المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : " نصوص من الأدب الفرعوني " دراسة وترجمة ( عن الألمانية ) - د. شاكر مطلق



الدكتور شاكر مطلق
06/04/2008, 02:16 PM
نصوص من الأدب الفرعوني

د. شاكر مطلق
دراسة - وترجمة نصوص( عن الألمانية )

تمهيد :
لم يكن الأدب الفرعوني ، برغم قراءتي له منذ زمن طويل ، من ضمن اهتماماتي ودراساتي الأدبية ، لأنه - بالنسبة لي على الأقل - أدب موتٍ وقتامةٍ بشكل عام ، بخلاف تعاملي مع الأدب الرّافدي العظيم ، الزّاخر بمختلف تجليات الفكر البشري من موتٍ وصراع وبعثٍ ... الخ ، الذي وسَم ، ولا يزال ، جُلَّ مجموعاتي الشعرية ، ناهيك عن الدراسات والكتب المختلفة التي أصدرتها عنه .
- لماذا أتعاطى إذن الآن مع هذه النصوص الفرعونية ؟
في بحثي مؤخراً - ضمن أرشيفي الفرعوني - عن صورة لـ " بُرديّة إيبرت " التي تحتوي على معلومات هامة في الطب ، وجدت مجموعة من النصوص الأدبية الفرعونية التي احتفظت بها منذ أن كنت طالباً في ألمانيا ( غ ) لأكثر من أربعين عاماً ، مطبوعة على ورق فاخر باللغة الألمانية ، ووجدت تعليقات على تلك النصوص كنت قد كتبتها من ذلك الوقت ، فأخذت أقرأ فيها لأكتشف أنها تحتوي على مجموعة هامة من النصوص الأدبية ، ولاسيما تلك المتعلقة بتاريخ منطقتنا وبخاصة ( معركة قادش ) - " تل النبي مندو " ( حالياً ) ، قرب القصير على تخوم حمص - الشهيرة بين الحثيين والفراعنة .
كانت النصوص الألمانية مترجمة من قبل علماء ألمان متخصصين في الآثار المصرية واللغة
" الهيروغليفية " مباشرة ، فعزمت على ترجمة مختارات منها إلى العربية ، أقدمها الآن ، آملاً المتعة والفائدة من ذلك .
اعتمدت في ترجمت أسماء العلم على النص الألماني ، وربما كان نطقها أو كتابتها مخالفاً بعض الشيء لما ترد عليه عندنا ، فاقتضى التنويه .

نشيدُ عازف " الهَارْف " - القيثار – الأعمى

السّلالاتُ تَمضي ، وأخرى تَبقى .
منذ زمنِ الأجدادِ
كانت الآلهةُ تَرقُـدُ في أهراماتِها
هكذا أيضاً ( يَـرقدُ ) النّبلاءُ والمبارَكونَ
المدفونونَ في أهراماتِهم .

الذّين بنَو ْ البيوتَ يوماً
تَـهدّمتْ جدرانُها
وأماكنُهم لمْ تعدْ موجودةً
وكأنّها لمْ تكنْ .

اِتبعْ قلبَكَ طالما أنتَ حيٌّ
اِمسحْ ( جسَدَكَ ) بمَرهَمِ العجائبِ الحقيقيّـّةِ
للأشياءِ الإلوهية .
أَكثِرْ من ( أعمالكَ ) الحسَنةِ
لا تَدعْ قلبَكَ يتـراخى .
اُنظرْ ، لا أحدَ اصْطُـفِـيَ
ليأخذَ ما يَملكُ معهُ
اُنظرْ ، لا أحدَ ممّنْ ذهبوا يعودُ .




نشيدٌ للقيثارة ( الهارْف )

لا أحدَ يستطيعُ أن يُطيلَ
حياتَه على الأرضِ
ولا أحدَ إلاّ عليه الذّهابُ
إلى العالمِ الآخرِ .

زمنُ وجودِنا الأرضيِّ
ليسَ بأطولِ من حُلُمٍ .
اجعلْ بيتَكَ في مدينةِ الأمواتِ رائعاً
من خلال الجُهدِ الصّادقِ والعمل الصّادقِ
الذي يستطيع قلبُ الإنسان الاعتمادَ عليه .

فضائلُ العمل الصّالحِ
يتقـبّلُها الإلهُ بمحبةٍ
أكثرَ من أُضحِيةِ البقرةِ من الخاطئ .
-----------------
حِكمةٌ فِرعَوْنيةٌ
أولئكَ الذين بنوْ بـالغرانيتِ
( أولئكَ ) الذين شيّدوا قاعةً في أهرامٍ
طاولاتُ قرابينهم فارغاتٌ
مثلَ ( طاولات ) التّعَساءِ
الذين يموتون على الشاطئِ
من دونِ أن يخلِّفوا ( أحداً ) .
=================
الفرعون " آمين أمحيت

الفرعون " آمين أمحيت – Amenemhet " ( 1992- 1962 ق.م ) ، ويعني اسمه ( آمون الذي في الطليعة ) ، ويطلق عليه الإغريق اسم " آمين إميس - Amenemes" ، كان وزيراً وصل إلى الحكم بالقوة بعد أن أزاح آخر فراعنة الأسرة 11 عن العرش ، وأسّس حكم الأسرة 12 التي حكمت مدة ( 205 ) عام ما بين ( 1991 – 1786 ق.م ) التي سُـمِّي كلّ فراعنتها باسمه وباسم ابنه " سيسوستْريس - Sesostris " - حكم ما بين ( 1971- 1928 ق.م ) - .
ازدهرت في عصره مدينةُ " طيبة " - المصرية ، وليست مدينة طيبة الإغريقية التي بناها هناك
" قدموس " ابن ملك صيدا وصور في بحثه عن أخته " أوروبا ". هناك اتّحد فيها إله الشمس " آمون " مع الإله " رع " وأصبح يسمى " آمون – رع " وبذلك ازداد نفوذ " معبد الكرنك " وقوته ، وبرغم ذلك تمَّ في عهده نقل المركز السياسي والديني إلى مدينة " ليشْت – Lischt " على مقربة من مدينة " مِـيمْفِس " حيث لا تزال بقايا هرمه وهرم ابنه المخربين موجودة حتى اليوم .
( كانت طيبة موجودة ، قبل أي مكان آخر . الماء والأرض كانا فيه – موقع طيبة – منذ البَدء ، وجرى خلْق العالم والآلهة في طيبة من قِبل إلهها آمون ) .
هذا نشيد قديم يمجدُ الإلهَ آمون ، الذي اعتمده فراعنة " الإمبراطورية الجديدة " التي أسّسَتْ في طيبة الأسرةَ ( 18 ) – 1750 ق.م – كمنطلقٍ ومُرتَـكزٍ لـتسيير أمورهم السياسية والدينية .
في الماضي السّحيق كان الإله آمون متخفّياً ، ولكن في عهد طيبة تمَّ رفع مكانته ، لتتساوى مع مكانةِ إله الشمس العظيم " رَع " ، ومع مكانة إله مدينة " مِمْفِـيس " " بتَعْ – Ptah " ، وفيها تمَّ ، فيما بعد ، إعلان الإله " آمون " كإله أعظم وأقدم من كل شيءٍ ، وهو الذي من خلاله جاءت بقية الآلهة إلى الوجود .

تشير الأبحاث الأثرية الحديثة إلى وجود استيطان بشري في المغائر والكهوف الواقعة حول طيبة ، يعود إلى عشرات آلاف السنين قبل ظهورها في منتصف الألف الثالث ق.م . بدأ ظهور أمراء طيبة مع حكم السلالة ( 9-10 ) – 2190 – 2020 – وأصبحوا أجدادَ فراعنة الأسرة ( 11-12 ) – 2143- 1778 –
الذين وطّدوا حكم طيبة بعد انهيار حكم الأسرة 12 ، حيث استطاع أحد أفراد أسرتها من تأسيس حكم الأسرة ( 17 ) في جنوب البلاد في عام 1600 ق.م.
لا توجد وثائق عن عدد سكان طيبة في ذلك الوقت وإن كان هناك مغالاة في الأمر تجعل عددهم يصل إلى مليون إنسان .
الشاعر الإغريقي " هوميروس – Homer " – صاحب " الإلياذة – Elias " و الأوديسّا – Odyssey " كتب في الكتاب التاسع منها صفحة 381 – 384 ما يلي :

" طيبة المدينة المصرية ، بيوتها غنية بالكنوزِ
لها مئةُ بوابةٍ
من كلِّ واحدةٍ يخرجُ
مئتا ألفٍ من الفرسانِ المسلحين للقتالِ "

بعد صعود مصر كإمبراطورية عالمية ، مدّتْ نفوذها من النيل حتى الفرات ، وأصبحت طيبة محطَّ ركاب القادمين إليها من كل جهات العالم القديم المعروف . شهدت المدينةُ إنشاءَ المعابد – الكرنك ، الأُقصُر " والقصور الباذخة ، والفن المعماري الرفيع .
امتدت مساحتها حوالي 7-12 كم مربع ، أحاطها من الشرق جدار ضخم . كانت البيوت فيها تتكون من طبقات عديدة ذات فسحات داخلية كما هو معروف من طراز البيت العربي القديم .
يشير المؤرخ الإغريقي المعروف " هيرودت " – حوالي 450 ق.م – الذي زار مصر وبالطبع طيبة إلى غرائب رآها هناك ، مثلاً :
تحدث عن أن عملية البيع تتم عادة بواسطة النساء ، بينما الرجال يجلسون في البيوت ويغزلون القماش ـ، وبأن الرجال يحملون الأثقال على رؤوسهم بينما النساء يحملونها على أكتافهن . يبول الرجال جلوساً بينما تبول النساء وقوفاً . يتناولون طعامهم في الشارع ، ويقضون الحاجة في المنزل . يعجنون العجينَ بأرجلهم ويعجنون الطوبَ لبناء البيوت بأيديهم ، ويمسكون براز الحيوان" البقر " - الجَلّة - بأيديهم ... الخ .
انسحبَ هذا الفرعون أواخر أيامه إلى قصره وترك أمر الدفاع الخارجي عن المملكة لابنه" سيسوستْريس " ، الذي كان في حملة عسكرية ضد " ليبـيا " عندما قامت ثورةٌ في مصر أودَت بحياة والده ، ووصله الخبرُ عن طريق رسول سريع فعاد فوراً إلى مصر وعزل الفرعون المُغـتَصِب وتسلم الحكم لتوّه.حتى يُبعد النظرَ عن الثورة تلك أرسل جيشه جنوباً حتى وصل الشلال الثاني للنيل ، وهو ما لم يصله أي فرعون قبله .

