المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فضل الحمير على كثير من مدعي التحقيق والتحرير!!



غالب ياسين
11/03/2008, 01:54 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

فضل الحمير على كثير من مدعي التحقيق والتحرير!!
[الحلقة الأولى]


الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
فموجب كتابة هذا المقال أن بعض الإخوة الفضلاء أطلعني على مقال لأحد الإباضية بعنوان : [الوهابية وعقيدة الحمير؟!!] لكاتبه المتلقب بِـ"البرهان الساطع" يتندر به على أهل السنة ، ويطعن عليهم فيه ، وينتصر فيه لعقيدة الجهمية المشبهة المعطلة .
ونص مقال الكاتب الإباضي المذكور: [إن مما يحزن ويبكي أن طاحونة التجسيم والتشبيه لم تتوقف عند ابن القيم عن الجعجعة حتى هوت به في زريبة الحمير!!! أعزكم الله .
فقام هذا المريض عقليا بالإنتصار لعقيدة التجسيم اليهودية التي يؤمن بها وينافح من اجلها الوهابية هذه الأيام بأفعال الحمير!!!
حيث قال في كتابه "اجتماع الجيوش الإسلامية" ص296-297 ما نصه: (وفي هذا الباب قصة حمر الوحش المشهورة التي ذكرها غير واحد، إنها انتهت إلى الماء لترده فوجدت الناس حوله فتأخرت عنه فلما جهدها العطش رفعت رأسها إلى السماء وجأرت إلى الله سبحانه بصوت واحد، فأرسل الله سبحانه عليها السماء بالمطر حتى شربت وانصرفت)اهـ .
والقصة مشهورة عند قومه المجسمة أصحاب عقيدة الحمير!! وابن القيم يدل المجسمة على أفضل طريقة لنزول المطر وهي أن يحرموا الحمير–أساتذة ابن القيم في العقيدة– من الماء حتى ترفع رؤوسها للسماء مصليةً صلاة الاستسقاء!!. ].
فكتبت هذا المقال رداً عليه وعلى أمثاله ممن خالفوا أهل السنة ، وفارقوا جماعة المسلمين ، وتنكبوا الصراط المستقيم .
وسأذكر في هذا المقال المواضع التي ذكر فيها الحمار في الكتاب والسنة مبيناً سبب ذكره ووجه تفضيله أو مشابهته لأهل البدع والشقاق .
ولا تستغرب أخي القارئ من العنوان فقد سبقت بذلك !
فقد ألف الإمام الأديب علي ابن المرزبان كتاب: "فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب"
وجاء في كشف الظنون(2/1783) : ["المقالة في أوصلي شجاع" لمولاه لطفي المقتول سنة تسعمائة . وَ"أوصلي" كلمة رومية معناها "الحمار الضخم" وهي رسالة لطيفة بالتركية جمع فيها جميع ما يتعلق بالحمار من ضروب الأمثال وغيرها بمناسبة اقتضاه الكلام].
فأقول مستعيناً بالله تعالى:
اعلم أخي المسلم أن الحمار خلق من خلق الله ، خلقه الله لحكم وفوائد ، وقد تميز عن غيره بمزايا سواء كانت الميزة في الحسن أو القبح .
والحمار –كغيره من المخلوقات- يسبح بحمد الله ، ويعبده ؛ فطرة وخلقة .
قال تعالى: {وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم}.
وقد فطر الله جميع خلقه على توحيده تعالى وعبادته ولا يتنكب عن عبادة الله وتوحيده إلا مردة الإنس والجن .
والحمار –كغيره من الأنعام والبهائم- فيه شبه من الإنسان في الخلقة ، وقد تميز بأشياء عن الإنسان مع أن الإنسان في درجة لا يبلغها شيء من المخلوقات الأرضية ، فقد ميزه الله بالعقل والفهم ، وميز الله الإنسان بحسن الصورة والخلقة ، وغير ذلك من ميزات الإنسان .
## فالحمار له بصر كالإنسان بل قد تميز بأنه يرى الجن والشيطان بخلاف الإنسان حيث إنه لا يرى الجن والشيطان.
قال الله تعالى عن الشيطان : {إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم}.
وأما الحمار فقد قال –صلى الله عليه وسلم- : " إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكا ، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان فإنه رأى شيطانا".
رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-
## والحمار له سمع كالإنسان بل قد تميز بأنه يسمع أصوات المعذبين من أهل القبور .
قال –صلى الله عليه وسلم- عن الكافر لما يعذب في قبره : ((وأما الكافر أو المنافق فيقول: لا أدري كنت أقول ما يقول الناس ، فيقال: لا دريت ولا تليت ، ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين)).
