بإعدامه أنه لا يأسف على شيء لأنَّ لم يفعل شيئا في حياته لم يكن متأكداً من أنَّه الصواب
ولكن ما هو الصواب والخطأ؟ المسألة نسبية فما يعتبره شخص ما صائبا قد يعتبره شخص آخر خاطئا وأخطر الناس الذين يخطئون وهم يحسبون أنَّهم يحسنون صنعا فبوش الذي نشر الفوضى والدمار يقول أنَّ العالم صار أكثر أمناً بعد احتلاله العراق قتل مليون وربع عراقي وشرد أكثر من خمسة ملايين وصار الأمريكي هدفاً في جميع الدول للهجمات وازدادت الكراهية للولايات المتحدة وصاروا يسمونها الويلات المتحدة وهو يقول صار العالم أكثر أمنا
هل للثبات النسبي الميقاتي في الساعة البيولوجية Biological clock علاقة بالثبات النسبي في الأنشطة الأنثروبولوجية ؟ أظهرت دراسة علمية أمريكية أن العمل وفق نوبات غير منتظمة، وتغيرات الساعة البيولوجية كالسفر من منطقة جغرافية زمنية إلى أخرى مختلفة، تتسبب برد فعل فيزيولوجي للجسم، كما تتأثر بتغيرات الضوء والظلام والليل والنهار.
هل للأنشطة الأنثروبولوجية علاقة بتقلُّبات مفهومي الخطأ والصواب؟ لماذا كلما أُثيرَت مسألة الخطأ والصواب، نصطدم باستفهامية: خطأٌ بالنسبة لِمَنْ؟ أ بالنسبة لمرتكب الخطأ أم للمتضرر منه، أم بالنسبة لثالثٍ خارج العلاقة؟ هذا الطابع الثلاثي لماهية الخطأ والذي يبرره المفهوم التقليدي، منحنا فلسفة تمالئُ العقل السائد وتدعمه، بينما نحتاج إلى استفهاميةٍ تناقضُ العقل السائد وتفنِّدُّه.
الجميع يقول هذا خطأ، ذاك صواب، لكن ما هي ماهية الخطأ والصواب؟ وما قيمة السؤال المجرد عن الماهية إذا ابتعدنا عن واقعنا المرير؟ وإذا كان مفهوم الخطأ والصواب في أحسن الأحوال يتجه حسب المعرفة، فإنَّه غالباً ما يتجه حسب المصالح.

اكتشفوا معي الأستاذ عبدالكريم يحي الزيباري.. ورحبوا به ولا تتركوه يغادر ..إنه على التفكير والتحليل قادر.. وأسلوبه من النادر النادر..
رجاؤنا أن تزيد في شرح وتحليل المسألة التي تناولتها أعلاه ..أي مسألة الخطأ والصواب ..وأن تتوسع فيها قليلا.. وتضرب الأمثلة من واقعنا الاقتصادي والاجتماعي بعد أن قدمت أمثلة عن واقع إدارة بوش وزمرته..في ويلاتهم المتحدة.
شكرا لك أستاذنا الزيباري

عبدالقادربوميدونة
19/03/2008, 11:58 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
نشكر الدكتور عامر العظم على استثارة الفكر في هذا الموضوع المبدئي
قال سقراط بعد صدور الحكم بإعدامه أنه لا يأسف على شيء لأنَّ لم يفعل شيئا في حياته لم يكن متأكداً من أنَّه الصواب
ولكن ما هو الصواب والخطأ؟ المسألة نسبية فما يعتبره شخص ما صائبا قد يعتبره شخص آخر خاطئا وأخطر الناس الذين يخطئون وهم يحسبون أنَّهم يحسنون صنعا فبوش الذي نشر الفوضى والدمار يقول أنَّ العالم صار أكثر أمناً بعد احتلاله العراق قتل مليون وربع عراقي وشرد أكثر من خمسة ملايين وصار الأمريكي هدفاً في جميع الدول للهجمات وازدادت الكراهية للولايات المتحدة وصاروا يسمونها الويلات المتحدة وهو يقول صار العالم أكثر أمنا
هل للثبات النسبي الميقاتي في الساعة البيولوجية Biological clock علاقة بالثبات النسبي في الأنشطة الأنثروبولوجية ؟ أظهرت دراسة علمية أمريكية أن العمل وفق نوبات غير منتظمة، وتغيرات الساعة البيولوجية كالسفر من منطقة جغرافية زمنية إلى أخرى مختلفة، تتسبب برد فعل فيزيولوجي للجسم، كما تتأثر بتغيرات الضوء والظلام والليل والنهار.
هل للأنشطة الأنثروبولوجية علاقة بتقلُّبات مفهومي الخطأ والصواب؟ لماذا كلما أُثيرَت مسألة الخطأ والصواب، نصطدم باستفهامية: خطأٌ بالنسبة لِمَنْ؟ أ بالنسبة لمرتكب الخطأ أم للمتضرر منه، أم بالنسبة لثالثٍ خارج العلاقة؟ هذا الطابع الثلاثي لماهية الخطأ والذي يبرره المفهوم التقليدي، منحنا فلسفة تمالئُ العقل السائد وتدعمه، بينما نحتاج إلى استفهاميةٍ تناقضُ العقل السائد وتفنِّدُّه.
الجميع يقول هذا خطأ، ذاك صواب، لكن ما هي ماهية الخطأ والصواب؟ وما قيمة السؤال المجرد عن الماهية إذا ابتعدنا عن واقعنا المرير؟ وإذا كان مفهوم الخطأ والصواب في أحسن الأحوال يتجه حسب المعرفة، فإنَّه غالباً ما يتجه حسب المصالح.

اكتشفوا معي الأستاذ عبدالكريم يحي الزيباري.. ورحبوا به ولا تتركوه يغادر ..إنه على التفكير والتحليل قادر.. وأسلوبه من النادر النادر..
رجاؤنا أن تزيد في شرح وتحليل المسألة التي تناولتها أعلاه ..أي مسألة الخطأ والصواب ..وأن تتوسع فيها قليلا.. وتضرب الأمثلة من واقعنا الاقتصادي والاجتماعي بعد أن قدمت أمثلة عن واقع إدارة بوش وزمرته..في ويلاتهم المتحدة.
شكرا لك أستاذنا الزيباري

علي الجابر
30/04/2008, 02:49 AM
المبدئي

هو صاحب الخلق السوي الذي لا يحيد عنه قيد أنملة وهو صاحب المُثل العليا السامية

والله أعلم بما تخفي الصدور

نضال سيف الدين خالد
30/04/2008, 08:55 AM
سعادة الأستاذ عامر العظم حفظه الله و رعاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حرٌ و مبدأ كلُ حـــــــــــرٍ مبدأي=ما كنت بالغاوي و لا المتعصب
إني لأغضبُ للكـــــــريم ينوشه =من دونَهُ و ألــــوم من لا يغضبِ
و أحبُ كلَ مهذبٍ و لو أنــــــــه = خصمي و أكـــره كلَ غيرَ مهذبِ
يأبى فـــؤاديَ أن يميلَ إلى الأذى=حبُ الأذيــــــــةِ من طباع العقربِ
لي أن أردَ مساءةً بمــــــــــساءةٍ =لو أنني أرضـــــــــــى ببرقٍ خلبِ
حسب المسيءِ شعورهُ و مقالهُ = في سره يا ليتني لم أذنـــــــــــــبِ

و المبدئي هو الذي يتقدم إلى الصفوف الأمامية أيام الملمات و يتراجع تواضعاً إلى الصفوف الخلفية حين توزيع الأوسمة :
تقضي الرجولةُ أن نمدَ جسومَنا =جسراً فقل لرفاقنا أن يعبروا
المبدئي هو من يصفح عند الإقتدار و يتعاطف مع من كان بينه و بينهم ضغائن أيام المصائب:
لما أتاني عن عيينةَ أنــــــــه=أمسى عليهِ تظاهَرُ الأقيادُ
نخَلَت له نفسي النصيحةَ أنه= عندَ الشدائدِ تذهبُ الأحقاد
و من صفات المبدئي أيضاً :
و اخفض جناحَكَ إن رُزِقتَ تسلطاً=و ارغب بنفسكَ عن ردى اللذاتِ
و من صفات المبدئي الحياء فالحياء ما خالط شيئاً إلا زانه:
فلا واللهِ مــــا في العيشِ خيرٌ=ولا الدنيا إذا ذهـــب الحياءُ
يعيش المرءُ ما استحيا بخيرٍ =و يبقى العودُ ما بقي اللحاءُ

