المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دعوة لمناقشة" التطبيع اللغوي بعد السياسي"



Prof. Ahmed Shafik Elkhatib
02/12/2006, 12:09 AM
يسعدني دعوة جميع الأعضاء الكرام المهتمين بعلم اللغة إلى قراءة مقال الدكتور فؤاد بوعلي،ثم مناقشته مناقشة مستفيضة.

والمقال بعنوان: "العربية في الميزان أو البحث عن التطبيع اللغوي بعد السياسي".

وكان د. فؤاد قد نشر مقاله يوم 1/10/2006, وبلغ عدد مشاهَداته نحو 60 مشاهدة, دون أن يحظى برد واحد!

أيها الإخوة والأخوات الأعضاء الكرام:

لدينا أسبوع كامل للقراءة والمناقشة، بعده سننتقل إلى مناقشة موضوع آخر، ولذا فإنني أدعو حضراتكم إلى أن تدلوا بدلائكم في الموضوع المطروح.

وبطبيعة الحال، فإنه يمكنكم الاتفاق أو الاختلاف مع ما يطرحه الموضوع، على أن يوضح صاحب كل مداخلة وجهة نظره بشيء من التفصيل.

كما أحسب أن د. فؤاد –وهو من هو خلقا وعلما- سوف يسعده اهتمامكم بمساهمته، بل والإجابة عما قد يعن لكم من تساؤلات بشأنها.

وفي انتظار تفاعلكم المثمر بإذن الله.

ولكم جزيل الشكر مقدما.

رابط المقال:

http://www.arabswata.org/forums/showthread.php?t=251

د. محمد طاهر حامد
03/12/2006, 03:11 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نشكر بروفيسور أحمد شفيق الخطيب لاقتراحه مناقشة هذا الموضوع فهو اختيار جيد لمقال ممتاز استند فيه أ. فؤاد بوعلي إلى مراجع ومصادر هامة، كما نشكر أ. فؤاد لتكرمه بنشر هذا المقال الذي حجبنا عن قراءته انشغال أبعد عنا المفيد الهام فنرجو المعذرة.
واسمحوا لي بإبداء الملاحظات الآتية:
في البداية يوحي العنوان "هشاشة لغتنا العربية أمام التطور الحضاري، اللغة العربية والناطقون بها في قفص الاتهام" بوجود عوامل داخلية في اللغة لهذه الهشاشة المزعومة، لكن يبدو أن صاحب المقال صلاح الصوباني لا يثير هذه النقطة الجوهرية بالنظر للعنوان الذي اختاره. وبدلا من ذلك استند إلى تصوره المغلوط للتطور التاريخي وهو تصور خاضع لأحكام مسبقة ومفاهيم سياسية مشبوهة لا نريد الحديث عنها.
وقد سبقنا أ. فؤاد في الإشارة إلى أن "المشكلة ليست في اللغة العربية ، وهي غير محنطة نهائيا وإنما الإشكال في الناطقين بها" . كما أجاد حين ذكر سبب الأفضلية التي حظي بها نوع معين من اللغة العربية فأصبح اللسان المثالي الذي يجب المحافظة عليه. ذلك أن هذا اللسان نزل به القرآن الكريم.
ويخطئ صاحب المقال ويناقض أساسيات علم اللغة حين يعتبر المفاهيم الحضارية مرتبطة بالحروف اللاتينية. فالمعروف أن العلا قة بين المفهوم والكلمة محض اعتباطية وأنه لا إشكال في تأدية المفاهيم بأي لغة كانت طالما يتفق الناس على الإشارة إليها بكلمات يختارونها، ثم على كتابتها بحروف يختارونها.
ومن ناحية التعبير عن الذات طالما يصف صاحب المقال العامية بقدرتها على التعبير عن مكنون الإنسان العربي فكيف جاز له أن يسلب هذه الصفة من الفصحى مع أنها كلها لهجات لنفس اللغة؟ زعم صاحب المقال وجود تمزق للشخصية لمجرد أن هناك مجالَي تعبير أحدهما رسمي تصلح له الفصحى والآخر غير رسمي وتصلح له العامية. وهذا أمر ملاحظ في كل اللغات. ولغة الكتابة غالبا تختلف عن لغة التخاطب اليومي. ولم نسمع قبل بأن هذا الاختلاف بين مجالي الخطاب دلالة لتمزق.
كما يخطئ صاحب المقال حين يخلط بين تصور للكون وقيم موجودة لدى الناطقين بلغة معينة من ناحية ووصف لهذه اللغة من ناحية أخرى. فإذا كان تمجيد القديم ورفض الجديد قيمة في المجتمع العربي في حقبة معينة لأسباب تاريخية أقواها الحفاظ على لغة القرآن فإن ذلك ليس مبررا منطقيا لوصف اللغة العربية باللاتاريخية أو الجمود. وفي تقديرنا يتوقف اختيار المجتمع للغة العربية للتعبير بها عن مفاهيم حضارية على عاملين أولهما المكانة التي تتمتع بها العربية في نفوس المتحدثين بها فإذا كانوا يزدرونها مثلا فمن الطبيعي أنهم لن يختاروها ويعدلون عنها إلى الانجليزية التي يرونها أرقى، وثانيهما حاجة المجتمع للتعبير عن مفاهيم جديدة عليه أو الإشارة إلى أشياء مستجدة لديه، فإذا لم تكن لديه حاجة إلى تسمية اكتشاف معين لانعدامه في حياة المجتمع مثلا فإنه لن يسميه، وكل المفاهيم الحضارية إنما تلبي حاجات معينة لدى المجتمع تعين التعبير عنها. لذلك يستدل باللغة على حالة المجتمع الناطق بها. والمجتمعات دائما تتغير وتتطور بمرور الزمن فتتطور اللغات التي تعبر عنها.
ويعكس النص القرآني اللغة السائدة في زمان الاستشهاد (الجاهلية إلى نهاية العهد الأموي أي القرن الثاني الهجري)، كما يعكس اللغة السائدة في مكان الذين يستشهد بهم وهو الجزيرة العربية. وأذكر أني قرأت في ترجمة معاني القرآن إلى الفرنسية والتي قام بها الشيخ حميد الله وليوتورمي أنهما ذكرا أن بعض الآيات تشير إلى حقائق متعلقة بحياة أهل البادية. مثلا في الآيات "وما يستوي الأعمى والبصيرُ ولا الظلُماتُ ولا النورُ ولا الظلُّ ولا الحَرُورُ" (الآيات 19 - 23 من سورة فاطر) أهل البادية يدركون أكثر من غيرهم الاختلاف بين الظل والحر الشديد، ومثل قوله تعالى "أفرأيتُمُ النارَ التي تُورُونَ" (آية 71 سورة الواقعة) أهل البادية هم الذين كانوا "يورون" أي يولدون النار بالاحتكاك، وصنعوا بعد ذلك الزناد. وقد يفسَّر هذا التخصيص في الخطاب القرآني على أنه تأكيد بأن البداوة أقرب إلى الفطرة. ونحن في هذا المقام نبحث عن رأي علمائنا والمتخصصين في التفسير عن إفادة هذين المترجمين اللذين قصدا على ما يبدو تقريب الأمر للمتلقي الفرنسي، والله تعالى أعلم. أما الشواهد التاريخية التي ذكرها أ. فؤاد فهي تؤكد على أن البداوة كان نمط الحياة السائد والأفضل لدى الناطقين بلغة القرآن.
أخيرا نود أن نشير إلى أن ما سماه الأخ أ. فؤاد بوعلي بالقيد المكاني هو في الحقيقة قيد نمط الحياة (البداوة) الذي يختلف عن عامل المكان الوارد في القيد الجغرافي.
ونخلص في هذه الملاحظات إلى أن المقال المعنى على ضوء ما استعرضه أ. فؤاد يفتقر في مواضع كثيرة إلى الموضوعية العلمية، ويهدف في مجمله إلى زعزعة المكانة التي تتمتع بها اللغة العربية في نفوس المتحدثين بها، لكي يتخلوا عنها أو يحصروها في مجالات تعبير محددة ويتقاعسوا عن تطويرها.
وقد سعدنا كثيرا بقراءة التحليل ونكرر شكرنا للأستاذ فؤاد بوعلي لتقديمه.
مع خالص تقديري واحترامي
د. محمد طاهر حامد

