المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جنرالات في مجلس الوزراء



احمد محمود القاسم
13/05/2008, 09:15 AM
جنرالات في مجلس الوزراء
الكاتب والباحث احمد محمود القاسم(جنرالات بمجلس الوزراء) هو عنوان ندوة ثقافية، دعيت إليها من قبل المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)، والمتخصص بدراساته في الشؤون الإسرائيلية، وهذا المركز الفلسطيني، يحاول أن يقدم بعيون عربية، قراءة موضوعية وشاملة، لمختلف تفاصيل وجوانب المشهد الاسرائيلي، وكل ما يتعلق به من إصدارات دراسية وبحثية وكتب وخلافه، و(جنرالات بمجلس الوزراء) هو عنوان كتاب، من تأليف (يورام بيري) أحد الكتاب والباحثين اليهود الصهاينة في إسرائيل والمقرب كثيرا من مؤسسة الجيش الاسرائيلي، ويبلغ عدد صفحات الكتاب (298) صفحة من القطع المتوسط، وقد قام الأستاذ الفاضل د. حسن خضر بترجمتة من اللغة الإنجليزية الى اللغة العربية، وقد قامت مؤسسة (مدار) بدعوة الأستاذ حسن خضر، بإلقاء الضوء على الكتاب، وتقديم عرض وشرح وتحليل، الى المدعوين والحاضرين في الندوة.
يقول الأستاذ حسن خضر في عرضه للكتاب، على أساس ما كتبه (يورام بيري)، أن الكتاب في فصوله يرصد ملابسات العلاقة الإشكالية بين الجيش والسياسة في إسرائيل، في فترة انتفاضة الأقصى، حيث يعد إضافة نوعية، لما صدر عن معالجات إسرائيلية عن هذه الفترة تحديدا، وهو في سياق السؤال الاسرائيلي التاريخي، حول السياسي والعسكري والعلاقة بينهما في الحراك السياسي الداخلي، والمتعلق في الصراع الشرق أوسطي أيضا، فمن هو الذي يوجه الآخر؟؟ هل الطاقم السياسي يوجه العسكري أو العكس، فهل يتحكم الجيش بقرار الحرب والسياسة في إسرائيل؟؟؟ أم يتلقى أوامره من قيادات سياسية مدنية؟؟؟ وهل سينقلب الجيش على المؤسسة المدنية الحاكمة وإنشاء مؤسسة عسكرية دكتاتورية؟؟؟؟ كما يحدث في الكثير من دول العالم؟؟ أم أن الجيش ليس بحاجة الى ذلك، طالما يحقق أهدافه من خلف الكواليس. ويقال أن هذا الموضوع لم يحسم بعد، مع انه من الملاحظ أن النفوذ العسكري هو الغالب في السلطة، خاصة في غياب قيادات مدنية سياسية من نوع رفيع، و ذات شعبية كبيرة، كما أن التوتر الحاصل بين الساسة المدنيين والعسكريين، مرشح لمزيد من التطور والتعمق.
إسرائيل كانت تعد لمواجهة مع الفلسطينيين، قبل حدوث انتفاضة الأقصى المجيدة في 28/9/ 2000م، حيث كان الجيش يتوقع حدوث الانتفاضة، على زعم الكتاب قبل عام من حدوثها،
وتهدف هذه الحرب، والتي تعتبر أقل من حرب كلاسيكية، وأكثر من اشتباك مسلح، الى إيصال رسالة للفلسطينيين، بأنهم لن يكونوا قادرين على تحقيق نصر على الإسرائيليين بالقوة، إذا ما كانوا يرغبوا أو يعتقدوا ذلك، وقد أطلقوا على هذه الحرب تسمية الحرب المنخفضة الكثافة أو الحدة.
