المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السرقات الأدبية.. سرقة الأدمغة...... بقلم/ سمير الأمير



سمير الأمير
13/03/2008, 12:40 AM
السرقات الأدبية.. سرقة الأدمغة
بقلم/ سمير الأمير


كثيرا ما أتساءل عن ماهية شعور سارقى الأعمال الأدبية والفكرية حين يرون أسماءهم منشورة إلى جوار أعمال لم يكتبوها. هل ينتابهم إحساس بالضآلة والدونية كونهم يعرفون أنهم يختبئون خلف الجدران العالية لأبنية شيدها غيرهم؟ أم هل يتوهمون كذباً واغتراباً أنهم أصحاب تلك الأعمال ومبدعوها؟ ربما كان الاحتمال الأخير صحيحاً فبعض هؤلاء لديه الاستعداد للتشبث بما انتحله من غيره أكثر من صاحب العمل الحقيقى الذى قد يخجل من أن يقول أن العمل المنشور باسم فلان هو عمله لأن هذا( الفلان) قد يكون قد حقق من الشهرة ما يمنحه حصانة تشبه تماما تلك الحصانة التى تمنع رجال الشرطة من ملاحقة اللصوص الذين أصبحوا أعضاء فى البرلمان،
وفى فوضى النشر التى نعيشها فى الوطن العربى يصعب على المرء أن يجد الوقت لتأمل مسيرة كاتب معين لمعرفة إن كان ما يكتبه هو نتاج طبيعى لتطوره ومواقفه أم أنه أنتحله لكى يبدو عملاقا وكبيرا بغض النظر عن شعوره هو نفسه بد ونيته إن كان ثمة شعور لدى هذا النوع من البشر؟ وقد لاحظت أيضاً أن مهنة الكتابة قد أصابها ما أصاب جوانب الحياة الأخرى فى المجتمعات العربية من سيطرة لغير الموهوبين على منافذ النشر وهؤلاء فتحوا الطريق أمام منتحلى الأدب وسارقى الأعمال الفكرية لتحقيق الشهرة التى أعطتهم حصانة تجعل من مجرد اتهامهم أمرا بالغ الصعوبة( وعلى رأى المثل البيض الممش بيدحرج على بعضه"
بل أحياناً ما تكون الشهرة كبيرة بحيث تبدو فضيحة السرقة مجرد غبار على مرآة لامعة لا يلبث أن يزول بفعل اللقاءات التلفزيونية والأحاديث الإذاعية والصحفية وسطوة الإعلام الذى يجعل من (البوصة عروسة) وأذكر هنا كيف كتب صحفى عن فضيحة انتحال عمل أدبى مشهور للشاعر كامل الشناوى من قبل نجم من نجوم الكتابة فى عصر الخصخصة السعيد وكانت المسألة فى غاية الوضوح لأن الكاتب كان يورد عبارة من كتاب كامل الشناوى ثم يورد العبارة المنتحلة للكاتب المسرحى والسيناريست المعروف فلا تجد اختلافا يذكر إلا من قبيل الاختلاف بين عبارة" فحملت همومى ورحلت حزينا" وعبارة" وحملت همومى ورحلت مكتئباً" وكان هذا الأمر مستمراً حتى نهاية كتاب السارق بمعنى أنه لم يكتف بأجزاء معينه بل جعله جشعه ينتحل الكتاب كله، كانت الصحيفة التى نشرت الفضيحة حكومية وبالتالى توقعت أن يثير المقال ضجة كبيرة ولكن الضجة التى تخيلتها لم تحدث إلا فى داخل أصحاب النفوس المريضة من أمثالى الذين يبحثون عن جنازة ليشبعوا فيها لطم ومازال الكاتب الهمام يتمتع بشهرة تجعلنى أخشى أن أذكر حتى أمام أمى أنه سارق لأعمال غيره لأن " أم سمير" تعتبره نموذجا كان ينبغى على ابنها -الذى هو أنا- أن يحذو حذوه ويصبح مشهورا مثلهً لكى يرفع رؤوسهم فى البلد، بل أنها اتهمتنى أنا بمحاولة التشهير به بدافع الحقد عليه وعلى شهرته مما جعلنى فى حيرة من أمرى إن كانت " الست دى أمى أم أمه ؟"
و وربما كان لاتساع مساحة الوطن العربى الجغرافية ولامتداد الصحراء العربية بين المشرق العربى والمغرب العربى ولوجود قطيعة معرفية نسبية بين الجانبين أثره فى تسهيل مهمة بعض منتحلى الأدب من المشرقيين الذين يسطون على المقالات النقدية لإخوانهم المغاربة وقد أدهشنى أن أحدهم نقل مقالاً كاملاً لأكاديمى مغربى دون أن يكلف نفسه حتى عناء تغيير العنوان أو استبدال كلمة بأخرى لها نفس المعنى وذلك حرصاً منه على عدم إضاعة وقته الثمين فهو ينشر مقالا كل يوم وليس لديه الوقت حتى لإتقان عملية الانتحال.