دينا سليم
04/12/2006, 02:51 PM
أرحب بالمناقشة فيما بعد,
لأن المناقشة يلزمها الوقت التي تستحقه ويستحقه الدكتور فؤاد أبو علي .

Prof. Ahmed Shafik Elkhatib
04/12/2006, 03:18 PM
الأستاذة الفاضلة الأديبة دينا سليم
ومنتدى علم اللغة يرحب بمداخلتك في أي وقت، ولكن حبذا لو أتحفتنا بها قبل نهاية الأسبوع الحالي إن شاء الله، إذ إن لدينا في المنتدى مواضيع كثيرة مهمة تنتظر المناقشة، ورأينا طرح أحدها كل أسبوع بإذن الله.
وشكرا جزيلا.

Prof. Ahmed Shafik Elkhatib
04/12/2006, 06:21 PM
في هذا المقال القيِّم يفند الدكتور فؤاد علي –وبقوة- الدعوة إلى التطبيع اللغوي مع العدو، ويبين تهافت الأسباب التي يقدمها الداعون إلى هذا التطبيع.

وقد وردت بالمقال كثير من النقاط الجديرة بالتأمل والتعليق، أتطرق إلى بعضها أولا، ثم أتبعها ببعض الملاحظات والتساؤلات السريعة:

(1) يذكر د. فؤاد أن المسلمة المركزية لصاحب المقال هي الارتباط العضوي بين خصائص اللغة بمفرداتها ونحوها، وخصائص الأمة التي تتكلم بهذه اللغة، من حيث طريقة رؤية أهلها للعالم وطريقة تفكيرهم. وباختصار فإننا نفكر كما نتكلم.
وبالإضافة إلى أن كاتب المقال الأصلي لم يأت بجديد –كما ذكر د. فؤاد في أكثر من موضع- فإنه فشل في إعطاء مثال واحد يقيم به حجته. فقد كان ما قاله ترديدا لما ذكره العالمان اللغويان سابير، وورف منذ عشرات السنين، وهو القول المعروف باسم "فرضية سابير-وورف" أو باسم "فرضية وورف" اختصارا، والتي هي موضع جدل لا ينتهي. أما مثاله المتهافت فكان أن "العربي" لديه كلمة واحدة تخص الحرارة، في حين أن "الأعرابي" لديه عدة كلمات. وكأني به يقول إن العربي والأعرابي ضدان لا يلتقيان، كما لو كان أحدهما من الإنس والآخر من عالم الجان! وهو بقوله هذا إنما يُسقط جهله باللغة على اللغة نفسها فيتهمها بالقصور! ولو أنصف لوجَّه أصابع الاتهام إلى نفسه أولا.
ولا أدل على تحيز ما يقول من أنه لا يتهم سوى العربية، في مقابل الافتخار بلغات أخرى ربما لم يسمع بها –مجرد سمع!- الآخرون.

(2) أتفق تماما مع قول د. فؤاد إن اللغة تتبع أهلها في التطور والتخلف . فمتى كان القوم أحياء كانت لغتهم ووسيلة تخاطبهم حية تتمتع بقابلية السيادة على باقي الألسنة . لكن حين يكون القوم متخلفين وخارج سرب التطور تكون لغتهم محنطة وجامدة وبعيدة عن الوجود . والنماذج أمام أعيننا عديدة لعل أبرزها اللغة الإنجليزية التي تسود عالم التقنيات والاقتصاد والتي لا تحمل في ذاتها علامات قوتها بل قوتها بقوة متكلميها .
ولا أدل على ذلك من أن العربية ظلت لغة العلم والحضارة على امتداد سبعة أو ثمانية قرون، حين كانت الأحوال في أوروبا لا توصف إلا بالعصور المظلمة.
ولا أدل أيضا من أن بعض سمات اللغة الإنجليزية كفيلة بأن تضع هذه اللغة في موقف حرج مقارنة بلغات أخرى. ومن بين هذه السمات الاختلاف الكبير بين النطق والهجاء, وصعوبة فهم التعبيرات الاصطلاحية idioms .