ويقول يورام بيري في كتابه، أن من يحكم إسرائيل هي المؤسسة العسكرية، وهي من دفعت بالسياسيين لصنع اتفاق اوسلو. ويقول أن أهم المراكز في الجيش الاسرائيلي، هو مركز الأبحاث والدراسات، والذي يضم مجلس مكون من ستة من الأعضاء برتبة لواء متقاعد، وهم خيرة العقلية الإسرائيلية العسكرية، وهم يتقاضون رواتب عالية جدا فهم مرفهون، وهم من يعتمد عليهم في إيجاد الحلول والدراسات العسكرية، والتي تعتمد عليها مؤسسة الجيش، في رسم خططها وسياساتها واستراتيجياتها، ويقول أيضا أن سياسة الحرب الإسرائيلية التقليدية، كما هي معروفة، في حالة حربها مع جيش نظامي، هو نقل المعركة الى ارض الخصم، وحسمها بأسرع ما يمكن. وان رئيس الأركان، هو صاحب السلطة المطلقة، وأن الشعار الذي كان مطروحا أثناء الانتفاضة، والذي كان يقول:(دعوا الجيش ينتصر) كان شعارا مضحكا لدى القادة العسكريين، لأن الجيش الاسرائيلي، لا يقابل جيشا نظاميا وكلاسيكيا، يمكن هزيمته بالطرق العسكرية المعهودة، بل يواجه شعبا منتفضا، ومجموعات مسلحة بأعداد قليلة، منتشرة هنا وهناك، ومن الصعب ملاحقتها والقضاء عليها، كما يحدث عادة في الحروب الكلاسيكية.
ويقول الكاتب في كتابه أن اصطلاح (الحرب المنخفضة الكثافة او الحدة)، يعنى أن الجيش غير مضطرا للقتال بكامل عتاده ومعداته، كي يحقق نصرا سريعا وساحقا، فهو مضطر لمقاتلة مجموعات مسلحة قليلة، وهو لذلك يحتاج الى أعداد قليلة من جنوده وعتاده، تختلف عنها في المعارك العسكرية التقليدية المعتادة، فهي منخفضة الكثافة والحدة، ومعركتها ستكون طويلة، وقد تم وضع خطط تفصيلية كاملة، لما يمكن أن تواجهه القيادة، وحتى الجندي ودوره على الحواجز المقامة بين المدن والقرى الفلسطينية، بحيث تم دراسة كل ما هو متوقع من هذه المواجهة، وتطبيق الخطة العسكرية على ضوء ذلك. ولم تكن الخطة تتضمن احتلال المدن الفلسطينية أو أراضي في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، بل كان الهدف إحداث تغييرات نوعية في الصراع الدائر، وعزل المدن عن بعضها بعضا، بحيث يجعل التواصل فيما بينها مستحيلا، وكذلك بعزلها عن القرى الفلسطينية أيضا، ودعم الضغط العسكري بوسائل ضغط اجتماعي وسياسي ومعنوي، ومنع حركة المواطنين وتنقلهم بين المدن بعضها ببعض، والقرى كذلك، وسوف يؤدي هذا حسب اعتقادهم، الى إرغام العدو على الاستسلام، وإعادة هيكلة نشاطه الاقتصادي والزراعي والتعليمي والصحي، والتسويقي، وأيضا إيصال رسالة للفلسطينيين، فحواها استحالة تحقيق أي هدف لهم، عن طريق القوة، وأيضا إحداث تغيير نوعي لدى مفاهيم العدو، وبهذا فان الحرب ستطول، لأنها مواجهة بين شعبين.
ويقول الكاتب يورام بيري، في كتابه على ضوء هذه الحرب، المنخفضة الحدة أو الكثافة، ماذا حقق الفلسطينيون من نتائج؟؟؟ هو يعتقد أن ما حققه الفلسطينيون، هو الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة، وإزالة ما بها من مستوطنات، ويقول هذا ما يعتقده الفلسطينيون فعلا، وقد يكون هو كذلك. ويقول أيضا أن هذه الحرب ما زالت قائمة، منذ عام 2000م ولغاية تاريخه، أي وحتى عام 2008م.
ويبقى أن ننوه، الى أن المترجم الأستاذ حسن خضر لم يطرح تحليلا سياسيا او خلافه، أو رأيه الشخصي لما ترجمه من صفحات الكتاب، ولما جاء بين سطور الكتاب أيضا، بل هو طرح ما ترجمه وما هدف إليه المؤلف حرفيا، وكما قال انه كان أمينا على ترجمته للكتاب.
وقد ثمن المترجم الكتاب، لما به من معلومات، ونصح الكل على قراءته وفهمه ودراسته، خاصة وان المؤلف قريب جدا من المؤسسة العسكرية، ولاشك، أن معلوماته قد تكون بها مصداقية عالية أيضا، ويبقى أن ننوه أيضا، بأن المطالعة الشخصية للكتاب، قد تكون أكثر جدوى ونفعا لمن يقرأه بنفسه، ومن يتفحصه عن قرب، ويتفاعل معه، فالاستنتاجات قد تتباين أو تلتقي نسبيا بين القراء، كل حسب الخلفية التي يقرأ فيها الكتاب.ويبقى أن المترجم، قد قدم مشكورا، شرحا لما ترجمه فقط،