المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يا ربّ يا مغيث- بكائية طفل وديع



يوسف أحمد
02/04/2008, 03:01 PM
يا ربّ يا مغيث
" حَمَل الناس همّه لكنهم لم يجرؤوا أن يصرحوا أمامه بما فيه، فاختلس السمع واصفا ذلك الموقف المخيف"
شعر: يوسف أحمد
......
وفجأة تغيرت من حوليَ الوجوه والحياةْ
رأيت والدي يدير عني وجهه الذي خبرتُ في شفاهه الربيعْ
وفي لسانه الغدَ الجميلَ حالما
وفي صباحِه الخُشوعْ
وأمّيَ التي عهدتها تصارع الجنود كلما توثبوا
غدت بجانبي مطروحةً على الفراش تحتمي بشالها الحزين من سؤال طفلها الوديعْ
وإخوتي حول السرير يسرقون الوقت من أصابعي لكي يخبئوا الدموعْ
والناس يدخلونْ
والناس يسألونْ
والناس يخرجونْ
والهمس يخنق الكلام في حناجر الجميعْ
وكلهم يمدّ للسماء كفّه ويستعينْ
ويترك المكان في سكينة الخضوعْ
-----
يا أمّ ما الذي تغيّرا
وما الذي في بيتنا الوديع يا حبيبتي جرى
بالله يا حبيبتي
وما الذي أسَرَّه الطبيبْ
؟؟؟
تندّ زفرة من قلبها وتحتمي بالصمت والدموعْ

يا والدي الحبيبْ
أما وعدتني بأنني سأترك الفراش في الغروبْ
فهل نسيت عهدنا وعزمنا على قراءة الدروس في المغيبْ
أبي أبي وعدتَني
فما الذي أسرّه الطبيبْ
؟؟؟؟
لا شيء يا بنيّ، لكن حين نستطيعْ
-----
وفي الصباح تولد الدموع من جديدْ
أبي يقبِّل الجبين بعد أن يقيس باكرا حرارتي
أمي تلملم الفراش ...
ترصد الشحوب في بقاع جسميَ الكديدْ
وترسل العينين في عينّيّ تفحص التحوّل الجديدْ
لكنها تحاول اصطناع بسمة
فتفضح الدموع سرّها
وتسكب التنهّد العميق في مفاصلي
وإخوتي يسافرون في قطار دمعهم
يتمتمونَ، يسألونَ عن تقيّؤ يهدّني
وعن هُزالِ جسميَ السريعْ
فإن رأوا عينيّ سارعوا بخفّة
يُقَلِّبون في هدوء البيت أعينا تفيض بالتأمل المُريعْ
ويصمتونْ يصمتونَ يصمتونْ
-------------
وهذه سيارة الإسعاف تقطع السكونْ
فيغرق الجميع في خشوعهم
وتشخص العيون في السماءْ
وتطلق الدعاءْ
وينزل الممرض الجميل بابتسامة
تفضّلوا
تفضّلوا
تمتدّ نحو جسميَ الهزيلِ كفُّه
... براحة غريبة تلفُّه
وفي هنيهة وجدتني تلوكني الإسعافْ
ولم يعد بمسمعي سوى زامورها الفظيع
------
يا ربّ لا اعتراض
قد كنت أعشق البياض
يا إلهي الكبيرَ
كيف ضقت بالبياضْ ؟
رجفتُ إذ رأيت كلّ شيء يرتدي البياضْ
ملابسُ الممرضِ الجميلِ والطبيبِ والسريرُ والشراشفُ
تثور من سكونها المخاوفُ
تمتمتُ :
كيف ترتدي الأكفانُ أجملَ الرجال والنساءْ
وكيف في العروق تنبض الدماءْ
يا ربّ كيف غشّى قلبي انقباضْ ؟؟؟
-----
يا رب لا اعتراض
لكنني سمعت همسة الطبيب في الحضورْ :
الفحص موجب، فعجّلوا
خذوه للتصويرْ
لا تبطئوا
لا تبطئوا
ففي دماغه تورّم خطيرْ
لم أدر ما يقول غير أنني
لمحت دمعة تندّ من جفون والدي
سمعتُ همسه الحزين يستجيرْ
يا رب قد كتبتَ داءه
فاكتب له الشفاء
ودلّهم يا خالقي على الدواء
---
الناس حولي باهتونَ خاشعونْ
وتحتيَ السريرُ واجم وغرفتي يجتاحها السكونْ
وفجأة
سمعتُ صوتا خافتا، تدفَّّقَ الحديثْ
( يا ربّ يا مغيثْ...
فذلك الفتى الذي أمامنا
يهدّه " الخبيث"
يا رب يا مغيثْ
اكتب له الشفاء
اكتب له الشفاء )

عـائشة السهلاوي
03/04/2008, 12:23 PM
هيَ المَصائبُ حينَ تَدنو
..تجرّرُ ويلاتِها!