@ ومن الطرائف التي تذكر هنا : أن بني عبيد الباطنيين الذي حكموا مصر وتسموا –كذباً وزوراً- بِـ"الفاطميين" كانت لهم مقبرة خاصة لموتاهم ، فكانت دوابهم إذا حصل لها إمساك! أتوا بها إلى قبورهم فتسهل حميرهم!!
فيعدون ذلك كرامة!! وإنما هي –والله أعلم- من خوفها وشدة رعبها لما تسمع من صياح أولئك المعذبين من العبيديين الكفرة الملاعين .
## وكذلك الحمار له أنف ، وله يدان ، ورجلان ، ورأس ، وظهر ، وبطن ، ويأكل ويشرب ، ويحس ، وينام ويصحوا ، ويفرق في طعامه بين ما يصلح له أو لا يصلح بفطرته التي فطره الله عليها .
ومن الطرائف التي تذكر عن الحمير أنها تحش من الأعشاب والنباتات ما شاءت فإذا قربت من شجرة التبغ <شجرة الدخان> أبت ولم تأكل !!
فتباً لمن يكون الحمار أعرف منه بما يصلح له وما لا يصلح !!
ومع ما شابه الحمار به الإنسان من الصفات الخلقية فإنه لا يعاب على الإنسان بذلك ولا يقل من قدره أنه شابه الحمير أو البهائم في ذلك .
وإنما يذم الإنسان بما شابه به الحمير من الصفات المذمومة والتي سأعرض لها فيما يأتي -إن شاء الله تعالى-.
فمن يظن أن مطلق الاشتراك في الصفة يوهم النقص أو يستلزمه فهذا أجهل من الحمار !
وهذا يجعلني أنبه إلى أمر مهم قد ضلت فيه فهوم ، وضاعت فيه عقول ، وزاغ فيه من زاغ .
وهذا الأمر هو أن الاشتراك في المسمى واللفظ لا يلزم منه الاشتراك في الحقائق والذوات .
فالإنسان اشترك مع الحمار في صفة البصر ، لكن بصر الإنسان ليس كبصر الحمار !
والإنسان موجود والحمار موجود ، وليس وجود الحمار كوجود الإنسان !
والإنسان حي متحرك والحمار حي متحرك ، وليست حياة الحمار وحركته كحياة الإنسان وحركته .
والحمار له صوت وصورة ، وليس صوته وصورته كالإنسان !
بل مجرد إضافة الصفة إلى الموصوف تعطيه خصائص الموصوف وحده دون غيره ممن يشترك معه في تلك الصفة .
فكذلك ما وصف الله به نفسه في كتابه ووصفه به رسوله –صلى الله عليه وسلم- تليق بجلاله وعظمته {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}.
فالله عز وجل له سمع وبصر ، وليس سمعه وبصره كسمع الإنسان وبصره .
والله موجود والإنسان موجود ، وليس وجود الله كوجود الإنسان .
والله له يد وللإنسان يد ، وليست يد الله كيد الإنسان .
والله له عينان وللإنسان عينان ، وليست العينان كالعينين .
فالاشتراك في الاسم واللفظ لا يعني بحال الاشتراك في الحقيقة والذات إلا فيمن استوى في الحقيقة والذات .
فعقول الجهمية والمعتزلة والأشاعرة والماتريدية والإباضية والشيعة ضلت في هذا الباب وحارت وزاغت .
فظنوا أن مطلق الاشتراك في اللفظ يلزم منه الاشتراك في الحقيقة والذات .
فإذا سمعوا قول الله تعالى : {بل يداه مبسوطتان} مباشرة تشبه عقولهم يدي الله تعالى بأيديهم المخلوقة فيضطرون لنفي الصفة وتأويل الآية !!
ولا مسوغ ولا مبرر لهذا التشبه بله التأويل والتعطيل!
لأن الله قال: {بل يداه} أي يداه هو سبحانه ، فأضاف اليدين له فلا يجوز لك أن تتخيل أنهما تشبهان يديك أيها المخلوق الضعيف!
وهم بفعلهم هذا كمن يقال له : هل رأيت يد الناقة ؟ فيتخيل في عقله يده هو ذات الخمس أصابع !!
وهذا في غاية الجهل والضلال .
فيد الجمل تختلف إختلافاً بيناً عن يد الإنسان فذاك له خف بلا أصابع مميزة منفردة بخلاف الإنسان .
وإن كان الجمل والإنسان مشتركان في الخلق فالله أجل وأعلى لأنه –سبحانه - الخالق والإنسان مخلوق ضعيف مفتقر.
فهؤلاء المشبهة المعطلة يظنون في صفات الله كما يظنون في صفات المخلوقين .
تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً .
فلما وقف أهل السنة والجماعة على نصوص الوحيين ، ولم يتعرضوا لصفات الله بتعطيل ولا تشبيه ولا تمثيل ولا تأويل ولا تكييف ، بل أثبتوها وأمروها كما جاءت ؛ قامت قيامة المعطلة المشبهة ، ورموا أهل السنة بالعظائم ، واتهموهم بالتهم الباطلة ، ونبزوهم بألقاب سيئة كالحشوية والمجسمة والمشبهة والممثلة ونحو ذلك من الصفات .