وتفضلوا بقبول فائق الإحترام و التقدير
مع تحيات نضـال سيف الدين خــالــــد

علي الجابر
30/04/2008, 09:51 AM
سعادة الأستاذ عامر العظم حفظه الله و رعاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حرٌ و مبدأ كلُ حـــــــــــرٍ مبدأي=ما كنت بالغاوي و لا المتعصب
إني لأغضبُ للكـــــــريم ينوشه =من دونَهُ و ألــــوم من لا يغضبِ
و أحبُ كلَ مهذبٍ و لو أنــــــــه = خصمي و أكـــره كلَ غيرَ مهذبِ
يأبى فـــؤاديَ أن يميلَ إلى الأذى=حبُ الأذيــــــــةِ من طباع العقربِ
لي أن أردَ مساءةً بمــــــــــساءةٍ =لو أنني أرضـــــــــــى ببرقٍ خلبِ
حسب المسيءِ شعورهُ و مقالهُ = في سره يا ليتني لم أذنـــــــــــــبِ

و المبدئي هو الذي يتقدم إلى الصفوف الأمامية أيام الملمات و يتراجع تواضعاً إلى الصفوف الخلفية حين توزيع الأوسمة :
تقضي الرجولةُ أن نمدَ جسومَنا =جسراً فقل لرفاقنا أن يعبروا
المبدئي هو من يصفح عند الإقتدار و يتعاطف مع من كان بينه و بينهم ضغائن أيام المصائب:
لما أتاني عن عيينةَ أنــــــــه=أمسى عليهِ تظاهَرُ الأقيادُ
نخَلَت له نفسي النصيحةَ أنه= عندَ الشدائدِ تذهبُ الأحقاد
و من صفات المبدئي أيضاً :
و اخفض جناحَكَ إن رُزِقتَ تسلطاً=و ارغب بنفسكَ عن ردى اللذاتِ
و من صفات المبدئي الحياء فالحياء ما خالط شيئاً إلا زانه:
فلا واللهِ مــــا في العيشِ خيرٌ=ولا الدنيا إذا ذهـــب الحياءُ
يعيش المرءُ ما استحيا بخيرٍ =و يبقى العودُ ما بقي اللحاءُ

وتفضلوا بقبول فائق الإحترام و التقدير
مع تحيات نضـال سيف الدين خــالــــد

لله درك يا أستاذ نضال حين تقول:
أن المبدئي هو الذي يتقدم الصفوف حين الملمات ويتراجع إلى الصفوف الخلفية حين توزع الأوسمة
والحقيقة أن كل ما كتبته يخط بماء الذهب
بارك الله لك وبك

ايمان حمد
30/04/2008, 10:12 AM
المبدأ هو المنهج الأخلاقي الذي يرسمه الإنسان لنفسه ويسير وفقه في حياته فلا يحيد عنه مهما كلفه ذلك من مشقة..


كنت ابحث عن تعبير فى منتهى البساطة وشامل لردى على هذا الطرح الجميل

اشكر الحاج بو نيف وفرت على ّ عناء التفكير والصياغة

تحية مبدئية صامدة

نضال سيف الدين خالد
30/04/2008, 10:28 AM
لله درك يا أستاذ نضال حين تقول:
أن المبدئي هو الذي يتقدم الصفوف حين الملمات ويتراجع إلى الصفوف الخلفية حين توزع الأوسمة
والحقيقة أن كل ما كتبته يخط بماء الذهب
بارك الله لك وبك
جزاكم الله خيراً أخي علي الجابر و بارك الله فيكم .
تفضلوا بقبول فائق الإحترام و التقدير
مع تحيات نضال سيف الدين خالد

أ. د. صلاح عثمان
17/03/2009, 01:28 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي العزيز الفاضل/ الأستاذ عامر العظم
تأملت طويلاً تساؤلك العميق عن «المبادئ»، واستغرقني التفكير في السبب الأساسي لطرح السؤال، فقد علمتني الفلسفة أنه ما من سؤال يُطرح إلا وكان يخبئ خلفه مشكلة تؤرق السائل، أو إجابة يعلمها ويرغب في استخراجها من المسئول، وبهذا المعنى تغدو الفلسفة هي تلك العملية التساؤلية التي نحاور فيها أنفسنا، ونتجادل فيها مع العالم و مع أنفسنا، ومع الآخر. وليس الهدف من تساؤلك بالتأكيد هو معرفة المعنى اللغوي أو الاصطلاحي لكلمة «مبادئ»، فهذا أمر تحفل به معاجم وقواميس اللغة التي هي في متناول الجميع، وليس الهدف أيضًا – فيما أظن – هو مجرد إثارة موضوع للحوار يقتطع جزءًا من الوقت والجهد دون نتيجة تُذكر. إنما الهدف فيما أعتقد، وأرجو ألا أكون مخطئًا في اعتقادي، هو تغيير واقع نعيشه نحو الأفضل، أو هو تعقيل لا معقولية الدوجماطيقية التي تحفل بها حياتنا الفكرية إزاء ما نطلق عليه اسم «المبادئ»، ومن ثم يمكن إعادة صياغة السؤال ليصبح كالتالي: «هل المبادئ حقائق ثابتة أم فروض متغيرة؟». وعند هذه النقطة من التحليل يقفز إلى ذهني على الفور مقالاً كتبه الدكتور زكي نجيب محمود منذ أكثر من ربع قرن، وضمَّنه كتابه «تجديد الفكر العربي»، وأرى أنه لا زال يخاطب العقل العربي في لحظته الراهنة، ويجيب بدقة عن سؤالك، لذا آثرت أن أعرضه بعبارته.