(3) . يضرب لنا د. فؤاد مثلا من المغرب، حيث يوجد مكتب لتنسيق التعريب تابع لجامعة الدول العربية، ومكتب للأبحاث والدراسات للتعريب تابع لجامعة الرباط . ولا يفصل بينهما إلا شارع واحد . وبالرغم من ذلك ، فالفروق الاجتهادية بينهما يمكن قياسها بالسنة الضوئية، على حد تعبير الكاتب. ويمضي قائلا إن هذا وضع موجود أيضا في "كل" العواصم والجامعات العربية، لكن كلا منها يعيش في برجه العاجي الخاص به . كما أن قدراتها على التأثير على أرباب القرار السياسي يبقى دون المطلوب في العديد من الدول.
قلت حقا وصدقا يا د. بوعلي! وربما كان ضعف التأثير هذا راجعا إلى ضعف الميزانيات، كما قال مجمع اللغة العربية بالقاهرة ذات يوم. ولكني أرى أن الشابكة لم تترك من حجة لأحد. صحيح أنها تحتاج هي أيضا إلى مال وبشر، غير أني أحسب أن التكلفة يمكن أن تكون أقل من الميزانية اللازمة لطباعة عدد متواضع من الكتب التي لا تصل –في نهاية المطاف- إلا إلى عدد محدود من الناس.

ولعل في تجربة توحيد المصطلحات التي تخوضها الجمعية حاليا ما يعد نموذجا لما يمكن أن تسفر عنه المزاوجة بين الطاقات البشرية والإمكانيات التكنولوجية. وللتذكرة، نحيل الأعضاء الكرام إلى هذا الرابط، ومثله كثير:

http://www.arabswata.org/forums/showthread.php?t=2121

بقيت ملاحظات سريعة:

(أ) يشير د. علي إلى مقال نشر في نوفمبر 2005 بحسبانه "قديم نسبيا"! إنها التكنولوجيا مرة أخرى التي تجعل من السنة الواحدة أمدا طويلا!

(ب‌) ظهر كثير من حروف الذال دالا. فهل نتج هذا عن "البعد النسبي"(!) للذال على لوحة المفاتيح؟ أم أن له علاقة باللهجة المغربية؟

(ج‌) نوع الخط "الدي" (!) :) اختاره د. بوعلي جميل، ولكن من الصعب قراءته، مما حدا بي إلى أن أنسخ المقال وأحوله إلى خط آخر.

وأخيرا، الشكر والتحية للدكتور فؤاد بوعلي على هذا المقال المفيد والممتع في آن.

هري عبدالرحيم
05/12/2006, 02:08 AM
السلام عليكم
اللغة هي أداة اعتباطية
وبما أنها كدلك لا يمكننا القول بقصورها
أما ما نلاحظه من قصور في اللغة العربية فهو ليس قصورا في داتها إنما في أهلها
واللغة تتبع أهلها تقدما وتخلفا
فهي ترقى برقيهم وتتدهور بتدهورهم
لدا يمكننا القول بان اللغة العربية ليست قاصرة
فالقصور جاء في أهلها الدين يعيشون تخلفا طال أمده ولا إشارة قريبة للنهوض من السبات العميق.
تحية لكم

سلوى السيد حماده
05/12/2006, 10:29 AM
أستاذي الفاضل أعتقد أن الرد على هذا الموضوع موجود في بحثى هذا ومرفق جزء منه ولو أعجب البعض يمكنني أن أكمل الموضوع
تجهيز اللغة العربية للتصدي لطوفان المعلومات و العولمة
د/سلوى السيد حماده / معهد بحوث الإلكترونيات
Salwa Hamada<hsalwa@eri.sci.eg>
مقدمة
إن اللغة العربية لغة حية على أعلى مستوى فارتباطها بالقرآن الكريم كفل لها دعماً جغرافياً واسع المجال يتمثل في انتشار الإسلام في شتى بقاع العالم.كذلك الدعم اللغوي الذي يتمثل في وضوحها وسلامة بنيانها وإيجازها ومرونتها بالإضافة للدعم الديني إذ إنها لغة القرآن الكريم الذي تمثلت معجزته في البلاغة اللغوية،وكفاها وكفانا فخراً أن رب الكون اختارها لتستوعب دستوره إلى البشر ليعلمهم ما لا يعلمون. ولقد انكب عليها الغربيون دراسةً وفهماً وأشاد بها المستشرقون. كما أن قدرة اللغة العربية على استيعاب العلوم لتوفر جميع شروط اللغة العلمية بها و كبر معجمها ومرونتها في اشتقاق المصطلحات العلمية ,عكس ما يشاع عنها من أعدائها, تدفعنا دفعاً للحفاظ عليها محافظتنا على وجودنا وكياننا. لقد حافظت اللغة العربية على دورها عبر التاريخ وفرضت نفسها كلغة عالمية تأثرت بها أغلب الدول الأجنبية واقتبست من ألفاظها . كل ذلك مرجعه لدور القدامى في المحافظة عليها بتهيئتها لمواجهة أي صراع أو هجمات أجنبية معادية. أما بالنسبة للعصر الحديث فاللغة العربية تلاقي غربة في وطنها وتعاني من محنة في عقر دارها وذلك أنها تتقلص تقلصاً ملحوظاً في المدارس والجامعات والإعلام و البيئة بشكل لا يمثل خطراً عليها وحدها ولكن على الكيان العربي كله إذ إن العرب لن يمكنهم أن يصنعوا فكرً وإبداعاً وثقافة وحضارة من دون لغتهم الأم. إن محنة العربية ليست فقط في طرق تدريسها وزحف اللهجات المحلية عليها وتأخر التقائها بالتقنيات الحديثة والهجمات الشرسة عليها من أعدائها ،التي تدعي أنها لغة أدب وليست صالحة لاحتواء العلوم وغير ذلك، بل في استسلام أبنائها وانهزامهم أمام الزحف الموجه عليهم. إن عجز اللغة العربية وتدهورها لهو مؤشر لمدى تدهور الحضارة العربية و العلوم. لذلك يجب على كل عربي مخلص لنفسه ولوطنه ولكيانه أن يعي دور العربية ويجعله شغله الشاغل ومنفذه الأول لعصر المعلومات والعولمة. هذا الدور الذي يجب أن يعيه أبناؤها ويعوا الخطر الذي يواجههم بمحاولات لطمث هويتهم وإلغاء حضارتهم واستخرابهم استخراباً معلوماتياً. إن الحرب في مفهومها الجديد ليست مجرد جيش وعتاد أو بالأحرى أصبح جيشها سيطرةً على الفكر وعتادها مفاهيم وتبعية للغير فبدلاً من احتلال الأرض يُحتل العقل ومن ثم تحتوى الدول المتقدمة تكنولوجياً الدول النامية فكراً وعلماً وحضارة وتستنفد طاقاتها الاقتصادية.
إن نهضة العربية لن تتأتى إلا بنهضة حضارية علمية قوية تعيدها لسابق عهدها كما أعادت نهضة إسرائيل العلمية الحديثة اللغة العبرية للمحافل العلمية وهى لغة ميتة.
يجب على أرباب اللغة وأصحاب العقول الواعية أن يميطوا اللثام عن وجه البسطاء والجهلاء حتى يروا الهوة التي تحفر لهم فيعملوا جميعاً أفراداً وهيئات وحكومة وشعباً على عودة العربية لمكانتها بينهم و بين شعوب العالم كله .

