المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دروس من تجربة المقاومة الإسلامية اللبنانية



أحمد رضي
20/05/2008, 01:21 AM
دروس من تجربة المقاومة الإسلامية اللبنانية


* بقلم- أحمد رضي (كاتب صحفي):
في رسالة من السجون الصهيونية وجهها المعتقل سمير قنطار (عميد الأسرى) إلى وليد كمال جنبلاط ينتقد فيها الداعين لتجريد حزب الله من سلاحه، أعلن فيها: (بأن أيّ كلام تخويني بحق سلاح‏المقاومة وبحق الأخوة في حزب الله يطالني في الصميم وهو طعنة عميقة اصابتني بجرح لن يندمل الا ‏حين تعود الى موقعك الطبيعي.. إلى آخر الرسالة).


ولعل البعض من جماهير شعبنا المسلم في البحرين يتذكر بأن نشأة حزب الله اللبناني كعضو في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، الذي تأسس في طهران عام 1981، وضم إلى جانبه أيضاً العديد من منظمات التحرير الثورية مثل: الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين، ومنظمة الثورة الإسلامية في شبه الجزيرة العربية، حزب الدعوة العراقي، وحركة العمل الإسلامي العراقية، وحركة أمل الإسلامية قبل انفصال الحزب عنها.. قد جاء في سياق تطور الأحداث السياسية في المنطقة العربية نتيجة التدخل الأميريكي والصهيوني في مصير الدول الخليجية والعربية.


حزب الله يعرف نفسه كما جاء في مسودة التنظيم التأسيسية بأنه "حزب الله هو حركة إسلامية إيمانية جهادية قائمة على أساس ولاية الفقيه التي تعتبر إمتداداً لولاية الأنبياء والأئمة (ع)، ويلتزم خط الإمام الخميني الذي يجسده الإمام الخامنئي (دام ظله) لتحقيق أهداف الأنبياء وتمهيد الأرض للحجة القائم المنتظر (عج)". وأشارت المسودة أيضاً بأن "فلسطين والقدس هما ملك للأمة، ويجب على الأمة استعادتها وعدم التفريط بحبة تراب واحدة منها، وإسرائيل كيان عنصري سرطاني غاصب لا يجوز الاعتراف بها ولا الاستسلام لها، ولا بد أن تزول في يوم من الأيام".


ومن الملاحظ بأن القاعدة الشعبية لحزب الله تتجاوز حدود المنتمين لولاية الفقيه لتشمل كل مختلف الطوائف الإسلامية والمسيحية على تنوعها، ويشترك معها جميع المسلمين في مسألة تحرير الأسرى والأراضي المغتصبة في لبنان وفلسطين. وخلال زياراتي المتعددة إلى لبنان تعرفت أكثر على أهلها وحماسهم الكبير لدعم المقاومة الإسلامية حتى في أصعب الظروف الاجتماعية والأمنية، فلن تجد طفلاً أو شاباً أو شيخاً أو امرأة عجوز ألا والجميع يلهج بذكر شهداء المقاومة وبطولاتهم، ويبقى سماحة السيد حسن نصر الله الرمز الكبير لعنوان النصر والتحرير والكرامة.


لقد استطاع حزب الله أن يقدم تجربة حيّة لمقاومة إسلامية ضد الكيان الصهيوني والمشروع الأمريكي، وينطلق في قاعدة التغيير بناءاً على قوى فردية متواضعة ومشاريع خيرية ومؤسسات اجتماعية، ساهمت في علاج مشاكل الناس في ظل ضعف الحكومة بقواتها العسكرية عن حماية لبنان. كما استطاع حزب الله أن يؤكد حضوره العسكري أيضاً لحماية لبنان بكل طوائفه الدينية والسياسية، وكذلك قادة الحزب كانوا القدوة لجنودهم المجاهدين، فالأمين العام الأسبق السيد عباس الموسوي، قتل وهو يتفقد المواقع في فبراير 1992، والأمين العام الحالي السيد حسن نصر الله فقد ابنه في إحدى المعارك.


