المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصمود الفلسطيني في مواجهة سيناريوهات التهجير الإسرائيلي



محسن الإفرنجي
09/03/2008, 02:36 PM
مواطنو شمال غزة يواجهون سيناريوهات التهجير الإسرائيلي بسلاح الصمود

غزة – تقرير/ محسن الإفرنجي:
يواجه سكان شمال قطاع غزة الذي يشهد كثافة سكانية الأعلى عالميا مخاوف متزايدة جراء التهديدات الإسرائيلية بترحيلهم من مناطق سكناهم لتكثيف عملياتها الحربية و مواصلة الاجتياحات و التوغل في ظل إصرارهم المطلق على البقاء في منازلهم و عدم الرحيل عنها و مغادرتها.
وكان الوزير "أيهود باراك" عرض على المجلس الأمني الإسرائيلي المصغر مشروعا يقضي بترحيل جماعي آلاف للفلسطينيين من المناطق التي تطلق منها الصواريخ محلية الصنع على البلدات الفلسطينية المحتلة قبل قصفها.
واللافت لنظر المراقبين للشأن الإسرائيلي أن باراك طلب استشارة قانونية تمكنه من إخلاء السكان من المناطق التي يتم منها إطلاق صواريخ المقاومة المحلية ليتسنى لقواته اجتياح تلك المناطق وقصفها بكثافة.
وأبدى مواطنو شمال القطاع قلقا بالغا إزاء نوايا قوات الاحتلال تجاههم بترحيلهم خاصة بعد فشل عملية "الشتاء الساخن" مؤكدين أنهم لن يغادروا بيوتهم و أرضهم "مهما كلفهم الثمن".
دروع بشرية للحماية...
وقال المواطن أحمد الصباح "56 عاما" من سكان تل الزعتر شمال القطاع:"إسرائيل لا تتورع عن ارتكاب أية جرائم بحق المدنيين و الأطفال و النساء و كبار السن لكنها لن تقتل فينا إرادة الصمود ولن نغادر أرضنا".
وأوضح الصباح الذي استشهد نجله البكر قبل عام و نصف خلال تصديه لعملية اجتياح أن المخاوف قائمة من أي عدوان إسرائيلي قادم مشددا على أن الصمود هو العنوان الأبرز لكل الفلسطينيين.
واستدل الصباح باستبسال المواطنين و دفاعهم عن المنازل المهددة بالقصف لا بهروبهم و تركها مما منع هدمها بعد أن شكل المواطنون بأجسامهم درعا بشريا ضد أي عدوان إسرائيلي على هذه البيوت رغم أن الطائرات كانت تحلق فوقها بكثافة.
وقال:"تلقى المواطن أبو بلال الجعبير من جباليا وهو والد شهيدين قبل أيام تهديدا بإخلاء منزله تمهيدا لقصفه و ما أن انتشر الخبر حتى بدأ المواطنون يتجمعون و يشكلون دوريات من المدنيين غير المسلحين لحماية المنزل من القصف بأجسادهم و أرواحهم".
وعلى عكس ما أرادت قوات الاحتلال فبدلا من أن ترهبهم تكرر الموقف التضامني ذاته مع العشرات من أصحاب المنازل المهددة بالقصف مما حال دون قصفها خاصة أن المواطنين ينظمون عملية الحماية للمنزل المستهدف من خلال تقسيم صفوفهم إلى دوريات تتولى كل منها وقتا زمنيا محددا حتى لا يتركوا المنزل هدفا سائغا لطائرات الاحتلال.
ولا ينكر الصباح أنهم يعيشون أجواء حرب حقيقية خاصة خلال الأسبوع الأخير الذي ارتكبت فيه قوات الاحتلال مجازر بشعة في إطار عملية أسمتها "الشتاء الساخن" أسفرت عن استشهاد أكثر من 120 مواطنا ثلثهم من الأطفال وإصابة ما يزيد عن 350 بجراح مختلفة غير أنها أخفقت مبكرا في تحقيق أهدافها القاضية بمنع إطلاق الصواريخ محلية الصنع.
وأضاف:"هم يملكون القوة و لا إرادة لهم و نحن نملك كل الإرادة و بعض أسباب القوة التي ترعبهم أكثر مما ترعبنا أسلحتهم المتطورة جدا".
أما المواطنة الحاجة أم سهيل "65 عاما "التي دمر القصف الإسرائيلي أجزاء كبيرة من بيتها فلا ترى لها مأوى غير بيتها "حتى لو هدموه على رأسنا".
و تؤكد الحاجة أم سهيل التي ترتسم في معالم وجهها خارطة الوطن المسلوب أنها تعيش و أسرتها أصعب أيام في حياتهم لم تر مثيلا للمجازر الإسرائيلية التي ترتكبها بحق المدنيين و خاصة الأطفال مستذكرة بدموع ساخنة مشاهد الأشلاء المتناثرة و الجثث المقطعة و الدماء النازفة.
مزاد علني للقتل و التهجير..!ويرتكز سيناريو الترحيل الإسرائيلي الجديد على توجيه إنذارات للسكان المدنيين من خلال توزيع المنشورات وعبر الإذاعات من أجل ترويعهم و إرهابهم و دفعهم لمغادرة أماكن سكناهم باتجاه جنوب قطاع غزة ومن ثم البدء في قصف الأحياء السكنية التي تطلق منها الصواريخ تجنبا لوقوع ضحايا.
ومن بين السيناريوهات الإسرائيلية ما طرحه النائب الوزير فيلناي بأن يتم هدم البيت الذي يطلق منه صاروخ بواسطة الجرافات رغم أن الصواريخ لا تطلق عادة من البيوت.
وذكرت صحيفة معاريف العبرية أن إحدى العروض تقوم على أن يتم توزيع المناشير بالمرحلة الأولى بالمنطقة التي تم إطلاق الصواريخ منها وذلك حتى يخرج المدنيون من بيوتهم وبالمرحلة الثانية تطلق قوات الاحتلال قنابل دخانية حتى يشعر المدنيون بالخروج من بيوتهم وبالمرحلة النهائية إذا لم يتوقف إطلاق الصواريخ من المكان تطلق قوات الاحتلال صواريخ على المكان ويدمر البيوت التي أطلق منها الصواريخ.
وتأتي هذه السيناريوهات تزامنا مع ما أسموه "فتوى غير مسبوقة" أطلقتها مجموعة من كبار الحاخامات في إسرائيل الخميس الماضي ، تتيح لقوات الاحتلال الإسرائيلي قصف التجمعات المدنية الفلسطينية، في حال انطلقت منها هجمات على تجمعات سكانية يهودية.
وتنصّ "الفتوى"، الصادرة عن "رابطة حاخامات أرض إسرائيل"، على أن الشريعة اليهودية تبيح قصف التجمعات السكانية المدنية الفلسطينية، إن كانت مصدرًا لاستهداف اليهود.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة الإسرائيلية تجري مباحثات مكثفة للخروج بقرار من المحكمة الإسرائيلية يبيح لها استهداف مناطق سكنية مأهولة بالمدنيين يطلق منها الصواريخ تمهيدا على ما يبدو لمجازر رهيبة قد ترتكبها قوات الاحتلال في المرحلة القادمة.
ورغم أن التهديدات الإسرائيلية بترحيل سكان شمال القطاع ليست الأولى و يبدو أنها لن تكون الأخيرة فإن ثمة رسالة وحيدة يوجهها الفلسطينيون عنوانها و مضمونها كلمة واحدة "صمود بلا حدود"...فهل وصلت الرسالة؟!

****************************************