تلخيص
يهدف هذا البحث لتوضيح أهمية اللغة العربية و الدور الذي لعبته قديماً وتلعبه حديثاً في الرقي بالأمة العربية. خلال هذا التوضيح يتعرض البحث لنبذة عن اللغة العربية وبعض من سماتها وخصائصها. و كذلك يجيب عن تساؤل يرد على كل فكر عربي وهو لماذا نحافظ على اللغة العربية؟ . يناقش هذا البحث حال الفرد العربي ومدى ارتباطه بلغته الأم كما يناقش التقاءها بالتقنيات الحديثة . هذا البحث أيضاً يبحث عن أعداء اللغة العربية والعوامل التي أدت لمحنتها ثم يتعرض لمخططات التغريب محاولاً كشف القناع عن وجهها الخبيث. وفي بحثه عن حلول لإنقاذ اللغة العربية من محنتها يناقش البحث حدود تَعَّلُم اللغات الأجنبية وحدود استخدامها. إن من أهم الحلول المقترحة الاهتمام بالترجمة والتعريب لدورهما في التواصل الحواري والحضاري مع غيرنا من الأمم. كذلك ناقش البحث أهمية دور البحوث المنوط بها هذا التأهيل سواء كانت هيئات لغوية أو علمية.لم يغفل البحث عن أهمية الإشارة لتجارب الأقدمين قديماً والآخرين حديثاُ.

الاتصال اللغوي: هو الوسيلة التي تُبودلت بها الناس وتُنوقلت المعلومات والخبرات على مستوى الشعوب والأجيال ومن أبرز أدواته اللغة مكتوبةً أو منطوقةً. ولا شك أن هناك جوانب مشتركة بين اللغات فكل لغات العلم -بلا استثناء- مجموعة من الأصوات تنتظم في أسلوب معين يستطيع المتحدث و السامع أن يفرقا بينهما دون جهد أو عناء ، للغات جميعاً مجموعة من الكلمات تعبر عن الأشياء والأفعال و المفاهيم والأفكار و لكل لغة أشكال نحوية وتغييرات في الكلمة تغير من أصل معناها[1].

نبذه عن اللغة العربية: اللغة العربية لغتنا الأم شأنها شأن أي لغة أم فاللغة الأم وعاء للفكر ومفتاح الابتكار وأداة الإبداع. ولعله مما حَمَّلَ اللغة العربية دوراً إضافياً عن غيرها من اللغات الأم أنها الرباط الذي يربط أبناء الأمة العربية في قناة اتصال واحدة تمتد حتى تشمل الدول الإسلامية في بقاع شتى من العالم لأنها لغة الإسلام. بل إن نفوذها قديماً وحديثاً لم ينحصر في هذه الدول فقط بل امتد نفوذها من المحيط إلى الخليج حتى أصبحت إحدى اللغات العالمية. وقد استفادت أوربا عبر التاريخ من المصطلحات العربية والعلمية في مجالات الفلسفة والهندسة والرياضيات والفلك والعلوم الطبيعية. كما تركت أثاراً على اللغة الأسبانية والتركية ، وكانت تدرس في الجامعات الأوربية[2]. وهناك بحث عن تأثير اللغة العربية في غيرها من اللغات الحية الأخرى يوضح كيف غزت اللغة العربية أصقاعاً شتى من العالم ودخلت أمماً مختلفة وأثرت في لغاتها[3]. في حقيقة الأمر أن هناك بحوثاً شتى تعرضت لهذا الدور سواء بالتلخيص أو الإفاضة إلا أن اختيارنا قد وقع على هذا البحث بالذات كمثال فقط.
لقد استوعبت اللغة العربية القرآن واستوعب القرآن علوماً ومعارف تتضح كل يوم وحتى نهاية الخليقة فالقرآن الكريم فسر ومازال يفسر ظواهر علمية ظهرت بعده بمئات السنين مثل تفسير الخليقة الذي شرحه القرآن قبل العلم بحوالي خمسة عشر قرناً، ولسنا بصدد الدخول في تفاصيل هذا الأمر ،فالأبحاث فيه متعددة وقد قطعت أشواطاً طويلة حتى من الأوربيين أنفسهم بدليل دخول أكثر من عشرين ألف فرد أوربي سنوياً في الإسلام.
نعود لمميزات اللغة العربية كلغة فنجد أنها لغة اشتقاق وهذا أمر يميزها عن غيرها من اللغات مثل اللغة الهندية والجرمانية، ومع أنه توجد لغات اشتقاق في المجموعة الأوربية مثل الإنجليزية والفرنسية إلا أنه لو عرفنا أن عدد كلمات الفرنسية خمسة وعشرون ألف كلمة وكلمات الإنجليزية مائة ألف كلمة أما اللغة العربية فعدد مَوادِّها أربعمائة ألف مادة كل مادة تتفرع إلى اشتقاقات متعددة وذلك يضمن للعربية الوفاء بحاجات العلوم والمعارف المختلفة من أدب أو فنون أو غيرها. لو أخذنا لسان العرب مثلاً لوجدناه يحتوي على ثمانين ألف مادة ويؤدي تعريف وشرح نصف هذه المواد للحصول على نصف مليون كلمة مما يدل على أن العربية لغة غنية لا تنافسها أية لغة وقد قيل أن المستعمل من هذه المواد ،ثمانين ألف، عشرة آلاف مادة فقط. هذا بالإضافة إلى أن هناك علاقة عضوية متناسقة بين كلمات المجال الدلالي الواحد بمعنى أن مادة الأخوة مثلاً في عائلتها : أخ و أخت و ابن أخ وابن أخت وذلك يجعل بين هذه الكلمات حروفاًً أصلية مشتركة مما يسهل استيعابها ويفتح باباً من العلاقات المباشرة التي تساعدنا على التعبير عن أي علاقة داخل هذا الإطار"الأخوة".أما بالنسبة للإنجليزية مثلاً ، وهى أكثر لغات العالم تداولاً، فلا يوجد مثل هذه القواعد مما يصعب استيعابها ،أنظر مثلاً الأخ brother و الأخت sister وابن الأخ cousinوابن الأخت niece وساق كاتب النص مثالاً آخر من مادة "كتب"[4].

