هيثم محمد الأشقر
03/05/2008, 07:03 PM
مهمة جهادية تتحول إلى قبر مؤقت لمقاومين امضوا 48 ساعة تحت الأرض
قصتهم تصلح لأحد أفلام "الأكشن"-الرعب والإثارة- فالحديث يدور عن 48 ساعة لاثنين من رجال المقاومة تحت الأرض .
بدأت القصة بمهمة جهادية وانتهت بحصار تحت الأعماق دون ماء أو هواء أو طعام.
الحادثة تذكرنا بالرواية الشهيرة"رحلة إلى مركز الأرض" لكنها وقعت هنا شرق دير البلح، حيث العدو والمقاومة فالهدف واضح والغاية منشودة.
تحت الأرض
قبل أن يقدم الجيش الإسرائيلي على تنفيذ عملية عسكرية شرق دير البلح بيومين كانت المناوبة من نصيب المجاهد أبو بلال وقبيل التوغل انضم إليه أبو خليل، حيث تمركزا في أحد المنازل على "تلة 86 " واسمها هذا جاء من معركة قديمة استشهد فيها 86 شهيدا من الإخوان المسلمين.
لم تكف الأجهزة اللاسلكية الخاصة بكتائب القسام عن الحديث بينهما وبين القيادة فأنفاسهم هناك في غرفة العمليات كانت تحتبس وهم يتابعون العملية التي استغرق الإعداد لها شهورا طويلة.
اختار أبو خليل مقعدا بعيدا عن أبو بلال وهو يقول "العملية كانت كمين متقدم يستهدف القوات الخاصة والآليات فقمنا بتلغيم المنزل ومحيطه بالعبوات الأرضية والمضادة للأفراد وكانت خطتنا أن نفجرها في حال وصولهم للمنزل لأنها نقطة عبور حتمية لهم فإذا أخلوا الجرحى من الجنود نبدأ بتفجير البيت وكنا جاهزين للانطلاق بعدها وخوض اشتباك مع من يبقى، حيث كان لنا نفق فوهته داخل المنزل " .
واستخدم المقاومان نفقا يمتد من بئر للمياه قريب يؤدي إلى احد حجرات المنزل فإذا تم تفجير المنزل يتم الاحتماء بالنفق لمواصلة العملية وقد نجحت خطوتهم الأولى.
أما أبو بلال فقال"السيناريو الأول كان ساحة حرب حول المنزل ففي حال أسعفوا المصابين سواء من القوات الخاصة أو الآليات نفجر البيت ثم يخرج أبو خليل يضرب عليهم القذائف وأنا اشتبك بالسلاح الرشاش أما الاحتمال الثاني كان انتظار القوات الخاصة ثم تفجير عبوات خارجية وعندها يلجئوا للمنزل وسنقوم أيضا بتفجيره".
ومتابعة للخطة بدأ المجاهد أبو خليل باستهداف الآليات بالقذائف المضادة للدروع من أحد حجرات المنزل "شعروا بالخطر من ممرهم الحتمي فبدأت الآليات بالتجريف وبعد اشتباك تقدمت الآليات وشرعت في تدمير المنزل وبعد 15 دقيقة جاءت الأوامر بتفجير المنزل على 3 آليات وبالفعل تم تفجير طن من المتفجرات كانت بالداخل فأعطبت آلية وهربت 8 آليات بشكل جنوني".
بدأ الجيش في الوصول إلى قناعة بوجود أشخاص في محيط المنزل فتم محاصرته بـ8 آليات أخرى في حين لجأ المجاهدان إلى النفق ويضيف أبو بلال"لم يعرفوا بوجود نفق فجهزنا أنفسنا لخطوة التطهير واستهداف آليات جديدة والوحدات الخاصة وبعد 10 دقائق تعززت الآليات بعشر إضافية".
ولازالت ذاكرة أبو خليل خضراء بتفاصيل الحدث فمثل هذه التجربة لا تنسى حتى بمرور 20 عاماً, احتبست أنفاس الاثنين داخل النفق الضيق وهم يسمعون صوت المتفجرات التي تأخذ إشارة البدء من أصابعهم في الظلام بينما امتد تجريف الآليات حتى الساعة 12 ليلا بعد أن عجز الجيش عن تحديد مكانهم فأعادت الجرافات ترتيب الأرض المجعدة دون جدوى ثم استدعوا حفّارا ضخما "باقر" لاستئناف المهمة.
بين أسنان الحفار
أدى انفجار المنزل إلى انسداد فوهة النفق وانهيار كميات كبيرة من التراب والردم داخل النفق الذي لا يكفي لوقوف أي شخص فساد ظلام دامس منع المجاهدين من رؤية بعضهما البعض .
شرع الحفّار في ضرب أسنانه في الأرض فدخلت لعمق 8 أمتار ما تسبب في انهيار المزيد من التراب داخل النفق وبدأت الأنفاس تضيق والملابس تتلون بالتراب إضافة إلى سحابة كثيفة من الغبار المحشور داخل الممر الضيق عن ذلك قال أبو بلال"كنا نسمع طقطقة الخشب فوقنا والدبابات تقوم بمناورات فوق حتى ينهار النفق وعندما ضرب الحفّار الخشب بعمق ثار غبار شديد ولم يكن معنا أي إضاءة ولا حتى ماء أو هواء وطعام. " كانت كل ضربة تحصد معها سنوات من أعمارهم التي لم تتجاوز الثلاثين, إن خوفهم في تلك السعة يشبه لحد كبير ما تصارعه عندما يلقي أحدهم أفعى في حجرة نومك ماذا عساك تفعل؟!
بدا العالم في عيونهما خاليا سوى من صوت الآليات في الأعلى وموقفهم الصعب في الأسفل, نفذت بطاريات الهاتف الخلوي التي كانت تساعدهم أحيانا في إرسال واستقبال رسالة بعد الزحف لفوهة النفق المدمرة وأصبح الاثنان في انتظار الليل ليستأنفا الخطة الثانية "الخروج لاستهداف القوات الخاصة والاشتباك حتى الشهادة".
واصلت الجرافات والحفّار العمل وداخل النفق كان ينجو الاثنان كل دقيقة من ضربة قاتلة تقتحم عليهم الظلمة وتتسبب في انهيار المزيد من التراب والردم, المشهد كان مستنسخا عشرات المرات لكن النتيجة كانت عجيبة حتى قامت الآليات بتجريف البئر "الفوهة الثانية للنفق" ما جعلهما في حفرة مسدودة الطرفين فطاشت أحلام الحصول على الهواء أو حتى النجاة.
محاولة فتح الهاتف الخلوي كانت تثير جنون الدبابة التي تهرع مع فتحه من بعيد وتربض فوق الهاتف تماما ولا يصرفها عن ذلك إلا فصل بطارية الخلوي!
بعد تجريف فوهة البئر انهارت الرمال بمسافة 2 متر للداخل لكن أحد أعمدة الباطون تعاطف مع الموقف فسقط بشكل عرضي ما حال دون انهيار مزيد من الرمال .
وصلت إشارة إلى الاثنين عبر وسيلة اتصال خاصة بالقيادة بالشروع في محاولة الخروج بأي شكل لاستهداف القوات الخاصة الموجودة حول النفق ,حاولا إزالة التراب و تمكن أبو بلال أن ينظر من فتحة ضيقة جدا " وأضافت :"حاولت الصعود ورأيت عددا من الكلاب ورجعت لمكاني فورا وفي هذه اللحظة جاء الحفار وضرب سقف البئر –ينظر لصديقه- فانهار وأغلق النفق تماما ولم نعد نسمع سوى صوت اهتزاز الأرض ولم أتخيل بعدها أن نصمد دون أي مقوم من مقومات الحياة" .
قصتهم تصلح لأحد أفلام "الأكشن"-الرعب والإثارة- فالحديث يدور عن 48 ساعة لاثنين من رجال المقاومة تحت الأرض .
بدأت القصة بمهمة جهادية وانتهت بحصار تحت الأعماق دون ماء أو هواء أو طعام.
الحادثة تذكرنا بالرواية الشهيرة"رحلة إلى مركز الأرض" لكنها وقعت هنا شرق دير البلح، حيث العدو والمقاومة فالهدف واضح والغاية منشودة.
تحت الأرض
قبل أن يقدم الجيش الإسرائيلي على تنفيذ عملية عسكرية شرق دير البلح بيومين كانت المناوبة من نصيب المجاهد أبو بلال وقبيل التوغل انضم إليه أبو خليل، حيث تمركزا في أحد المنازل على "تلة 86 " واسمها هذا جاء من معركة قديمة استشهد فيها 86 شهيدا من الإخوان المسلمين.
لم تكف الأجهزة اللاسلكية الخاصة بكتائب القسام عن الحديث بينهما وبين القيادة فأنفاسهم هناك في غرفة العمليات كانت تحتبس وهم يتابعون العملية التي استغرق الإعداد لها شهورا طويلة.
اختار أبو خليل مقعدا بعيدا عن أبو بلال وهو يقول "العملية كانت كمين متقدم يستهدف القوات الخاصة والآليات فقمنا بتلغيم المنزل ومحيطه بالعبوات الأرضية والمضادة للأفراد وكانت خطتنا أن نفجرها في حال وصولهم للمنزل لأنها نقطة عبور حتمية لهم فإذا أخلوا الجرحى من الجنود نبدأ بتفجير البيت وكنا جاهزين للانطلاق بعدها وخوض اشتباك مع من يبقى، حيث كان لنا نفق فوهته داخل المنزل " .
واستخدم المقاومان نفقا يمتد من بئر للمياه قريب يؤدي إلى احد حجرات المنزل فإذا تم تفجير المنزل يتم الاحتماء بالنفق لمواصلة العملية وقد نجحت خطوتهم الأولى.
أما أبو بلال فقال"السيناريو الأول كان ساحة حرب حول المنزل ففي حال أسعفوا المصابين سواء من القوات الخاصة أو الآليات نفجر البيت ثم يخرج أبو خليل يضرب عليهم القذائف وأنا اشتبك بالسلاح الرشاش أما الاحتمال الثاني كان انتظار القوات الخاصة ثم تفجير عبوات خارجية وعندها يلجئوا للمنزل وسنقوم أيضا بتفجيره".
ومتابعة للخطة بدأ المجاهد أبو خليل باستهداف الآليات بالقذائف المضادة للدروع من أحد حجرات المنزل "شعروا بالخطر من ممرهم الحتمي فبدأت الآليات بالتجريف وبعد اشتباك تقدمت الآليات وشرعت في تدمير المنزل وبعد 15 دقيقة جاءت الأوامر بتفجير المنزل على 3 آليات وبالفعل تم تفجير طن من المتفجرات كانت بالداخل فأعطبت آلية وهربت 8 آليات بشكل جنوني".
بدأ الجيش في الوصول إلى قناعة بوجود أشخاص في محيط المنزل فتم محاصرته بـ8 آليات أخرى في حين لجأ المجاهدان إلى النفق ويضيف أبو بلال"لم يعرفوا بوجود نفق فجهزنا أنفسنا لخطوة التطهير واستهداف آليات جديدة والوحدات الخاصة وبعد 10 دقائق تعززت الآليات بعشر إضافية".
ولازالت ذاكرة أبو خليل خضراء بتفاصيل الحدث فمثل هذه التجربة لا تنسى حتى بمرور 20 عاماً, احتبست أنفاس الاثنين داخل النفق الضيق وهم يسمعون صوت المتفجرات التي تأخذ إشارة البدء من أصابعهم في الظلام بينما امتد تجريف الآليات حتى الساعة 12 ليلا بعد أن عجز الجيش عن تحديد مكانهم فأعادت الجرافات ترتيب الأرض المجعدة دون جدوى ثم استدعوا حفّارا ضخما "باقر" لاستئناف المهمة.
بين أسنان الحفار
أدى انفجار المنزل إلى انسداد فوهة النفق وانهيار كميات كبيرة من التراب والردم داخل النفق الذي لا يكفي لوقوف أي شخص فساد ظلام دامس منع المجاهدين من رؤية بعضهما البعض .
شرع الحفّار في ضرب أسنانه في الأرض فدخلت لعمق 8 أمتار ما تسبب في انهيار المزيد من التراب داخل النفق وبدأت الأنفاس تضيق والملابس تتلون بالتراب إضافة إلى سحابة كثيفة من الغبار المحشور داخل الممر الضيق عن ذلك قال أبو بلال"كنا نسمع طقطقة الخشب فوقنا والدبابات تقوم بمناورات فوق حتى ينهار النفق وعندما ضرب الحفّار الخشب بعمق ثار غبار شديد ولم يكن معنا أي إضاءة ولا حتى ماء أو هواء وطعام. " كانت كل ضربة تحصد معها سنوات من أعمارهم التي لم تتجاوز الثلاثين, إن خوفهم في تلك السعة يشبه لحد كبير ما تصارعه عندما يلقي أحدهم أفعى في حجرة نومك ماذا عساك تفعل؟!
بدا العالم في عيونهما خاليا سوى من صوت الآليات في الأعلى وموقفهم الصعب في الأسفل, نفذت بطاريات الهاتف الخلوي التي كانت تساعدهم أحيانا في إرسال واستقبال رسالة بعد الزحف لفوهة النفق المدمرة وأصبح الاثنان في انتظار الليل ليستأنفا الخطة الثانية "الخروج لاستهداف القوات الخاصة والاشتباك حتى الشهادة".
واصلت الجرافات والحفّار العمل وداخل النفق كان ينجو الاثنان كل دقيقة من ضربة قاتلة تقتحم عليهم الظلمة وتتسبب في انهيار المزيد من التراب والردم, المشهد كان مستنسخا عشرات المرات لكن النتيجة كانت عجيبة حتى قامت الآليات بتجريف البئر "الفوهة الثانية للنفق" ما جعلهما في حفرة مسدودة الطرفين فطاشت أحلام الحصول على الهواء أو حتى النجاة.
محاولة فتح الهاتف الخلوي كانت تثير جنون الدبابة التي تهرع مع فتحه من بعيد وتربض فوق الهاتف تماما ولا يصرفها عن ذلك إلا فصل بطارية الخلوي!
بعد تجريف فوهة البئر انهارت الرمال بمسافة 2 متر للداخل لكن أحد أعمدة الباطون تعاطف مع الموقف فسقط بشكل عرضي ما حال دون انهيار مزيد من الرمال .
وصلت إشارة إلى الاثنين عبر وسيلة اتصال خاصة بالقيادة بالشروع في محاولة الخروج بأي شكل لاستهداف القوات الخاصة الموجودة حول النفق ,حاولا إزالة التراب و تمكن أبو بلال أن ينظر من فتحة ضيقة جدا " وأضافت :"حاولت الصعود ورأيت عددا من الكلاب ورجعت لمكاني فورا وفي هذه اللحظة جاء الحفار وضرب سقف البئر –ينظر لصديقه- فانهار وأغلق النفق تماما ولم نعد نسمع سوى صوت اهتزاز الأرض ولم أتخيل بعدها أن نصمد دون أي مقوم من مقومات الحياة" .