حلقات من أيام صلاح الدين

[نزار نمر نزال]

الحلقة الأولى



في احتلال بيت المقدس

كانت الحملة الصليبية بقيادة قائد اسمه (ريموند) الفرنسي تضم عشرين ألفا من المقاتلين

وحاصر الغازون بيت المقدس شهراً كاملاً ، ثم ضغطوا بشده وهجموا عليها هادمين الأسوار

فاضطر المدافعون إلى التسليم ، واندفع الحاقدون من الفرنجة داخل المدينه قاتلين النساء ومذبحين الشيوخ والأطفال لا تردهم إنسانية ولا يردعهم حياء

كانوا قوما من السفاكين السفاحين عاثوا في أرض العرب فسادا ، فتطلعت نفوس العرب والمسلمين في كل مكان داعية الله الجبار العظيم العليم بما حدث شاكية ما حل بعباده المؤمنين، وطالبة منه أن يولي أمرهم من يرد كيد الكائدين وينزل الضربة القاسمة بالغاصبين، فكان الناصر صلاح الدين بعد فترة من الزمان ...................


بين فريقين


كان الصليبيون كما عرفت لايرعون عهدا إذا انتصروا، فكانوا إذا فتحوا مدينة تركوها مقتولا رجالها مسبية نساؤها مباحة حرماتها ومنتهبة أموالها ومهاناً على أي حال من بها من السكان

ولكن المسلمين كانوا على خلاف ذلك، فقد استنوا لأنفسهم سنناً تختلف عما استنه الصليبيون

كانوا إذا من الله عليهم بالنصر ودخلوا البلد المسترجع أحسنوا معاملة المأسور، وطمأنوا النساء المفزعات، وأصلحوا المهدوم من المنازل، فعرفوا بسبب ذلك طوال الحروب الصليبية بالتسامح وحسن معاملة المهزومين، وعلموا الغربيين دروس الإنسانية في القتال

فهم وأيم الحقَِّ من قديم الزمان أهلُ الشرف والكرم

ومعلمو الإنسانية أطيب الصفات

--------------------

يتبع الحلقة الثانية : (صلاح الدين في الميادين )

---------------------
المصدر : كتاب النحو للصف الثاني الثانوي - الامارات - عام 1989 م

[نزار نمر نزال]

الحلقة االثانية



صلاح الدين في الميادين


في سبيل الجهاد كان صلاح الدين يهجر منزله وأهله ويعيش في مخيمه في السهول والمرتفعات على مرأى الأعداء ، ويقيم في موقع قد يتعرض فيه للهجوم

وكأن العناية الإلهية قد أعدته ليكون موئلَ المسلمين في هذه الفترة الحاسمه من الزمان

وكان صلاح الدين عند الملتقى جلداً صبورا يتنقل بين صفوف الجيش ، ويصيح بهم مشجعا ،وهو ممسك بمقبض سيفه يراه الناس في كل مجال ،

يرد الأبطال المغرورين ويطيح بهم كأنه موكل بقبض أرواحهم ولذلك كان كل مغرور يتحاشاه إذا رآه على مرمى البصر ...

وكان جنوده مستعدين دائما تحت إمرته يلبسون المغافر والدروع ويحملون السيوف والرماح ...

فإذا هجموا على الأسوار استخدم كل هاجمٍ المعول لهدمها والمقلاع لرمي الأعداء ...

حسن اختيار وقت المعارك
كانت المعارك بين صلاح الدين الأيوبي والصليبيين تدور في كل وقت ولم يكن لأحد الخيار ، ولكن صلاح الدين كان يؤثر وقت الربيع وأوائل الصيف في بلاد الشام خضوعا لجوه إذ كان المطر والبرد يعطلان المعارك وحر الصيف يفزع المقاتلين .

وأفضل ما كان اللقاء عنده في أيام الجمع حقا إنه لم يفضل يوما على يوم ، ولم يخضع لباطل النجوم ، ولكنه كان يستبشر ويستنجد بالصلاه والدعاء إذا اجتمع الناس في مساجدهم وصلواتهم ....

ولهذا لُحظ أن كثيرا من انتصارات صلاح الدين على الحصون والقلاع والمدن وقع أيام الجمع ......