اللغة العربية والنهضة العلمية قديماً:-

لماذا نحافظ على اللغة العربية؟
1- اللغة العربية ودورها كلغة أم :-
أ- التواصل بين المرسل و المتلقي (التكلم والسامع, المحاضر والطالب,…) وسهولة تبادل المعلومات
ب‌- تَضَاعُف قدرة الإنسان على الاستيعاب والفكر والإبداع عند استخدام اللغة الأم.
ت‌- ضياع جهدٍ ووقتٍ وطاقة في استيعاب المعنى الأجنبي فبل استيعاب المعنى والمفهوم المقصود. هذا الوقت والجهد والطاقة يمكن استثمارهما في قراءة مراجع أو أي استثمار مفيد.

2- اللغة العربية وقدرتها على استيعاب العلوم و مواجهة العولمة.
ويسوق د/كارم السيد غنيم[5] سمات متعددة للعربية توافق سمات اللغة العلمية سنحاول سردها دون أية تفصيلات إلا ما نجده ضرورياً.
102-الوضوح.
202-سلامة البنيان الغوي والإيجاز.
302-تقبل المصطلحات.
402-القصد إلى حقيقة الأمور.
502- المنطق.
602-شمولية صفة العلم.
702- وحدة المفهوم التركيبي للجملة العلمية.
خصائص العربية كلغة حية:-
أ-لغة القرآن الكريم.
ب- الوضوح والسهولة والمرونة والتطور.
ج-درجة التنظيم.
د- الاقتصار و الإيجاز لقد عمدت العربية إلى اصطناع بعض الوسائل التي تمكنها من تحقيق هذه الخاصية:-
د-أ- ظاهرة
*تعدد المعنى الواحد (تعدد المعنى النحوي)
كأن تصلح "استفعل" للطلب كاستخراج. ، والصيرورة كاستحجر، والمطاوعة كاستقام. ، والاتخاذ كاستشعر
*تعدد المعنى المعجمي مثل ضرب
ضرب له موعداً، ضرب الوالد ابنه ، ضرب له قبة ، ضرب الله مثلاً ، ضرب في الأرض وغيرها.

د-ب - ظاهرة النقل :- * النقل في النحو * النقل في المعجم.
د-ت-الميل للتركيز:- نحو "في الدار رجل"،"أين زيد".
د-ث-إمكانية الاستغناء بالأصناف عن المفردات.
د-ج-الاقتصاد في الجهد كالإدغام.
ذ- توفر وسائل النمو العقلي:- أ- الاشتقاق. ب- الإلصاق.

3- محاربة تدريس اللغات الأجنبية في سن مبكرة بسبب آثاره السلبية في إعاقة القدرة على التعبير والاستيعاب و تحقيق القدرة الكاملة على الابتكار.
4- اللغة العربية ودورها في الوحدة القومية والوحدة الإسلامية كلغة العرب والمسلمين ودور الإسلام في الحفاظ عليها حيث أمدها بثقافة عربية شاملة تتمثل في التاريخ الإسلامي والفقه وسائر علوم الدين ولولا الإسلام لأصبحت اللغة العربية لغة تاريخية كالقبطية واللاتينية والهيروغليفية مثلاً.
5- استخدام اللغة العربية سيفرض حتمية الترجمة والتعبير للتواصل الحضاري مع غيرنا من الشعوب الأخرى وما يمكن أن يضيفه للغة من إثراء للمعجم بالألفاظ وغير ذلك.
6- مواجهة الهجمات الأجنبية ضد العربية:- إن الهجمات الأجنبية الشرسة ليست مجرد محاربة للغة العربية ومحاولة إحلالها بلغة أجنبية فقط بل تهدف لفض عرى الوحدة الوطنية والإسلامية وإضعاف الكيان الفكري والثقافي والحضاري العربي. إن حرب اللغة حرب سياسية جغرافية معلوماتية بكل الأشكال والأنواع.
وما حدث في تركيا لخير مثال على ذلك فقد نجحت الأتاتوركية في تحويل الحروف العربية التى تكتب بها التركية إلى حروف اللغة اللاتينية ، فهل أدى إلى ما كان يرنو إليه كمال أتورك وأتباعه من نهوض وتقدم وتحضر؟؟؟ الجواب لا ، فالدولة لا تزال من الدول التابعة حضارياً للتكنولوجيا العربية، والذي حدث هو إبعاد "اللغة" عن متناول الفرد التركي، وعجزه عن قراءة القرآن. إذن فهي حملة تهدف إلى سلخ الفرد التركي عن دينه وإبعاده عن دستور ربه بإبعاده عن لغة القرآن[5]. أضف إلى ذلك سلخه من الكيان العربي الإسلامي وتقليص حجم هذا الكيان لخطورة وحدته وحضارته المرتقبة إذا عاد لسالف عهده من الترابط والنهضة والعزم على الرقي. وهنا نحس باللمسات الغربية التي هي وراء كل تفكك ودعوة ،مستترة، للتخلف مثل دعوة استخدام العامية وغيرها إن مخططات الاستغراب كشفت القناع عن وجهها القميء في تركيا وأسبانيا وفلسطين والجزائر وتعمل الآن تحت هذا القناع المخادع في جميع بقاع العالم كما سيتضح فيما بعد.
7- اللغة العربية لغة القرآن الكريم:- ويرى المستشرق المسلم د/ عبد الكريم جرمالوس أن للغة العربية سنداً هاماً أبقى على روعتها وخلودها وهو القرآن الكريم كذلك كان لأسلوب القرآن آثر عميق في ثقافات الشعوب الأخرى التي اقتبست آلافاً من الكلمات العربية وازدانت بها لغاتها الأصلية فزادتها قوة ونماء.
8- مواجهة العولمة وما ترمي إليه من تهميش ما عداها من الهويات والثقافات. أن الدول العربية هي الدول الوحيدة على مستوى العالم التي تدرس العلوم في جامعتها بلغة أجنبية. أما الدول الأخرى مثل اليابان وروسيا فقد تنبهت لخطورة ذلك وسعت للتخلص من سطوة اللغة الأجنبية والعودة كلية للغاتها الأم وما نشر بهذا الصدد لا يعد ولا يحصى منه. أما بالنسبة لمواجهة العولمة فأفضل مثال علية فرنسا التي عملت على الدفاع المستميت عن اللغة الفرنسية بمجرد أن أحست بزحف اللغة الإنجليزية من باب العولمة .
لقد صادق برلمان الثورة الفرنسية قبل قرنين على قانون صارم لتعميم اللغة الفرنسية تضمن مادة جزائية نصت على أن كل من يخالف هذا القانون ابتداء من وقتها ويحرر وثيقة بغير الفرنسية ، يطرد من الوظيفة ويسجن ستة أشهر[6]. أن المُشَرّع الفرنسي تدخل فور الإحساس بالخطر لسن قوانين تحفظ للغة الفرنسية مكانتها ومن أهمها قانون "لزوم الفرنسية" الذي صدر عام 1994 ونص على ما يلي:-
8-1 منع أي مواطن من استخدام ألفاظ أو عبارات أجنبية ما دامت هناك ألفاظ أو عبارات مماثلة وضرورة إصدار أي منشورات باللغة الفرنسية وكذلك الوثائق والمستندات والإعلانات المسموعة أو المرئية المعروضة على الجمهور وكافة مُكَاتبات الشركات على الأراضي الفرنسية ، حتى وإن كانت أجنبية. كذلك شمل القانون كل المحلات التجارية والأفلام الدعائية التي تبث عبر الإذاعة والتلفاز.
8-2 إلزام كل مشارك فرنسي في أي مؤتمر بالتحدث باللغة الفرنسية وطبع الأوراق باللغة الفرنسية .
8-3 أما بالنسبة للمؤتمرات الأجنبية في فرنسا فيُطالب الباحثون الأجانب أيضا بنشر الأبحاث باللغة الفرنسية.
8-4 لا يجوز التمويل المالي المؤتمرات التي لا تعتمد اللغة الفرنسية لغتها الأساسية.
8-5 أي مطبوعات و مسابقات ومنشورات لابد أن تكون باللغة الفرنسية..

