المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أول مشاركة



الشربينى خطاب
03/12/2006, 04:44 PM
حمام العافية يا حاجْ 00!!؟
كعادته يراقب المارة من داخل دكانه ، لفتت انتباه ، تتجول فوق الأرصفة وتتصفح واجهات المتاجر والوجوه من خلف برقعها ، تبتسم أحياناً لكلمات الغزل لكنها تخفي لمعان عيونها واحمرار الخدود عن المارة ، يتمني أن تكون صفحة في كتابه ، ابتسم لمَّا دخلت دكانه ، استقبلها مستبشراً بيوم جميل
: صباح نادي 00 طلباتك يا ست هانم
: ما تبقاش حامي كده 00 اصبر يا حاجْ
أخرجت رأسها من تحت ملاءتها اللَّف ورفعت برقعها ، طرحته خلف ظهرها فبدت الخدود المتوهجة ، أزاحت كنوزها إلي الوراء قليلاً وكشفت عن ملامح صدر مرمري ثم سألته بدلال
: عندك ستان حُمصِّي وحرير وردي
مد يديه وتناول لفائف القماش من علي أرففها ، قذف أطرافها في الهواء كأجنحة طير منهوك القوي ، حط برفق علي رأس المرأة ثم انزلق بنعومة إلي أسفل لثم الوجنات واستقر مستريحاً علي الصدر الذي لا يستقر ، تأرجح برهة قبل أن تلقطه يد المرأة بلهفة ، اختبرت ملمسه الناعم علي خدها ترد للقماش قبلته ثم غرست فيه أسنانها تختبر متانة النسيج ، توارت ملاءتها دون إرادتها قليلاً إلي الوراء فظهرت المفاتن المختبئة ، اتسعت حدقة الرجل واحتارت نظراته بين مفرق الشعر والصدر ، مد يده من تحت طيات القماش ليظهر لها حسن بضاعته بيد متوترة ، تلامست الأنامل المرتعشة فسرت قشعريرة لذيذة في جسديهما ، تلاقت العيون في لمحة خاطفة ، قرأ كل منهم أفكار الآخر ، وجلت المرأة من نظرة الرجل الوقحة ، سألته هاربة من خدر اللحظة اللذيذ
: بكم متر الستان يا حاجْ 00!؟
: لو نال الرضا يبقي عربون محبة
قالت محتدة : مش كل طير تأكل لحمه
: أنا قصدي شريف علي سنة الله ورسوله
جذبت برقعها من الخلف وغطت به صفحة الوجه السافرة ، قبل أن تنصرف سألته
:كم مرأة في كتاب حياتك يا حاج
: كثير وكثير ،أكثر مما تعدين ، لم يبقي منهم إلا واحدة
وعدته بالتفكير في الأمر ، لملمت كنوزها الثمينة وأحكمت إغلاق النوافذ وأبواب المفاتن بملاءتها واستعدت للرحيل 0
خلع " طربوشه " وجفف العرق الذي سال ، رافقها حتى باب الوكالة ، يلح عليها لتخبره بموع ومكان اللقاء
أطلقت ضحكة مدوية هزت المتجر وأرففه القماش ثم همست له باكر عند حمام "التلات "
توجه الرجل بصحبة زوجته إلي حمامها المعتاد ، تتبعهم الخادمة تحمل الأغراض والملابس النظيفة ، انتظر الرجل بالخارج بينما دخلا إلي الحمام مع الداخلين من النساء
يراقب الرجل الباب وآخر الشارع ربما تصل المرأة التي وعدته بالأمس ، يتلفت بقلق ذات اليمين وذات اليسار ، لفت انتباهه خروج خادمة زوجته ، سألها دون اهتمام عن سبب الخروج ، أخبرته لشرائح العطر ولوازم الاستحمام من عند "المواردي " عاد للمراقبة ، لم ينتبه لعودتها فقدكل همه رؤية المرأة التي ينتظرها علي أحر من الجمر 0
خرجت زوجته من حمامها الأسبوعي وكأنها عروس في ليلة زفاف ، راقت في عينية ، حثها علي سرعة المسير ، لا يدري كيف وقعت في بركة الطين قال بداخله ، ربما طلبه بالإسراع ، نظر بغضب تجاه المنزل الذي أحدث سكانه تلك البركة ، هرعت من داخله إمرأة منقبة خالها التي وعدته ، دقق النظر فيها ، لم يري إلا عيون لامعة ، حدث نفسه ، ربما تريد أن تكفر عن فعلتها التي بسببها وقعت زوجته في الوحل ، عاونت زوجته في النهوض ثم دعتها للدخول معها للاغتسال وتغير الملابس ، دخلت الزوجة راشية معها وعلي ملامحها ابتسامة خجلي ، قبل أن تدخل أمرت خادمتها بإحضار ملابس أخري من دارهم القريبة ثم أمرت زوجها بانتظارها بجوار الباب 00
جلس الزوج قلقاً ، مازال يداعبه الأمل ويلتقي بالمرأة التي واعدته بالأمس ، تارة ينظر إلي آخر الشارع وتارة أخري ينظر إلي شرفة المنزل التي تعلق بمنشرها ملابس زوجته الداخلية ، يغلي الدم في عروقه ، يصرخ كلما داعب الهواء الثياب المنشورة ، يصرخ
: بسرعة شوية يا هانم 00!!
بينما كان يكابد هواجسه وإذا بالمرأة التي واعدته بالأمس تقبل عليه ، حاول الابتسام لها علي استحياء ، لم تطاوعه قسمات وجهه ، داعبته ساخرة
: حمام العافية يا حاجْ 00
تلعثمت الحروف في حلقه ، تابع انصرافها بحسرة ، قبل أن تغيب عن بصره ، أقبلت الخادمة تحمل الملابس المطلوبة ، حاولت الدخول ، المنزل مغلق من الداخل
نادت بصوت مرتفع
: عم عنتر 000 يا عم عنتر
انتفض الزوج كمن لدغته عقرب ، قبض علي عنق الخادمة وهزها بعنف صارخاً
: عنتر مين يا بنت الكلب
أجابته بصوت مخنوق
: المواردي00 بياع العطر
التقط صاحب الوكالة " طربوشه " الذي سقط في الوحل ، مسحه بكم قفطانه ووضعه علي رأسه ، ما زال به أثار من طين ، مضي عائداً إلي دكانه فتحه ولم يجلس في برج المراقبة ، اتجه إلي خزانة أسراره أخرج منها كتاب ذكرياته ، قبل أن يقلب صفحاته جاءته المرأة التي كان يحلم بها ، سألته باسمة
: كتبت الحكاية في كتاب النسوان ثم أطلقت ضحكتها الأنثوية الناعمة ثم تركته وانصرفت غير عابئة بنظراته المتوسلة
لم يستطع كظم غيظه ، قصف قلمه وسار خلفها حتي باب الوكالة يمزق صفحات كتابه ورقة 00 ورقة

