المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بكائية شاعرة / بقلم د. عائشة الرازم



عائشة الخواجا الرازم
13/03/2008, 10:19 PM
بكائية شاعرة
بقلم : د. عائشة الخواجا الرازم
من يقول أن الشعر يستطيع احتمال نزعات الحقد والغل والحسد ؟؟ ومن يثبت أن أي شاعر صادق يستطيع أن يستمع لقول السوء والسواد ضد أي إنسان ينسحب في لهاثه اليومي أو حتى صراعه الدامي تجاه الكلمة أو ذرة التراب النابتة في الأرض التي يخطو عليها بقدمين ساريتين ؟؟ ؟؟
فالشعر لا يمكن أن يسمح بتردي الحالة المتردية أكثر مما هي عليه !! لأنه لم ينبت نبتة شيطانية لا تعتني إلا بنفسها ، فيجلس على عتبات الدار بمكنسة الجن مرعباً أهل الديرة ..... لا ... فالشعر أداة التأويل والتسويغ الناعم للخشونة حتى تفيء الأخشاب الجافة في القلوب وتلين ببعض النجيع !!
الشعر عزاء الأمهات بأن في الولادة صرخة انفراجاً مهما طال المخاض والوجع الثمين ! وهو المنبه السامق في فجر الأحزان لبكائيات النساء الفاقدات ، فيوفي الممدد على النعش حقه ، ومن لم ينل كلمة الشعر في المواساة من أهل النحيب ينكسر غضبه في الصدر ويمرض إلى حين ، فهو الشفاء من رنين العصب المشدود ... ! وكم في الرحيل يوصي المودع بالكلام الموزون، لكي يقال كان هنا رجل الحلبة السباق للفرح والبسمة النائية !! أو كان هنا بطل لم ينل رضا الأرض بلا دماء رأسه المشجوج على الروض ... فارتوت الأرض واهتزت وأخصبت .. وكان هنا شاب يمرع الحاجة فتوة وغاب طيراً بجناحين مرفرفين عن الأهل وظل يغني.. فمن يغني للرائحين والراحلين والآيبين والمجروحين ؟؟
من يغني لهم ويحملهم في نبض العقول ذاكرة كتب الله لها ألا تمحي في ثياب الشجر ؟؟ ؟؟
الشعر منزلة اليقظة في طريق السارقين لموائد الفقراء الذين يملأون بطونهم بسمن السموم ، وبفحش الغنى المقتر الكلام !!

الشعر هو النزق المستفيد من مناسبات التحريض على الثورة فجراً وقبل كل الطقوس، وهو المزغرد للثوار حين يقودون طوابير العربدة ضد الطغاة.. ! فيفلتهم ليؤدوا الأمانات ويمسكهم ليثبتوا الأنات بعد العودة المؤزرة .. ! يغني لهم ويرسم لهم الطريق في الرنين ! هو المتجهم في وجه الإعصار الملوث ، الهاجم على الريح في الصراخ والانبعاث في القيظ والنار في أجساد المهلوكين الضعاف .. !
وهو الكمادات الباردة لجبين المريض الميئوس من صحوته فجراً والمريض المرتفع الحرارة في ترويدة التنويم الشعري ! فينام غافلاً عما يكون في صباح من نزعه الأخير .. مجملاً أذنيه بالغناء والبكاء والأنين... حتى لتستقيم فيه الحياة لوهلة ! يتولد فيه الرجاء بالنغم والكلام المتقن في ميزان الرعاة العازفين على الناي ... ! يسمعه يشجو كانهمار مزراب المطر المجاور من على سطح البيت .. ! وهو الجرة والدلف لا يسمعه سوى النيام الملتاعين !!!