المبادئ: حقائق هي أم فروض
من الكلمات ما قد امتزج بمشاعر الناس امتزاجًا، بحيث باتت تلك الكلمات وكأنما هي المقدسات، التي لا يجوز للكاتب أن يمسها إلا على حذر شديد، فليست هي عند الناس بألفاظ كسائر الألفاظ، يستطيع الباحث أن يتحدث عنها حاسبًا أنه يتحدث عن رموز باردة مجردة، مهمتها أن تشير وأن تسمّي، دون أن يكون لها في ذاتها حياة نابضة حساسة، ليست هي كالألفاظ التي من قبيل قولك: "شجرة" و"نهر" و"جبل" لا, بل هي إلى الكائنات الحية أقرب، إن مسستها بقلمك فقد مسست بالمشرط جهازًا عصبيًا شديد الحساسية سريع التأثر والهيجان – ومن هذه الكلمات كلمة «مبادئ»، فقد ألف الناس استخدامها مقرونة بالقيم الخلقية، حتى لأوشك اللفظان أن يكونا مترادفين، إذا قلت عن رجل إنه ذو مبادئ فكأنك قلت عنه إنه على خلق قويم, والعكس صحيح كذلك، أعني أنك إذا رويت عن إنسان بأنه على خلق قويم، كانت روايتك منطوية على القول بأنه ثابت على مبادئه.
والأجدر بي – قبل أن أمضي في الحديث – أن أوضح هذه المقابلة بين ما هو حقائق من جهة، وما هو فروض من جهة أخرى، فأما الحقائق فهي ما لا حيلة للإنسان فيه، عليه أن يتقبلها لأنها وقائع قائمة هنالك، رضي الإنسان أو كره، ثم يبني عليها إذا شاء، ويستنبط منها النتائج إذا شاء، أما هي نفسها فكيان مستقل عن الإنسان ورغباته وميوله وإرادته، فالمحيطات ماؤها أجاج والأنهار ماؤها عذب، وفي هذه البقعة من جوف الأرض نفط، ولا نفط في تلك، والضوء يسير بسرعة كذا ميلاً في الثانية, وينعكس شعاعه على الأسطح المصقولة بزاوية يتناسب مقدارها مع زاوية السقوط, وهكذا وهكذا مما يستطيع كل قارئ أن يذكر من أمثلته ألوفًا – تلك هي الحقائق التي يتقبلها الإنسان ولا يصنعها، وفي مستطاعه الإفادة منها إلى أي مدى وسعت قدرته.
وأما الفروض فشأنها آخر، لأنها ممكنات يتصورها الإنسان ليستنبط منها النتائج، فإذا قلت لمن أتحدث إليه: افرض أن أ ب جـ مثلث متساوي الأضلاع, فماذا تكون الحال بالنسبة إلى زواياه؟ فيجيب بعد عملية استنباطية يجريها على هذا الفرض أن زوايا مثلث تساوت أضلاعه يلزم أن تكون هي الأخرى متساوية، وأن هذا الحوار ليتم بيني وبين محدثي دون أن يتحتم علينا إيجاد مثلث من هذا القبيل في عالم الواقع.
وسواء كان الذي بين أيدينا «حقائق» واقعة، أو «فروضًا» من عندنا، فهذه أو تلك بداية محتومة لأي تفكير، إنه ليستحيل على العملية الفكرية – كائنة ما كانت مادتها – أن تتحرك قيد شعرة إلا إذا كانت بين أيدينا «نقطة الابتداء» التي منها نسير، وقد تكون نقطة الابتداء هذه من «الحقائق» وقد تكون من «الفروض»، فإن كانت الأولى كانت العملية الفكرية من الضرب السائد في علوم الطبيعة، وإن كانت الثانية كانت العملية الفكرية من الضرب السائد في علوم الرياضة، ولا ثالث لهذين الضربين في عمليات الفكر، فمهما تنوعت موضوعات البحث، ألفيتها – بعد شيء من التحليل – إما منتمية إلى النوع الذي يبني على الحقائق الواقعة، وإما منتمية إلى النوع الذي يبني على الفروض – وقد تسمى الفروض بأسماء أخرى، كالبديهيات، أو المسلّمات، أو غير ذلك، لكن ذلك لا ينفي عنها طبيعتها، وهي أنها فروض نفرضها لنستنبط منها، وكان في وسعنا أن نفرض سواها فتخرج لنا نتائج أخرى.
وكلمة «المبدأ» إنما تعني ما يدل عليه لفظها، إذ تعني النقطة التي «نبدأ» التفكير من عندها، غير أن نقطة البدء إذا كانت حقيقة واقعة من حقائق الطبيعة، فإنه لا يحسن تسميتها «بمبدأ» لأنها عندئذ تكون مفروضة على الإنسان، ولا يكون الإنسان هو فارضها. فإذا كان من حقائق الطبيعة أن الضوء يسير بالسرعة الفلانية، ثم أقمنا على هذه الحقيقة بعض نتائجها، فإن اللغة عندئذ لا تسيغ أن يقول العالم إن «مبدئي» هو أن سرعة الضوء هي كذا، لكن الأمر على خلاف ذلك حين تكون نقطة البدء من اختيار الإنسان، اختارها حين أدرك أنها قد تعطيه من النتائج أكثر مما يعطيه سواها، وها هنا في وسعه – دون غضاضة – أن يقول: إن «مبدئي» هو كذا، وقد يجيء إنسان آخر، فيختار لنفسه، في الموضوع نفسه، مبدأ آخر، ولا يكون بين الرجلين تناقض، فكل منهما بمثابة من ابتنى لنفسه من مبدئه بيتًا يؤويه، ثم تجاور البيتان، لا ينقض وجود أحدهما وجود الآخر.
والأمثلة في دنيا الفكر كثيرة لا تحصى: فالفروض في الرياضة هي «مبادئ» مختارة، ليس فيها إلزام لأحد من غير أصحابها، فقد يفرض الرياضي أن المكان مستو ثم يبني النتائج على فرضه هذا، أو قد يفرض أن المكان كُرّيٌ ثم يستنبط, أو أن المكان اسطواني، وهكذا، وإنها لفروض ثلاثة تخرج لنا ثلاث هندسات مختلفة النتائج، لا تنقض واحدة منها واحدة، فكل مجموعة من النتائج تكون صوابًا بالنسبة إلى فرضها الأول، أعني بالنسبة إلى «مبدئها».
والديانات المختلفة مثل آخر للنسقات الفكرية التي تنبني على «مبادئ» كل منها يضع كتابه أمامه «مبدأ» يسير منه ويستنبط, وإنما تكون الأحكام الفقهية في كل دين صوابًا بالنسبة إلى نصّ كتابها. ولابد لي هنا أن ألفت الأنظار إلى نقطة هامة وخطيرة، وهي أن المنظومات الفكرية المختلفة، وإن تكن كل منها مستقلة عن الأخرى في صواب أحكامها أو خطأ تلك الأحكام، أعني أن كلاّ منها إذا استشهد على صواب حكم معين، فمرجعه هو مبدؤه، لا مبدأ المنظومة الأخرى، إلا أننا نستطيع المفاضلة بين هذه المنظومات الكثيرة المتجاورة، على أساس ما تؤديه كل منها للحياة الإنسانية من سعادة أو من تسام أو غير ذلك، فالأمر هنا شبيه بأن ترى بيوتًا متجاورة، لكل منها أساسه الذي أقيم عليه، ولكل منها أجزاؤه الداخلية التي بنيت على ذلك الأساس، فلا يكون بيتٌ منها حجةً على بيت آخر، فقد يهوي أحدهما لضعف أساسه، بينما يبقى الآخر بقوة أساسه، لكن استقلال هذه البيوت المتجاورة بعضها عن بعض، لا يمنع من المفاضلة بينها من ناحية ما تؤديه في حياة ساكنيها.
على أن الجانب الذي يعنينا هنا هو جانب نظري بحت، فنحن نسوق الأمثلة على المنظومات الفكرية كيف تقام على «مبادئ» أي أن كلاً منها يختار نقطة يبدأ من عندها السير، وقد ضربنا مثلين هما: مثل العلوم الرياضية، ومثل البناءات الدينية، ونستطيع أن نسوق مثلاً ثالثًا من الفكر السياسي، فها هنا كذلك تبدأ النظرية السياسية من «مبدأ» معين تقيم عليه بناءها كله، خذ فيلسوفين إنجليزيين من أصحاب النظريات السياسية المعروفة هما «هوبز» و«لوك». الأول يقيم نظريته السياسية على أساس أن حق الحكم للأقوى، وأن هذا الأقوى إذا ظفر بالسلطان لم يعد من حق الشعب المحكوم أن يقيله أو أن يعترض عليه، وأما الثاني فيقيم نظريته السياسية على أساس أن حق الحكم لمن يختاره الشعب، وبذلك يكون للشعب حق إقالة الحاكم إذا انحرف عما أرادوه من أجله. من المبدأ الأول ننتهي إلى حكم الفرد المستبد، ومن المبدأ الثاني ننتهي إلى حكم الشعب لنفسه، وهكذا نجد أنفسنا أمام منظومتين فكريتين، كل منهما ترتكز على ركيزة، وكل منهما يحكم على نتائجها بالصواب أو بالخطأ بحسب طريقة استنباطها من مبدئها، فكيف نفاضل بينهما إذا أردنا أن نختار لأنفسنا إحداهما دون الأخرى؟ إننا لا نفاضل بينهما على أساس صواب إحداهما وخطأ الأخرى، لأن كلاً منهما قد تكون صحيحة الأجزاء ما دامت هذه الأجزاء مستنبطة استنباطًا سليمًا من المنبع، بعبارة أخرى قد تكون كلتا المنظومتين الفكريتين صوابًا على ما بين تفصيلاتهما من اختلاف بعيد، لا لسنا نفاضل بينهما على أساس الصواب والخطأ، لأن كلاً منهما مبنية على «مبدأ»، والمبدأ «فرض» والفرض لا يوصف بصواب أو خطأ، وإنما تكون المفاضلة بينهما على أساس النفع للإنسان في حياته، فقد تكون إحدى المجموعتين – برغم صواب الاستدلال فيها – قليلة النفع عند التطبيق في حياة الإنسان العملية، وقد تكون زميلتها غزيرة النفع عند التطبيق في حياة الإنسان العملية، وقد تكون زميلتها غزيرة النفع عند التطبيق العملي، فعندئذ تكون هي أولى بالتفضيل والاختيار.
وأسوق مثلاً رابعًا لزيادة التوضيح، مثل النسقات الفلسفية، فلكل فيلسوف شيء يسميه في فلسفته «بالمبدأ الأول» قاصدًا بذلك الفكرة الأم في نسقه الذي يبنيه، وهي الفكرة التي يعتصر منها كل أجزاء بنائه الفلسفي، فيها يقيم البرهان على كل ما يزعمه بعدها، وأما هي فلا برهان عليها، إذ لو كان عليها برهان لكانت فكرة البرهان هي الأسبق في أولويات العقل، ولم يعد «المبدأ الأول» لا «مبدأ» ولا «أول». فإذا جاء فيلسوف آخر، فالأغلب ألا يوجه نقده إلى الفيلسوف السالف من ناحية طرائقه في استدلال النتائج الفرعية من المبدأ الأول، بل يوجه نقده إلى «المبدأ الأول» نفسه، بأن يضع «مبدأ أول» آخر، فتختلف النتائج، ونصبح أمام بناء فلسفي جديد، والمفاضلة بين البناءين تكون على أساس مدى قدرة كل منهما على تفسير أكبر عدد ممكن من ظواهر الوجود، فالأقدر منهما على التفسير أولى بالتفضيل، فمثلاً كان المبدأ الأول عند أفلاطون هو افتراضه وجود «المُثُل» التي على غرارها جاءت الطبيعة وكائناتها، ثم تبعه أرسطو ونقده، ثم وضع لنفسه مبدأ أول جديدًا، وهو فكرة «الصورة أو الهيولي» زاعمًا بالطبع أنها أقدر من فكرة المثل الأفلاطونية على تفسير الوجود.
من هذه الأمثلة كلها يتبين أن «المبادئ» في شتى البناءات الفكرية ليست «حقائق» تفرض نفسها على الإنسان بحيث لا يكون له قبل على تغييرها وتبديلها، بل هي – بحكم طبيعتها – «فروض» يفرضها الإنسان لنفسه حرًا مختارًا، وهو يفرضها لتخدم أغراضه، فإن هي أفلحت في خدمة تلك الأغراض، كان بها، وإلا فهو يبدلها بسواها حتى يقع على أنفع المبادئ لحياته العملية.
