المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ابداعاتي



أحمد فريد بركة
07/02/2008, 10:26 PM
وخزة ألم وصرخة عز من قلب دير البلح
رسالة إلى خالي الحبيب عادل جودهعذراً يا خالي الحبيب!
مررت ببعض مقالاتك فوجدتك تتحدث عن "دير البلح" الحبيبة؛ عروس محافظة الوسطى، فذكرت الشاطئ الجميل، والنخيل الشاهقة الشامخة، وأشجار البرتقال والليمون المثمرة!
آخ يا خال
في السنوات التسع التي غبت فيها بجسدك وعينك عن محبوبتك "دير البلح"، تغيرت الأمور، وتبدلت الأحوال، ولم تعد الأوضاع كما كانت؛ فدير البلح أصبحت تعيش في ظلام حالك؛ مولدات الكهرباء دمرت بواسطة صواريخ العدو ودباباته، وخطوط المياه تعطلت، والأشجار جرفت والثمار ماتت، ورائحتها العذبة انعدمت.
أما الشاطئ يا خال فقد عم الحزن أرجاءه، لا جليس ولا أنيس، يعكر صفوه تشتت الإخوة، ويفسد طعمه ابتعاد الأحبة، يكاد يخلو حتى من المارة خوفاً من صاروخ يأتي من هنا أو من هناك!
وأما بيوتات المخيم فحزينة مجروحة؛ هذا بيت فيه شهيد، وذاك آخر فيه جريح، وهذا فيه مُقعد على كرسي، وذاك ينتظر من يحرر ابنه من الأسر!
والمصيبة يا خال تكمن في صراع اليوم؛ صراع البيت الواحد والأسرة الواحدة؛ صراع ينتشر في كل مكان؛ أخوان يقتتلان؛ أخوان أدارا ظهريهما لفلسطين؛ زي جديد، ولثام جديد، وعلم جديد، أحدهما يقول: "أنا فتحاوي"، والآخر يقول: "أنا حمساوي"، والأم المسكينة صابرة؛ قلبها ينزف دماً وعيناها تذرفان الدموع! والأب لا حول له ولا قوة!
وفي ظل خلافاتنا، استأسد الفأر وصب جام غضبه على أرض فلسطين وأهلها، ومحبوبتك دير البلح أخذت نصيبها؛ فها هي تعيش سلسلة من الآلام والأسقام؛ نتيجة الحصار والإغلاق، ونتيجة الاجتياحات المتلاحقة؛ تارة من البحر غرباً، وتارة أخرى من البر شرقاً، فأصبحت في عزلة تامة عن شمال القطاع وجنوبه!
سفكوا الدماء، وسمموا الهواء، ومنعوا دخول الطعام والدواء!
ولكننا يا خال على الوعد باقون؛ وفي وجه الطغاة صامدون، قلوبنا تهتف: أبداً لن نذل أو نركع! وأبداً لن نئن أو نخضع!
لقد تعلمنا منك يا خال أن الويل لنا إن قصرنا أو صمتنا! ندرك عدالة قضيتنا وحقوقنا، ندرك مسؤوليتنا أمام الله، وأمام التاريخ، وأمام أجيالنا القادمة! فالحق حقنا, والأرض أرضنا, والسماء سماؤنا, والمياه مياهنا, والقدس أبداً لنا وفي قلوبنا!
من أجل ذلك لن نستسلم، بل سننتفض، ستتوالى انتفاضاتنا، سنجبر كسرنا، سنطبب جراحنا، سنداوي أسقامنا، سنواسي آهاتنا، وسننتفض! سلاح قلوبنا الصبر والإيمان، وسلاح أيدينا السكين والحجر!
لن يوقفنا شيء، ولن تهزمنا قوة, بل سيستمر زحفنا نحو كل شبر من أرضنا، سنستمد العون من الله سبحانه وتعالى متدبرين قوله: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ " (سورة محمد: الآية 7)، ثم بشموخ الأم الفلسطينية، وبعزة الشيخ الفلسطيني، وبهامة الطفل الفلسطيني، الشعب كله سجل أنه لن يموت، بل يقتلع الموت، ويمتشق الغضب، ويمتطي صهوة التحرير والحرية، وبإذن الله سيبلغ النصر!
كيف لا وفلسطين تسري في دمائنا، وتسبح في نسيج خلايانا، وليطمئن قادة العالمين العربي والإسلامي، ولتطمئن هذه الشعوب المغلوب على أمرها؛ للقادة نقول: ابقوا على أموالكم وسلطانكم لا نريد منكم شيئاً، فقد عشقنا الظلام طالما هو طريقنا للرفعة والكرامة، وعشقنا الجوع طالما هو طريقنا للعزة والاستقلال!
وللشعوب نقول: نحن الفئة المرابطة المنصورة، ألا فاكسروا القيود، واعبروا الحدود، تعالوا إلى إحدى الحسنيين؛ النصر أو الشهادة! تعالوا نفتح معاً بوابات الشهادة والاستشهاد؛ فالشهداء ينتظرون أمجادكم، واليتامى يستصرخون همتكم!
تعالوا نرسم التحية لأم الشهيد وهي تزف ابنها بالزغاريد!
تعالوا إلى هنا؛ إلى غزة الإباء والصمود؛ من هنا سننطلق، ومن هنا سنرفع العلم الفلسطيني على كل الأرض الفلسطينية، وهناك؛ في قبة الصخرة المشرفة، وفي المسجد الأقصى المبارك، معاً سنصلي!

أحمد فريد بركة
أولى ثانوي
مدرسة عبدالكريم العكلوك الثانوية
دير البلح ـ قطاع غزة ـ فلسطين