حال الفرد العربي على جميع المستويات الاجتماعية والثقافية ومستواه اللغوي مقارنة بأي فرد في مجتمع آخر:-
إن العوام في الأمة العربية وأغلب المتعلمين حتى مستوى الثانوية العامة لا يتقنون اللغة العربية فهماً أو كلاماً أو كتابةً بينما مستوى اللغة بين دارسي الجامعات و الكليات العلمية ضعيف جداً مع صعوبة في التعبير عن أنفسهم باللغة العربية أما مستوى المتخصصون من كليات التربية والآداب ودار العلوم مرتفع مقارنة بغيرهم، ولو أن كثيراً منهم لا يجيدون استخدام اللغة كما يجب ولهم عثراتهم وقصورهم المخجل في بعض الأحيان بصرف النظر عن الكادر الجامعي و التخصُّص على مستوى عال.
أهم أسباب تدهور اللغة العربية:-
أولاً:-الأعلام و دوره في تدهور اللغة العربية:-
1- بالنسبة للمذيعيين ومقدمي البرامج واستخدامهم للغة العربية بطريقة مشوشة تفتقد القواعد والألفاظ الصحيحة. بالإضافة إلى ظاهرة التفرنج (في الملبس و النطق والثقافة) خاصة على القنوات الحديثة والفضائية. مع أننا لو لاحظنا غيرنا من القنوات الأخرى لوجدنا اعتزاز كل دولة بلغتها وحضارتها وحرصهم على أن تظهر قنواتهم هويتهم الثقافية والحضارية.
2- الصحفيون ونحن في غنى عن ذكر ما للغة الصحافة من أخطاء وعيوب شاعت لدرجة أن أصبح التمييز بينها وبين الفصيح صعباً وذلك لانتشار الصحف وتداولها اليومي وعدم توفر المصححين اللغويين كالعهود السابقة. والبحث في غنى عن ذكر أن هناك العديد من الرسائل والأبحاث ،في الجامعات والمكتبات العامة، عن الأخطاء الشائعة في لغة الصحافة .
وليس ذلك فقط ولكن ما يطالعنا من لوثة استعارة عناوين وأسماء إنجليزية الأصل ، تكتب بالأحرف اللاتينية أو العربية ، إلى إعلانات باللغة الإنجليزية في الصحف العربية ، إلى أخطاء نحوية مفجعة في عناوين الصحف الكبرى، وفي أحاديث أهل العلم ناهيك عن السياسة، إلى عامية مبتذلة تكتب بها مقالات كاملة لكن من الإنصاف أن نذكر أن هناك اتجاهاً جديداً لكثير من الكتابات الأدبية التي بدأت تدعم اللغة العربية وتخلق تحاوراً بناء بين الكتاب والمفكرين على صفحات الجرائد ،ملحق الأهرام الصفحة الأدبية، يقرأه المتخصصون فيبدون رأيهم فيه في مرات قادمة ويقرأه العوام فيستمتعون به وتزداد مفاهيمهم الفكرية وقدرتهم على التقارب من مثل هذه التحاورات وربما بمرور الأيام يصبحون من أصحاب الرأي أيضاً لأن هذا موضوع يمس جميع أفراد الأمة.
3- أما الإعلانات التي تمثل كُتَّابَ القرن العشرين بما يمثله واقعها من كثرة التكرار فإنها تستخدم لغة عربية ركيكة في قواعدها وألفاظها تُبث على أسماع الأطفال والكبار بإلحاحٍ دائمٍ وفي كل لحظة حتى اصبح العامة يحسبونها لغة سليمة ويستخدموها في تعاملهم اليومي غير مدركين أنهم بذلك يذبحون لغتهم ويلقون سلاحهم ضد مستقبل مجهول. أما خطره على الأطفال فلا حاجة لإيضاحه إننا نورثهم لغة لا معنى لها وتَطلع طبقي لا حدود له إذ إن الإعلانات لا تكتفي بالقضاء على اللغة بل تزين ذلك بمواقف خارجة عن عادتنا و تقاليدنا . لذلك أصبح يسطر على وسائل الإعلام جيلٌ ممن يجهل العربية السليمة بل والثقافة والتاريخ والحضارة العربية والنهضة الإسلامية أيضاً. فكيف بالله يتأتى لمثل هؤلاء المساهمة في خلق ثقافة أو وعي حضاري أو النهوض بالأمة ؟.ولا يفوتنا هنا أن نتذكر بعض البرامج ،سواء كانت إذاعية أو مرئية، والتي تعمل من أجل العربية والرقي بها و الرجوع بها إلى مسارها الصحيح إلا أن هذه البرامج تفتقد الجذب للعامة وتقتصر على المتخصصين ،(انظر فقرة انغلاق اللغويين على أنفسهم).
4- خطورة توظيف الإعلام لتشويه الهوية العربية ونشر لغات أجنبية وتوطين قيم هابطة بدعوى التحضر. إن أهمية الإعلام في القرن العشرين وهذه الألفية أهمية لا يجب أن نغفل عنها فلها على المستوى القومي تأثيرها على متتبعيه. ذلك التأثير الذي بدا واضحا جلياً خاصة على الشباب الذي يمثل 67% من السكان في مصر. لذلك يمكن أن يكون الإعلام ذا تأثير سلبي كما أوضحنا سابقاً أو ذو تأثير إيجابي إذا أحسنا توظيفه كأداة للارتقاء باللغة العربية و الإنسان العربي والثقافة وتهيئة البلاد لمواجهة طوفان المعلومات و العولة.
5- دور الشباب قي تنمية المجتمع معروف وهو في النهاية صاحب كل تطبيق ومهد كل نبتة تمثل قيمنا ومُثُلنا فلو فسد المهد فسد النبت كله. من أهم ملاحظاتي على كل المؤتمرات التي تدعو لفكر ما أنه لا رواد لها من الشباب أو الرواد منه قليل ربما لمجاملة أساتذتهم أو محاولة إثبات أن لهم فاعلية وللآسف أيضاً إذا ما ارتادوها فلا مشاركة فعلية لهم. علينا أن نبحث عن أسباب ذلك، هل هو استئثار الشيوخ دائما بالرأي ؟ هل هي فكرتهم أن من حقهم الاستئثار بالرأي مادامت فيهم حياة لأنهم الأكثر خبرة مثلاً- إن الاتجاه العالمي الحالي للمعارف والمعلومات كون مقاييس جديدة للمعرفة والقدرة على العطاء بدليل سماعنا يومياً عن عباقرة من الأطفال وصغار السن والشباب فاقوا أساتذتهم بمراحل ولكننا نتعلل بالقيم واحترام الكبير للبقاء على الجمود، أولاً إذ إنه لو لم يؤمن الشباب بجدوى أي قضية فلا حاجة لطرحها إذن ،من سيطبق جيل الشيوخ؟؟،.