ثم ماذا؟ ماذا نستهدف بهذه النتيجة التي بلغناها؟ ها نحن أولاء قد رأينا وآمنَّا بأن «المبادئ» هي نقطة ابتداء لابد منها لمسار الفكر، هي نقطة الصفر التي لولاها لما تسلسل العدد، هي خط جرينتش الذي بغيره لا نستطيع تحديد الزمن في أي جزء من أجزاء الكرة الأرضية، ثم ها نحن أولاء قد رأينا وأمنَّا بأن المبادئ هي بمثابة فروض يفرضها الإنسان لنفسه، وفي مكنته تغييرها ليضع فروضًا أخرى. كان الإنسان ذات يوم – مثلاً – يضع لنفسه مبدأ – أعني يفرض لنفسه فرضًا – هو أن الناس من حيث الحقوق والواجبات صنفان: أحرار وعبيد، ثم يرتب على هذه التثنية نتائج ونتائج في إقامة نظامه الاجتماعي. وعلى مرَّ الزمن، تغيرت دنياه، فاضطر إلى اصطناع مبدأ آخر، هو أن الناس من حيث الحقوق والواجبات صنف واحد: أحرار ولا عبيد، ولو كانت المبادئ من قبيل الحقائق لا الفروض، لما أصابها التغيير مع مر الزمن، لو كانت من قبيل قولنا إن الماء ينحل إلى نسبة معينة من الهيدروجين والأكسجين، لظلت على حالها إلى أبد الآبدين.
نعم ها نحن أولاء قد رأينا ذلك عن «المبادئ» وآمنا به، فماذا عندك بعد ذلك؟ عندي أن ما أسلفته هو التمهيد الضروري لما أردت أن أقوله، ذلك أني أردت أساسًا أن أقول إن العرب في حاضرهم إذا أرادوا أن يكونوا استمرارًا للعرب في ماضيهم، فلا يلزم عن ذلك أن ينقل الحاضرون عن الماضين كل ما اصطنعه هؤلاء الأسلاف من مبادئ، بل من حقهم أن يغيروا وأن يبدلوا كلما رأوا الفروض النظرية التي افترضها أسلافهم لم تعد تثمر لهم في حياتهم الثمرة المرجوة، كانت مبادئهم فروضًا فرضوها لأنفسهم لتصلح بها الحياة بظروفها الماضية، ثم تغيرت ظروف الحياة فلم يعد بد من تغير الفروض. كان الفرض – مثلاً – أن المسافر في الصحراء لن يجد «فندقًا» ولا «مطعمًا» يأوي إليه إذا جنَّ الليل أو إذا ألَّم به الجوع، وإذن فلابد – تأسيسًا على هذا الفرض – أن يكون كلٌ لكلٍ فندقًا ومطعمًا، وتغيرت ظروف الحياة بحيث أصبح مسافر الصحراء كمسافر الأرض المزروعة سواء بسواء، كلاهما يركب الطائرة من طرف إلى طرف، لا يعنيه ما تحته: أفلاة هي أم حقول؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلم يعد أمامنا محيص عن تغيير الفرض الأول بفرض جديد تنبثق منه أحكام الناس على سلوك الناس من فضيلة أو رذيلة.
فالوقفة الصحيحة – إذن – هي أن ما بقيت ظروفه على حالها يتقى مبادئه مثلاً عُليا للحاضر كما كانت للماضي، وما تغيرت ظروفه تتغير مبادئه، فالموروث عن الأسلاف هو لنا بمثابة نقاط ابتداء، نُبقي بعضها ونحذف بعضها بحسب ما تقتضيه حياتنا العصرية، ولنضرب أمثلة موضحة:
كانت لأسلافنا مبادئ معينة مثلاً فيما يُعد شعرًا وما لا يًعد شعرًا، وفيما يكون أدبًا من النثر وما لا يكون أدبًا. وقياسًا على هذه المبادئ يعمل النقاد، وليس في وسعي الآن أن أتتبع تلك المبادئ تفصيلاً لأقترح ما لا يزال يصلح منها وما لم يعد صالحًا لعصرنا، وحسبي قاعدة واحدة أذكرها – اجتهادًا مني وربما كنت فيه على خطأ – وهي أن الأدب العربي القديم بكل شعره ونثره، لم يكن يتطلب من صانعه إلا أن يصوغ في لفظ جميل حقيقة معلومة من قبل. فليس فيه كشف جديد ينكشف لقارئه، تقرأ المقامة – مثلاً – لا ابتغاء الوقوع على تحليل للطبيعة البشرية، بل تقرؤها لترى كيف نُسق اللفظ وكيف رُصع كما تُنسق قطع العاج وتُرصَّع على أبواب المساجد ومنابرها. نعم لم يكن المبدأ هو أن ينظم الشاعر أو أن يكتب الكاتب كاشفًا للخبئ من طبع الإنسان و لا محللاً للمعقد الغامض، بل ينظم ذاك ويكتب هذا ليقيم البرهان على غزارة علمه باللغة وعيونها. بالطبع كانت هناك استثناءات قليلة أراد فيها الكاتب أن يقول شيئًا – مثل الجاحظ – ولكن القاعدة العامة هي أن الأديب يكتب ليتمزَّز القارئ بجرس اللفظ وحسن ترتيبه وتنسيقه، لا ليعلم منه القارئ عن حقائق الدنيا ما لم يكن يعلم. كان هذا هو المبدأ في الأدب نظمًا ونثرًا، فهل يجوز أن يظل هو مبدأ الأدب في عصرنا الذي تُحتم علينا زحمته ألا نضيع من وقتنا دقيقة واحدة دون أن نكتب للناس لنزيدهم علمًا بما ليس يعلمون؟.
وهذا مثل آخر، لعله أفدح خطرًا. فقد كان المبدأ في نظام المجتمع أن يكون الحاكم هو صاحب السلطان وهو في الوقت ذاته صاحب الرأي، ولم يكن ثمة منن غضاضة على النفوس أن يملي ولي الأنر في حكومة الناس ما يتفق ومذهبه هو ليكون هو المذهب لا مذهب سواه عند المحكومين، بعبارة أخرى كان رأي السلطان هو سلطان الآراء، وليس لأحد بعد قول القابض على سيف القضاء من قول، وبهذا المزج العجيب بين قوة الحكم وسداد الرأي، بحيث يكون الأقوى هو الأصوب، ورثنا مزجًا عجيبًا بين ولاية الحكم وزعامة الناس حتى لم نعد نتصور أن تكون هذه بغير تلك.
وأكتفي هنا بذكر مثل واحد من تاريخنا الفكري، هو ما يُسمى «بالمحنة» الخاصة بالرأي في القرآن: أقديم هو أم حادث؟ فهل تصدق أن الخليفة المأمون – وهو الذي اتسع أفقه العقلي ليقبل التراث اليوناني كله علمًا وفلسفة، لم يضق به أن يُترجم إلى العربية – هل تصدق أن الخليفة المأمون هذا هو الذي أرسل إلى وزيره إسحق بن إبراهيم ليمتحن القضاة والمحدثين، ليخرج منهم من ضلَّت به السبيل فوصف القرآن بأنه أزلي قديم. فما دام أمير المؤمنين على رأي بأن القرآن حادث ومخلوق، إذن فالقائلون بالرأي المعارض هم – كما ورد عنهم في رسالة المأمون التي أشرنا إليها – «من حشو الرعية وسفلة العامة، ممن لا نظر له ولا روية ولا استدلال له بدلالة الله وهدايته .. (وهم) أهل جهالة بالله وعمى عنه وضلالة عن حقيقة دينه وتوحيده والإيمان به .. لضعف آرائهم ونقص عقولهم .. فرأي أمير المؤمنين أن أولئك شر الأمة ورؤوس الضلالة .. وأوعية الجهالة، وأعلام الكذب، ولسان إبليس .. إلخ إلخ» (الطبري، جـ 8، ص ص 631 وما بعدها).
وكان من بين الأئمة الذين امتحنوا أحمد بن حنبل .. (وهذا جزء من) نص محاكمته:
- ما تقول في القرآن؟
- هو كلام الله.
- أمخلوق هو؟
- هو كلام الله لا أزيد عليها.
- ما معنى قوله «سميع بصير»؟
- هو كما وصف نفسه.
- فما معناه؟
- لا أدري، هو كما وصف نفسه.
وإنما أوردت هذه النتفة من محاكمة ابن حنبل، لنلمح فيها كيف اضطر إمام كهذا ، كان ينبغي ألا يكون لولي الأمر شأن برأيه، لأنه أثبت أنه من أصحاب الرأي، وأن لم نتفق معه فيه، أقول: لنلمح كيف اضطر إمام كهذا أن يتحفظ في إجاباته حتى لا يقع به مكروه العقاب، ومع ذلك فقد وقع به المكروه.
وأكتفي بهذا القدر من قصة المحنة، فهذه القصة ليست موضوع الحديث، وإنما هي لمحة عابرة أذكرها لأدل بها على «مبدأ» كان قائمًا وهو أن يكون الحاكم هو صاحب الرأي. والسؤال الذي يهمنا الآن هو هذا: هل يجوز للعربي المعاصر أن يُبقي على مبدأ كهذا في حياته الفكرية، لكي يجيء استمرارًا للسلف؟ إنه لو كانت «المبادئ» حقائق ثوابت لوقفنا أمامها لا حول لنا ولا حيلة، فما كان لابد أن يكون والأمر بعدئذ لله، لكن المبادئ فروض تتغير إذا تغيرت الظروف، فربما لاءم السلف أن يجتمع السيف والرأي في يد واحدة، لكن هذا الجمع لم يعد اليوم يلائم أحدًا.
وهذا مثل ثالث: كان المبدأ في التعليم أن يكون مداره إعادة الموروث وتحليله وشرحه، فكان العالم هو من ازداد إلمامًا بالتراث وقدرة على فهمه وشرحه وتحليله وإعرابه، فإذا حقظ التلميذ عن شيخه كل هذا، جاز له أن يكون بدوره شيخًا لتلميذ يحفظ عنه، فنتج عن ذلك أن كان مفهوم العلم هو الدراية بما ورد في الكتب، حتى وإن جهل «العالم» كل شيء عن الطبيعة وظواهرها. إن أحدًا لم يكن يتصور مجرد تصور أن يكون «التعليم» تعليمًا لمعالجة الطبيعة، بحيث ينصب العلم على الزراعة وتركيب الآلات وهندسة المدن، فذلك حتى إن وُجد شيء منه، كان متروكًا «للخبرة» ينقلها الحرفي الكبير إلى الحرفي الناشئ، ولا شأن «للعلم» به، ونحن لا نذكر هذا لننتقص من شأن الأقدمين، بل نذكره لنؤكد أن هؤلاء الأقدمين كانوا يصدرون عن مبدأ في تصورهم للعلم والتعليم، فإذا جئنا نحن في عصر تغيرت ظروفه على النحو الذي نرى، فهل يجوز أن نُبقي على مبدأ كهذا؟
قد يُقال: لماذا نذكر شيئًا كهذا ولم يعد لذكره مبرر، بعد أن نشأت عند العرب المحدثين جامعات فيها كليات للطب والهندسة والزراعة وغيرها. لكنني لا أظن أني أفجأ القارئ بجديد لا يعلمه إذا قلت أننا ما زلنا – حتى في هذه الكليات العلمية – نجري على المبدأ القديم نفسه، وهو أن يحفظ التلميذ عن الشيخ، وليس ثمة من فرق بعيد بين أن يكون المحفوظ هو ألفية ابن مالك أو كتابًا في الكهرباء، لأن المدار في كلتا الحالتين هو الحفظ الذي يمكن التلميذ من «تسميع» ما حفظه أمام شيخه. وبعد ذلك يسأل السائلون لماذا لا نسهم في دنيا العلوم بإضافات جديدة إلا القليل الذي يمكن تجاهله؟ والجواب واضح، وهو أن المبدأ القديم في العلم والتعليم لم يغيره مبدأ جديد.
لقد بدأت حديثي بداية نظرية، فانتهيت به إلى نهاية عملية، بدأته بتحليل نظري للمبادئ، يكشف عن حقيقتها وعن طبيعتها، وانتهيت إلى نظرات في التحول من قديمنا إلى الحديث، بأنه لا تحول إلا إذا بدأناه من الجذور: من المبادئ، نقتلعها لنضع مكانها مبادئ أخرى، فنستبدل مُثلاً عُليا جديدة بمُثلٍ كانت عُليا في أوانها ولم تعد كذلك، ولا ضير علينا في شيء من هذا، فأسلافنا قد صنعوا الصنيع نفسه: استبدلوا مبادئ بمبادئ، وأفكارًا بأفكار، ومُثلاً بمُثل، ولا نريد سوى أن نكون خير خلف لخير سلف.

تسنيم زيتون
26/08/2009, 11:53 PM
هل أنت إنسان مبدئي؟!
ما صفات الإنسان المبدئي؟!
ما معنى مبدئي؟!
ما معنى المبدأ؟!
ما هي المبادئ؟!
تحية فلسفية حائرة!

لا اعرف ما هو التعريف الدقيق للمبدأ
الانسان المبدأي انسان مثالي
تحية حرة لك
انا لست بمبدأئية ولكني احترم غيري

تسنيم زيتون
26/08/2009, 11:57 PM
شكرا دكتور صلاح

و لـــ واتا هذا الكم الكبير من المثقفين

عبدالقادربوميدونة
27/08/2009, 12:30 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي العزيز الفاضل/ الأستاذ عامر العظم
تأملت طويلاً تساؤلك العميق عن «المبادئ»، واستغرقني التفكير في السبب الأساسي لطرح السؤال، فقد علمتني الفلسفة أنه ما من سؤال يُطرح إلا وكان يخبئ خلفه مشكلة تؤرق السائل، أو إجابة يعلمها ويرغب في استخراجها من المسئول، وبهذا المعنى تغدو الفلسفة هي تلك العملية التساؤلية التي نحاور فيها أنفسنا، ونتجادل فيها مع العالم و مع أنفسنا، ومع الآخر. وليس الهدف من تساؤلك بالتأكيد هو معرفة المعنى اللغوي أو الاصطلاحي لكلمة «مبادئ»، فهذا أمر تحفل به معاجم وقواميس اللغة التي هي في متناول الجميع، وليس الهدف أيضًا – فيما أظن – هو مجرد إثارة موضوع للحوار يقتطع جزءًا من الوقت والجهد دون نتيجة تُذكر. إنما الهدف فيما أعتقد، وأرجو ألا أكون مخطئًا في اعتقادي، هو تغيير واقع نعيشه نحو الأفضل، أو هو تعقيل لا معقولية الدوجماطيقية التي تحفل بها حياتنا الفكرية إزاء ما نطلق عليه اسم «المبادئ»، ومن ثم يمكن إعادة صياغة السؤال ليصبح كالتالي: «هل المبادئ حقائق ثابتة أم فروض متغيرة؟». وعند هذه النقطة من التحليل يقفز إلى ذهني على الفور مقالاً كتبه الدكتور زكي نجيب محمود منذ أكثر من ربع قرن، وضمَّنه كتابه «تجديد الفكر العربي»، وأرى أنه لا زال يخاطب العقل العربي في لحظته الراهنة، ويجيب بدقة عن سؤالك، لذا آثرت أن أعرضه بعبارته.
المبادئ: حقائق هي أم فروض
من الكلمات ما قد امتزج بمشاعر الناس امتزاجًا، بحيث باتت تلك الكلمات وكأنما هي المقدسات، التي لا يجوز للكاتب أن يمسها إلا على حذر شديد، فليست هي عند الناس بألفاظ كسائر الألفاظ، يستطيع الباحث أن يتحدث عنها حاسبًا أنه يتحدث عن رموز باردة مجردة، مهمتها أن تشير وأن تسمّي، دون أن يكون لها في ذاتها حياة نابضة حساسة، ليست هي كالألفاظ التي من قبيل قولك: "شجرة" و"نهر" و"جبل" لا, بل هي إلى الكائنات الحية أقرب، إن مسستها بقلمك فقد مسست بالمشرط جهازًا عصبيًا شديد الحساسية سريع التأثر والهيجان – ومن هذه الكلمات كلمة «مبادئ»، فقد ألف الناس استخدامها مقرونة بالقيم الخلقية، حتى لأوشك اللفظان أن يكونا مترادفين، إذا قلت عن رجل إنه ذو مبادئ فكأنك قلت عنه إنه على خلق قويم, والعكس صحيح كذلك، أعني أنك إذا رويت عن إنسان بأنه على خلق قويم، كانت روايتك منطوية على القول بأنه ثابت على مبادئه.
والأجدر بي – قبل أن أمضي في الحديث – أن أوضح هذه المقابلة بين ما هو حقائق من جهة، وما هو فروض من جهة أخرى، فأما الحقائق فهي ما لا حيلة للإنسان فيه، عليه أن يتقبلها لأنها وقائع قائمة هنالك، رضي الإنسان أو كره، ثم يبني عليها إذا شاء، ويستنبط منها النتائج إذا شاء، أما هي نفسها فكيان مستقل عن الإنسان ورغباته وميوله وإرادته، فالمحيطات ماؤها أجاج والأنهار ماؤها عذب، وفي هذه البقعة من جوف الأرض نفط، ولا نفط في تلك، والضوء يسير بسرعة كذا ميلاً في الثانية, وينعكس شعاعه على الأسطح المصقولة بزاوية يتناسب مقدارها مع زاوية السقوط, وهكذا وهكذا مما يستطيع كل قارئ أن يذكر من أمثلته ألوفًا – تلك هي الحقائق التي يتقبلها الإنسان ولا يصنعها، وفي مستطاعه الإفادة منها إلى أي مدى وسعت قدرته.
وأما الفروض فشأنها آخر، لأنها ممكنات يتصورها الإنسان ليستنبط منها النتائج، فإذا قلت لمن أتحدث إليه: افرض أن أ ب جـ مثلث متساوي الأضلاع, فماذا تكون الحال بالنسبة إلى زواياه؟ فيجيب بعد عملية استنباطية يجريها على هذا الفرض أن زوايا مثلث تساوت أضلاعه يلزم أن تكون هي الأخرى متساوية، وأن هذا الحوار ليتم بيني وبين محدثي دون أن يتحتم علينا إيجاد مثلث من هذا القبيل في عالم الواقع.
وسواء كان الذي بين أيدينا «حقائق» واقعة، أو «فروضًا» من عندنا، فهذه أو تلك بداية محتومة لأي تفكير، إنه ليستحيل على العملية الفكرية – كائنة ما كانت مادتها – أن تتحرك قيد شعرة إلا إذا كانت بين أيدينا «نقطة الابتداء» التي منها نسير، وقد تكون نقطة الابتداء هذه من «الحقائق» وقد تكون من «الفروض»، فإن كانت الأولى كانت العملية الفكرية من الضرب السائد في علوم الطبيعة، وإن كانت الثانية كانت العملية الفكرية من الضرب السائد في علوم الرياضة، ولا ثالث لهذين الضربين في عمليات الفكر، فمهما تنوعت موضوعات البحث، ألفيتها – بعد شيء من التحليل – إما منتمية إلى النوع الذي يبني على الحقائق الواقعة، وإما منتمية إلى النوع الذي يبني على الفروض – وقد تسمى الفروض بأسماء أخرى، كالبديهيات، أو المسلّمات، أو غير ذلك، لكن ذلك لا ينفي عنها طبيعتها، وهي أنها فروض نفرضها لنستنبط منها، وكان في وسعنا أن نفرض سواها فتخرج لنا نتائج أخرى.
وكلمة «المبدأ» إنما تعني ما يدل عليه لفظها، إذ تعني النقطة التي «نبدأ» التفكير من عندها، غير أن نقطة البدء إذا كانت حقيقة واقعة من حقائق الطبيعة، فإنه لا يحسن تسميتها «بمبدأ» لأنها عندئذ تكون مفروضة على الإنسان، ولا يكون الإنسان هو فارضها. فإذا كان من حقائق الطبيعة أن الضوء يسير بالسرعة الفلانية، ثم أقمنا على هذه الحقيقة بعض نتائجها، فإن اللغة عندئذ لا تسيغ أن يقول العالم إن «مبدئي» هو أن سرعة الضوء هي كذا، لكن الأمر على خلاف ذلك حين تكون نقطة البدء من اختيار الإنسان، اختارها حين أدرك أنها قد تعطيه من النتائج أكثر مما يعطيه سواها، وها هنا في وسعه – دون غضاضة – أن يقول: إن «مبدئي» هو كذا، وقد يجيء إنسان آخر، فيختار لنفسه، في الموضوع نفسه، مبدأ آخر، ولا يكون بين الرجلين تناقض، فكل منهما بمثابة من ابتنى لنفسه من مبدئه بيتًا يؤويه، ثم تجاور البيتان، لا ينقض وجود أحدهما وجود الآخر.
والأمثلة في دنيا الفكر كثيرة لا تحصى: فالفروض في الرياضة هي «مبادئ» مختارة، ليس فيها إلزام لأحد من غير أصحابها، فقد يفرض الرياضي أن المكان مستو ثم يبني النتائج على فرضه هذا، أو قد يفرض أن المكان كُرّيٌ ثم يستنبط, أو أن المكان اسطواني، وهكذا، وإنها لفروض ثلاثة تخرج لنا ثلاث هندسات مختلفة النتائج، لا تنقض واحدة منها واحدة، فكل مجموعة من النتائج تكون صوابًا بالنسبة إلى فرضها الأول، أعني بالنسبة إلى «مبدئها».