زاهية بنت البحر
03/12/2006, 07:05 PM
أهلا ومرحبًا بك أستاذ الشربيني خطاب
أسعدني لقاؤك في جمعية واتا الحضارية
وهذه القصة الجميلة
بعد النهاية سألتُ نفسي
ترى هل يستطيع هذا الرجل
إزالة آثار التراب عن طربوشه
الذي تمرغ في الأرض؟
دمت مبدعًا
أختك
بنت البحر

صبيحة شبر
04/12/2006, 12:22 AM
قصة جميلة وممتعة ايها القاص والناقد المبدع
مرحبا بك في واتا

عبلة محمد زقزوق
04/12/2006, 12:55 PM
دائما تسعدني بقصصك الرائعة أخي الفاضل
الشاعر والأديب القاص ـ الشربيني خطاب
اسطر حروفي والابتسامة لم تفارق ملامح وجهي :))
حياك الله
فدائما أتتبع جديدك بكل حب وأعزاز

مصطفى لغتيري
05/12/2006, 12:36 AM
أخي الشربيني خطاب.
أثارتني هذه القصة الجميلة بأناقة جملها السردية ،التي تعرف جيدا كيف تبتدئ ومتى تنتهي. وهذا يشي بطول باع صاحبها في التعاطي مع السرد القصصي.
حقا لقد استمتعت بالقراءة ،فهنيئا لك أخي الشربيني ولنا بهذا النص الممتع.
تحياتي القلبية.

ملاحظة ..أصبخ لنا شربينيان رائعان..لكما مني معا كل الود والتقدير.

هشام السيد
05/12/2006, 01:14 AM
الأخ الفاضل والروائي المبدع الشربيني خطاب
أشكر لك حملنا بين سطور قصتك القصيرة لزيارة ممتعة لوكالة البلح التي إشتقنا لها كثيرا وإلى كل شبر من تراب وطننا العزيز الغالي . أحسست أنني أغوص في أعماق المجتمع المصري الذي غبنا عنه قسراً لسنوات طوال . بحق أنت رائع وقصتك أكثر من رائعة . وأكاد أجزم أنني رأيت وجهك البريء الصافي يوماً في مصر ، ولكن لا تسعفني الذاكرة .
هنيئاً لمدينتنا الفاضلة بإنتسابك لها وحملك لجنسيتها .
ننتظر مزيداً من الإبداع ، من إنسان أكثر من مبدع .
تحياتي لشخصك الكريم

الشربينى خطاب
06/12/2006, 08:56 PM
أهلا ومرحبًا بك أستاذ الشربيني خطاب
أسعدني لقاؤك في جمعية واتا الحضارية
وهذه القصة الجميلة
بعد النهاية سألتُ نفسي
ترى هل يستطيع هذا الرجل
إزالة آثار التراب عن طربوشه
الذي تمرغ في الأرض؟
دمت مبدعًا
أختك
بنت البحر

