المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل نحن بحاجة الى الاصلاح والتغيير ؟ .. وكيف ؟



عبدالوهاب محمد الجبوري
17/03/2008, 07:53 PM
هل نحن بحاجة إلى الإصلاح والتغيير؟ .. وكيف ؟
ا.د. إبراهيم خليل العلاف
مركز الدراسات الإقليمية –جامعة الموصل
ليست الدعوات إلى التغيير والإصلاح، التي انطلقت في مطلع الألفية الثالثة بجديدة، وإنما هي قديمة ومنها دعوات الإصلاح التي شهدها العالم في القرن التاسع عشر في روسيا والدولة العثمانية واليابان ومصر. ولكن الدعوة الجديدة ببعدها العولمي أخذت طابعاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، واستندت إلى سلسلة من تقارير التنمية البشرية حول الشرق الأوسط.. ولسنا في هذا الحيز المقتضب في موضع عرض كل الدراسات التي دارت حول موضوع الإصلاح والتغيير في العراق ودول الجوار ولكن لابأس من الإشارة إلى تقرير وضعه لوران مورافيتش المحلل الاستراتيجي في مؤسسة راند للدراسات في العاشر من تموز سنة 2002 وقدمه إلى هيئة السياسة الدفاعية في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ويتكون من أربع وعشرين نقطة تلخص ماوصفه التقرير بأنه الإستراتيجية الكبرى للشرق الأوسط وفيما يتعلق بالعالم العربي، فقد حدد التقرير جملة من الأمور أبرزها انه لامكان في العالم العربي للاجتماع أو التجمع ولا مساحة شعبيته عامة للقاء من اجل تبادل الأفكار، ومناقشة المصالح والسياسات، وان المجاميع القبلية القائمة على السلطة تسد كل الدروب الى التغيير وتقمع كل الداعين إليه، وان ثقافة العنف هي السائدة وهي المسؤولة عما يجري، وان المشكلات الديموغرافية والاقتصادية باتت مستعصية وان الدول العربية كلها، أما دولاُ فاشلة أو مهددة بالفشل، وان التوترات بين العالم العربي والعالم الحديث بلغت ذروتها وان أزمة العالم العربي نتيجة ذلك كله مرشحة للتصدير إلى بقية أنحاء العالم. ومع أن التقرير يغفل دور إسرائيل واحتلالها الأراضي العربية والتدخلات الأميركية المستمرة في الشؤون العربية ، إلا انه يقر بضرورة الإصلاحات التي ينبغي أن تتركز على خمسة محاور هي:
1.الإصلاحات الاقتصادية
2.الانفتاح السياسي
3. تمكين المرأة
4. الإصلاحات الاجتماعية
5.إصلاح التعليم والتربية
وتعتمد الرؤى الإصلاحية تلك على إحصاءات خطيرة تتعلق بالعالم العربي أبرزها أن العالم العربي مثلا يترجم سنويا حوالي 330 كتابا أجنبيا أي مايعادل خمس ماتترجمه دولة مثل اليونان، وان هناك 70 مليوناً لايحسنون القراءة والكتابة، وان الإنسان العربي لايقرأ في المعدل سوى نصف ساعة في السنة، وأن البطالة قد بلغت مستويات عالية تصل الى 60%، وان حصة الدول العربية كلها من الصادرات العالمية، أذا ما استثنينا النفط، لاتمثل حاليا سوى واحد بالمائة من حجم التجارة الخارجية.. وان نسبة طالب الى مدرس، ونسبة مريض الى طبيب، ونسبة مايستهلكه الإنسان العربي من الورق والصابون ومساحيق التنظيف متدنية جدا بل ومخجلة.
هذا فضلا عن سيادة استبداد الحكام وظاهرة التوريث، والسيطرة على وسائل الإعلام، واستخدام التعذيب في السجون، وسجن ذوي الرأي ومعاقبتهم.. وقد ظهرت استجابات متعددة من داخل العالم العربي، على المستوى الرسمي والشعبي وكلها تؤكد أهمية الإصلاح والتغيير حتى ان احد حكام العرب قال بالحرف الواحد "لنحلق رؤوسنا قبل ان يحلقها لنا الآخرون". ويقصد ان الإصلاح والتغيير ينبغي أن يبدأ من الداخل مع الإقرار بحقيقة تاريخية وهي أن الغرب مع انه يرفع دعوات الإصلاح والتغيير منذ القرن التاسع عشر لكنه سرعان مايقف ضد كل حركة نهضة وإصلاح يشهدها العالم العربي. وعلى هذا الأساس فان دعوات الإصلاح والتغيير باتت ضرورية في ضوء التحديات التي نواجهها. كما ان هذه الدعوات بحاجة الى تأصيل الأكاديميين وذوي الفكر والثقافة والسياسة والاجتماع والاقتصاد كما أن لدينا تجارب عالمية في الإصلاح منها التجربة اليابانية والتجربة الماليزية ولنقف قليلاً عند التجربة الماليزية ونستحضر ماقاله مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا الأسبق تحت عنوان:( اليابان معلماً)).. يقول:" من الحكمة أن نتعلم من الناجحين. في الماضي كنا ننظر الى الغرب لأنه كان ناجحاً أكثر من الشرق. بعد الحرب العالمية الثانية رأينا معجزة النجاح الياباني، ووصلنا إلى أن اليابان تملك المعادلة الصحيحة للتنمية السريعة. لقد جعل نهوض اليابان السريع الغرب ينتقد التجربة اليابانية التي تعتمد على المشاركة بين القطاع العام والقطاع الخاص أو مايسميه اليابانيون (اليابان المتحدة). في رأينا هذه الفكرة جيدة، وعليه، فقد جئنا بمفهوم مماثل: "ماليزيا المتحدة". ان الخطط، والتنظيم والمناهج الإدارية، للشركات اليابانية مثال يُستحق أن يحتذى".
وهكذا فأن أي مشروع للنهضة وللتغيير بحاجة إلى دراسة تجارب التحديث الناجحة في العالم، غربا وشرقا، ونعتقد ان فرصة العراق، وفرصة العرب لكي ينهضوا ويتغيروا لاتزال قائمة، فلديهم مقومات النهضة لكنهم يحتاجون إلى الإرادة والشعار الذي ينبغي عليهم اليوم أن يرفعوه هو: (الاقتصاد) و (الإدارة) و (التنمية المستديمة) و (الحكم الراشد) و (الاعتراف بالآخر) وإذا لم يفعلوا ذلك، فليأذنوا بقرب خروجهم من التاريخ.. والله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
*نص الكلمة الافتتاحية التي ألقيت في افتتاح الندوة ال28 التي عقدها مركز الدراسات الإقليمية بجامعة الموصل حول الإصلاح والتغيير في العراق ودول الجوار .