والديانات المختلفة مثل آخر للنسقات الفكرية التي تنبني على «مبادئ» كل منها يضع كتابه أمامه «مبدأ» يسير منه ويستنبط, وإنما تكون الأحكام الفقهية في كل دين صوابًا بالنسبة إلى نصّ كتابها. ولابد لي هنا أن ألفت الأنظار إلى نقطة هامة وخطيرة، وهي أن المنظومات الفكرية المختلفة، وإن تكن كل منها مستقلة عن الأخرى في صواب أحكامها أو خطأ تلك الأحكام، أعني أن كلاّ منها إذا استشهد على صواب حكم معين، فمرجعه هو مبدؤه، لا مبدأ المنظومة الأخرى، إلا أننا نستطيع المفاضلة بين هذه المنظومات الكثيرة المتجاورة، على أساس ما تؤديه كل منها للحياة الإنسانية من سعادة أو من تسام أو غير ذلك، فالأمر هنا شبيه بأن ترى بيوتًا متجاورة، لكل منها أساسه الذي أقيم عليه، ولكل منها أجزاؤه الداخلية التي بنيت على ذلك الأساس، فلا يكون بيتٌ منها حجةً على بيت آخر، فقد يهوي أحدهما لضعف أساسه، بينما يبقى الآخر بقوة أساسه، لكن استقلال هذه البيوت المتجاورة بعضها عن بعض، لا يمنع من المفاضلة بينها من ناحية ما تؤديه في حياة ساكنيها.
على أن الجانب الذي يعنينا هنا هو جانب نظري بحت، فنحن نسوق الأمثلة على المنظومات الفكرية كيف تقام على «مبادئ» أي أن كلاً منها يختار نقطة يبدأ من عندها السير، وقد ضربنا مثلين هما: مثل العلوم الرياضية، ومثل البناءات الدينية، ونستطيع أن نسوق مثلاً ثالثًا من الفكر السياسي، فها هنا كذلك تبدأ النظرية السياسية من «مبدأ» معين تقيم عليه بناءها كله، خذ فيلسوفين إنجليزيين من أصحاب النظريات السياسية المعروفة هما «هوبز» و«لوك». الأول يقيم نظريته السياسية على أساس أن حق الحكم للأقوى، وأن هذا الأقوى إذا ظفر بالسلطان لم يعد من حق الشعب المحكوم أن يقيله أو أن يعترض عليه، وأما الثاني فيقيم نظريته السياسية على أساس أن حق الحكم لمن يختاره الشعب، وبذلك يكون للشعب حق إقالة الحاكم إذا انحرف عما أرادوه من أجله. من المبدأ الأول ننتهي إلى حكم الفرد المستبد، ومن المبدأ الثاني ننتهي إلى حكم الشعب لنفسه، وهكذا نجد أنفسنا أمام منظومتين فكريتين، كل منهما ترتكز على ركيزة، وكل منهما يحكم على نتائجها بالصواب أو بالخطأ بحسب طريقة استنباطها من مبدئها، فكيف نفاضل بينهما إذا أردنا أن نختار لأنفسنا إحداهما دون الأخرى؟ إننا لا نفاضل بينهما على أساس صواب إحداهما وخطأ الأخرى، لأن كلاً منهما قد تكون صحيحة الأجزاء ما دامت هذه الأجزاء مستنبطة استنباطًا سليمًا من المنبع، بعبارة أخرى قد تكون كلتا المنظومتين الفكريتين صوابًا على ما بين تفصيلاتهما من اختلاف بعيد، لا لسنا نفاضل بينهما على أساس الصواب والخطأ، لأن كلاً منهما مبنية على «مبدأ»، والمبدأ «فرض» والفرض لا يوصف بصواب أو خطأ، وإنما تكون المفاضلة بينهما على أساس النفع للإنسان في حياته، فقد تكون إحدى المجموعتين – برغم صواب الاستدلال فيها – قليلة النفع عند التطبيق في حياة الإنسان العملية، وقد تكون زميلتها غزيرة النفع عند التطبيق في حياة الإنسان العملية، وقد تكون زميلتها غزيرة النفع عند التطبيق العملي، فعندئذ تكون هي أولى بالتفضيل والاختيار.
وأسوق مثلاً رابعًا لزيادة التوضيح، مثل النسقات الفلسفية، فلكل فيلسوف شيء يسميه في فلسفته «بالمبدأ الأول» قاصدًا بذلك الفكرة الأم في نسقه الذي يبنيه، وهي الفكرة التي يعتصر منها كل أجزاء بنائه الفلسفي، فيها يقيم البرهان على كل ما يزعمه بعدها، وأما هي فلا برهان عليها، إذ لو كان عليها برهان لكانت فكرة البرهان هي الأسبق في أولويات العقل، ولم يعد «المبدأ الأول» لا «مبدأ» ولا «أول». فإذا جاء فيلسوف آخر، فالأغلب ألا يوجه نقده إلى الفيلسوف السالف من ناحية طرائقه في استدلال النتائج الفرعية من المبدأ الأول، بل يوجه نقده إلى «المبدأ الأول» نفسه، بأن يضع «مبدأ أول» آخر، فتختلف النتائج، ونصبح أمام بناء فلسفي جديد، والمفاضلة بين البناءين تكون على أساس مدى قدرة كل منهما على تفسير أكبر عدد ممكن من ظواهر الوجود، فالأقدر منهما على التفسير أولى بالتفضيل، فمثلاً كان المبدأ الأول عند أفلاطون هو افتراضه وجود «المُثُل» التي على غرارها جاءت الطبيعة وكائناتها، ثم تبعه أرسطو ونقده، ثم وضع لنفسه مبدأ أول جديدًا، وهو فكرة «الصورة أو الهيولي» زاعمًا بالطبع أنها أقدر من فكرة المثل الأفلاطونية على تفسير الوجود.
من هذه الأمثلة كلها يتبين أن «المبادئ» في شتى البناءات الفكرية ليست «حقائق» تفرض نفسها على الإنسان بحيث لا يكون له قبل على تغييرها وتبديلها، بل هي – بحكم طبيعتها – «فروض» يفرضها الإنسان لنفسه حرًا مختارًا، وهو يفرضها لتخدم أغراضه، فإن هي أفلحت في خدمة تلك الأغراض، كان بها، وإلا فهو يبدلها بسواها حتى يقع على أنفع المبادئ لحياته العملية.
ثم ماذا؟ ماذا نستهدف بهذه النتيجة التي بلغناها؟ ها نحن أولاء قد رأينا وآمنَّا بأن «المبادئ» هي نقطة ابتداء لابد منها لمسار الفكر، هي نقطة الصفر التي لولاها لما تسلسل العدد، هي خط جرينتش الذي بغيره لا نستطيع تحديد الزمن في أي جزء من أجزاء الكرة الأرضية، ثم ها نحن أولاء قد رأينا وأمنَّا بأن المبادئ هي بمثابة فروض يفرضها الإنسان لنفسه، وفي مكنته تغييرها ليضع فروضًا أخرى. كان الإنسان ذات يوم – مثلاً – يضع لنفسه مبدأ – أعني يفرض لنفسه فرضًا – هو أن الناس من حيث الحقوق والواجبات صنفان: أحرار وعبيد، ثم يرتب على هذه التثنية نتائج ونتائج في إقامة نظامه الاجتماعي. وعلى مرَّ الزمن، تغيرت دنياه، فاضطر إلى اصطناع مبدأ آخر، هو أن الناس من حيث الحقوق والواجبات صنف واحد: أحرار ولا عبيد، ولو كانت المبادئ من قبيل الحقائق لا الفروض، لما أصابها التغيير مع مر الزمن، لو كانت من قبيل قولنا إن الماء ينحل إلى نسبة معينة من الهيدروجين والأكسجين، لظلت على حالها إلى أبد الآبدين.
نعم ها نحن أولاء قد رأينا ذلك عن «المبادئ» وآمنا به، فماذا عندك بعد ذلك؟ عندي أن ما أسلفته هو التمهيد الضروري لما أردت أن أقوله، ذلك أني أردت أساسًا أن أقول إن العرب في حاضرهم إذا أرادوا أن يكونوا استمرارًا للعرب في ماضيهم، فلا يلزم عن ذلك أن ينقل الحاضرون عن الماضين كل ما اصطنعه هؤلاء الأسلاف من مبادئ، بل من حقهم أن يغيروا وأن يبدلوا كلما رأوا الفروض النظرية التي افترضها أسلافهم لم تعد تثمر لهم في حياتهم الثمرة المرجوة، كانت مبادئهم فروضًا فرضوها لأنفسهم لتصلح بها الحياة بظروفها الماضية، ثم تغيرت ظروف الحياة فلم يعد بد من تغير الفروض. كان الفرض – مثلاً – أن المسافر في الصحراء لن يجد «فندقًا» ولا «مطعمًا» يأوي إليه إذا جنَّ الليل أو إذا ألَّم به الجوع، وإذن فلابد – تأسيسًا على هذا الفرض – أن يكون كلٌ لكلٍ فندقًا ومطعمًا، وتغيرت ظروف الحياة بحيث أصبح مسافر الصحراء كمسافر الأرض المزروعة سواء بسواء، كلاهما يركب الطائرة من طرف إلى طرف، لا يعنيه ما تحته: أفلاة هي أم حقول؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلم يعد أمامنا محيص عن تغيير الفرض الأول بفرض جديد تنبثق منه أحكام الناس على سلوك الناس من فضيلة أو رذيلة.
