المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإستيطان الإسرائيلي .. والسلام العربي : د / لطفي زغلول



لطفي زغلول
06/04/2008, 05:26 PM
الإستيطان الإسرائيلي .. والسلام العربي

د / لطفي زغلول – نابلس

قبل أيام معدودة ، عقدت القمة العربية العشرون في دمشق العاصمة السورية . وقد أعادت هذه القمة التأكيد على المبادرة العربية كخيار استراتيجي وحيد للسلام العربي مع إسرائيل ، بالرغم مما أشيع في حينه عن إمكانية سحبها . إلا أن الحال لم تتغير . لم تهدأ الجرافات الإسرائيلية لحظة واحدة عن مصادرة الأرض الفلسطينية ، وإقامة المشروعات الإستيطانية عليها ، ضاربة عرض الحائط ، حتى " بانتقادات " الإدارة الأميركية لمثل هذه المشروعات التي حسب ادعائها تشكل " عقبة " أمام خارطة الطريق .

ليست المرة الأولى ، ولن تكون الأخيرة التي ترسل فيها إسرائيل رسائل واضحة ، لا تقبل التأويل ، تتمثل في رفضها لخيار السلام العربي المتمثل في مبادرة السلام العربية . ومثالا لا حصرا ، رسالة الإجتياح الكبير للأراضي الفلسطينية غداة ولادة هذه المبادرة العربية ، كأحد منجزات قمة بيروت في العام 2002 . ويومها غفت هذه المبادرة ، وظلت في طور الكمون . ومنذ ذلك الزمن ، وما قبله ، ظلت الجرافات الإسرائيلية تصول وتجول في الجغرافية الفلسطينية تلتهم منها ما تشاء وتتشهى .

وبين العامين 2002 و 2008 الحالي ، كانت هناك ست سنوات ، انفرد الإسرائيليون بالفلسطينيين ، أذاقوهم فيها الأمرين ، جراء الحرب الشرسة التي أعلنت عليهم ، وكانت سهام الرسائل الإسرائيلية موجهة صوبهم ، متمثلة في مسلسل اجتياحات مدمرة للحجر والشجر والبشر . وكانت شهية إسرائيل لافتراس المزيد من الأراضي الفلسطينية مفتوحة على مصراعيها كعادتها دائما وأبدا ، بغية توسيع خارطة الإستيطان وتكريسها على أرض الواقع . ولم تنج القدس من سهام التهويد التي أصابتها في الصميم .

أما ما يخص مركبات مبادرة السلام العربية ، وهي الخيار العربي الوحيد ، فإن الرد الإسرائيلي عليها لم يتغير البتة . إن إسرائيل تشترط لقبولها إفراغها من ثوابت القضية الفلسطينية التي طالما أشهرت لاءاتها في وجهها .

وإمعانا في التأكيد على رفضها ، وإضافة إلى مسلسل الإجتياحات المستدامة ، ما زالت الحكومة الإسرائيلية تطرح عطاءات إنشاء المستوطنات الجديدة ، أو توسعتها من خلال إقامة مئات الوحدات السكنية ، وآخرها 1800 وحدة سكنية في المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الفلسطينية . وتذكيرا فقد سبق وأن شرعت في بناء حيين إستيطانيين جديدين في القدس ، يضمان أكثر من عشرين ألف وحدة سكنية . وبذا فإنها تستكمل ترسيم خارطة تهويد القدس جغرافيا وديموغرافيا ، وطمس طابعها العربي الإسلامي وتقزيمه .

إنه الإستيطان . والإستيطان من منظور إسرائيلي ، لا يعني مجرد اغتصاب المزيد من الأراضي الفلسطينية ، ولا مجرد إقامة الوحدات السكنية وما يتبعها من مرافق ، ولا إنشاء الطرق الإلتفافية ، ولا بناء جدار العزل العنصري فحسب ، وإنما هو تكريس لكيان واحد وحيد على الأرض الفلسطينية هو الكيان الإسرائيلي ليس إلا . أما ما يسمى بالعملية السلمية بكل مسمياتها وأشكالها ، فهي مجرد مهدئات سياسية ، تقتضيها طبيعة الظروف الآنية ، وسرعان ما تفقد مفعولها ، ويتم الإنتقال إلى سواها ، وهكذا دواليك .

إلا أن الأخطر من هذا كله هو تمسك الأنظمة العربية بخيار واحد " خيار السلام " على علاته ، وثبات فشل مركباته ، وعدم جدواه ، تحت ظلال الرفض الإسرائيلي الذي هو دون أدنى شك يشكل استراتيجة سياسية غير قابلة للتغيير .

وهنا تتبادر إلى الأذهان أسئلة لطالما رددها المواطنون الفلسطينيون ، وهم يرقبون بحسرة وألم ما آلت إليه أحوال العالم العربي الذي يعيش حالة فريدة من انعدام الوزن السياسي والإقتصادي والثقافي : لماذا هذا الإصرار العربي على خيار يعلمون يقينا أنه مرفوض من قبل الطرف المعني ؟ . لماذا لا يكون للأنظمة العربية بدائل أخرى ، ولا يفترض بالمقصود هنا البديل الحربي ؟ . هل هذا عجز أم تعاجز ؟ . هل هذا نتاج إراداتهم ، أم أنه طرح مفروض عليهم تسويقه بأي ثمن كان ؟ .

إن الأسئلة كثيرة . وحقيقة الأمر إنها تساؤلات استنكارية ، وأجوبتها معروفة مسبقا . لكن الأهم من كل هذا سؤال لا بد من طرحه : هل تعرف الأنظمة العربية ما يدور في تفكير المواطن الفلسطيني تجاه هذا كله ؟ . ونحن هنا نجيب مقتبسين إجابتنا من بيت الشعر العربي إذا كنت لا تدري فتلك مصيبة - وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم .

أجل إن الأجوبة باتت معروفة للقاصي قبل الداني ، والمصيبة الفلسطينية أصبحت أعظم . إنها تنطلق جميعها من كون الأنظمة العربية ، قد تخلت عن القضية التي كانت ذات يوم قضية العرب الأولى . إن الأنظمة العربية قد التزمت جانب الحياد والصمت والمشاهدة عن بعد ، واجترار خيار سلام لا يسمن ولا يغني من جوع .

فلسطينيا ، إن الإستيطان يعني شرعنة استلاب الأرض التي هي مادة الوجود الفلسطيني الرئيسة . والفلسطينيون لا يتصورون سلاما دائما مع استلاب هذه الأراضي ، وهي ليست أية أراض ، وإنما هي منتقاة ومختارة بعناية تؤدي وظائف تخدم أهدافا احتلالية استراتيجية جغرافية وديمورافية بعيدة المدى .

وللتذكير فإن الأراضي التي يقوم عليها الإستيطان الإسرائيلي هي قمم الجبال والمرتفعات الفلسطينية التي تشكل مواقع أمنية واستراتيجية للتحكم بكل التجمعات الفلسطينية والإشراف على طرق مواصلاتها . وهي خيرة الأراضي الخصبة التي يعتاش على غلالها الفلسطينيون . وهي الأراضي التي تشكل مخزونا اسراتيجيا ديموغرافيا لاستيعاب الزيادات الناجمة عن النمو السكاني الفلسطيني الطبيعي .

وهي أخيرا لا آخرا أراضي آبائهم وأجدادهم منذ آلاف السنين . وهي القدس التي تشكل مساحة مرموقة من التاريخ العربي الإسلامي ، والعقيدة الإسلامية . وهي الأقصى المبارك الذي يتربص له من يسمون بأمناء الهيكل المزعوم .

وفي حقيقة الامر ان إسرائيل منذ العام 1967 ، لم تهدأ جرافاتها لحظة واحدة بغض النظر عن ألوان السياسات التي كانت تحركها يسارية أم يمينية أم وسطية ، أو سواء كانت إسرائيل في حالة حرب مع العرب ، أو تحت ظلال العملية السلمية التي يفرتض أنها قامت على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام . إن الإستيطان من منظور إسرائيلي هو خارج معادلة أي سلام . وعلى ما يبدو أن أقصى ما يمكن أن تقدمه أكثر السياسات الإسرائيلية تسامحا وتساهلا هو فترة استراحة لجرافاتها وآلياتها الأخرى ، تلتقط أنفاسها خلالها استعدادا لنشاط موعود جديد ومخطط له .

إن الشعب الفلسطيني الذي دخلت نكبته عامها الستين ، والذي يستعد لإحياء الذكرى السنوية الحادية والأربعين لاحتلال كامل تراب وطنه ، مدرك تماما أن المشروع الإستيطاني الصهيوني ، لا يتقاطع بأية نقطة مع مبادرة السلام العربية ، ولا يحسب لها أي حساب يذكر، وأنه ماض غير آبه بها ، ولا يمكن في يوم من الأيام أن تشكل مدخلا للسياسة الإسرائيلية التي عودته الأنظمة العربية على عدم جديتها فيما يخص كل طروحاتها المتعلقة بالقضية الفلسطينية .

وحقيقة القول ، لقد اعتاد الشعب الفلسطيني على شتى أشكال الظروف القاهرة ، وهو من المناعة بحيث أن ظرفا ما أيا كان لن يقدر على إحباطه أو تدمير قواه الذاتية التي حافظ عليها عبر أقسى نضالاته . وهو مدرك وواع ومستعد لكافة الإحتمالات ، وأولاها فشل العملية السلمية برمتها . وفي هذه الحال لن يكون هو الخاسر الوحيد . ورب ضارة نافعة . فلعل هذا الفشل المحتم ، يفتح آفاقا أخرى ، ولعله يطرح خيارات عربية ذات مصداقية ، تكون نابعة من إحساس عروبي لم يعد يحتمل الإنتظار على واقعه المرير.

كلمة أخيرة . لقد تمادى الإستيطان الإسرائيلي في مشروعاته التوسعية رأسيا وأفقيا ، وبات يعكس تصورا آخر لديمومته يخشى معه ، وهذا ليس مستبعدا ، أن يكون قاعدة لدولة للمستوطنين بدل دولة للفلسطينيين . هناك مئات المستوطنات الإسرائيلية التي تستهلك ستة أضعاف ما يستهلكه المواطن الفلسطيني من المياه الجوفية الفلسطينية . هناك الهواء والأجواء الفلسطينية التي يتحكم بها الطيران الإسرائيلي . هناك جدار العزل العنصري . هناك الطرق الإلتفافية . وهناك قبل هذا وذاك المماطلة والتسويف وعدم الجدية في التحرك شطر السلام الحقيقي . والسؤال الذي يفرض نفسه هنا : أو ليس في هذا كله عبرة لمن يريد أن يعتبر ؟ .

لطفي زغلول
06/04/2008, 05:26 PM
الإستيطان الإسرائيلي .. والسلام العربي

د / لطفي زغلول – نابلس

قبل أيام معدودة ، عقدت القمة العربية العشرون في دمشق العاصمة السورية . وقد أعادت هذه القمة التأكيد على المبادرة العربية كخيار استراتيجي وحيد للسلام العربي مع إسرائيل ، بالرغم مما أشيع في حينه عن إمكانية سحبها . إلا أن الحال لم تتغير . لم تهدأ الجرافات الإسرائيلية لحظة واحدة عن مصادرة الأرض الفلسطينية ، وإقامة المشروعات الإستيطانية عليها ، ضاربة عرض الحائط ، حتى " بانتقادات " الإدارة الأميركية لمثل هذه المشروعات التي حسب ادعائها تشكل " عقبة " أمام خارطة الطريق .

ليست المرة الأولى ، ولن تكون الأخيرة التي ترسل فيها إسرائيل رسائل واضحة ، لا تقبل التأويل ، تتمثل في رفضها لخيار السلام العربي المتمثل في مبادرة السلام العربية . ومثالا لا حصرا ، رسالة الإجتياح الكبير للأراضي الفلسطينية غداة ولادة هذه المبادرة العربية ، كأحد منجزات قمة بيروت في العام 2002 . ويومها غفت هذه المبادرة ، وظلت في طور الكمون . ومنذ ذلك الزمن ، وما قبله ، ظلت الجرافات الإسرائيلية تصول وتجول في الجغرافية الفلسطينية تلتهم منها ما تشاء وتتشهى .

وبين العامين 2002 و 2008 الحالي ، كانت هناك ست سنوات ، انفرد الإسرائيليون بالفلسطينيين ، أذاقوهم فيها الأمرين ، جراء الحرب الشرسة التي أعلنت عليهم ، وكانت سهام الرسائل الإسرائيلية موجهة صوبهم ، متمثلة في مسلسل اجتياحات مدمرة للحجر والشجر والبشر . وكانت شهية إسرائيل لافتراس المزيد من الأراضي الفلسطينية مفتوحة على مصراعيها كعادتها دائما وأبدا ، بغية توسيع خارطة الإستيطان وتكريسها على أرض الواقع . ولم تنج القدس من سهام التهويد التي أصابتها في الصميم .

أما ما يخص مركبات مبادرة السلام العربية ، وهي الخيار العربي الوحيد ، فإن الرد الإسرائيلي عليها لم يتغير البتة . إن إسرائيل تشترط لقبولها إفراغها من ثوابت القضية الفلسطينية التي طالما أشهرت لاءاتها في وجهها .

وإمعانا في التأكيد على رفضها ، وإضافة إلى مسلسل الإجتياحات المستدامة ، ما زالت الحكومة الإسرائيلية تطرح عطاءات إنشاء المستوطنات الجديدة ، أو توسعتها من خلال إقامة مئات الوحدات السكنية ، وآخرها 1800 وحدة سكنية في المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الفلسطينية . وتذكيرا فقد سبق وأن شرعت في بناء حيين إستيطانيين جديدين في القدس ، يضمان أكثر من عشرين ألف وحدة سكنية . وبذا فإنها تستكمل ترسيم خارطة تهويد القدس جغرافيا وديموغرافيا ، وطمس طابعها العربي الإسلامي وتقزيمه .

إنه الإستيطان . والإستيطان من منظور إسرائيلي ، لا يعني مجرد اغتصاب المزيد من الأراضي الفلسطينية ، ولا مجرد إقامة الوحدات السكنية وما يتبعها من مرافق ، ولا إنشاء الطرق الإلتفافية ، ولا بناء جدار العزل العنصري فحسب ، وإنما هو تكريس لكيان واحد وحيد على الأرض الفلسطينية هو الكيان الإسرائيلي ليس إلا . أما ما يسمى بالعملية السلمية بكل مسمياتها وأشكالها ، فهي مجرد مهدئات سياسية ، تقتضيها طبيعة الظروف الآنية ، وسرعان ما تفقد مفعولها ، ويتم الإنتقال إلى سواها ، وهكذا دواليك .

إلا أن الأخطر من هذا كله هو تمسك الأنظمة العربية بخيار واحد " خيار السلام " على علاته ، وثبات فشل مركباته ، وعدم جدواه ، تحت ظلال الرفض الإسرائيلي الذي هو دون أدنى شك يشكل استراتيجة سياسية غير قابلة للتغيير .

وهنا تتبادر إلى الأذهان أسئلة لطالما رددها المواطنون الفلسطينيون ، وهم يرقبون بحسرة وألم ما آلت إليه أحوال العالم العربي الذي يعيش حالة فريدة من انعدام الوزن السياسي والإقتصادي والثقافي : لماذا هذا الإصرار العربي على خيار يعلمون يقينا أنه مرفوض من قبل الطرف المعني ؟ . لماذا لا يكون للأنظمة العربية بدائل أخرى ، ولا يفترض بالمقصود هنا البديل الحربي ؟ . هل هذا عجز أم تعاجز ؟ . هل هذا نتاج إراداتهم ، أم أنه طرح مفروض عليهم تسويقه بأي ثمن كان ؟ .

إن الأسئلة كثيرة . وحقيقة الأمر إنها تساؤلات استنكارية ، وأجوبتها معروفة مسبقا . لكن الأهم من كل هذا سؤال لا بد من طرحه : هل تعرف الأنظمة العربية ما يدور في تفكير المواطن الفلسطيني تجاه هذا كله ؟ . ونحن هنا نجيب مقتبسين إجابتنا من بيت الشعر العربي إذا كنت لا تدري فتلك مصيبة - وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم .

أجل إن الأجوبة باتت معروفة للقاصي قبل الداني ، والمصيبة الفلسطينية أصبحت أعظم . إنها تنطلق جميعها من كون الأنظمة العربية ، قد تخلت عن القضية التي كانت ذات يوم قضية العرب الأولى . إن الأنظمة العربية قد التزمت جانب الحياد والصمت والمشاهدة عن بعد ، واجترار خيار سلام لا يسمن ولا يغني من جوع .

فلسطينيا ، إن الإستيطان يعني شرعنة استلاب الأرض التي هي مادة الوجود الفلسطيني الرئيسة . والفلسطينيون لا يتصورون سلاما دائما مع استلاب هذه الأراضي ، وهي ليست أية أراض ، وإنما هي منتقاة ومختارة بعناية تؤدي وظائف تخدم أهدافا احتلالية استراتيجية جغرافية وديمورافية بعيدة المدى .

وللتذكير فإن الأراضي التي يقوم عليها الإستيطان الإسرائيلي هي قمم الجبال والمرتفعات الفلسطينية التي تشكل مواقع أمنية واستراتيجية للتحكم بكل التجمعات الفلسطينية والإشراف على طرق مواصلاتها . وهي خيرة الأراضي الخصبة التي يعتاش على غلالها الفلسطينيون . وهي الأراضي التي تشكل مخزونا اسراتيجيا ديموغرافيا لاستيعاب الزيادات الناجمة عن النمو السكاني الفلسطيني الطبيعي .

وهي أخيرا لا آخرا أراضي آبائهم وأجدادهم منذ آلاف السنين . وهي القدس التي تشكل مساحة مرموقة من التاريخ العربي الإسلامي ، والعقيدة الإسلامية . وهي الأقصى المبارك الذي يتربص له من يسمون بأمناء الهيكل المزعوم .

وفي حقيقة الامر ان إسرائيل منذ العام 1967 ، لم تهدأ جرافاتها لحظة واحدة بغض النظر عن ألوان السياسات التي كانت تحركها يسارية أم يمينية أم وسطية ، أو سواء كانت إسرائيل في حالة حرب مع العرب ، أو تحت ظلال العملية السلمية التي يفرتض أنها قامت على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام . إن الإستيطان من منظور إسرائيلي هو خارج معادلة أي سلام . وعلى ما يبدو أن أقصى ما يمكن أن تقدمه أكثر السياسات الإسرائيلية تسامحا وتساهلا هو فترة استراحة لجرافاتها وآلياتها الأخرى ، تلتقط أنفاسها خلالها استعدادا لنشاط موعود جديد ومخطط له .

إن الشعب الفلسطيني الذي دخلت نكبته عامها الستين ، والذي يستعد لإحياء الذكرى السنوية الحادية والأربعين لاحتلال كامل تراب وطنه ، مدرك تماما أن المشروع الإستيطاني الصهيوني ، لا يتقاطع بأية نقطة مع مبادرة السلام العربية ، ولا يحسب لها أي حساب يذكر، وأنه ماض غير آبه بها ، ولا يمكن في يوم من الأيام أن تشكل مدخلا للسياسة الإسرائيلية التي عودته الأنظمة العربية على عدم جديتها فيما يخص كل طروحاتها المتعلقة بالقضية الفلسطينية .

وحقيقة القول ، لقد اعتاد الشعب الفلسطيني على شتى أشكال الظروف القاهرة ، وهو من المناعة بحيث أن ظرفا ما أيا كان لن يقدر على إحباطه أو تدمير قواه الذاتية التي حافظ عليها عبر أقسى نضالاته . وهو مدرك وواع ومستعد لكافة الإحتمالات ، وأولاها فشل العملية السلمية برمتها . وفي هذه الحال لن يكون هو الخاسر الوحيد . ورب ضارة نافعة . فلعل هذا الفشل المحتم ، يفتح آفاقا أخرى ، ولعله يطرح خيارات عربية ذات مصداقية ، تكون نابعة من إحساس عروبي لم يعد يحتمل الإنتظار على واقعه المرير.

كلمة أخيرة . لقد تمادى الإستيطان الإسرائيلي في مشروعاته التوسعية رأسيا وأفقيا ، وبات يعكس تصورا آخر لديمومته يخشى معه ، وهذا ليس مستبعدا ، أن يكون قاعدة لدولة للمستوطنين بدل دولة للفلسطينيين . هناك مئات المستوطنات الإسرائيلية التي تستهلك ستة أضعاف ما يستهلكه المواطن الفلسطيني من المياه الجوفية الفلسطينية . هناك الهواء والأجواء الفلسطينية التي يتحكم بها الطيران الإسرائيلي . هناك جدار العزل العنصري . هناك الطرق الإلتفافية . وهناك قبل هذا وذاك المماطلة والتسويف وعدم الجدية في التحرك شطر السلام الحقيقي . والسؤال الذي يفرض نفسه هنا : أو ليس في هذا كله عبرة لمن يريد أن يعتبر ؟ .

د. محمد اسحق الريفي
07/04/2008, 02:08 PM
الأخ الفاضل الدكتور لطفي زغلول،

جزاك الله خيراً على هذه المعلومات القيمة التي تجسد الخطر الذي تتعرض له فلسطين وأهلها نتيجة لتزايد عمليات الاستيطان والتهويد وضم الأراضي، وأقول كما يقول معظم الفلسطينيون حول الموقف العربي: حسبنا الله ونعم الوكيل على النظام الرسمي العربي المتواطئ مع الاحتلال والذي اعتاد على خذلان الشعب الفلسطيني ويصر على أن "السلام" هو الخيار الاستراتيجي الوحيد للتعامل الرسمي العربي مع الكيان الصهيوني الغاشم.

لقد قال النائب الدكتور مصطفى البرغوثي أن الاستيطان قد ازداد منذ مؤتمر أنابوليس أكثر من عشرة أضعاف ما كان عليه، فهل يتعظ المفاوض الفلسطيني؟ هل يتعظ فريق أوسلو-أنابوليس؟ هل تتعظ سلطة رام الله التي أخذت على عاتقها تصفية المقاومة الفلسطينية؟ ألا لا نامت أعين سماسرة فلسطين الجدد.

تحية فلسطينية!

لطفي زغلول
16/04/2008, 08:51 AM
بارك الله فيك
لن نيأس بإذن الله
تحية إكبار وإجلال
لأهلنا في غزة هاشم
مودتي
د / لطفي زغلول