المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحرب ضد حماس في غزة خاسرة



د. محمد اسحق الريفي
10/04/2008, 08:26 PM
الحرب ضد حماس في غزة خاسرة
حدد العدو الصهيوني معالم خريطة طريق لحرب واسعة النطاق ضد حماس في غزة، وبات الأمر لا يحتاج سوى قرار سياسي وضوء أخضر أمريكي. لكن الأمر ليس بهذه البساطة، فالحسابات الدقيقة والتقديرات الصحيحة لهذه الحرب تؤكد أنها تقود حتماً إلى هزيمة استراتيجية للكيان الصهيوني.

العدو الصهيوني يسابق الزمن من أجل تهيئة الرأي العام العالمي لمثل هذه الحرب التي من المتوقع أن توقع خسائر فادحة في صفوف الفلسطينيين، عبر اختلاق الأكاذيب فيما يتعلق بالقدرات العسكرية للمقاومة الفلسطينية، والتهويل من الاستعدادات الدفاعية التي تقوم بها حماس لمواجهة العدوان، والمبالغة في الحديث عن التهديد الذي تشكله صواريخ المقاومة على الكيان الصهيوني.

فالعدو الصهيوني يتذرع لعدوانه المتوقع بسعيه لوقف عملية التسلح والحشد العسكري التي تقوم بها حماس في غزة، وهي في حقيقة الأمر مجرد استعدادات دفاعية ضد العدوان الصهيوني، الأمر الذي يعده الصهاينة تهديداً استراتيجياً لكيانهم ومبرراً لحرق غزة وتدميرها، ولذا فهم يسعون لحشد الرأي العام الغربي ضد حماس وسائر الشعب الفلسطيني.

وزعمت دراسة صهيونية قام بها مركز الاستخبارات ومعلومات الإرهاب، الذي يرأسه العقيد الصهيوني المتقاعد "روبين إيرليك"، أن حماس تقوم الآن بأوسع وأهم بناء عسكري في تاريخها بمساعدة إيران وسوريا، وأنها تقوم بإعادة هيكلة تنظيمها ليصبح أكثر هرمياً، وأنها تخزن كميات كبيرة من الأسلحة المتطورة والصواريخ طويلة المدى لاستخدامها ضد الكيان الصهيوني، مسترشدة بالتكتيكات العسكرية لمنظمة حزب الله.

ولا شك أن حماس، وغيرها من فصائل المقاومة الفلسطينية، ماضية في التعبئة والإعداد لصد أي هجوم صهيوني على غزة، خاصة أن الاجتياحات الصهيونية لغزة لا تتوقف قط، وأن الصهاينة لا يكفون عن إطلاق تهديداتهم بسحق غزة وحرقها. المشكلة أن آلة الكذب الإعلامية الصهيونية تحاول إقناع الرأي العام الغربي بأن المحتلين الصهاينة هم ضحايا للعنف الفلسطيني!!

ورغم أن حماس أعلنت عن موافقتها على هدنة متبادلة ومتزامنة وشاملة مع العدو الصهيوني، إلا أن هذا العدو يرفض هذه الهدنة. ويبرر وزير الحرب "أيهود باراك" وغيره موقفهم الرافض لهذه الهدنة بأن حماس تستغل الهدوء النسبي لبناء قوتها العسكرية وتطويرها. ولذلك فإن الحرب التي يعد لها الصهاينة ضد حماس في غزة تأتي في سياق "الضربات الاستباقية والوقائية"، وهو مبدأ عسكري ابتدعه الصهاينة لتبرير عدوانهم وإجرامهم ضد الفلسطينيين.

ولكن من المؤكد أن أي ضربة وقائية استباقية من النوع الذي يفكر فيه الصهاينة ستؤدي إلى سقوط سلطة أوسلو، وإفشال عملية أنابوليس، وإلحاق خسائر فادحة في صفوف العدو الصهيوني، وفتح جبهة جديدة تستنزف جيشه، الذي لن يكون قادراً على الخروج من غزة سالماً...

وفي هذا السياق، ذكر "جاكسون دايل" في مقال له نشرته واشنطن بوست الأسبوع الماضي أن رسميين صهاينة أبلغوه أن قوة حماس العسكرية تزداد مع الوقت، وأن حماس على وشك أن تصبح قادرة على إلحاق خسائر فادحة في جانب العدو الصهيوني ما لم تتعرض لضربة وقائية استباقية، غير أن توقيت هذه الضربة غير محسوم صهيونياً وأمريكياً.

فالرئيس الأمريكي بوش ووزيرته رايس يؤيدان تأجيل هذه الضربة إلى أن يتمكن عباس وأولمرت من التوصل إلى اتفاق مبادئ حول ما يسمى الحل النهائي للصراع العربي–الصهيوني، وبعد ذلك ستمنح الإدارة الأمريكية باراك الضوء الأخضر لشن حرب واسعة ضد حماس في غزة. ولكن الأوضاع العربية تنذر بانفجار كبير يغير المعالم السياسية للمنطقة ويؤدي بالجهود الأمريكية لحماية أصدقائها وحلفائها في المنطقة إلى الجحيم، ولذلك سيكون من الصعب على إدارة بوش التضحية باستقرار المنطقة ومصالحها ونفوذها من أجل ضربة غير مضمونة النتائج.

ولذلك فإن رايس تضغط على أولمرت لتقديم بعض التسهيلات لسلطة عباس وفياض، كرفع بعض الحواجز العسكرية أو إعادة تمركزها، ومنح رجال أعمال فلسطينيين تصاريح للسفر والمرور، وتسهيل حركة المواطنين في الضفة، والسماح لأجهزة عباس وفياض بالانتشار في بعض المناطق في الضفة، والسماح بتسليح تلك الأجهزة وتدريبها في الدول العربية...

وهناك مشكلة أخرى تجعل من الحرب ضد حماس في غزة خاسرة، وهي عجز السلطة الفلسطينية عن السيطرة على الضفة وغزة، فالنظام الصهيوني لا يثق في قدرة السلطة على السيطرة على الضفة وغزة، بل إن الصهاينة يدركون أن السلطة الفلسطينية لا تستطيع السيطرة على الضفة دون حماية من جيش الاحتلال الصهيوني، وبعبارة أخرى، لا يوجد لدى العدو الصهيوني استراتيجية خروج من غزة بعد اجتياحها وضرب حماس.

ولذلك فهناك سياسيون صهاينة مثل "نمرود نوفاك"، الذي ساهم في التوصل إلى اتفاقيات أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية والنظام الصهيوني، يرون أن الحرب على غزة ستكون بلا جدوى، وأنه لا بد من التعامل مع حماس من خلال عباس!! ويرى آخرون ضرورة التعاطي بإيجابية مع الهدنة طويلة الأمد التي تدعو إليها حماس في مقابل إقامة دولة مستقلة ضمن حدود 1967م دون أي اعتراف بما يسمى (إسرائيل).

على أي حال، خريطة طريق الحرب ضد حماس في غزة تفتقر إلى رؤية استراتيجية واضحة، وجيش الاحتلال الصهيوني يفتقر إلى استراتيجية للنصر. ولذلك على العدو الصهيوني أن يستعد لتلقي ضربة أخرى كتلك التي أدمت أنفه لبنان، وعليه أن يستعد لنكسة جديدة. وعلى الإدارة الأمريكية أن تستعد هي الأخرى لنكسة استراتيجية غير مسبوقة، فالمنطقة باتت على وشك الانفجار الكبير!

11/04/2008م

عبد السلام معلا
10/04/2008, 09:58 PM
الحرب ضد حماس في غزة خاسرة
ولذلك على العدو الصهيوني أن يستعد لتلقي ضربة أخرى كتلك التي أدمت أنفه لبنان، وعليه أن يستعد لنكسة جديدة. وعلى الإدارة الأمريكية أن تستعد هي الأخرى لنكسة استراتيجية غير مسبوقة، فالمنطقة باتت على وشك الانفجار الكبير!

11/04/2008م

هو كذلك أخي الفاضل أبو عمر ..

هذا الإنفجار الكبير القادم والذي سيعصف بالكثير هو نتيجة منطقية وحتمية للحالة التي وضعت حماس فيها كل الأطراف المعنية في المنطقة وجها لوجه أمام منطق التحولات الذي فرضته بجدارة على الجميع.. ونحن في الحقيقة ننتظر نتائج استجابة تلك الاطراف بوعي وبغير وعي لتحدي التحولات على الأرض والتي باتت تؤرق الجميع ..

تحياتي العاطرة أخي الكريم ..

هبة اللحام
10/04/2008, 10:50 PM
أ. د. محمد الريفي
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


على أي حال، خريطة طريق الحرب ضد حماس في غزة تفتقر إلى رؤية استراتيجية واضحة، وجيش الاحتلال الصهيوني يفتقر إلى استراتيجية للنصر. ولذلك على العدو الصهيوني أن يستعد لتلقي ضربة أخرى كتلك التي أدمت أنفه لبنان، وعليه أن يستعد لنكسة جديدة. وعلى الإدارة الأمريكية أن تستعد هي الأخرى لنكسة استراتيجية غير مسبوقة، فالمنطقة باتت على وشك الانفجار الكبير!

لعلي أقول أن حماس هي الشعب الوحيد -إن لم تكن الأمة الوحيدة- التي استطاعت أن ترسم للكيان الصهيوني خط سيره شاء أم أبى!

فلا جيوش الكيان عادت تقوى على ملامسة أرض غزة ببساطيرها النجسة، ولا حتى قادتهم عادوا قادرين على زيارة المناطق الموازية للحدود ليوهموا سكان تلك المناطق من المتشددين بانهم معهم.

كنت دكتوري الكريم قد أشرت في مقال سابق أن أمريكا قد تتهاوى قبل الكيان او النظام العربي؛ ترى هل سيكون لما يحدث في الاونة الاخيرة للاقتصاد الامريكي دور فاعل في حدوث خسارة فادحة في هذه الحرب التي يتشدق بها أشباه القادة في الكيان الصهيوني؟! أم ان الكيان قد يستطيع الصمود -مجازا- ؟

و في الجانب الآخر، لا ننسى الحصار ذو الوجهين، في جانب قد يكون عاملا قويا في هذه الحرب و مؤثرا فاعلا في تسيير دفتها، و ربما العكس فأي الوجهين أقرب بناء على الاستقراءات ؟!

دمتم

د. محمد اسحق الريفي
11/04/2008, 10:51 AM
أخي الفاضل الأستاذ عبد السلام معلا،

سعدت بمرورك الكريم وعودتك بعد غياب طال، فأهلا وسهلا ومرحبا بك.

في الحقيقة أن الأمة مقصرة إلى أبعد الحدود في استثمار إنجازات حماس وثباتها وصمودها في وجه المحتل الصهيوني والمتآمر الأمريكي وتوظيف كل ذلك في التحرر من الهيمنة الأمريكية ووضع حد للإجرام الصهيوني، ولكن مع الأسف الشديد النظام الرسمي العربي ساهم في عزل حماس ودرَّب الأجهزة الأمنية لعباس وفياض وسلحها كي تخدم الاحتلال وتعتقل المجاهدين وتحارب المقاومة، أما الشعوب العربية والإسلامية فهي مقصرة أيضا في هذا المجال، ولا سيما أنها غير مواكبة للأحداث في فلسطين.

ودمتم بألف خير

د. محمد اسحق الريفي
11/04/2008, 11:26 AM
هبة اللحام،
وعليكم السلام ورحمة الله وبركات.

فعلا استطاعت حماس أن تملي قواعد لعبة سياسية غير معهودة في منطقتنا على كل من الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية، بل إن الولايات المتحدة تتصرف الآن وكأن مشروع حماس يقابل مشروع الامبراطورية الأمريكية، ويعتقد الأمريكيون أنهم لين ينجزوا مشروعهم الشرق أوسطي دون تهدئة القضية الفلسطينية والتخلص من الأزمة التي صنعتها حماس للصهاينة والأمريكيين والغربيين الداعمين للمخطط الصهيوني.

أما بالنسبة للسؤال الأول، وهو سؤال مهم جدا بالمناسبة، فالكيان الصهيوني يريد أن يدخل حرباً لا جدوى منها، فقد انسحب جيش الاحتلال من غزة كي يتجنب ضربات المقاومة، وقادة هذا الجيش يفكرون الآن باجتياح واسع لغزة لضرب حماس والمقاومة، ولكنهم لا يدركون أن ذلك سيؤدي إلى وقوع هذا الجيش الجبان في مستنقع غزة، وسيصبح عرضة لضربات المقاومين والمجاهدين الذين ازدادوا عددا وعدة وامتلكون من الأسلحة التي تستطيع تكبيد العدو الخسائر الفادحة. لذلك فإن هذه الحرب ستستنزف الكيان الصهيوني ومن ورائه الولايات المتحدة اقتصاديا، وسيسهم ذلك الاستنزاف الاقتصادي إلى حد كبير في تعميق الأزمة الاقتصادية الأمريكية، وبعبارة أخرى فإن الأزمة الاقتصادية الأمريكية ستسهم في فشل الحرب الصهيوني على غزة، وفي المقابل ستؤدي هذه الحرب إلى تعميق الأزمة الاقتصادية الأمريكية.

العدو الصهيوني يحاصر غزة ليحرض الناس ضد حماس ويعاقبهم على تأييده لها، وليقول للشعب الفلسطيني ها هي نتيجة تأييدكم للمقاومة: البؤس والشقاء والجوع والمعاناة والسجن الكبير. ولكن الفلسطينيين يدركون هذه اللعبة جيدا، ولا أظن أنهم سيكافئون العدو الذي يحاصرهم على حصاره وعدوانه، فالحصار هو نوع قاس من أنواع العدوان، وهو عقاب جماعي غير إنساني. ولذلك فإن الفلسطينيين لن يتوانوا في النيل ممن يحاصرهم، أي أن الحصار سيزيد من إصرار الفلسطينيين في غزة على التصدي للعدو الصهيوني وتسديد الضربات له. وربما بدا هذا الموقف واضحاً عندما احتفل الغزيون بالعملية الاستشهادية في القدس المحتلة.

تحية غزية لا تعرف الاستكانة!