غفران طحّان
13/05/2008, 01:10 AM
إلى الغالية على روحي
حلب أهديك حروفي
دمتم بصفاء...
على أهبة الحبّ...
يتركني المساء وحيدةً، أعاني أزمة ثقةٍ مع القدر منذ أن واعدني على مشيئة القدر وذاكرته...
يومها قلت له)):أين أراك....؟!!))
قال: في جميع الأمكنة...فمنذ أن بحت لهذه المدينة بحبي لها، صارت تدعوني بتواطؤٍ صامتٍ لقضاء ليالي الحبّ أنّى شئت فيها...!!!
قلت وقد فاجأني جوابه كالعادة:متى أراك...؟!!!
قال: دعي المواعيد جانباً، فهي التي تقتل الحبّ...اتركي للقدر ترتيب اللقاء ليكون أجمل، كوني على ثقةٍ به.
حاولت أن أخفي خيبتي، وبدأت أجاريه بالكلمات:
((سأكون على أهبة الانتظار إذاً...!!!))
أحاطني بذراعيه، وطبع قبلةً على جبيني، وقال واثقاً:
((بل كوني على أهبة الحبّ...!!))
منذ شهرٍ وأنا على أهبة الحبّ، أشتعل كلّ صباحٍ نشاطاً وحيويّة...آوي إلى المرآة لأبثها سهري...وأترك لها ولبعض الفراشي والمساحيق ترميمه، ولملمة ما بعثر من جماله...
ثمّ أدفن نفسي بين دفتي خزانة، أبحث فيها عن الأكثر جمالاً وأناقةً...وأتعرّى أمامه فيأوي إلى جسدي شوقاً.
أخيراً...أطلّ على المرآة لأطمئن على أناقتي...
بعد هذه الطقوس اليوميّة أرمي بنفسي على الطرقات، أتأمل الوجوه وأتفحصها...علّي ألمحه مندساً بين جموعها...وسرعان ما أشعر بالدوار لكثرة الوجوه التي تتفحصني...
أدأب على السير في نفس الأماكن التي زرناها وزرعنا فيها تفاصيل حبّنا...أتحرّى مواضع أقدامنا...أشتمّ رائحة أنفاسنا...وأصغي السمع لصدى أصواتنا...
هنا ...قال لي ((أحبّك))وهنا...قال ألف أحبك...
هنا أمسك بيدي لأول مرّةٍ...وهنا ضمني وجعل شهقاتي تتلاحق لمحاولته تقبيلي قبل أن أستسلم له، وأنا أهيم شوقاً بعينيه...
يوميّاً أشرق صباحاً، لأغيب بكلّ حزني آخر الليل.
كنت قد وصلت إلى حافة اليأس عندما تذكرت حديثه عن مدينته التي يعشقها كما لم يعشق أحداً، كان يحبّها كما لم يحبّني، وأنا كنت أشعر بالغيرة دائماً عندما يحدثني عنها بكلّ ذلك الشوق والشغف...
كانت مدينتي أيضاً، ولكنني لم أرها كما وصفها يوماً...
كان يقول وشوق مغتربٍ لسنين طويلة يسكن فيه:
أحبّها كما لم يحب أحد...دققي الإحساس فيها...تابعي تفاصيلها...سترين الحنان ينضح من كلّ جزءٍ فيها...أمّا أبوابها ستعانق روحك شوقاً إلى جمالها...وحجارتها ستغريك بليلة حبٍّ طويلةٍ...
عندما أنحني لألثم ترابها أشتمّ روائح عشاقها الكثر...إنّها تشعر كلّ رجلٍ بأنها ملكه وحده...بل هو ملكها...!!!
دوت كلماته تلك في روحي...معلنةً فوضى مشاعر تجتاح تفاصيل الغيرة في جسدي...ماذا لو كان يخونني مع إحدى حجارة تلك المدينة...؟!!!
اشتعلت في رأسي فكرةٌ مجنونةٌ، أحلتها لبريق الشمس.
في الصباح سابقت ذلك البريق لتقبيل جوانب الحارات القديمة التي يسكن إحداها...
بدأت البحث، وأنا لا أعرف من أين أبدأ..؟استجمعت خيوط ذاكرتي وحكت منها صورةً لحاراتٍ تحتضن القلعة.
القلعة...كانت تربض كفتاةٍ عذراء جميلة...رفضت كلّ الحبّ واحتفظت بنفسها بكراً من أجل الزمن...