خلاصة القول.. لقد كشفت الأوضاع في الساحة اللبنانية مدى الانقسام الحاد بين الرؤية الإنسانية للوقوف مع ضحايا العدوان الصهيوني المدعوم من قبل الإدارة الأمريكية، وبين رؤية طائفية تتبناها أنظمة سياسية تهدف إلى فتح باب التطبيع مع الكيان الصهيوني، أو من خلال أفراد ومؤسسات ومرجعيات دينية قاصرة في فهم التاريخ وقراءة الواقع المعاصر ومجابهة المتغيرات العالمية. وصدق الشيخ العاملي بقوله بأن السيد حسن وأنصاره انتصروا من الآن، فقد تقدموا بالراية وصاروا طليعة الامة في صراعها مع اليهود، وبذلك صاروا ممهدين، وصاروا قادة الأمة، وركلوا بعيداً من يدعون الجهاد ، مثل ابن لادن والزرقاوي، وحثالتهم.


الدرس الكبير الذي تقدمه حركة المقاومة الإسلامية لنا هو ضرورة بناء البيت الداخلي والاتفاق على الأولويات الوطنية التي من خلالها يتم تحريك الملفات الساخنة، وأن المعارضة سلمية بذاتها وواجهة حضارية للرأي الآخر في إطار القانون العادل، ولا توجد قانون أو عقيدة تمنع الإنسان من إستخدام القوة للدفاع عن النفس والأرض والكرامة واسترجاع الحقوق المشروعة.


ومن واجبنا كعرب ومسلمين أن نحاول قراءة التاريخ والاستفادة من التجارب السابقة للحركات الإسلامية، لنتعرف على أسباب فشل المشروع الإسلامي، ومدى هيمنة الدولة بأجهزتها الأمنية المدعومة من حلفاءها على مقدرات الشعب، ولنتعلم بأن القضية تبقى ولا تزول بزوال أو سقوط رموزها.. وأن الحق يؤخذ ولا يعطى.. وأن نظم أمورنا كأفراد وتوحيد صفوفنا كجماعات، والعمل في إطار مشروع معارضة وطنية سلمية هو الضمانة لتحقيق المطالب الشرعية لأيّ شعب ينشد الحرية والعدالة والسلام.


وما أحرى بحركاتنا السياسية في البحرين أن تنفض عنها غبار التعصب والغرور بكثرة العدد وتتواضع لجماهيرها، وتجاهر رموزها الدينية بالإعتراف بأخطائها الميدانية وتقوم بمراجعة مواقفها من أجل بناء البيت الداخلي (شيعة وسنة)، وتتفق على الأولويات الوطنية المفقودة في زحمة ضياع بوصلة الطريق نحو المستقبل المجهول!!.

أحمد رضي
20/05/2008, 01:21 AM
دروس من تجربة المقاومة الإسلامية اللبنانية


* بقلم- أحمد رضي (كاتب صحفي):
في رسالة من السجون الصهيونية وجهها المعتقل سمير قنطار (عميد الأسرى) إلى وليد كمال جنبلاط ينتقد فيها الداعين لتجريد حزب الله من سلاحه، أعلن فيها: (بأن أيّ كلام تخويني بحق سلاح‏المقاومة وبحق الأخوة في حزب الله يطالني في الصميم وهو طعنة عميقة اصابتني بجرح لن يندمل الا ‏حين تعود الى موقعك الطبيعي.. إلى آخر الرسالة).


ولعل البعض من جماهير شعبنا المسلم في البحرين يتذكر بأن نشأة حزب الله اللبناني كعضو في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، الذي تأسس في طهران عام 1981، وضم إلى جانبه أيضاً العديد من منظمات التحرير الثورية مثل: الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين، ومنظمة الثورة الإسلامية في شبه الجزيرة العربية، حزب الدعوة العراقي، وحركة العمل الإسلامي العراقية، وحركة أمل الإسلامية قبل انفصال الحزب عنها.. قد جاء في سياق تطور الأحداث السياسية في المنطقة العربية نتيجة التدخل الأميريكي والصهيوني في مصير الدول الخليجية والعربية.


حزب الله يعرف نفسه كما جاء في مسودة التنظيم التأسيسية بأنه "حزب الله هو حركة إسلامية إيمانية جهادية قائمة على أساس ولاية الفقيه التي تعتبر إمتداداً لولاية الأنبياء والأئمة (ع)، ويلتزم خط الإمام الخميني الذي يجسده الإمام الخامنئي (دام ظله) لتحقيق أهداف الأنبياء وتمهيد الأرض للحجة القائم المنتظر (عج)". وأشارت المسودة أيضاً بأن "فلسطين والقدس هما ملك للأمة، ويجب على الأمة استعادتها وعدم التفريط بحبة تراب واحدة منها، وإسرائيل كيان عنصري سرطاني غاصب لا يجوز الاعتراف بها ولا الاستسلام لها، ولا بد أن تزول في يوم من الأيام".


ومن الملاحظ بأن القاعدة الشعبية لحزب الله تتجاوز حدود المنتمين لولاية الفقيه لتشمل كل مختلف الطوائف الإسلامية والمسيحية على تنوعها، ويشترك معها جميع المسلمين في مسألة تحرير الأسرى والأراضي المغتصبة في لبنان وفلسطين. وخلال زياراتي المتعددة إلى لبنان تعرفت أكثر على أهلها وحماسهم الكبير لدعم المقاومة الإسلامية حتى في أصعب الظروف الاجتماعية والأمنية، فلن تجد طفلاً أو شاباً أو شيخاً أو امرأة عجوز ألا والجميع يلهج بذكر شهداء المقاومة وبطولاتهم، ويبقى سماحة السيد حسن نصر الله الرمز الكبير لعنوان النصر والتحرير والكرامة.


لقد استطاع حزب الله أن يقدم تجربة حيّة لمقاومة إسلامية ضد الكيان الصهيوني والمشروع الأمريكي، وينطلق في قاعدة التغيير بناءاً على قوى فردية متواضعة ومشاريع خيرية ومؤسسات اجتماعية، ساهمت في علاج مشاكل الناس في ظل ضعف الحكومة بقواتها العسكرية عن حماية لبنان. كما استطاع حزب الله أن يؤكد حضوره العسكري أيضاً لحماية لبنان بكل طوائفه الدينية والسياسية، وكذلك قادة الحزب كانوا القدوة لجنودهم المجاهدين، فالأمين العام الأسبق السيد عباس الموسوي، قتل وهو يتفقد المواقع في فبراير 1992، والأمين العام الحالي السيد حسن نصر الله فقد ابنه في إحدى المعارك.


خلاصة القول.. لقد كشفت الأوضاع في الساحة اللبنانية مدى الانقسام الحاد بين الرؤية الإنسانية للوقوف مع ضحايا العدوان الصهيوني المدعوم من قبل الإدارة الأمريكية، وبين رؤية طائفية تتبناها أنظمة سياسية تهدف إلى فتح باب التطبيع مع الكيان الصهيوني، أو من خلال أفراد ومؤسسات ومرجعيات دينية قاصرة في فهم التاريخ وقراءة الواقع المعاصر ومجابهة المتغيرات العالمية. وصدق الشيخ العاملي بقوله بأن السيد حسن وأنصاره انتصروا من الآن، فقد تقدموا بالراية وصاروا طليعة الامة في صراعها مع اليهود، وبذلك صاروا ممهدين، وصاروا قادة الأمة، وركلوا بعيداً من يدعون الجهاد ، مثل ابن لادن والزرقاوي، وحثالتهم.


الدرس الكبير الذي تقدمه حركة المقاومة الإسلامية لنا هو ضرورة بناء البيت الداخلي والاتفاق على الأولويات الوطنية التي من خلالها يتم تحريك الملفات الساخنة، وأن المعارضة سلمية بذاتها وواجهة حضارية للرأي الآخر في إطار القانون العادل، ولا توجد قانون أو عقيدة تمنع الإنسان من إستخدام القوة للدفاع عن النفس والأرض والكرامة واسترجاع الحقوق المشروعة.


ومن واجبنا كعرب ومسلمين أن نحاول قراءة التاريخ والاستفادة من التجارب السابقة للحركات الإسلامية، لنتعرف على أسباب فشل المشروع الإسلامي، ومدى هيمنة الدولة بأجهزتها الأمنية المدعومة من حلفاءها على مقدرات الشعب، ولنتعلم بأن القضية تبقى ولا تزول بزوال أو سقوط رموزها.. وأن الحق يؤخذ ولا يعطى.. وأن نظم أمورنا كأفراد وتوحيد صفوفنا كجماعات، والعمل في إطار مشروع معارضة وطنية سلمية هو الضمانة لتحقيق المطالب الشرعية لأيّ شعب ينشد الحرية والعدالة والسلام.


وما أحرى بحركاتنا السياسية في البحرين أن تنفض عنها غبار التعصب والغرور بكثرة العدد وتتواضع لجماهيرها، وتجاهر رموزها الدينية بالإعتراف بأخطائها الميدانية وتقوم بمراجعة مواقفها من أجل بناء البيت الداخلي (شيعة وسنة)، وتتفق على الأولويات الوطنية المفقودة في زحمة ضياع بوصلة الطريق نحو المستقبل المجهول!!.