قال الإمام أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي: [علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر ، وعلامة الجهمية أن يسموا أهل السنة مشبهة ونابتة ، وعلامة القدرية أن يسموا أهل السنة مجبرة ، وعلامة الزنادقة أن يسموا أهل الأثر حشوية].
وقال شيخ الإسلام أبو عثمان إسماعيل بن عبدالرحمن الصابوني في كتابه "عقيدة السلف أصحاب الحديث(ص/116) : [علامات أهل البدع .
وعلامات البدع على أهلها بادية ظاهرة ، وأظهر آياتهم وعلامتهم :
شدة معاداتهم لحملة أخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- ،
واحتقارهم لهم ، واستخفافهم بهم ،
وتسميتهم إياهم : حشوية ، وجهلة ، وظاهرية ، ومشبهة ؛
اعتقادا منهم في أخبار رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أنها بمعزل عن العلم! ، وأن العلم ما يلقيه الشيطان إليهم من نتائج عقولهم الفاسدة!! ، ووساوس صدورهم المظلمة!! ، وهواجس قلوبهم الخالية عن الخير ، وكلماتهم وحججهم العاطلة ، بل شبههم الداحضة الباطلة ، {أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} ، ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء}]
ثم قال الإمام الصابوني –رحمه الله- (ص/119-120) : [ قلت أنا : رأيت أهل البدع في هذه الأسماء التي لقبوا بها أهل السنة –ولا يلحقهم شيء منها فضلا من الله ومنة- سلكوا معهم مسلك المشركين لعنهم الله مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فإنهم اقتسموا القول فيه ، فسماه بعضهم ساحراً ، وبعضهم كاهناً ، وبعضهم شاعراً ، وبعضهم مجنوناً ، وبعضهم مفتوناً ، وبعضهم مفترياً مختلقاً ذاباً ، وكان النبي –صلى الله عليه وسلم- من تلك المعائب بعيداً بريئاً ، ولم يكن إلا رسولاً مصطفى نبياً .
قال الله -عز وجل- : {انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلاً}.
وكذلك المبتدعة –خذلهم الله- اقتسموا القول في حملة أخباره ، ونقلة آثاره ، ورواة أحاديثه المقتدين به المهتدين بسنته المعروفين بأصحاب الحديث ، فسماهم بعضهم حشوية ، وبعضهم مشبهة ، وبعضهم نابتة ، وبعضهم ناصبة ، وبعضهم جبرية .
وأصحاب الحديث عصامة من هذه المعايب ، بريئةٌ ، زكيةٌ ، نقيةٌ ، وليسوا إلا أهل السنة المُضيَّة ، والسيرة المرضية ، والسبل السوية ، والحجج البالغة القوية .
قد وفقهم الله جلاله لاتباع كتابه ووحيه وخطابه ، واتباع أقرب أوليائه ، والاقتداء برسوله –صلى الله عليه وسلم- في أخباره التي أمر فيها أمته بالمعروف من القول والعمل ، وزجرهم فيها عن المنكر منهما ، وأعانهم على التمسك بسيرته والاهتداء بملازمة سنته .
وجعلهم من أتباع أقرب أوليائه وأكرمهم وأعزهم عليه وشرح صدورهم لمحبته ومحبة أئمة شريعته وعلماء أمته ، ومن أحب قوماً فهو معهم يوم القيامة بحكم قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: ((المرء مع من أحب)).] انتهى كلام شيخ الإسلام الصابوني –رحمه الله-.
وهذا الذي اعتراهم-أعني : أهل البدع- إنما هو بسبب ما اعتراهم من التشبيه فأداهم إلى التعطيل .
فإن الموحد السني المسلم لما يسمع القرآن والحديث لا يضرب لله الأمثال ، ولا يتخيل الخيالات ، ولا يتوهم التوهمات ، بل يؤمن ، ويُسَلِّم ، ويرد المتشابه إلى المحكم ، ويرد العلم إلى عالمه –عز وجل- ، وينتهي عن التشبيه والتعطيل .
أيها الإباضي الباحث عن الحق: اقدر الله حق قدره ، وعظمه حق تعظيمه ، وبجله حق تبجيلة ، لا تشبه صفات الله بصفات خلقه ، ولا تعطلها وتنفي عن الله ما أثبته لنفسه .
أيها الإباضي الطالب للحق: لما تسمع قول الله تعالى: {بل يداه مبسوطتان} لا تجعل خيالك وذهنك يذهب إلى المخلوقات وأيديهم !
بل اجعل ذهنك وعقلك يذهب إلى قول الله تعالى : {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}
وإلى قوله تعالى: {ولم يكن له كفواً أحد}.
وإلى قوله تعالى: {هل تعلم له سمياً} .
وإلى قوله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه}.
إنها يد الله ، إنها يد الله الكبير المتعال ، إنها يد الله المتكبر الخالق البارئ المصور ، إنها يد من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، إنها صفة الله العلي العظيم.
إنه الله العظيم الكبير المتعال ، إنه الله الملك القوي المتين ، إنه الله الذي لا يشبه شيئاً من خلقه ، ولا يشبهه شيء من خلقه .
فكذلك صفاته –سبحانه وتعالى- .
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