فالوقفة الصحيحة – إذن – هي أن ما بقيت ظروفه على حالها يتقى مبادئه مثلاً عُليا للحاضر كما كانت للماضي، وما تغيرت ظروفه تتغير مبادئه، فالموروث عن الأسلاف هو لنا بمثابة نقاط ابتداء، نُبقي بعضها ونحذف بعضها بحسب ما تقتضيه حياتنا العصرية، ولنضرب أمثلة موضحة:
كانت لأسلافنا مبادئ معينة مثلاً فيما يُعد شعرًا وما لا يًعد شعرًا، وفيما يكون أدبًا من النثر وما لا يكون أدبًا. وقياسًا على هذه المبادئ يعمل النقاد، وليس في وسعي الآن أن أتتبع تلك المبادئ تفصيلاً لأقترح ما لا يزال يصلح منها وما لم يعد صالحًا لعصرنا، وحسبي قاعدة واحدة أذكرها – اجتهادًا مني وربما كنت فيه على خطأ – وهي أن الأدب العربي القديم بكل شعره ونثره، لم يكن يتطلب من صانعه إلا أن يصوغ في لفظ جميل حقيقة معلومة من قبل. فليس فيه كشف جديد ينكشف لقارئه، تقرأ المقامة – مثلاً – لا ابتغاء الوقوع على تحليل للطبيعة البشرية، بل تقرؤها لترى كيف نُسق اللفظ وكيف رُصع كما تُنسق قطع العاج وتُرصَّع على أبواب المساجد ومنابرها. نعم لم يكن المبدأ هو أن ينظم الشاعر أو أن يكتب الكاتب كاشفًا للخبئ من طبع الإنسان و لا محللاً للمعقد الغامض، بل ينظم ذاك ويكتب هذا ليقيم البرهان على غزارة علمه باللغة وعيونها. بالطبع كانت هناك استثناءات قليلة أراد فيها الكاتب أن يقول شيئًا – مثل الجاحظ – ولكن القاعدة العامة هي أن الأديب يكتب ليتمزَّز القارئ بجرس اللفظ وحسن ترتيبه وتنسيقه، لا ليعلم منه القارئ عن حقائق الدنيا ما لم يكن يعلم. كان هذا هو المبدأ في الأدب نظمًا ونثرًا، فهل يجوز أن يظل هو مبدأ الأدب في عصرنا الذي تُحتم علينا زحمته ألا نضيع من وقتنا دقيقة واحدة دون أن نكتب للناس لنزيدهم علمًا بما ليس يعلمون؟.
وهذا مثل آخر، لعله أفدح خطرًا. فقد كان المبدأ في نظام المجتمع أن يكون الحاكم هو صاحب السلطان وهو في الوقت ذاته صاحب الرأي، ولم يكن ثمة منن غضاضة على النفوس أن يملي ولي الأنر في حكومة الناس ما يتفق ومذهبه هو ليكون هو المذهب لا مذهب سواه عند المحكومين، بعبارة أخرى كان رأي السلطان هو سلطان الآراء، وليس لأحد بعد قول القابض على سيف القضاء من قول، وبهذا المزج العجيب بين قوة الحكم وسداد الرأي، بحيث يكون الأقوى هو الأصوب، ورثنا مزجًا عجيبًا بين ولاية الحكم وزعامة الناس حتى لم نعد نتصور أن تكون هذه بغير تلك.
وأكتفي هنا بذكر مثل واحد من تاريخنا الفكري، هو ما يُسمى «بالمحنة» الخاصة بالرأي في القرآن: أقديم هو أم حادث؟ فهل تصدق أن الخليفة المأمون – وهو الذي اتسع أفقه العقلي ليقبل التراث اليوناني كله علمًا وفلسفة، لم يضق به أن يُترجم إلى العربية – هل تصدق أن الخليفة المأمون هذا هو الذي أرسل إلى وزيره إسحق بن إبراهيم ليمتحن القضاة والمحدثين، ليخرج منهم من ضلَّت به السبيل فوصف القرآن بأنه أزلي قديم. فما دام أمير المؤمنين على رأي بأن القرآن حادث ومخلوق، إذن فالقائلون بالرأي المعارض هم – كما ورد عنهم في رسالة المأمون التي أشرنا إليها – «من حشو الرعية وسفلة العامة، ممن لا نظر له ولا روية ولا استدلال له بدلالة الله وهدايته .. (وهم) أهل جهالة بالله وعمى عنه وضلالة عن حقيقة دينه وتوحيده والإيمان به .. لضعف آرائهم ونقص عقولهم .. فرأي أمير المؤمنين أن أولئك شر الأمة ورؤوس الضلالة .. وأوعية الجهالة، وأعلام الكذب، ولسان إبليس .. إلخ إلخ» (الطبري، جـ 8، ص ص 631 وما بعدها).
وكان من بين الأئمة الذين امتحنوا أحمد بن حنبل .. (وهذا جزء من) نص محاكمته:
- ما تقول في القرآن؟
- هو كلام الله.
- أمخلوق هو؟
- هو كلام الله لا أزيد عليها.
- ما معنى قوله «سميع بصير»؟
- هو كما وصف نفسه.
- فما معناه؟
- لا أدري، هو كما وصف نفسه.
وإنما أوردت هذه النتفة من محاكمة ابن حنبل، لنلمح فيها كيف اضطر إمام كهذا ، كان ينبغي ألا يكون لولي الأمر شأن برأيه، لأنه أثبت أنه من أصحاب الرأي، وأن لم نتفق معه فيه، أقول: لنلمح كيف اضطر إمام كهذا أن يتحفظ في إجاباته حتى لا يقع به مكروه العقاب، ومع ذلك فقد وقع به المكروه.
وأكتفي بهذا القدر من قصة المحنة، فهذه القصة ليست موضوع الحديث، وإنما هي لمحة عابرة أذكرها لأدل بها على «مبدأ» كان قائمًا وهو أن يكون الحاكم هو صاحب الرأي. والسؤال الذي يهمنا الآن هو هذا: هل يجوز للعربي المعاصر أن يُبقي على مبدأ كهذا في حياته الفكرية، لكي يجيء استمرارًا للسلف؟ إنه لو كانت «المبادئ» حقائق ثوابت لوقفنا أمامها لا حول لنا ولا حيلة، فما كان لابد أن يكون والأمر بعدئذ لله، لكن المبادئ فروض تتغير إذا تغيرت الظروف، فربما لاءم السلف أن يجتمع السيف والرأي في يد واحدة، لكن هذا الجمع لم يعد اليوم يلائم أحدًا.
وهذا مثل ثالث: كان المبدأ في التعليم أن يكون مداره إعادة الموروث وتحليله وشرحه، فكان العالم هو من ازداد إلمامًا بالتراث وقدرة على فهمه وشرحه وتحليله وإعرابه، فإذا حقظ التلميذ عن شيخه كل هذا، جاز له أن يكون بدوره شيخًا لتلميذ يحفظ عنه، فنتج عن ذلك أن كان مفهوم العلم هو الدراية بما ورد في الكتب، حتى وإن جهل «العالم» كل شيء عن الطبيعة وظواهرها. إن أحدًا لم يكن يتصور مجرد تصور أن يكون «التعليم» تعليمًا لمعالجة الطبيعة، بحيث ينصب العلم على الزراعة وتركيب الآلات وهندسة المدن، فذلك حتى إن وُجد شيء منه، كان متروكًا «للخبرة» ينقلها الحرفي الكبير إلى الحرفي الناشئ، ولا شأن «للعلم» به، ونحن لا نذكر هذا لننتقص من شأن الأقدمين، بل نذكره لنؤكد أن هؤلاء الأقدمين كانوا يصدرون عن مبدأ في تصورهم للعلم والتعليم، فإذا جئنا نحن في عصر تغيرت ظروفه على النحو الذي نرى، فهل يجوز أن نُبقي على مبدأ كهذا؟
قد يُقال: لماذا نذكر شيئًا كهذا ولم يعد لذكره مبرر، بعد أن نشأت عند العرب المحدثين جامعات فيها كليات للطب والهندسة والزراعة وغيرها. لكنني لا أظن أني أفجأ القارئ بجديد لا يعلمه إذا قلت أننا ما زلنا – حتى في هذه الكليات العلمية – نجري على المبدأ القديم نفسه، وهو أن يحفظ التلميذ عن الشيخ، وليس ثمة من فرق بعيد بين أن يكون المحفوظ هو ألفية ابن مالك أو كتابًا في الكهرباء، لأن المدار في كلتا الحالتين هو الحفظ الذي يمكن التلميذ من «تسميع» ما حفظه أمام شيخه. وبعد ذلك يسأل السائلون لماذا لا نسهم في دنيا العلوم بإضافات جديدة إلا القليل الذي يمكن تجاهله؟ والجواب واضح، وهو أن المبدأ القديم في العلم والتعليم لم يغيره مبدأ جديد.
لقد بدأت حديثي بداية نظرية، فانتهيت به إلى نهاية عملية، بدأته بتحليل نظري للمبادئ، يكشف عن حقيقتها وعن طبيعتها، وانتهيت إلى نظرات في التحول من قديمنا إلى الحديث، بأنه لا تحول إلا إذا بدأناه من الجذور: من المبادئ، نقتلعها لنضع مكانها مبادئ أخرى، فنستبدل مُثلاً عُليا جديدة بمُثلٍ كانت عُليا في أوانها ولم تعد كذلك، ولا ضير علينا في شيء من هذا، فأسلافنا قد صنعوا الصنيع نفسه: استبدلوا مبادئ بمبادئ، وأفكارًا بأفكار، ومُثلاً بمُثل، ولا نريد سوى أن نكون خير خلف لخير سلف.