الأستاذة الفاضلة / زاهية
أشكرك جذيل الشكر علي هذه الحفاوة
ومرورك علي قصتي وليمة كرم الضيافة أما بخصوص الطربوش
اقول لك علي مثل
أن زوُّرت مراتك بلد متعرفهاش
أوعي توريها أبو طربوش
أجسن تقول وكأننا يا ولاد متجوزناش
خالص ودي وتقدير

الشربينى خطاب
06/12/2006, 09:03 PM
قصة جميلة وممتعة ايها القاص والناقد المبدع
مرحبا بك في واتا
الصديقة العزيزة / صبيحة شبر
تعطرت مهجتي ولن تزول نسمات العبير والفل والياسمين
من صفحتي حتي لو النت فصل وأتحدي الرياح والأعاصير

الشربينى خطاب
06/12/2006, 09:43 PM
دائما تسعدني بقصصك الرائعة أخي الفاضل
الشاعر والأديب القاص ـ الشربيني خطاب
اسطر حروفي والابتسامة لم تفارق ملامح وجهي :))
حياك الله
فدائما أتتبع جديدك بكل حب وأعزاز


دنا كل همي في الدنيا ياختي
أقطف ورود الشوق والأزاهير
أهدي لأمي وخالي وبنت عمي
اللِّي بتزقزقلي كما العصافير
وانت يا عبلة شوق عنترة
فارس بلاد العرب والمشاهير
واحة ومخضَّره عمر السنين
أتون هوي يا ما كوي
قلب العذاري العاشقين
طوابير وجايه من التاريخ
صفوف متنظمه
فلاح وجده كان أجير
عبد حبشي أو سوداني
أوصعلوك وباشا أو أمير

الشربينى خطاب
08/12/2006, 06:34 PM
الأخ الفاضل والروائي المبدع الشربيني خطاب
أشكر لك حملنا بين سطور قصتك القصيرة لزيارة ممتعة لوكالة البلح التي إشتقنا لها كثيرا وإلى كل شبر من تراب وطننا العزيز الغالي . أحسست أنني أغوص في أعماق المجتمع المصري الذي غبنا عنه قسراً لسنوات طوال . بحق أنت رائع وقصتك أكثر من رائعة . وأكاد أجزم أنني رأيت وجهك البريء الصافي يوماً في مصر ، ولكن لا تسعفني الذاكرة .
هنيئاً لمدينتنا الفاضلة بإنتسابك لها وحملك لجنسيتها .
ننتظر مزيداً من الإبداع ، من إنسان أكثر من مبدع .
تحياتي لشخصك الكريم
الأستاذ الفاضل / هشام السيد
أن كنت من شربين فقد صدق توقعك لأن انتسابي لها شرف لي وها أنا وضعت صورتي لكي أنعش ذاكرتك
اشكر تفاعلك مع القصة
وسوف نلتقي كثيراً
دمت لي مجباً

الشربينى خطاب
11/12/2006, 10:33 PM
أخي الشربيني خطاب.
أثارتني هذه القصة الجميلة بأناقة جملها السردية ،التي تعرف جيدا كيف تبتدئ ومتى تنتهي. وهذا يشي بطول باع صاحبها في التعاطي مع السرد القصصي.
حقا لقد استمتعت بالقراءة ،فهنيئا لك أخي الشربيني ولنا بهذا النص الممتع.
تحياتي القلبية.

ملاحظة ..أصبخ لنا شربينيان رائعان..لكما مني معا كل الود والتقدير.
الأسيتاذ الفاضل / مصطفى لغتيري
اعتذر لك مرتان الأولي لخطأ في ترتيب الرد غير مقصود والثاني تاخري فأرجوا قبولهما
وأشكرك جذيل الشكر علي تشجيعي بعبارات أخجلتني ، أما عن " الشربينيان " فسوف
يحدث لكلينا مشكله 00 والله فكره 00يمكن طرحها للمناقشة 00 هل يجوز في مثل هذه الحالة أن يتنازل أحدنا عن اسمه 00 فكره فسفطية مثيرة للجدل " مناوشه "
خالص تحياتي وتقديري

الشربينى خطاب
05/10/2007, 11:21 PM
صديقي هشام السيد
كل سنة وانت طيب
يا تري انت بلدياتي
تحياتي

عبد العزيز غوردو
06/10/2007, 12:16 AM
سرد واقعي جميل.. وأسلوب منساب.. يشيان بحرفية في التعامل مع السرد..

على أن مراجعة ثانية له كانت ستزيح عنه بعض ما اعتوره من هنات اللغة والرقن التي أخلت بجماليته..

خالص مودتي أخي المبدع المتميز الشربيني