يُــــتْــــبَـــع الحلقة الثانية
وتتضمن الكلام على المواطن الخمسة التي ذكر فيها الحمار في كتاب الله تعالى .

كتبه : أبو عمر أسامة بن عطايا بن عثمان العتيبي الفلسطيني

غالب ياسين
11/03/2008, 01:55 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

فضل الحمير على كثير من مدعي التحقيق والتحرير!!
[الحلقة الثانية ]


الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
فقد سبق في الحلقة الأولى من هذا الموضوع بيان سبب كتابة هذه المقالات ، وكانت الحلقة الأولى كمقدمة وتمهيد للموضوع ، وهذه هي الحلقة الثانية ؛ وهي ذكر المواضع التي ورد فيها ذكر الحمار في القرآن الكريم .
وقد ذكرت في هذه الحلقة الموضع الأول وذكرت فيه بعض الفوائد والنفائس .
أسأل الله أن ينفع بها كاتبه وقارئه.

وهذا رابط الحلقة الأولى:
اضغط هنا

ورد ذكر الحمار في القرآن الكريم في خمسة مواطن باسمه المعروف به مفرداً في أربعة مواطن ومجموعاً في موطن واحد.
الموطن الأول: قال تعالى في سورة البقرة: {أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها ، قال أني يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوماً أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحماً فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير}.
فذُكر الحمار في هذا آية في سياق إثبات أمر عظيم ألا وهو إحياء الله للموتى .
وإحياء الله للموتى ذكره الله عز وجل في مواطن كثيرة من كتابه العزيز لإثبات البعث والرد على منكريه من الكفرة والمشركين .
ومن الحكمة من تخصيص الحمار في هذه الآية –والله أعلم- هو بيان ما كان عليه الأنبياء والصالحون من التواضع وخفض الجناح .
فقد ذكر كثير من أهل العلم أن الذي مر على تلك القرية هو عزير النبي –صلى الله عليه وسلم- وقيل غيره .
ولاشك أنه من الصالحين لما اختصه الله بهذه الآية العظيمة وهي موت مائة سنة ثم إحيائه ، وطعامه وشرابه لم يفسد ولم يتغير ، وحماره أمامه يتكون ويعاد بعثه وخلقه.
ولقد كان الحمار من مركوبات النبي –صلى الله عليه وسلم- وقد ورد في ذلك عدة أحاديث .

## منها : عن معاذ بن جبل-رضي الله عنه- قال: كنت رِدْفَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على حمار يقال له : "عفير" فقال: ((يا معاذ! تدرى ما حق الله على العباد ، وما حق العباد على الله؟)) قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال: ((فإن حق الله على العباد أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئاً ، وحق العباد على الله –عز وجل- أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً)).
قال: قلت: يا رسول الله! أفلا أبشر الناس؟ قال: ((لا تبشرهم فيتكلوا)).
رواه البخاري في مواضع من صحيحه منها(3/1049رقم2701) ومسلم(1/58رقم30).
وهذا فيه بيان تواضعه –صلى الله عليه وسلم- وبيان أنه يشرع تسمية الدواب ، وأن اسم حماره –صلى الله عليه وسلم- عفير ويقال له : يعفور ، وقيل هو غيره والله أعلم.
ومنها: عن أنس بن مالك-رضي الله عنه- قال: قيل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: لو أتيت عبد الله بن أبي.
قال: فانطلق إليه ، وركب حماراً ، وانطلق المسلمون -وهي أرض سبخة- فلما أتاه النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إليك عني ، فوالله لقد آذاني نتن حمارك !
قال: فقال رجل من الأنصار : والله لحمار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أطيب ريحا منك .
قال: فغضب لعبد الله رجل من قومه ، قال: فغضب لكل واحد منهما أصحابه. قال: فكان بينهم ضرب بالجريد وبالأيدي وبالنعال . قال: فبلغنا أنها نزلت فيهم : {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} .
رواه البخاري(2/958رقم2545) ومسلم(3/1424رقم1799) في صحيحيهما.

## وفي هذا الحديث فوائد عديدة منها: تواضعه –صلى الله عليه وسلم- وحرصه على الدعوة إلى الله وتأليف القلوب .
وفيه جواز الرد على المسيء بمثل إساءته ، وفيه بيان ما كان عليه عبد الله بن أبي المنافق من سوء الأدب وسوء الخلق والتكبر .
ولقد فضل الأنصاري –وأقره النبي صلى الله عليه وسلم – ريح حمار الرسول –صلى الله عليه وسلم- على ريح ذاك المنافق عبد الله بن أبي .
ففيه تفضيل الحمار على المنافق ووجهه :

## أن الحمار باق على فطرته وخلقته التي خلقه الله عليها بخلاف المنافق فإنه منْتكس الفطرة ، حاد عن الفطرة التي فطره الله عليها ألا وهي الحنيفية وهي الإسلام والتوحيد.
وقد دل القرآن على ذلك . فقال تعالى: {أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا }.
وقال تعالى: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون}.
وانتكاس الفطرة وقع فيه خلاق من أهل القبلة كالجهمية والمعتزلة والخوارج والمرجئة والقدرية والرافضة والباطنية وغيرهم من أهل البدع والانحراف .
ومن انتكاس الفطرة : أن الله عز وجل فطر الخلق على معرفته وتوحيده (وهو الإسلام) .
قال تعالى: {فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها}
يفسره قوله –صلى الله عليه وسلم-: ((كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)) .
وفي "صحيح مسلم" قال –صلى الله عليه وسلم-: ((إني خلقت عبادي كلهم حنفاء وإن الشياطين أتتهم فاجتالتهم عن دينهم)) الحديث .
وبعث الله الرسل –عليهم السلام- لإحياء هذه الفطرة ولرد من انتكست فطرته .
وتوحيد الله هو إفراده بالعبادة وحده دون سواه ، وإثبات ما له –عز وجل- من الأسماء الحسنى والصفات العلى .
وقد انتكست فطر كثير من الخلق في هذا التوحيد .
والذي أركز عليه في هذا المقال هو انتكاس فطر كثير من الخلق فيما يتعلق بصفات الله عز وجل .
فإن من أجل صفات الله عز وجل ومن أكثرها توارداً في الكتاب والسنة : صفة علو الله على خلقه .

