المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة بين السطور، في كتاب فضيلة الفاروق:(تاء الخجل)



احمد محمود القاسم
09/05/2008, 04:18 PM
FF0000]قراءة بين السطور، في كتاب فضيلة الفاروق
(تاء الخجل)
الكاتب والباحث احمد محمود القاسمفضيلة الفاروق كاتبة جزائرية، تتصف كتاباتها بالجرأة والصراحة، لها عدة كتب منها كتاب (مزاج مراهقة) وكتاب (تاء الخجل) وكتاب (لحظة لاختلاس الحب) وكتاب يحمل اسم:(اكتشاف الشهوة)، ويعتبر من أجرا كتبها صراحة وجرأة، فهي تتحدث عن مغامراتها الشخصية وقصة زواجها من رجل جزائري بعد انتظارها لأكثر من 30 عاما، وهي تنتظر فارس الأحلام كي يأتي ويخلصها من أحزانها وآلامها، ولكنها لم تكن تتوقع أن زوجها ينظر إليها في السرير، ليست كزوجة بل كعاهرة، تقول تشكي همها لصديقتها:
(هل تعريفين، حين تزوجت، كنت أظن أن كل مشاكلي انتهت، ولكني اكتشفت، أنني دخلت سجناً فيه كل أنواع العذاب، أنا "باني بسطانجي" التي منعت طيلة حياتها، حتى مجرد أن تفكر في ذكر، بين ليلة وضحاها، أصبح المطلوب مني، أن أكون عاهرة في الفراش، أن أمارس كما يمارس هو، أن أسمعه كل القذارات، أن أمنحه مؤخرتي ليخترقها بعضوه، أن أكون امرأة منسلخة الكيان، أن أكون نسخة عنه، وعن تفكيره، المشكلة تجاوزتني يا "شاهي" ولهذا تطلقت، ما اخترقني لم يكن عضوه، كان اغتيالا لكبريائي، وفيما أشعل هو، سيجارة انتصاره، ليتمم بها متعته، قمت أنا منكسرة، نحو الحمام، غسلت جرحي وبكيت، لم أكن احلم في تلك الليلة، فقد فاتني قطار الأحلام، وتركني واقفة على محطة مقفرة، تنعق فيها غربان الخيبة، ليلتها، لم يزرني الشاب الأسمر، الذي لطالما حلمت به، لم يلامسني بغابته الصغيرة، قبل أن استسلم للنوم تماما، ولم تحل سمرته علي، كليل رومانسي جميل، كانت تلك ليلتي الأولى، بدون رجل، كانت ليلة تنزف بين الفخذين إهانة قاتمة، ليلة لا معنى لها، حولتني الى كائن لا معنى له، حقارتي بدأت من هنا، من هذا الزواج، الذي لا معنى له، من هذه المغامرة التي لم تثمر، غير كثير من الذل في حياتي، وكثير من الانهزامية والتلاشي والانتهاء، في غاية السخف، كانت تحدث لي أمور لا افهمها، أمور تجعلني انتهي، وأتوقف عند لحظة اتخاذي لقرار الزواج، خمس وثلاثون سنة، وأنا في انتظار عريس يليق بحجم انتظاري).
المقطع السابق، مقتبس من كتابها (اكتشاف الشهوة) للتدليل على جرأتها وصراحتها فقط، كما أنها تابعت جرأتها وصراحتها في كتابها:(تاء الخجل)، هذا الكتاب، والذي قد يكون قد تضمن جزءا من مغامراتها الخاصة، بعد إحساسها بفشل زواجها وانتقالها من الجزائر الى باريس، واحتقارها من قبل زوجها وعدم احترامه لشعورها ولأنوثتها ورغباتها، بل كان كل ما يهمه، رغباته الجنسية الذاتية، وتنفيس رغبته وهياجه الجنسي فيها، وبالطريقة التي يرغبها غصبن عن أنفها، شاءت أم أبت، مع أنها كانت تستسلم لرغباته في الأخير، حيث كانت لا تتمكن أن تقاوم شراسته وحيوانيته.
رغم الإحساس والشعور، وأنت تقرأ كتابها (تاء الخجل) بأنها كانت تسرد مجرد سيرتها الذاتية، إلا أن الكتاب، معني بأن يظهر المعركة الشرسة الدائرة في الجزائر منذ العام 1995م وحتى يومنا هذا، أي منذ أكثر من خمسة عشر عاما، بين الجماعات الإسلامية المتشددة، والمتمثلة بجبهة الإنقاذ الوطني الجزائرية، والحكومة الجزائرية، والتي لم تعترف بفوز الجماعات الإسلامية والمتمثلة بجبهة الإنقاذ الوطني في الانتخابات في ذلك الحين.
تعرض الكاتبة فضيلة الفاروق، نماذج لما تقوم به جبهة الإنقاذ الوطني الجزائرية من ممارسات بشعة ضد النساء الجزائريات، بعد اختطافهن بعمليات عسكرية مباغتة، من مواقع سكناهن البعيدة عن سلطة الدولة وحمايتها، ومن ثم نقلهن الى الجبال، حيث تتمركز معسكراتهم وجماعاتهم المسلحة في الأحراش والمغر، حيث يتم توزيع النساء والشابات على الجماعات المسلحة، بما يشبه الغنائم، ليفعلوا بهن ما يشاءوا، حيث يتم تعذيبهن واغتصابهن، وفي حالات أخرى قتلهن، ومن تبقى لهن الحياة، يتم تشغيلهن في إعداد الطعام والشراب للجماعات المسلحة، لأنهن زوجات او بنات او قريبات لمسئولين او موظفين في الحكومة الجزائرية، تعتبرهم جبهة الإنقاذ، كفرة في خدمة دولة وسلطة كافرة أيضا، وبالتالي من الجائز الانتقام من نسائهن بأساليبها الخاصة، وبالطريقة التي تراها مناسبة، طبعا الكاتبة فضيلة الفاروق بشكل أو بآخر، تدين هذه الممارسات الغريبة والعجيبة، مع أن موقفها غير معلن بشكل مباشر، لما قد يسببه لها من تعرض قد يودي بحياتها.
تتابع فضيلة الفاروق في كتابها فتقول:
(الناس هنا لا يخافون ما تقوله المآذن
حتى حين قالت:اللهم زن بناتهم، قالوا: آمين
وحين قالت:اللهم يتم أولادهم، قالوا: آمين
وحين قالت:اللهم رمل نساءهم، قالوا: آمين
كانوا قد أصيبوا بحمى جبهة الإنقاذ، فغنوا جميعا بعيون مغمضة: دعاء الكارثة).
تقول فضيلة الفاروق أيضا، بناء على البيان الذي صدر عن الجماعات الإسلامية المسلحة رقم 28 الصادر في 30 نيسان 1995م، ( أنها قد وضعت دائرة معركتها للانتصار للشرف، بقتل نسائهم ونساء من يحاربونا، أينما كانوا في كل الجهات التي لم نعترض فيها لشرف سكانها، ولم نحاكم فيها النساء، وسنوسع أيضا دائرة انتصاراتنا بقتل أمهات وأخوات وبنات الزنادقة اللواتي يقطن تحت سقف بيوتهن واللواتي يمنحن المأوى لهؤلاء).
تقول فضيلة الفاروق في كتابها أيضا، أنه بناء على البيان السابق فأن هناك أكثر من خمسة آلاف امرأة، اغتصبن منذ العام 1994 م، وأكثر من 1700 امرأة اغتصبن أيضا، خارج دائرة الإرهاب. وأنها عندما زارت مجموعة من النساء المختطفات والمغتصبات ممن تم تحريرهن من أيدي جبهة الإنقاذ، يقبعون في إحدى المستشفيات الجزائرية لعلاجهن مما أصابهن من آثار التعذيب، وجدت أن الكثيرات منهن كانوا حوامل، ويرغبن بإسقاط ما بهن من الحمل، إلا أن إدارة المستشفى كانت قد رفضت طلبهن هذا، لأنهن يحتجن الى محضر من الشرطة، يثبت حقيقة حالتهن، فمن يدري أن يكن هؤلاء النسوة الحوامل، كن قد التحقن بجبهة الإنقاذ بإرادتهن، والإدارة لا تستطيع إجهاضهن على مسؤوليتها الخاصة، كون عمليات الإجهاض غير مسموح بها بشكل رسمي وشرعي، وقد وصفت الكاتبة حالات بعض السيدات الجزائريات التي تم اغتصابهن وتعذيبهن وانتحار البعض منهن مثل السيدة (يتيمة ورزيقة وغيرهن كثيرات).
تتابع فضيلة الفاروق فتقول، إن إحضار محضر من الشرطة، ليس بالأمر السهل الحصول عليه، ومتابعته، خاصة انه يحتاج أيضا لوقت طويل، لذلك لجأن الكثيرات منهن للانتحار، للتخلص مما هن فيه من معاناة وآلام حادة وحالات نفسية سيئة وقاسية، لأنه حتى أسرهن، رفضن استقبالهن، ومن استقبلتهن أسرهن، كان مصيرهن القتل، لغسل العار والحفاظ على شرف العائلة، كعادات أهل القبائل في مثل هذه الحالات.
استذكرني مثل، وأنا أقرأ كتاب فضيلة الفاروق:(تاء الخجل) يقول:
(من لا يقدر على الحمار يعض البردعة)
فما ذنب النساء والعذارى من الشابات والقاصرات الجزائريات، تعذيبهن واغتصابهن وقتل من ترفض منهن اغتصابها، في معركة سياسية بين الحكومة وجبهة الإنقاذ، حيث ليس لهن فيها لا ناقة ولا بعير، وأين ذهبت القيم الإسلامية والتي تحث على احترام النساء وتقديرهن والحفاظ عليهن وصون شرفهن، الم يقل الرسول الكريم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم): (استوصوا بالقوارير) أي بالنساء، واستوصوا بالنساء خيرا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.
أليست تصرفات جبهة الإنقاذ الوطني الجزائرية تسيء للدين الإسلامي وللجماعات الإسلامية الأخرى وللقيم والأخلاق العربية وللشرف العربي من المحيط الى الخليج.
أهكذا يكون الرد على الحكومة الجزائرية التي رفضت فوز جبهة الإنقاذ الجزائرية في الانتخابات الديموقراطية من قبل جبهة الإنقاذ؟؟ فهي بذلك تعالج الموقف الخاطيء من قبل النظام الجزائري، بمواقف أشد خطأ منها، وأكثر وقعا سيئا على النفس البشرية من كل شيء، وبهذا تكون جبهة الإنقاذ، قد خسرت من قواعدها الشعبية الشيء الكثير، بدل من تعزيزها بروح ديموقراطية أعمق من ذي قبل.
رغم الأسلوب الجريء والصريح والشجاع التي اتصفت به الكاتبة الجزائرية فضيلة الفاروق، والذي قد لا يروق للبعض من القراء والكتاب، إلا أنني احيي هذه الكاتبة، على صراحتها وجرأتها وشجاعتها في التعبير عما يجول في خاطرها، سواء المواقف المتعلقة بممارسات بعض الرجال الخاطئة، ونظرتهم الدونية الى المرأة، أو ما يتعلق بالموقف المدان والممارسات الخاطئة لجبهة الإنقاذ الجزائرية في ممارستها المشينة نحو نساء الجزائر الفاضلات.[/size]