المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تقديم كتابي " هكذا نتكلَّم يا زرادشت " بقلم وفاء الورده



الدكتور شاكر مطلق
16/04/2008, 10:56 PM
الشاعر الدكتور شاكر مطلق
" هكذا نتكلم يا زرادشت "

صدر حديثاً للشاعر الدكتور شاكر مطلق نصٌّ فكريٌّ – أدبيٌّ بعنوان " هكذا نتكلم يا زرادشت " ، عن اتحاد الكتاب العرب في دمشق ضمن منشوراته لعام 2007 .
المجموعة كتبها الدكتور شاكر مطلق على وزن التفعيلة تارة ، وتارة أخرى نثراً ، متقصداً ذلك ، لتأخذ العبارة مداها دون التقيد بالوزن والقافية . يأخذ " زرادشت " - عند الدكتور مطلق - أشكالاً عديدة تتجسد بين الفكرة والرمز ، ولا علاقة لها بالضرورة مع محتوى العقيدة الزرادشتية في جانبها اللاهوتي المعروف ، وإنما هي إضافات
وإسقاطات أدبية وفلسفية متنوعة على النص في العديد من مواقعه الفكرية .
أما التشابه القائم ما بين كتاب الدكتور شاكر مطلق " هكذا نتكلم يا زرادشت " و كتاب " هكذا تكلم زرادشت " للفيلسوف والشاعر و الألماني " فريدريش نيتشه " ، فهو تشابهٌ مقصود ولكنه برغم ذلك لا يتقاطع ولا يتداخل مع نصِّ
" نيتشه " ، إلا من خلال تعاطيه الهَمّ الإنساني والتساؤل الفلسفي الوجودي .
قدم للكتاب الأستاذ الدكتور " طيب تيزيني " تحت عنوان " كلمات في بشرى الانبعاث الجديد " ، وبدأ مقدمته بقوله : " طلع علينا الشاعر الملحمي الدكتور شاكر مطلق برائعته هكذا نتكلم يا زرادشت " من خلال هذا النص الملحمي والأسطوري يضع الدكتور مطلق يده على الإشكالية العظمى في تاريخ "الأسطورة " ، وربما أيضاً في تاريخ " الدين " ، التي تلخصها ملحمة " كلكامش " المأساوية في بحثه عن الخلود ، هذه الإشكالية تتماهى بين جدلية الوجود والعدم ، الخصب والقحط ، الخير والشر ... وبين أنوثة مقدسة أبرزت مدنسة ، وذكورة ذابلة فاسدة ، مما أدى إلى فقدان الحياة لتوازنها ، على حدِّ تعبير د. تيزيني ومحتوى النص .
قدم د. مطلق في الكتاب تعريفاً وافياً بـ " زرادشت " ، وبعقيدته ، حيث يوضح بأنه نبي فارسي قديم ، ولد في إيران – فارس ( القرن الثامن ق.م ) ، وهو صاحب عقيدة صراع النور والظلام ، حيث يمثل إمبراطورية النور الإله " أهورا مازدا " الذي رأى في " زرادشت " مخلّصاً للبشرية ، ثم قام زرادشت بتطوير بعض المعتقدات القديمة فنسبت إليه لاحقاً ، وسميت بـ " الزرادشتية " . أما الكتاب المقدس عندهم فهو الـ " أفستا " ويعني سمه " المعرفة " ويقسَّم كتابهم هذا إلى أربعة أقسام:
1- كتاب الأضاحي " يَسْنا "على الأناشيد والملاحم والتراتيل القديمة ، وهي من وضع المعلم " زرادشت " .
2- كتاب " فيسْبَريد " أو " فيسْبرات " ويحتوي على الصلوات .
3- وهناك قسم يسمى بـ " يـاشتس " وهو أناشيد المديح والأضحيات .
4- أما القسم الأخير فهو " فنديداد" يضم التعليمات الأخلاقية والقوانين .
أشار الدكتور شاكر مطلق في مقدمته إلى أن المذهب الزرادشتي يقوم أيضاً على الثَّنيوية من خلال الصراع الدائم بين إله النور " أهورا مازدا " وإله الظلام والشر " أهْريمان " بالرغم من أنه مذهب مبني على التوحيد .
تقوم العقيدة الرزادشتية على انتصار الخير على الشر ، ثم محكمة نهائية ، فخلاصٌ للعالم ، وما على الإنسان إلاَّ أن يختار موقعه في هذا الصراع الدائم .
وكعادة د. مطلق في مجموعاته الشعرية ، قسم هذه المجموعة أيضاً إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول تحت عنوان " في شرك الشهوات " ، والقسم الثاني " في شرك المعاني " أما القسم الثالث فجاء تحت عنوان " في شرك العبثية " .
القسم الأول : " في شرك الشهوات " يلوم الإنسانُ – على لسان الشاعر - ملِكَ جنان النور الأزلي على جعله الروح الشريرة أنثى جميلة " دانية " ، ورميه بها إلى البشر ، فوقع الإنسان ضحية نزواتها الشيطانية، وجرفته إلى طوفان الشهوات وإلى وادي الخطايا وعذابات الصليب . يتساءل المؤلف هنا : هل تساوي سرقة تفاحة من بستانه كل هذا العذاب الذي يلاقيه البشر في جحيم العالم السفلي؟ . ولم يكتف ملك جنان النور بذلك بل أرسل الطوفان للإنسان ، جالباً معه الموت والطين والأحزان ، وأصدر له لوح الوصايا الجديد الذي حرّم فيها حتى قصائد العشق ، وحيث أصبحت نشوة المعرفة حراماً أيضاً ، فوقع الإنسان فريسة الجهل والقحط والصقيع ، عاجزاً عن متابعة رحلته على درب الكشف إلى عبير بستانه المزهر .
أما في القسم الثاني " في شرك المعاني " فقد تطرق فيه الشاعر د. مطلق إلى كيفية الوصول إلى أنوار " زرادشت " ، وكل الأبواب موصدة والدروب مغلقة ولا تفضي إلاّ إلى بروج الصمت وبؤرة العالم السفلي ، ويتساءل عن سبب تركه الإنسانَ وحيداً في متاهة الوعي حتى غدت الحكمة وطواطاً لا ترى إلاّ الظلام ولا ترى الطريق للخروج من " زمن الحلم الأول " – وهو اسم ديوان للشاعر شاكر مطلق - .
أما شجرة الحياة فإنها تذوي وحيدة في مهب الشك ، عليلة ، وفي حال موتها سينتظر الإنسان الموت. أما " الكائن الأسمى " فنراه يلعن القدر ويلعن " زرادشت " ويلعن العقل الذي أسرف في الكشف حتى صار سراباً ، بل ماءً مسموماً في كفِّ نبي مسحور ، وحين دخل ملكوت نوره ليصلي ، كانت المفاجأة كبيرة ومخيفة ، فالرؤيا لم تكن إلاَّ ظلمات باردات بعثت الخوف في قلبه ، فسجد لإله الظلام وصار منبوذاً وملعوناً في العالم السفلي حتى يوم الدين . ثم يعلو ويتصاعد التساؤل الجارح والناقد لدى الإنسان حينما يتحدث الشاعر عن الأضاحي التي قدمها له ، والخبز اليومي الذي أطعمه إياه ، والشموع التي أشعلها له ليطرد عنه وحشة الليالي الفارغة ، وماذا كانت النتيجة ؟ لقد لعنه حتى صار مثل وطواط الظلام ، لا يستطيع أن يجد مخرجاً من شرك الظلمة . ثم يتساءل الإنسان لماذا لا يعطي إله النور ، النور لأتباعه ، في حين أن إله الظلمة الذي يعيش في العتمة يعطي من عتمته من يشاء ؟ . ومن سيدفع ضريبة الوجود لآلهة الجحيم ؟ ومن سيفتح محارات النور ليعطي لؤلؤة الكشف إلى الأجيال القادمة ليرفع يد الشيطان عن الإنسان ؟ .
أما القسم الثالث " في شرك العبثية " : فيه يخاطب الإنسانُ - من خلال طروحات الشاعر - إلهَ النور ويتساءل عن مبتغاه ، وعن طلبه منه بأن يصنع الفُلك للنجاة من الطوفان ، فصنعه ووضع فيه زوجين من كل أشكال الكلام والخيال ، زوجين من ذكرٍ وأنثى – مبدأ السالب والموجب ... الخ رمزاً لثنائيته التي تتجلى في عناصر هذا الوجود ، وهذا كله كان ثمناً لخطيئة الجد الأكبر ، والجدة الأولى المتمردة ؟ .
لقد ظنّ بأن سيد النور قد نسي وغفر له ما كان ، لكنه ترك الإنسانَ وحيداً دون حرز ولا يقين في ظلام الفُلك ، ينتظر أن تهدأ عاصفته ليعبر إلى العالم الجديد ، إلى عالمه الجديد .
يختتم الدكتور شاكر مطلق هذا القسم ، بل كامل نصه ، بل هذه " الملهاة " ، " المأساة " ، المهزلة البكائية ، المرثاة من خلال التساؤل الأزلي للإنسان عن سر هذا الكون الغامض وعن سر الوجود ، وهل هو وهم ؟ أم ظلٌّ ؟ ، أم سرابٌ دائمٌ ؟ .
ويصلنا الجواب بأن الإنسان هو سرُّ هذا الكون ، وأن الكون فيه يتجسد حيثما يكون ، وأن الفكر لا ولن يموت أبداً .

================================================
حمص - سورية آذار 2008 وفاء الورده
(مجازة في الأدب العربي )

ناهد يوسف حسن
17/04/2008, 12:29 AM
ألف مبروك للأستاذ شاكر مطلق صدور كتابك الجديد
بارك الله لك ونفع بك
وإلى الأمام
نسعد بكل جديد يصدر لكناهد حسن