وجه الفرعون " سيسوستْريس الأول "

أقام في مدينة الشمس " هيليو بوليس – Heliopolis " - المدينة التي زارها المؤرخ الإغريقي
" هيرودوت " والفيلسوف " أفلاطون " وغيرهما - أوّلَ نصب حجريٍّ مفرد ( مِسلّة ) من النوع المسمى
" أوبِِليسْكْ - Obelisk " بارتفاع ( 20.27 م .) ووضع على رأسه هرماً صغيراً ، نُـقشَ عليه النص التالي :

في هذا البيتِ
سيذْكـرُ المرءُ جمالي
اِسمي هو الهرمُ الصّغيرُ
ونصْبِيَ ( التَّذكاريُّ ) هو البحرُ .

أَخذَ الأوروبيون من هذه النُّصُب الحجرية المفردة الطويلة ( المسلاّت – أوبليسكا ) أعداداً كبيرة إلى بلادهم ، ومن مخلّفات هذا الفرعون وحده أخذوا خمسَ مِسلاّت:
ثلاثة إلى روما ، لا تزال إحداها تنـتصِب أمامَ كنيسة القديس " بطرس " البابوية في الفاتيكان ، واحدةٌ أخرى تسمى " إبرة كليوباترا " أُخذت إلى " لندن " ، وأخرى من نفس الاسم والنوع أُخِذت إلى " نيويورك " .

الحِكمة التالية أوصَلها الأبُ - الفرعون القتيل " أمين أمحيت " - إبّان حياته إلى ابنه كنصيحةٍ مستقبليّةٍ له ، وهي تعكس المرارةَ وخيبة الأمل الذين خَبِرَهما إبان حُكمه :

أَصغِ لما أقولُـه لك َ ( : )
لتكونَ ملكاً في الأرضِ
لا تتّخذْ لكَ صديقاً
ولا أميناً ( على أسراركَ )
لا كمالَ في هذا .
عندما تنامُ ، اُحرسْ بنفسِكَ قلبَكَ
(لأنّه لا أحدَ للإنسانِ بجانبه)
يومَ الفَجيعةِ .
لقد استقبلتُ الوَضيعَ والمَرموقَ
لكنّ الذين أكلوا خبزي
تذمّروا ( وثاروا )
مَنْ مَدَدْتُ له يدي ، أثارَ الرّعبَ .
--------------

ألّفَ الشعراءُ المصريون العديدَ من الأغاني والأناشيد التي تُمجّد الابن ، البطل " سيسوستْريس " ، واحدةٌ منها تقول :
كَمْ هي عظيمةٌ مدينةُ المَلِكِ ؟!
ملايينُ الأسلحةِ ( فيها ) :
حُكّامُ النّاس الآخرونَ
ليسوا سوى شعبٍ عاديٍّ .
كمْ هي عظيمةٌ مدينةُ المَلِكِ ؟!
إنّـه كالصّخرةِ
التي تَصُدّ الرّياحَ
عندَ العاصفةِ .
-----------------------


إله " طيبة " آمون " على شكل كبش .


الفرعون " آمين أمحيت الثالث "
أهم ملوك السلالة 12 – الإمبراطورية الوسطى – الفرعون " آمين أمحيت الثالث " ( 1842 – 1797 ق . م ) . قام بأعمال هامة في مجال بناء وترميم القنَوات المائية وبخاصة في " واحة الفيوم " التي كانت إبان فبضان النيل تتحول إلى بحيرة وسيعة، بسبب اتصالها بمجرى طبيعي مع النهر ( قناة يوسف )، واستطاع بذلك زيادة المحاصيل الزراعية بشكل مبهر ، وأقام جداراً واقياً بطول 40 كم واكتسب أرضاً زراعية بمساحة 11 ألف كم مربع . أقام السلام في بلده حوالي نصف قرن . كانت له صلاتٌ تجارية مع سورية وجزيرة كريتا – اليونان - وبابل . دُفن في جزيرة الفيّوم " أهرام حوّارة " . هناك نصٌّ يمجّده ويقول :

لقد جعلَ مصر أكثرَ اخضراراً من النّيلِ
ملأَ البلدين ( الشَّمال والجنوب ) بالقوّة ...
أطعمَ مَن وَطِئَ دربَهُ .
الملكُ هو الغذاءُ
فمُه هو ( الخيرُ ) الفائضُ .
----------------

مِن تعاليم وحِكَم الكاتب " أني – Ani " :

قدِّمْ لأمِكَ كلَّ ذلكَ
الذي فعلتهُ من أجلِك .
ضاعفْ ( لها ) الخبزَ
الذي أعطتهُ أمُّكَ لكَ
واحمِلْها كما حَملتكَ .
إنَّ حَمـْـْلَكَ كان ثقيلاً لها.

============


( نشيدٌ عاطفيٌّ )

سبعةُ أيامٍ لمْ أرَ فيها الحبيبةَ .
السَّقامُ ألَمَّ بيَ .
قلبي ثقيلٌ .
لقدْ نسيتُ ذاتي .

عندما يعودني الأطباءُ
لا أرضى بدوائِهمْ .
طاردُوا الأمراضِ
لا يجدون وسيلةً ( لعلاجي )
مرضي لمْ يُـكْتَشفْ .

إذا قالَ لي أحدٌ :
انظرْ إنها هنا
فهذا يحييني .
اِسمها هنا ، وهو ما يُحْييني .
ذَهابُ وإيابُ الرُّسُلِ بيننا
هو ما يحفظُ قلبي .

أفضلُ من أيِّ دواءٍ لي
هي الحبيبةُ .
إنها أكثرُ لي من كتابُ الوَصْفاتِ .
دخولها من الخارجِ هو حِرْزي .
عندما أراها أشفى .
متى فتَحتْ عينَيها
يعودُ جسدي فتيّاً .
متى تكلّمتْ ، أصبحُ أقوى .
متى أضمُّها تطردُ عنّي السّوءَ .
لقد هجرتني منذ سبعةِ أيامٍ .
=======================

نقشٌ على قبرِ " نِيفِرْحوتِبْ - Neferhotep " :

اِحتفلْ بيومٍ فَرِحٍ .
اتبعْ حظـَّكَ طالما أنتَ على الأرضِ
لا تُجهِدْ قلبَكَ
حتى يأتي اليومُ
الذي فيه يَـنوحُ المرءُ .
==============

من طقوس الموت – نصٌ إلى فِرْعون :

أنتَ إلهٌ بينَ الآلهةِ
وفي نفسِ الوقتِ
فأنتَ تملكُ كلَّ ما كانَ
على الأرضِ ملكاً لكَ .
==================


" أخناتون " وعبادةُ التَّوحيدِ
الفرعون " أمينو فيس الثالث – Amenophis III " ( 1400- 1362 ق.م . ) عاش في رخاء وسلام بعد أن قام الآباء بتوسيع وتثبيت حدود الإمبراطورية التي امتدت على مساحة ثمان عشرة درجة عرض ، غير أنه ظلّ طويلاً ينتظِر ولادة وريث العرش إلى أن ولد الوريث الذي حمل اسم والده ولقب الرابع . كان هذا الابن ضعيف البنية ، حالماً ، قلقاً ، حساساً ، ومتعلقاً بأمه . شاركه والده في الحكم وهو لا يزال فتياً ، بعد أن ورث العرش اهتم بأمور الآخرة أكثر من اهتمامه بأمور الدنيا . أدخل عبادة التوحيد
، لأول مرة ، في مصر الفرعونية متعددة الآلهة عندما ألغى عبادة كل الآلهة ووحدها في عبادة إله الشمس " آتون - Aton" وأثار بذلك عليه نقمة الكهنوت ، وأدى ذلك بعد موته إلى تخريب ما كان أنشأه من معابد وتماثيل وغير ذلك ، حتى اسمه " أمينو فيس " الذي يتضمن اسم الإله " آمون " ويعني ( آمون راضٍ ) غيّره إلى اسم " إخناتون " الذي يتضمن اسم الإله " آتون " ويعني ( إنه يُعجِبُ آمون ) . وأما العاصمةُ " طيبةَ " - مدينةُ " آمون " الجميلةَ فقد هجرها وبنى بين مدينة " مِيمفس " المقدسة ، ذات المئة بوابة والأسوار البيضاء ، وموقع رمليّ على النيل لا يخص فرعوناً أو إلهاً مدينة لإله الشمس أطلق عليها اسم " أخِت – آتون " أي ( أفق آتون ) ، بناها من الخشب والقِِرْمِد الطينيِّ غير المشويِّ الملون. وبنى فيها معبداً كبيراً لإله الشمس والمساكن الفاخرة والحدائق بأشجارها الجميلة التي جعلتها تشبه فِرْدوْساً على الأرض .
هذا الموقع يعرف الآن باسم " تل العمارنة " ، ولمْ يُبنَ فوقه – كما كان الأمر شائعاً في القديم ، وحافظ بذلك على شكله الأصلي – تمّ الكشفُ عنه من قبل عالِم الآثار البروفيسور الألماني " لودْفيش بورشارد – Borchardt L. " عام 1912 م . ، وعثر فيه على التمثال النصفي الفريد ، الموجود الآن في برلين ، للفرعونة أخت " أخناتون " وزوجه " نُفرتيتي - Nofretete " وكذلك احتوى الموقع على الكثير من الوثائق الهامة تاريخياً ، ومنها ما يعرف بـ " أرشيف تل العمارنة " الذي يحتوي إلى جانب الوثائق للعلاقات بين مصر وغيرها من الدول ، يحتوي أيضاً على وثائق أدبية ، أناشيد وقصائد التي تنسب إلى الفرعون نفسه ، وتمكننا من إلقاء المزيد على فكره وتصرفاته ، ومنها " نشيد الشمس " المعروف التالي :