من المثير للسخرية أن بعض الأغبياء والحمقى من هؤلاء اللصوص قد وجد فى الانترنت مجالاً متسعاً للسطو على أعمال الآخرين المنشورة فى المواقع المختلفة ونشرها فى الصحف الورقية معتمدين على أن العدد الهائل للإصدارات اليومية والأسبوعية يجعل من الصعب على المحررين والقراء اكتشاف تلك السرقات لأنه لا أحد يتوقف لكى يشك فى أصالة ما يقدم له من أعمال نظراً لضيق الوقت وإلحاح الحاجة لملأ الصفحات التى تجاوز عددها فى الصحف أعداد السكان!!! ولكن الأمر أيضا له جانب مختلف تماما لأن الانترنت الذى جعل الإنتاج الابداعى والأدبى متاحاً أمام الجميع وبدا أنه سهل للصوص الأدب مهمتهم الجليلة! هذا الانترنت هو نفسه الذى سهل أيضاً للقلقين والمتشككين من أمثالى عملية التأكد من صدقية الأسماء المنشورة مع النصوص إذ يكفى أن تضع بعض عبارات من العمل الأدبى أو الفكرى على أى موقع بحث لتحصل فى ثوانى معدودة على نتيجة سلبية أو إيجابية بخصوص العمل الفكرى موضوع البحث، بل أن الأمر تطور فى الغرب إلى درجة أن هناك برامج ذكية مصممة خصيصاً لمقارنة النصوص ومن ثم اكتشاف اللصوص وتلك البرامج تستخدمها كبرى الصحف ودور النشر تجنباً لأخطاء تكلفها ملايين الدولارات لتعويض أصحاب الأعمال التى تم انتحالها حيث تؤخذ تلك القضايا فى الغرب على محمل الجد ولا يتم التسامح حيالها الأمر الذى يبدو مختلفاً فى بلادنا السعيدة، وقد حدث منذ سنتين أن استشرت كاتباً مشهورا فيم ينبغى علىّ فعله إذ كنت قد اكتشفت أن أحد معارفى من الكتاب يسطو على إبداعات الآخرين مما سبب لى أزمة نفسية جعلتنى أتشكك فى كثير مما أقرأه فما كان من الكاتب الكبير أن عنفنى قائلاً أن هذا أمراً لا يعنينى من قريب أو بعيد وأنه طالما لم يلحق بى ضرراً شخصياً فإن علىّ أن أدع الخلق للخالق وأن أقصى ما يمكننى فعله هو أن أنصح هذا المنتحل ألا يفعل ذلك مرة أخرى!
إن الأمر جد خطير والدليل على ذلك أنه أصاب البحث العلمى فأصبحنا نسمع عن الأبحاث المسروقة فى الجامعة ولم لا؟ إذا كان أساتذة الجامعة فى أقسام اللغات الأجنبية يقومون بتصوير كتب النقاد الأجانب وبيعها للطلاب بعض وضع أسمائهم عليها دون أدنى خجل، فهل يمكن القول أن مجتمعاتنا لديها قابلية للتسامح مع الانتحال والغش أم أن الناس يعتبرونها قضية من قضايا الترف التى لا مجال للتركيز عليها فى ظل التداعى العام لقيم المجتمع وأسس الاجتماع على كافة الأصعدة؟

نادين عبد الله
14/03/2008, 01:57 AM
من المؤسف جدا أن توجد في مجتمعاتنا مثل هذه الجرائم الأخلاقية
التي لا تمت الى الأدباء ، والشعراء ، والعلماء الحقيقيين في شيئ
إنها نفوس مرضى ، يستهويها التلصص على الآخر، والوصول على حسابه
كفانا الله شرها ونيرانها
سلمت يمينك على هذا الموضوع الأكثر من رائع

زاهية بنت البحر
14/03/2008, 05:54 AM
لصوص الفكر كثر أخي المكرم وأنا عندي هواية بكشفهم وقمت فعلا بذلك في عدة مواقع عندما وجدت آخرين يتلقون التهنئة على بعض قصائدي ويشكرون المهنئين .ولكن ماأحزنني أن شاعرًا معروفًا سرق لي وأقول سرق ولن أقول انتحل لي بيتًا كتبته بيدي وفكري وكنت أستشير ابنتي خريجة الأدب العربي في أي الكلمات أنسب هذه أم هذه أم هذه وكان بيتًا جميلا جدا أذكر بأنني رديت به على قصيدة لأخي المكرم شاعرنا الكبير د.جمال مرسي، ولكن وجدت البيت نفسه بعد مدة بدون تغيير أي حرف فيه في قصيدة لهذا الشاعر ولم أعاتبه وما زلت أبحث عن المكان الذي كتبته فيه ردا ولم أعثر عليه لكثرة الردود، وهنا من القصص ماتسرق الفكرة مني ولكنها تفضح السارق أمام ذوي الوعي والفهم والاطلاع .وشاعر آخر ضبطه منتحلا قصيدة لشاعر قديم ولكن بتغيير حرف العطف الواو بالفاء . وقررت يومها أن أكتب عن السرقات الأدبية وأنشر ماأعلمه بهذا الشأن ولكن ظروفي الآن لاتسمح لي بذلك رغم وجود الفكرة الملح، وسأحضر لها قريبًا بإذن الله فعندي من الشواهد الكثير .مما أذكره أنني قرأت لك ردا يوما أخي المكرم سمير بأنك تعرضت أيضًا لسرقة بعض أشعارك وأن هناك من يغنيها باسم شاعر آخر. السرقة داء أصاب الفكر كما أصاب الأشياء الأخرى، ويحق عليه الحد والله أعلم .حسبنا الله ونعم الوكيل.
أختك
بنت البحر

الحاج بونيف
14/03/2008, 12:14 PM
شكرا أخي الفاضل على تناولك هذا الموضوع، والكثير من الشعراء والكتاب يحجمون على نشر أعمالهم في النت خوفا من هؤلاء اللصوص..
نسأل الله أن يحفظنا منهم، وأن يهدينا وإياهم إلى طريقه المستقيم.
خالص التقدير والتحية.:fl: