المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الخطاب السياسي الامريكي ومنطقة الشرق الاوسط



عبدالوهاب محمد الجبوري
31/03/2008, 05:48 PM
اتجاهات الخطاب السياسي الامريكي / القسم السادس

الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط

بقلم الباحث : عبدالوهاب محمد الجبوري

***********

من خلال تناولنا لاستراتيجية الخطاب السياسي الأمريكي تجاه سياسة الهيمنة الأمريكية والقوى الدولية التي تنازع الولايات المتــحدة ، السيطــــــــــــــــرة والنفــــــوذ عــــــلى العـــــــالم فان ( بريجنسكي ) وباحثين استراتيجيين آخرين أمثال ( انطوني لابك ) و( هنري كيســـــــنجر ) و( صمؤئيل هننغتون ) و( فوكوياما ) و ( روبرت هركابي ) يرون أن النفط وإسرائيل هما المحوران الأساسيان للسياسة الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط كونهما يمثلان المصالح الاستراتيجية العليا للولايات المتحدة ..
فبالنسبة للمحور الأول يعتقد ( فوكوياما ) أن ثمة أمرين من شأنهما أن يبررا تدخل ما اسمــــــاه ( بعالم ما بعد التاريخ) في (عالم التاريخ ) وهما النفط والهجرة . وفي تصــــــــــور مماثل يؤكد ( جيفري كامب ) و ( روبرت هركابي ) الأهمية الاستراتيجية لنفط الخليج العربي ..
أما فيما يتعلق بمبدأ الدفاع عن إســـرائيل ، الذي يمثل المرتبة الأولى في سلم الاولويات الأمريكية ، فان الخطاب السياسي الأمريكي ينظر إليها على أنها ( دولة ديمقراطية ) على غرار الديمقراطية الغربية وأنها موقع متقدم للحضارة الغربية ، وان العداء لإسرائيل هو التعبير الواضح عن الشك بالقيم الأمريكية وفضائلها بشكل خاص ..استنادا إلى هذا فان استراتيجية الخطاب السياسي الأمريكي تتعامل مع الشرق الأوسط على انه يضم دولا محورية تشكل قاعدة أساسية للنفوذ الأمريكي ودولا محورية نقيضة تشكل تهديدا للمصالح الأمريكية ، لــــــذلك يدعو الباحث والخبير ( كنيدي ) الولايات المتحدة أن تتبنى سياسة انتقائية في علاقتها بالدول النامية وان تحشد طاقاتها في دعم الدول المحورية بدلا من أن تبعثر اهتمامها عبر المعمورة بأسرها .. ويرى الخطاب الأمريكي أن مصر دولة محور في الشرق الأوسط إلى جانب تركيا ، لأنها ، حسب تعبير الخطاب ، وظيفة للاستراتيجية الأمريكية ، فالسلطة فيها قادرة على احتواء المد الإسلامي ، حسب تعبير كنيدي ، ودبلوماسيتها تركز جهودها على استمرار ديمومة الحياة لعملية السلام مع إسرائيل ، لذا يرى ( كنيدي ) أن سقوط هذه السلطة من شانه أن يؤدي إلى انتشار الفوضى السياسية وبالتالي إلى امتداد النفوذ الإسلامي إلى بلدان أخرى في الشرق الأوسط والى سقوط عملية الـــــسلام واتساع دائرة الأنظمة المعادية والمهددة للمصالح الأمريكية ..
مقابل هذه الرؤية فقد سعى ( هننتغون ) إلى وضع حد للجدل القائم حول موقع مصر ، فحسب رأيه ، ليس لمصر مقومات المركز وبنظره فهي لاتملك مقومات الدولة المركزية ، وأشار إلى تركيا واندونيسيا على أنهما دولتا مركز لتوفر عناصر التنمية فيهما ..
وفي نفس الاتجاه سار ( بريجنسكي ) الذي ذهب إلى حد تغييب دور مصر والدول العربية ، فاعتبر تركيا وإيران دولتان محوريتان في المنطقة بسبب تأثيرهما على ( قلب روسيا ) .. أما بالنسبة لدول المحور النقيضة أو ( العاصية ) ، على حد تعبير الخطاب الأمريكي ، فهناك تباين في أسلوب هذا الخطاب ويمكن تلمس ذلك في استراتيجية الاحتواء الأمريكية إزاء هذه الدول :
1.فالدول المطلوب احتوائها رسميا ، حسب قائمة الإدارة الرئاسية الأمريكية ، كانت تضم في الأساس : العراق ( قبل احتلاله ) وليبيا ( وقد حصل جدل تجاهها بعد مواقفها الأخيرة ) وإيران وكوريا الشمالية ، أما الدول المطلوبة حسب قائمة أعضاء الكونكرس الموالين لإسرائيل فتضم بالإضافة لما ورد ، سورية والسودان .. ويطالب هؤلاء بضمهما إلى ما يسمونه الدول الداعمة للإرهاب .. أما بريجنسكي فيعتبر بان المصالحة مع إيران ضرورة جيوستراتيجية لضبط آسيا الوسطى ..
2.إن التعامل مع ما يسميها الخطاب الأمريكي بالدول العاصية يكمن في مبدأ الاحتواء الذي يرمي إلى عزل القوة الإقليمية باستخدام النفوذ السياسي والاقتصادي لمنع مجرد الاقتراب منها ..
وحول استراتيجية منع انتشار أسلحة الدمار الشامل حتى لا تقع بأيدي الدول والمنظمات المهددة للمصالح الأمريكية ، حسب الخطاب الأمريكي ، فمن وجهة نظر ( اليوت برانر ) تبقى ( الدول العاصــية ) وما يســـميه هذا الخطاب بالمنظــــــــــمات ( الإرهابية ) هي المستهدفة ..