وتَبقى الأنفاسُ..
تُهروِلُ صوبَ الفَلك
..ترومُ مِن القَدرِ لُطفاً!!


أ.يوسف أحمد*
ألقٌ يدوّي
وبَذخٌ وديع!
..[فلا كُسِرَ لكَ قَلمٌ!!!!]

التـواقة

يوسف أحمد
05/04/2008, 09:42 AM
أختي التواقة حفظك الله

بارك الله فيك، قلما ملتزما، وحروفا منتمية، ووفاء أصيلا


بك أعتز دوما وبحروفك ورؤاك أفاخر.


أخوك

هلال الفارع
05/04/2008, 12:19 PM
أخي يوسف.
تحيتي لك،
لقد تفاجأت فعلاً من هذه الحركة السنمائية في قصيدتك،
هي نقل حي ومباشر للقصيدة.. للشعر!
لقد أجدت في نقلنا، و"حطّنا" .. ونقلنا،
ولم تتوقف بنا إلا على محطة للأسى،
أو على تلّة للدعاء والتضرّع!

الناس حولي باهتونَ خاشعونْ
وتحتيَ السريرُ واجم وغرفتي يجتاحها السكونْ
وفجأة
سمعتُ صوتا خافتا، تدفَّّقَ الحديثْ
( يا ربّ يا مغيثْ...
فذلك الفتى الذي أمامنا
يهدّه " الخبيث"
يا رب يا مغيثْ
اكتب له الشفاء
اكتب له الشفاء )

أبدعت تصويرًا وتخلّصًا.
لك التحية

يوسف أحمد
06/04/2008, 07:26 PM
الأخ الحبيب الكريم هلال حفظك الله

مرورك الألق الشامخ يزيد القصيدة بهاء ، وشرفا.

وقد أحسنت كعادتك التقاط النواة الفنية التي تدور حولها القصيدة

وجاءت كلماتك كفا بيضاء تمسح على قلوب أدمنت الهم والحزن

سلمت أيها الكبير الأثير

أخوك

يوسف أحمد
06/04/2008, 07:26 PM
الأخ الحبيب الكريم هلال حفظك الله

مرورك الألق الشامخ يزيد القصيدة بهاء ، وشرفا.

وقد أحسنت كعادتك التقاط النواة الفنية التي تدور حولها القصيدة

وجاءت كلماتك كفا بيضاء تمسح على قلوب أدمنت الهم والحزن

سلمت أيها الكبير الأثير

أخوك

مقبوله عبد الحليم
06/04/2008, 09:55 PM
أستاذي الذي أحترم وأعز يوسف أحمد

أطلت الغيبة وعدت لنا بقلب يملئه الحزن وتتكسر على دفق نبضاته كل الشراعات

والله الذي لا الله الا هو أنني أشعر بقلبك الآن ينتفض من الأسى

كتبت وصورت معاناة على الأرض نقلتها لنا كما قال أستاذنا هلال بصدق الصورة والكلمة والموقف لدرجة انك جعلتني اشعر أن هذا الطفل يقربك

المتني حد الوجع
تحيتي أخي المكرم

عمر طرافي البوسعادي
06/04/2008, 10:48 PM
أبدعت بهذه الباذخة المشجية يا أستاذ يوسف
يعلم كم أتأثر من مأساة الأطفال .....
بورك يراعك ودمت معطاء
محبك البوسعادي

