المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المواجهة الكلاسيكية في منطقة الشرق الأوسط لم تعد قائمة"قضايا استراتيجية "



سميح خلف
20/05/2008, 08:41 PM
المواجهة الكلاسيكية في منطقة الشرق الأوسط لم تعد قائمة"قضايا استراتيجية "



اختلف الخبراء والمحللون في تقييمهم واستقراءاتهم لما يمكن ان تؤول إليه مواقف الأطراف المختلفة في الصراع في منطقة الشرق الاوسط ، فبعضهم قد استبعد أي مواجهة بين قوى الممانعة والكيان الصهيونيوالبعض الآخر رأى أن امكانية المواجهة قائمة في الشهور القادمة .



واستند أصحاب الرأي الأول على أن الأوضاع في داخل إسرائيل غير مستقرة وخاصة في مجلس الوزراء بين مراكز القوى وهي ثلاثة أطراف أولمرت- ليفني- باراك ، وتأثير الأحزاب المتطرفة على رؤية كل منهم بالإضافة إلى قضايا الفساد التي تلاحق رئيس الوزراء أولمرت واحتمال الأخذ بالإنتخابات المبكرة كما صرح باراك في القاهرة .



أما الرأي الآخر والذي افترض بإمكانية المواجهة ،لقد استند هذا الرأي على عنصرين أساسيين العنصر الأول تحتاج إسرائيل إلى رفع معنوياتها وتثبيت وجهة نظرها الأمنية وهي التي أقيمت على التفوق الأمني ودعوى الاستقرار وقوة الردع ،أما العامل الثاني أو العنصر الثاني ويدخل في نطاق ردة الفعل لمؤسسة الحرب والأمن والسياسة ومحاولة استخدام القوة الإسرائيلية في مغامرة جديدة تخدم منظور الانتخابات ونتائجها لصالح القوى المتصارعة في إسرائيل ويدخل هذا المفهوم في دائرة الهروب للأمام وبنتائج غير دقيقة وغير محسوبة بما يمكن أن تتحقق من نتائج .



وما يحدث في منطقة الشرق الأوسط وللشهور القادمة له امتداداته ومؤثراته أيضا ً على البرنامج الانتخابي الأمريكي بين الجمهوريين والديقراطيين ، فإدارة بوش تريد تمكين ماكين بحملة ضد ما يسمى "بالإرهاب" ركز عليها بوش في زيارته الأخيرة لإسرائيل والسعودية ومصر ،ادارة بوش لتحتاج إلى أي عمل مغامر في منطقة غير العراق لتحويل النظر عن مأزق العراق وتحقيق نتائج ايجابية في مناطق أخرى كجنوب لبنان مثلا ً أوغزة .



فأمريكا لم تعد تهتم كثيراً بالعمل الدبلوماسي في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في فلسطين وفي دائرة الصراع بين قوى الممانعة العربية والكيان الصهيوني ،فلقد تخلت إدارة بوش عن وعودها وممارسة الضغط على إسرائيلي وتحقيق انسحاب من مدن الضفة والوصول إلى حل الدولتين كما وعد الرئيس الأمريكي في نهاية 2008 بل كانت زيارة بوش الأخيرة قد أوضحت السلوك الأمريكي في الشهور المتبقية لرئاسة بوش للبيت الأبيض ، لقد أوضحت زيارة بوش خطوط عريضة للسلوك الأمريكي مع إسرائيل في المنطقة وأهمها القضاء على حزب الله والقضاء على حماس وترك حكومة رام الله وبرامجها تحت سطوة المنظور الإسرائيلي .



أما على الجانب الآخر في الصراع وهي قوى المقاومة في العراق وفلسطين ولبنان هذا الحلف المقاوم ولو أنه افتقد لادارة مركزية وبرنامج عمل موحد إلا أن تلك القوى استطاعت الصمود أمام كل المخططات الأمريكية والصهيونية ولم تستطيع تلك المخططات تحقيق نصر على تلك القوى بدأ من العراق إلى حزب الله وهزيمة إسرائيل في جنوب لبنان منذ عامين وصعود حماس وصمودها وقدرتها على التعامل مع المتغيرات والمفاجأت في حين ذبول واضح وافتقاد للبدائل في الجانب الآخر في البرنامج الفلسطيني في رام الله أمام حملة شرهة من الاستيطان والاستخفاف بالوفد التفاوضي الفلسطيني بل بالرئاسة الفلسطينية حيث أصبح مصير حكومة رام الله مجهول ورهن الموقف الإسرائيلي .