شبكات الاتصالات كأداة من أدوات الإعلام:- وواجبنا في الحفاظ علي اللغة في عصر تفجرت فيه المعلومات وتطورت فيه الاتصالات و بدأت شبكات الاتصال في الدخول في شتى المجالات والتطبيقات والمتوقع في بداية القرن القادم أن تكون هذه الشبكات من أهم وسائل الاتصال بين المؤسسات والهيئات وربما الأفراد أيضا بمعنى أنها ستصبح وسيلة لتلقى العلوم و الحصول على الدرجات العلمية ,وهذا ما يطبق في أكثر الدول المتقدمة مثل أمريكا وفرنسا و اليابان و إنجلترا ,ويعني هذا أن يتصل الطالب بجامعته ويحصل على مادته العلمية وشرح أستاذه عن طريق هذه الشبكة دون الحاجة إلى الوصول للكلية. وربما تكون الجامعة خارج الولاية ،وخارج البلد أيضاً .ويتدرج هذا الاتصال في المستوى ،حتى إننا نرى ربة المنزل أيضاً إذا أرادت الحصول على منتج ما عن طريق هذه الشبكة تمكنت من معرفة ثمنه في جميع المحلات ومؤسسات البيع مدعماً بالسعر ،ومكان الشراء ؛فتختار ما يناسبها في السعر وسرعة الحصول عليه ، وفي إمكانية توصيل الطلبات للمنازل وهي داخل المنزل ،وربما تمكنت من رؤية صور الصنف المطلوب أيضاً ومدة صلاحيته ،وغيرها من المعلومات . ما دورنا كدول شرقية ناطقة باللغة العربية من كل هذا ؟! ما موقعنا على هذه الشبكة ؟! وكيف نقويه ونحافظ عليه ؟!
هذه القضية يجب ألا نغفل عنها ،وإلا أصبحت الاتصالات متاحة بين دول العالم ،بينما نمثل نحن منطقة معزولة لا ذكر لها. إن من المتوقع أيضاً-في خلال أعوام قليلة – أن تصبح اللغات التي لا مكان ولا استخدام لها على هذه الشبكة في عداد اللغات المندثرة .
ولأن الله منزل الذكر ،ولأنه حافظ له ؛سخر بعض الدول الأوربية لأبحاث اللغة العربية ، ولإيجاد مكان لها على هذه الشبكة ،فهناك مؤسسات أجنبية عديدة تقوم بالعمل في مجالات اللغة العربية محاولةً تفهمها وتحليلها.
ألم يأن لنا أن نتساءل لماذا ؟! لماذا تهتم هذه الدول بلغتنا ،وترصد الملايين للعمل في مجالها ؟!
إن الإجابة بسيطة وواضحة ،إنها تريد أن تتحكم في مواقع اللغة العربية ومصادر المعلومات العربية على هذه الشبكة ؛ومن ثم تستطيع السيطرة على فكر وعقول مستخدمي هذه المواقع ،وأن تدس لهم المعلومات كما يتراءى لها. وبعد السيطرة على اللغة والفكر يبدأ استعمار جديد،وهو الاستعمار المعلوماتي. ومع التطور العالمي ،واستخدام هذه الشبكات في الدول الشرقية تكون هذه المواقع مصدر المعلومات الوحيد أو على الأقل أهمها ؛ومن ثم يبدأ هذا الاستعمار في تسخير الفكر العربي واستغلاله ،واللعب باللغة العربية وتحريفها كما يتراءى له.
من هنا يلمع دور اللغويين العرب و العاملين في هذا المجال و و تشتعل حرب مقنعة في صورة استخراب معلوماتي لابد أن يواجه بالتصور العلمي واستخدام نفس الأسلحة التي يستخدمها الطرف الآخر بمعنى الإلمام بأبحاث اللغة وتطبيقاتها ومجالاتها.
وقد قام بعض الأفراد و الهيئات بمحاولات جيده في تطبيق هذه التقنيات الآلية إلا أن أميزها ما قامت به بعض شركات القطاع الخاص في مجال الترجمة الآلية. وما قام به قسم بحوث المعلوماتية بمعهد بحوث الإلكترونيات و شاركت فيه كاتبة النص.