رحت أفتش حجارتها حجراً حجراً...أتقصّى رائحتها بحثاً عن قطرة عطرٍ سقطت منه...
بحثت...وبحثت...حتّى خضبت الأتربة وجهي وثيابي ...
رميت بنفسي على إحدى حجارة القلعة، ورحت أتأملها، أحاول استقراء الجمال الكامن فيها...وحسنها الذي يتلألأ...أحسست بأنها ملكي وحدي...بل أنا ملكها، أسيرتها بكامل الرضا منّي.
كانت وكأنّها تغمرني بحنانٍ يتدفق من كلّ جزءٍ فيها...
استلقيت لمعانقة إحدى حجارتها...و...
يبدو أنّ وجودي في ذلك المكان، وتلك الوضعيّة جعل السيّاح يتجمّعون حولي، ويلتقطون الصور...وهم مستغربون من ذلك التآلف الغريب بين لون الحجارة ولون بشرتي...بين شموخها وما يفيض به جسدي من كبرياء...
لوهلةٍ ظنني أحدهم جنيّة القلعة، وأنا هنا لحمايتها...فراح يطلب منّي السماح عن شيء اقترفه بحقّها لم أعرف ما هو ...؟!!!
كان الوقت قد حان لإغلاق أبواب القلعة...وأنا لم أصل إلى غايتي بعد....ولكنني حصلت على شيءٍ كان يبعد عن آمالي آلاف الأميال...لقد جئت القلعة كارهةً...وها أنا ذا أخرج منها عاشقةً أخرى...
ولكن أين ذلك العاشق...؟؟!!!!
ربّما كان عليّ أن أكره تلك المدينة، حتّى أعاود حبّها بهذه الطريقة...آوي إلى صمتها بهذا الحبّ الصارخ...أضلع بهواها كعاشقةٍ محترفةٍ...
أدمنت شوارعها الضيّقة...وحاراتها المغبرّة...حتّى قذارتها، صارت جزءاً من مشهدٍ يوميٍّ كنت أنأى بنفسي عنه...
كان ولعي بالمباني الشاهقة، والطوابق المعلّقة...يمنعني من إدراك روعة مساحة تترك لحديقة تحتلها بركة، وتعلوها جدائل الكرمة ، وتشنق في أطرافها عناقيد العنب.
كانت الروائح المعلّبة تنافس روائح الفلّ والحبق والياسمين...
الآن...أستيقظ لأجدني أدمن حبّ هذه الأشياء...وكأنني كنت على أهبة الاستعداد لهذا، بل كنت على أهبة الحبّ...!!!
ثمّ جاء...!!!
متعثّراً بفضاءات الدهشة لرؤيتي في أزقةٍ كنت أفضل الفنادق الفخمة،والحدائق الفاخرة عليها...
وقف لدقائق يحدق بي وكأنّه لا يعرفني...بينما كنت أتشاغل عنه بشرح تفاصيل التاريخ لبعض السيّاح...فقد أضحى هذا عملي منذ أن تركني قبل ثلاثة أشهرٍ على أهبة الحبّ...
استجمع قواه...وانتشلني من بين تلك الجموع، ثمّ ارتمى جاثياً أمامي...يحاول امتصاص غضبي وقلقي عليه بكلماتٍ راح يسكبها من كلّ قلبه في قلبي...
لم أعتد كوني أعلى منه...وهو الذي شكل لي دائماً الهرم الذي أتطاول لرؤيته...فانحنيت بالقرب من صدقه جاثيةً...حتّى تساعدنا على النهوض معاً...رميت برأسي على كتفه أبثّه دموع الشوق، أمّا هو فقد أرسل يديه لتداعب شعري، وتطمئنّ على تفاصيلٍ أدمن معرفتها فيّ، وأخرى بدأ التعرف إليها.
حاول أن يستأنف الاعتذار...وتبرير الغياب، عندما وضعت يدي على فمه، وقلت له:
- لا تأسف ولا تعتذر...ما زلت على أهبة الحبّ لك ولكلّ شيء...
حبّك علّمني الكثير...وغيابك علمني أكثر...أشكر حضورك وغيابك.
أرخى الليل معطفه الأسود علينا...بينما كانت القلعة تدعونا لقضاء الليلة عندها...ونحن وبكلّ فرحٍ قبلنا الدعوة...!!!
غفران طحّان
حلب أهديك حروفي
دمتم بصفاء...
على أهبة الحبّ...
يتركني المساء وحيدةً، أعاني أزمة ثقةٍ مع القدر منذ أن واعدني على مشيئة القدر وذاكرته...
يومها قلت له)):أين أراك....؟!!))
قال: في جميع الأمكنة...فمنذ أن بحت لهذه المدينة بحبي لها، صارت تدعوني بتواطؤٍ صامتٍ لقضاء ليالي الحبّ أنّى شئت فيها...!!!
قلت وقد فاجأني جوابه كالعادة:متى أراك...؟!!!
قال: دعي المواعيد جانباً، فهي التي تقتل الحبّ...اتركي للقدر ترتيب اللقاء ليكون أجمل، كوني على ثقةٍ به.
حاولت أن أخفي خيبتي، وبدأت أجاريه بالكلمات:
((سأكون على أهبة الانتظار إذاً...!!!))
أحاطني بذراعيه، وطبع قبلةً على جبيني، وقال واثقاً:
((بل كوني على أهبة الحبّ...!!))
منذ شهرٍ وأنا على أهبة الحبّ، أشتعل كلّ صباحٍ نشاطاً وحيويّة...آوي إلى المرآة لأبثها سهري...وأترك لها ولبعض الفراشي والمساحيق ترميمه، ولملمة ما بعثر من جماله...
ثمّ أدفن نفسي بين دفتي خزانة، أبحث فيها عن الأكثر جمالاً وأناقةً...وأتعرّى أمامه فيأوي إلى جسدي شوقاً.
أخيراً...أطلّ على المرآة لأطمئن على أناقتي...
بعد هذه الطقوس اليوميّة أرمي بنفسي على الطرقات، أتأمل الوجوه وأتفحصها...علّي ألمحه مندساً بين جموعها...وسرعان ما أشعر بالدوار لكثرة الوجوه التي تتفحصني...
أدأب على السير في نفس الأماكن التي زرناها وزرعنا فيها تفاصيل حبّنا...أتحرّى مواضع أقدامنا...أشتمّ رائحة أنفاسنا...وأصغي السمع لصدى أصواتنا...
هنا ...قال لي ((أحبّك))وهنا...قال ألف أحبك...
هنا أمسك بيدي لأول مرّةٍ...وهنا ضمني وجعل شهقاتي تتلاحق لمحاولته تقبيلي قبل أن أستسلم له، وأنا أهيم شوقاً بعينيه...
يوميّاً أشرق صباحاً، لأغيب بكلّ حزني آخر الليل.
كنت قد وصلت إلى حافة اليأس عندما تذكرت حديثه عن مدينته التي يعشقها كما لم يعشق أحداً، كان يحبّها كما لم يحبّني، وأنا كنت أشعر بالغيرة دائماً عندما يحدثني عنها بكلّ ذلك الشوق والشغف...
كانت مدينتي أيضاً، ولكنني لم أرها كما وصفها يوماً...
كان يقول وشوق مغتربٍ لسنين طويلة يسكن فيه:
أحبّها كما لم يحب أحد...دققي الإحساس فيها...تابعي تفاصيلها...سترين الحنان ينضح من كلّ جزءٍ فيها...أمّا أبوابها ستعانق روحك شوقاً إلى جمالها...وحجارتها ستغريك بليلة حبٍّ طويلةٍ...
عندما أنحني لألثم ترابها أشتمّ روائح عشاقها الكثر...إنّها تشعر كلّ رجلٍ بأنها ملكه وحده...بل هو ملكها...!!!
دوت كلماته تلك في روحي...معلنةً فوضى مشاعر تجتاح تفاصيل الغيرة في جسدي...ماذا لو كان يخونني مع إحدى حجارة تلك المدينة...؟!!!
اشتعلت في رأسي فكرةٌ مجنونةٌ، أحلتها لبريق الشمس.
في الصباح سابقت ذلك البريق لتقبيل جوانب الحارات القديمة التي يسكن إحداها...
بدأت البحث، وأنا لا أعرف من أين أبدأ..؟استجمعت خيوط ذاكرتي وحكت منها صورةً لحاراتٍ تحتضن القلعة.
القلعة...كانت تربض كفتاةٍ عذراء جميلة...رفضت كلّ الحبّ واحتفظت بنفسها بكراً من أجل الزمن...