يوسف أحمد
07/04/2008, 08:37 PM
أختي الكريمة الفاضلة مقبولة حفظك الله

بارك الله فيك على تفقدك أخيك وعلى وفائك الجميل الذي يجعلني دائما مفاخرا بك وبحروفك المنيرة الملتزمة ومشاعر الانتماء في سنان قلمك الأصيل.
وكم أشكر لك هذا الحرص الجميل والعطاء النبيل، ولست أملك إلا أن أدعو لك ضارعا إلى الله أن يمد في عمرك كما مد الزيت في زيتون فلسطين.
القصيدة يا أختاه تمثل حالات كثيرة على امتداد العالم، ورغم أنها خيالية إلا أنها قد تعبر عن كثير من الحالات والمواقف المشابهة، ولعلها طريفة في تصويرها لذلك الطفل بلسانه ورؤاه، كما تصور حالات الأهل وأحزانهم ودعاءهم الدائم وبخاصة في ظل خوف مرعب يتولى الأسرة والبلد والناس حين يذكر اسم هذا المرض، وحين يسمعون بمصاب به، فكيف إذا كان طفلا.
سألني بعض الإخوة إن كنت رصدت في القصيدة حالة خاصة، وذكروا أنها تعبر عن ذلك البيت والحارة، ولم أكن على علم بذلك قبل كتابة القصيدة.
ولا أنكر يا أختاه صعوبة تقمص شخصية هذا الطفل والنظر بعينيه هو إلى الأشياء والأشخاص، والاستماع إلى التمتمتات والوشوشات حوله بأذنيه هي، فقد كان الحديث بلسانه صعبا على النفس، لكن الله أعان فخرجت القصيدة على لسانه، كما أنها كانت تسليما تاما بقضاء الله وقدره، وتوجهت إليه تعالى بالدعاء للطفل وأمثاله بالشفاء.

أسأل الله أن يقي الناس من هذا المرض الفتاك، وأن يحمي بيوتنا جميعا من مثل هذه الحالات.

ولك الشكر أختاه ثانية وثالثة ....
أخوك الذي يفتخر بك دائما
يوسف

مقبوله عبد الحليم
07/04/2008, 09:19 PM
وها قد أعادتني كلماتكَ إلى هنا

ولن أطيل عليكَ أخي العزيز يوسف

رائع أنت بكل ما للكلمة من معنى

حقا ليس أروع ولا أصدق من حرف أو كلمة كتبت من عمق الإحساس

تحية من جليل فلسطين

أختك مقبولة

يوسف أحمد
08/04/2008, 11:07 AM
أخي عمر حفظ الله

أعتذر عن الأسى الذي تنضح به القصيدة ، لكن الحياة تنضح بالمآسي والأحزان أيضا، والحزن في القصيدة هو حزن الصابر المؤمن بقضاء الله وقدره، والآمل في الله أن يشافي مرضانا ويكتب لهم السلامة.

بارك الله فيك أخي الحبيب على مرمروك الجميل

أخوك المحب

يوسف أحمد
10/04/2008, 03:14 PM
وها قد أعادتني كلماتكَ إلى هنا

ولن أطيل عليكَ أخي العزيز يوسف

رائع أنت بكل ما للكلمة من معنى

حقا ليس أروع ولا أصدق من حرف أو كلمة كتبت من عمق الإحساس

تحية من جليل فلسطين

أختك مقبولة


أختي الفاضلة الكريمة مقبولة حفظك الله

كعادتك دوما في الوفاء والصدق والألق تسبغين على قلم أخيك مكارم حروفك الوضاءة، وعلى حروفه الكليلة الواهنة إحساساتك المرهفة ومشاعرك الفياضة التي أفاخر بها كل الدنيا

سلمك الله وكتب لك سعادة الدارين، وسلامي سلامي للجليل ولأهله الكرام

أخوك

أيمن أحمد رؤوف القادري
10/04/2008, 04:23 PM
نص يستقى روعته من معين المعاناة
ويتسلّق الواقعية باتـجاه مراقي الخلود
أحسنت أيها الأديب
مع التحية والتقدير

يوسف أحمد
15/04/2008, 01:41 PM
نص يستقى روعته من معين المعاناة
ويتسلّق الواقعية باتـجاه مراقي الخلود
أحسنت أيها الأديب
مع التحية والتقدير

----

مرور عذب شفاف كالعادة،
أخي أيمن

سلم القلم في يمينك
دمت بود

يوسف أحمد
15/04/2008, 01:41 PM
نص يستقى روعته من معين المعاناة
ويتسلّق الواقعية باتـجاه مراقي الخلود
أحسنت أيها الأديب
مع التحية والتقدير

----

مرور عذب شفاف كالعادة،
أخي أيمن

سلم القلم في يمينك
دمت بود

يوسف أحمد
15/04/2008, 01:41 PM
نص يستقى روعته من معين المعاناة
ويتسلّق الواقعية باتـجاه مراقي الخلود
أحسنت أيها الأديب
مع التحية والتقدير

----

مرور عذب شفاف كالعادة،
أخي أيمن

سلم القلم في يمينك
دمت بود