## وعلو الله على خلقه له معان ثلاثة –كلها ثابته في الكتاب والسنة- وهي: علو الذات ، وعلو القدر ، وعلو القهر .
وقد أجمعت الطوائف على إثبات علو القدر وعلو القهر .
وانتكست فطر طوائف كثيرة من الناس فأنكروا علو الذات الإلهية .

وقد دل على علو الذات الإلهية : الكتاب والسنة والإجماع والعقل وهو موافق للفطرة السوية .

أما الكتاب: فقد تنوعت الأدلة الواردة في القرآن الكريم في الدلالة على إثبات علوه عز وجل على خلقه علو ذات منها:
النوع الأول: أن الله عز وجل سمى نفسه بِـ"العلي" وَ "الأعلى" وأسماء الله عز وجل تتضمن صفاته عز وجل .
والقاعدة السلفية: (أسماء الله أعلام وأوصاف) .
فاسم "العليم" دال على صفة العلم دلالة تضمن .
وكذلك اسم "العلي" وَ"الأعلى" دالان على صفة العلو .

النوع الثاني: إثبات استواء الله –عز وجل- على عرشه .
وقد جاء هذا في سبعة مواضع في كتاب الله جل وعلا .
# منها: قوله تعالى في سورة "طه" : {الرحمن على العرش استوى}.
والاستواء في لغة العرب إذا عدي بحرف الجر "على" كان بمعنى علا وارتفع .
وقد عطل الجهمية الملاحدة صفة الاستواء وأولوها بمعنى السيطرة والاستيلاء .
وكأن الله كان له مغالب فغلبه الله واستولى على العرش !!
تعالى الله عما يقول الملاحدة المشبهة المعطلة علواً كبيراً .
النوع الثالث: إثبات فوقيته تعالى .
قال تعالى عن الملائكة : {يخافون ربهم من فوقهم}.
النوع الرابع: التصريح بصعود الكلم الطيب إليه .
قال تعالى: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}.
النوع الخامس: التصريح برفع بعض الأشياء إليه .
قال تعالى عن عيسى –عليه السلام-: {بل رفعه الله إليه} وقال تعالى: {إذا قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا} الآية
إلى آخر الأنواع الدالة على علو الله على خلقه وهي كثيرة جداً ولولا خشية الإطالة لذكرتها كلها .
ولقد ذكر بعض العلماء أن في القرآن الكريم أكثر من ألف دليل على علو الله وأوصلها بعضهم إلى ألفين .

بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-: [فهذا كتاب الله من أوله إلى آخره ، وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم- من أولها إلى آخرها ، ثم عامة كلام الصحابة والتابعين ثم كلام سائر الأئمة: مملوء بما هو نص وإما ظاهر في أن الله سبحانه وتعالى هو العلي الأعلى وهو فوق كل شيء ، وعلي على كل شيء ، وأنه فوق العرش ، وأنه فوق السماء مثل قوله تعالى: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} ، وقوله تعالى:{إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي} ، وقوله تعالى: {بل رفعه الله إليه} ، وقوله تعالى: {ذي المعارج تعرج الملائكة والروح إليه} ، وقوله تعالى: {يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه} ، وقوله تعالى: {يخافون ربهم من فوقهم} ، وقوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات} ، وقوله تعالى:{إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إلا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين * ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين} ، وقوله تعالى: {إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون} ، وقوله تعالى: {تنزيلا ممن خلق الأرض والسموات العلى* الرحمن على العرش استوى} ، وقوله تعالى : {وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيراً * الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسئل به خبيراً} ، وقوله تعالى: {هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير} ، فذكر عموم علمه ، وعموم قدرته ، وعموم إحاطته ، وعموم رؤيته ، وقوله تعالى:{ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور * أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً فستعلمون كيف نذير} ، وقوله تعالى: {تنزيل من حكيم حميد} ، وقوله تعالى: {تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم} إلى أمثال ذلك مما لا يكاد يحصى إلا بكلفة] انتهى كلام شيخ الإسلام –رحمه الله- .

وأما الأدلة من السنة المطهرة فهي كثيرة جداً لا تكاد تحصى :
## منها: الحديث المتواتر في قصة الإسراء والمعراج ، وتجاوز النبي السموات سماء سماء حتى انتهى إلى ربه تعالى ، فقربه ، وأدناه ، وفرض عليه الصلوات خمسين صلاة ، فلم يزل بين موسى عليه السلام ، وبين ربه تبارك وتعالى ، وينزل من عند ربه -تعالى- إلى عند موسى فيسأله كم فرض عليك؟ فيخبره ، فيقول: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فيصعد إلى ربه فيسأله التخفيف.
## ومنها: ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله: ((لما خلق الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش إن رحمتي تغلب غضبي))
## ومنها: ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قام فينا رسول الله بخمس كلمات فقال: ((إن الله لا ينام ، ولا ينبغي له أن ينام ، يخفض القسط ويرفعه ، ويرفع إليه عمل الليل قبل النهار ، وعمل النهار قبل الليل ، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه)).
## ومنها : ما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم -وهو أعلم- كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون وآتيناهم وهم يصلون)).
إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على علو الله على خلقه .