رحت أفتش حجارتها حجراً حجراً...أتقصّى رائحتها بحثاً عن قطرة عطرٍ سقطت منه...
بحثت...وبحثت...حتّى خضبت الأتربة وجهي وثيابي ...
رميت بنفسي على إحدى حجارة القلعة، ورحت أتأملها، أحاول استقراء الجمال الكامن فيها...وحسنها الذي يتلألأ...أحسست بأنها ملكي وحدي...بل أنا ملكها، أسيرتها بكامل الرضا منّي.
كانت وكأنّها تغمرني بحنانٍ يتدفق من كلّ جزءٍ فيها...
استلقيت لمعانقة إحدى حجارتها...و...
يبدو أنّ وجودي في ذلك المكان، وتلك الوضعيّة جعل السيّاح يتجمّعون حولي، ويلتقطون الصور...وهم مستغربون من ذلك التآلف الغريب بين لون الحجارة ولون بشرتي...بين شموخها وما يفيض به جسدي من كبرياء...
لوهلةٍ ظنني أحدهم جنيّة القلعة، وأنا هنا لحمايتها...فراح يطلب منّي السماح عن شيء اقترفه بحقّها لم أعرف ما هو ...؟!!!
كان الوقت قد حان لإغلاق أبواب القلعة...وأنا لم أصل إلى غايتي بعد....ولكنني حصلت على شيءٍ كان يبعد عن آمالي آلاف الأميال...لقد جئت القلعة كارهةً...وها أنا ذا أخرج منها عاشقةً أخرى...
ولكن أين ذلك العاشق...؟؟!!!!
ربّما كان عليّ أن أكره تلك المدينة، حتّى أعاود حبّها بهذه الطريقة...آوي إلى صمتها بهذا الحبّ الصارخ...أضلع بهواها كعاشقةٍ محترفةٍ...
أدمنت شوارعها الضيّقة...وحاراتها المغبرّة...حتّى قذارتها، صارت جزءاً من مشهدٍ يوميٍّ كنت أنأى بنفسي عنه...
كان ولعي بالمباني الشاهقة، والطوابق المعلّقة...يمنعني من إدراك روعة مساحة تترك لحديقة تحتلها بركة، وتعلوها جدائل الكرمة ، وتشنق في أطرافها عناقيد العنب.
كانت الروائح المعلّبة تنافس روائح الفلّ والحبق والياسمين...
الآن...أستيقظ لأجدني أدمن حبّ هذه الأشياء...وكأنني كنت على أهبة الاستعداد لهذا، بل كنت على أهبة الحبّ...!!!
ثمّ جاء...!!!
متعثّراً بفضاءات الدهشة لرؤيتي في أزقةٍ كنت أفضل الفنادق الفخمة،والحدائق الفاخرة عليها...
وقف لدقائق يحدق بي وكأنّه لا يعرفني...بينما كنت أتشاغل عنه بشرح تفاصيل التاريخ لبعض السيّاح...فقد أضحى هذا عملي منذ أن تركني قبل ثلاثة أشهرٍ على أهبة الحبّ...
استجمع قواه...وانتشلني من بين تلك الجموع، ثمّ ارتمى جاثياً أمامي...يحاول امتصاص غضبي وقلقي عليه بكلماتٍ راح يسكبها من كلّ قلبه في قلبي...
لم أعتد كوني أعلى منه...وهو الذي شكل لي دائماً الهرم الذي أتطاول لرؤيته...فانحنيت بالقرب من صدقه جاثيةً...حتّى تساعدنا على النهوض معاً...رميت برأسي على كتفه أبثّه دموع الشوق، أمّا هو فقد أرسل يديه لتداعب شعري، وتطمئنّ على تفاصيلٍ أدمن معرفتها فيّ، وأخرى بدأ التعرف إليها.
حاول أن يستأنف الاعتذار...وتبرير الغياب، عندما وضعت يدي على فمه، وقلت له:
- لا تأسف ولا تعتذر...ما زلت على أهبة الحبّ لك ولكلّ شيء...
حبّك علّمني الكثير...وغيابك علمني أكثر...أشكر حضورك وغيابك.
أرخى الليل معطفه الأسود علينا...بينما كانت القلعة تدعونا لقضاء الليلة عندها...ونحن وبكلّ فرحٍ قبلنا الدعوة...!!!
غفران طحّان