Prof. Ahmed Shafik Elkhatib
05/12/2006, 08:30 PM
الدكتورة الفاضلة سلوى حمادة
الشكر الجزيل على الجزء الذي تفضلت بإرساله من بحثك القيم.
ويسعدنا أن تتكرمي باستكماله، أو أن ترفعيه ملفاً، وترسلي إلينا الرابط، لو كان المقال طويلا كثيرا.
وجعل الله هذا في ميزان حسناتك.

Prof. Ahmed Shafik Elkhatib
08/12/2006, 02:42 PM
الإخوة الأفاضل والأخوات الفضليات أعضاء الجمعية المهتمين بعلم اللغة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إلى حضراتكم ملاحظات ختامية حول موضوع "التطبيع اللغوي بعد التطبيع السياسي"، وذلك بمناسبة انقضاء الأسبوع الذي ظل فيه مطروحا للنقاش:

بداية أتقدم بجزيل الشكر للإخوة الأفاضل الذين تفضلوا بمداخلاتهم، وأخص بالذكر والشكر الأخ الكريم الدكتور محمد طاهر حامد، الذي ناقش الموضوع مناقشة مستفيضة وواعية، كان لها أثرها في إثراء الموضوع المطروح، وأرجو من سيادته الاستمرار في هذا التعاون المثمر البناء مع المنتدى.

كما أشكر الأستاذة الأديبة المتميزة دينا سليم، ونحن في انتظار مداخلتها التي –كما ذكرتُ عاليه- كنت أفضل لو تمت في الأسبوع المحدد، ولكنني أعلم أن أولويات الإنسان وارتباطاته قد تحول بينه وما يتمناه في كثير من الأحوال.

والشكر أيضا للدكتورة سلوى حمادة، التي تفضلت بإرسال جزء من مقالة لها ذات صلة بموضوع النقاش، واستفسرت عما إذا كان لها أن ترسل بقية الموضوع، فأجبناها بالإيجاب، إلا أنها استكملته دون إخطارنا بذلك في حينه.

والشكر للأستاذ هرى عبد الرحيم، وفي انتظار مناقشاته الأكثر استفاضة للموضوعات التالية بإذن الله.

بقيت ثلاث نقاط أختتم بها النقاش حول الموضوع، وهي:

(1) كاتب المقال الأصلي الذي يناقشه د. فؤاد بوعلي لم يدعُ إلي التطبيع اللغوي مع العدو دعوة مباشرة، وإن كان كل ما كتبه يصب في هذا الاتجاه. وربما كان هذا الأسلوب غير المباشر أكثر خطورة من الأسلوب المباشر! إذ إن الأسلوب الأول من شأنه محاولة التسلل إلى عقل القارئ ووجدانه والتأثير عليهما، في حين أن الثاني من شأنه أن يثير حفيظة القارئ المنتمي لعروبته، مما قد يدفعه إلى عدم قراءة الموضوع أصلا!

(2) كنا نود أن يشاركنا الدكتور بوعلي بمداخلة يرد فيها على بعض الملاحظات التي وردت في مداخلة د. محمد طاهر أو مداخلتي مثلا، غير أنني أعتقد أن انشغاله الشديد بإخراج مجلة واتا إلى حيز الوجود مع اليوم الأول في العام الجديد، ومع الاحتفال بيوم المترجم العربي، قد حال دون ذلك. ونتمنى له وللفريق العامل معه كل السداد والتوفيق.


(3) أليس مخجلا أن نجد مِن بين بني جلدتنا مَن يكيل الاتهامات إلى لغتنا العربية ويحاول هدمها وتقويض أركانها والتشكيك في قدرتها على الوفاء بمتطلبات العصر، في حين نجد أن "جيراننا اللدودين" قد أحيوا اللغة العبرية من مواتها، بل ولغة اليديش، وهي لغة ألمانية تكثر فيها الكلمات العبرية، واتخذوها لغة للصهاينة الذين تدفقوا على الأرض المحتلة من كل حدب وصوب؟

تريدون دليلا على ما أقول؟ في مؤتمر صحفي لرئيس وزرائهم الأسبق بيجن، وجَّه أحد المشتغلين بالصحافة من خريجي كلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر سؤالا بالعبرية له، فما كان من بيجن إلا أن علَّق قائلا: أنت تتحدث العبرية أفضل مني!!

ولا تعليق!!!

فؤاد بوعلي
08/12/2006, 07:05 PM
الإخوة الأفاضل والأخوات الفضليات أعضاء الجمعية المهتمين بعلم اللغة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إلى حضراتكم ملاحظات ختامية حول موضوع "التطبيع اللغوي بعد التطبيع السياسي"، وذلك بمناسبة انقضاء الأسبوع الذي ظل فيه مطروحا للنقاش:
(2) كنا نود أن يشاركنا الدكتور بوعلي بمداخلة يرد فيها على بعض الملاحظات التي وردت في مداخلة د. محمد طاهر أو مداخلتي مثلا، غير أنني أعتقد أن انشغاله الشديد بإخراج مجلة واتا إلى حيز الوجود مع اليوم الأول في العام الجديد، ومع الاحتفال بيوم المترجم العربي، قد حال دون ذلك. ونتمنى له وللفريق العامل معه كل السداد والتوفيق.

الأستاذ الفاضل الدكتور أحمد شفيق الخطيب
تحية طيبة
شكرا لك على تناولك لهذا المقال بالتحليل والدراسة ... وشكرا لجميع السادة الأساتذة على تدخلاتهم وتعليقاتهم التي استفدت منها كثيرا ... وإذ أعتذر عن عدم تدخلي في التعليق على مناقشة الإخوة الأساتذة فإنني فضلت متابعة المداخلات والاستفادة منها .. وأعدكم سادتي الأفاضل بالتعليق حين أستجمع قواي الذهنية .....
ودي وتحياتي

Prof. Ahmed Shafik Elkhatib
08/12/2006, 09:10 PM
الأخ الفاضل الدكتور فؤاد بوعلي
ونحن في انتظار تواصلك في أقرب فرصة.
وفقكم الله، وأعانكم على أعبائكم.
تحياتي القلبية.