المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عتمات غزة



د. محمد اسحق الريفي
04/05/2008, 11:19 PM
عتمات غزة

لوحة رقم (01)
مقدمة

تحظى غزة بصورة وردية مضيئة في أذهان الناس، فقد أصبحت غزة رمزاً للمقاومة والثبات والتحدي، وتحول الغزيون إلى انموذج رائع لشعب أبي لا يساوم على كرامته، ولا توهن الشدائد عزيمته، ولا يهن أمام أعدائه العتاة الأشرار. ورغم هذه الصورة المشرقة لغزة الإباء والمقاومة، هناك جوانب مظلمة للحياة في غزة لا يعرفها إلا قليل من الناس ممن عاشوا الحياة الغزية بحلوها ومرها، وحملوا هموم غزة وأهلها، وأرقهم حالها، فنبضت أقلامهم بالنصح والتوجيه غير مكترثين بالصعاب والمخاطر والأشواك، فلم يدعوا فرصة لتوعية الأبناء إلا واجتهدوا للاستفادة منها.

وهذه محاولة متواضعة للحديث عن عتمات غزة، آملاً أن تسهم هذه المحاولة في تبديد الظلام، والتنوير، وحماية الأبناء من المنعطفات الحادة الخطيرة، لتصبح صورة غزة وحقيقتها أكثر إشراقاً. وفي الحقيقية، كتبت عن الجوانب المعتمة للحياة في غزة، ولكن في سياق سياسي، وأرى ضرورة الكتابة في سياق ثقافي، تجنباً لإثارة حفيظة بعض الناس وإثارة نعرات البعض الآخر، إضافة إلى أهمية الثقافة بالنسبة لشعب يقاوم الاحتلال وتتعرض هويته للطمس والتذويب، فهويتنا الثقافية هي مناط وجودنا الذي يحاول أعداؤنا إلغاءه.

كنت اليوم في حضرة رئيس الجامعة الإسلامية الموقر، وتحدثت معه عن موضوع ذي علاقة، وقلت له متسائلاً: من يحمي الشباب من الثقافات الهدامة التي تُغرس في المجتمع الغزي إذا استنكف المثقفون عن التصدي لها؟! نحن نعلم الطلاب في جامعاتنا ونمنحهم الشهادات، ولكن هل تكفي الشهادة لمساعدة الأبناء على بناء مستقبل زاهر ومشرق لهم؟ كيف ستساعد الشهادات الجامعية في بناء نهضة وتمنية بشرية في مجتمعاتنا إذا كانت هذه المجتمعات تعاني من أمراض ثقافية فتاكة؟

من هذا المنطلق، وحرصا على المساهمة المتواضعة في حماية أبنائنا ثقافياً وفكرياً وتعزيز صمود أهلنا في مواجهة العدوان الصهيوني المدعوم أمريكياً وأوروبياً، سأبدأ في الكتابة عن عتمات غزة، وأسأل الله التوفيق والفلاح، وأرجو من الجميع المشاركة بإيجابية، فهناك تقاطعات واسعة بين مجتمعاتنا من حيث التحديات والإشكالات الثقافية والفكرية التي تواجه أبناءنا.

إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله.

إلى اللقاء غدا إن شاء الله

أبويزيدأحمدالعزام
05/05/2008, 10:49 AM
الشهادة الجامعية وحدها لا تكفي بكل تأكيد.هناك ماهو اكبر الا وهي مدرسة الحياة وهي في تقديري تعطيك اكبر وأعظم شهادة وتعطيك سور وحائط قوي يحميك من الثقافات الهدامة التي تأتي من الخارج.موضوعك رائع وشيق,
انا بإنتظارما ستتفضل به بروفيسور.
تقديري

د. محمد اسحق الريفي
05/05/2008, 11:22 PM
أخي العزيز الدكتور أبو هاجر أحمد العزام،

مرورك المتميز يضفي على الموضوع رونقا جميلا... نورت المكان :fl:

د. محمد اسحق الريفي
06/05/2008, 12:05 AM
لوحة رقم (02)
حالة العسكرة
عانى المجتمع الغزي قبل بسط حركة حماس سيطرتها على الأوضاع الأمنية في غزة قبل نحو سنتين من ظاهرة خطيرة أقضت مضاجع المواطنين وأرقتهم كثيرا وسببت لهم معاناة قاسية، وهي ظاهرة فوضى السلاح التي انتشرت في ظل حالة العسكرة التي عاشها المجتمع الغزي.

الفقر والعنف وغياب التربية الصحيحة هي أهم خصائص البيئة التي نشأت فيها ظاهرة "فوضى السلاح" التي كانت تنتشر بقوة بين المراهقين ممن يجدون في حمل السلاح واستخدامه وسيلة لتحقيق الذات والأمنيات، ويتسم الأشخاص الذين يمارسون فوضى السلاح بالفراغ الثقافي، وضعف الشخصية، والطيش، والفشل المدرسي، والظروف العائلية القاسية. الأمر الذي يجعل منهم فريسة سهلة لبعض الجهات التي تستدرجهم وتجعل منهم "عناصر فوضى" فعالة يتولون نشر فوضى السلاح ويؤججون الفلتان الأمني.

في أثناء الانتفاضة الأولى التي سميت "انتفاضة المساجد" أو "الانتفاضة المباركة"، وفي ظل الفوضى الكبيرة التي صاحبتها، لجأ الكثيرون من الصبيان الذين كانوا يعانون من ظروف عائلية سيئة وتعثر دراسي وبطالة إلى إطلاق النار في الهواء إيذاناً منهم بتحول جوهري في مسيرة حياتهم، حيث كان يتحول كل من يطلق النار في ذلك الوقت إلى مطلوب لدى قوات الاحتلال ويسمى "مطارَداً"، ومن ثم يتحول إلى أمير حرب في بعض الأحيان.

وشكلت فئة من أولئك المطاردين نواة للفوضى وفرق الموت التي أخذت على عاتقها نشر الفوضى وأخذ القانون بيدها، باستثناء المطاردين الذين كانوا مجاهدين بحق، وقد شكل هؤلاء المجاهدون نواة لعدد من الأجنحة العسكرية والكتائب الجهادية التي أجبرت الكيان الصهيوني فيما بعد على الانسحاب من بعض مناطق قطاع.

هواية حمل السلاح واتخاذه وسيلة للحصول على مكانة اجتماعية وكسب احترام الآخرين وتقديرهم هو أحد أهم الأسباب التي حولت كثيراً من المراهقين والأطفال إلى عناصر فوضى، إذ يعد حمل السلاح والسير به في الطرقات عند هؤلاء العابثين أمنية سامية وغاية عظيمة ومصدراً للسعادة والشعور بالقوة. وشجع انتشار البطالة في المجتمع الغزي بعض العائلات الفقيرة على السماح لأبنائها بالانخراط في بعض الأجهزة الأمنية ليصبحوا بعد ذلك من أهم عناصر الفوضى ويتحولوا إلى وبال على المجتمع الغزي.

وقد نجحت الحكومة التي تتولاها حماس في إزالة العديد من مظاهر فوضى السلاح، وأصبح المواطنون في غزة ينعمون بالأمن بعد أن كانت حياتهم مهددة بالخطر. ولكن هذه الظاهرة الخطيرة لا تزال جذورها ضاربة في العائلات التي تمتلك كميات كبيرة من الأسلحة الكافية لتهديد أمن المجتمع الغزي، ويخشى المواطنون في غزة من عودة الفلتان الأمني مرة أخرة بتخطيط صهيوأمريكي، فلا يزال الاحتلال والأمريكان يراهنون على عودة الفلتان على أيدي العائلات المسلحة.

أبويزيدأحمدالعزام
06/05/2008, 04:55 PM
اشهد لك صدق ما تفضلت به, بالفعل كانت هناك فوضى سلاح كبيرة في المجتمع الغزي واذكر صورا لشباب او من هم تحت ان يسموا شبابا بسن المراهقة وكان السلاح الذي يحملونه يفوقهم طولا, وهذا نابع من ضعف في الشخصية او ان الظروف السيئة اجبرتهم على ذلك فيريد اثبات نفسه بالسلاح الذي يحمله أي أنظروا الي انا موجود,وما هذه الفوضى التي حصلت في الاونة الاخيرة قبل التآمر على حماس إلامن صنع وتدبير اجهزة الأمن الفاسدة واريد ان اسمي الأمور بمسمياتها ان سمحت بروفيسور ,من سمح لهذه الفوضى والفرق ان تنتشر هو محمد دحلان الذي كان بدوره يستغل البطالة احسن استغلال لكسر شوكة حماس في غزة وانت تعرف يا سيدي ان هناك أيدي خفية وراء كل هذا الذي حصل قبل سيطرة حماس على غزة,كادت غزة ان تصل الى مرحلة التجارة في الاعضاء البشرية بسبب هذا الفلتان.

د. محمد اسحق الريفي
07/05/2008, 11:44 AM
أخي العزيز الدكتور أبو هاجر أحمد العزام،

نعم.. ما تفضلت به هو الحقيقة، فتلك الجهات المدعومة صهيونيا وأمريكيا استغلت المراهقين والشباب الصغار لتحولهم إلى معاول هدم للمجتمع الفلسطيني، ولا تزال هذه العتمة مستمرة في غزة والضفة المحتلة!! كيف تسول للشبان الذين يعملون في أجهزة الأمن أنفسهم بملاحقة المقاومين وحماية أمن العدو الصهيوني؟!!

والله المستعان!