قال الفقيه مهذب الدين بن عبيد الله من قصيدة يمدح بها صلاح الدين

وما خضع الفرنج لديك حتى *** رأوا ما لا يطاق من الكفاحِ

وما سألوك عقد الصلح ودا *** ولكن خوف مُعْلمَةٍ رداحِ

ملأت بلادهم سهلا وحزنا *** أسودا تحت غابات الرماحِ

فدائيو صلاح الدين

كان صلاح الدين قبل المعركة يرسل جماعة من الفدائيين وأهل الغارة أمامه وكان حينما يعدهم لهذا العمل الخطير -

كان يقول لهم : هيا الى مكان الأعداء ، لتوقعوا في قلوبهم الرعب ، وإليكم الأسلحة وما تحتاجون اليه في غاراتكم ،

وعليكم في هذا الهجوم ان تنهبوا أسواقهم ومزارعهم ،

وتوقعوا الفزع في قلوبهم ، وحذار أن تقع عليكم اعينهم .

وكان هؤلاء الفدائيون يستجيبون لأوامر صلاح الدين ويقولون : هيهات أن نتهاون في هذه المهمة ولو صادفنا الموت

فإيه يا صلاح الدين من نصائحك الغالية فإنا منصتون وعاملون ، وقد عرفنا الفرنجه وأدركنا خصالهم الدنيئه ، فأف لهم ولما يعملون وسوف نكيل لهم الضربات القاسمه .....

وكان صلاح الدين يوجههم لهذه المهمة وكأنه يقول : دونكم ما تحتاجون اليه وحي على النضال في سبيل الوطن والاسلام .....

لصوص الخيام

ومن رجال الغارة في عهد صلاح الدين صنف آخر من الفدائيين كانوا يسمون " لصوص الخيام " ،

لا نكاد نقرأ أخبارهم حتى نقول بخ بخ .....

قال بن شداد يصف أعمالهم : إنهم كانوا إذا دخلوا خيمة للعدو وضعوا الخنجر على نحر النائم وأيقظوه ثم قالوا له : مكانك ايها الصليبي وصه ، وإلا قتلت وهلم معنا دون حديث وحذار أن تصيح ، فإن صحت قتلناك ...

كانوا يأخذونه أسيرا وظلوا على هذه الحال حتى انتهت الحرب مع الصليبيين ....


سلاح رهيب والفتى الدمشقي


فوجيء جند صلاح الدين ببعض المواقع بسلاح رهيب يستخدمه الأعداء في الهجوم : إنه أبراج ضخمه مخيفه لا يكاد يؤثر فيها شيء

القى عليها المسلمون النار عسى ان تحترق فلم تشتعل بها النيران وشرع المسلمون يرمونها بالسهام الناريه حرى أن يبيدوها ولكنها بقيت كما هي لم يصبها شيء وطفق الصليبيون من داخلها يرمون المسلمين ويهدمون الأسوار ويصيبون المسلمين بالخسائر الفادحه ...

وكربت هذه الحاله تفت في عضد كل مقاتل عربي

فأخذ قادتهم يفكرون في الخلاص من هذا السلاح الرهيب عسى الله ان يهديهم الى طريقة للخلاص منه ، ولقد اوشكت حيلهم أن تنتهي دون جدوى حتى منّ الله عليهم بشاب دمشقي مخترع حطم هذا السلاح وأنقذهم من اهواله .....

عربي مخترع

كان سلاح الأعداء فاتكا ولا ريب وظن بعض المسلمين أن لا خلاص من شره لأنهم لم يشهدوا مثله من قبل فلا النيران المحرقة تؤثر فيه ولا السهام الفاتكه تنفذ منه

وحسب بعض الناس ! أنه لا باحثين في البلاد العربية يستطيعون ان يتوصلوا بعلمهم الى مادة تؤثر في هذا السلاح ولا مخترعي آلات قادرون على تحطيمه ....

وشاء الله في هذا الوقت العصيب أن يهيء شابا عربيا دمشقيا يسمى عليا ،وكان خبيرا في نواح مختلفة ولا سيما النحاس والكيمياء فتوصل بعد جهد الى مادة تحرق ابراج الأعداء ......