أنت بحريا سيدي الأستاذ الكبيرفيلسوف زمانه ولا مبالغة الأستاذ الدكتور صلاح عثمان المحترم ..
وقد قلت رأيي فيكم منذ سنة في مداخلات هامة لكم هنا في " واتا " ولن أستطيع الثناء على ما أوردتم من علم ومعرفة وتحليل لقضية هي في الحقيقة قضايا معاصرة ..وما أحوجنا إلى مثل هذه التحليلات والتفكيكات التي تجزيء القضايا الكبرى إلى عواملها الأولية من أجل تقريب الفهم وتعرية الغامض وتجلية جوهره..
وقد اتضحت الرؤية وتبين المقصود فشكرا لكم وبارك الله فيكم وفي علمكم ونظرتكم الشاملة العميقة الدقيقة ..
وهي لا تخرج في إطارها العام عن معنى الآية :
" إن الله لا يغيرما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "
صح صيامكم .

د.محمد فتحي الحريري
27/08/2009, 12:33 AM
هل أنت إنسان مبدئي؟!
ما صفات الإنسان المبدئي؟!
ما معنى مبدئي؟!
ما معنى المبدأ؟!
ما هي المبادئ؟!
تحية فلسفية حائرة!
بعد التحية
لا أظن من طرح السؤال جاهلا بالاشتقاقات اللغوية ، وان مبدأ على زنة مفعل من الجذر ( بدأ )و..........هكذا
انما حسب فهمي المبدأ يراد به المنطلق القيمي الذي تصدر عنه افعال صاحبه دونما تكلف .
فكما ان الاعمال بالنية ، كذلك يقاس الناس بقيمهم العقدية والاخلاقية واعرافهم التي يصنفون على اساسها .
رجل المبادئ هو رجل نبيل ، والانسان المبدئي النبيل هو من يفكر بمصلحة المجموعة قبل مصالحه
وبالتالي تصدر تصرفاته وسلوكه بصورة تلقائية انسيابية دونما ادنى تصنّـع ، لتشير على الدوام الى رجل منغرس في القيم والمنطلقات الجماعية الراسخة
بالطبع هناك الصورة المعاكسة والمضادة لهذه الصورة !!!
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية وكل عام وانتم بخير مولاي.

محمدمحمدأبوالعمرين
16/12/2009, 08:33 AM
:mh78::mh78:
هل أنت إنسان مبدئي؟!
ما صفات الإنسان المبدئي؟!
ما معنى مبدئي؟!
ما معنى المبدأ؟!
ما هي المبادئ؟!
تحية فلسفية حائرة!
:mh78::mh78::mh78:والله العظيم مرة سمعت رئيس عربي بس خايف أقول أسمه عشان أبوه أسد:emo_m7:بحكي كلام بيجي في التلفزيون كثير عن المبادئ كان الرئيس بحكي حتى في رئيس أكبر منه في الحكم يمكن فتكرت عميد القعدة كان فرحان كثير للرئيس الثاني وكمان شكره وأخذ باله منه طول القعدة