أما الإجماع:
فقد أجمع المسلمون من الصحابة ومن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا على أن الله فوق خلقه ، عال عليهم بذاته وقدره وقهره ، بائن منهم ، وأنه تعالى مستو على عرشه ، وأنه مطلع على خلقه وهو معهم بعلمه لا تخفى عليه خافية –سبحانه وتعالى.
قال الإمام أبو عمرو الطلمنكي في كتابه في الأصول: [ أجمع المسلمون من أهل السنة على أن الله استوى على عرشه بذاته].
وقال-أيضا- : [أجمع أهل السنة على أنه تعالى استوى على عرشه على الحقيقة لا على المجاز ، ثم ساق بسنده عن مالك قوله: الله في السماء وعلمه في كل مكان ]
ثم قال: [وأجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله تعالى : {وهو معكم أينما كنتم} ونحو ذلك من القرآن ؛ بأن ذلك علمه ، وأن الله فوق السموات بذاته ، مستو على عرشه كيف شاء ].
وقال الإمام إسماعيل بن محمد التيمي الأصبهاني في كتاب "الحجة في بيان المحجة" : [وزعم هؤلاء أنه لا يجوز الإشارة إلى الله سبحانه بالرؤوس والأصابع إلى فوق فإن ذلك يوجب التحديد!
وقد أجمع المسلمون أن الله سبحانه العلي الأعلى ، ونطق بذلك القرآن ، فزعم هؤلاء أن ذلك بمعنى علو الغلبة لا علو الذات !
وعند المسلمين أن لله -عز وجل- علو الغلبة والعلو من سائر وجوه العلو ؛
لأن العلو صفة مدح ، فنثبت أن لله تعالى : علو الذات وعلو الصفات وعلو القهر والغلبة.
وفي منعهم الإشارة إلى الله -سبحانه وتعالى- من جهة الفوق خلاف منهم لسائر الملل ؛ لأن جماهير المسلمين وسائر الملل قد وقع منهم الإجماع على الإشارة إلى الله سبحانه وتعالى من جهة الفوق في الدعاء والسؤال ، واتفاقهم بأجمعهم على ذلك حجة ، ولم يستجز أحد الإشارة إليه من جهة الأسفل ولا من سائر الجهات سوى جهة الفوق] إلخ كلامه –رحمه الله-
روى ابن أبي حاتم في "كتاب السنة" عن سعيد بن عامر الضبعي-رحمه الله- أنه ذكر عنده الجهمية فقال: هم شر قولاً من اليهود والنصارى ، وقد أجمع أهل الأديان مع المسلمين على أن الله على العرش ، وقالوا هم : ليس على العرش شيء! .
وقد نقل الإجماع جماعة من الأئمة أكتفي بما سبق نقله ، ومن أراد الاستزاده فليرجع إلى:
# الفتوى الحموية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية .
# العلو للعلي العظيم للإمام الذهبي .
# اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية .
# إثبات علو الله على خلقه والرد على المخالفين للشيخ أسامة القصاص –رحمه الله-.

أما العقل فقد دل دلالة يقينية على علو الله عز وجل علو ذات وقهر وقدر .
وفي إثبات دلالة العقل طرق أذكر منها طريقة واحدة وهي ما ذكره شيخ الإسلام –رحمه الله- في الفتوى الحموية(ص/44-47) حيث قال –رحمه الله- : [وبالاضطرار يعلم كل عاقل أن من دل الخلق على أن الله ليس على العرش ، ولا فوق السموات ونحو ذلك بقوله : {هل تعلم له سمياً} ، لقد أبعد النُّجعة ، وهو إما ملغز وإما مدلس لم يخاطبهم بلسان عربى مبين !!
ولازم هذه المقالة : أن يكون ترك الناس بلا رسالة خيراً لهم فى أصل دينهم ؛ لأن مردهم قبل الرسالة وبعدها واحد [يعني: العقل] ، وإنما الرسالة زادتهم عمى وضلالة!!
يا سبحان الله! كيف لم يقل الرسول –صلى الله عليه وسلم- يوماً من الدهر ، ولا أحد من سلف الأمة: هذه الآيات والأحاديث لا تعتقدوا ما دلت عليه ، ولكن اعتقدوا الذى تقتضيه مقاييسكم ، أو اعتقدوا كذا وكذا ؛ فانه الحق ، وما خالف ظاهره فلا تعتقدوا ظاهره ، أو انظروا فيها فما وافق قياس عقولكم فاعتقدوه ، وما لا فتوقفوا فيه أو أنفوه !!
ثم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قد أخبر أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة ، فقد علم ما سيكون ، ثم قال: ((إنى تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا ، كتاب الله)).
وروي عنه أنه قال فى صفة الفرقة الناجية: ((هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابى)).
فهلا قال: من تمسك بالقرآن ، أو بدلالة القرآن ، أو بمفهوم القرآن ، أو بظاهر القرآن فى باب الاعتقاد فهو ضال! وإنما الهدى رجوعكم إلى مقاييس عقولكم ، وما يحدثه المتكلمون منكم بعد القرون الثلاثة -فى هذه المقالة- !!
وان كان قد نبغ أصلها فى أواخر عصر التابعين .
ثم أصل هذه المقالة -مقالة التعطيل للصفات- انما هو مأخوذ عن تلامذة اليهود والمشركين وضلال الصابئين…] إلخ كلام شيخ الإسلام –رحمه الله-.
وقد جاءت الفطرة موافقة للكتاب والسنة والإجماع والعقل .
فكل الناس مفطورون على علو الله علو ذات وقهر وقدر ، ألا ترى أنهم يتجهون عند دعائهم وتنفيس كرباتهم إلى جهة العلو ؟!!
بل الطفل الصغير إذا سئل : أين الله ؟ أجاب بالإشارة أو الكلام بأنه عز وجل فوق !
بل الحمير تعرف ذلك وكذلك البقر بل وجميع الحيوانات والبهائم تعرف ذلك بفطرتها .
وهذا الذي فطر عليه الإنس وجميع الحيوانات تنكب عنه الجهمية وغيرهم من المشبهة المعطلة فأنكروا علو الله على خلقه علو الذات.
فعجباً لقوم هبطوا إلى درجة علت عليها الحمير!!
لذلك فالحمير –مع أنها بهائم – أفضل من كثير من مدعي التحقيق والتحرير من المتكلمين والمتفلسفين من الجهمية والمعتزلة والإباضية ونحوهم من أهل البدع .

نعود إلى ذكر الأحاديث التي ذكر فيها ركوب النبي -صلى الله عليه وسلم للحمار .
فأنبه إلى أن ثمة أحاديث صحيحة سيرد ذكرها في ذكر المواضع التي ورد ذكر الحمار فيها من السنة النبوية.
بهذا يكون انتهى الكلام عن الآية الأولى التي ذكر فيها الحمار .
في الحلقة القادمة سيكون الكلام عن المواضع الأخرى التي ورد فيها ذكر الحمار في القرآن الكريم .
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

كتبه : أبو عمر أسامة بن عطايا بن عثمان العتيبي الفلسطيني

http://www.saaid.net/muslm/5-1.htm

وليد الروساء
12/03/2008, 04:24 AM
عقيدة محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ذكرها في رسالة مقتضبة جواباً على سؤال هو :

ما هي عقيدتك؟ فرد رحمه الله قائلاً :

