المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : انقلاب ائتلافي موحد



سامي البدري
21/05/2008, 04:31 PM
انقلاب ائتلافي موحد

سامي البدري

خلال الاسبوعين الاخيرين ، شهدت قائمة الائتلاف الموحد ( الشيعية ) انقلابا دراماتيكا في موقفها من ايران . فبعد ان كان قادة هذه القائمة يتسابقون ، في المنسابة وعدمها، لاعلان ولائهم لايران – بلغ حد مطالبة زعيم هذه القائمة ، عبد العزيز الحكيم ، بدفع مئة مليار دولار كتعويض لها عن خسائر الحرب الايرانية العراقية – ودفع أي تهمة عنها في التدخل في الشأن العراقي ودعم ميليشيات القتل المنظم ، نراهم مؤخرا يتسابقون ، وبنفس الحماس ، للتنديد بتدخلها في الشأن العراقي وتقديم الادلة على دعمها للميليشيات الطائفية ، اضافة الى اتهامها صراحة تسهيل مرور المقاتلين الاجانب عبر حدودها الى العراق للعبث بامنه .
ترى ، ما سر مثل هذه الانعطافة المفاجئة ، وما هي الاسباب التي تقف وراء مثل هذا الانقلاب ضد الحاضنة السياسية والعقائدية التي صنعت فصائل هذه القائمة ووجوهها وتوجهاتها ؟
بداهة ، يمكننا ارجاع اسباب هذا الانقلاب الى تغيير تكتكي في الستراتيجية الامريكية تجاه شكل وتركيبة الطبقة السياسية ( الشيعية ) وتوجهاتها المستقبلية في العراق ولعدة اسباب :
اولها – انقلاب بعض هذه الاطراف على ادارة الاحتلال واجندة مشروعها ، الذي انتدبت لتنفيذه في العراق ، وسعيها لتنفيذ المشروع الايراني ، ولو جاء على حساب المشروع الامريكي .
ثانيها – امعان بعض هذه الاطراف في سلوكها الطائفي وسعيها لبناء الاقطاعيات السياسية المستقلة عن ارادة ادارة الاحتلال وعلى حساب مصالحها الستراتيجة في العراق .
ثالثها – استفحال اثر التغلغل الايراني في العراق وبلوغه مرحلة الهيمنة على صناعة القرار الحكومي ، او مرحلة الافلات عن السيطرة الامريكية ، بسبب تواطئ بعض اطراف الائتلاف مع المؤسسة السياسية الايرانية ، والتفاني في تحقيق اهدافها الى الحد الذي بات يشكل خطرا ، لايمكن تجاهله ، على مستقبل الوجود الامريكي في العراق والمنطقة ككل .
اضافة الى ما سبق ، وبما لايقل عنه اهمية ، يمكننا ايعاز بعض اسباب هذا الانقلاب الى يأس الادارة الامريكية من مستقبل هذه القائمة – بعد ان اثبتت فشلها في ادارة العملية السياسية ، واصرارها على نهجها الطائفي الاستحواذي على السلطة ، والذي لا يصب في غير خانة المصالح الايرانية – وتهديدها لها بعزلها عن السلطة واعادة تسليمها الى السنة ، وهو اشد وسائل الردع ارعابا لهذه الاطراف .
السبب الاخير الذي يمكن ترشيحه لمثل هذا الانقلاب هو زيادة حجم الضغط الايراني على هذه الاطراف ومطالبتها بما يتناقض مع مستقبلها السياسي ومصالح قياداتها الشخصية ، وخاصة بعد ان بلغت هذه الضغوط مرحلة ضرب اطراف هذه القائمة ببعضعها البعض ، بعد نكوص بعضها عن الايفاء بتعهداته تجاه مفردات ومراحل الاجندة الايرانية . . ولعل حالة حرب تصفية ميليشيا جيش المهدي من قبل فيلق بدر ( ميليشيا المجلس الاعلى ) ، والقوات الحكومية المؤازرة لها انصع دليل على ما ذهبنا اليه .
السؤال المهم هو : كيف يمكن ان تقنع هذه الاطراف ادارة الاحتلال بجدية هذا الانقلاب وانه ليس مجرد لعبة تكتيكية تتم بالاتفاق مع الادارة الايرانية ؟ لان هذا الانقلاب المفاجئ يقابل بصمت ايراني ملفت للنظر ، وهو ما يناقض ما درجت ايران عليه من ردود افعالها العنيفة تجاه اي اتهام يوجه لها بخصوص الازمة العراقية .