الشعر هو الضمادة اللحنية الخالصة لجراح النازفين من الخطائين التوابين ... فهو يتغاضى عن النقد الجارح لشفاههم المرتعشة حين يلثمون الأرض راجين الله ليمنحهم عمراً جديدا...وهو للخائفين وعد بان هناك أملا وأن هناك في ليلهم المدلهم فجراً في نهاية القافية أو وقع الأنين في البيت المعتم !! فيضيء البيوت لكل متأمل ونهم بكلمة اقرأ لتتوب !!
ومن يقرأه يستحسن الوجه البشوش حيث يفخر في الجماعة بأنه صاحب الحكمة !
فيخرج للناس في عز الليل البهيم ليحرسهم بالترنيم على وقع هبوب الريح في البيت المسكون، الشعر يسكن البيوت كما يسكن أي قلب مهما تلون فيه النبض ... نعم .. ولا يسكنه أي قلب ينكر عطفه ولا يعترف بيده الكريمة !! إنه يأخذ المشاة في الليل هؤلاء الذين يمشون وهم نيام يأخذهم إلى سرائره السرية ويستريح بهم على وسائد التراويد !! يغني لهم كي يناموا ورويداً وريداً يتلطف بهم ويرش الترنيمات الباردة حتى يسبل أجفانهم ويناغي آهاتهم ! إلى أن يستغرقوا في نوم غير متوقع ... فجاء الشعر عليهم بترنيم المناداة ونام على أذرعهم المفرطة بالصد !! فهو المتسامح الحنون !
الشعر شفاء المحزون على فراش التروي بالموت ، والشعر هو دواء المجروح على حطب التدفئة المفقودة إلا من دخان البكاء بين الأهل على ملابس الراحلين ودفاتر الأحباب المغادرين للبيت دون رجوع ، حتى ولو للاستحمام من دماء ووعثاء الطريق !!

فواز الجبر
14/03/2008, 10:48 AM
الشعر تعبير عن جرح وطن نازف

وصرخة طفل جائع

وفلاح هدّه السعي خلف رغيف الخبز

وثكلى تنوح على فلذة كبدها الذي سالت دماؤه غدرا

وفتاة حالمة بمستقبل غامض

وحالة من الهيام في عشق نتوهم أنه موجود

الشعر صورة نرسم بها الواقع بمره وحلوه

الشعر مبضع شاعر يشرح به وضعا اجتماعيا

فاسدا أو سياسيا كاسدا

الشعر فن يطرب له من يتذوقه ويعرف قيمته

فهو ديوان العرب الذي لاينضب

ومن معينه نغترف ولا نكتفي

الشعر حالة يعيشها الشاعر لوحده أو مع محيطه

فيجسدها في أعذب كلام وأبلغ تعبير وأجمل صورة

وأشجى نغم.

د. عائشة

لك تحيتي

الهام الزبيدي
14/03/2008, 11:04 AM
:fl::fl::fl:
عزيزتي د. عائشة الرازم
تقولين بكائية.................. وهي قطعة من الروح سطرها لنا قلمك الرقيق وريشة فنانة مبدعه .... احاسيس تلامس القلب و تحليل يغني العقل من هنا يتجسد لنا روعة الرسم بالكلمات ونظم الشعر بالالوان ...........................لك شكري واحترامي :fl::fl::fl:

نظام الدين إبراهيم أوغلو
14/03/2008, 12:32 PM
أختي الكريمة د. عائشة الخواجا الرازم

تحية طيبة

ياأختي عائشة كلامك صحيح ومنطقي وأتفق معك بخصوص ما تقولينه حول الشّعر. وقد تسأليني كيف عرفت أنه صحيح ومنطقي؟ وأجيب، منذ شبابي عموماً أسمع أشعار دينية ووطنية، وأفقد نفسي وأبكي أحياناً وأفرح وحتى أنني أرتاح روحاً وبدناً أيام وليال طوال عند سماعها أحياناً أخرى، ومن بين هذه الأشعار المدح والحماس والنصح والحكمة والفخر والحب والرثاء ونحو ذلك. أمّا الغزل الخليع الماجن والهجاء اللاذع المقذع التي يمس كرامة الإنسان فلا أسمعهم وحتى أنني أكرهم....
لذا أنا معجب بأشعرك الجميلة الهادفة والتي أرتاح إلى قرائتها فأبارك بك وأتمنى لكن من الله تعالى مزيداً من الأشعار المؤثرة والممتازة لشعوبنا المسلمة.

عائشة الخواجا الرازم
14/03/2008, 09:06 PM
أخي العزيز فواز الجبر
واختي الحبيبة إلهام الزبيدي
واخي الغالي د. نظام الدين

لكم مني كلمة غارقة بعطر المحبة .... وطبعاَ الشكر الجزيل لكلماتكم القارئة لكلماتنا الشاعرة في الشعر ... هي هواجس ودموع قلم كسير القلب !!! ويا له القلم الكسير ، فهو قريب من الكلمة الطيبة التي اصلها لا بد ثابت وفرعها في السماء موصوف الدموع !!
عائشة