لقثد أسقطت قوى المقاومة الادعاءات القائلة "عبثية الصواريخ " وعمليات المقاومة وأثبتت تلك الصواريخ فاعليتها العظمى في اجهاظ نظرية الأمن الإسرائيلي ومهما كان التخوف من ظهور مصطلح التهدئة والتعامل به إلا أن هذا المصطلح لم يظهر إلا نتاج مؤثرات وتأثيرات قامت بها تلك الصواريخ والعمليات المقاومة .



لقد حاولت أمريكا وإسرائيل تغيير معالم المنطقة بغزوها للعراق وانهاء نظام دولة والخروج عن المبادئ الدولية والأخلاقية بإغتيال القيادة السياسية لنظام عربي قومي ، وثبت أن هذا الخيار لأمريكا كان ثمنه باهضا ً تحملتها الخزانة الأمريكية وتحملها الكم البشري الأمريكي ،لقد استطاعت امريكا الدخول للعراق ولكن لم تتمكن من الخروج وارساء دعائم موالية لها وبقيت المقاومة وبقيت قواعد وأسس النظرية والعملية للبنية القومية والوطنية العراقية المتبلورة في المقاومة العراقية .



عندما فشلت أمريكا من تحقيق نتائج بالغزو المباشر وبتواجد ما يقارب 180 ألف جندي أمريكي وقوى التحالف على الأرض لجأت أمريكا إلى مبدأ الفوضى لتغطي اخفاقاتها العسكرية ، فبدأت في فرض ونشر النعرة المذهبية والنعرة القومية وحينما فشلت أيضا ً حاولت أن تخصخص الصراع أكثر شيعي شيعي وشيعي سني ،وسني سني ، وكان الرد القيادة الموحدة للمقاومة العراقية ذات الوجه القومي الوطني الإسلامي.



إذا فشلت أمريكا على هذا المحور .



المحور اللبناني :-

بصرف النظر عن الجهات المتورطة في مقتل الحريري ، إلا أن الحريري يمثل مركزية التبعية الأمريكية ولما يسمى " النظام العربي المعتدل" وكانت قصة الحريري لانهاء وتشويه دور المقاومة ودور سوريا في دعم قوى المقاومة العربية ومحاولة انهاء تسليح حزب الله وارغام سوريا على الخروج من لبنان للانفراد بقوى المقاومة في لبنان وكانت المواجهة في الجنوب التي يحتاج لها كلا الطرفين .



المقاومة اللبنانية وقوى المعارضة ولهدفين أساسيين تجذير وتدعيم وجودهما في الساحة اللبنانية أمام حكومة السنيورة جنبلاط – جعجع – الجميل ،ومحاولة تحقيق نصر يمكنها كما تقول قوى المعارضة اللبنانية الثلث المعطل أي امتلاكها لقرار الحرب والسلام ،وعندما فشلت الضغوط كانت المواجهة في الجنوب التي تحتاجها إسرائيل لتعيد اسطورتها القديمة والتذكير بها "الجيش الذي لا يقهر" وكانت المفاجأة أن انتصرت المقاومة اللبنانية وانهزمت إسرائيل وأخذت هذه الهزيمة أبعادها على التشكيل السياسي والعسكري والأمني الإسرائيلي بل الامريكي .



منذ أكثر من عام والصراع دائر بين قوى المعارضة والتيار الأمريكي في لبنان فما لم تحققه إسرائيل تريد أن تحققه عن طريق تلك القوى وأتى اغتيال عماد مغنية في محاولة لالحاق هزيمة معنوية وتقنية بالمقاومة اللبنانية واثبات مقدرة إسرائيل والحلف الأمريكي في المنطقة على قوة الفعل وارسال رسالة إلى حزب الله بأنه مكشوف أمنيا ً مع العلم أن من أسباب الانتصار في معركة الجنوب اللبناني كان من أهمها البعد الأمني .



وما حدث في بيروت في الآونة الأخيرة كان أيضا ً يحتاجه كلا الطرفين ويذكرني ما حدث في بيروت وسقوط مواقع جنبلاط والإستيلاء على بيروت والجبل ما حدث في غزة والاستيلاء العاجل والفوري على مراكز السلطة المدعومة أمريكيا ً وإسرائيليا ً ومن حلف أمريكا في المنطقة العربية وهو نصر أخر قد تحقق إلى قوى الممانعة العربية ويعتبر ما حدث في بيروت هو هزيمة أمنية لأمريكا وإسرائيل والنظام العربي وربما كان هذا رد مباشر على اغتيال عماد مغنية .



إذا ً وبرغم محاولة أمريكا تحقيق نصر في الساحة اللبنانية وانتقالها إلى الحلقة الثانية في أسلوب المواجهة مع قوى اللممانعة من اثارة للنعرة المذهبية إلى أن تلك النعرة قد فشلت أيضا ً .