وكان الأعداء حسبوا أنهم منتصرون حتى النهاية فلا في أيدي العرب سلاح يقهرهم ، ولا عندهم اختراع يحطم ابراجهم وفجأة القى المسلمون المادة العجيبة وشرعت قوة الغازين تتحطم ولا سيما سلاح ظنوه عدتهم في النصر ......

موقف عظيم
لقد كان اختراع الفتى الدمشقي بمثابة البناء لقوة المسلمين بعد ان نال منها العدو بسلاحه الرهيب ، بل كان بمثابة الضياء في الليلة الظلماء

ولذلك عد هذا الفتى العربي حاميا لجيش بلاده وقاضيا على قوة الأعداء ولذلك كان أول مستدعى لصلاح الدين بعد انتهاء المعركه فلما جاء اثنى عليه جزاء عمله وقدم له جائزة ضخمه من المال فلم يقبل الفتى الجائزة قائلا :

لقد كان عملي في سبيل الله والوطن ، ويكفي أن أنال من الله رضاه وثوابه .....

وبذلك ضرب هذا الشاب العربي بموقفه العظيم مثلا أعلى في التضحية في سبيل دينه وبلاده .....

.................................................. ........

يتبع الحلقة الثالثة : ( في موقعة حطين )

[نزار نمر نزال]

قبل عرض موقعة حطين وفتح بيت المقدس
لا بد من عرضٍ لأهم الأحداث الجسام .....
------------------


المذبحة الصليبية في القدس



حاصر الصليبيون جميعا في 7/ حزيران / 1099م القدس كأنهم رجل واحد ...
وحسب رواية ابن الأثير :
وصل الصليبيون إلى بيت المقدس وحصروه نيفا وأربعين يوما ونصبوا عليه برجين أحدهما من ناحية صهيون وأحرقه المسلمون وقتلوا كل من به فلما فرغوا من إحراقه أتاهم المستغيث بأن المدينة ملكت من الجانب الآخر وملكوها من جهة الشمال ضحوة نهار يوم الجمعة لسبع بقين من شعبان وركب الناس السيف ولبث الفرنج في البلدة أسبوعا يقتلون فيه المسلمين واحتمى جماعة من المسلمين بمحراب داود فاعتصموا به وقاتلوا فيه ثلاثة ايام ...
وقتل الفرنج بالمسجد الأقصى ما يزيد عن سبعين ألفاً منهم جماعة كثيرة من ائمة المسلمين وعلمائهم وعبادهم وزهادهم ممن فارق الأوطان وجاور بذلك الموضع الشريف
وأخذوا من عند الصخرة نيفا وأربعين قنديلا من الفضة وزن كل قنديل ثلاثة آلاف وستمائة درهم وأخذوا تنورا من فضة وزنه أربعون رطلا بالشامي وأخذوا من القناديل الصغار مائة وخمسين قنديلا نقره ومن الذهب نيفا وعشرين قنديلا وغنموا منه ما لا يقع عليه الإحصاء ...
وبعد ان انتهوا من الأحياء ولم يبق هناك أحد ليقتل اغتسل الصليبيون وساروا باتجاه كنيسة القيامه وهم يرتلون التراتيل ودموع الفرح تنساب من أعينهم وتسيل على وجوههم وتوقفوا عند كنيسة المسيح وهم يرتلون قداس القيامه . وفي واحد من المدافن في الكنيسه على جدار سيء الإناره نقشوا صلبانهم على الحجر ...
يذكر وليم الصوري انه تم إحراق الجثث بكفاءة عالية حتى يتسنى للصليبيين السير في طريقهم الى الأماكن المقدسه بثقة أعظم دون أن يضايقهم تعثرهم في الأطراف والقطع المتناثره غير أن تلك المهمة كما تشير آرمستونج كانت في الواقع تفوق مقدرتهم إذ ظلت الجثث متناثره في أنحاء المدينة بعد خمسة أشهر من الواقعة فحينما وصل فوشيه الشارتري إلى القدس ليحتفي بعيد ميلاد المسيح ذلك العام تملكه الرعب عندما رى منظر الجثث المتناثرة داخل وخارج السور ...
وعلق آرمسترنج : " إذا نحن اعتبرنا احترام حقوق السلف المقدسه محكا لمصداقية مُثل لأي فاتح ينتمي الى العقيدة التوحيدية ، فلا بد وأن يأتي الصليبيون أسفل قائمة البشر "

....


