المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البيئة بَـلسمٌ أم سموم ؟- د. شاكر مطلق



الدكتور شاكر مطلق
23/04/2008, 01:48 PM
البيئة بَـلسمٌ أم سموم ؟
د. شاكر مطلق

التلوث البيئي ظاهرة كونية ومعروفة منذ أقدم العصور ، وإذا كانت هذه الظاهرة قديمة جداً إلاَ أنها كانت مقصور على التلوث البيئي من مصادر طبيعية كالبراكين والزلازل والطوفانات ونفايات الإنسان ...
حتى الكوارث والانفجارات في الفضاء الكوني كانت ولا تزال تنعكس سلباً على البيئة في الفقاعة الصغيرة المسماة بمناخ الأرض ، وقد أدى ذلك ،منذ أكثر من ستين مليون عام ،إلى ارتطام نيزك بالكرة الأرضية وإلى تغيرات مخيفة في مناخ الأرض وإلى عتمة ناجمة عن كميات الغبار الهائلة في الهواء التي منعت النباتات من عملية التمثيل الضوئي ، الأمر الذي أدى بدوره إلى انقراض كائنات عملاقـة وجدت قبل وجود الإنسان ، وهي الدّيناصورات وغيرها من الكائنات طبعاً .
( ثقب الأوزون ) الهائل المنتشر فوق القطب وفي أماكن أخرى والذي يهدد الحياة على الكوكب هو من النتائج الضارة لما يسمى بالثورة الصناعية والمجنونة الرامية إلى المزيد من استنزاف موارد الأرض لغايات ليست دوماً وبالضرورة ضرورية لبقاء الإنسان ولإشباع حاجاته الأساسية المشروعة في إنتاج سلع قد تبدو مريحة لنا ، غير أنها قد تؤدي بالإفراط في إنتاجها إلى عواقب وخيمة على البيئة وكائناتها ومنها الإنسان بالطبع ، مثل حرق كميات هائلة من النفط ليروي ظمأ الآليات المختلفة التي يمكن الاستغناء عن الكثير من أجل استمرارية ما يسمى بالحضارة ، إذ ليس من الضروري لدى مواطن العالم المتقدم المتخم أن يكون في البيت الواحد أكثر من سيارة وأكثر من براد وأكثر من تلفاز ... الخ لأن مثل هذه الأمور وغيرها من إفرازات التقنية وليس الحضارة تؤدي حكماً إلى المزيد من التلوث الذي يؤدي بدوره إلى المزيد من الخراب وانقراض أنواع شتى من الكائنات النباتية والحيوانية وذلك بسرعة هائلة لم يعرفها التاريخ من قبل ، ناهيك عن الجنون في حرق كميات هائلة من موارد الطاقة التي تشكلت خلال مئات ملايين السنين في باطن الأرض كالنفط لأغراض تتعلق بالمحركات وبالتدفئة ، بينما الطاقة المتجددة من طاقة شمسية ورياح وأمواج وحتى من المخلفات النباتية تكفي تماماً لمثل هذه الأمور .
في الحرب العالمية الثانية كان الألمان يستخرجون من المازوت الطاقة والأدوية والملابس وحتى بعض أنواع الدهن المستعمل في غذاء الإنسان ، ناهيك عن العديد من الأمور الأخرى التي لم تكتشف جوانبها بعد ، وسيأتي - حسب رأيي - اليومُ الذي سيدهش فيه الأحفاد ويلعنون الأجداد لحرق مثل هذه المواد الثمينة جداً لأغراض تافهة .
هذه المقدمة الطويلة نسبياً أسوقها لأقول أن النشاط الإنساني بعامة والصناعي بخاصة يؤدي إلى زيادة في التلوث البيئي دون شك ، وإذا كانت هذه الأمور تشكل شراً لا بدَّمنه فعلينا أن نحاول التخفيف ما أمكن من مضارها علينا وعلى أحفادنا وعلى الأجيال القادمة وعلى شركائنا أيضاً في الوجود والكينونة من حيوانات ونباتات .
لقد تنبه الغرب إلى هذه المشكلة مبكراً وأخذت الدول الصناعية المعروفة تحاول بكل طاقتها أن تخفف من هذه الأضرار الهائلة على البيئة والإنسان ، ولكنهم من جانب آخر، يسرقون رغيف الفقراء أو صحن الأرز من أمام أفواه الملايين الجائعة من البشر ليحولوه إلى " وقود نظيف !! - بيو - " لسياراتهم وطائراتهم مما أدى إلى ارتفاع جنوني في أسعار الغذاء ، وسينفجر بالتأكيد بركان البطون الجائعـة ، في كل جهات الأرض ، ليؤكد لوحوش العوْلمة الجدد - في وحول " البيت الأبيض " - نظريّتهم في " الفوضى الخلاّقة " ، التي ستجرفهم وأحلامهم المريضة إلى مزبلة التاريخ .
أخذنا في عالمنا العربي ، وبتأخر شديد ، نحاول أن نحتذي بهم ونطبق ذلك على حياتنا اليومية ، بخجل وحذر وعلى طريقة التيمّم وليس الوضوء ، ومنذ أكثر من ربع قرن ونحن نكتب في هذه المسألة ونعقد الندوات والمؤتمرات حولها دون أية نتيجة فعلية على أرض الواقع .
لنا هنا - على سبيل المثال - في مدينة "حمص " المُبتَلاة بمصيبة المعامل الموجودة بكثرة فيها ، والمخصصة أصلاً من أجل مصلحة الإنسان ، والتي انقلبت إلى الضد ، خير مثال على ذلك . ناهيك عن تحويل موقع " تل النصر " - رمز انتصار الأمة على المغول الغزاة - إلى مكبٍّ للقمامة ووضع النفايات الطبية بكافة أشكالها ، وهي المرض بعينه ، مع النفايات المنزلية - وقد طرأ تغيّر على الوضع الآن ، كما علمت - ،وكذلك النفايات الصناعية الخطرة أيضاً ، وبرغم الخطورة لا يزال الأمر في الطور الجنيني في عقول جهابذة العلم والسلطة الذي سيجدون دون شك الحل المناسب ولكن في الحياة الأخرى .
مثال على الإهمال وغياب الرقابة وحسن التصرف شاهدته منذ أيام وأنا في طريقي إلى " سد المزينة " الذي افتتح منذ وقت قريب . ثمة شركة طبية على الطريق العام تعنى بالبلسم والترياق وتحمل مثل هذا الاسم . بناؤها غاية في الجمال والأناقة في منطقة سياحية جميلة حقاً ، ولكن كل الفرح الذي أصابني من هذا المشهد تبخّر على الفور عندما شاهدت نفايات ، قرب هذا المعمل الطبي ، تصبّ بشكل قذر ووقح في المسيل المائي الذي يقع إلى جانبها محولاً إياه إلى مشهد مروّع ، إلى
( شورباء ) بيضاء وصفراء تضمّ الموت والخراب وبشكل غير مخفي وواضح لعين من يرى .
أتساءل - باحتجاج صارخ - أين عيون المراقبة البيئية والمسؤولة أيها السادة الذين أُحدثت لكم مؤسسات من أجل أن تعملوا وتوقفوا مثل هذه الأمور عند حدّها ، وليس فقط من أجل التمتع بمزايا الوظيفة والسيارات وغير ذلك ؟ .
إن مثل هذه الأمور اللاّمعقولة تحتاج إلى فعل على أرض الواقع وليس إلى مجرد كلام فارغ عن البيئة وحمايتها ‘ ولاسيما أن الدولة قد وضعت المزيد من التعليمات الضابطة لمثل هذه التجاوزات بين أيديكم ، وليس من المقبول أن تبقى مسألة حماية البيئة مجرد شعار على ورق ، فالأمر يمس الجميع ، ولنا في نسبة ارتفاع الإصابات العالية بالسرطانات في محافظة حمص وفي مدينتها مثال حزين على تطورات ومجريات الأمور البيئية من سيء إلى أسوأ فأسوأ ، وبرغم كل الشعارات الطنانة التي تتحدث عن حماية البيئة .
سورية أنموذجاً لعالم يُطلق عليه اسم " العالم الثالث " ويمكن له فعلاً ، عندما تستقيم الأمور ، أن يصبح عالم الحضارة والتقدم والبيئة النظيفة ، وكان كذلك ذات حلم ، قبل عشرات قرون من الزمان . فهل نتيقّظ ونستيقظ ونعمل ؟ !...
============
E.-mail :mutlak@scs-net.org

عبدالقادربوميدونة
23/04/2008, 08:05 PM
الدكتور شاكر المطلق المحترم تحية صادقة ونقية

كنا وما نزال نسمع ..- وصرنا بعد اكتساح وسائط الاتصالات الحديثة - أن سوريا بلاد الشام ..سوريا الأرض الفيحاء ..سوريا أرض النماء والخضرة والأزهار والورود ..فإذا طالها جزء من التلوث الكوني ..فهي على كل حال ماتزال أرضا بكرا كبقية البلاد العربية..بلادنا ليست بلادا مصنعة ولا صناعية وليست ذات كثافة سكانية عالية.. ومعظمها بلاد أنهاروأشجاروأطيار..ولكن الإنسان المسؤول وغير المسؤول هو المسؤول عن زحف هذا الغول ..المسمى تلوث البيئة..
بارك الله فيكم عما قلتم وقدمتم وشرحتم في هذا المبحث الهائل
وأرجو أن تدعم به مركز "واتا " للدراسات والأبحاث البيئوية

عبدالقادربوميدونة
23/04/2008, 08:05 PM
الدكتور شاكر المطلق المحترم تحية صادقة ونقية

كنا وما نزال نسمع ..- وصرنا بعد اكتساح وسائط الاتصالات الحديثة - أن سوريا بلاد الشام ..سوريا الأرض الفيحاء ..سوريا أرض النماء والخضرة والأزهار والورود ..فإذا طالها جزء من التلوث الكوني ..فهي على كل حال ماتزال أرضا بكرا كبقية البلاد العربية..بلادنا ليست بلادا مصنعة ولا صناعية وليست ذات كثافة سكانية عالية.. ومعظمها بلاد أنهاروأشجاروأطيار..ولكن الإنسان المسؤول وغير المسؤول هو المسؤول عن زحف هذا الغول ..المسمى تلوث البيئة..
بارك الله فيكم عما قلتم وقدمتم وشرحتم في هذا المبحث الهائل
وأرجو أن تدعم به مركز "واتا " للدراسات والأبحاث البيئوية

الدكتور شاكر مطلق
23/04/2008, 11:08 PM
شكراً لكل من أبدى رأياً في الموضوعات ، ومنكم نتعلم .
د.شاكرمطلق

الدكتور شاكر مطلق
23/04/2008, 11:08 PM
شكراً لكل من أبدى رأياً في الموضوعات ، ومنكم نتعلم .
د.شاكرمطلق