الشمس الفرعونية المجنحة مع رمز الخلود " أورِيوس - Urea's " المزدوج – أفعى برأس النسر الأصلع - .
" نشيدُ الشمس "
هو نشيدٌ شهيرُ جدّاً ، كان يُنقش على جدران مقابر النّبلاء في زمن العَمارنة :

مُشِعّاً تَصعدُ على طرَفِ السّماءِ
" آتونُ " ، أنتَ تحيا منذ البَدءِ
أنتَ تجولُ عالياً
وتملأُ العالمَ بجمالِكَ .
عالياً تَلمعُ فوقَ البلادِ
أشعّـتُكَ تَحتضِنُ ما خلَقـتَه .
أنتَ بعيدٌ ، لكنّ أشعّتَكَ تُلقِّحُ التّـربةَ
والعشبُ يعلو ، عندما تقبّلُ الأرضَ .

( عندما ) تغيبُ عنّا في الغربِ
ينتشرُ الظّلامُ على الأرض ، وكأنّها تموتُ .
النّاعسونَ يرتاحونَ في حُجراتِهم
( لو ) أخذَ أحدٌ شيئاً من تحت رؤوسِهم
لما شعروا به .
العالَمُ مُلقى في الصّمتِ .
لكن صباحاً ، عندما تعودُ ، على طرَفِ السّماءِ متوهّجاً
تَهربُ من أمامِك العَـتمةُ
البَلَدانِ ( الوجه البحري والقبَلي ) يَسعَدانِ بشعاعِكَ
الكلُّ يَـصحو وينهضُ
يغسلونَ أجسادَهم ويلبسون ثيابَهم
مصلّينَ يشمّرونَ عن أذرعِهم
( أيها ) المُشِعُّ ، مُبتهلينَ إليكَ
وكلُّ العالَمِ يُنجزُ أعمالَه .
كلُّ الحيواناتِ ( الأليفةِ ) تفرحُ بالمَرجِ .
الحقولُ والأعشابُ ( الطّبيةُ )تَخضرُّ
الحِملانُ يقفزونَ على أقدامهم .
من أعشاشها تَخرجُ الطيورُ
وبأجنحتِها تُسبِّحُ لأجلِكَ
كلُّ الدروبِ مفتوحةٌ ، لأنكَ تتلألأُ .

السّفنُ تَعبرُ التّيارَ
الأسماكُ في المياهِ تقفِزُ أمام وجهِكَ
أشعّتُكَ تقتَحمُ حتى أعماقِ البحرِ
أنتَ تعطي كلَّ مخلوقاتِكَ النَّفَسَ يومَ الولادةِ
وتفتحُ فمَهُ وتَهَبُ من يحتاج .
الصّوصُ في طاستةِِ ( قشرته ) تُعطيه الهواءَ
( الذي ) يجعلُهُ قوياً ، على كسْرِ البيضةِ
يمشي على قدميه الصّغيرتينِ ، منذ خروجه ( منها ) .
أنتَ الإله الأوحدُ ، الذي لا مثيلَ له
خلَقتَ الأرضَ حسب ( رغبة ) قلبـِكَ
أنتَ الواحدُ الأحدُ .
خلقتَ " النّـيلَ " ، الذي يَفيضُ من العالمِ السّفليِّ
حتى يحافظَ على حياةِ الشّعبِ
( و )أيضاً على السّماءِ وضعتَ " نيلاً "
حتى يفيضَ ، هابطاً ، ليروي تُربةَ الحقلِ
خلقتَ الفصولَ حتى تُتِمَّ ( هيَ ) عمَلَكِ
( خلقتَ ) الشّتاءَ حتى يُبرِّدَ
وحرارةَ الصيفِ حتى يتذوّقونَكَ .
صنَعتَ السَّماءَ البعيدةَ
حتى تُشرقَ عليها
( و ) حتى ترى كلَّ ما خلقتَه وحدَكَ .
الكلُّ يتطلّعُ إليك ( يا ) شمسَ اليومِ .

أنتَ تحيا في قلبي
لا أحدٌ يعرفُكَ هكذا
كما ( يعرفكَ ) ابنُكَ أخناتونَ .
منذ أسّــسْتَ الأرضَ
هيَّأتها من أجلِ ابنِكَ
الذي من ذاتِك أنتَ ، خرَجَ
ملكُ مصرَ العليا والسُّفـلى
سيّدُ التّيجانِ ، أخناتونَ ، طويلُ العمرِ
ولزوجته الملكيّةِ " نفرتيتي " .
============================









قصيدةُ قادِشَ
عندما حوصر الفرعون " رعمسيس II " في معركة قادِش ( تل النبي مندو ) على العاصي – نهر قدَش
( المقدس ) – قرب حمص - من قبل جيوش الحثّيين تحت قيادة ( موفاتالي ) – أيار من عام 1286ق.م. - وكاد يُؤسَر من قِبَلهم ، ناجى ربّه آمون – إله الشّمس – ليساعده ، واستطاع ، بشجاعته وبجهده النّجاة والعودة سالماً إلى مصر .
يُعتبر هذا الفرعون أهم من قام بالعمران في الإمبراطورية الجديدة ، وجدّد كذلك المعابد الموجودة قبل عصره . تمتاز الأبنية بالضخامة المفرطة التي فاقت كل ما كان معروفاً قبله ، ومن أهمها قبره ( 270 م طولاً X 70 م عرضاً ) في " طيبة " والمعبد الجبلي في " أبو سنبل " . يحتوي هذا المجمع الضخم من الأبنية على العديد من المشاهد الجدارية التي نقشت حول حروبه في سورية ، في العام الثامن من حكمه وتمثل تدميره لحصونها وكذلك حروبه ضد الحثيين ، وفي الجناح الجنوبي ثمّة مشاهد عن معركة " قادش " " العالمية ، التي ضمّ كل فريق منها أكثر من عشرين ألف محارب ، والتي أثّرت في مستقبل العلاقات بين مصر والإمبراطورية الحثّية لزمن طويل ، ومن هنا جاءت صفتها العالمية وتُظهر المشاهدُ بالتفصيل سيرَ المعارك كما وثقها الفرعون ولم تكن دوماً صحيحة كما نعرف اليوم عن سير المعركة .

كتبَ شاعرُ قصر ٍمصريّ مجهولٍ ، لاحقاً ، هذا النّشيد حول المعركة وابتهال الفرعون الذي يقول فيه :
" ماذا الآنَ يا أبي " آمون " ؟
هلْ نسِيَ الأبُ ابنَـه ؟
هلْ فعلتُ شيئاً من دونِكَ ؟
أناديكَ يا أبي " آمون "
أنا وسطَ ( أناسٍ ) غرباءَ لا أعرفهُم .
كلُّ البلدانِ تَحالفتْ ضدِّي
وأنا وحيدٌ ولا أحدَ معي .
مقاتلويَ هجروني
ولا أحدَ من مُحاربي عرباتِ قتالي
تَلفّتَ نحوي .
عندما ناديتُهم – صارخاً –
لمْ يسمعْني أحدٌ منهم .
ولكنّي أُنادي وأشعرُ
أنّ " آمون " أفضلَ إليَّ
من ملايينِ (المحاربينَ ) المشاة ِ
من مئاتِ آلافِ محاربي عرباتِ القتالِ
( أفضلَ لي ) من عشَرةِ ألفِ رجلٍ
منَ الأخوةِ والأبناءِ
الذينَ يقفونَ بثباتٍ ( معي ) .
عمَلُ الكثير من الناسِ ، لا شيءَ
" آمون " أفضلَ منهم .
لقد أتيتُ إلى هنا ( يا ) " آمون "
ولمْ أَحِدْ عن أفكارِكَ " .
==========
نقشتُ هذه القصيدة على أعمدة الجناح الأيمن الخارجي من القاعة الكبرى لمعبد " ا لكرنك " . وعلى لفافة بردى وصلتنا . بعد نجاة الفرعون واستجابة ربه " آمون " لدعائه ، وبعد أن أبدى شجاعة فائقة في المعركة أقسم أن يُطعِم خيولَ عربته بـيده ، لأنهم أخرجوه سالماً من حصار الأعداء له .
=========================
للمَزيد حول الموضوع انظر دراستنا المنشورة في " مجلة البحث الـتاريخي " الصادرة بحمص العدد 3/1984 وفي كتاب ( ندوة حمص الأثرية والتاريخية الأولى ) 11 / -1984 .
المرجع :
" مصر والشرق الأدنى في العصر القديم " المؤلف : إميل ناك – دار نشر اتحاد الكتب الألماني - شتوتغارت برلين – 1965 .
في حفريات تمّت في مدينة طيبة المصرية عثر في القسم الغربي منها على بناء مدرسة تضم عدداً كبيراً من الألواح التي كان التلاميذ يستعملونها ، وعثر على بعض منها على نصوص أدبية معروفة لنا من مواقع أخرى تتحدث عن حروب وانتصارات " رعمسيس II " وهذا أنموذجاً منها :

لو صلَّيتُ في أقاصي البلادِ ( البعيدة ِ )
لما وصلَ صوتي إلى أبعَدَ من " هِرمونِسْ " ( جبل حَرَمون ؟ )
( لكن ) " آمون " يسمعُني ويحضُرُ ، عندما أناديه .
يمدُّ يدهُ إليَّ ،فأصبحُ سعيداً
يناديني : إلى الأمامِ ، إلى الأمامِ ، أنا معَكَ ، أنا والدُكَ
يدي معكَ ، وأنا أنفعُكَ أكثرَ من مئة ألفِ رجلٍ .
أنا ، سيدُ النّصرِ الذي يحبُّ القوةَ
أنا استعدتُ شجاعتي ، قلبي يرتفعُ سعادةً .
================
ملاحظة : ترجمة النص هذا قمت بها ، كغيرها من النصوص عن الألمانية ، وفي هذا النص تحديداً عن ترجمة العالم ج . رودَرْ – G.Roedr " كما وردت في كتابه الموسوم بـ " المصريون والحيثيون " الصادر في مدينة " لايبزغ " – ألمانية عام 1919 ، ضمن تقريره عن معركة قادش .



















