المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تحولات الانحراف والسقوط في حياة الامة



مصطفى القاسم ابورمان
23/04/2008, 12:01 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
في الوقت الذي تشهد الامة فيه تحولات وتغيرات في كيانها الفكري والعقائدي والسياسي
وربما الجغرافي أكثر والاقليمي والحديث عن هذه التحولات يتناوله كتاب ومفكرين نقدا وتحليلا وشرحا
هناك نوع آخر من هذه التحولات تبينه الايات القرآنية والاحاديث النبوية وتحذرنا هذه الارشادات من مزالق السقوط والانحراف
ولعل الامثلة القرآنية من قصص الاقوام السابقة جاءت للتحذير مما وقعوا فيه لئلا نصاب بذلك الداء
يقول الله تعالى مرشدا لهذه الامة لمنهج الفوز

(يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)الاحزاب
وارشاد آخر مذكرا بالنعمة التي أنعم بها على الامة بعد أن كانت على شفا حفرة من النار ليجعل منها خير أمة أخرجت للناس
قال الله تعالى ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ 103 وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ 104 وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ 105 يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُون).ال عمران
في هذه الايات ارشادات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتركها مظهر للضعف ولا بد لهذه الوظيفة من معرفة وعلم وحكمة وارشاد
أما من الاحاديث في ذلك قول
الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم:( كيف بكم اذا فسدت نساؤكم وفسق شبابكم ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر فقيل له:ويكون ذلك يا رسول الله ؟ فقال نعم وشر من ذلك كيف بكم اذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف ,فقيل له: يا رسول الله ويكون ذلك ؟ قال نعم ، وشر من ذلك كيف بكم اذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفا ).
في هذا الحديث مراحل ومسارات السقوط والانحطاط التي ستؤول اليها الأمة الى ثلاث مراحل
أولا: مرحلة التحلل العملي وبروز الفساد السلوكي في الأمة بتناسي القيام بالفريضة وأدائها على الوجه الصحيح
ثانيا: مرحلة الانقلاب السلوكي العام الذي يصبح فيه الناس يمارسون دورا معاكسا تماما لدورهم المنوط بهم فاستحلوا المنكر وتركوا الامر بالمعروف
ثالثا: مرحلة مسخ الهوية والطمس على العقول والقلوب من خلال تغير النظرة الى الاشياء بعد ان كان الفرد يمارس المنكر ويترك المعروف
هذه المراحل من وجهة نظر نبوية وما يقال عن اسباب أخرى في التخلف أو الانحراف كلها
لا تخرج عن هذا المنهج لكن الاليات التي نحاول بها النهوض تختلف فكيف يكون مشروع الامة
الواحدة في فكرها وعقيدتها وألفتها ووحدتها وهي تزداد فرقة لا لأسباب الفسق والفجور فحسب اذا نظرنا للحديث من هذا المنظور فقط ولكن الشمولية التي يحملها المعروف ويحملها المنكر فليس من المعروف ما تعكسه تصرفات اسلاميين وتنسب هذه التصرفات والسلوكيات للاسلام بل هي منكر تجب محاربته وبيان الحق فيه
فالوضع السياسي الإستبدادي المتردي والإقتصادي المتهالك والديني المنافق أو المهادن والإجتماعي الصامت المغيب والثقافي المفرغ من أي وعي حقيقي.كما يقول أحد الدعاة

والمنكرات التي يفعلها البعض ويظن أنها معروفا فالبدعة سنة والسنة بدعة ويقول أنها من الاسلام والايمان مثل الذي يفعله التكفيريون بغيرهم من اخراجهم من الملة واصدار الاحكام عليهم بالكفر والزندقة
واباحة دمائهم .
هذا تحلل عملي وسلوكي نراه ونلمسه وينسب للدين باسم الفريضة والواجب وانقلاب على مفاهيم الدين وتفسيرها التفسير الخاطيء وهو ما يؤدي الى مسخ الهوية الحقيقية للدين الذي انما جاء ليرسي قواعد الرحمة والانسانية وضبط الحقوق والواجبات
وكلمة معروف في وقت صار المعروف منكرا والمنكر معروفا لايستقيم لهذه الامة حال الا اذا تجردت من أسباب أخذتها لهذا الطريق الذي تعيشه وبدات بمنهج قرآني رسم لها النجاة لنترك تفسيرا سياسيا أو اتباعا لهوى أو تعصبا لمذهبية . ومنهجا نبويا سلوكيا صحيحا واعيا بعيدا عن النظرة الضيقة يحمل فيه رحمة وحكمة وتزكية جاء بها الحبيب المصطفى صلى الله عليه واله وسلم.