وكالعادة النظام الرسمي العربي والجامعة العربية تهرب من المواجهة الحقيقية للمشكلة ، فالمشكلة في لبنان كما هي في فلسطين بين رؤيتين أو منهجيتين أو بين برنامجين البرنامج الأمريكي والبرنامج العربي سواء كان وطنيا ً أو إسلاميا ً ، فالمشكلة والوساطة القطرية تأخذ بظواهر الأمور ولم تأخذ بأعماقها ، فالقضية ليست هي رئيس للبنان ولو أن الرئيس مهم في تحديد هوية الدولة السياسية وموقفها من إسرائيل وليست هي معركة نيابية أيضا ً وكلا العنصرين هما مهمان في تحديد قرار الحرب وقرار السلام ولكن من يقوم بعملية تنفيذ صياغة سياسية في لبنان حول الوحدة الوطنية اللبنانية وحكومة الوحدة الوطنية أليس هو البرنامج الأمريكي أيضا ً في المنطقة مع اعجابنا بدور قطر المتفهم للمتغيرات والمستوعب لها وهذا ما يميز قطر عن الدول الأخرى إلا أن أمريكا وإسرائيل لن تسمح بحيازة قرار الحرب والسلام لقوى الممانعة في لبنان ولذلك نشهد حشود عسكرية أمريكية في البحر المتوسط قبال سواحل لبنان وفلسطين المحتلة وبرغم وجود المتصارعين في الساحة اللبنانية تحت المظلة العربية في قطر وربما تلك الحشود هي أوراق ضغط على قوى الممانعة في الدوحة ولذلك لا أنتظر نجاحا ً طويلا ً للوساطة العربية ولأن الوضع في لبنان مرتبط بالعامل الإقليمي أكثر منه بالعامل الذاتي.



المحور الفلسطيني:-

وهو لا يختلف كثيرا ً عن المحور اللبناني والتي فشلت في تسوية تناقضاته كل الوساطات العربية فهو أيضا خلاف بين رؤيتين وبرنامجين ولكي لا نعود كثيرا ً للوراء في قضايا قد تم بحثها فإن المتغيرات تقود إلى أن البرنامج الأمريكي المتمثل في قيادة أوسلو في طريقه إلى الأوفول بعد الهزيمة التي لاقاها في غزة وبرغم وجود دعم أمني وعسكري وسياسي من النظام الرسمي العربي وأمريكا وإسرائيل والهزيمة السريعة التي ذكرتنا فيها انهيار قوى الموالاة في بيروت والجبل وتسليم جنبلاط أسلحته الثقيلة للتيار الممانع .



المفاوضات للتهدئة فهي في منظور الحل المرحلي للأزمات الإسرائيلية الأمنية ولأزمة حصار غزة ولذلك ومجرد الدخول في قنوات دبلوماسية فهذا انجاز لا يقلل من قيمة المقاومة وهو انهيار للبرنامج الأوسلوي ولكن لن يكون هناك استقرار ولان غزة أيضا ً ركيزة من ركائز الممانعة والمقاومة العربية ولأن المؤثر الإقليمي فيها أيضا يتجاوز المؤثر الذاتي .



إذا المنطقة هل مقبلة على قرار حرب كلاسيكية أم هناك ما هو أقوى من الحرب الكلاسيكية أم هناك تقاسم للنفوذ الإقليمي في المنطقة ، فالسعودية بدأت ترى وبالمنظور الأمريكي أن الصواريخ الإيرانية أكثر خطورة على الرياض من القنابل النووية الصهيونية ؟؟!!



وهنا نسجل ملاحظة على الاجتماع الطارئ وأبعاده وتوقيته لدول الخليج واجتماعهم في السعودية تحت ما يسمى اجتماع " تشاوري" ومن خلال هذا العنوان هل ستناقش دول الخليج برنامج قد وضعه بوش في زيارته الأخيرة للسعودية بما يخص إيران والممانعة في لبنان وفلسطين وهل هناك ارتباط بين المناورات العسكرية التي أجراها الجيش السعودي في الآونة الأخيرة ، أعتقد أن هناك ارتباط له علاقة وشكل من الأشكال .



إذا نحن مقبلين على تطورات دراماتيكية في المنطقة ، فالحرب الكلاسيكية لم تعد قائمة وهناك ماهو أقوى من حرب المشاة والطيران، أم سيتجه جميع الأطراف إلى الاقتناع بالمثل القائل "لا يموت الذيب ولا تفنى الغنم".



بقلم /م.سميح خلف

عضو اتحاد الاعلام العربي

عضو اتحاد المدونين العرب