أشهد الله ومن حضرني من الملائكة وأشهدكم أني أعتقد بما اعتقدته الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت ، والإيمان بالقدر خيره وشره ، ومن الإيمان بالله الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ، بل أعتقد أن الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، فلا أنفي عنه ما وصف به نفسه ولا أحرف الكلم عن مواضعه
ولا ألحد في أسمائه وآياته ، ولا أكيّف ، ولا أمثل صفاته تعالى بصفات خلقه لأنه تعالى لا سميَّ له ولا كفؤ له ، ولا ند له ، ولا يقاس بخلقه فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره وأصدق قيلاً وأحسن حديثاً فـنـّزه نفسه عمّا وصفه به المخالـفـون من أهل التكييف والتمثيل : وعمّا نفاه عنه النافون من أهل التحريف والتعطيل فقال : (سبحان ربك رب العزة عما يصفون . وسلام على المرسلين . والحمد لله رب العالمين ) . والفرقة الناجية وسط في باب أفعاله تعالى بين القدرية والجبرية ، وهم في باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية ، وهم وسط في باب الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة ، وبين المرجئة والجهمية ، وهم وسط في باب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الروافض والخوارج .
وأعتقد أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود ، وأنه تكلم به حقيقة وأنزله على عبده ورسوله وأمينه على وحيه وسفيره بينه وبين عباده نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وأومن بأن الله فعال لما يريد ، ولا يكون شيء إلا بإرادته ، ولا يخرج شيء عن مشيئته ، وليس شيء في العالم يخرج عن تقديره ولا يصدر إلا عن تدبيره ولا محيد لأحد عن القدر المحدود ولا يتجاوز ما خط له في اللوح المسطور .
وأعتقد الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت ، فأومن بفتنة القبر ونعيمه ، وبإعادة الأرواح إلى الأجساد ، فيقوم الناس لرب العالمين حفاة عراة غرلاً تدنوا منهم الشمس ، وتنصب الموازين وتوزن بها أعمال العباد فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ، وتنشر الدواوين فأخذ كتابه بيمينه وأخذ كتابه بشماله .
وأومن بحوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بعرصة القيامة ، ماؤه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل آنيته عدد نجوم السماء من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً ، وأومن بأن الصراط منصوب على شفير جهنم يمر بها الناس على قدر أعمالهم .
وأومن بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه أول شافع وأول مشفع ، ولا ينكر شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أهل البدع والضلال ، ولكنها لا تكون إلا من بعد الإذن والرضى كما قال تعالى : ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) وقال تعالى (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) وقال تعالى (وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى) . وهو لا يرضى إلا التوحيد ، ولا يأذن إلا لأهله ، وأما المشركون فليس لهم من الشفاعة نصيب ، كما قال تعالى : ( فما تنفعهم شفاعة الشافعين ) .
وأومن بأن الجنة والنار مخلوقتان ، وأنهما اليوم موجدتان ، وأنهما لا يفنيان ، وأن المؤمنين يرون ربهم بأبصارهم يوم القيامة كما يرون القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته .
وأومن بأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والمرسلين ، ولا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته ويشهد بنبوته ، وأن أفضل أمته أبو بكر الصديق ، ثم عمر الفاروق ، ثم عثمان ذو النورين ، ثم علي المرتضى ، ثم بقية العشرة ، ثم أهل بدر ، ثم أهل الشجرة أهل بيعة الرضوان ، ثم سائر الصحابة رضي الله عنهم .
وأتولى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذكر محاسنهم وأرتضى عنهم وأستغفر لهم وأكف عن مساويهم و أسكت عما شجر بينهم وأعتقد فضلهم عملاً بقوله تعالى : ( والذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم) . وأترضى عن أمهات المؤمنين المطهرات من كل سوء ، وأقر بكرامات الأولياء و ما لهم من المكاشفات ، إلا أنهم لا يستحقون من حق الله تعالى شيئا ولا يطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله ، ولا أشهد لأحد من المسلمين بجنة ولا نار إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكني أرجوا للمحسن وأخاف على المسيء ، ولا أكفر أحدا من المسلمين بذنب ، ولا أخرجه من دائرة الإسلام ، وأرى الجهاد ماضيا مع كل إمام برا كان أو فاجرا وصلاة الجماعة خلفهم جائزة ، والجهاد ماض منذ بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى أن يقاتل آخر هذه الأمة الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل ، وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برهم وفاجرهم مالم يأمروا بمعصية الله ، ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبت طاعته ، وحرم الخروج عليه وأرى هجر أهل البدع ومباينتهم حتى يتوبوا ، وأحكم عليهم بالظاهر وأكل سرائرهم إلى الله . وأعتقد أن كل محدثة في الدين بدعة .
وأعتقد أن الإيمان قول باللسان وعمل بالأركان واعتقاد بالجنان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وهو بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، وأرى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ما توجبه الشريعة المحمدية الطاهرة .
فهذه عقيدة وجيزة حررتها وأنا مشتغل البال لتطلعوا على ما عندي والله على ما نقول وكيل .
ثم لا يخفى عليكم أنه بلغني أن رسالة سليمان بن سحيم قد وصلت إليكم وأنه قبلها وصدقها بعض المنتمين للعلم في جهتكم والله يعلم أن الرجل افترى علي أمورا لم أقلها ولم يأت أكثرها على بالي . ( فمنها ) قوله : إني مبطل كتب المذاهب الأربعة ، وإني أقول إن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء وإني أدعي الإجتهاد ، وإني خارج عن التقليد وإني أقول إن اختلاف العلماء نقمة ، وإني أكفر من توسل بالصالحين ، وإني أكفر البوصيري لقوله يا أكرم الخلق ، وإني أقول لو أقدر على هدم قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهدمتها ، ولو أقدر على الكعبة لأخذت ميزابها وجعلت لها ميزابا من خشب ، وإني أحرم زيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم وإني أنكر زيارة قبر الوالدين وغيرهما ، وإني أكفر من حلف بغير الله ، وإني أكفر ابن الفارض وابن عربي ، وإني أحرق دلائل الخيرات وروض الرياحين وأسميه روض الشياطين .
جوا بي عن هذه المسائل أن أقول : سبحانك هذا بهتان عظيم ، وقبله من بهت محمدا صلى الله عليه وسلم أنه يسب عيسى بن مريم ويسب الصالحين فتشابهت قلوبهم بافتراء الكذب وقول الزور ، قال تعالى : ( إنما يفتري الكذب الذي لا يؤمنون بآيات الله) الآية . بهتوه صلى الله عليه وسلم بأنه يقول إن الملائكة وعيسى وعزيرا في النار ، فأنزل الله في ذلك : ( إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ) .
وأما المسائل الأخر وهي أني أقول لا يتم إسلام الإنسان حتى يعرف معنى لا إله إلا الله وأني أعرف من يأتيني بمعناها وأني أكفر الناذر إذا أراد بنذره التقرب لغير الله وأخذ النذر لأجل ذلك ، وأن الذبح لغير الله كفر والذبيحة حرام ، فهذه المسائل حق وأنا قائل بها ، ولي عليها دلائل من كلام الله وكلام رسوله ، ومن أقوال العلماء المتبعين كالأئمة الأربعة ، وإذا سهل الله تعالى بسطت الجواب عليها في رسالة مستقلة إن شاء الله تعالى .
ثم اعلموا وتدبروا قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة ) الآية .

السؤال : هل في رده رحمه الله تجسيم أو تعطيل أو تشبيه أو تمثيل كما يدعي البعض ؟ ، جل وعلا ليس كمثله شيء...