تقرير فريق العمل الأوربي- الأمريكي حول الشرق الأوسط

واستكمالا للموضوع نجد أن ابرز ما يميز الخطاب الأمريكي لمرحلة الألفية الجديدة تجاه منطقة الشرق الأوسط قد ورد في تقرير أعده فريق عمل أمريكي – أوربي برئاسة ( هنري كيسنجر ) وزير الخارجية الأمريكي الأسبق وعضوية ( 26 ) شخصية أمريكية وأوربية بارزة إلى الرئيس بوش يتضمن انتقادا قاسيا لاستراتيجية أدارته وخططها في منطقة الشرق الأوسط .. وصدر هذا التقرير عن ( مجلس العلاقات الخارجية ) الأمريكي المعروف ويحمل عنوان ( إحياء الشراكة الأطلسية ) .. ولأهمية إطلاع القاري والباحث العربي على هذا التقرير كونه يمثل أجمالا عاما لمعظم اتجاهات الخطاب الأمريكي سيتم تناوله بصيغة مركزة ومباشرة لعكس هذه الاتجاهات :
1. دعوة الرئيس بوش إلى القيام بعملية نقد ذاتي والاعتراف بان الولايات المتحدة لن تتمكن من النجاح وحدها ، سواء في العراق أو في منطقة الشرق الأوسط أو في أي منطقة من العالم وفي أي قضية كبرى أخرى ، وأنها تحتاج إلى حلفاء ودعم أوربي لتشكيل تحالف من عدة دول لمواجهة الأخطار والتحديات المختلفة في الشرق الأوسط والعالم ..
2. أن يكون التعاون بين الولايات المتحدة وأوربا مبنيا على أساس التكامل لا التنافس مع تجاوز مرحلة الخلافات حول الحرب ضد العراق ..
3. تخلي الولايات المتحدة عن اعتمادها على القوة العسكرية وحدها وعلى تفوقها العسكري لان القوة وحدها ليست كافية للنجاح وتحقيق النصر والعمل على تعزيز الديمقراطية ونشرها والدفاع عن حقوق الإنسان ..
4. وضع استراتيجية موحدة بين الولايات المتحدة وأوربا تتضمن تحديد شروط استخدام القوة العسكرية ضد الدول الأخرى ، عربية وأجنبية ، سواء لما يسميه التقرير بمكافحة( الارهاب) أو لوقف انتشار أسلحة الدمار الشامل أو لمنع قيام تعاون خطر ومدمر بين ما اسماه التقرير بالتنظيمات(الإرهابية) والدول غير المسئولة ..
5. قيام إدارة بوش بالعمل على التوصل إلى اتفاق موحد مع أوربا وحلف الأطلسي حول الشرق الأوسط لان هذه المنطقة تؤثر على الأمن والاستقرار والنمو في العالم الغربي أكثر من أي منطقة أخرى ولأنها تحتوي على اكبر احتياط للنفط والغاز في العالم ..
6. تسعى الولايات المتحدة وأوربا على تركيز الجهود على قضايا رئيسية أربع هي :
أ . إنقاذ العراق من الانهيار وضمان الأمن والاستقرار في هذا البلد وإقامة نظام شرعي جديد مستقر فيه وإعادة أعماره .. ويتفق التحليل لكلا الجانبين أن انهيار العراق ( لا سمح الله ) ستكون له عواقب وخيمة وخطيرة على سائر دول المنطقة والعالم وليس فقط على أمريكا ، لذلك يدعو الجانبان إلى وضع العراق تحت المسؤولية العسكرية لحلف الأطلسي بصورة مؤقتة ..
ب. منع إيران من امتلاك السلاح النووي بأي ثمن وتشجيع الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في هذا البلد ، ويدعو الجانبان روسيا للتعاون معهما لتنفيذ هذه الاستراتيجية ..
ج. الاتفاق على خطة موحدة مشتركة لتسوية ما اسماه التقرير بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي ، وهو ما يتطلب أن يتخذ المسئولون الأمريكيون خطوات عملية محددة للعمل على إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة والاستمرار ..
د. تخلي أمريكا عن أية خطط لديها لفرض الإصلاحات على الدول العربية وقيامها مع الدول الحليفة بجهود مشتركة لمساعدة دول الشرق الأوسط على تحسين وتطوير أوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية وذلك لتجنب نشوب نزاعات داخلية في عدد منها ..
يتبع