المرجع كتاب :
- الطريق الى القدس -شمس الدين الكيلاني ..

[نزار نمر نزال]

قبل عرض موقعة حطين وفتح بيت المقدس
لا بد من عرضٍ لأهم الأحداث الجسام .....
------------------


المذبحة الصليبية في القدس



حاصر الصليبيون جميعا في 7/ حزيران / 1099م القدس كأنهم رجل واحد ...
وحسب رواية ابن الأثير :
وصل الصليبيون إلى بيت المقدس وحصروه نيفا وأربعين يوما ونصبوا عليه برجين أحدهما من ناحية صهيون وأحرقه المسلمون وقتلوا كل من به فلما فرغوا من إحراقه أتاهم المستغيث بأن المدينة ملكت من الجانب الآخر وملكوها من جهة الشمال ضحوة نهار يوم الجمعة لسبع بقين من شعبان وركب الناس السيف ولبث الفرنج في البلدة أسبوعا يقتلون فيه المسلمين واحتمى جماعة من المسلمين بمحراب داود فاعتصموا به وقاتلوا فيه ثلاثة ايام ...
وقتل الفرنج بالمسجد الأقصى ما يزيد عن سبعين ألفاً منهم جماعة كثيرة من ائمة المسلمين وعلمائهم وعبادهم وزهادهم ممن فارق الأوطان وجاور بذلك الموضع الشريف
وأخذوا من عند الصخرة نيفا وأربعين قنديلا من الفضة وزن كل قنديل ثلاثة آلاف وستمائة درهم وأخذوا تنورا من فضة وزنه أربعون رطلا بالشامي وأخذوا من القناديل الصغار مائة وخمسين قنديلا نقره ومن الذهب نيفا وعشرين قنديلا وغنموا منه ما لا يقع عليه الإحصاء ...
وبعد ان انتهوا من الأحياء ولم يبق هناك أحد ليقتل اغتسل الصليبيون وساروا باتجاه كنيسة القيامه وهم يرتلون التراتيل ودموع الفرح تنساب من أعينهم وتسيل على وجوههم وتوقفوا عند كنيسة المسيح وهم يرتلون قداس القيامه . وفي واحد من المدافن في الكنيسه على جدار سيء الإناره نقشوا صلبانهم على الحجر ...
يذكر وليم الصوري انه تم إحراق الجثث بكفاءة عالية حتى يتسنى للصليبيين السير في طريقهم الى الأماكن المقدسه بثقة أعظم دون أن يضايقهم تعثرهم في الأطراف والقطع المتناثره غير أن تلك المهمة كما تشير آرمستونج كانت في الواقع تفوق مقدرتهم إذ ظلت الجثث متناثره في أنحاء المدينة بعد خمسة أشهر من الواقعة فحينما وصل فوشيه الشارتري إلى القدس ليحتفي بعيد ميلاد المسيح ذلك العام تملكه الرعب عندما رى منظر الجثث المتناثرة داخل وخارج السور ...
وعلق آرمسترنج : " إذا نحن اعتبرنا احترام حقوق السلف المقدسه محكا لمصداقية مُثل لأي فاتح ينتمي الى العقيدة التوحيدية ، فلا بد وأن يأتي الصليبيون أسفل قائمة البشر "

....


المرجع كتاب :
- الطريق الى القدس -شمس الدين الكيلاني ..

[حنان مطر]

الف شکر وتقدیر علی هذه المعلومات القیم اخي الکریم

[أشرف صالح المؤرخ الصغير]

سعادة الأستاذ الكاتب / نزار نمر

الموضوع قيم وإضافة للمنتدى ، ويسعدني أن أتقدم لكم بالتحية لذكر مصدر المادة وهذا أمر يفتقره معظم رواد المنتديات.

:good:مع خالص الشكر والتقدير،،، وكل عام وأنتم بخير:good: