المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإسلام المدني الديمقراطي: شركاء وموارد واستراتيجيات



د. محمد اسحق الريفي
19/04/2008, 12:24 AM
الإسلام المدني الديمقراطي: شركاء وموارد واستراتيجيات
كلفت الحكومة الأمريكية مؤسسة راند Rand (http://www.rand.org) بإجراء بدراسة حول كيفية مواجهة الأصولية الإسلامية في الشرق الأوسط ووضع استراتيجية تتبعها الولايات المتحدة في هذه المواجهة. قامت بهذه الدراسة الباحثة شيرل بينارد Cheryl Benard وهي زوجة زلماي خليل زاد Zalmay Khalilzad مبعوث الرئيس الأمريكي بوش في أفغانستان وفي العراق سابقا والسفير الأمريكي في العراق حاليا. ولأهمية هذه الدراسة للعالم العربي والإسلامي أقدم ملخصا للمواضيع الهامة فيها. وتكمن أهمية هذه الدراسة في أنها ورقة سياسة Policy Paper قد بدأ العالم الأنجلوأمريكي بتنفيذها بالفعل.

تقول هذه الدراسة بأن العالم الإسلامي يخوض صراعا لتحديد طبيعته الخاصة به وهويته وقيمه ومكانته العالمية، مما له تأثيرخطير وجدي على الغرب وعلى الحضارة الغربية وعلى المستقبل، وتقول هذه الدراسة أن العالم كله مهدد بهذا الصراع ولذا يجب تحديد الدور الذي يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة وباقي العالم حيال العالم الإسلامي. وتوصي شيرل بينارد بمحاولة الفهم الدقيق للصراح الأيديولوجي الذي يدور ضمن العالم الإسلامي، وتحديد شركاء مناسبين وأهداف واقعية ووسائل لتشجيع وتطوير الصراع بشكل أيجابي يخدم مصالح العالم المتحضر.

وتقول الدراسة أن مصيبة الإسلام المعاصر تكمن في فشله في التطور وفقده للتواصل مع الحضارة الغربية والتيار السائد في العالم، وأن العالم الإسلامي قد وُصِم لفترة طويلة بالرجعية والضعف وظهور العديد من الحلول مثل القومية والوحدة العربية والاشتراكية العربية والثورة الإسلامية وفشل كل هذه الحلول، مما أدى إلى الإحباط والغضب، وفي نفس الوقت تخلف العالم الإسلامي عن مواكبة الثقافة العالمية.

ثم تنصح الباحثة الولايات المتحدة بتصنيف المسلمين وفهم طيفهم السياسي والديني بحيث يمكن إيجاد شركاء للتعامل معهم واستخدامهم في المواجهة، وتحثهم على وضع استراتيجية للمواجهة مع الأصولية الإسلامية.

تصنف الدراسة مواطني العالم الإسلامي إلى أربعة أصناف أساسية:
• الأصوليون Fundamentalists الذين يرفضون القيم الديمقراطية والثقافة الغربية المعاصرة ويريدون قيام دولة جبرية متعصبة تحقق لهم نظرتهم المتطرفة للشريعة والأخلاق الإسلامية، ولا مانع عندهم من استخدام التكنولوجيا لتحقيق أهدافهم.
• التقليديون Traditionalists الذين يريدون قيام مجتمع محافظ وهم لايؤمنون بالعصرنة والتحديث والتغيير.
• الحداثيون Modernists الذين يريدون أن يصبح العالم الإسلامي جزء من الحضارة الغربية.
• العلمانيون Secularists الذين يريدون أن يتحول العالم الإسلامي إلى نمط الدول الغربية الصناعية التي تفصل الدين عن الدولة على اعتبار أن الدين هو اعتقادات فردية ومسألة شخصية.

أما بالنسبة لسياسة التعامل مع هذه الأصناف الأربعة فيهي كما يلي:

• دعم الحداثيين أولا
- نشر أعمالهم الأدبية بدعم مالي من الولايات المتحدة
- تشجيعهم للكتابة لعامة الناس وللشباب
- إدخال وجهات نظرهم وآرائهم في مناهج التعليم لإسلامي
- إعطائم الفرصة للعمل والظهور في المجالات العامة
- جعل أرائهم وأحكامهم المتعلقة بالقضايا الإسلامية في متناول عامة الناس في تنافس مع آراء وأحكام الأصوليين والتقليدين الذين يمتلكون مواقع على الإنترنت ومدارس ومؤسسات ووسائل كثيرة أخرى لنشر وجهات نظرهم
- جعل العالمانية والحداثة ثقافة مضادة كخيار أمام الشباب المضللين بالأصولية
- تسهيل وتشجيع التوعية بالثقافة والتاريح الغير إسلامي والسابق للإسلام في وسائل الإعلام والمناهج التعليمية للدول العربية والإسلامية
- المساعدة على تطوير منظمات مدنية مستقلة لتحفيز الثقافة المدنية وتوفير مكان للمواطنين العاديين لتعليم أنفسهم العملية السياسية ولنشر آرائهم

• دعم التقليديين في مواجهة الأصوليين
- تعميم إنتقادات التقليديين للعنف والتطرف الأصولي وتشجيع الاختلاف بين التقليديين والأصوليين
- منع وعدم تشجيع الإتحاد والموالاة بين الأصوليين والتقليديين
- تشجيع التعاون بين التقليديين والحداثيين
- تعليم التقليديين وتزويدهم بوسائل مواجهة الأصوليين ومناظرتهم
- زيادة التواجد للعصرانيين في المؤسسات التقليدية
- التمييز بين قطاعات مختلفة من التقليديين ثم دعم بعضهم وتشجيعهم للتغلب على البعض الآخر

• مواجهة ومعارضة الأصوليين
- تحدي تفسيرهم للإسلام وكشف مواطن ضعفهم
- كشف علاقاتهم بالأنشطة والمجموعات الغير شرعية
- فضح نتائج أعمالهم العنيفة لعامة الناس
- إظهار عدم قدرتهم على الحكم وتطوير بلدانهم ومجتمعاتهم
- توجيه تلك الرسائل خاصة للأجيال الشابة وللمجمتعات التقليدية المتدينة وللأقليات الإسلامية في الغرب وللنساء
- تجنب إظهار الإحترام أو التقدير للمقدرة العنيفة للأصوليين والمتطرفين والإرهابيين وأظهارهم كجبناء مضطربين وليس كأبطال شياطين
- تشجيع الصحفيين للتحقيق في مواضيع الفساد والنفاق واللأخلاقيات في دوائر الأصوليين والإرهابيين
- تشجيع الإنشقاق بين الأصوليين

• الدعم الإختياري للعالمانيين
- تشجيع الاعتراف بالأصولية كعدو مشترك ومنع اتحاد العلمانيين مع التجمعات المناوءة للولايات المتحدة الأمريكية على أرضية الإشتراكية واليسارية
- دعم فكرة أنه يمكن فصل الدين عن الدولة في الإسلام وأن ذلك لا يعرض الإيمان للخطر بل على العكس يقويه

ثم تذكر الدراسة تفاصيل حول كل صنف من الأصناف الأربعة السالفة الذكر، وتذكر أمثلة لمواقع على الإنترنت تعود للأصوليين مثل موقع IslamOnLine وأيضا تذكر حركات إسلامية وشخصيات إسلامية منها ما هو يعيش في الشرق الأوسط مثل الدكتور/ يوسف القرضاوي ومنها ما يعيش في أمريكا مثل الدكتور/ سامي العريان وغيره، وهناك تركيز على الحركات الفلسطينية ذات الطابع الإسلامي والتي تستقطب الشباب بشكل خاص. ثم تذكر الدراسة أمثلة للنماذج الحداثة في كل من المنطقة العربية والباكستان والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، وتتحدث الدراسة عن ما يسمى الإسلام الأوروبي والإسلام الأمريكي. وأيضا تتحدث الدراسة عن التقليديين مثل أتباع الحركة الصوفية.

وفي الفصل الثالث (الأخير) تحت عنوان "إستراتيجية مقترحة" تحدد الدراسة طرق إيجاد شركاء في العالم العربي والإسلامي للولايات المتحدة وكيفية التعامل مع الأصوليين والتقليديين والحداثيين والعلمانيين، وتحدد هذه الدراسة ثلاثة أهداف للولايات المتحدة للتعامل مع الإسلام السياسي، أولا تحتاج الولايات المتحدة لمنع إنتشار التطرف والعنف الإسلامي، ثانيا بفعلها هذا يجب عليها تجنب الظهور بمظهر المعادي للإسلام، وثالثا على المدى البعيد يجب عليها أن تحدد الأسباب الإقتصادية والإجتماعية والسياسية العميقة التي تغذي التطرف الإسلامي، وعلى الولايات المتحدة أن تشجع في إتجاه التطور والديمقراطية:
• دعم الحداثيين أولاً وتعزيز وجهة نظرهم حتى تتغلب على وجهة نظر التقليديين وذلك بإتاحة الفرصة لهم لنشر آرائهم عبر الفضائيات ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية وعبر مواقع الإنترنت، والتركيز عليهم في مواجهة الإسلام المعاصر بدلا من التركيز على التقليديين
• دعم العلمانيين على أساس كل حالة بحالتها
• دعم البرامج والمؤسسات الثقافية والمدنية العالمانية
• دعم التقليديين بشكل يكفي لوقوفهم في وجه الأصوليين ومنع أي إتحاد بين هاتين الفئتين واختيار الفئة القريبة من الحضارة الغربية من بين التقليديين
• وأخيرا الضرب بحيوية على نقاط ضعف الأصوليين وإظهار فسادهم ووحشيتهم وجهلهم وأخطائهم الواضحة في تطبيقهم للإسلام وعدم قدرتهم على القيادة والحكم

وتحدد الدراسة أنشطة مباشرة بشكل أكبر وضرورية لتعزيز هذه الإستراتيجية مثل التالي:
• المساعدة في كسر احتكار الأصوليين والتقليديين لتعريف وشرح وتفسير الإسلام
• تحديد علماء عصرانيين مناسبين لإدارة موقع على الإنترنت للإجابة على أسئلة حول السلوك اليومي وتزويد الحداثيين بأراء شرعية إسلامية
• تشجيع العلماء الحداثيين على تأليف الكتب والمناهج التعليمية
• نشر كتب تقديمية عن الإسلام بأسعار مدعومة لمنافسة الكتب التي يؤلفها الأصوليون ويوزعونها بأسعار زهيدة
• استخدام وسائل إعلامية محلية مثل المذياع لتقديم أفكار وسلوك المسلمين الحداثيين لتوسيع الرؤية العالمية لمعنى الإسلام ولما يمكن أن يعنيه