الفرعون " تَحوتمِس - توت موسيس III "
الشاعر المصري القديم يدعو في قصيدته الإله " آمون " ، ليجعلَه يتحدث إلى الفرعون " توت موسيس III " – ( تحوتمِس ) إبّان غزواته للشرق الأوسط - ويقول :
" أتيتُ لأدعَكَ تدوسُ أمراءَ فلسطينَ
حتى يكونوا تحت عرض قدميكَ في بلادهم
حتى أُريهم جلالتَكَ كسيِّد متألقٍ
عندما تَشعُّ ، مثلي ، في وجوهِهم .
أتيتُ لأدعَكَ تطَـأُ (رؤوس ) سكان آسيا
( و ) تضرب رؤوسَ السوريين في ( موقع )
" ريتينو – Retenu "
حتى أُظهرَ جلالتَكَ ( بكامل ) زينتكَ
عندما تمسِكُ بسلاحِ الحرب في عربتِكَ .
* * *
أتيتُ لأدعَكَ تدوسُ بلَدَ الشرقِ
لتسحَقَ ( بقدميكَ ) سكانَ
منطقةِ " تو – نوتر - To – Nuter " (1)
( و ) لأدعَهم يرونكَ كالنّجمِ " سيشيد – Sesched "
عندما يَنشرُ لهيبَه ناراً ، ويجري نداهُ .
أتيتُ لأدعَكَ تدوسُ سكانَ بلاد الغرب
( جزيرتا ) " كريتا – Kreta " و " قبرص – Cypern "
في هَلَعٍ أمامكَ
لأدعَهمَ يروْنَ جلالتَكَ كثورٍ فتِيِّ
بقلبٍ ثابتٍ ، مسلّحاً بالقرونِ ، لا سبيل لمقاومتهِ .
* * *
أتيتُ لأدعَكَ تدوسُ سكانَ ( منطقة )
" مارشين – Marshen "
بلدان " ميتين – Meten " ترتجف خوفاً منكَ
لأدعهم يروْنَ جلالتَك كالتمساح
سيد الخوف في الماء ، ( الذي ) لا يُقتَربُ منه .
* * *
أتيتُ لأدعَك تدوسُ سكانَ الجزرِ
الذين سمعوا صرخةَ حربِكَ ، في وسط
" البحر الأخضر " الكبير
لأدعَهم يروْنَ في جلالتِك المنتقِمَ
الذي يظهرُ منتصراً ( واقفاً ) على ظهر أعدائه المهزومين
أتيتُ لأدعَك تدوسُ اللّيبيينَ
الـ " أوزينتيو – Uzentiu " استسلموا (2 )
لسيطرتِكَ الشجاعةِ
سأريهم جلالتَك كأسدٍ ناريِّ العينينِ
عندما تُحيلُهم إلى جثثٍ في واديهم
أتيتُ لأدعَك تدوسُ أقصى نهاياتِ البلدانِ
ما يحيطُ المحيطُ ( من البلدان ) تمسكه بقبضتِكَ
سأريهم جلالتَك كسيِّد الأجنحةِ (3 )
الذي يقبض على ما يراهُ وكما يرغبُ .
* * *
أتيتُ لأدعَك تدوسُ سكانَ البلدانِ القريبةِ
لأدعَك توثقُ سكانَ الرّمالِ كأسرى أحياء
لأريهم جلالتَك لـ " شاكال - Schakal "( 4 )
من " شاكالاتِ " من مصر العليا
كسيّدِ السّرعةِ " كعدّاءٍ يجولُ البلدين ( 5 ) .
أتيتُ لأدعَك تدوسُ بَدْوَ ( بلاد ) النّوبةِ
حتى " شِت – Schet " كما كلُّ شيءٍ في قبضتِكَ
حتى أريهم جلالتَكَ كأخويْكَ ( 6 )
( الذين ) وَحّدتُ أيديهم في النّصر ( لأجلكَ ) .
========================




















( أنشودةُ حبِّ شعبيّةٍ )
فيها ( الحديقة ) ورودٌ حمراءُ
تحْمرُّ خجلاً أمامَكَ
أنا حبيبتُكَ الأولى.
أنا لكَ كالحديقـةِ
زرعتُها بالورودِ
وبكلِ أصنافِ الشُّجيراتِ
ذواتِ الرَّوائحِ العذبةِ .
مثيرةٌ حفرةُ الماءِ فيها
التي حفرَتها يداكَ .
عندما تهبُّ ريحُ الشَّمالِ الباردةِ
( على ) المكانِ الرَّائعِ الذي أجولُ فيه
يداً بيدٍ معكَ
يمتلأُ قلبي سعادةً
لأننا نجولُ معاً .
يُخدِّرني سَماعُ صوتِكَ
وأنا أحيا ، لأنني أسمعـه
وكلّما رأيتُكَ
كانَ أفضلَ لي من الطّـعام والشّرابِ .
==========




الخَـلْقُ

كمْ هي متنوِّعة أعمالُكَ
إنّها محجوبةٌ عنّا
أيّها الإلهُ الأوحَد ، الذي لا أحدَ له قوّتُهُ
خَلقتَ الأرضَ ( العالَمَ ) استناداً إلى رغبتِكَ
عندما كنتَ وحيداً :
الإنسانَ ، الحيوانَ ، كبيرَهُ وصغيرَهُ
كلَّ شيءٍ يمشي على الأرضِ
ما يمشي على قوائِمَ
كلَّ شيءٍ ( موجودٍ ) هناكَ في الأعالي
ما يطيرُ بأجنحتِهِ
( خلقتَ ) البلدانَ ، سوريةَ والنّوبةَ
وبلدَ مِصرَ
جعلتَ كلَّ شخصٍ في مكانهِ
وأعطيتهم ما يحتاجونهُ .
لكلِّ ملكيّتَهُ
وأيّامَهمُ معدودةٌ .
ألسنَـتُهم تَنطِقُ لغاتٍ مختلفـةً
وأيضاً أشكالُهم وألوانُهم مختَلفـةً
نعم ، لقد جعلتَ البشرَ مختلفينَ .
================
- نصّ من عصر ( الرّعاميس ) ، ربما من زمن رعمسيس III ( 1250 – 1168 ق.م. ) .
- أُلقيت محاضرةً في " جمعية العاديّات-حمص " بتاريخ 26/2/2008 .

الدكتور شاكر مطلق
06/04/2008, 02:16 PM
نصوص من الأدب الفرعوني

د. شاكر مطلق
دراسة - وترجمة نصوص( عن الألمانية )

تمهيد :
لم يكن الأدب الفرعوني ، برغم قراءتي له منذ زمن طويل ، من ضمن اهتماماتي ودراساتي الأدبية ، لأنه - بالنسبة لي على الأقل - أدب موتٍ وقتامةٍ بشكل عام ، بخلاف تعاملي مع الأدب الرّافدي العظيم ، الزّاخر بمختلف تجليات الفكر البشري من موتٍ وصراع وبعثٍ ... الخ ، الذي وسَم ، ولا يزال ، جُلَّ مجموعاتي الشعرية ، ناهيك عن الدراسات والكتب المختلفة التي أصدرتها عنه .
- لماذا أتعاطى إذن الآن مع هذه النصوص الفرعونية ؟
في بحثي مؤخراً - ضمن أرشيفي الفرعوني - عن صورة لـ " بُرديّة إيبرت " التي تحتوي على معلومات هامة في الطب ، وجدت مجموعة من النصوص الأدبية الفرعونية التي احتفظت بها منذ أن كنت طالباً في ألمانيا ( غ ) لأكثر من أربعين عاماً ، مطبوعة على ورق فاخر باللغة الألمانية ، ووجدت تعليقات على تلك النصوص كنت قد كتبتها من ذلك الوقت ، فأخذت أقرأ فيها لأكتشف أنها تحتوي على مجموعة هامة من النصوص الأدبية ، ولاسيما تلك المتعلقة بتاريخ منطقتنا وبخاصة ( معركة قادش ) - " تل النبي مندو " ( حالياً ) ، قرب القصير على تخوم حمص - الشهيرة بين الحثيين والفراعنة .
كانت النصوص الألمانية مترجمة من قبل علماء ألمان متخصصين في الآثار المصرية واللغة
" الهيروغليفية " مباشرة ، فعزمت على ترجمة مختارات منها إلى العربية ، أقدمها الآن ، آملاً المتعة والفائدة من ذلك .
اعتمدت في ترجمت أسماء العلم على النص الألماني ، وربما كان نطقها أو كتابتها مخالفاً بعض الشيء لما ترد عليه عندنا ، فاقتضى التنويه .

نشيدُ عازف " الهَارْف " - القيثار – الأعمى

السّلالاتُ تَمضي ، وأخرى تَبقى .
منذ زمنِ الأجدادِ
كانت الآلهةُ تَرقُـدُ في أهراماتِها
هكذا أيضاً ( يَـرقدُ ) النّبلاءُ والمبارَكونَ
المدفونونَ في أهراماتِهم .

الذّين بنَو ْ البيوتَ يوماً
تَـهدّمتْ جدرانُها
وأماكنُهم لمْ تعدْ موجودةً
وكأنّها لمْ تكنْ .

اِتبعْ قلبَكَ طالما أنتَ حيٌّ
اِمسحْ ( جسَدَكَ ) بمَرهَمِ العجائبِ الحقيقيّـّةِ
للأشياءِ الإلوهية .
أَكثِرْ من ( أعمالكَ ) الحسَنةِ
لا تَدعْ قلبَكَ يتـراخى .
اُنظرْ ، لا أحدَ اصْطُـفِـيَ
ليأخذَ ما يَملكُ معهُ
اُنظرْ ، لا أحدَ ممّنْ ذهبوا يعودُ .




نشيدٌ للقيثارة ( الهارْف )

لا أحدَ يستطيعُ أن يُطيلَ
حياتَه على الأرضِ
ولا أحدَ إلاّ عليه الذّهابُ
إلى العالمِ الآخرِ .

زمنُ وجودِنا الأرضيِّ
ليسَ بأطولِ من حُلُمٍ .
اجعلْ بيتَكَ في مدينةِ الأمواتِ رائعاً
من خلال الجُهدِ الصّادقِ والعمل الصّادقِ
الذي يستطيع قلبُ الإنسان الاعتمادَ عليه .

فضائلُ العمل الصّالحِ
يتقـبّلُها الإلهُ بمحبةٍ
أكثرَ من أُضحِيةِ البقرةِ من الخاطئ .
-----------------
حِكمةٌ فِرعَوْنيةٌ
أولئكَ الذين بنوْ بـالغرانيتِ
( أولئكَ ) الذين شيّدوا قاعةً في أهرامٍ
طاولاتُ قرابينهم فارغاتٌ
مثلَ ( طاولات ) التّعَساءِ
الذين يموتون على الشاطئِ
من دونِ أن يخلِّفوا ( أحداً ) .
=================
الفرعون " آمين أمحيت

الفرعون " آمين أمحيت – Amenemhet " ( 1992- 1962 ق.م ) ، ويعني اسمه ( آمون الذي في الطليعة ) ، ويطلق عليه الإغريق اسم " آمين إميس - Amenemes" ، كان وزيراً وصل إلى الحكم بالقوة بعد أن أزاح آخر فراعنة الأسرة 11 عن العرش ، وأسّس حكم الأسرة 12 التي حكمت مدة ( 205 ) عام ما بين ( 1991 – 1786 ق.م ) التي سُـمِّي كلّ فراعنتها باسمه وباسم ابنه " سيسوستْريس - Sesostris " - حكم ما بين ( 1971- 1928 ق.م ) - .
ازدهرت في عصره مدينةُ " طيبة " - المصرية ، وليست مدينة طيبة الإغريقية التي بناها هناك
" قدموس " ابن ملك صيدا وصور في بحثه عن أخته " أوروبا ". هناك اتّحد فيها إله الشمس " آمون " مع الإله " رع " وأصبح يسمى " آمون – رع " وبذلك ازداد نفوذ " معبد الكرنك " وقوته ، وبرغم ذلك تمَّ في عهده نقل المركز السياسي والديني إلى مدينة " ليشْت – Lischt " على مقربة من مدينة " مِـيمْفِس " حيث لا تزال بقايا هرمه وهرم ابنه المخربين موجودة حتى اليوم .
( كانت طيبة موجودة ، قبل أي مكان آخر . الماء والأرض كانا فيه – موقع طيبة – منذ البَدء ، وجرى خلْق العالم والآلهة في طيبة من قِبل إلهها آمون ) .
هذا نشيد قديم يمجدُ الإلهَ آمون ، الذي اعتمده فراعنة " الإمبراطورية الجديدة " التي أسّسَتْ في طيبة الأسرةَ ( 18 ) – 1750 ق.م – كمنطلقٍ ومُرتَـكزٍ لـتسيير أمورهم السياسية والدينية .
في الماضي السّحيق كان الإله آمون متخفّياً ، ولكن في عهد طيبة تمَّ رفع مكانته ، لتتساوى مع مكانةِ إله الشمس العظيم " رَع " ، ومع مكانة إله مدينة " مِمْفِـيس " " بتَعْ – Ptah " ، وفيها تمَّ ، فيما بعد ، إعلان الإله " آمون " كإله أعظم وأقدم من كل شيءٍ ، وهو الذي من خلاله جاءت بقية الآلهة إلى الوجود .

تشير الأبحاث الأثرية الحديثة إلى وجود استيطان بشري في المغائر والكهوف الواقعة حول طيبة ، يعود إلى عشرات آلاف السنين قبل ظهورها في منتصف الألف الثالث ق.م . بدأ ظهور أمراء طيبة مع حكم السلالة ( 9-10 ) – 2190 – 2020 – وأصبحوا أجدادَ فراعنة الأسرة ( 11-12 ) – 2143- 1778 –
الذين وطّدوا حكم طيبة بعد انهيار حكم الأسرة 12 ، حيث استطاع أحد أفراد أسرتها من تأسيس حكم الأسرة ( 17 ) في جنوب البلاد في عام 1600 ق.م.
لا توجد وثائق عن عدد سكان طيبة في ذلك الوقت وإن كان هناك مغالاة في الأمر تجعل عددهم يصل إلى مليون إنسان .
الشاعر الإغريقي " هوميروس – Homer " – صاحب " الإلياذة – Elias " و الأوديسّا – Odyssey " كتب في الكتاب التاسع منها صفحة 381 – 384 ما يلي :

" طيبة المدينة المصرية ، بيوتها غنية بالكنوزِ
لها مئةُ بوابةٍ
من كلِّ واحدةٍ يخرجُ
مئتا ألفٍ من الفرسانِ المسلحين للقتالِ "

بعد صعود مصر كإمبراطورية عالمية ، مدّتْ نفوذها من النيل حتى الفرات ، وأصبحت طيبة محطَّ ركاب القادمين إليها من كل جهات العالم القديم المعروف . شهدت المدينةُ إنشاءَ المعابد – الكرنك ، الأُقصُر " والقصور الباذخة ، والفن المعماري الرفيع .
امتدت مساحتها حوالي 7-12 كم مربع ، أحاطها من الشرق جدار ضخم . كانت البيوت فيها تتكون من طبقات عديدة ذات فسحات داخلية كما هو معروف من طراز البيت العربي القديم .
يشير المؤرخ الإغريقي المعروف " هيرودت " – حوالي 450 ق.م – الذي زار مصر وبالطبع طيبة إلى غرائب رآها هناك ، مثلاً :
تحدث عن أن عملية البيع تتم عادة بواسطة النساء ، بينما الرجال يجلسون في البيوت ويغزلون القماش ـ، وبأن الرجال يحملون الأثقال على رؤوسهم بينما النساء يحملونها على أكتافهن . يبول الرجال جلوساً بينما تبول النساء وقوفاً . يتناولون طعامهم في الشارع ، ويقضون الحاجة في المنزل . يعجنون العجينَ بأرجلهم ويعجنون الطوبَ لبناء البيوت بأيديهم ، ويمسكون براز الحيوان" البقر " - الجَلّة - بأيديهم ... الخ .
انسحبَ هذا الفرعون أواخر أيامه إلى قصره وترك أمر الدفاع الخارجي عن المملكة لابنه" سيسوستْريس " ، الذي كان في حملة عسكرية ضد " ليبـيا " عندما قامت ثورةٌ في مصر أودَت بحياة والده ، ووصله الخبرُ عن طريق رسول سريع فعاد فوراً إلى مصر وعزل الفرعون المُغـتَصِب وتسلم الحكم لتوّه.حتى يُبعد النظرَ عن الثورة تلك أرسل جيشه جنوباً حتى وصل الشلال الثاني للنيل ، وهو ما لم يصله أي فرعون قبله .

وجه الفرعون " سيسوستْريس الأول "

أقام في مدينة الشمس " هيليو بوليس – Heliopolis " - المدينة التي زارها المؤرخ الإغريقي
" هيرودوت " والفيلسوف " أفلاطون " وغيرهما - أوّلَ نصب حجريٍّ مفرد ( مِسلّة ) من النوع المسمى
" أوبِِليسْكْ - Obelisk " بارتفاع ( 20.27 م .) ووضع على رأسه هرماً صغيراً ، نُـقشَ عليه النص التالي :

في هذا البيتِ
سيذْكـرُ المرءُ جمالي
اِسمي هو الهرمُ الصّغيرُ
ونصْبِيَ ( التَّذكاريُّ ) هو البحرُ .

أَخذَ الأوروبيون من هذه النُّصُب الحجرية المفردة الطويلة ( المسلاّت – أوبليسكا ) أعداداً كبيرة إلى بلادهم ، ومن مخلّفات هذا الفرعون وحده أخذوا خمسَ مِسلاّت:
ثلاثة إلى روما ، لا تزال إحداها تنـتصِب أمامَ كنيسة القديس " بطرس " البابوية في الفاتيكان ، واحدةٌ أخرى تسمى " إبرة كليوباترا " أُخذت إلى " لندن " ، وأخرى من نفس الاسم والنوع أُخِذت إلى " نيويورك " .

