المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محطة الجزيرة والفرسان الثلاثة



غالب ياسين
06/05/2008, 07:51 PM
في البداية لا بد من التعبير عن التقدير والاحترام لمحطة الجزيرة والقيمين عليها لاهتمامهم بذكري نكبة فلسطين بمناسبة مرور ستين عاما علي طرد الشعب الفلسطيني من ارضه واحلال جماعت استوردت من اوروبا وغيرها من القارات،
ووطنت في وطن الشعب الفلسطيني. لقد وضعت الجزيرة ضمن برامجها السياسية عددا من الحلقات التي تحكي قصة هذا الشعب المنكوب للاجيال العربية التي ولدت بعد عام 1980 والتي تكاد الاحداث المتتابعة علي امتنا العربية تشغل هذا الجيل عن تلك المأساة، وتحكي لتلك الاجيال قصة تواطؤ الكثير من القيادات العربية التي كانت مرتبطة بقوي الطغيان العالمي وما برحت متواطئة الي جانب الهجمة المنظمة علي التعليم تحت ذرائع مختلفة وخاصة مناهج التاريخ والعلوم الشرعية التي تحض الامة علي الوحدة وابراز دور رموزها، امثال خالد بن الوليد وصلاح الدين وطارق بن زياد وغيرهم من الاوائل المبجلين وابراز ادوارهم التي تزدان بها صفحات التاريخ العربي في مواجهة طغا ة العالم.
استضافة محطة الجزيرة فرسانا ثلاثة، اعتبرهم البعض او هم اعتبروا انفسهم بانهم النخبة العالمة ببواطن شؤون امتنا العربية والاسلامية وراحوا يناقشون حال امتنا وكيف ضيع النظام العربي فلسطين وركز الفرسان علي حقبة الستينيات من القرن الماضي إلي تاريخنا المعاصر.
انبري احد الفرسان في تشخيصه لتلك الفترة ووصفها بانها فترة تنويم للامة العربية وليست مرحلة استنهاض لها في مواجهة الاعداء، وراح يكيل لتلك القيادات كل التهم دون ان يمعن النظر في الظروف السياسية والاقتصادية التي كانت امتنا تمر بها في تلك الحقبة من الزمن، هذا الفارس كان يستهدف القاهرة في تلك الحقبة بالنقد اللاذع والمهين، ولا انكر البتة ان القاهرة ارتكبت اخطاء استراتيجية هامة في تلك الفترة، ولكن للانصاف فان القاهرة قامت بادوار صنعت فيها تاريخ الشرق الاوسط. يقول هذا الفارس: ان ذلك النظام نوم الامة وخدرها الي مرحلة جعلها عديمة الاحساس.
معذرة ايها الفارس، فدولتك نالت استقلالها بفعل من القاهرة ولم يكن شعب وطنك الصغير منوما او مخدرا، جنوب الجزيرة العربية بكامله تحرر من الاستعمار البريطاني بفعل من القاهرة ومؤازرة منها لحركات تحرير الجنوب العربي، استقلال الجزائر حدث في تلك الفترة بعد 130 عاما او تزيد من الاحتلال الفرنسي، ونالت القاهرة عقابا شديدا علي مناصرتها لحركات التحرر العربي تمثل ذلك بعدوان 1956 وعدوان 1967، الخليج العربي لم ينل استقلاله الا تحت ضربات المد القومي العربي الذي كانت تقوده القاهرة في تلك الحقبة من تاريخنا، فاي نوم او تخدير تقول به ايها الفارس؟
فارس اخر وله مكانة عندي كبيرة لكنني اعترف بأنها اهتزت عندما سمعته في تلك الامسية يطلق عنان فكره ويوظف براعته الجدلية في الاتهام بان تلك الانظمة لم يكن لديها استراتيجية، وراح يلوي كلماته الي الحد الذي جعلني استدعي الحلقة مرة اخري لامعان السمع والبصر فيما قيل. هل تعلم جيدا ايها الفارس ان مصر اعلنت في حينه بانها ليست جاهزة لمواجهة عسكرية مع اسرائيل، وان معظم جيشها وخيرة قطاعاته كان في حرب ضروس في اليمن لتثبيت استقلال الجمهورية اليمنية وحمايتها من المتربصين بثورتها؟ الجيش السوري كانت جذوره تنخرها جرذان الانفصال وكان الهم الاول توريط القاهرة في ساحة قتالية هي ليست مستعدة لها كما اثبتت الوثائق التاريخية، الاردن حدث عن وضعه في ذلك الزمان ولا حرج. والعراق كان حزب البعث في ذلك الزمان لم تغص جذوره في تراب العراق بعد، وكانت تمدداته نحو دمشق تارة واخري نحو القاهرة، البترول العربي كان في خدمة او تحت هيمنة القوي الدولية الرهيبة فكان خارج المعركة، العدو كان يعرف تفاصيل التفاصيل من قيادات عربية عن نقاط الضعف والقوة عند دول الجوار العربي لفلسطين.
فارس ثالث راح يتأرجح بين الرأيين الاول والثاني، اراد ان يسير الحوار في الاتجاه الذي يجب ان يكون فيه ولكن غلبت الفكرة الدينية الفكرة الفلسفية وخرج ثالث الفرسان من مضمار السباق.
اخر القول : لا اشك في وطنية أي من الفرسان الثلاثة ولا في قدرات وثقافة أي منهم، ولكني اقول ان كثيرا من المرضي ماتوا بين أيدي امهر الاطباء لا لاهمالهم ولكن لثقتهم بانفسهم اكثر من اللازم في الوقت الذي شفي الكثير من المرضي علي أيدي اطباء اقل شهرة لكنهم أكثر اهتماما واكثر حرصا علي الابداع.
وختام القول: لكل جواد كبوة ولكل فارس هفوة.