الحِكمة التالية أوصَلها الأبُ - الفرعون القتيل " أمين أمحيت " - إبّان حياته إلى ابنه كنصيحةٍ مستقبليّةٍ له ، وهي تعكس المرارةَ وخيبة الأمل الذين خَبِرَهما إبان حُكمه :

أَصغِ لما أقولُـه لك َ ( : )
لتكونَ ملكاً في الأرضِ
لا تتّخذْ لكَ صديقاً
ولا أميناً ( على أسراركَ )
لا كمالَ في هذا .
عندما تنامُ ، اُحرسْ بنفسِكَ قلبَكَ
(لأنّه لا أحدَ للإنسانِ بجانبه)
يومَ الفَجيعةِ .
لقد استقبلتُ الوَضيعَ والمَرموقَ
لكنّ الذين أكلوا خبزي
تذمّروا ( وثاروا )
مَنْ مَدَدْتُ له يدي ، أثارَ الرّعبَ .
--------------

ألّفَ الشعراءُ المصريون العديدَ من الأغاني والأناشيد التي تُمجّد الابن ، البطل " سيسوستْريس " ، واحدةٌ منها تقول :
كَمْ هي عظيمةٌ مدينةُ المَلِكِ ؟!
ملايينُ الأسلحةِ ( فيها ) :
حُكّامُ النّاس الآخرونَ
ليسوا سوى شعبٍ عاديٍّ .
كمْ هي عظيمةٌ مدينةُ المَلِكِ ؟!
إنّـه كالصّخرةِ
التي تَصُدّ الرّياحَ
عندَ العاصفةِ .
-----------------------


إله " طيبة " آمون " على شكل كبش .


الفرعون " آمين أمحيت الثالث "
أهم ملوك السلالة 12 – الإمبراطورية الوسطى – الفرعون " آمين أمحيت الثالث " ( 1842 – 1797 ق . م ) . قام بأعمال هامة في مجال بناء وترميم القنَوات المائية وبخاصة في " واحة الفيوم " التي كانت إبان فبضان النيل تتحول إلى بحيرة وسيعة، بسبب اتصالها بمجرى طبيعي مع النهر ( قناة يوسف )، واستطاع بذلك زيادة المحاصيل الزراعية بشكل مبهر ، وأقام جداراً واقياً بطول 40 كم واكتسب أرضاً زراعية بمساحة 11 ألف كم مربع . أقام السلام في بلده حوالي نصف قرن . كانت له صلاتٌ تجارية مع سورية وجزيرة كريتا – اليونان - وبابل . دُفن في جزيرة الفيّوم " أهرام حوّارة " . هناك نصٌّ يمجّده ويقول :

لقد جعلَ مصر أكثرَ اخضراراً من النّيلِ
ملأَ البلدين ( الشَّمال والجنوب ) بالقوّة ...
أطعمَ مَن وَطِئَ دربَهُ .
الملكُ هو الغذاءُ
فمُه هو ( الخيرُ ) الفائضُ .
----------------

مِن تعاليم وحِكَم الكاتب " أني – Ani " :

قدِّمْ لأمِكَ كلَّ ذلكَ
الذي فعلتهُ من أجلِك .
ضاعفْ ( لها ) الخبزَ
الذي أعطتهُ أمُّكَ لكَ
واحمِلْها كما حَملتكَ .
إنَّ حَمـْـْلَكَ كان ثقيلاً لها.

============


( نشيدٌ عاطفيٌّ )

سبعةُ أيامٍ لمْ أرَ فيها الحبيبةَ .
السَّقامُ ألَمَّ بيَ .
قلبي ثقيلٌ .
لقدْ نسيتُ ذاتي .

عندما يعودني الأطباءُ
لا أرضى بدوائِهمْ .
طاردُوا الأمراضِ
لا يجدون وسيلةً ( لعلاجي )
مرضي لمْ يُـكْتَشفْ .

إذا قالَ لي أحدٌ :
انظرْ إنها هنا
فهذا يحييني .
اِسمها هنا ، وهو ما يُحْييني .
ذَهابُ وإيابُ الرُّسُلِ بيننا
هو ما يحفظُ قلبي .

أفضلُ من أيِّ دواءٍ لي
هي الحبيبةُ .
إنها أكثرُ لي من كتابُ الوَصْفاتِ .
دخولها من الخارجِ هو حِرْزي .
عندما أراها أشفى .
متى فتَحتْ عينَيها
يعودُ جسدي فتيّاً .
متى تكلّمتْ ، أصبحُ أقوى .
متى أضمُّها تطردُ عنّي السّوءَ .
لقد هجرتني منذ سبعةِ أيامٍ .
=======================

نقشٌ على قبرِ " نِيفِرْحوتِبْ - Neferhotep " :

اِحتفلْ بيومٍ فَرِحٍ .
اتبعْ حظـَّكَ طالما أنتَ على الأرضِ
لا تُجهِدْ قلبَكَ
حتى يأتي اليومُ
الذي فيه يَـنوحُ المرءُ .
==============

من طقوس الموت – نصٌ إلى فِرْعون :

أنتَ إلهٌ بينَ الآلهةِ
وفي نفسِ الوقتِ
فأنتَ تملكُ كلَّ ما كانَ
على الأرضِ ملكاً لكَ .
==================


" أخناتون " وعبادةُ التَّوحيدِ
الفرعون " أمينو فيس الثالث – Amenophis III " ( 1400- 1362 ق.م . ) عاش في رخاء وسلام بعد أن قام الآباء بتوسيع وتثبيت حدود الإمبراطورية التي امتدت على مساحة ثمان عشرة درجة عرض ، غير أنه ظلّ طويلاً ينتظِر ولادة وريث العرش إلى أن ولد الوريث الذي حمل اسم والده ولقب الرابع . كان هذا الابن ضعيف البنية ، حالماً ، قلقاً ، حساساً ، ومتعلقاً بأمه . شاركه والده في الحكم وهو لا يزال فتياً ، بعد أن ورث العرش اهتم بأمور الآخرة أكثر من اهتمامه بأمور الدنيا . أدخل عبادة التوحيد
، لأول مرة ، في مصر الفرعونية متعددة الآلهة عندما ألغى عبادة كل الآلهة ووحدها في عبادة إله الشمس " آتون - Aton" وأثار بذلك عليه نقمة الكهنوت ، وأدى ذلك بعد موته إلى تخريب ما كان أنشأه من معابد وتماثيل وغير ذلك ، حتى اسمه " أمينو فيس " الذي يتضمن اسم الإله " آمون " ويعني ( آمون راضٍ ) غيّره إلى اسم " إخناتون " الذي يتضمن اسم الإله " آتون " ويعني ( إنه يُعجِبُ آمون ) . وأما العاصمةُ " طيبةَ " - مدينةُ " آمون " الجميلةَ فقد هجرها وبنى بين مدينة " مِيمفس " المقدسة ، ذات المئة بوابة والأسوار البيضاء ، وموقع رمليّ على النيل لا يخص فرعوناً أو إلهاً مدينة لإله الشمس أطلق عليها اسم " أخِت – آتون " أي ( أفق آتون ) ، بناها من الخشب والقِِرْمِد الطينيِّ غير المشويِّ الملون. وبنى فيها معبداً كبيراً لإله الشمس والمساكن الفاخرة والحدائق بأشجارها الجميلة التي جعلتها تشبه فِرْدوْساً على الأرض .
هذا الموقع يعرف الآن باسم " تل العمارنة " ، ولمْ يُبنَ فوقه – كما كان الأمر شائعاً في القديم ، وحافظ بذلك على شكله الأصلي – تمّ الكشفُ عنه من قبل عالِم الآثار البروفيسور الألماني " لودْفيش بورشارد – Borchardt L. " عام 1912 م . ، وعثر فيه على التمثال النصفي الفريد ، الموجود الآن في برلين ، للفرعونة أخت " أخناتون " وزوجه " نُفرتيتي - Nofretete " وكذلك احتوى الموقع على الكثير من الوثائق الهامة تاريخياً ، ومنها ما يعرف بـ " أرشيف تل العمارنة " الذي يحتوي إلى جانب الوثائق للعلاقات بين مصر وغيرها من الدول ، يحتوي أيضاً على وثائق أدبية ، أناشيد وقصائد التي تنسب إلى الفرعون نفسه ، وتمكننا من إلقاء المزيد على فكره وتصرفاته ، ومنها " نشيد الشمس " المعروف التالي :


الشمس الفرعونية المجنحة مع رمز الخلود " أورِيوس - Urea's " المزدوج – أفعى برأس النسر الأصلع - .
" نشيدُ الشمس "
هو نشيدٌ شهيرُ جدّاً ، كان يُنقش على جدران مقابر النّبلاء في زمن العَمارنة :

مُشِعّاً تَصعدُ على طرَفِ السّماءِ
" آتونُ " ، أنتَ تحيا منذ البَدءِ
أنتَ تجولُ عالياً
وتملأُ العالمَ بجمالِكَ .
عالياً تَلمعُ فوقَ البلادِ
أشعّـتُكَ تَحتضِنُ ما خلَقـتَه .
أنتَ بعيدٌ ، لكنّ أشعّتَكَ تُلقِّحُ التّـربةَ
والعشبُ يعلو ، عندما تقبّلُ الأرضَ .

( عندما ) تغيبُ عنّا في الغربِ
ينتشرُ الظّلامُ على الأرض ، وكأنّها تموتُ .
النّاعسونَ يرتاحونَ في حُجراتِهم
( لو ) أخذَ أحدٌ شيئاً من تحت رؤوسِهم
لما شعروا به .
العالَمُ مُلقى في الصّمتِ .
لكن صباحاً ، عندما تعودُ ، على طرَفِ السّماءِ متوهّجاً
تَهربُ من أمامِك العَـتمةُ
البَلَدانِ ( الوجه البحري والقبَلي ) يَسعَدانِ بشعاعِكَ
الكلُّ يَـصحو وينهضُ
يغسلونَ أجسادَهم ويلبسون ثيابَهم
مصلّينَ يشمّرونَ عن أذرعِهم
( أيها ) المُشِعُّ ، مُبتهلينَ إليكَ
وكلُّ العالَمِ يُنجزُ أعمالَه .
كلُّ الحيواناتِ ( الأليفةِ ) تفرحُ بالمَرجِ .
الحقولُ والأعشابُ ( الطّبيةُ )تَخضرُّ
الحِملانُ يقفزونَ على أقدامهم .
من أعشاشها تَخرجُ الطيورُ
وبأجنحتِها تُسبِّحُ لأجلِكَ
كلُّ الدروبِ مفتوحةٌ ، لأنكَ تتلألأُ .

السّفنُ تَعبرُ التّيارَ
الأسماكُ في المياهِ تقفِزُ أمام وجهِكَ
أشعّتُكَ تقتَحمُ حتى أعماقِ البحرِ
أنتَ تعطي كلَّ مخلوقاتِكَ النَّفَسَ يومَ الولادةِ
وتفتحُ فمَهُ وتَهَبُ من يحتاج .
الصّوصُ في طاستةِِ ( قشرته ) تُعطيه الهواءَ
( الذي ) يجعلُهُ قوياً ، على كسْرِ البيضةِ
يمشي على قدميه الصّغيرتينِ ، منذ خروجه ( منها ) .
أنتَ الإله الأوحدُ ، الذي لا مثيلَ له
خلَقتَ الأرضَ حسب ( رغبة ) قلبـِكَ
أنتَ الواحدُ الأحدُ .
خلقتَ " النّـيلَ " ، الذي يَفيضُ من العالمِ السّفليِّ
حتى يحافظَ على حياةِ الشّعبِ
( و )أيضاً على السّماءِ وضعتَ " نيلاً "
حتى يفيضَ ، هابطاً ، ليروي تُربةَ الحقلِ
خلقتَ الفصولَ حتى تُتِمَّ ( هيَ ) عمَلَكِ
( خلقتَ ) الشّتاءَ حتى يُبرِّدَ
وحرارةَ الصيفِ حتى يتذوّقونَكَ .
صنَعتَ السَّماءَ البعيدةَ
حتى تُشرقَ عليها
( و ) حتى ترى كلَّ ما خلقتَه وحدَكَ .
الكلُّ يتطلّعُ إليك ( يا ) شمسَ اليومِ .

أنتَ تحيا في قلبي
لا أحدٌ يعرفُكَ هكذا
كما ( يعرفكَ ) ابنُكَ أخناتونَ .
منذ أسّــسْتَ الأرضَ
هيَّأتها من أجلِ ابنِكَ
الذي من ذاتِك أنتَ ، خرَجَ
ملكُ مصرَ العليا والسُّفـلى
سيّدُ التّيجانِ ، أخناتونَ ، طويلُ العمرِ
ولزوجته الملكيّةِ " نفرتيتي " .
============================









قصيدةُ قادِشَ
عندما حوصر الفرعون " رعمسيس II " في معركة قادِش ( تل النبي مندو ) على العاصي – نهر قدَش
( المقدس ) – قرب حمص - من قبل جيوش الحثّيين تحت قيادة ( موفاتالي ) – أيار من عام 1286ق.م. - وكاد يُؤسَر من قِبَلهم ، ناجى ربّه آمون – إله الشّمس – ليساعده ، واستطاع ، بشجاعته وبجهده النّجاة والعودة سالماً إلى مصر .
يُعتبر هذا الفرعون أهم من قام بالعمران في الإمبراطورية الجديدة ، وجدّد كذلك المعابد الموجودة قبل عصره . تمتاز الأبنية بالضخامة المفرطة التي فاقت كل ما كان معروفاً قبله ، ومن أهمها قبره ( 270 م طولاً X 70 م عرضاً ) في " طيبة " والمعبد الجبلي في " أبو سنبل " . يحتوي هذا المجمع الضخم من الأبنية على العديد من المشاهد الجدارية التي نقشت حول حروبه في سورية ، في العام الثامن من حكمه وتمثل تدميره لحصونها وكذلك حروبه ضد الحثيين ، وفي الجناح الجنوبي ثمّة مشاهد عن معركة " قادش " " العالمية ، التي ضمّ كل فريق منها أكثر من عشرين ألف محارب ، والتي أثّرت في مستقبل العلاقات بين مصر والإمبراطورية الحثّية لزمن طويل ، ومن هنا جاءت صفتها العالمية وتُظهر المشاهدُ بالتفصيل سيرَ المعارك كما وثقها الفرعون ولم تكن دوماً صحيحة كما نعرف اليوم عن سير المعركة .

كتبَ شاعرُ قصر ٍمصريّ مجهولٍ ، لاحقاً ، هذا النّشيد حول المعركة وابتهال الفرعون الذي يقول فيه :
" ماذا الآنَ يا أبي " آمون " ؟
هلْ نسِيَ الأبُ ابنَـه ؟
هلْ فعلتُ شيئاً من دونِكَ ؟
أناديكَ يا أبي " آمون "
أنا وسطَ ( أناسٍ ) غرباءَ لا أعرفهُم .
كلُّ البلدانِ تَحالفتْ ضدِّي
وأنا وحيدٌ ولا أحدَ معي .
مقاتلويَ هجروني
ولا أحدَ من مُحاربي عرباتِ قتالي
تَلفّتَ نحوي .
عندما ناديتُهم – صارخاً –
لمْ يسمعْني أحدٌ منهم .
ولكنّي أُنادي وأشعرُ
أنّ " آمون " أفضلَ إليَّ
من ملايينِ (المحاربينَ ) المشاة ِ
من مئاتِ آلافِ محاربي عرباتِ القتالِ
( أفضلَ لي ) من عشَرةِ ألفِ رجلٍ
منَ الأخوةِ والأبناءِ
الذينَ يقفونَ بثباتٍ ( معي ) .
عمَلُ الكثير من الناسِ ، لا شيءَ
" آمون " أفضلَ منهم .
لقد أتيتُ إلى هنا ( يا ) " آمون "
ولمْ أَحِدْ عن أفكارِكَ " .
==========
نقشتُ هذه القصيدة على أعمدة الجناح الأيمن الخارجي من القاعة الكبرى لمعبد " ا لكرنك " . وعلى لفافة بردى وصلتنا . بعد نجاة الفرعون واستجابة ربه " آمون " لدعائه ، وبعد أن أبدى شجاعة فائقة في المعركة أقسم أن يُطعِم خيولَ عربته بـيده ، لأنهم أخرجوه سالماً من حصار الأعداء له .
=========================
للمَزيد حول الموضوع انظر دراستنا المنشورة في " مجلة البحث الـتاريخي " الصادرة بحمص العدد 3/1984 وفي كتاب ( ندوة حمص الأثرية والتاريخية الأولى ) 11 / -1984 .
المرجع :
" مصر والشرق الأدنى في العصر القديم " المؤلف : إميل ناك – دار نشر اتحاد الكتب الألماني - شتوتغارت برلين – 1965 .
في حفريات تمّت في مدينة طيبة المصرية عثر في القسم الغربي منها على بناء مدرسة تضم عدداً كبيراً من الألواح التي كان التلاميذ يستعملونها ، وعثر على بعض منها على نصوص أدبية معروفة لنا من مواقع أخرى تتحدث عن حروب وانتصارات " رعمسيس II " وهذا أنموذجاً منها :

لو صلَّيتُ في أقاصي البلادِ ( البعيدة ِ )
لما وصلَ صوتي إلى أبعَدَ من " هِرمونِسْ " ( جبل حَرَمون ؟ )
( لكن ) " آمون " يسمعُني ويحضُرُ ، عندما أناديه .
يمدُّ يدهُ إليَّ ،فأصبحُ سعيداً
يناديني : إلى الأمامِ ، إلى الأمامِ ، أنا معَكَ ، أنا والدُكَ
يدي معكَ ، وأنا أنفعُكَ أكثرَ من مئة ألفِ رجلٍ .
أنا ، سيدُ النّصرِ الذي يحبُّ القوةَ
أنا استعدتُ شجاعتي ، قلبي يرتفعُ سعادةً .
================
ملاحظة : ترجمة النص هذا قمت بها ، كغيرها من النصوص عن الألمانية ، وفي هذا النص تحديداً عن ترجمة العالم ج . رودَرْ – G.Roedr " كما وردت في كتابه الموسوم بـ " المصريون والحيثيون " الصادر في مدينة " لايبزغ " – ألمانية عام 1919 ، ضمن تقريره عن معركة قادش .



















الفرعون " تَحوتمِس - توت موسيس III "
الشاعر المصري القديم يدعو في قصيدته الإله " آمون " ، ليجعلَه يتحدث إلى الفرعون " توت موسيس III " – ( تحوتمِس ) إبّان غزواته للشرق الأوسط - ويقول :
" أتيتُ لأدعَكَ تدوسُ أمراءَ فلسطينَ
حتى يكونوا تحت عرض قدميكَ في بلادهم
حتى أُريهم جلالتَكَ كسيِّد متألقٍ
عندما تَشعُّ ، مثلي ، في وجوهِهم .
أتيتُ لأدعَكَ تطَـأُ (رؤوس ) سكان آسيا
( و ) تضرب رؤوسَ السوريين في ( موقع )
" ريتينو – Retenu "
حتى أُظهرَ جلالتَكَ ( بكامل ) زينتكَ
عندما تمسِكُ بسلاحِ الحرب في عربتِكَ .
* * *
أتيتُ لأدعَكَ تدوسُ بلَدَ الشرقِ
لتسحَقَ ( بقدميكَ ) سكانَ
منطقةِ " تو – نوتر - To – Nuter " (1)
( و ) لأدعَهم يرونكَ كالنّجمِ " سيشيد – Sesched "
عندما يَنشرُ لهيبَه ناراً ، ويجري نداهُ .
أتيتُ لأدعَكَ تدوسُ سكانَ بلاد الغرب
( جزيرتا ) " كريتا – Kreta " و " قبرص – Cypern "
في هَلَعٍ أمامكَ
لأدعَهمَ يروْنَ جلالتَكَ كثورٍ فتِيِّ
بقلبٍ ثابتٍ ، مسلّحاً بالقرونِ ، لا سبيل لمقاومتهِ .
* * *
أتيتُ لأدعَكَ تدوسُ سكانَ ( منطقة )
" مارشين – Marshen "
بلدان " ميتين – Meten " ترتجف خوفاً منكَ
لأدعهم يروْنَ جلالتَك كالتمساح
سيد الخوف في الماء ، ( الذي ) لا يُقتَربُ منه .
* * *
أتيتُ لأدعَك تدوسُ سكانَ الجزرِ
الذين سمعوا صرخةَ حربِكَ ، في وسط
" البحر الأخضر " الكبير
لأدعَهم يروْنَ في جلالتِك المنتقِمَ
الذي يظهرُ منتصراً ( واقفاً ) على ظهر أعدائه المهزومين
أتيتُ لأدعَك تدوسُ اللّيبيينَ
الـ " أوزينتيو – Uzentiu " استسلموا (2 )
لسيطرتِكَ الشجاعةِ
سأريهم جلالتَك كأسدٍ ناريِّ العينينِ
عندما تُحيلُهم إلى جثثٍ في واديهم
أتيتُ لأدعَك تدوسُ أقصى نهاياتِ البلدانِ
ما يحيطُ المحيطُ ( من البلدان ) تمسكه بقبضتِكَ
سأريهم جلالتَك كسيِّد الأجنحةِ (3 )
الذي يقبض على ما يراهُ وكما يرغبُ .
* * *
أتيتُ لأدعَك تدوسُ سكانَ البلدانِ القريبةِ
لأدعَك توثقُ سكانَ الرّمالِ كأسرى أحياء
لأريهم جلالتَك لـ " شاكال - Schakal "( 4 )
من " شاكالاتِ " من مصر العليا
كسيّدِ السّرعةِ " كعدّاءٍ يجولُ البلدين ( 5 ) .
أتيتُ لأدعَك تدوسُ بَدْوَ ( بلاد ) النّوبةِ
حتى " شِت – Schet " كما كلُّ شيءٍ في قبضتِكَ
حتى أريهم جلالتَكَ كأخويْكَ ( 6 )
( الذين ) وَحّدتُ أيديهم في النّصر ( لأجلكَ ) .
========================




















( أنشودةُ حبِّ شعبيّةٍ )
فيها ( الحديقة ) ورودٌ حمراءُ
تحْمرُّ خجلاً أمامَكَ
أنا حبيبتُكَ الأولى.
أنا لكَ كالحديقـةِ
زرعتُها بالورودِ
وبكلِ أصنافِ الشُّجيراتِ
ذواتِ الرَّوائحِ العذبةِ .
مثيرةٌ حفرةُ الماءِ فيها
التي حفرَتها يداكَ .
عندما تهبُّ ريحُ الشَّمالِ الباردةِ
( على ) المكانِ الرَّائعِ الذي أجولُ فيه
يداً بيدٍ معكَ
يمتلأُ قلبي سعادةً
لأننا نجولُ معاً .
يُخدِّرني سَماعُ صوتِكَ
وأنا أحيا ، لأنني أسمعـه
وكلّما رأيتُكَ
كانَ أفضلَ لي من الطّـعام والشّرابِ .
==========




الخَـلْقُ

كمْ هي متنوِّعة أعمالُكَ
إنّها محجوبةٌ عنّا
أيّها الإلهُ الأوحَد ، الذي لا أحدَ له قوّتُهُ
خَلقتَ الأرضَ ( العالَمَ ) استناداً إلى رغبتِكَ
عندما كنتَ وحيداً :
الإنسانَ ، الحيوانَ ، كبيرَهُ وصغيرَهُ
كلَّ شيءٍ يمشي على الأرضِ
ما يمشي على قوائِمَ
كلَّ شيءٍ ( موجودٍ ) هناكَ في الأعالي
ما يطيرُ بأجنحتِهِ
( خلقتَ ) البلدانَ ، سوريةَ والنّوبةَ
وبلدَ مِصرَ
جعلتَ كلَّ شخصٍ في مكانهِ
وأعطيتهم ما يحتاجونهُ .
لكلِّ ملكيّتَهُ
وأيّامَهمُ معدودةٌ .
ألسنَـتُهم تَنطِقُ لغاتٍ مختلفـةً
وأيضاً أشكالُهم وألوانُهم مختَلفـةً
نعم ، لقد جعلتَ البشرَ مختلفينَ .
================
- نصّ من عصر ( الرّعاميس ) ، ربما من زمن رعمسيس III ( 1250 – 1168 ق.م. ) .
- أُلقيت محاضرةً في " جمعية العاديّات-حمص " بتاريخ 26/2/2008 .

الشيخ مصطفى الهادي
06/04/2008, 07:02 PM
تحية طيبة للاخ الدكتور شاكر مطلق ايده الله
تكاد وانت تقرأهذه النصوص المختارة من الادب الفرعوني ـ التي لولا جهدكم المبارك لبقيت نائمة ـ تكاد ان تقرأ التوحيد بأجلى صوره .
تكاد تنزح هذا المقتطفات الادبية من بئر التوحيد الواحده وكانها استقيت من نبع التوحيد الخالص في بعض سطورها .
فبماذا تجيب وانت تطالع ما دونته ايدي ذلك الفرعون قبل آلاف السنين وهو يقول :
ألسنَـتُهم تَنطِقُ لغاتٍ مختلفـةً
وأيضاً أشكالُهم وألوانُهم مختَلفـةً
نعم ، لقد جعلتَ البشرَ مختلفينَ
ثم تمر امام عينيك صور من آيات الذكر الحكيم وهي تقول :
إن في إختلاف ألوانكم وألسنتكم لآيات لقوم يتفكرون
وعندما يقول في تلك الادبية الخالدة : لقد جعلت البشر مختلفين .
ثم تقرأ قوله تعالى :
ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين .
فما يسعك إلا ان تقول : بأن هذا الفرعون كان موحدا .
تحياتي لكم دكتورنا العزيز وقد سحرتنا بهذه الادبية الرائعة ، فاللادب الفرعوني طعم خاص جميل .
وفقكم الله واخذ بأيديكم نحو الموفقية والنجاح .

الشيخ مصطفى الهادي
06/04/2008, 07:02 PM
تحية طيبة للاخ الدكتور شاكر مطلق ايده الله
تكاد وانت تقرأهذه النصوص المختارة من الادب الفرعوني ـ التي لولا جهدكم المبارك لبقيت نائمة ـ تكاد ان تقرأ التوحيد بأجلى صوره .
تكاد تنزح هذا المقتطفات الادبية من بئر التوحيد الواحده وكانها استقيت من نبع التوحيد الخالص في بعض سطورها .
فبماذا تجيب وانت تطالع ما دونته ايدي ذلك الفرعون قبل آلاف السنين وهو يقول :
ألسنَـتُهم تَنطِقُ لغاتٍ مختلفـةً
وأيضاً أشكالُهم وألوانُهم مختَلفـةً
نعم ، لقد جعلتَ البشرَ مختلفينَ
ثم تمر امام عينيك صور من آيات الذكر الحكيم وهي تقول :
إن في إختلاف ألوانكم وألسنتكم لآيات لقوم يتفكرون
وعندما يقول في تلك الادبية الخالدة : لقد جعلت البشر مختلفين .
ثم تقرأ قوله تعالى :
ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين .
فما يسعك إلا ان تقول : بأن هذا الفرعون كان موحدا .
تحياتي لكم دكتورنا العزيز وقد سحرتنا بهذه الادبية الرائعة ، فاللادب الفرعوني طعم خاص جميل .
وفقكم الله واخذ بأيديكم نحو الموفقية والنجاح .

محمد فؤاد منصور
07/04/2008, 05:23 AM
الأخ الدكتور شاكر مطلق
لك الشكر والتحية على هذا العرض السخى لبعض النصوص من الأدب الفرعوني العريق ، أولئك الأجداد الذين تعرفوا على الله بقلوبهم قبل نزول الديانات السماوية جميعاً، ووضعوا أسس الحضارة وكانوا منارة لكل الشعوب ، لقد وقفت يوماً فى معبد الكرنك وتجولت بين أعمدته العملاقة ودخلت إلى قدس اقداسه وتعجبت كيف قاومت هذه الأحجار متقنة الصنع بهندستها المعمارية ذات التقنية العالية فعل الزمن لآلاف السنين فلم أجد جواباً لسؤالي غير الضمير ..الضمير الذى يغرسه الدين والتعرف على الأله الواحد هو الذى اهتدى به هؤلاء القوم فصنعوا ماصنعوا ليبقى شاهداً على الكفاءة واإتقان العمل ..ليتنا نتعلم منهم ! ليتنا!..
تقبل تحياتي.
دكتور/ محمد فؤاد منصور
الأسكندرية/ USA :fl: